حرمان الأم من البنت غير الشرعية

الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

أنا شاب مسلم، أعيش في فرنسا، متزوج من امرأة فرنسية قد أسلمت والحمد لله، كانت متزوجة برجل غير مسلم، ولها بنت منه غير شرعية، تبلغ من العمر 7 سنوات، تعيش معنا، غير أني الآن أطلب من زوجتي أن تترك ابنتها تعيش مع أبيها؛ لأنها طفلة غير شرعية، ولكونها غير مسلمة؛ فهل طلبي هذا حرام؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن هذه البنت الصغيرة لا زالت على الفطرة، وعندها استعداد لقبول الحق، ولا ذنب لها فيما اقترفه أبوها وأمها.

ومع ذلك فالأم اقترفت مااقترفت في حال كفرها، ثم أسلمت، والإسلام يجبُّ ماقبله ويمحو آثاره.

فالذي نراه لك: هو أن تُبقِي على هذه البنت مع أمها، ولا تُفَرِّق بينهما، وأن تسعى جاهداً أن تُنشِئَهَا تنشِئَةً إسلامية على الكتاب والسنة، وتحتسب الأجر العظيم عند الله، وفي هذا ما فيه من الأجر الكبير، والفوائد العظيمة، التي منها إبراز صورة الإسلام الحقيقية، المشتملة على الشفقة والرحمة، ومنها الإحسان إلى زوجتك، والنجاة بتلك الفتاة من براثن الكفر والعادات الجاهلية في تلك المجتمعات وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأن يَهْدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمْرِ النِّعم" (متفق عليه من حديث سهل بن سعد).

ولتعلم أن لا يجوز لك حرمان هذه الأم من ابنتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من فرق بين الوالدة وولدها، فرق بينه وبين أحبته يوم القيامة" (رواه الترمذي وقال حديث حسن). وإن كان الحرمان أعم من التفريق، فربما كان التفريق شرعياً، كأن ينتقل حق الحضانة إلى غيرها لعدم توفر شروط الحضانة فيها، ولكن يبقى لها الحق في زيارة ابنتها ورؤيتها في أي وقت، ويحرم حرمانها من ذلك، قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد": "فإنه جعل -يعني الشارع- الأم أحق بالولد من الأب، مع قرب الدار وإمكان اللقاء كل وقت لو قضي به للأب، وقضى أن لا توله والدة على ولدها، وأخبر أن من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة، ومنع أن تباع الأم دون ولدها والولد دونها، وإن كانا في بلد واحد، فكيف يجوز مع هذا التحليل على التفريق بينها وبين ولدها تفريقاً تعز معه رؤيته ولقاؤه ويعز الصبر عنه وفقده؟".

فإن تعذر عليك إبقاء هذه البنت في نفس البيت الذي تقيم فيه مع أمها فلا مانع من جعل إقامتها في مكان آخر تتمكن فيه أمها من رعايتها، وتتمكن أنت من غرس الفضائل في نفسها، وعلى رأس ذلك الإسلام، وإن كان الواقع يشهد بأنه لا مانع من إقامتها معك حيث لا ضرر في الظاهر،، والله أعلم.