ما حكم فعل شيء محرم وأنا أعلم؟

الشيخ عبد الحي يوسف

السؤال:

1 - هل يجوز عدم الذهاب إلى المسجد نظراً لكون الإمام لا يحسن ترتيل القرآن، وبالتالي لا يستطيع المصلي الخشوع وراءه، وبالتالي تأدية الصلاة فقط في المنزل لأنه ليس هناك مسجد آخر قريب من المنزل؟

2 - هل يجوز للشخص الذهاب إلى المسجد وهو على جنابة (يصلي متيمماً)، نظراً لعدم توفر الظروف للاغتسال؟ أم يكتفي بالصلاة في المنزل؟

3 - ما حكم فعل شيء محرم وأنا على علم بذلك؟

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالمطلوب من المسلم القادر أن يوقع صلاة الفريضة مع جماعة المسلمين في المسجد، ما دام إمام الصلاة يحسن فاتحة الكتاب وهو مقيم للصلاة بشروطها وأركانها؛ وليس شرطاً أن يكون الإمام حسن الصوت مجيداً للتلاوة فهذه من باب الكمال ليس إلا، وترك الصلاة مع الجماعة باب من أبواب الضلال كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ولو أنكم صليتم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف".

ومن تيمم لعذر كعدم الماء أو عدم القدرة على استعماله فإنه يستبيح بهذا التيمم كل ما كان يستبيحه بالطهارة المائية من الصلاة ومس المصحف ودخول المسجد والمكث فيه وغير ذلك؛ لأن البدل يأخذ حكم المبدل منه.

ومن أذنب ذنباً أو اقترف خطيئة وهو يعلم أنه ذنب وجب عليه أن يسارع إلى الله بتوبة؛ عملاً بقوله سبحانه: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً * وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً}، وليس المقصود بالجهالة أنه يجهل كون هذا الفعل ذنباً أو حراماً؛ بل روى كما أبو جعفر الطبري عن أبي العالية: أنه كان يحدث: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: "كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة"، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "من عمل السوء فهو جاهل، من جهالته عمل السوء"، وقال ابن زيد: "كل امرئ عمل شيئاً من معاصي الله فهو جاهل أبداً حتى ينزع عنها، وقرأ: {هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون}، وقرأ: {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين}، قال: من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته".أ.هـ.

وقال السعدي رحمه الله تعالى: "{بجهالةٍ} أي: جهالة منه بعاقبتها وإيجابها لسخط الله وعقابه، وجهل منه بنظر الله ومراقبته له، وجهل منه بما تئول إليه من نقص الإيمان أو إعدامه، فكل عاص لله، فهو جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالما بالتحريم. بل العلم بالتحريم شرط لكونها معصية معاقباً عليها".أ.هـ.

أسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعاً ويعفو عنا ويتجاوز عن سيئاتنا؛ إنه خير مسئول وأكرم مأمول، والله تعالى أعلم.