أبواب الصلاة
113- باب ما جاء في مواقيت الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
149- حدثنا هناد بن السري حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم، وهو ابن عباد بن حنيف، أخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال أخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشرك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله، لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة، وبريدة وأبي موسى، وأبي مسعود الأنصاري وأبي سعيد، وجابر، وعمرو بن حزم، والبراء، وأنس.
150- أخبرني أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حسين بن علي بن حسين أخبرني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل" فذكر نحو حديث ابن عباس بمعناه، ولم يذكر فيه "لوقت العصر بالأمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وحديث جابر في المواقيت قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
114- باب منه
151- حدثنا هناد حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس وآخر وقت حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت صلاة العصر حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت: أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل.
حدثنا هناد حدثنا أبو أسامة عن أبي إسحق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد قال: كان يقال: إن للصلاة أولا وآخرا، فذكر نحو حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، نحوه بمعناه.
115- باب منه
152- حدثنا أحمد بن منيع والحسن بن الصباح البزار وأحمد بن محمد بن موسى، المعنى واحد، قالوا: حدثنا إسحق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال:
- "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن مواقيت الصلاة فقال: أقم معنا إن شاء الله، فأمر بلالا فأقام حين طلع الفجر، ثم أمره فأقام حين زالت الشمش فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر والشمس بيضاء مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس، ثم أمره بالعشاء فأقام حين غاب الشفق، ثم أمره من الغد فنور بالفجر، ثم أمره بالظهر فأبرد وأنعم أن يبرد، ثم أمره بالعصر فأقام والشمس آخر وقتها فوق ما كانت، ثم أمره فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق، ثم أمره بالعشاء فأقام حين ذهب ثلث الليل. ثم قال: أين السائل عن مواقيت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا، فقال: مواقيت الصلاة كما بين هذين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
قال: وقد رواه شعبة عن علقمة بن مرثد أيضا.
116- باب ما جاء في التغليس بالفجر
153- حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس قال: وحدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت:
- "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء قال الأنصاري: فيمر النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس". وقال قتيبة: "متلفعات".
قال: وفي الباب عن ابن عمر، وأنس، وقيلة بنت مخرمة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد رواه الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
وهو الذي اختاره غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر، وعمر، ومن بعدهم من التابعين.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق: يستحبون التغليس بصلاة الفجر.
117- باب ما جاء في الإسفار بالفجر
154- حدثنا هناد حدثنا عبدة هو ابن سليمان عن محمد بن إسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر".
قال: وقد روى شعبة والثوري هذا الحديث عن محمد بن إسحق.
قال: ورواه محمد بن عجلان أيضا عن عاصم بن عمر بن قتادة.
قال: وفي الباب عن أبي برزة الأسلمي وجابر، وبلال.
قال أبو عيسى: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.
وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الفجر.
وبه يقول سفيان الثوري.
وقال الشافعي وأحمد وإسحق: معنى الإسفار: أن يضح الفجر فلا يشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة.
118- باب ما جاء في التعجيل بالظهر
155- حدثنا هناد بن السري حدثنا وكيع عن سفيان عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- "ما رأيت أحدا أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا من أبي بكر، ولا من عمر".
قال: وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وخباب، وأبي برزة، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وجابر بن سمرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن.
وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل حديثه الذي روى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "من سأل الناس وله ما يغنيه".
قال يحيى: وروى له سفيان وزائدة، ولم ير يحيى بحديثه بأسا.
قال محمد: وقد روي عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل الظهر.
156- حدثنا الحسن بن علي الحلواني أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين زالت الشمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. وهو أحسن حديث في هذا الباب وفي الباب عن جابر.
119- باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر
157- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي ذر، وابن عمر، والمغيرة، والقاسم بن صفوان عن أبيه وأبي موسى، وابن عباس وأنس.
قال: وروي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد اختار قوم من أهل العلم تأخير صلاة الظهر في شدة الحر.
وهو قول ابن المبارك وأحمد، وإسحق.
قال الشافعي: إنما الإبراد بصلاة الظهر إذا كان مسجدا ينتاب أهله من البعد فأما المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه فالذي أحب له أن لا يؤخر الصلاة في شدة الحر.
قال أبو عيسى: ومعنى من ذهب إلى تأخير الظهر في شدة الحر هو أولى وأشبه بالإتباع.
وأما ما ذهب إليه الشافعي أن الرخصة لمن ينتاب من البعد وللمشقة على الناس: فإن في حديث أبي ذر ما يدل على خلاف ما قال الشافعي.
قال أبو ذر:
- "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأذن بلال بصلاة الظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال أبرد ثم أبرد".
فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشافعي: لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنى، لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون أن ينتابوا من البعد.
158- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي قال: أنبأنا شعبة عن مهاجر أبي الحسن عن زيد بن وهب عن أبي ذر:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه بلال، فأراد أن يقيم، فقال: أبرد، ثم أراد أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرد في الظهر، قال: حتى رأينا فيء التلول، ثم أقام فصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا عن الصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
120- باب ما جاء في تعجيل العصر
159- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء من حجرتها".
قال: وفي الباب عن أنس، وأبي أروى، وجابر، ورافع بن خديج، قال: ويروى عن رافع أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وأنس، وغير واحد من التابعين: تعجيل صلاة العصر، وكرهوا تأخيرها.
وبه يقول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحق.
160- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن
- "أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فقال: قوموا فصلوا العصر، قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
121- باب ما جاء في تأخير صلاة العصر
161- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أنها قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه".
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه.
162- ووجدت في كتابي: أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.
163- وحدثنا بشر بن معاذ البصري قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه وهذا أصح.
122- باب ما جاء ما جاء في وقت المغرب
164- حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت الشمش وتوارت بالحجاب".
قال: وفي الباب عن جابر، والصنابحي، وزيد بن خالد، وأنس، ورافع بن خديج، وأبي أيوب، وأم حبيبة، وعباس بن عبد المطلب وابن عباس.
وحديث العباس قد روي موقوفا عنه، وهو أصح.
والصنابحي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم: وهو صاحب أبي بكر رضي الله عنه.
قال أبو عيسى: حديث سلمة بن الأكوع حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين: اختاروا تعجيل صلاة المغرب، وكرهوا تأخيرها، حتى قال بعض أهل العلم: ليس لصلاة المغرب إلا وقت واحد، وذهبوا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى به جبريل.
وهو قول ابن المبارك والشافعي.
123- باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة
165- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال:
- "أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة".
166- حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة، بهذا الإسناد نحوه.
قال أبو عيسى: روى هذا الحديث هشيم عن أبي بشر عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير. ولم يذكر فيه هشيم "عن بشير بن ثابت".
وحديث أبي عوانة أصح عندنا، لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة.
124- باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة
167- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه".
قال: وفي الباب عن جابر بن سمرة، وجابر بن عبد الله، وأبي برزة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن خالد، وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم: رأوا تأخير صلاة العشاء الآخرة.
وبه يقول أحمد وإسحق.
125- باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها
168- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا عوف.
قال أحمد: وحدثنا عباد بن عباد هو المهلبي وإسماعيل بن علية: جميعا عن عوف عن سيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي عن أبي برزة قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم: يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها".
قال وفي الباب عن عائشة، وعبد الله بن مسعود، وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي برزة حديث حسن صحيح.
وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ورخص في ذلك بعضهم.
وقال عبد الله بن المبارك: أكثر الأحاديث على الكراهية.
ورخص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان.
وسيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي.
126- باب ما جاء من الرخصة في السمر بعد العشاء
169- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عمر بن الخطاب قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وأنا معهما".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وأوس بن حذيفة، وعمران بن حصين. قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن.
وقد روى هذا الحديث الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له "قيس" أو "ابن قبس" عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: هذا الحديث في قصة طويلة.
وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم في السمر بعد صلاة العشاء الآخرة: فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء، ورخص بعضهم إذا كان في معنى العلم وما لا بد منه من الحوائج. وأكثر الحديث على الرخصة.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا سمر إلا لمصل أو مسافر".
127- باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل
170- حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة، وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
- "سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن.
171- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال: وفي الباب عن علي، وابن عمر، وعائشة، وابن مسعود.
172- حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
- "يا علي: ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا".
قال أبو عيسى: حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث. واضطربوا عنه في هذا الحديث وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه.
173- حدثنا قتيبة حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن أبي يعفور عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني: "أن رجلا قال لابن مسعود: أي العمل أفضل؟ قال سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
- "الصلاة على مواقيتها قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: وبر الوالدين. قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: والجهاد في سبيل الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى المسعودي وشعبة وسليمان هو أبو إسحق الشيباني وغير واحد عن الوليد بن العيزار: هذا الحديث.
174- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن خالد بن بزيد عن سعيد ابن أبي هلال عن إسحق بن عمر عن عائشة قالت:
- "ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، غريب، وليس إسناده بمتصل.
قال الشافعي: والوقت الأول من الصلاة أفضل. ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره: اختيار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل ولم يكونوا يدعون الفضل، وكانوا يصلون في أول الوقت.
قال: حدثنا بذلك أبو الوليد المكي عن الشافعي.
128- باب ما جاء في السهو عن وقت صلاة العصر
175- حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
وفي الباب عن بريدة، ونوفل بن معاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وقد روى الزهري أيضا عن سالم عن أبيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
129- باب ما جاء في تعجيل الصلاة إذا أخرها الإمام
176- حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "يا أبا ذر أمراء يكونون بعدي يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك".
وفي الباب عن عبد الله بن الصامت.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن.
وهو قول غير واحد من أهل العلم: يستحبون أن يصلي الرجل الصلاة لميقاتها إذا أخرها الإمام، والصلاة الأولى هي المكتوبة عند أكثر أهل العلم. وأبو عمران الجوني اسمه "عبد الملك بن حبيب".
130- باب ما جاء في النوم عن الصلاة
177- حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة قال:
- "ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي مريم، وعمران بن حصين، وجبير بن مطعم، وأبي جحيفة، وأبي سعيد، وعمرو بن أمية الضمري وذي مخبر ويقال: ذي مخمر وهو ابن أخي النجاشي.
قال أبو عيسى: وحديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ أو يذكر وهو في غير وقت صلاة، عند طلوع الشمس أو عند غروبها.
فقال بعضهم: يصليها إذا استيقظ أو ذكر، وإن كان عند طلوع الشمس أو عند غروبها. وهو قول أحمد، وإسحق، والشافعي، ومالك. وقال بعضهم: لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب.
131- باب ما جاء الرجل ينسى الصلاة
187- حدثنا قتيبة وبشر بن معاذ قالا: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن سمرة، وأبي قتادة.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
ويروى عن علي بن أبي طالب: أنه قال في الرجل ينسى الصلاة قال: يصليها متى ذكرها في وقت أو في غير وقت. وهو قول الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحق.
ويروى عن أبي بكرة: أنه نام عن صلاة العصر، فاستيقظ عند غروب الشمس، فلم يصل حتى غربت الشمس.
وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى هذا.
وأما أصحابنا فذهبوا إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
132- باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ
179- حدثنا هناد حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: قال عبد الله بن مسعود:
- "إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وجابر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم في الفوائت: أن يقيم الرجل لكل صلاة إذا قضاها. وإن لم يقم أجزأه. وهو قول الشافعي.
180- وحدثنا محمد بن بشار بندار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله:
- "أن عمر بن الخطاب قال يوم الخندق، وجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله؟ ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إن صليتها قال: فنزلنا بطحان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما غربت الشمش ثم صلى بعدها المغرب".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
133- باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل: إنها الظهر
181- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي وأبو النضر عن محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
182- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر".
قال: وفي الباب عن علي وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعائشة، وحفصة، وأبي هريرة، وأبي هاشم بن عتبة.
قال أبو عيسى: قال محمد: قال علي بن عبد الله حديث الحسن عن سمرة بن جندب حديث صحيح، وقد سمع منه.
قال أبو عيسى: حديث سمرة في صلاة الوسطى حديث حسن.
وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال زيد بن ثابت وعائشة صلاة الوسطى صلاة الظهر.
وقال ابن عباس وابن عمر. صلاة الصبح.
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته، فقال سمعته من سمرة بن جندب.
قال أبو عيسى: وأخبرني محمد بن إسماعيل حدثنا علي بن عبد الله بن المديني عن قريش بن أنس بهذا الحديث.
قال محمد: قال علي: وسماع الحسن من سمرة صحيح. واحتج بهذا الحديث.
134- باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر
183- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا منصور، وهو ابن زاذان عن قتادة قال: أخبرنا أبو العالية عن ابن عباس قال: سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: منهم عمر بن الخطاب، وكان من أحبهم إلي:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
قال: وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وعقبة بن عامر، وأبي هريرة، وابن عمر، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عمرو، ومعاذ بن عفراء، الصنابحي. ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، وعائشة، وكعب بن مرة، وأبي أمامة، وعمرو بن عبسة، ويعلى بن أمية، ومعاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس عن عمر حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أنهم كرهوا الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. وأما الصلوات الفوائت فلا بأس أن تقضى بعد العصر وبعد الصبح.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء: حديث عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس"، وحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى"، وحديث علي: "القضاة ثلاثة".
135- باب ما جاء في الصلاة بعد العصر
184- حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعدلهما".
وفي الباب عن عائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأبي موسى.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
وقد روى غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه صلى بعد العصر ركعتين".
وهذا خلاف ما روي عنه: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
وحديث ابن عباس أصح حيث قال: "لم يعد لهما".
وقد روي عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس.
وقد روي عن عائشة في هذا الباب روايات:
روي عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين".
وروي عنها عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس".
والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم: على كراهية الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، إلا ما استثني من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس بعد الطواف، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك.
وقد قال به قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم الصلاة بمكة أيضا بعد العصر وبعد الصبح.
وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس، وبعض أهل الكوفة.
136- باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب
185- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "بين كل آذانين صلاة لمن شاء".
وفي الباب عن عبد الله بن الزبير.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل المغرب فلم ير بعضهم الصلاة قبل المغرب.
وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين، بين الأذان والإقامة.
وقال أحمد وإسحق: إن صلاهما فحسن. وهذا عندهما على الاستحباب.
137- باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل تغرب الشمس
186- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وبه يقول أصحابنا والشافعي، وأحمد، وإسحق.
ومعنى هذا الحديث عندهم لصاحب العذر، مثل الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ ويذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها.
138- باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر
187- حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر.
قال: فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".
وفي الباب عن أبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس قد روي عنه من غير وجه: رواه جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعبد الله بن شقيق العقيلي.
وقد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا:
188- حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر".
قال أبو عيسى: وحنش هذا هو: "أبو علي الرحبي" وهو "حسين بن قيس" وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره.
والعمل على هذا عند أهل العلم: أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة.
ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في المطر.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
ولم ير الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين.
139- باب ما جاء في بدء الأذان
189- حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال:
- "لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالرؤيا، فقال: إن هذه لرؤيا حق، فقم مع بلال، فإنه أندى وأمد صوتا منك، فألق عليه ما قيل لك، وليناد بذلك، قال فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يجر إزاره، وهو يقول: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي قال، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد، فذلك أثبت".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحق أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة.
وعبد الله بن زيد هو ابن عبد، ويقال ابن عبد عبد ربه.
ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان.
وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني له أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عم عباد بن تميم.
190- حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرنا نافع عن ابن عمر قال:
- "كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا قرنا مثل قرن اليهود، قال: فقال عمر بن الخطاب: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ ! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فناد بالصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، غريب من حديث ابن عمر.
140- باب ما جاء في الترجيع في الأذان
191- حدثنا بشر بن معاد البصري حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: أخبرني أبي وجدي جميعا عن أبي محذورة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفا حرفا. قال إبراهيم: مثل أذاننا. قال بشر. فقلت له: أعد علي فوصف الأذان بالترجيع".
قال أبو عيسى: حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
وعليه العمل بمكة، وهو قول الشافعي.
192- حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عفان حدثنا همام عن عامر بن عبد الواحد الأحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو محذورة اسمه "سمرة بن معير".
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا في الأذان.
وقد روي عن أبي محذورة أنه كان يفرد الإقامة.
141- باب ما جاء في إفراد الإقامة
193- حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال:
- "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة". وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وهو قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين. وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق.
142- باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى
194- حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عقبة بن خالد عن ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال:
- "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا: في الأذان والإقامة".
قال أبو عيسى: حديث عبد الإله بن زيد رواه وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وهذا أصح من حديث ابن أبي ليلى.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
وقال بعض أهل العلم: الأذان مثنى مثنى، والإقامة مثنى مثنى.
قال أبو عيسى: ابن أبي ليلى هو: "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى" كان قاضي الكوفة، ولم يسمع من أبيه شيئا، إلا أنه يروي عن رجل عن أبيه.
وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأهل الكوفة.
143- باب ما جاء في الترسل في الأذان
195- حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا المعلى بن أسد حدثنا عبد المنعم هو صاحب السقاء، قال: حدثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:
- "يا بلال، إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحذر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني".
196- حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد عن عبد المنعم نحوه.
قال أبو عيسى: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم: وهو إسناد مجهول.
وعبد المنعم شيخ بصري.
144- باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان
197- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:
- "رأيت بلالا يؤذن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في أذنيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء، أراه قال: من أدم، فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها بالبطحاء، فصلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بين يديه الكلب والحمار، وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه، قال سفيان: نراه حبرة".
قال أبو عيسى: حديث أبي جحيفة حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان.
وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضا، يدخل إصبعيه في أذنيه وهو قول ألأوزاعي.
وأبو جحيفة اسمه "وهب بن عبد الله السوائي".
145- باب ما جاء في التثويب في الفجر
198- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لاتثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر". قال: وفي الباب عن أبي محذورة.
قال أبو عيسى: حديث بلال لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل الملائي.
وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة قال: إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة.
وأبو إسرائيل اسمه "إسماعيل بن أبي إسحق". وليس هو بذاك القوي عند أهل الحديث.
وقد اختلف أهل العلم في تفسير التثويب.
قال بعضهم: التثويب أن يقول في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم". وهو قول ابن المبارك وأحمد.
وقال إسحق في التثويب غير هذا، قال: التثويب المكروه هو شيء أحدثه الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: "قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح".
قال: وهذا الذي قال إسحق: هو التثويب الذي قد كرهه أهل العلم، والذي أحدثوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
والذي فسر ابن المبارك وأحمد: أن التثويب أن يقول المؤذن في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم".
وهو قول صحيح، ويقال له "التثويب أيضا".
وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه.
وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في صلاة الفجر "الصلاة خير من النوم".
وروي عن مجاهد قال: دخلت مع عبد الله بن عمر مسجدا وقد أذن فيه، ونحن نريد أن نصلي فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد وقال: اخرج بنا من عند هذا المبتدع! ولم يصل فيه.
قال وإنما كره عبد الله التثويب الذي أحدثه الناس بعد.
146- باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم
199- حدثنا هناد حدثنا عبدة ويعلى بن عبيد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي قال:
- "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوذن في صلاة الفجر، فأذنت، فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء قد أذن فهو يقيم".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي.
والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي.
قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: أن من أذن فهو يقيم.
147- باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء
200- حدثنا علي بن حجر حدثنا الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا يؤذن إلا متوضىء".
201- حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الله بن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: قال أبو هريرة: لا ينادي بالصلاة إلا متوضىء.
قال أبو عيسى: وهذا أصح من الحديث الأول.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب، وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم.
والزهري لم يسمع من أبي هريرة.
واختلف أهل العلم في الأذان على غير وضوء:
فكرهه بعض أهل العلم، وبه يقول الشافعي، وإسحق.
ورخص في ذلك بعض أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد.
148- باب ما جاء في أن الإمام أحق بالإقامة
202- حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا إسرائيل أخبرني سماك بن حرب سمع جابر بن سمرة يقول: كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمهل فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة حين يراه.
قال أبو عيسى: حديث جابر بن سمرة هو حديث حسن صحيح.
وحديث إسرائيل عن سماك لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وهكذا قال بعض أهل العلم: إن المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة.
149- باب ما جاء في الأذان في الليل
203- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وعائشة، وأنيسة، وأنس، وأبي ذر، وسمرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل:
فقال بعض أهل العلم: إذا أذن المؤذن بالليل أجزأه ولا يعيد وهو قول مالك، وابن المبارك، وأحمد، وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: إذا أذن بليل أعاد. وبه يقول سفيان الثوري.
وروى حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر:
- "أن بلالا أذن بليل، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي إن العبد نام".
قال أبو عيسى: هذا حديث غير محفوظ.
والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".
قال: وروى عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع: أن مؤذنا لعمر أذن بليل، فأمره عمر أن يعيد الأذان.
وهذا لا يصح أيضا، لأنه عن نافع عن عمر: منقطع.
ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث.
والصحيح رواية عبيد الله وغير واحد عن نافع عن ابن عمر، والزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل".
قال أبو عيسى: ولو كان حديث حماد صحيحا لم يكن لهذا الحديث معنى، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن بلالا يؤذن بليل".
فإنما أمرهم فيما يستقبل، قال: "إن بلالا يؤذن بليل" ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذن قبل طلوع الفجر. لم يقل: "إن بلالا يؤذن بليل".
قال علي بن المديني: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة.
150- باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان
204- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء قال:
- "خرج رجل من المسجد بعد ما أذن فيه بالعصر، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عثمان.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر: أن يكون على غير وضوء، أو أمر لا بد منه.
ويروى عن إبراهيم النخعي أنه قال: يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة.
قال أبو عيسى: وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه.
وأبو الشعثاء اسمه "سليم بن أسود" وهو والد أشعث بن أبي الشعثاء.
وقد روى أشعث بن أبي الشعثاء هذا الحديث عن أبيه.
151- باب ما جاء في الأذان في السفر
205- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال:
- "قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، فقال لنا: إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: اختاروا الأذان في السفر.
وقال بعضهم: تجزئ الإقامة، إنما الأذان على من يريد أن يجمع الناس.
والقول الأول أصح. وبه يقول أحمد، وإسحق.
152- باب ما جاء في فضل الأذان
206- حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا أبو تميلة حدثنا أبو حمزة عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من أذن سبع سنين محتسبا كتبت له براءة من النار".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود، وثوبان، ومعاوية، وأنس، وأبي هريرة، وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث غريب.
وأبو تميلة اسمه "يحيى بن واضح".
وأبو حمزة السكري اسمه "محمد بن ميمون".
وجابر بن يزيد الجعفي ضعفوه، تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي.
قال أبو عيسى: سمعت جارود يقول: سمعت وكيعا يقول: لولا جابر الجعفي لكان أهل الكوفة بغير حديث، ولولا حماد لكان أهل الكوفة بغير فقه.
153- باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن
207- حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عائشة، وسهل بن سعد، وعقبة بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة رواه سفيان الثوري وحفص بن غياث، وغير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى أسباط بن محمد عن الأعمش قال: حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى نافع بن سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.
قال أبو عيسى: وسمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصح من حديث أبي صالح عن عائشة.
قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح، وذكر عن علي بن المديني أنه لم يثبت حديث أبي صالح عن أبي هريرة، ولا حديث أبي صالح عن عائشة في هذا.
154- باب ما جاء في ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن
208- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك قال: وحدثنا قتيبة عن مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي رافع، وأبي هريرة، وأم حبيبة، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن ربيعة، وعائشة، ومعاذ بن أنس، ومعاوية.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح.
وهكذا روى معمر وغير واحد عن الزهري مثل حديث مالك.
وروى عبد الرحمن بن إسحق عن الزهري هذا الحديث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواية مالك أصح.
155- باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرا
209- حدثنا هناد حدثنا أبو زبيد وهو عبثر بن القاسم عن أشعث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال:
- "إن من آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا".
قال أبو عيسى: حديث عثمان حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أهل العلم: كرهوا أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه.
156- باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن من الدعاء
210- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن الحكيم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا، غفر له ذنبه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث الليث بن سعد عن حكيم بن عبد الله بن قيس.
157- باب منه آخر
211- حدثنا محمد بن سهل بن عسكر البغدادي وإبراهيم بن يعقوب قالا: حدثنا علي بن عياش الحمصي حدثنا شعيب بن أبي حمزة حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته - إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة".
قال أبو عيسى: حديث جابر حديث صحيح حسن غريب من حديث محمد بن المنكدر، لا نعلم أحدا رواه غير شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر.
وأبو حمزة اسمه "دينار".
158- باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة
212- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع وعبد الرزاق وأبو أحمد وأبو نعيم قالوا: حدثنا سفيان عن زيد العمي عن أبي إياس معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة".
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وقد رواه أبو إسحق الهمداني عن بريد بن أبي مريم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا.
159- باب ما جاء كم فرض الله على عباده من الصلوات
213- حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك قال:
- "فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به الصلوات خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي: يا محمد: إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذه الخمس خمسين".
قال: وفي الباب عن عبادة بن الصامت، وطلحة بن عبيد الله وأبي ذر وأبي قتادة، ومالك بن صعصعة، وأبي سعيد الخدري.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح غريب.
160- باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس
214- حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن، ما لم تغش الكبائر".
قال: وفي الباب عن جابر، وأنس، وحنظلة الأسيدي.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
161- باب ما جاء في فضل الجماعة
215- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "صلاة الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين درجة".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي سعيد، وأبي هريرة، وأنس بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وهكذا روى نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "تفضل صلاة الجمع على صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين درجة".
قال أبو عيسى: وعامة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قالوا "خمس وعشرين" إلا ابن عمر فإنه قال: "بسبع وعشرين".
216- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري، حدثنا معن حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده بخمسة وعشرين جزءا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
162- باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب
217- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لقد هممت أن آمر فتيتي أن يجمعوا حزم الحطب، ثم آمر بالصلاة فتقام، ثم أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء، وابن عباس، ومعاذ بن أنس، وجابر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له.
وقال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد، ولا رخصة لأحد في ترك الجماعة إلا من عذر.
218- قال مجاهد: "وسئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، لا يشهد جمعة ولا جماعة؟ قال: هو في النار". قال: حدثنا بذلك هناد حدثنا المحاربي عن ليث عن مجاهد.
قال: ومعنى الحديث: أن لا يشهد الجماعة والجمعة رغبة عنها واستخفافا بحقها، وتهاونا بها.
163- باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة
219- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا يعلى بن عطاء حدثنا جابر بن يزيد بن الأسود العامري عن أبيه قال:
- "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، قال: فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال: علي بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا. إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة".
قال: وفي الباب عن مجحن الديلي، ويزيد بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث يزيد بن الأسود حديث حسن صحيح.
وهو قول غير واحد من أهل العلم.
وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحق.
قالوا: إذا صلى الرجل وحده ثم أدرك الجماعة فإنه يعيد الصلوات كلها في الجماعة، وإذا صلى الرجل المغرب وحده ثم أدرك الجماعة، قالوا: فإنه يصليها معهم ويشفع بركعة، والتي صلى وحده هي المكتوبة عندهم.
164- باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة
220- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن سعيد بن أبي عروبة عن سليمان الناجي البصري عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال:
- "جاء رجل وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيكم يتجر على هذا؟ فقام رجل فصلى معه".
قال: وفي الباب عن أبي أمامة، وأبي موسى، والحكم بن عمير.
قال أبو عيسى: وحديث أبي سعيد حديث حسن.
وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين.
قالوا: لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلي فيه جماعة.
وبه يقول أحمد وإسحق.
وقال آخرون من أهل العلم: يصلون فرادى.
وبه يقول سفيان، وابن المبارك، ومالك، والشافعي: يختارون الصلاة فرادى.
وسليمان الناجي بصري، ويقال "سليمان بن الأسود".
وأبو المتوكل اسمه "علي بن داود".
165- باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في الجماعة
221- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا بشر بن السري حدثنا سفيان عن عثمان بن حكيم عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان بن عفان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة".
قال: وفي الباب عن ابن عمر، وأبي هريرة، وأنس، وعمارة بن رويبة، وجندب بن عبد الله بن سفيان البجلي، وأبي بن كعب وأبي موسى، وبريدة.
قال أبو عيسى: حديث عثمان حديث حسن صحيح.
وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان موقوفا وروي من غير وجه عن عثمان مرفوعا.
222- حدثنا محمد بن بشار حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا داود بن أبي هند عن الحسن عن جندب بن سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا تخفروا الله في ذمته".
قال أبو عيسى: حديث حسن صحيح.
223- حدثنا عباس العنبري حدثنا يحيى بن كثير أبو غسان العنبري عن إسماعيل الكحال عن عبد الله بن أوس الخزاعي عن بريدة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه مرفوع، هو صحيح مسند وموقوف إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
166- باب ما جاء في فضل الصف الأول
224- حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها".
قال: وفي الباب عن جابر، وابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد وأبي، وعائشة، والعرباض بن سارية، وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان يستغفر للصف الأول ثلاثا، وللثاني مرة".
225- وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لو أن الناس يعلمون ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه".
قال: حدثنا بذلك إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: مثله.
226- وحدثنا قتيبة عن مالك نحوه.
167- باب ما جاء في إقامة الصفوف
227- حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا، فخرج يوما فرأى رجلا خارجا صدره عن القوم، فقال: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم".
قال: وفي الباب عن جابر بن سمرة، والبراء، وجابر بن عبد الله، وأنس، وأبي هريرة، وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث النعمان بن بشير حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "من تمام الصلاة إقامة الصف".
وروي عن عمر أنه كان يوكل رجالا بإقامة الصفوف فلا يكبر حتى يخبر أن الصفوف قد استوت".
وروي عن علي وعثمان: أنهما كانا يتعاهدان ذلك، ويقولان: استووا.
وكان علي يقول تقدم يا فلان، تأخر يا فلان.
168- باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهى
228- حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد الحذاء عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق".
قال: وفي الباب عن أبي بن كعب، وأبي مسعود، وأبي سعيد، والبراء، وأنس.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح غريب.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان يعجبه أن يليه المهاجرون والأنصار، ليحفظوا عنه".
قال: وخالد الحذاء هو "خالد بن مهران" يكنى "أبا المنازل".
قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: يقال إن خالدا الحذاء ما حذا نعلا قط، إنما كان يجلس إلى حذاء فنسب إليه.
قال: وأبو معشر اسمه "زياد بن كليب".
169- باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري
229- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن يحيى بن هانئ بن عروة المرادي عن عبد الحميد بن محمود قال:
- "صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين، فلما صلينا قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وفي الباب عن قرة بن إياس المزني.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري.
وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك.
170- باب ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده
230- حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص عن حصين عن هلال بن يساف قال: أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي ونحن بالرقة فقام بي على شيخ يقال له وابصة بن معبد من بني أسد فقال زياد حدثني هذا الشيخ
- "أن رجلا صلى خلف الصف وحده - والشيخ يسمع - فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن علي بن شيبان، وابن عباس.
قال أبو عيسى: وحديث وابصة حديث حسن.
وقد كره قوم من أهل العلم أن يصلي الرجل خلف الصف وحده، وقالوا: يعيد إذا صلى خلف الصف وحده.
وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقد قال قوم من أهل العلم يجزئه إذا صلى خلف الصف وحده: وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي.
وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى حديث وابصة بن معبد أيضا، قالوا: من صلى خلف الصف وحده يعيد.
منهم حماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، ووكيع.
وروى حديث حصين عن هلال بن يساف غير واحد مثل رواية أبي الأحوص عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة بن معبد.
وفي حديث حصين ما يدل على أن هلالا قد أدرك وابصة.
واختلف أهل الحديث في هذا:
فقال بعضهم: حديث عمرو بن مرة عن هلال بن يساف عن عمرو بن راشد عن وابصة بن معبد: أصح.
وقال بعضهم: حديث حصين عن هلال بن يساف عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة بن معبد أصح.
قال أبو عيسى: وهذا عندي أصح من حديث عمرو بن مرة، لأنه قد روي من غير حديث هلال بن يساف عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة.
231- حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن هلال بن يساف عن عمرو بن راشد عن وابصة بن معبد:
- "أن رجلا صلى خلف الصف وحده فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة".
قال أبو عيسى: وسمعت الجارود يقول: سمعت وكيعا يقول: إذا صلى الرجل خلف الصف وحده فإنه يعيد.
171- باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجل
232- حدثنا قتيبة حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال:
- "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أنس.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، قالوا: إذا كان الرجل مع الإمام يقوم عن يمين الإمام.
172- باب ما جاء في الرجل يصلي مع الرجلين
233- حدثنا بندار محمد بن بشار حدثنا محمد بن أبي عدي قال: أنبأنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة بن جندب قال:
- "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدمنا أحدنا".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وجابر، وأنس بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث سمرة حديث حسن غريب.
والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: إذا كانوا ثلاثة قام رجلان خلف الإمام.
وروي عن ابن مسعود: أنه صلى بعلقمة والأسود فأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد تكلم بعض الناس في إسماعيل بن مسلم المكي من قبل حفظه.
173- باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال والنساء
234- حدثنا إسحق الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك:
- "أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: قوموا فلنصل بكم، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول مالبس، فنضحته بالماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت عليه أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى بنا ركعتين ثم انصرف".
قال أبو عيسى: حديث أنس صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: إذا كان مع الإمام رجل وامرأة، قام الرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفهما، وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث في إجازة الصلاة إذا كان الرجل خلف الصف وحده، وقالوا: إن الصبي لم تكن له صلاة، وكان أنس خلف النبي صلى الله عليه وسلم وحده، وليس الأمر على ما ذهبوا إليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقامه مع اليتيم خلفه، فلولا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لليتيم صلاة، لما أقام اليتيم معه ولا أقامه عن يمينه. وقد روي عن موسى بن أنس عن أنس أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فأقامه عن يمينه، وفي هذا الحديث دلالة أنه إنما صلى تطوعا، أراد إدخال البركة عليهم.
174- باب من أحق بالإمامة
235- حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش رحمه الله وحدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو معاوية وابن نمير عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن أوس بن ضمعج قال: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا، ولا يؤم الرجل في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه".
قال محمود: قال ابن نمير في حديثه: أقدمهم سنا.
وفي الباب عن أبي سعيد وأنس بن مالك ومالك بن الحويرث وعمرو بن سلمة.
قال أبو عيسى: حديث أبي مسعود حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: أحق الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله، وأعلمهم بالسنة، وقالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة. وقال بعضهم: إذا أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي بهم.
وكرهه بعضهم. وقالوا: السنة أن يصلي صاحب البيت، قال أحمد بن حنبل: "وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤم الرجل في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه، فإذا أذن فأرجو أن الإذن في الكل، ولم ير به بأسا إذا أذن له أن يصلي به".
175- باب ما جاء إذا أم أحدكم الناس فليخفف
236- حدثنا قتيبة حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، فإذا صلى وحده، فليصل كيف شاء".
وفي الباب عن عدي بن حاتم، وأنس، وجابر بن سمرة، ومالك بن عبد الله، وأبي واقد، وعثمان بن العاص وأبي مسعود، وجابر بن عبد الله، وابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وهو قول أكثر أهل العلم: اختاروا ألا يطيل الإمام الصلاة مخافة المشقة على الضعيف والكبير والمريض. وأبو الزناد اسمه عبد الله بن ذكوان. والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز المديني يكنى أبا داود.
237- حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام".
وهذا حديث حسن صحيح.
176- باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها
238- حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سفيان طريف السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال:
- "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد وسورة، في فريضة أو غيرها".
وفي الباب عن علي وعائشة. وحديث علي بن أبي طالب أجود إسنادا وأصح من حديث أبي سعيد، وقد كتبناه أول في كتاب الوضوء، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق: إن تحريم الصلاة التكبير، ولا يكون الرجل داخلا في الصلاة إلا بالتكبير.
قال أبو عيسى: سمعت أبا بكر محمد بن أبان يقول: سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول: لو افتتح الرجل الصلاة بتسعين اسما من أسماء الله تعالى، ولم يكبر لم يجزه، وإن أحدث قبل أن يسلم أمرته أن يتوضأ ثم يرجع إلى مكانه ويسلم إنما الأمر على وجهه.
وأبو نضرة اسمه منذر بن مالك بن قطعة.
177- باب في الأصابع عند التكبير
239- حدثنا قتيبة وأبو سعيد الأشج قالا: حدثنا يحيى بن يمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة نشر أصابعه".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة قد رواه غير واحد عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدا.
وهو أصح من رواية يحيى بن اليمان، وأخطأ ابن يمان في هذا الحديث.
240- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن عبد المجيد الحنفي حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال سمعت أبا هريرة يقول:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا".
قال أبو عيسى: قال عبد الله: وهذا أصح من حديث يحيى بن يمان وحديث يحيى بن يمان خطأ.
178- باب في فضل التكبيرة الأولى
241- حدثنا عقبة بن مكرم. ونصر بن علي قالا: حدثنا سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق".
قال أبو عيسى: قد روي هذا الحديث عن أنس موقوفا ولا أعلم أحدا رفعه إلا ما روى سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو وإنما يروى هذا عن حبيب بن أبي حبيب البجلي عن أنس بن مالك قوله. حدثنا بذلك هناد حدثنا وكيع عن خالد بن طهمان عن حبيب بن أبي حبيب البجلي عن أنس قوله ولم يرفعه وروى إسماعيل بن عياش هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. وهذا حديث غير محفوظ، وهو حديث مرسل.
عمارة بن غزية لم يدرك أنس بن مالك.
179- باب ما يقول عند افتتاح الصلاة
242- حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر كبيرا، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه".
وفي الباب عن علي، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وجابر، وجبير بن مطعم، وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب. وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث. وأما أكثر أهل العلم فقالوا: إنما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك". وهكذا روي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم.
وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي. وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث.
243- حدثنا الحسن بن عرفة ويحيى بن موسى قالا: حدثنا أبو معاوية عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة قالت:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك".
قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وحارثة قد تكلم فيه من قبل حفظه.
وأبو الرجال اسمه محمد بن عبد الرحمن.
180- باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
244- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا سعيد الجويري عن قيس بن عباية عن ابن عبد الله بن مغفل قال:
- "سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول "بسم الله الرحمن الرحيم" فقال لي: أي بني محدث إياك والحدث، قال: ولم أر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الإسلام، يعني منه، وقال: وقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها، فلا تقلها، إذا أنت صليت فقل {الحمد لله رب العالمين}".
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين. وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق، لا يرون أن يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، قالوا: ويقولها في نفسه.
181- باب من رأى الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
245- حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا المعتمر بن سليمان قال حدثني إسماعيل بن حماد عن أبي خالد عن ابن عباس قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم".
قال أبو عيسى: وليس إسناده بذاك. وقد قال بهذا عدة من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وابن الزبير ومن بعدهم من التابعين، رأوا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. وبه يقول الشافعي وإسماعيل بن حماد وهو ابن أبي سليمان وأبو خالد الوالبي واسمه هرمز وهو كوفي.
182- باب في افتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين
246- حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين.
قال الشافعي: إنما معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، معناه أنهم كانوا يبدؤون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة، وليس معناه أنهم كانوا لا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم.
وكان الشافعي يرى أن يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وأن يجهر بها إذا جهر بالقراءة.
183- باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب
247- حدثنا ابن أبي عمر وعلي بن حجر قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة وأنس وأبي قتادة وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث عبادة حديث حسن صحيح. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين وغيرهم، قالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب.
وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق.
184- باب ما جاء في التأمين
248- حدثنا بندار حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا: حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر قال:
- "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} وقال آمين، ومد بها صوته".
وفي الباب عن علي وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث وائل بن حجرحديث حسن وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين ولا يخفيها.
وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحق.
249- وروى شعبة هذا الحديث عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقال: آمين، وخفض بها صوته".
قال أبو عيسى: سمعت محمدا يقول: حديث سفيان أصح من حديث شعبة في هذا، وأخطأ شعبة في مواضع من هذا الحديث فقال عن حجر أبي العنبس وإنما هو حجر بن العنبس ويكنى أبا السكن. وزاد فيه عن علقمة بن وائل، وليس فيه عن علقمة.
وإنما هو حجر بن عنبس عن وائل بن حجر. وقال: وخفض بها صوته وإنما هو مد بها صوته.
قال أبو عيسى: وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث فقال: حديث سفيان في هذا أصح. قال روى العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان.
قال أبو عيسى: حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا عبد الله بن نمير عن العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث سفيان عن سلمة بن كهيل.
185- باب ما جاء في فضل التأمين
250- حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا زيد بن حباب قال: حدثني مالك بن أنس حدثنا الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
186- باب ما جاء في السكتتين
251- حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال:
- "سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر ذلك عمران بن حصين قال: حفظنا سكتـة، فكتبنا إلى أبي بن كعب بالمدينة، فكتب أبي أن "حفظ سمرة". قال سعيد: فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته. وإذا فرغ من القراءة، ثم قال بعد ذلك: وإذا قرأ {ولا الضالين} قال: وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث سمرة حديث حسن.
وهو قول غير واحد من أهل العلم، يستحبون للإمام أن يسكت بعد ما يفتتح الصلاة وبعد الفراغ من القراءة.
وبه يقول أحمد وإسحق وأصحابنا.
187- باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال في الصلاة
252- حدثنا قتيبة أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه".
قال: وفي الباب عن وائل بن حجر، وغطيف بن الحارث، وابن عباس، وابن مسعود، وسهل بن سهل.
قال أبو عيسى: حديث هلب حديث حسن.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. والتابعين ومن بعدهم، يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة. ورأى بعضهم أن يضعهما فوق السرة، ورأى بعضهم أن يضعهما تحت السرة.
وكل ذلك واسع عندهم.
واسم هلب: يزيد بن قنافة الطائي.
188- باب ما جاء في التكبير عند الركوع والسجود
153- حدثنا قتيبة: أخبرنا أبو الأحوص، عن أبي إسحق، عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة، والأسود عن عبد الله بن مسعود قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود، وأبو بكر وعمر".
وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وابن عمر وأبي مالك الأشعري وأبي موسى وعمران بن حصين ووائل بن حجر وابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مسعود حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وعليه عامة الفقهاء والعلماء.
254- حدثنا عبد الله بن منير، قال: سمعت علي بن الحسن، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن ابن جريح عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر وهو يهوي".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وهو قول أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، قالوا: يكبر الرجل وهو يهوي للركوع والسجود.
189- باب رفع اليدين عند الركوع
255- حدثنا قتيبة وابن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال:
- "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع". وزاد ابن أبي عمر في حديثه "وكان لا يرفع بين السجدتين".
256- قال أبو عيسى: حدثنا الفضل بن الصباح البغدادي، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا الزهري بهذا الإسناد نحو حديث ابن أبي عمر.
قال: وفي الباب عن عمر، وعلي، ووائل بن حجر، ومالك بن الحويرث، وأنس، وأبي هريرة، وأبي حميد، وأبي أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، وأبي قتادة، وأبي موسى الأشعري، وجابر، وعمير الليثي.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وبهذا يقول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأنس، وابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم. ومن التابعين: الحسن البصري، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، ونافع، وسالم بن عبد الله، وسعيد بن جبير، وغيرهم.
وبه يقول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحق.
وقال عبد الله بن المبارك: قد ثبت حديث من يرفع، وذكر حديث الزهري عن سالم عن أبيه، ولم يثبت حديث ابن مسعود "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع إلا في أول مرة" حدثنا بذلك أحمد بن عبدة الآملي، حدثنا وهب بن زمعة، عن سفيان بن عبد الملك، عن عبد الله بن المبارك.
حدثنا هناد حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود:
- "ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى، فلم يرفع يديه إلا في أول مرة".
قال: وفي الباب عن البراء بن عازب.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن.
وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وهو قول سفيان وأهل الكوفة.
190- باب ما جاء في وضع اليدين على الركبتين في الركوع
257- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا أبو حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال لنا عمر بن الخطاب
- "إن الركب سنت لكم فخذوا بالركب".
قال: وفي الباب عن سعد وأنس وأبي حميد وأبي أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة وأبي مسعود.
قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، لا اختلاف بينهم في ذلك، إلا ما روي عن ابن مسعود وبعض أصحابه: أنهم كانوا يطبقون.
والتطبيق منسوخ عند أهل العلم.
258- قال سعد بن أبي وقاص "كنا نفعل ذلك فنهينا عنه وأمرنا أن نضع الأكف على الركب".
حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن أبي يعفور عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بهذا.
191- باب ما جاء أنه يجافي يديه عن جنبيه في الركوع
259- حدثنا بندار حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا فليح بن سليمان حدثنا عباس بن سهل قال:
- "اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه".
قال: وفي الباب عن أنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي حميد حديث حسن صحيح. وهو الذي اختاره أهل العلم: أن يجافي الرجل يديه عن جنبيه في الركوع والسجود.
192- باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود
260- حدثنا علي بن حجر أنبأنا عيسى بن يونس عن ابن أبي ذئب عن إسحق بن يزيد الهزلي عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، فقد تم ركوعه، وذلك أدناه، وإذا سجد فقال في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، فقد تم سجوده، وذلك أدناه".
قال: وفي الباب عن حذيفة وعقبة بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود ليس إسناده بمتصل، عون بن عبد الله بن عتبة لم يلق ابن مسعود.
والعمل على هذا عند أهل العلم: يستحبون ألا ينقص الرجل في الركوع والسجود من ثلاث تسبيحات.
وروي عن ابن المبارك أنه قال: أستحب للإمام أن يسبح خمس تسبيحات لكي يدرك من خلفه ثلاث تسبيحات.
وهكذا قال إسحق بن إبراهيم.
261- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود قال: أنبأنا شعبة عن الأعمش قال: سمعت سعد بن عبيدة يحدث عن المستورد عن صلة بن زفر عن حذيفة:
- "أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى، وما أتى على آية رحمة إلا وقف وسأل، وما على آية عذاب إلا وقف وتعوذ".
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح.
262- وحدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة نحوه.
193- باب ما جاء في النهي عن القراءة في الركوع والسجود
263- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك وحدثنا قتيبة عن مالك عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي، والمعصفر وعن تختم الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع".
وفي الباب عن ابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث علي حديث حسن صحيح، وهو قول أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم. كرهوا القراءة في الركوع والسجود.
194- باب ما جاء في من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود
264- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة ابن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود الأنصاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها يعني: صلبه في الركوع والسجود".
قال: وفي الباب عن علي بن شيبان وأنس وأبي هريرة ورفاعة الزرقي.
قال أبو عيسى: حديث أبي مسعود حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم: يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود.
وقال الشافعي، وأحمد وإسحق: من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فصلاته فاسدة، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود".
وأبو معمر اسمه عبد الله بن سخبرة. وأبو مسعود الأنصاري البدري اسمه عقبة بن عمرو.
195- باب ما يقول الرجل إذا رفع رأسه من الركوع
265- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون حدثنا عمي عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد".
قال: وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وأبي جحيفة وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث علي حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.
وبه يقول الشافعي، قال: يقول هذا في المكتوبة والتطوع.
وقال بعض أهل الكوفة: يقول هذا في صلاة التطوع ولا يقوله في صلاة المكتوبة.
196- باب منه آخر
266- حدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" .
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن يقول الإمام "سمع الله لمن حمده". ويقول من خلف الإمام "ربنا ولك الحمد".
وبه يقول أحمد. قال ابن سيرين وغيره: يقول من خلف الإمام "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" مثل ما يقول الإمام. وبه يقول الشافعي وإسحق.
197- باب ما جاء في وضع اليدين قبل الركبتين في السجود
267- حدثنا سلمة بن شبيب وعبد الله بن منير وأحمد بن إبراهيم الدورقي والحسن بن علي والحلواني وغير واحد، قالوا: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال:
- "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه".
وزاد الحسن بن علي في حديثه: قال يزيد بن هارون: ولم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث.
قال: هذا حديث غريب حسن، لا نعرف أحدا رواه غير شريك. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه.
وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه.
وروى همام عن عاصم هذا مرسلا، ولم يذكر فيه وائل بن حجر.
198- باب آخر منه
268- حدثنا قتيبة حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل؟!".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه.
وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعبد الله بن سعيد المقبري ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره.
199- باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف
269- حدثنا بندار حدثنا أبو عامر حدثنا فليح بن سليمان قال: حدثني عباس بن سهل عن أبي حميد الساعدي:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته الأرض، نحى يديه عن جنبيه، ووضع كفيه حذو منكبيه".
قال: وفي الباب عن ابن عباس ووائل بن حجر وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث أبي حميد حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أهل العلم: أن يسجد الرجل على جبهته وأنفه. فإن سجد على جبهته دون أنفه: فقال قوم من أهل العلم: يجزئه، وقال غيرهم: لا يجزئه حتى يسجد على الجبهة والأنف.
200- باب ما جاء أين يضع الرجل وجهه إذا سجد
270- حدثنا قتيبة حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج عن أبي إسحق قال:
- "قلت للبراء بن عازب: أين كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع وجهه إذا سجد؟ فقال: بين كفيه".
وفي الباب عن وائل بن حجر وأبي حميد.
حديث البراء حديث حسن غريب.
هو الذي اختاره بعض أهل العلم: أن تكون يداه قريبا من أذنيه.
201- باب ما جاء في السجود على سبعة أعضاء
271- حدثنا قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه".
قال: وفي الباب عن ابن عباس وأبي هريرة وجابر وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث العباس حديث حسن صحيح. وعليه العمل عند أهل العلم.
272- حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال:
- "أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعره ولا ثيابه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
202- باب ما جاء في التجافي في السجود
273- حدثنا أبو كريب حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود بن قيس عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الخزاعي عن أبيه قال:
- "كنت مع أبي بالقاع من نمرة فمرت ركبة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي قال فكنت أنظر إلى عفرتي إبطيه إذا سجد وأرى بياضه".
قال: وفي الباب عن ابن عباس وابن بحينة وجابر وأحمر بن جزء وميمونة وأبي حميد وأبي أسيد وأبي مسعود، وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة والبراء بن عازب وعدي بن عميرة وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن أقرم حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث داود بن قيس ولا يعرف لعبد الله بن أقرم عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.
والعمل عليه عند أهل العلم.
وأحمر بن جزء هذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له حديث واحد. وعبد الله بن أرقم الزهري كاتب أبي بكر الصديق. وعبد الله بن أقرم الخزاعي إنما يعرف له هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
203- باب ما جاء في الاعتدال في السجود
274- حدثنا هناد أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا سجد أحدكم فليعتدل، ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب".
قال: وفي الباب عن عبد الرحمن بن شبل والبراء وأنس وأبي حميد وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث جابر حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أهل العلم: يختارون الاعتدال في السجود ويكرهون الافتراش كافتراش السبع.
275- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة عن قتادة. قال: سمعت أنسا يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "اعتدلوا في السجود ولا يبسطن أحدكم ذراعيه في الصلاة بسط الكلب".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
204- باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود
276- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا المعلى بن أسيد أخبرنا وهيب عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين ونصب القدمين".
قال عبد الله: وقال المعلى: أخبرنا حماد بن مسعدة عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين" فذكر نحوه، ولم يذكر فيه "عن أبيه".
قال أبو عيسى: وروى يحيى بن سعد القطان وغير واحد عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين ونصب القدمين" : مرسل.
وهذا أصح من حديث وهيب.
وهو الذي أجمع عليه أهل العلم واختاروه.
205- باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من السجود والركوع
278- حدثنا أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال:
- "كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود قريبا من السواء".
قال: وفي الباب عن أنس.
279- حدثنا محمد بن بشار أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن الحكم نحوه.
قال أبو عيسى: حديث البراء حديث حسن صحيح.
206- باب ما جاء في كراهية أن يبادر الإمام في الركوع والسجود
280- حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن عبد الله عن يزيد قال: حدثنا البراء - وهو غير كذوب - قال:
- "كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه من الركوع لم يحن رجل منا ظهره حتى يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسجد".
قال: وفي الباب عن أنس ومعاوية وابن مسعدة صاحب الجيوش وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث البراء حديث حسن صحيح.
وبه يقول أهل العلم: إن من خلف الإمام إنما يتبعون الإمام فيما يصنع ولا يركعون إلا بعد ركوعه، ولا يرفعون إلا بعد رفعه. ولا نعلم بينهم في ذلك اختلافا.
207- باب ما جاء في كراهية الإقعاء بين السجدتين
281- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل بن أبي إسحق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "يا علي، أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقع بين السجدتين".
قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه من حديث علي، إلا من حديث أبي إسحق عن الحارث عن علي.
وقد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور.
والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم: يكرهون الإقعاء.
وفي الباب عن عائشة وأنس وأبي هريرة.
208- باب في الرخصة في الإقعاء
282- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريح قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسا يقول:
- "قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ قال: هي السنة، فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل؟ قال هي سنة نبيكم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرون بالإقعاء بأسا.
وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم. وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين.
209- باب ما يقول بين السجدتين
283- حدثنا سلمة بن شبيب أخبرنا زيد بن حباب عن كامل أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني".
284- حدثنا الحسن بن علي الخلال أخبرنا يزيد بن هارون عن زيد بن حباب عن كامل أبي العلاء: نحوه.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب. وهكذا روي عن علي.
وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحق: يرون هذا جائزا في المكتوبة والتطوع. وروى بعضهم هذا الحديث عن كامل أبي العلاء مرسلا.
210- باب ما جاء في الاعتماد على السجود
285 حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن عجلان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
- "اشتكى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم إذا تفرجوا فقال: استعينوا بالركب".
قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، من حديث الليث عن ابن عجلان. وقد روى هذا الحديث سفيان بن عيينة وغير واحد عن سمي عن النعمان بن أبي عياش عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. وكأن رواية هؤلاء أصح من رواية الليث.
211- باب كيف النهوض من السجود
286- حدثنا علي بن حجر أخبرنا هشيم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الليثي:
- "أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فكان إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالسا".
قال أبو عيسى: حديث مالك بن الحويرث حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند بعض أهل العلم. وبه يقول أصحابنا.
212- باب منه أيضا
287- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا أبو معاوية، أخبرنا خالد بن إياس.
ويقال خالد بن إلياس، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهض في الصلاة على صدور قدميه".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة عليه العمل عند أهل العلم: يختارون أن ينهض الرجل في الصلاة على صدور قدميه.
وخالد بن إياس ضعيف عند أهل الحديث. ويقال خالد بن إلياس. وصالح مولى التوأمة هو صالح بن أبي صالح. وأبو صالح اسمه نبهان مدني.
213- باب ما جاء في التشهد
288- حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي أخبرنا عبيد الله الأشجعي عن سفيان الثوري عن أبي إسحق عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال:
- "علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعدنا في الركعتين أن نقول: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
قال: وفي الباب عن ابن عمر وجابر وأبي موسى وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود قد روي عنه من غير وجه. وهو أصح من حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق.
214- باب منه أيضا
289- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله".
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب.
وقد روى عبد الرحمن بن حميد الرواسي هذا الحديث عن أبي الزبير نحو حديث الليث بن سعد.
وروى أيمن بن نابل المكي هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر، وهو غير محفوظ.
وذهب الشافعي إلى حديث ابن عباس في التشهد.
215- باب ما جاء أنه يخفي التشهد
290- حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود قال:
- "من السنة أن يخفي التشهد".
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن غريب. والعمل عليه عند أهل العلم.
216- باب كيف الجلوس في التشهد
291- حدثنا أبو كريب أخبرنا عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال:
- "قدمت المدينة، قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلس - يعني - للتشهد افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى - يعني - على فخذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأهل الكوفة.
217- باب منه أيضا
292- حدثنا بندار أخبرنا أبو عامر العقدي أخبرنا فليح بن سليمان المدني أخبرنا عباس بن سهل الساعدي قال:
- "اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس - يعني للتشهد - فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بإصبعه، يعني السبابة".
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح.
وبه يقول بعض أهل العلم.
وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق، قالوا: يقعد في التشهد الآخر على وركه واحتجوا بحديث أبي حميد وقالوا: يقعد في التشهد الأول على رجله اليسرى وينصب اليمنى.
218- باب ما جاء في الإشارة
293- حدثنا محمود بن غيلان ويحيى بن موسى قالا أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته ورفع أصبعه التي تلي الإبهام يدعو بها، ويده اليسرى على ركبته باسطها عليه".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن الزبير ونمير الخزاعي وأبي هريرة وأبي حميد ووائل بن حجر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث عبيد الله بن عمر إلا من هذا الوجه.
والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: يختارون الإشارة في التشهد. وهو قول أصحابنا.
219- باب ما جاء في التسليم في الصلاة
294- حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابر بن سمرة والبراء وعمار ووائل بن حجر وعدي بن عميرة وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق.
220- باب منه أيضا
295- حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، ثم يميل إلى الشق الأيمن شيئا".
وفي الباب عن سهل بن سعد.
قال أبو عيسى: وحديث عائشة لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.
قال محمد بن إسماعيل: زهير بن محمد أهل الشأم يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق أشبه.
قال محمد: وقال أحمد بن حنبل: كأن زهير بن محمد الذي كان وقع عندهم ليس هو هذا الذي يروى عنه بالعراق، كأنه رجل آخر، قلبوا اسمه: وقد قال بعض أهل العلم في التسليم في الصلاة: وأصح الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليمتان. وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم.
ورأى قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة.
قال الشافعي: إن شاء سلم تسليمة واحدة، وإن شاء سلم تسليمتين.
221- باب ما جاء أن حذف السلام سنة
296- حدثنا علي بن حجر حدثنا عبد الله بن المبارك والهقل بن زياد عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "حذف السلام سنة".
قال علي بن حجر: وقال ابن المبارك: يعني أن لا تمده مدا.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وهو الذي يستحبه أهل العلم.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: التكبير جزم، والسلام جزم. وهقل يقال كان كاتب الأوزاعي.
222- باب ما يقول إذا سلم
297- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام".
298- حدثنا هناد حدثنا مروان بن معاوية وأبو معاوية عن عاصم الأحول بهذا الإسناد نحوه، وقال: "تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
قال: وفي الباب عن ثوبان وابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بعد التسليم:
- "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وروي أنه كان يقول:
- "سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين".
299- حدثنا أحمد بن محمد بن موسى قال: أخبرني ابن المبارك حدثنا الأوزاعي أخبرنا شداد أبو عمار قال حدثني أبو أسماء الرحبي قال حدثني ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر ثلاث مرات ثم قال: أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
قال: هذا حديث صحيح. وأبو عمار اسمه شداد بن عبد الله.
223- باب ما جاء في الانصراف عن يمينه وعن يساره
300- حدثنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن قبيصة ابن هلب عن أبيه قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فينصرف على جانبيه جميعا على يمينه وعلى شماله".
وفي الباب: عن عبد الله بن مسعود وأنس وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث هلب حديث حسن.
والعمل عليه عند أهل العلم: أنه ينصرف على أي جانبيه شاء، إن شاء عن يمينه، وإن شاء عن يساره.
وقد صح الأمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويروى عن علي بن أبي طالب أنه قال: إن كانت حاجته عن يمينه أخذ عن يمينه، وإن كانت حاجته عن يساره أخذ عن يساره.
224- باب ما جاء في وصف الصلاة
301- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي عن ابن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن جده عن رفاعة بن رافع
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد يوما قال رفاعة: ونحن معه. إذ جاءه رجل كالبدوي، فصلى، فأخف صلاته، ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى، ثم جاء فسلم عليه، فقال: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل، فعاف الناس وكبر عليهم أن يكون من أخف صلاته لم يصل، فقال الرجل في آخر ذلك فأرني وعلمني، فإنما أنا بشر أصيب وأخطيء، فقال: أجل، إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله به، ثم تشهد فأقم أيضا، فإن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله، ثم اركع فاطمئن راكعا، ثم اعتدل قائما، ثم اسجد فاعتدل ساجدا، ثم اجلس فاطمئن جالسا، ثم قم، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك، قال: وكان هذا أهون عليهم من الأولى أنه من انتقص من ذلك شيئا انتقص من صلاته، ولم تذهب كلها".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعمار بن ياسر.
قال أبو عيسى: حديث رفاعة بن رافع حديث حسن.
وقد روي عن رفاعة هذا الحديث من غير وجه.
302- حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا عبيد الله بن عمر قال: أخبرني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة.
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه السلام، فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فرد عليه، فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقال له الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا، فعلمني، فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وروى ابن نمير هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، ولم يذكر فيه "عن أبيه" عن أبي هريرة.
ورواية يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر أصح.
وسعيد المقبري قد سمع من أبي هريرة، وروى عن أبيه عن أبي هريرة.
وأبو سعيد المقبري اسمه كيسان. وسعيد المقبري يكنى أبا سعد.
303- حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: أخبرنا يحيى بن سعيد القطان أخبرنا عبد الحميد بن جعفر أخبرنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعي يقول: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ما كنت أقدمنا له صحبة ولا أكثرنا له إتيانا، قال: بلى، قالوا: فاعرض، فقال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر، وركع، ثم اعتدل، فلم يصوب رأسه ولم يقنع، ووضع يديه على ركبتيه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ورفع يديه واعتدل، حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا، ثم هوى إلى الأرض ساجدا، ثم قال: الله أكبر، ثم جافى عضديه عن إبطيه، وفتح أصابع رجليه، ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا ثم هوى ساجدا، ثم قال: الله أكبر، ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه، ثم نهض، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك، حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة، ثم صنع كذلك حتى كانت الركعة التي تنقضي فيها صلاته أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركا، ثم سلم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
قال: ومعنى قوله: "إذا قام من السجدتين رفع يديه" يعني إذا قام من الركعتين.
304- حدثنا محمد بن بشار والحسن بن علي الحلواني وغير واحد قالوا: أخبرنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر أخبرنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو قتادة بن ربعي، فذكر نحو حديث يحيى بن سعيد بمعناه وزاد فيه [أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر هذا الحرف]: قالوا: "صدقت هكذا صلى النبي صلى الله عليه وسلم".
225- باب ما جاء في القراءة في الصبح
305- حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن مسعر وسفيان عن زياد بن علاقة عن عمه قطبة بن مالك قال:
- "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر {والنخل باسقات} في الركعة الأولى".
قال: وفي الباب عن عمرو بن حريث وجابر بن سمرة وعبد الله بن السائب وأبي برزة وأم سلمة.
قال أبو عيسى: حديث قطبة بن مالك حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الصبح بالواقعة.
وروي عنه أنه كان يقرأ في الفجر من ستين آية إلى مائة.
وروي عنه أنه قرأ {إذا الشمس كورت}.
وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الصبح بطوال المفصل.
قال أبو عيسى: وعلى هذا العمل عند أهل العلم.
وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي.
226- باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر
306- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء ذات البروج، والسماء والطارق وشبههما".
قال: وفي الباب عن خباب وأبي سعيد وأبي قتادة وزيد بن ثابت والبراء.
قال أبو عيسى: حديث جابر بن سمرة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه قرأ في الظهر قدر تنزيل السجدة".
وروي عنه: "أنه كان يقرأ في الركعة الأولى من الظهر قدر ثلاثين آية، وفي الركعة الثانية قدر خمسة عشر آية".
وروي عن عمر: أنه كتب إلى أبي موسى: أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل.
ورأى بعض أهل العلم: أن قراءة صلاة العصر كنحو القراءة في صلاة المغرب: يقرأ بقصار المفصل.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: تعدل صلاة العصر بصلاة المغرب في القراءة.
وقال إبراهيم: تضعف صلاة الظهر على صلاة العصر في القراءة أربع مرار.
227- باب في القراءة في المغرب
307- حدثنا هناد أخبرنا عبدة عن محمد بن إسحق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أمه أم الفضل قالت:
- "خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه في مرضه فصلى المغرب، فقرأ بالمرسلات، فما صلاها بعد حتى لقي الله عز وجل".
وفي الباب عن جبير بن مطعم وابن عمر وأبي أيوب وزيد بن ثابت.
قال: حديث أم الفضل حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين كلتيهما.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالطور.
وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل.
وروي عن أبي بكر أنه قرأ في المغرب بقصار المفصل.
قال: وعلى هذا العمل عند أهل العلم.
وبه يقول ابن المبارك وأحمد وإسحق.
وقال الشافعي: وذكر عن مالك أنه يكره أن يقرأ في صلاة المغرب بالسور الطوال، نحو الطور والمرسلات.
قال الشافعي: لا أكره ذلك بل أستحب أن يقرأ بهذه السور في صلاة المغرب.
228- باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء
308- حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي أخبرنا زيد بن الحباب أخبرنا ابن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الآخرة بالشمس وضحاها ونحوها من السور".
وفي الباب عن البراء بن عازب.
قال أبو عيسى: حديث بريدة حديث حسن.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه قرأ في العشاء الآخرة بسورة والتين والزيتون".
وروي عن عثمان بن عفان: أنه كان يقرأ في العشاء بسور من أوساط المفصل نحو سورة المنافقين وأشباهها.
وروي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: أنهم قرؤوا بأكثر من هذا وأقل: كأن الأمر عندهم واسع في هذا - وأحسن شيء في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالشمس وضحاها، والتين والزيتون.
309- حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء الآخرة بالتين والزيتون".
وهذا حديث حسن صحيح.
229- باب ما جاء في القراءة خلف الإمام
310- حدثنا هناد أخبرنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم؟ قال: قلنا: يا رسول الله إي والله، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة وأنس وأبي قتادة وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث عبادة حديث حسن.
وروى هذا الحديث الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
وهذا أصح.
والعمل على هذا الحديث في القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين.
وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق: يرون القراءة خلف الإمام.
230- باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة
311- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: إني أقول مالي أنازع القرآن؟! قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وفي الباب: عن ابن مسعود وعمران ابن حصين وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
وابن أكيمة الليثي اسمه عمارة، ويقال عمرو بن أكيمة.
وروى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث وذكروا هذا الحرف: "قال: قال الزهري: فانتهى الناس عن القراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وليس في هذا الحديث ما يدخل على من رأى القراءة خلف الإمام لأن أبا هريرة هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام".
فقال له حامل الحديث: إني أكون أحيانا وراء الإمام؟ قال: اقرأ بها في نفسك.
وروى أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة قال: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنادي أن لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب".
واختار أصحاب الحديث أن لا يقرأ الرجل إذا جهر الإمام بالقراءة، وقالوا: يتبع سكتات الإمام.
وقد اختلف أهل العلم في القراءة خلف الإمام فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم القراءة خلف الإمام.
وبه يقول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق.
وروي عن عبد الله أنه قال: أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرؤون، إلا قوم من الكوفيين. وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة.
وشدد قوم من أهل العلم في ترك قراءة فاتحة الكتاب، وإن كان خلف الإمام، فقالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وحده كان أو خلف الإمام. وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقرأ عبادة بن الصامت بعد النبي صلى الله عليه وسلم خلف الإمام، وتأول قول النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".
وبه يقول الشافعي وإسحق وغيرهما.
وأما أحمد بن حنبل فقال: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": إذا كان وحده. واحتج بحديث جابر بن عبد الله حيث قال: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل، إلا أن يكون وراء الإمام. قال أحمد: فهذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأول قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": أن هذا إذا كان وحده. واختار أحمد من هذا القراءة خلف الإمام، وأن لا يترك الرجل فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام.
312- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا أن يكون وراء الإمام.
هذا حديث حسن صحيح.
231- باب ما جاء ما يقول عند دخوله المسجد
313- حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن ليث عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد وسلم، وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك".
314- وقال علي بن حجر: قال إسماعيل بن إبراهيم: فلقيت عبد الله بن الحسن بمكة فسألته عن هذا الحديث فحدثني به. قال: "كان إذا دخل قال: رب افتح باب رحمتك، وإذا خرج قال: رب افتح لي باب فضلك".
وفي الباب عن أبي حميد وأبي أسيد وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده بمتصل وفاطمة ابنة الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى، إنما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهرا.
232- باب ما جاء إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين
315- حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا مالك بن أنس عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس".
قال: وفي الباب عن جابر وأبي أمامة وأبي هريرة وأبي ذر وكعب بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث محمد بن عجلان وغير واحد عن عامر بن عبد الله بن الزبير نحو رواية مالك بن أنس.
وروى سهيل بن أبي صالح هذا الحديث عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا حديث غير محفوظ، والصحيح حديث أبي قتادة.
والعمل على هذا الحديث عند أصحابنا: استحبوا إذا دخل الرجل المسجد أن لا يجلس حتى يصلي الركعتين، إلا أن يكون له عذر.
قال علي بن المديني: وحديث سهيل بن أبي صالح خطأ، أخبرني بذلك إسحق بن إبراهيم بن المديني.
233- باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام
316- حدثنا ابن أبي عمر وأبو عمار الحسين بن حريث قالا: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو ويحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام".
وفي الباب عن علي وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وجابر وابن عباس وحذيفة وأنس وأبي أمامة وأبي ذر، قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا".
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد قد روي عن عبد العزيز بن محمد روايتين:
منهم من ذكر عن أبي سعيد، ومنهم من لم يذكره.
وهذا حديث فيه اضطراب.
روى سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: مرسلا.
ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه محمد بن إسحق عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال. وكان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يذكر فيه عن أبي سعيد.
وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه. عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت وأصح.
234- باب ما جاء في فضل بنيان المسجد
317- حدثنا بندار أخبرنا أبو بكر الحنفي أخبرنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة".
وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعلي وعبد الله بن عمرو وأنس وابن عباس وعائشة وأم حبيبة وأبي ذر وعمرو بن عبسة وواثلة بن الأسقع وأبي هريرة وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: حديث عثمان حديث حسن صحيح.
318- وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من بنى لله مسجدا صغيرا كان أو كبيرا بنى الله له بيتا في الجنة". حدثنا بذلك قتيبة بن سعيد أخبرنا نوح بن قيس عن عبد الرحمن مولى قيس عن زياد النميري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
ومحمود بن لبيد قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
ومحمود بن الربيع قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهما غلامان صغيران مدنيان.
235- باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا
319- حدثنا قتيبة أخبرنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
- "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
236- باب ما جاء في النوم في المسجد
320- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال:
- "كنا ننام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ونحن شباب".
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وقد رخص قوم من أهل العلم في النوم في المسجد.
قال ابن عباس: لا يتخذه مبيتا ومقيلا.
وذهب قوم من أهل العلم إلى قول ابن عباس.
237- باب ما جاء في كراهية البيع والشراء وإنشاد الضالة والشعر في المسجد
321- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلق الناس فيه يوم الجمعة قبل الصلاة".
وفي الباب عن بريدة وجابر وأنس.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص حديث حسن.
وعمرو بن شعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قال محمد بن إسماعيل: رأيت أحمد وإسحق، وذكر غيرهما، يحتجون بحديث عمرو بن شعيب.
قال محمد: وقد سمع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب إنما ضعفه لأنه يحدث عن صحيفة جده، كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث من جده.
قال علي بن عبد الله: وذكر عن يحيى بن سعيد أنه قال: حديث عمرو بن شعيب عندنا واه.
وقد كره قوم من أهل العلم البيع والشراء في المسجد.
وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقد روي عن بعض أهل العلم من التابعين رخصة في البيع والشراء في المسجد.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث رخصة في إنشاد الشعر في المسجد.
238- باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى
322- حدثنا قتيبة أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال:
- "امترى رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى فقال الخدري: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر هو مسجد قبا، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال: هو هذا يعني مسجده، وفي ذلك خير كثير".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
حدثنا أبو بكر عن علي بن عبد الله قال: سألت يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، فقال: لم يكن به بأس، وأخوه أنيس بن أبي يحيى أثبت منه.
239- باب ما جاء في الصلاة في مسجد قبا
323- حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب وسفيان بن وكيع قالا: أخبرنا أبو أسامة عن عبد الحميد بن جعفر أخبرنا أبو الأبرد مولى بني خطمة أنه سمع أسيد بن ظهير الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الصلاة في مسجد قبا كعمرة".
وفي الباب عن سهل بن حنيف.
قال: حديث أسيد حديث حسن غريب.
ولا نعرف لأسيد بن ظهير شيئا يصح غير هذا الحديث، ولا نعرفه إلا من حديث أبي أسامة عن عبد الحميد بن جعفر. وأبو الأبرد اسمه "زياد" مديني.
240- باب ما جاء في أي المساجد أفضل
324- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك [ح] وحدثنا قتيبة عن مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام".
قال أبو عيسى: ولم يذكر قتيبة في حديثه عن عبيد الله وإنما ذكر عن زيد بن رباح عن أبي عبد الله الأغر.
قال: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو عبد الله الأغر اسمه "سلمان".
وقد روي عن أبي هريرة من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الباب عن علي وميمونة وأبي سعيد وجبير بن مطعم وعبد الله بن الزبير وابن عمر وابن ذر.
325- حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد الأقصى".
قال: هذا حديث حسن صحيح.
241- باب ما جاء في المشي إلى المسجد
326- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
وفي الباب عن أبي قتادة وأبي بن كعب وأبي سعيد وزيد بن ثابت وجابر وأنس.
قال أبو عيسى: اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت تكبيرة الأولى، حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة، ومنهم من كره الإسراع، واختار أن يمشي على تؤدة ووقار.
وبه يقول أحمد واسحق، وقالا: العمل على حديث أبي هريرة.
وقال إسحق: إن خاف فوت تكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي.
327- حدثنا الحسن بن علي الخلال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث أبي سلمة عن أبي هريرة بمعناه. هكذا قال عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وهذا أصح من حديث يزيد بن زريع.
328- حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
242- باب ما جاء في القعود في المسجد وانتظار الصلاة من الفضل
329- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها، ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث. فقال رجل من حضرموت: وما الحدث يا أبا هريرة؟ فقال: فساء أو ضراط".
وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأنس وعبد الله بن مسعود وسهل بن سعد.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
243- باب ما جاء في الصلاة على الخمرة
330- حدثنا قتيبة أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة".
وفي الباب عن أم حبيبة وابن عمر وأم سلمة، وعائشة، وميمونة وأم كلثوم بنت أبي سلمة بن عبد الأسد. ولم تسمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وبه يقول بعض أهل العلم.
وقال أحمد وإسحق: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على الخمرة.
قال أبو عيسى: والخمرة هو حصير صغير.
244- باب ما جاء في الصلاة على الحصير
331- حدثنا نصر بن علي أخبرنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أبي سعيد:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حصير".
وفي الباب عن أنس والمغيرة بن شعبة.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، إلا أن قوما من أهل العلم اختاروا الصلاة على الأرض استحبابا.
245- باب ما جاء في الصلاة على البسط
332- حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن شعبة عن أبي التياح الضبعي قال: سمعت أنس بن مالك يقول:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطنا حتى كان يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير ما فعل النغير؟ قال: ونضح بساط لنا فصلى عليه".
وفي الباب عن ابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم. ولم يروا بالصلاة على البساط والطنفسة بأسا.
وبه يقول أحمد وإسحق.
واسم أبي التياح: يزيد بن حميد.
246- باب ما جاء في الصلاة في الحيطان
333- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أخبرنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب الصلاة في الحيطان".
قال أبو داود: يعني البساتين.
قال أبو عيسى: حديث معاذ حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن أبي جعفر. والحسن بن أبي جعفر قد ضعفه يحيى بن سعيد وغيره. وأبو الزبير اسمه محمد بن مسلم بن تدرس. وأبو الطفيل اسمه "عامر بن وائلة".
247- باب ما جاء في سترة المصلي
334- حدثنا قتيبة وهناد قالا: أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر من وراء ذلك".
وفي الباب عن أبي هريرة وسهل بن أبي حثمة وابن عمر وسبرة بن معبد وأبي جحيفة وعائشة.
وقال أبو عيسى: حديث طلحة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. وقالوا: سترة الإمام سترة لمن خلفه.
248- باب ما جاء في كراهية المرور بين يدي المصلي
335- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك بن أنس عن أبي النضر عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسل إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي؟ فقال أبو جهيم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه".
قال أبو النضر: لا أدري قال أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين سنة.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عمر وعبد الله بن عمرو. قال أبو عيسى: حديث أبي جهيم حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "لأن يقف أحدكم مائة عام خير له من أن يمر بين يدي أخيه وهو يصلي".
والعمل عليه عند أهل العلم: كرهوا المرور بين يدي المصلي، ولم يروا أن ذلك يقطع صلاة الرجل.
249- باب ما جاء لا يقطع الصلاة شيء
336- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال:
- "كنت رديف الفضل على أتان فجئنا والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه بمنى، قال: فنزلنا عنها، فوصلنا الصف فمرت بين أيديهم فلم تقطع صلاتهم".
وفي الباب عن عائشة والفضل بن عباس وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين. قالوا: لا يقطع الصلاة شيء.
وبه يقول سفيان والشافعي.
250- باب ما جاء أنه لا يقطع الصلاة إلا الكلب والحمار والمرأة
337- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا هشيم أخبرنا يونس ومنصور بن زاذان عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال: سمعت أبا ذر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا صلى الرجل وليس بين يديه كآخرة الرحل أو كواسطة الرحل قطع صلاته الكلب الأسود والمرأة والحمار".
فقلت لأبي ذر: ما بال الأسود من الأحمر ومن الأبيض؟ فقال: يا ابن أخي سألتني كما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الكلب الأسود شيطان.
وفي الباب عن أبي سعيد والحكم الغفاري وأبي هريرة وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن صحيح.
وقد ذهب بعض أهل العلم إليه قالوا: يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود. قال أحمد: الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصلاة، وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء.
قال إسحق: لا يقطعها شيء إلا الكلب الأسود.
251- باب ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد
338- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن هشام هو ابن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيت أم سلمة مشتملا في ثوب واحد.
وفي الباب عن أبي هريرة وجابر وسلمة بن الأكوع وأنس وعمرو بن أبي أسيد وأبي سعيد وكيسان وابن عباس وعائشة وأم هانئ وعمار بن ياسر وطلق بن علي وعبادة بن الصامت الأنصاري.
قال أبو عيسى: حديث عمر بن أبي سلمة حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم. قالوا: لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد.
وقد قال بعض أهل العلم: يصلي الرجل في ثوبين.
252- باب ما جاء في الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام
339- حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء بن عازب قال:
- "لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة، فأنزل الله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام} فوجه إلى الكعبة، وكان يحب ذلك. فصلى رجل معه العصر ثم مر على قوم من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد وجه إلى الكعبة".
قال: فانحرفوا وهم ركوع.
وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وعمارة بن أوس وعمرو بن عوف المزني وأنس.
قال أبو عيسى: حديث البراء حديث حسن صحيح.
وقد روى سفيان الثوري عن أبي إسحق.
340- حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: كانوا ركوعا في صلاة الصبح.
253- باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة
341- حدثنا محمد بن أبي معشر أخبرنا أبي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "ما بين المشرق والمغرب قبلة".
342- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا محمد بن أبي معشر: مثله.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة قد روي عنه من غير وجه.
وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر من قبل حفظه، واسمه نجيح مولى بني هاشم قال محمد: لا أروي عنه شيئا. وقد روى عنه الناس قال محمد: وحديث عبد الله بن جعفر المخرمي عن عثمان بن محمد الأخنسي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" وإنما قيل عبد الله بن جعفر المخرمي لأنه من ولد المسور بن مخرمة.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس.
وقال ابن عمر: إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة إذا استقبلت القبلة.
وقال ابن المبارك: ما بين المشرق والمغرب قبلة.
هذا لأهل المشرق.
واختار عبد الله بن المبارك التياسر لأهل مرو.
254- باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم
343- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا وكيع أخبرنا أشعث بن سعيد السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال:
- "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل {فأينما تولوا فثم وجه الله}".
قال أبو عيسى: هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان، وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان يضعف في الحديث.
وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا. قالوا: إذا صلى في الغيم لغير القبلة، ثم استبان له بعد ما صلى أنه صلى لغير القبلة فإن صلاته جائزة.
وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق.
255- باب ما جاء في كراهية ما يصلي إليه وفيه
344- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا المقري قال أخبرنا يحيى بن أيوب عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن: في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام ومعاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله.
345- حدثنا علي بن حجر أخبرنا سويد بن عبد العزيز عن زيد بن جبيرة عن داود بن حصين عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه ونحوه.
وفي الباب عن أبي مرثد وجابر وأنس.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر إسناده ليس بذاك القوي.
وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه.
وقد روى الليث بن سعد هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومثله.
وحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أشبه وأصح من حديث الليث بن سعد. وعبد الله بن عمر العمري ضعفه بعض أهل الحديث من قبل حفظه، منهم يحيى بن سعيد القطان.
256- باب ما جاء في الصلاة في مرابض الغنم ومعاطن الإبل
346- حدثنا أبو كريب أخبرنا يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل".
347- حدثنا أبو كريب أخبرنا يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله أو بنحوه.
وفي الباب عن جابر بن سمرة والبراء وسبرة بن معبد الجهني وعبد الله بن مغفل وابن عمر وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند أصحابنا.
وبه يقول أحمد وإسحق.
وحديث أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث غريب.
رواه إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوفا ولم يرفعه.
واسم أبي حصين عثمان بن عاصم الأسدي.
342- حدثنا محمد بن بشار أخبرنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن أبي التياح الضبعي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم.
قال أبو عيسى: وهذا حديث صحيح.
وأبو التياح اسمه يزيد بن حميد.
257- باب ما جاء في الصلاة على الدابة حيث ما توجهت به
349- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا وكيع ويحيى بن آدم قالا: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال:
- "بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئته وهو يصلي على راحلته نحو المشرق والسجود أخفض من الركوع".
وفي الباب عن أنس وابن عمر وأبي سعيد وعامر بن ربيعة.
قال أبو عيسى: حديث جابر حديث حسن صحيح.
وروي من غير وجه عن جابر.
والعمل عليه عند عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافا. لا يرون بأسا أن يصلي الرجل على راحلته تطوعا حيثما كان وجهه إلى القبلة وغيرها.
258- باب ما جاء في الصلاة إلى الراحلة
350- حدثنا سفيان بن وكيع أخبرنا أبو خالد الأحمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بعيره أو راحلته وكان يصلي على راحلته حيثما توجهت به".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وهو قول بعض أهل العلم: لا يرون بالصلاة إلى البعير بأسا أن يستتر به.
259- باب ما جاء إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء
351- حدثنا قتيبة أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء".
وفي الباب عن عائشة وابن عمر وسلمة بن الأكوع وأم سلمة.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وابن عمر.
وبه يقول أحمد وإسحق، يقولان: يبدأ بالعشاء وإن فاتته الصلاة في الجماعة، سمعت الجارود يقول سمعت وكيعا يقول في هذا الحديث: يبدأ بالعشاء إذا كان الطعام يخاف فساده.
والذي ذهب إليه بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أشبه بالاتباع، وإنما أرادوا ألا يقوم الرجل إلى الصلاة وقلبه مشغول بسبب شيء.
وقد روي عن ابن عباس أنه قال: لا نقوم إلى الصلاة وفي أنفسنا شيء.
وروي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء".
قال: وتعشى ابن عمر وهو يسمع قراءة الإمام.
حدثنا بذلك هناد أخبرنا عبدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
260- باب ما جاء في الصلاة عند النعاس
352- حدثنا هارون بن إسحق الهمداني أخبرنا عبدة بن سليمان الكلابي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ينعس فلعله يذهب ليستغفر فيسب نفسه".
وفي الباب عن أنس وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
261- باب ما جاء من زار قوما فلا يصل بهم
353- حدثنا هناد ومحمود بن غيلان قالا: أخبرنا وكيع عن أبان بن يزيد العطار عن بديل بن ميسرة العقيلي عن أبي عطية، رجل منهم قال:
كان مالك بن الحويرث يأتينا في مصلانا يتحدث فحضرت الصلاة يوما فقلنا له تقدم فقال: ليتقدم بعضكم. حتى أحدثكم لم لا أتقدم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. قالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة من الزائر.
قال بعض أهل العلم: إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به.
وقال إسحق بحديث مالك بن الحويرث وشدد في أن لا يصلي أحد بصاحب المنزل وإن أذن له صاحب المنزل. قال: وكذلك في المسجد لا يصلي بهم في المسجد إذا زارهم يقول يصلي بهم رجل منهم.
262- باب ما جاء في كراهية أن يخص الإمام نفسه بالدعاء
354- حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: حدثني حبيب بن صالح عن يزيد بن شريح عن أبي حي المؤذن الحمصي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا يحل لإمرئ أن ينظر في جوف بيت إمرئ حتى يستأذن، فإن نظر فقد دخل، ولا يؤم قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم ولا يقوم إلى الصلاة وهو حقن".
وفي الباب عن أبي هريرة وأبي أمامة.
قال أبو عيسى: حديث ثوبان حديث حسن.
وقد روي هذا الحديث عن معاوية بن صالح عن السفر بن نسير.
عن يزيد بن شريح عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي هذا الحديث عن يزيد بن شريح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكأن حديث يزيد بن شريح عن أبي حي المؤذن عن ثوبان في هذا أجود إسنادا وأشهر.
263- باب ما جاء من أم قوما وهم له كارهون
355- حدثنا عبد الأعلى بن واصل الكوفي أخبرنا محمد بن قاسم الأسدي عن الفضل بن دلهم عن الحسن قال: سمعت أنس بن مالك قال:
- "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: رجل أم قوما وهم له كارهون، وإمرأة باتت وزوجها عليها ساخط، ورجل سمع حي على الفلاح ثم لم يجب".
وفي الباب عن ابن عباس وطلحة وعبد الله بن عمرو وأبي أمامة.
قال أبو عيسى: حديث أنس لا يصح لأنه قد روي هذا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
قال أبو عيسى: ومحمد بن القاسم تكلم فيه أحمد بن حنبل وضعفه وليس بالحافظ.
وقد كره قوم من أهل العلم أن يؤم الرجل قوما وهم له كارهون.
فإذا كان الإمام غير ظالم، فإنما الإثم على من كرهه.
وقال أحمد وإسحق في هذا: إذا كره واحد أو إثنان أو ثلاثة فلا بأس أن يصلي بهم حتى يكرهه أكثر القوم.
356- حدثنا هناد أخبرنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف عن زياد بن أبي الجعد عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال: "كان يقال أشد الناس عذابا إثنان: امرأة عصت زوجها وإمام قوم وهم له كارهون".
قال جرير: قال منصور فسألنا عن أمر الإمام. فقيل لنا: إنما عنى بهذا الأئمة الظلمة، فأما من أقام السنة فإنما الإثم على من كرهه.
357- حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا علي بن الحسن أخبرنا الحسين بن واقد قال أخبرنا أبو غالب قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وأبو غالب اسمه حزور.
264- باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدا فصلوا قعودا
358- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال:
- "خر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش فصلى بنا قاعدا فصلينا معه قعودا، ثم انصرف فقال إنما الإمام أو قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون".
وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وجابر وابن عمر ومعاوية.
قال أبو عيسى: حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم خر عن فرس فجحش، حديث حسن صحيح.
وقد ذهب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الحديث، منهم جابر بن عبد الله وأسيد بن حضير وأبو هريرة وغيرهم، وبهذا الحديث يقول أحمد وإسحق.
قال بعض أهل العلم: إذا صلى الإمام جالسا، لم يصل من خلفه إلا قياما، فإن صلوا قعودا لم يجزهم.
وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي.
264 م - باب منه
360- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا شبابة بن شعبة عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدا".
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح غريب.
قد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا صلى الإمام جالسا فصلوا جلوسا".
وروي عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه وأبو بكر يصلي بالناس فصلى إلى جنب أبي بكر، والناس يأتمون بأبي بكر وأبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم". وروي عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر قاعدا". وروي عن أنس بن مالك: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر وهو قاعد".
361- حدثنا بذلك عبد الله بن أبي زياد أخبرنا شبابة بن سوار أخبرنا محمد بن طلحة عن حميد عن ثابت عن أنس قال:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعدا في ثوب متوشحا به".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وهكذا رواه يحيى بن أيوب عن حميد عن أنس وقد رواه غير واحد عن حميد عن أنس ولم يذكروا فيه عن ثابت ومن ذكر فيه عن ثابت فهو أصح.
265- باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا
362- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا هشيم أخبرنا بن أبي ليلى عن الشعبي قال صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين فسبح به القوم وسبح بهم فلما قضى صلاته سلم ثم سجد سجدتي السهو وهو جالس ثم حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل بهم مثل الذي فعل.
وفي الباب عن عقبة بن عامر وسعد وعبد الله بن بحينة.
قال أبو عيسى: حديث المغيرة بن شعبة قد روي من غير وجه عن المغيرة بن شعبة، وقد تكلم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قبل حفظه قال أحمد: لا يحتج بحديث ابن أبي ليلى. وقال محمد بن إسماعيل: ابن أبي ليلى وهو صدوق ولا أروي عنه لأنه لا يدرى صحيح حديثه من سقيمه وكل من كان مثل هذا لا أروي عنه شيئا.
وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة وروى سفيان عن جابر عن المغيرة بن شبيل عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة. وجابر الجعفي قد ضعفه بعض أهل العلم، في تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهما. والعمل على هذا عند أهل العلم على أن الرجل إذا قام في الركعتين مضى في صلاته وسجد سجدتين منهم من رأى قبل التسليم ومنهم من رأى بعد التسليم ومن رأى قبل التسليم فحديثه أصح لما روى الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة.
363- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا يزيد بن هارون عن المسعودي عن زياد بن علاقة قال:
- "صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس، فسبح به من خلفه فأشار إليهم أن قوموا، فلما فرغ من صلاته سلم وسجد سجدتي السهو وسلم، وقال هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم" .
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
266- باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين
364- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود هو الطيالسي أخبرنا شعبة أخبرنا سعد بن إبراهيم قال سمعت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود يحدث عن أبيه قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف".
قال شعبة ثم حرك سعد شفتيه بشيء فأقول حتى يقوم فيقول حتى يقوم.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.
والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون أن لا يطيل الرجل القعود في الركعتين الأوليين ولا يزيد على التشهد شيئا في الركعتين الأوليين، وقالوا إن زاد على التشهد شيئا فعليه سجدتا السهو. هكذا روي عن الشعبي وغيره.
267- باب ما جاء في الإشارة في الصلاة
365- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث بن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن نابل صاحب العبا عن ابن عمر عن صهيب قال:
- "مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد إلي إشارة وقال لا أعلم إلا أنه قال إشارة بإصبعه".
وفي الباب عن بلال وأبي هريرة وأنس وعائشة.
366- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا وكيع أخبرنا هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: قلت لبلال كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وحديث صهيب حسن لا نعرفه إلا من حديث الليث عن بكير وقد روي عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: قلت لبلال كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حيث كانوا يسلمون عليه في مسجد بني عمرو بن عوف؟ قال: كان يرد إشارة وكلا الحديثين عندي صحيح. لأن قصة حديث صهيب غير قصة حديث بلال، وإن كان ابن عمر روى عنهما فاحتمل أن يكون سمع منهما جميعا.
268- باب ما جاء أن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء
367- حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء".
وفي الباب عن علي وسهل بن سعد وجابر وأبي سعيد وابن عمر قال علي: كنت إذا استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي سبح.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم، وبه يقول أحمد واسحق.
269- باب ما جاء في كراهية التثاؤب في الصلاة
368- حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال التثاؤب في الصلاة من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وجد عدي بن ثابت.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وقد كره قوم من أهل العلم التثاؤب في الصلاة.
قال إبراهيم: إني لأرد التثاؤب بالتنحنح.
270- باب ما جاء أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم
369- حدثنا علي بن حجر أخبرنا عيسى بن يونس أخبرنا الحسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين قال:
- "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: من صلى قائما فهو أفضل ومن صلاها قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلاها نائما فله نصف أجر القاعد".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وأنس والسائب.
قال أبو عيسى: حديث عمران بن حصين حديث حسن صحيح. وقد روي هذا الحديث عن إبراهيم بن طهمان بهذا الإسناد، إلا أنه يقول عن عمران بن حصين قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة المريض فقال: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب.
370- حدثنا بذلك هناد أخبرنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان عن حسين المعلم بهذا الإسناد.
قال أبو عيسى: لا نعلم أحدا روى عن حسين المعلم نحو رواية إبراهيم بن طهمان، وقد روى أبو أسامة وغير واحد عن حسين المعلم نحو رواية عيسى بن يونس ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم في صلاة التطوع.
حدثنا محمد بن بشار أخبرنا ابن أبي عدي عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال: إن شاء الرجل صلى صلاة التطوع قائما وجالسا ومضطجعا واختلف أهل العلم في صلاة المريض إذا لم يستطع أن يصلي جالسا فقال بعض أهل العلم: أن يصلي على جنبه الأيمن، وقال بعضهم يصلي مستلقيا على قفاه ورجلاه إلى القبلة، قال سفيان الثوري في هذا الحديث: من صلى جالسا فله نصف أجر القائم قال: هذا للصحيح ولمن ليس له عذر فأما من كان له عذر من مرض أو غيره وصلى جالسا فله مثل أجر القائم، وقد روي في بعض الحديث مثل قول سفيان الثوري.
271- باب في من يتطوع جالسا
371- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت:
- "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سبحته قاعدا حتى كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بعام، فإنه كان يصلي في سبحته قاعدا ويقرأ بالسورة يرتلها حتى تكون أطول من أطول منها".
وفي الباب عن أم سلمة وأنس بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث حفصة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "أنه كان يصلي من الليل جالسا فإذا بقي من قراءته قدر ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ ثم ركع ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك".
وروي عنه:
- "أنه كان يصلي قاعدا فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد".
قال أحمد وإسحق: والعمل على كلا الحديثين كأنهما رأيا كلا الحديثين صحيحا معمولا بهما.
372- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم ثم ركع وسجد ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
373- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا هشيم أخبرنا خالد وهو الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قال:
- "سألتها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه قالت: كان يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ وهو جالس ركع وسجد وهو جالس".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
272- باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني لأسمع بكاء الصبي في الصلاة فأخفف
374- حدثنا قتيبة أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري عن حميد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "والله إني لأسمع بكاء الصبي وأنا في الصلاة فأخفف مخافة أن تفتتن أمه".
وفي الباب عن أبي قتادة وأبي سعيد وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
273- باب ما جاء لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار
375- حدثنا هناد أخبرنا قبيصة عن حماد بن سلمة عن قتادة عن ابن سيرين عن صفية ابنة الحارث عن عائشة قالت:
- "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار" .
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن. والعمل عليه عند أهل العلم: أن المرأة إذا أدركت فصلت وشيء من شعرها مكشوف لا تجوز صلاتها. وهو قول الشافعي قال: لا تجوز صلاة المرأة وشيء من جسدها مكشوف. قال الشافعي: وقد قيل إن كان ظهر قدميها مكشوفا فصلاتها جائزة.
274- باب ما جاء في كراهية السدل في الصلاة
376- حدثنا هناد أخبرنا قبيصة عن حماد بن سلمة عن عسل بن سفيان عن عطاء عن أبي هريرة قال:
- "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السدل في الصلاة".
وفي الباب عن أبي جحيفة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة لا نعرفه من حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعا إلا من حديث عسل بن سفيان، وقد اختلف أهل العلم في السدل في الصلاة. فكره بعضهم السدل في الصلاة وقالوا هكذا تصنع اليهود وقال بعضهم: إنما كره السدل في الصلاة إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد، فأما إذا سدل على القميص فلا بأس وهو قول أحمد. وكره ابن المبارك السدل في الصلاة.
275- باب ما جاء في مسح الحصى في الصلاة
377- حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي أخبرنا سفيان ابن عيينة عن الزهري عن أبي الأحوص عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه".
378- حدثنا الحسين بن حريث أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن معيقيب قال:
- "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة فقال إن كنت لا بد فاعلا فمرة واحدة".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. وفي الباب عن علي بن أبي طالب وحذيفة وجابر بن عبد الله ومعيقيب.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره المسح في الصلاة وقال: "إن كنت لا بد فاعلا فمرة واحدة" كأنه روي عن رخصة في المرة الواحدة. والعمل على هذا عند أهل العلم.
276- باب ما جاء في كراهية النفخ في الصلاة
379- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا عباد بن العوام أخبرنا ميمون أبو حمزة عن أبي صالح مولى طلحة عن أم سلمة قالت:
- "رأى النبي صلى الله عليه وسلم غلاما لنا يقال له أفلح إذا سجد نفخ فقال يا أفلح ترب وجهك".
قال أحمد بن منيع كره عباد النفخ في الصلاة وقال: إن نفخ لم يقطع صلاته قال أحمد بن منيع: وبه نأخذ.
قال أبو عيسى: وروى بعضهم عن ابن حمزة هذا الحديث وقال مولى لنا يقال رباح.
380- حدثنا أحمد بن عبدة الضبي أخبرنا حماد بن زيد عن ميمون أبي حمزة بهذا الإسناد نحوه. وقال غلام لنا يقال له رباح.
قال أبو عيسى: حديث أم سلمة إسناده ليس بذاك وميمون أبو حمزة قد ضعفه بعض أهل العلم، واختلف أهل العلم في النفخ في الصلاة فقال بعضهم: إن نفخ في الصلاة استقبل الصلاة وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة. وقال بعضهم يكره النفخ [في] الصلاة وإن نفخ في صلاته لم تفسد صلاته وهو قول أحمد وإسحق.
277- باب ما جاء في النهي عن الاختصار في الصلاة
381- حدثنا أبو كريب أخبرنا أبو أسامة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل مختصرا".
وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد كره قوم من أهل العلم الاختصار في الصلاة. والاختصار هو أن يضع الرجل يده على خاصرته في الصلاة. وكره بعضهم أن يمشي الرجل مختصرا ويروى أن إبليس إذا مشى يمشي مختصرا.
278- باب ما جاء في كراهية كف الشعر في الصلاة
382- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا عبد الرزاق أنبأنا ابن حريج عن عمران بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي رافع أنه مر بالحسن بن علي وهو يصلي وقد عقص ضفرته في قفاه فحلها فالتفت إليه الحسن مغضبا فقال أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك كفل الشيطان.
وفي الباب عن أم سلمة وعبد الله بن عباس.
قال أبو عيسى: حديث أبي رافع حديث حسن. والعمل على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يصلي الرجل وهو معقوص شعره. وعمران بن موسى هو القرشي المكي وهو أخو أيوب بن موسى.
279- باب ما جاء في التخشع في الصلاة
383- حدثنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا ليث بن سعد أخبرنا عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع عن العميا عن ربيعة بن الحارث عن الفضل بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "الصلاة مثنى مثنى تشهد في كل ركعتين، وتخشع وتضرع وتمسكن وتقنع يديك. يقول ترفعهما إلى ربك مستقبلا ببطونهما وجهك وتقول يا رب يا رب ومن لم يفعل ذلك فهو كذا وكذا".
قال أبو عيسى: وقال غير ابن المبارك في هذا الحديث: من لم يفعل ذلك فهو خداج.
قال أبو عيسى: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه بن سعيد فأخطأ في مواضع فقال عن أبي أنس بن أنيس: وهو عمران بن أبي أنس. وقال عن عبد الله بن الحارث: وإنما هو عبد الله بن نافع بن العميا، عن ربيعة بن الحارث وقال شعبة عن عبد الله بن الحارث عن المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم: وإنما هو عن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن الفضل بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال محمد: حديث الليث بن سعد أصح من حديث شعبة.
280- باب ما جاء في كراهية التشبيك بين الأصابع في الصلاة
384- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث بن سعد عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن رجل عن كعب بن عجرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة".
قال أبو عيسى: حديث كعب بن عجرة رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث، وروى شريك عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث. وحديث شريك غير محفوظ.
281- باب ما جاء في طول القيام في الصلاة
385- حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال:
- "قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل؟ قال طول القنوت".
وفي الباب عن عبد الله بن حبشي وأنس بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث جابر حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن جابر بن عبد الله.
282- باب ما جاء في كثرة الركوع والسجود
386- حدثنا أبو عمار أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال: حدثني الوليد بن هشام المعيطي قال: حدثني معدان بن طلحة اليعمري قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: دلني على عمل ينفعني الله به ويدخلني الله الجنة؟ فسكت عني مليا ثم التفت إلي فقال: عليك بالسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة".
قال معدان فلقيت أبا الدرداء فسألت عنه ثوبان فقال: عليك بالسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة".
وفي الباب عن أبي هريرة وأبي فاطمة.
قال أبو عيسى: حديث ثوبان وأبي الدرداء في كثرة الركوع والسجود حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم: طول القيام في الصلاة أفضل من كثرة الركوع والسجود. وقال بعضهم: كثرة الركوع والسجود أفضل من طول القيام.
وقال أحمد بن حنبل: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديثان، ولم يقض فيه بشيء.
وقال إسحق: أما بالنهار فكثرة الركوع والسجود، وأما بالليل فطول القيام، وإلا أن يكون رجل له جزء بالليل يأتي عليه، فكثرة الركوع والسجود في هذا أحب إلي لأنه يأتي على جزئه وقد ربح كثرة الركوع والسجود.
وقال أبو عيسى: وإنما قال إسحق هذا لأنه كذا وصفت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، ووصف طول القيام. وأما بالنهار فلم توصف من صلاته من طول القيام ما وصف بالليل.
283- باب ما جاء في قتل الأسودين في الصلاة
388- حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن علية عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن ضمضم بن جوس عن أبي هريرة قال:
- "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة، الحية والعقرب".
وفي الباب عن ابن عباس وأبي رافع.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. وبه يقول أحمد وإسحق. وكره بعض أهل العلم قتل الحية والعقرب في الصلاة. قال إبراهيم: إن في الصلاة لشغلا. والقول الأول أصح.
284- باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام
389- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة الأسدي حليف بني عبد المطلب: أن النبي صلى الله عليه وسلم
- "قام في صلاة الظهر وعليه جلوس فلما أتم صلاته سجد سجدتين يكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس".
وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف.
حدثنا محمد بن بشار أخبرنا عبد الأعلى وأبو داود قالا: أخبرنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم: أن أبا هريرة والسائب القاري كانا يسجدان سجدتي السهو قبل التسليم.
قال أبو عيسى: حديث ابن بحينة حديث حسن والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وهو قول الشافعي يرى سجود السهو كله قبل التسليم ويقول: هذا الناسخ لغيره من الأحاديث، ويذكر أن آخر فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان على هذا.
وقال أحمد وإسحق: إذا قام الرجل في الركعتين فإنه يسجد سجدتي السهو قبل السلام على حديث ابن بحينة.
وعبد الله بن بحينة هو عبد الله بن مالك بن بحينة، مالك أبوه وبحينة أمه. هكذا أخبرني إسحق بن منصور عن علي بن المديني.
قال أبو عيسى: واختلف أهل العلم في سجدتي السهو متى يسجدهما الرجل قبل السلام أو بعده، فرأى بعضهم أن يسجدهما قبل السلام. وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة. وقال بعضهم: يسجدهما قبل السلام، وهو قول أكثر الفقهاء من أهل المدينة، مثل يحيى بن سعيد وربيعة وغيرهما، وبه يقول الشافعي.
وقال بعضهم: إذا كانت زيادة في الصلاة فبعد السلام، وإذا كان نقصانا فقبل السلام، وهو قول مالك بن أنس.
وقال أحمد: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في سجدتي السهو فيستعمل كل على جهته، يرى إذا قام في الركعتين على حديث ابن بحينة فإنه يسجدهما قبل السلام، وإذا صلى الظهر خمسا فإنه يسجدهما بعد السلام وإذا سلم في الركعتين من الظهر والعصر فإنه يسجدهما بعد السلام وكل يستعمل على جهته وكل سهو ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر، فإن سجدتي السهو قبل السلام.
وقال إسحق نحو قول أحمد في هذا كله إلا أنه قال: كل سهو ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر، فإن كانت زيادة في الصلاة يسجدهما بعد السلام وإن كان نقصانا يسجدهما قبل السلام.
285- باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام
390- حدثنا إسحق بن منصور أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا فقيل له: أزيد في الصلاة أم نسيت؟ فسجد سجدتين بعد ما سلم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
391- حدثنا هناد ومحمود بن غيلان قالا: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد الكلام".
وفي الباب عن معاوية وعبد الله بن جعفر وأبي هريرة.
392- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا هشيم عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم سجدهما بعد السلام".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. قد رواه أيوب وغير واحد عن ابن سيرين.
وحديث ابن مسعود حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم قالوا: إذا صلى الرجل الظهر خمسا فصلاته جائزة وسجد سجدتي السهو، وإن لم يجلس في الرابعة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق.
وقال بعضهم: إذا صلى الظهر خمسا ولم يقعد في الرابعة مقدار التشهد فسدت صلاته وهو قول سفيان الثوري وبعض أهل الكوفة.
286- باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو
393- حدثنا محمد بن يحيى أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال أخبرني أشعث عن ابن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وروى ابن سيرين عن أبي المهلب هو عم أبي قلابة غير هذا الحديث وروى محمد هذا الحديث عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب. وأبو المهلب اسمه عبد الرحمن بن عمر ويقال أيضا معاوية بن عمرو.
وقد روى عبد الوهاب الثقفي وهشيم وغير واحد هذا الحديث عن خالد الحذاء عن أبي قلابة بطوله، وهو حديث عمران بن حصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم في ثلاث ركعات من العصر فقام رجل يقال له الخرباق.
واختلف أهل العلم في التشهد في سجدتي السهو فقال بعضهم: يتشهد فيهما ويسلم، وقال بعضهم: ليس فيهما تشهد وتسليم وإذا سجدهما قبل التسليم لم يتشهد. وهو قول أحمد وإسحق قالا: إذا سجد سجدتي السهو قبل السلام لم يتشهد.
287- باب فيمن يشك في الزيادة والنقصان
394- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا هشام الدستوئي عن يحيى بن أبي كثير عن عياض بن هلال قال: قلت لأبي سعيد: أحدنا يصلي فلا يدري كيف صلى فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "إذا صلى أحدكم فلم يدر كيف صلى فليسجد سجدتين وهو جالس".
وفي الباب عن عثمان وابن مسعود وعائشة وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن.
وقد روي هذا الحديث عن أبي سعيد من غير هذا الوجه.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "إذا شك أحدكم في الواحدة والثنتين فليجعلها واحدة وإذا شك في الإثنتين والثلاث فليسجد في ذلك سجدتين قبل أن يسلم".
والعمل على هذا عند أصحابنا.
وقال بعض أهل العلم إذا شك في صلاته فلم يدر كم صلى فليعد.
395- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيلبس عليه حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
396- حدثنا محمد بن بشار أخبرنا محمد بن خالد عن عثمة أخبرنا إبراهيم بن سعد قال: حدثني محمد بن إسحق عن مكحول عن كريب عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
- "إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين فليبن على واحدة، فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عوف من غير هذا الوجه. رواه الزهري عن عبيد الله عن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم.
288- باب ما جاء في الرجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر
397- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم كبر فرفع ثم سجد مثل سجوده أو أطول".
وفي الباب عن عمران بن حصين وابن عمر وذي اليدين.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
واختلف أهل العلم في هذا الحديث، فقال بعض أهل الكوفة: إذا تكلم في الصلاة ناسيا أو جاهلا أو ما كان، فإنه يعيد الصلاة واستدلوا بأن هذا الحديث كان قبل تحريم الكلام في الصلاة.
وأما الشافعي فرأى هذا حديثا صحيحا فقال به، وقال: هذا أصح من الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصائم إذا أكل ناسيا فإنه لا يقضي وإنما هو رزق رزقه الله. قال الشافعي وفرق هؤلاء بين العمد والنسيان في أكل الصائم لحديث أبي هريرة.
قال أحمد في حديث أبي هريرة: إذا تكلم الإمام في شيء من صلاته وهو يرى أنه قد أكملها ثم علم أنه لم يكملها يتم صلاته، ومن تكلم خلف الإمام وهو يعلم أن عليه بقية من الصلاة فعليه أن يستقبلها واحتج بأن الفرائض كانت تزاد وتنقص على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنما تكلم ذو اليدين وهو على يقين من صلاته أنها تمت، وليس هكذا اليوم ليس لأحد أن يتكلم على معنى ما تكلم ذو اليدين لأن الفرائض اليوم لا يزاد فيها ولا ينقص. قال أحمد نحوا من الكلام وقال إسحق نحو قول أحمد في هذا الباب.
289- باب ما جاء في الصلاة في النعال
398- حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن سعيد بن يزيد أبي سلمة قال: قلت لأنس بن مالك
- "أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم".
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن أبي حبيبة وعبد الله بن عمرو وعمرو بن حريث وشداد بن أوس وأوس الثقفي وأبي هريرة، وعطاء رجل من بني شيبة.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أهل العلم.
290- باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر
399- حدثنا قتيبة ومحمد بن المثنى قالا: أخبرنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن البراء بن عازب
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب".
وفي الباب عن علي وأنس وأبي هريرة وابن عباس وخفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري.
قال أبو عيسى: حديث البراء حديث حسن صحيح.
واختلف أهل العلم في القنوت في صلاة الفجر، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم القنوت في صلاة الفجر.
وهو قول الشافعي، وقال أحمد، وإسحق: لا يقنت في الفجر إلا عند نازلة تنزل بالمسلمين، فإذا نزلت نازلة فللإمام أن يدعو لجيوش المسلمين.
291- باب في ترك القنوت
400- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يزيد بن هارون عن أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب هاهنا بالكوفة، نحوا من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: أي بني محدث.
401- حدثنا صالح بن عبد الله أخبرنا أبو عوانة عن أبي مالك الأشجعي بهذا الإسناد نحوه بمعناه.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.
وقال سفيان الثوري إن قنت في الفجر فحسن، وإن لم يقنت فحسن واختار أن لا يقنت. ولم ير ابن المبارك القنوت في الفجر.
قال أبو عيسى: وأبو مالك الأشجعي اسمه سعد بن طارق بن أشيم.
292- باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة
402- حدثنا قتيبة أخبرنا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع الزرقي عن عم أبيه معاذ بن رفاعة عن أبيه قال:
- "صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال من المتكلم في الصلاة فلم يتكلم أحد ثم قالها الثانية من المتكلم في الصلاة فلم يتكلم أحد ثم قالها الثالثة من المتكلم في الصلاة فقال رفاعة بن رافع بن عفراء: أنا يا رسول الله قال كيف قلت؟ قال قلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لقد ابـتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها".
وفي الباب عن أنس ووائل بن حجر وعامر بن ربيعة.
قال أبو عيسى: حديث رفاعة حديث حسن وكأن هذا الحديث عند بعض أهل العلم أنه في التطوع لأن غير واحد من التابعين قالوا: إذا عطس الرجل في الصلاة المكتوبة إنما يحمد الله في نفسه، ولم يوسعوا بأكثر من ذلك.
293- باب في نسخ الكلام في الصلاة
403- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا هشيم وأخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال:
- "كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه حتى نزلت {وقوموا لله قانتين} فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام".
وفي الباب عن ابن مسعود ومعاوية بن الحكم.
قال أبو عيسى: حديث زيد بن أرقم حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم قالوا: إذا تكلم الرجل عامدا في الصلاة أو ناسيا أعاد الصلاة وهو قول الثوري وابن المبارك.
وقال بعضهم: إذا تكلم عامدا في الصلاة أعاد الصلاة، وإن كان ناسيا أو جاهلا أجزأه.
وبه يقول الشافعي.
294- باب ما جاء في الصلاة عند التوبة
404- حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري قال: سمعت عليا يقول: إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته، فإذا حلف صدقته، وإنه حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر.
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له". ثم قرأ هذه الآية: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله} إلى آخر الآية.
وفي الباب عن ابن مسعود وأبي الدرداء وأنس وأبي أمامة ومعاذ ووائلة وأبي اليسر واسمه كعب بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث علي حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عثمان بن المغيرة وروى عنه شعبة وغير واحد فرفعوه مثل حديث أبي عوانة.
ورواه سفيان الثوري ومسعر فأوقفاه ولم يرفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي عن مسعر هذا الحديث مرفوعا أيضا.
295- باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة
405- حدثنا علي بن حجر أخبرنا حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة الجهني عن عمه عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين، واضربوه عليها ابن عشرة".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث سبرة بن معبد الجهني حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند بعض أهل العلم.
وبه يقول أحمد وإسحق: وقال: ما ترك الغلام بعد عشر من الصلاة فإنه يعيد.
قال أبو عيسى: وسبرة هو ابن معبد الجهني ويقال هو ابن عوسجة.
296- باب ما جاء في الرجل يحدث بعد التشهد
406- حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا ابن المبارك أخبرنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم أن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة أخبراه عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا أحدث الرجل وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته".
قال أبو عيسى: هذا حديث ليس إسناده بالقوي وقد اضطربوا في إسناده.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، قالوا إذا جلس مقدار التشهد وأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته.
وقال بعض أهل العلم: إذا أحدث قبل أن يتشهد أو قبل أن يسلم أعاد الصلاة وهو قول الشافعي.
وقال أحمد إذا لم يتشهد وسلم أجزأه لقول النبي صلى الله عليه وسلم "وتحليلها التسليم" والتشهد أهون. قام النبي صلى الله عليه وسلم في اثنتين فمضى في صلاته ولم يتشهد.
وقال إسحق بن إبراهيم: إذا تشهد ولم يسلم أجزأه واحتج بحديث ابن مسعود حين علمه النبي صلى الله عليه وسلم التشهد فقال "إذا فرغت من هذا فقد قضيت ما عليك".
قال أبو عيسى: وعبد الرحمن بن زياد هو الإفريقي وقد ضعفه بعض أهل الحديث، منهم يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل.
297- باب ما جاء إذا كان المطر فالصلاة في الرحال
407- حدثنا أبو حفص - عمرو بن علي أخبرنا أبو داود الطيالسي أخبرنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر قال:
- "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصابنا مطر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من شاء فليصل في رحله" ".
وفي الباب عن ابن عمر وسمرة وأبي المليح عن أبيه وعبد الرحمن بن سمرة.
قال أبو عيسى: حديث جابر حديث حسن صحيح.
وقد رخص أهل العلم في القعود عن الجماعة والجمعة في المطر والطين وبه يقول أحمد وإسحق.
قال سمعت أبا زرعة يقول: روى عفان بن مسلم عن عمرو بن علي حديثا وقال أبو زرعة لم أر بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة: علي بن المديني وابن الشاذكوني وعمرو بن علي وأبو المليح بن أسامة اسمه عامر ويقال زيد بن أسامة بن عمير الهذلي.
298- باب ما جاء في التسبيح في أدبار الصلاة
408- حدثنا إسحق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد وعلي بن حجر قال: حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف عن مجاهد وعكرمة عن ابن عباس قال:
- "جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إن الأغنياء يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم أموال يعتقون ويتصدقون قال: فإذا صليتم فقولوا سبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة والله أكبر أربعا وثلاثين مرة ولا إله إلا الله عشر مرات فإنكم تدركون به من سبقكم ولا يسبقكم من بعدكم".
وفي الباب عن كعب بن عجرة وأنس وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن عمرو وأبي ذر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن غريب.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "خصلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة: يسبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ويحمده ثلاثا وثلاثين ويكبره أربعا وثلاثين ويسبح الله عند منامه عشرا ويحمده عشرا ويكبره عشرا".
299- باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر
409- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا شبابة بن سوار أخبرنا عمر بن الرماح عن كثير بن زياد عن عمر بن عقمان بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده
- "أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فانتهوا إلى مضيق فحضرت الصلاة فمطروا، السماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته وأقام فتقدم على راحلته فصلى بهم يوميء إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب تفرد به عمر بن الرماح البلخي لا يعرف إلا من حديثه.
وقد روى عنه غير واحد من أهل العلم وكذا روي عن أنس بن مالك أنه صلى في ماء وطين على دابته. والعمل على هذا عند أهل العلم وبه يقول أحمد وإسحق.
300- باب ما جاء في الإجتهاد في الصلاة
410- حدثنا قتيبة وبشر بن معاذ قالا: أخبرنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت قداماه فقيل له: أتتكلف هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: أفلا أكون عبدا شكورا".
وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث المغيرة بن شعبة حديث حسن صحيح.
301- باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة
411- حدثنا علي بن نصر بن علي الجهضمي أخبرنا سهل بن حماد أخبرنا همام قال حدثني قتادة عن الحسن عن حريث بن قبيصة قال: قدمت المدينة فقلت اللهم يسر لي جليسا صالحا قال فجلست إلى أبي هريرة فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسا صالحا فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله أن ينفعني به، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضة شيئا قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك".
وفي الباب عن تميم الداري.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي هريرة.
وقد روى بعض أصحاب الحسن عن الحسن عن قبيصة بن ذويب غير هذا الحديث والمشهور هو قبيصة بن حريث.
وروي عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا.
302- باب ما جاء في من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنة ما له من الفضل
412- حدثنا محمد بن رافع أخبرنا إسحق بن سليمان الرازي أخبرنا المغيرة بن زياد عن عطاء عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر".
وفي الباب عن أم حبيبة وأبي هريرة وأبي موسى وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث غريب. من هذا الوجه.
ومغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه.
413- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا مؤمل أخبرنا سفيان الثوري عن أبي إسحق عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر صلاة الغداة".
قال أبو عيسى: وحديث عنبسة عن أم حبيبة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن عنبسة من غير وجه.
303- باب ما جاء في ركعتي الفجر من الفضل
414- حدثنا صالح بن عبد الله أخبرنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".
وفي الباب عن علي وابن عمر وابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد روى أحمد بن حنبل عن صالح بن عبد الله الترمذي حديثا.
304- باب ما جاء في تخفيف ركعتي الفجر والقراءة فيها
415- حدثنا محمود بن غيلان وأبو عمار قالا: أخبرنا أبو أحمد الزبيري أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن مجاهد عن ابن عمر قال
- "رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد".
وفي الباب عن ابن مسعود وأنس وأبي هريرة وابن عباس وحفصة وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن. ولا نعرفه من حديث الثوري عن أبي إسحق إلا من حديث أبي أحمد. والمعروف عند الناس حديث إسرائيل عن أبي إسحق.
وقد روي عن أحمد عن أبي إسرائيل هذا الحديث أيضا.
وأبو أحمد الزبيري ثقة حافظ قال: سمعت بندارا يقول ما رأيت أحسن حفظا من أبي أحمد الزبيري. واسمه محمد بن عبد الله الزبيري الأسدي الكوفي.
305- باب ما جاء في الكلام بعد ركعتي الفجر
416- حدثنا يوسف بن عيسى أخبرنا عبد الله بن إدريس قال سمعت مالك بن أنس عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة قالت:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر فإن كانت له إلي حاجة كلمني وإلا خرج إلى الصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم الكلام بعد طلوع الفجر حتى يصلي صلاة الفجر إلا ما كان من ذكر الله أو ما لا بد منه، وهو قول أحمد وإسحق.
306- باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين
417- حدثنا أحمد بن عبدة الضبي أخبرنا عبد العزيز بن محمد بن الحصين عن أبي علقمة عن يسار مولى ابن عمر عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وحفصة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى. وروى عنه غير واحد. وهو ما أجمع عليه أهل العلم، كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
ومعنى هذا الحديث إنما يقول: لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
307- باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر
418- حدثنا بشر بن معاذ العقدي أخبرنا عبد الواحد بن زياد أخبرنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وقد روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على يمينه.
وقد رأى بعض أهل العلم أن يفعل ذلك استحبابا.
308- باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
419- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا زكريا بن إسحق أخبرنا عمرو بن دينار قال: سمعت عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".
وفي الباب عن ابن بحينة وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن سرجس وابن عباس وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن.
وهكذا روى أيوب وورقاء بن عمر وزياد بن سعد وإسماعيل بن مسلم ومحمد بن جحادة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى حماد بن زيد وسفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار ولم يرفعاه والحديث المرفوع أصح عندنا.
وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه رواه عياش بن عباس القتباني المصري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا أقيمت الصلاة أن لا يصلي الرجل إلا المكتوبة. وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق.
309- باب ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الصبح
420- حدثنا محمد بن عمرو السواق أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن جده قيس قال:
- "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة فصليت معه الصبح ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم. فوجدني أصلي فقال مهلا يا قيس أصلاتان معا؟ قلت: يا رسول الله إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: فلا إذن".
قال أبو عيسى: حديث محمد بن إبراهيم لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث سعد بن سعيد.
وقال سفيان بن عيينة: سمع عطاء بن أبي رباح من سعد بن سعيد هذا الحديث. وإنما يروى هذا الحديث مرسلا.
وقد قال قوم من أهل مكة بهذا الحديث: لم يروا باسا أن يصلي الرجل الركعتين بعد المكتوبة قبل أن تطلع الشمس.
قال أبو عيسى: وسعد بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري.
وقيس هو جد يحيى بن سعيد. ويقال هو قيس بن عمرو. ويقال هو قيس ابن فهد. وإسناد هذا الحديث ليس بمتصل، محمد بن إبراهيم التميمي لم يسمع من قيس.
وروى بعضهم هذا الحديث عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم
"أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فرأى قيسا".
310- باب ما جاء في إعادتهما بعد طلوع الشمس
421- حدثنا عقبة بن مكرم العمي البصري أخبرنا عمرو بن عاصم أخبرنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقد روي عن ابن عمر أنه فعله والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.
وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحق وابن المبارك قال: ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث عن همام بهذا الإسناد نحو هذا إلا عمرو ابن عاصم الكلابي.
والمعروف من حديث قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
- "من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح".
311- باب ما جاء في الأربع قبل الظهر
422- حدثنا بندار أخبرنا أبو عامر أخبرنا أبو سفيان عن أبي إسحق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر أربعا وبعدها ركعتين".
وفي الباب عن عائشة وأم حبيبة.
قال أبو عيسى: حديث علي حديث حسن.
حدثنا أبو بكر العطار قال: قال علي بن عبد الله عن يحيى بن سعيد عن سفيان قال: كنا نعرف فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: يختارون أن يصلي الرجل قبل الظهر أربع ركعات وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يرون الفصل بين كل ركعتين وبه يقول الشافعي وأحمد.
312- باب ما جاء في الركعتين بعد الظهر
423- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال:
- "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها".
قال: وفي الباب عن علي وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
313- باب آخر
424- حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله العتلي المروزي أخبرنا عبد الله ابن المبارك عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم
- "كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث ابن المبارك من هذا الوجه: ورواه قيس بن الربيع عن شعبة عن خالد الحذاء نحو هذا. ولا نعلم أحدا رواه عن شعبة غير قيس بن الربيع.
وقد روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا.
425- حدثنا علي بن حجر أخبرنا يزيد بن هارون عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن أبيه عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "من صلى قبل الظهر أربعا حرمه الله على النار".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب وقد روي من غير هذا الوجه.
426- حدثنا أبو بكر محمد بن إسحق البغدادي حدثنا عبد الله بن يوسف التنيسي الشامي حدثنا الهيثم بن حميد قال أخبرني العلاء بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن عنبسة بن أبي سفيان قال: سمعت أختي أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
- "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
والقاسم هو ابن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الرحمن وهو مولى عبد الرحمن ابن خالد بن يزيد بن معاوية وهو ثقة شامي وهو صاحب أبي أمامة.
314- باب ما جاء في الأربع قبل العصر
427- حدثنا بندار محمد بن بشار أخبرنا أبو عامر أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين".
وفي الباب عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو.
وقال أبو عيسى: حديث علي حديث حسن.
واختار إسحق بن إبراهيم أن لا يفصل في الأربع قبل العصر، واحتج بهذا الحديث، وقال: معنى قوله أنه يفصل بينهن بالتسليم يعني التشهد.
ورأى الشافعي وأحمد: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. يختاران الفصل.
428- حدثنا يحيى بن موسى وأحمد بن إبراهيم ومحمود بن غيلان وغير واحد قالوا أخبرنا أبو داود الطيالسي أخبرنا محمد بن مسلم بن مهران سمع جده عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "رحم الله إمرأ صلى قبل العصر أربعا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
315- باب ما جاء في الركعتين بعد المغرب والقراءة فيهما
429- حدثنا محمد بن المثنى أخبرنا بدل بن المحبر أخبرنا عبد الملك ابن معدان عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ما أحصي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد".
وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث غريب من حديث ابن مسعود لا نعرفه إلا من حديث عبد الملك بن معدان عن عاصم.
316- باب ما جاء أنه يصليهما في البيت
430- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال:
- "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد المغرب في بيته".
وفي الباب عن رافع بن خديج وكعب بن عجرة.
قال: قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
431- حدثنا الحسن بن علي الحلواني أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال:
- "حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات كان يصليها بالليل والنهار: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء الآخرة قال وحدثتني حفصة أنه كان يصلي قبل الفجر ركعتين".
هذا حديث حسن صحيح.
432- حدثنا الحسن بن علي أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: مثله.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
317- باب ما جاء في فضل التطوع ست ركعات بعد المغرب
433- حدثنا أبو كريب يعني محمد بن العلاء الهمداني الكوفي أخبرنا زيد بن الحباب أخبرنا عمر بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة".
قال أبو عيسى: وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث غريب.
لا نعرفه إلا من حديث زيد بن الحباب عن عمر بن أبي خثعم.
قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: عمر بن عبد الله بن أبي خثعم منكر الحديث وضعفه جدا.
318- باب ما جاء في الركعتين بعد العشاء
434- حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف أخبرنا بشر بن المفضل عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق قال:
- "سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ثنتين، وبعد العشاء ركعتين، وقبل الفجر ثنتين".
وفي الباب عن علي وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة حديث حسن صحيح.
319- باب ما جاء أن صلاة الليل مثنى مثنى
435- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة واجعل آخر صلاتك وترا".
وفي الباب عن عمرو بن عبسة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أهل العلم: أن صلاة الليل مثنى مثنى.
وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحق.
320- باب ما جاء في فضل صلاة الليل
436- حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
وفي الباب عن جابر، وبلال، وأبي أمامة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن.
وأبو بشر اسمه جعفر بن إياس، وهو جعفر بن وحشية.
321- باب ما جاء في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل
437- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة أنه أخبره أنه سأل عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت:
- "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسأل على حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل على حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا. فقالت عائشة: فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
438- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن" .
439- حدثنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب نحوه.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
322- باب منه
440- حدثنا أبو كريب أخبرنا وكيع عن شعبة عن أبي جمرة عن ابن عباس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
323- باب منه
441- حدثنا هناد أخبرنا أبو الأحوص عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل تسع ركعات".
442- وفي الباب عن أبي هريرة، وزيد بن خالد، والفضل ابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن غريب. من هذا الوجه.
ورواه سفيان الثوري عن الأعمش نحو هذا حدثنا بذلك محمود بن غيلان أخبرنا يحيى بن آدم عن سفيان عن الأعمش.
قال أبو عيسى: وأكثر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، وأقل ما وصف من صلاته من الليل تسع ركعات.
443- حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قالت:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يصل من الليل منعه من ذلك النوم أو غلبته عيناه صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
444- حدثنا عباس هو ابن عبد العظيم العنبري أخبرنا عتاب بن المثنى عن بهر بن حكيم قال كان زرارة بن أوفى قاضي البصرة فكان يؤم بني قتير فقرأ يوما في صلاة الصبح {فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير} خر ميتا وكنت فيمن احتمله إلى داره.
قال أبو عيسى: وسعد بن هشام هو ابن عامر هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
324- باب في نزول الرب تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة
445- حدثنا قتيبة أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر".
وفي الباب عن علي بن أبي طالب وأبي سعيد ورفاعة الجهني وجبير بن مطعم وابن مسعود وأبي الدرداء وعثمان بن أبي العاص.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد روي هذا الحديث من أوجه كثيرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "ينزل الله تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الآخر".
وهذا أصح الروايات.
325- باب ما جاء في القراءة بالليل
446- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا يحيى بن إسحق أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر
- "مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض من صوتك فقال: إني أسمعت من ناجيت، قال: ارفع قليلا. وقال لعمر مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع صوتك، فقال: إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان، قال: اخفض قليلا".
وفي الباب عن عائشة وأم هانىء وأنس وأم سلمة وابن عباس.
447- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال:
- "سألت عائشة كيف كان قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل؟ فقالت: كل ذلك قد كان يفعل ربما أسر بالقراءة وربما جهر فقلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح غريب.
قال أبو عيسى: هذا حديث أبي قتادة حديث غريب. وإنما أسنده يحيى بن إسحق عن حماد بن سلمة. وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلا.
448- حدثنا أبو بكر محمد بن نافع البصري أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن إسماعيل بن مسلم العبدي عن أبي المتوكل الناجي عن عائشة قالت:
- "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية من القرآن ليلة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
326- باب ما جاء في فضل صلاة التطوع في البيت
449- حدثنا محمد بن بشار أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سالم أبي النضر عن يسر بن سعيد عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة".
وفي الباب عن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وأبي سعيد وأبي هريرة وابن عمر وعائشة وعبد الله بن سعد وزيد بن خالد الجهني.
قال أبو عيسى: حديث زيد بن ثابت حديث حسن.
وقد اختلفوا في رواية هذا الحديث، فرواه موسى بن عقبة وإبراهيم بن أبي النضر مرفوعا وأوقفه بعضهم.
ورواه مالك عن أبي النضر ولم يرفعه، والحديث المرفوع أصح.
450- حدثنا إسحق بن منصور أخبرنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.