نكاح المتعة

الشيخ عبد الحي يوسف

السؤال: أرجو من فضيلتكم ذكر الأدلة على تحريم نكاح المتعة؟
الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن نكاح المتعة قد دلت على تحريمه نصوص السنة، واتفق على ذلك أهل العلم، ولم يبق مخالف في حرمته سوى الروافض، أما النصوص الدالة على حرمته فهي كثيرة، منها:

1 - حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عام خيبر عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية (متفق عليه).

2 - عن سبرة الجهني رضي الله عنه أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة، قال: فأقمنا بها خمسة عشر، فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء.. إلى أن قال: فلم أخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً" (رواه مسلم).

3 - إجماع العلماء على تحريمه وقد نقل ذلك غير واحد منهم.
* قال ابن المنذر رحمه الله: "جاء عن الأوائل الترخيص فيها، ولا أعلم اليوم أحداً يجيزها إلا بعض الرافضة، ولا معنى لقول يخالف كتاب الله وسنة رسوله".
* وقال القاضي عياض: "ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها إلا الروافض".
* وقال الخطابي: "تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة، ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المخالفات إلى علي، فقد صح عن علي أنها نسخت ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال: هي الزنا بعينه".

.. وقد كانت المتعة مرخّصاً فيها أول الإسلام ثم نُهي عنها.
روى الترمذي رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه، حتى نزلت هذه الآية: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}، قال ابن عباس:" فكل فرج سواهما حرام".

وروى مسلم عن سلمة بن الأكوع قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يرخص في المتعة؛ لكنه رجع عن ذلك ونفاه وبيّن مراده بقوله: "والله ما بهذا أفتيت وما هي إلا كالميتة لا تحل إلا للمضطر، روى ذلك عنه البيهقي وأبو عوانة ووكيع، قال الحافظ رحمه الله في (الفتح) بعد أن ساق عن ابن عباس روايات الرجوع: "فهذه أخبار يقوي بعضها بعضاً".

- قال الإمام الشوكاني رحمه الله بعد أن ساق الروايات التي تفيد إباحته عن بعض الصحابة رضي الله عنهم: "وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صح لنا عنه التحريم المؤبد، ومخالفة طائفة من الصحابة له غير قادحة في حجيته ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به، كيف والجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به ورووه لنا؟! حتى قال ابن عمر فيما أخرجه عنه ابن ماجه بإسناد صحيح: "لما ولي عمر بن الخطاب، خطب الناس فقال:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها، والله لا أعلم أحداً تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة"، وبهذا يُعلم أن نكاح المتعة حرام لدلالة النص والإجماع، وابن عباس رضي الله عنهما لا يُستغرب رجوعه عن فتواه فقد أُثر عنه ذلك في رجوعه عن القول: "بأنه لا ربا إلا في النسيئة"، فلا يحل لمسلم أن يستند إلى ابن عباس في قول قد ثبت رجوعه عنه، والعلم عند الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن شبكة المشكاة الإسلامية.