إحياء ليلة القدر بسورة القدر

الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي

-->
السؤال:

هل بسورة القدر وَجَبَ إحياء ليلة القدر؟ أو هي سنَّة؟

الإجابة:

الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومَن وَالاَه، وبعد:

فإنَّه لم يردْ في الشَّرع أنَّ إحياء ليلة القدر يكون بقراءة سورة القدر خاصة، أو غيرها من سور القرآن الكريم؛ وإنما الثابتُ المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان يجتهدُ في العَشْر الأَوَاخِر من رمضان، مَا لاَ يَجْتَهِدُ في غيرها؛ التِماسًا لليلة القدر؛ ففي الصَّحيحَيْنِ، عن عائشة رضي الله عنها: "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دَخَلَ العَشْر الأواخر، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشَدَّ المئزر"؛ ولأحمد ومسلم: "كان يجتهد في العَشْر الأواخر ما لا يَجْتَهِدُ في غيرها".

وكان اجتهادُه صلى الله عليه وسلم يكونُ بالصَّلاة، والدُّعاء، وتِلاوة القرآن، وذِكْر الله تعالى وغير ذلك منَ الطاعات.

ورَوَى أحمد، وأصحاب السُّنَن، عن أبي ذَر، قال: صُمْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُصَلِّ بنا، حتى بقيَ سبع منَ الشهر، فقام بنا حتى ذَهَبَ ثُلُث الليل، ثم لم يقم بنا في الثالثة، وقام بنا في الخامِسة، حتى ذهب شَطْر الليل، فقلنا: يا رسول الله، لو نَفَّلْتَنَا بقيَّة ليلتنا هذه، فقال: "إنَّه مَن قامَ مع الإمام حتى يَنْصَرِفَ، كُتِبَ له قيام ليلة"، ثم لم يقم بنا حتى بقيَ ثلاث منَ الشَّهر، فصَلَّى بنا في الثالثة، ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلتُ له: وما الفَلاح؟، قال: "السحور".

قال الشَّوكاني في "النَّيْل": "وفيه تَأَكُّد مشروعية القيام، في الأفراد من ليالي العَشْر الآخرة من رمضان؛ لأنها مظنَّة الظَّفَر بليلة القدر".

وفي الصَّحيحَيْنِ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبه".

وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قلتُ: يا رسول الله، أرأيت إن عَلِمْتُ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهُمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعفُ عني" (رواه أحمد، وابن ماجه، والترمذي وصححه).

وعليه؛ فإحياء ليلة القدر بِقِرَاءة سورة القدر ليس بواجبٍ، ولا مُستحبٍّ، بل يدخل في البدعة،، والله أعلم.