هل تجوز الصلاة في مسجد فيه قبر؟

الشيخ عبد الحي يوسف

السؤال:

هل تجوز الصلاة في مسجد فيه قبر؟

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بناء المساجد على القبور، ونهى عن اتخاذ القبور مساجد، ولعن اليهود والنصارى على اتخاذهم قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، وذلك في أحاديث كثيرة؛ منها ما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه: {لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد}، وما رواه مسلم من حديث جندب رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: {ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك}، وفي مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير، فقال: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات، بنوا على قبره مسجداً، وصوَّروا تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة"، وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (رواه مالك في الموطأ وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية، وصححه البزار وابن عبد البر).

وقد عدَّ العلماء رحمهم الله تعالى بناء المساجد على القبور من كبائر الذنوب، قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون: اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واتخاذها أوثاناً، والطواف بها، واستلامها، والصلاة إليها".

وأما الصلاة في المسجد الذي حوى قبراً فهي صحيحة عند جمهور العلماء، ولا يلزمه إعادة الصلاة في قول أكثر أهل العلم منهم المالكية والحنفية والشافعية وهي رواية عن أحمد رحمهم الله جميعاً؛ خاصة إذا لم يكن في المحلة مسجد سواه؛ فإن كان يوجد غيره فلا تصلوا فيه خروجاً من خلاف أهل العلم؛ وأنصحك أخي بأن تعمد إلى نصح القائمين على المسجد ليبنوا جداراً فاصلاً بين القبر والمسجد، ويجعلوا للقبر باباً على الشارع؛ سداً لذريعة الشرك وخلوصاً من البدعة وصيانة لجناب التوحيد، والله الموفق والمستعان.