الرد على شبهة هامة حول الاختلاط

حامد بن عبد الله العلي

السؤال: لقد سمعت محاضرات لشيوخ يتكلمون عن خطورة الاختلاط, ومن أحد أدلتهم هو ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم من أن خير صفوف الرجال الأمام وشرها الخلف وأن خير صفوف النساء الخلف وشرها الأمام, وقالوا أن هذا لأن الصف الخلفي للرجال مقترب من الصف الأمامي من النساء, ولكن أليس هذا يدل على أن في وقت النبي صلى الله عليه وسلم كانت تصلي النساء خلف الرجال بدون حاجز؟
وأيضاً تذكرت قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أراد تحديد المهور فقامت امرأة وأجابته بدليل من القرآن أنه مخطئ بتحديد المهور, هل هذا دليل على أنهم كانوا جالسون في غرفة واحدة من دون حاجز؟
الإجابة: الاختلاط يبن الرجال والنساء الذي يوجد اليوم في الأعمال والجامعات شره عظيم، ونتائجه وخيمة على المجتمعات، ولا يخفى هذا على ذي لب، كما لا يخفى أن بين ما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من صف النساء وراء صفوف الرجال وهن محتشمات في وقت الصلوات، وكلام المرأة أحياناً للنبي صلى الله عليه وسلم أو للإمام، كما اعترضت تلك المرأة على عمر رضي الله عنه، وبين ما نراه اليوم من اختلاط مشين، في أماكن العمل والدراسة، بحيث تظهر النساء والفتيات متبرجات كاشفات عن محاسنهن ومفاتنهن، ويجالسن الرجال، ويحصل بين الجميع من الخلطة وإسقاط الحشمة والتعرض للفتنة ما لا يخفى، إن بين ذلك الواقع الموافق للشرع، وهذا الواقع البعيد كل البعد عن آداب الإسلام، ومقاصد الشريعة الداعية إلى العفة، بون شاسع.

والمستدل على جواز الاختلاط المفسد الذي نراه في عصرنا في الوظائف وأماكن الدراسة، بأن النساء كن يصلين خلف صفوف الرجال في المسجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، هو كالمستدل على جواز الموسيقى المحرمة والغناء الفاحش الذي يصحبها كما نراها هذه الأيام، بأن الجاريتين قد غنتا في بيت النبوة بالدف في يوم العيد، وهذا وذاك من قبيل التأويل الفاسد لنصوص الشرع، ووضعها في غير مواضعها، وتنزيلها على غير منازلها، وقد دأب المُفْتون المفتونون المضلون للناس بغير علم على التلاعب بنصوص الشرع على هذا النحو في هذا العصر الذي قل فيه العلم، وفشا فيه الجهل.

ومن أغرب هذه الفتاوى، فتوى صدرت من بعض المتهوكين، بجواز أن تخالط المرأة المتبرجة الرجال، واستدلال هذا المحرف لدين الله، على جواز أن تبرز المرأة شعرها ورقبتها ونحرها، بأن الإماء كن في العصر الأول لا يغطين شعورهن، وأن النساء كن يصلين وراء صفوف الرجال في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فركب من هذين الدليلين أن الواقع الذي نراه في مشاهد الحياة المختلطة البعيدة كل البعد عن وقار الإسلام وحشمته وآدابه وعفته، هو مما أباحه الله تعالى، وهكذا لا ننفك نسمع بين الفينة والأخرى، من يحاول أن ينقض عرى الإسلام بمثل هذه الفتاوى الضالة.

والحاصل أن الاختلاط يطلق:
- تارة ويقصد به وجود النساء في مكان يوجد فيه الرجال أيضاً، ولكن بينهما مسافة من الحشمة والستر والعفة، ومسافة أخرى من البعد المكاني تكفي لسد مداخل الشيطان، فهذا لا حرج فيه.
- ويطلق تارة أخرى ويقصد به ما نراه في واقعنا في الوظائف وأماكن التعليم حيث يكون اختلاط الرجال بالنساء بغير ضوابط، مما هو من أشد دواعي الفتنة والفساد، فهذا محرم، لا يخفى تحريمه على من شم رائحة الفقه.

وهذا تفصيل أكثر في حكم الاختلاط:
http://www.h-alali.net/show_fatwa.php?id=1311