صلى خلف الصف من وراء جدار!

عبد الحي يوسف

السؤال:

إذا صلى المصلون الجماعة في مكان ولا يفصلني عنهم سوى جدار، فصليت معهم الجماعة وأنا في مكاني، يعني أسمع إمامهم بوضوح، مع العلم أني كنت أؤدي الصلاة بكامل فروضها كما لو كنت أصلي فرداً وأكون كمن اتبع الإمام في الجماعة، فهل تحتسب لي صلاة جماعة أم تعتبر صلاة فرد؟

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى بطلان صلاة من قام خلف الصف وحده، ومن هؤلاء النخعي والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق وحماد وابن أبي ليلى ووكيع؛ لما ثبت عن النبي في النهي عن ذلك؛ فعن علي بن شيبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف فوقف حتى انصرف الرجل فقال له: "استقبل صلاتك فلا صلاة لمنفرد خلف الصف" (رواه أحمد وابن ماجة)، وعن وابصة بن معبد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد صلاته (رواه الخمسة إلا النسائي، ورواه كذلك الدارقطني وابن حبان وحسنه الترمذي)، وأجاز ذلك الحسن البصري والأوزاعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، استدلالاً بحديث أبي بكرة رضي الله عنه حين ركع ثم دب حتى دخل في الصف؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصاً ولا تعد"، ولم يأمره بإعادة مع كونه قد أتى ببعض الصلاة منفرداً خلف الصف.

وقد توسط بعضهم فقال: تحمل أحاديث الإعادة على من فعل ذلك اختياراً بغير عذر، أما من وجد الصف مكتملاً فصلى وحده، فهو معذور وصلاته صحيحة، وهذا هو أعدل الأقوال، لما فيه من الجمع بين الأدلة، والله تعالى أعلم.