إلى أي حد يمكن أن يتصرف الزوجان بعاطفة أمام الأولاد ؟

الإسلام سؤال وجواب

السؤال: إلى أي حد يمكن أن يتصرف الزوجان بعاطفة أمام الأولاد ؟ هل يجوز الضم أو التقبيل أو مسك اليدين أمام الأولاد ؟
الإجابة: الحمد لله
الحكم الشرعي في هذه المسألة يتبع التفصيل التالي:
أولاً: إذا كان هذا الضم و التقبيل من جنس ما يكون بين الزوجين في خلوتهما فلا يجوز عمله أمام الأولاد صغاراً أو كباراً، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
يقول ابن كثير: فيؤمر الخدم والأطفال ألا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال لما يخشى من أن يكون الرجل على أهله أو نحو ذلك من الأعمال .اهـ (3/401). فإذا وجب الاستئذان على الأولاد لئلا يروا شيئاً مما يكون بين الزوجين، فكيف بتعمد إظهار ذلك ؟
وانظر إلى الأدب الذي كان عليه بيت النبوة وغاية ما ينقله الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك:
فعن كريب مولى عبد الله بن عباس أن عبد الله بن عباس أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، ثم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم عن وجهه بيديه ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران.. الحديث رواه البخاري (4571) ومسلم (763).
قال النووي رحمه الله: وفيه دليل على جواز نوم الرجل مع امرأته من غير مواقعة بحضرة بعض محارمها وان كان مميزا، قال القاضي: وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث قال ابن عباس بت عند خالتي في ليلة كانت فيها حائضا، قال وهذه الكلمة وإن لم تصح طريقا فهي حسنة المعنى جدا إذ لم يكن ابن عباس يطلب المبيت في ليلة للنبي صلى الله عليه وسلم فيها حاجة إلى أهله، ولا يرسله أبوه إلا إذا علم عدم حاجته إلى أهله، لأنه معلوم أنه لا يفعل حاجته مع حضرة بن عباس معهما في الوسادة، مع أنه كان مراقبا لأفعال النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه لم ينم أو نام قليلا جدا .اهـ شرح مسلم 6/46. كما أن إظهار ذلك يعد من خوارم المروءة.
يقول الماوردي: المروءة مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها حتى لا يظهر منها قبيح عن قصد ولا يتوجه إليها ذم باستحقاق .اهـ (أدب الدنيا والدين /392).
وما في هذه الممارسة من المفاسد التربوية كاف في منعه، فإن الأولاد فطروا على حب تقليد الوالدين ومحاكاتهم في جميع أمورهم، فيخشى أن يحاول أحدهم فعل ذلك عن غفلة وعدم وعي لما يقوم به وكفى بذلك مفسدة، ثم لا يؤمن على الأولاد الصغار أن يتحدثوا بما يرونه أمام الناس ولا يخفى ما في ذلك من الحرج و ذهاب الغيرة.

ثانياً: أما إذا كانت العاطفة التي يظهرها الزوجان أمام الأولاد من جنس ما يظهر عادة من مودة ورحمة ورعاية والتي تملؤ البيت سكوناً واحتراماً وسعادة وخاصة ما يكون في المناسبات كالأعياد وغيرها، فذلك جائز. ولإظهار ذلك أثر في راحة الأولاد النفسية حين يطمئنوا إلى ما عليه أسرتهم من التفاهم والتوافق، فلا بأس بإظهار تلك العاطفة لكن بالقدر الذي يحقق الغرض، ولا يحصل منه أدنى محظور.
والله أعلم.