"

حكم الاشتراك في قناة للرياضة لمشاهدة مباريات كأس العالم

حامد بن عبد الله العلي

السؤال: هل يجوز الاشتراك في قناة للرياضة لمشاهدة مباريات كأس العالم؟ بالطبع مع مراعاة عدم تضييع الصلاة أو فعل المنكرات.
الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

لايجوز

فقد قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ }، فقد بيّن في هذه الآية أن من أسباب تحريم الخمر، والميسر، صدهما عن ذكر الله وعن الصلاة ، فدلّ على أنّ ما يصدّ عن ذكر الله والصلاة ، حكمه التحريم ، فعموم العلة يعمّم الحكم
قال الناظم : وقد تخصص وقد تعمّم ** معلولها لكنها لاتخرم

ومعلومٌ أن لعب هذه اللعبة على وجه مباح ، يختلف عن مشاهدها على النحو الذي ينتشر في الإعلام ، فالمشاهدة تشغل عن ذكر الله ، وتصـدّ الناس عن الصلاة ، بلا ريب ، وحتى لو صلّى من تعلق قلبه بها ، فإنّـه يخرج للصلاة كارها ، متثاقلا ، وقلبه متعلق بهذه اللعبة ، أشدّ من تعلق الجائع بطعامه ، والعطشان بالماء ، ويذهب للصلاة منزعجاً قلبُه أشدّ من إنزعاج الحاقن في صلاته ،وقد نهي عن صلاة المصلي وهو حاقـن !

إضافة إلى ما فيها من وقوع النظر إلى ما حرّم الله ، على وجه لايمكن تجنّبه ، وتعلّق القلب بانتصارات وهميّة ، لأناس كفّار في لهوٍ ، ولعـب ، لايبتغون غير هذه الدنيا ، وملذّاتها ، وهم بالآخرة هم كافـرون ، فيُثمر ذلك حبَّهم ، واتخاذهم قدوة ، وبئس القدوة هم ، كما يثمر التشبه بهم ، وشغف القلب بثقافاتهم المنحرفة .

مع إنفاق المال تبذيرا لقنوات مفسدة، وإعانتها على فسادها بتلك الأموال .

هذا ، بينما أمّة الإسلام تُحارب ، وتُسحق ليلاً ، ونهـاراً ، سراً ، وجهاراً ، فتُسفك دماؤهم ، ويُؤسر رجالهُم ، وتُنتهك نساؤُهم ، وقــد حلّت الجيوش الأجنبيّة في بلادهـم ، وسلَبَت منهم دينهم ، وغيّرت ثقافتهم ،، فكيف يستقيم وهذا هو الحال ، أن يُفتى بإباحة الفرح بانتصار هذه الدول الغازية بلاد الإسلام ، في لهوهم العابث المختلط بالمجون والفسق ، بل الفتوى بإباحة هذا من الجهل .

وكلّ من تفقّـه في أحكام الشريعة وعرف مقاصدها ، يعلم أنّ هذه اللعبة وإن كان لعبها في حدّ ذاته ليس من المحرمات لكن مشاهدتها على النحو المنتشر هذه الأيام ليس له وجه في الإباحة ، فذرائع تحريمها كثيرة ، وهي من أشدّ الوسائل إفسادا للنشأ ، وتأثيرها عليهم في غاية السوء ، في العقيدة ، والأخلاق ، وكلّ من كان مسحورا بها، ثم تاب يعرف ذلك ويقرّ به.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا.