قراءة القرآن في السفر

الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

هل يجوز أن أقرأ القرآن وأنا في السفر وغير متوضئ؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فتجوز قراءة القرآن للمُحدِث حدثًا أصغر بإجماع العلماء:

قال ابن تيمية: "إذا قَرأ في المصحف أو اللوح ولم يمسّه جاز ذلك، وإن كان على غير طهور". اهـ. ولا فرق في الجواز بين أن يكون القارئ مُسافرًا أو مُقِيمًا وروى البخاري في صحيحه عن مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قال: سمعت عبد الله بن مُغَفَّلٍ يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم فتح مكة على ناقته -وهي تسير به- وهو يقرأ سورة الفَتح يُرَجِّعُ وقال: "لولا أن يجتمع الناس حَولي لَرَجَّعْتُ كما رَجَّعَ"، وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي يذكر الله في كل أَحْيَانِهِ"، ومعلوم أن حال الحدث من جملة الأحيان.

أما مسّ القارئ المصحف وحمله بغير وضوء:
فقد ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى تحريم ذلك، وذهب الحاكم وحماد وداود الظاهري وابن حزم إلى جوازه، وقول الجمهور هو الراجح، وقد استدل الجمهور بحديث عمرو بن حزم وفيه: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر"، وهو حديث صحيح تلقته الأمة بالقَبول، قال ابن تيمية: "قال الإمام أحمد: لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كَتَبه له، وهو أيضاً قول سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وعبد الله بن عمر وغيرهما، ولا يُعلَم لهما من الصحابة مُخالِف". اهـ.

وقال النووي في "المجموع": "واستدل أصحابنا بالحديث المذكور، وبأنه قول علي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر رضي الله عنهم، ولم يُعرف لهم مُخالِف من الصحابة".

وعلى هذا؛ فلا يجوز لغير المتوضئ أن يمس المصحف أو أن يحمله إلا بحائل، سواء للتلاوة أو الحفظ أو التَّعَلُّم، إلا أنه يجوز له أن يقرأ من المصحف دون أن يمسه، إلا أنه يُستثنَى من ذلك الصِبيَان أثناء تعلمهم القرآن للضرورة؛ لأن طهارتهم قد لا تتيسر، وحاجتهم إلى ذلك ماسَّة،كما يجوز حَمْل المَتَاع وفي جُملَتِه المصحف؛ لأن القصد نقل المتاع.

وعليه؛ فيجوز للمسافر المُحدِث أن يقرأ القرآن الكريم من حفظه أو من المصحف من غير أن يمس القرآن.

ولمزيد فائدة راجع فتوى على موقع الألوكة بعنوان: "آداب قراءة القرآن وحكم قراءته ومسِّه على غير طهارة".
والله تعالى أعلم.