حول العجز عن إجابة إخواننا في غزة

الشيخ ياسر برهامي

السؤال: هل حدث على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- موقف كالذي يحدث بغزة فكان فِعْلُهُ كَفِعْلِنَا من عدم القدرة على إجابتهم؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فنقول نعم، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قد كان يؤسر بعضُ أصحابه ولا يقدر على إغاثته، وقد كان هناك مستضعفون في مكة كذلك، وعندما خرج أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده وتم صلح الحديبية على أن يرد النبي صلى الله عليه وسلم من فر إلى المسلمين رَدَّهُ -صلى الله عليه وسلم- وإنا لله وإنا إليه راجعون كما دل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لآل ياسر وهم يعذبون: (صَبْراً آلَ يَاسِر فَإنَّ مَوْعَدَكُمْ الجَنَّةُ) رواه الحاكم وأبو نعيم في الحلية، وقال الألباني: حسن صحيح، وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- عاجزا عن أن يدفع عنهم، وبلال -رضي الله عنه- كان يعذب والرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلم، ولكنه كان لا يستطيع له نصرا. هذا عن المسلمين الصادقين الراغبين في نصرة الدين، والملتزمين بهذا، أما الذين يوالون أعداء الإسلام فهم مَنْ عليهم أعظم الذنب، فالأعداء ما تمكنوا من بطشهم إلا بمعاونة البعض ممن ينتسب للإسلام، ويجيِّشُ الجيوشَ لا لمصالح المسلمين، وإنما لغير ذلك من الأغراض، فهم يتحملون الوزر، وكذلك الحال بالنسبة لمن يواليهم ويرضى بتخاذلهم ويسوَّغُ لهم مواقفهم. إن آحاد المسلمين وجماعاتهم التي لا تملك الأمر، ولا السلاح، ولا السلطة، ولا يملكون ما يدفعون به عن أنفسهم، لو أنهم ذهبوا وحاولوا اقتحام الحدود على سبيل المثال كما يتكلم بذلك البعض لسفكت الدماء أنهارا. أما المظاهرات فإن الصياح لا يغير من الحقيقة شيئا، وقد خرجت قبل ذلك مظاهرات كثيرة ولم تغير من الواقع شيئا، نعم قد تكون وسيلة للضغط، ولكن عندما يخشى منها حصول سفك لدماء المسلمين وانتهاك لأعراضهم فإن الأمر يزداد سوءا، ونسأل الله العافية. الخلاصة: أن الأمر يحتمل أحيانا أنواعا من عجز المسلمين، ولا يُكلَّف العاجزُ إلا بما يقدر عليه، ولكن بلا شك هناك أشياء أخرى ضرورية لتغيير هذا الواقع المرير، ونسأل اللهَ أن ينصر إخواننا المستضعفين في كل مكان.