متزوج ومدمن على العادة السرية، وأتابع الفضائيات الهابطة

الشيخ عبد الحي يوسف

السؤال: أنا شاب ابلغ من العمر 27 عاماً، متزوج ولي طفلان، لا أدري كيف أبدأ ولا أين انتهي، هنالك عدة أمور أعاني منها، وأرجو منك يا شيخنا الفاضل أن تساعدني جزاك الله عنا كل خير.

أولا: علاقتي مع زوجتي علاقة طيبة، وهنالك حب متبادل، وهي حريصة عليَّ كل الحرص، ولكن بدأت مشكلة معي وهي أنه عندما أنام معها لا أشعر بأي لذة أو إشباع وعندما تطلب مني أحاول أن أختلق الأعذار لكي لا أنام معها، وقد شعرت مراراً بانزعاجها مني ولكنها معظم الوقت تحاول أن تتفادى بأن لا تخلق أي مشكلة، ولكني في نفس الوقت متمسك بهذه العادة السيئة التي لا أستطيع أن ابتعد عنها وكأنني مدمن عليها ألا وهي العادة السرية.

وأنا أعلم أنها هي إحدى الأسباب التي تجعلني بعيد عن زوجتي؛ كما أنها إحدى الأسباب التي تشعرني بعدم الاكتفاء مع زوجتي، وأنا دائما في حيرة من أمري ولا اعلم ماذا افعل؟ طبعاً لا أخفيك القول بأنه يوجد عندي تلفاز مع ستلايت وهنالك محطات بذيئة كنت دائما أتابعها، وعندما كنت أنوي أن ألغي نظام الستلايت أعود إلى متابعتها وأنسى ما كنت ناويا عليه.

ثانياً: أنا لست ملتزما بالصلوات الخمس، بعض الأوقات أو الأيام التزم بها عند سماعي درساً مؤثراً أو حضوري لجنازة ما، ثم بعد أيام تخف عزيمتي وأعود كما كنت عليه في السابق، أثناء الليل أصاب بأرق، والتفكير الشديد وضيق التنفس، وبعض الأوقات أستفرغ من كثرة الضيق ويهيأ لي بان ملك الموت من حولي وأصاب بالذعر؛ عندها أوقظ زوجتي من النوم كي تبقى معي!! وبعض الأوقات أخرج لأستنشق قليلاً من الهواء، ولكن هذه الحالة مستمرة معي خاصة عندما يحل الظلام والسكون وأبقى جالساً وحدي أفكر في هذه الدنيا التعيسة... أرجو منك يا شيخنا الجليل أن تساعدني؛ لأنني أتعذب في حياتي ولا أدري ماذا أفعل؟؟

الإجابة:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنني أوصيك ـ يا أخي ـ بداية بتقوى الله تعالى؛ فإنها مفتاح كل خير؛ وقد قال سبحانه: {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}، وقال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً}، وقال تعالى: {ومن يتق الله يكفِّر عنه سيئاته ويعظم له أجرا}.

كما أوصيك بالمسارعة إلى الله تعالى بتوبة نصوح تمحو ما كان من الخطايا والآثام، والله تعالى يتوب على من تاب، وقد قال الله تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" فعجِّل بالتوبة ـ رحمك الله ـ تفلح وتنجو إن شاء الله.

وأما ما سألت عنه فالجواب:
أولاً: احمد الله حمداً كثيراً على أن رزقك زوجةً طيبةً، حريصةً عليك، راغبةً في إرضائك، غير ساعية في إثارة المشكلات معك؛ فهذه نعمة تستوجب الشكر فقد قال تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}.

ثانياً: ما تشعر به من عدم الإشباع حال قضائك وطرك مع زوجتك إنما هو جزاء ما اقترفت يداك؛ حين أدمنت النظر إلى تلك المشاهد المحرمة على القنوات الماجنة، فصارت نفسك تتوق إلى الحرام ولا تجد اللذة في الحلال، والجزاء من جنس العمل.

ثالثاً: عليك بتجديد حياتك مع زوجك، وانصحها بأن تبتعد عن الرتابة في ملبسها وهيئتها ومسكنها، وأن حسن تبعل المرأة لزوجها ـ في تحسين منظرها وتطييب ريحها وتجميل وجهها ـ من أفضل القربات؛ خاصة في زمان كثرت فيه المغريات والفتن.

رابعاً: لا يحل لك أن تهجر زوجك بحيث تعرضها للفتن؛ واعلم أن إتيانها واجب عليك؛ قال سبحانه: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} وما ينبغي لك أن تذرها كالمعلَّقة، واعلم بأنك كما تُفتن بالنساء فهي كذلك تُفتن بالرجال، وما شرع الله الزواج إلا لحكم عظيمة من بينها قضاء الوطر في الحلال وإرواء الشهوة بالمباح.

خامساً: العادة السرية محرمة؛ لعموم قوله سبحانه: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}، وأنت لا تمارس هذه العادة إلا إذا استحضرت صورة محرمة، ويكفي هذا في تحريم هذه العادة الخبيثة.

سادساً: إن لم تك قادراً على منع نفسك من مشاهدة الحرام وكبح جماحها، فالواجب عليك التخلص من جهاز الاستقبال الذي يجلب لك تلك المنكرات؛ فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، واعلم بأن ضرر هذه القنوات يعود على أهل بيتك ـ من زوج وعيال ـ والإثم عليك أنت يا من سهَّلت دخول هذا الفساد إلى بيتك؛ فاتق الله في نفسك وفيهم.

سابعاً: الصلاة عمود الدين، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وما كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة؛ وهي آخر ما يفقد المرء من دينه؛ فحافظ عليها وواظب مع جماعة المسجد، وجاهد نفسك في ذلك، وإذا وجدت مشقة في أول الأمر فاصبر؛ واعلم أنها خير عون لك في صلاح دينك ودنياك وآخرتك فقد قال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}، ولا تدع الشيطان يسول لك تأخيرها عن وقتها أو أن تصليها وحدك في البيت، بل جاهد نفسك وشيطانك، وقد قال الله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

ثامناً: إذا أويت إلى فراشك فكن على طهارة واقرأ آية الكرسي وخواتيم البقرة، وانفث في كفيك بالإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات وامسح بهما ما استطعت من جسدك، ثم اذكر الله حتى تغلبك عيناك؛ إذا فعلت ذلك فلن ترى إلا خيراً إن شاء الله.

تاسعاً: الجأ إلى الله تعالى وألح عليه بالدعاء بأن يهدي قلبك وينفس كربك، وأكثر من الاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تلق خيراً كثيراً، والله الموفق والمستعان.