أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 - باب ما جاء في فضل شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
677 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب أخبرنا أبو بكر ابن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر. ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة".
وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وسلمان.
678 - حدثنا هناد أخبرنا عبدة والمحاربي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان وقامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
هذا حديث صحيح.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة الذي رواه أبو بكر بن عياش حديث غريب لا نعرفه من رواية أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة إلا من حديث أبي بكر. وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: أخبرنا الحسن ابن الربيع أخبرنا أبو الأحوص عن الأعمش عن مجاهد قوله قال: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان" فذكر الحديث، قال محمد: وهذا أصح عندي من حديث أبي بكر ابن عياش.
2 - باب ما جاء لا تتقدموا الشهر بصوم
679 - حدثنا أبو كريب أخبرنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم. صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا".
وفي الباب عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو هذا.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم: كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول شهر رمضان لمعنى رمضان وإن كان رجل يصوم صوما فوافق صيامه ذلك فلا بأس به عندهم.
680 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا شهر رمضان بصيام قبله بيوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صوما فليصمه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
3 - باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك
681 - حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر قال:
- "كنا عند عمار بن ياسر فأتى بشاة مصلية فقال: كلوا فتنحى بعض القوم فقال: إني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم".
وفي الباب عن أبي هريرة وأنس.
قال أبو عيسى: حديث عمار حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين. وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق:كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه، ورأى أكثرهم إن صامه وكان من شهر رمضان أن يقضي يوما مكانه.
4 - باب ما جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان
682 - حدثنا مسلم بن حجاج أخبرنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحصوا هلال شعبان لرمضان".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي معاوية. والصحيح ما روي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقدموا شهر رمضان بيوم ولا بيومين" وهكذا روي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحو حديث محمد بن عمرو والليثي.
5 - باب ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال والإفطار له
683 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غياية؟؟ فأكملوا ثلاثين يوما".
وفي الباب عن أبي هريرة وأبي بكرة وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
6 - باب ما جاء أن الشهر يكون تسعا وعشرين
684 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أخبرني عيسى بن دينار عن أبيه عن عمرو بن الحارث بن أبي ضرار عن ابن مسعود قال:
- "ما صمت مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين".
وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر وأنس وجابر وأم سلمة وأبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر يكون تسعا وعشرين".
685 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس أنه قال:
- "آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا فأقام في مشربة تسعا وعشرين يوما، قالوا يا رسول الله إنك آليت شهرا فقال: الشهر تسع وعشرون".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
7 - باب ما جاء في الصوم بالشهادة
686 - حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا محمد بن الصباح أخبرنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا".
687 - حدثنا أبو كريب أخبرنا حسين الجعفي عن زائدة عن سماك ابن حرب نحوه.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس فيه اختلاف. وروى سفيان الثوري وغيره عن سماك بن حرب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، قالوا تقبل شهادة رجل واحد في الصيام. وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد. وقال إسحاق: لا يصام إلا بشهادة رجلين ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين.
8 - باب ما جاء شهرا عيد لا ينقصان
688 - حدثنا يحيى بن خلف البصري أخبرنا بشر بن المفضل عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة".
قال أبو عيسى: حديث أبي بكرة حديث حسن.
وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
قال أحمد: معنى هذا الحديث "شهرا عيد لا ينقصان" يقول: لا ينقصان معا في سنة واحدة: شهر رمضان وذو الحجة إن نقص أحدهما تم الآخر.
وقال إسحاق: معناه لا ينقصان، يقول وإن كان تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان. وعلى مذهب إسحاق يكون ينقص الشهران معا في سنة واحدة.
9 - باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم
689 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر أخبرنا محمد بن أبي حرملة أخبرني كريب
- "أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ فقلت رآه الناس فصاموا وصام معاوية، فقال: لكن رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما أو نراه، فقلت ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب.
والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم.
10 - باب ما جاء ما يستحب عليه الإفطار
690 - حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي أخبرنا سعيد بن عامر أخبرنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجد تمرا فليفطر عليه ومن لا فليفطر على ماء فإن الماء طهور".
وفي الباب عن سلمان بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث أنس لا نعلم أحدا رواه عن شعبة مثل هذا غير سعيد بن عامر. وهو حديث غير محفوظ ولا نعلم له أصلا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس. وقد روى أصحاب شعبة هذا الحديث عن شعبة عن عاصم الأحول عن حفصة ابنة سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا أصح من حديث سعيد بن عامر. وهكذا رووا عن شعبة عن عاصم عن حفصة ابنة سيرين عن سلمان بن عامر ولم يذكر فيه شعبة عن الرباب. والصحيح ما روى سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر. وابن عون يقول: عن أم الرائح بنت صليع عن سلمان بن عامر. والرباب هي أم الرائح.
691 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا وكيع أخبرنا سفيان عن عاصم الأحول حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن حفصة ابنة سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور".
قال أبو عيسى: هذا حديثحسن صحيح.
692 - حدثنا محمد بن رافع أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال:
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
11 - باب ما جاء أن الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون
693 - حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا إبراهيم بن المنذر أخبرنا إسحاق بن جعفر بن محمد قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا، الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس.
12 - باب ما جاء إذا أقبل الليل وأدبر النهار فقد أفطر الصائم
694 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر عن عمر بن الخطاب قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطرت".
وفي الباب عن ابن أبي أوفى وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن صحيح.
13 - باب ما جاء في تعجيل الإفطار
695 - حدثنا بندار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي حازم وأخبرنا أبو مصعب قراءة عن مالك بن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر".
وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة وأنس بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث سهل بن سعد حديث حسن صحيح. وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم استحبوا تعجيل الفطر. وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق.
696 - حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا".
697 - حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عاصم وأبو المغيرة عن الأوزاعي نحوه.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
698 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية قال:
- دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الفطر ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة. قالت: أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قلنا عبد الله بن مسعود، قالت: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم. والآخر أبو موسى".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأبو عطية اسمه مالك بن أبي عامر الهمداني. ويقال مالك بن عامر الهمداني وهو أصح.
14 - باب ما جاء في تأخير السحور
699 - حدثنا يحيى بن موسى أبو داود الطيالسي أخبرنا هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت قال:
- تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قالت: قلت كم كان قدر ذاك؟ قال: قدر خمسين آية".
700 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن هشام بنحوه إلا أنه قال: "قدر قراءة خمسين آية".
وفي الباب عن حذيفة.
قال أبو عيسى: حديث زيد بن ثابت حديث حسن صحيح. وبه يقول الشافعي وأحمد استحبوا تأخير السحور.
15 - باب ما جاء في بيان الفجر
701 - حدثنا هناد أخبرنا ملازم بن عمرو قال حدثني عبد الله بن النعمان عن قيس ابن طلق بن علي قال حدثني أبي طلق بن علي
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلوا واشربوا يهيدنكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر".
وفي الباب عن عدي بن حاتم وأبي ذر وسمرة.
قال أبو عيسى: حديث طلق بن علي حديث حسن غريب من هذا الوجه. والعمل على هذا عند أهل العلم أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض. وبه يقول عامة أهل العلم أخبرنا هناد ويوسف بن عيسى قالا أخبرنا وكيع عن أبي هلال عن سوادة بن حنظلة عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
16 - باب ما جاء في التشديد في الغيبة للصائم
702 - حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى أخبرنا عثمان بن عمر قال وحدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة بأن يدع طعامه وشرابه".
وفي الباب عن أنس.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
17 - باب ما جاء في فضل السحور
703 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن قتادة وعبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تسحروا فإن في السحور بركة".
وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وابن عباس وعمرو بن العاص والعرباض بن سارية وعتبة بن عبد وأبي الدرداء.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر".
704 - حدثنا بذلك قتيبة أخبرنا الليث عن موسى بن علي عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وهذا حديث حسن صحيح.
وأهل مصر يقولون: موسى بن علي، وأهل العراق يقولون: موسى ابن علي بن رباح اللخمي.
18 - باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر
705 - حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه، فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فبلغه أن ناسا صاموا، فقال أولئك هم العصاة".
وفي الباب عن كعب بن عاصم وابن عباس وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث جابر حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس من البر الصيام في السفر".
واختلف أهل العلم في الصوم في السفر، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الفطر في السفر أفضل، حتى رأى بعضهم عليه الإعادة إذا صام في السفر. واختار أحمد وإسحاق الفطر في السفر.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إن وجد قوة فصام فحسن وهو أفضل، وإن أفطر فحسن، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك.
وقال الشافعي: إنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "ليس من البر الصيام في السفر" وقوله حين بلغه أن ناسا صاموا فقال: "أولئك العصاة" فوجه هذا إذا لم يحتمل قلبه قبول رخصة الله تعالى، فأما من رأى الفطر مباحا وصام وقوي على ذلك فهو أعجب إلي.
19 - باب ما جاء في الرخصة في الصوم في السفر
706 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
- أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر وكان يسرد الصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر".
وفي الباب عن أنس بن مالك وأبي سعيد وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأبي الدرداء وحمزة بن عمرو الأسلمي.
قال أبو عيسى: حديث عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حديث حسن صحيح.
707 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي أخبرنا بشر بن المفضل عن سعيد بن يزيد أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال:
- "كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فما يعاب على الصائم صومه ولا على المفطر فطره".
708 - حدثنا نصر بن علي أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا الجريري وأخبرنا سفيان بن وكيع أخبرنا عبد الأعلى عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال:
- : كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر، وكانوا يرون أنه من وجد قوة فصام فحسن، ومن وجد ضعفا فأفطر فحسن".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
20 - باب ما جاء في الرخصة للمحارب في الإفطار
709 - حدثنا قتيبة أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حيية عن ابن المسيب
- "أنه سأله عن الصوم في السفر فحدث أن عمر بن الخطاب قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان غزوتين يوم بدر والفتح فأفطرنا فيهما".
وفي الباب عن أبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث عمر لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقد روي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه أمر بالفطر في غزوة غزاها". وقد روي عن عمر بن الخطاب نحو هذا، أنه رخص في الإفطار عند لقاء العدو. وبه يقول بعض أهل العلم.
21 - باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع
711 - حدثنا أبو كريب ويوسف بن عيسى قال أخبرنا وكيع أخبرنا أبو هلال عن عبد الله بن سوادة عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن كعب قال:
- "أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى، فقال: ادن فكل، فقلت: إني صائم، فقال: ادن أحدثك عن الصوم أو الصيام: إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم أو الصيام. والله لقد قالهما النبي صلى الله عليه وسلم كليهما أو أحدهما، فيا لهف نفسي أن لا أكون طعمت من طعام النبي صلى الله عليه وسلم ".
وفي الباب عن أبي أمية.
قال أبو عيسى: حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن. ولا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث الواحد.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.
وقال بعض أهل العلم: الحامل والمرضع يفطران ويقضيان ويطعمان. وبه يقول سفيان ومالك والشافعي وأحمد. وقال بعضهم: يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما، وإن شاءتا قضتا ولا إطعام عليهما. وبه يقول إسحاق.
22 - باب ما جاء في الصوم عن الميت
712 - حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن سلمة بن كهيل ومسلم البطين عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس قال:
- جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أختي ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين؟ قال: "أرأيت لو كان على أختك دين أكنت تقضينه؟ قالت: نعم، قال: فحق الله أحق".
وفي الباب عن بريدة وابن عمر وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
713 - حدثنا أبو كريب أخبرنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش بهذا الإسناد نحوه. قال محمد: وقد روى غير أبي خالد عن الأعمش مثل رواية أبي خالد.
قال أبو عيسى: وروى أبو معاوية وغير واحد هذا الحديث عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا فيه عن سلمة بن كهيل ولا عن عطاء ولا عن مجاهد.
23 - باب ما جاء في الكفارة
714 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبثر عن أشعث عن محمد عن نافع عن ابن عمر
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا".
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه. والصحيح عن ابن عمر موقوف. قوله واختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم يصام عن الميت، وبه يقول أحمد وإسحاق قالا: إذا كان على الميت نذر صيام يصام عنه، وإذا كان عليه قضاء رمضان أطعم عنه. وقال مالك وسفيان والشافعي لا يصوم أحد عن أحد. وأشعث هو ابن سوار. ومحمد هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
24 - باب ما جاء في الصائم يذرعه القيء
715 - حدثنا محمد بن عبيد المحاربي أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام".
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد الخدري غير محفوظ.
وقد روى عبد الله بن زيد بن أسلم وعبد العزيز بن محمد وغير واحد هذا الحديث عن زيد بن أسلم مرسلا ولم يذكروا فيه عن أبي سعيد. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يضعف في الحديث. سمعت أبا داود السجزي يقول: سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقال: أخوه عبد الله بن زيد لا بأس به. وسمعت محمدا يذكر عن علي بن عبد الله قال: عبد الله بن زيد بن أسلم ثقة. وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم ضعيف. قال محمد: ولا أروي عنه شيئا.
25 - باب ما جاء في من استقاء عمدا
716 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا عيسى بن يونس عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض".
وفي الباب عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس. وقال محمد: لا أراه محفوظا.
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح إسناده. وروي عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر.
وإنما معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائما متطوعا فقاء فضعف فأفطر لذلك هكذا روي في بعض الحديث مفسرا.
والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمدا فليقض. وبه يقول الشافعي وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق.
26 - باب ما جاء في الصائم يأكل ويشرب ناسيا
717 - حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله".
718 - حدثنا أبو سعيد أخبرنا أبو أسامة عن عوف عن ابن سيرين وخلاس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو نحوه.
وفي الباب عن أبي سعيد وأم إسحاق الغنوية.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال مالك بن أنس: إذا أكل في رمضان ناسيا فعليه القضاء. والأول أصح.
27 - باب ما جاء في الإفطار متعمدا
719 - حدثنا بندار أخبرنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت أخبرنا أبو المطوس عن أبيه عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وسمعت محمدا يقول: أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث.
28 - باب ما جاء في كفارة الفطر في رمضان
720 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي وأبو عمار، المعنى واحد واللفظ لفظ أبي عمار قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال:
- "أتاه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا؟ قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا؟ قال: اجلس فجلس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، والعرق المكتل الضخم، قال: فتصدق به، فقال: ما بين لابتيها أحد أفقر منا، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، قال: خذه فأطعمه أهلك". وفي الباب عن ابن عمر وعائشة وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم في من أفطر في رمضان متعمدا من جماع.
وأما من أفطر متعمدا من أكل أو شرب فإن أهل العلم قد اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: عليه القضاء والكفارة، وشبهوا الأكل والشرب بالجماع. وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق.
وقال بعضهم: عليه القضاء ولا كفارة عليه، لأنه إنما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم الكفارة في الجماع ولم يذكر عنه في الأكل والشرب، وقالوا: لا يشبه الأكل والشرب الجماع. وهو قول الشافعي وأحمد.
وقال الشافعي: وقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أفطر فتصدق عليه "خذه فأطعمه أهلك" يحتمل هذا معاني، يحتمل أن تكون الكفارة على من قدر عليها، وهذا رجل لم يقدر على الكفارة فلما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا وملكه قال الرجل "ما أحد أفقر إليه منا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خذه فأطعمه أهلك" لأن الكفارة إنما تكون بعد الفضل عن قوته. واختار الشافعي لمن كان على مثل هذا الحال أن يأكله، وتكون الكفارة عليه دينا فمتى ما ملك يوما كفر.
29 - باب ما جاء في السواك للصائم
721 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال:
- "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث عامر بن ربيعة حديث حسن. والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون بالسواك للصائم بأسا إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب وكرهوا له السواك آخر النهار. ولم ير الشافعي بالسواك بأسا أول النهار وآخره. وكره أحمد وإسحاق السواك آخر النهار.
30 - باب ما جاء في الكحل للصائم
722 - حدثنا عبد الأعلى بن واصل أخبرنا الحسن بن عطية أخبرنا أبو عاتكة عن أنس بن مالك قال:
- "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: نعم".
وفي الباب عن أبي رافع.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث إسناده ليس بالقوي ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء. وأبو عاتكة يضعف.
واختلف أهل العلم في الكحل للصائم، فكرهه بعضهم، وهو قول سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق. ورخص بعض أهل العلم في الكحل للصائم، وهو قول الشافعي.
31 - باب ما جاء في القبلة للصائم
723 - حدثنا هناد وقتيبة قالا أخبرنا أبو الأحوص عن زياد بن علاقة عن عمرو بن ميمون عن عائشة
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل في شهر الصوم".
وفي الباب عن عمر بن الخطاب وحفصة وأبي سعيد وأم سلمة وابن عباس وأنس وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
واختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في القبلة للصائم فرخص بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة للشيخ ولم يرخصوا للشاب مخافة أن لا يسلم له صومه. والمباشرة عندهم أشد وقد قال: بعض أهل العلم: القبلة تنقص الأجر ولا تفطر الصائم، ورأوا أن للصائم إذا ملك نفسه أن يقبل، وإذا لم يأمن على نفسه ترك القبلة ليسلم له صومه. وهو قول سفيان الثوري والشافعي.
32 - باب ما جاء في مباشرة الصائم
724 - حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا وكيع أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشرني وهو صائم وكان أملككم لأربه".
725 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لأربه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وأبو ميسرة اسمه عمرو بن شرحبيل. ومعنى لأربه يعني لنفسه.
33 - باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل
726 - حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبد الله أبي بكر عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له".
قال أبو عيسى: حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله وهو أصح: وإنما معنى هذا عند بعض أهل العلم: لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان أو في قضاء رمضان أو في صيام نذر إذا لم ينوه من الليل لم يجزه.
وأما صيام التطوع فمباح له أن ينويه بعدما أصبح. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
34 - باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع
727 - حدثنا قتيبة وأخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن ابن أم هانئ عن أم هانئ قالت:
- "كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بشراب فشرب منه ثم ناولني فشربت منه فقلت إني أذنبت فاستغفر لي قال: وما ذاك؟ قالت كنت صائمة فأفطرت، فقال: أمن قضاء كنت تقضينه؟ قالت: لا، قال: فلا يضرك".
وفي الباب عن أبي سعيد وعائشة.
حديث أم هانئ في إسناده مقال والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه إلا أن يحب أن يقضيه. وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي.
728 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة قال: كنت أسمع سماك بن حرب يقول:
- "أحد بني أم هانئ حدثني فلقيت أنا أفضلهم وكان اسمه جعدة، وكانت أم هانئ جدته فحدثني عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعا بشراب فشرب ثم ناولها فشربت، فقالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر".
قال شعبة: قلت له: أنت سمعت هذا من أم هانئ؟ قال: لا أخبرني أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ.
وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن سماك فقال عن هارون بن بنت أم هانئ عن أم هانئ. ورواية شعبة أحسن. هكذا حدثنا محمود بن غيلان عن أبي داود، فقال "أمين نفسه" وحدثنا غير محمود عن أبي داود فقال: "أمير نفسه أو أمين نفسه" على الشك. وهكذا روي من غير وجه عن شعبة "أمير أو أمين نفسه" على الشك.
729 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت:
- "دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: هل عندكم شيء؟ قالت: قلت: لا، قال: فإني صائم".
730 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا بشر بن السري عن سفيان عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت:
- "إن كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني فيقول أعندك غداء؟ فأقول: لا، فيقول: إني صائم، قالت: فأتاني يوما فقلت: يا رسول الله إنه قد أهديت لنا هدية، قال: وما هي؟ قلت: حيس، قال: أما إني أصبحت صائما، قالت: ثم أكل".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
35 - باب ما جاء في إيجاب القضاء عليه
731 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا كثير بن هشام أخبرنا جعفر بن برقان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:
- "كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة وكانت ابنة أبيها، فقالت: يا رسول الله إنا كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، قال: اقضيا يوما آخر مكانه".
قال أبو عيسى: وروى صالح بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة مثل هذا. وروى مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله ابن عمر وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة مرسلا ولم يذكروا فيه عن عروة وهذا أصح لأنه روي عن ابن جريح قال: سألت الزهري فقلت أحدثك عروة عن عائشة؟ قال: لم أسمع من عروة في هذا شيئا، ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث.
732 - حدثنا بهذا علي بن عيسى بن يزيد البغدادي أخبرنا روح بن عبادة عن ابن جريح فذكر الحديث.
وقد ذهب قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا الحديث فرأوا عليه القضاء إذا أفطر، وهو قول مالك بن أنس.
36 - باب ما جاء في وصال شعبان برمضان
733 - حدثنا بندار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن سالم ابن أبي الجعد عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت:
- "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أم سلمة حديث حسن.
وقد روي هذا الحديث أيضا عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله".
734 - حدثنا بذلك هناد أخبرنا عبدة عن محمد بن عمرو أخبرنا أبو سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وروى سالم أبو النضر وغير واحد هذا الحديث عن أبي سلمة عن عائشة نحو رواية محمد بن عمرو.
وروي عن ابن المبارك أنه قال في هذا الحديث: وهو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليلته أجمع ولعله تعشى واشتغل ببعض أمره، كأن ابن المبارك قد رأى كلا الحديثين متفقين، يقول: إنما معنى هذا الحديث أنه كان يصوم أكثر الشهر.
37 - باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الباقي من شعبان لحال رمضان
735 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ.
ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرجل مفطرا فإذا بقي شيء من شعبان أخذ في الصوم لحال شهر رمضان.
وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يشبه قوله، وهذا حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا شهر رمضان بصيام إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم". وقد دل في هذا الحديث إنما الكراهية على من يتعمد الصيام لحال رمضان.
38 - باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان
736 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة قالت:
- "فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قلت: يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب".
وفي الباب عن أبي بكر الصديق.
قال أبو عيسى: حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج. وسمعت محمدا يقول يضعف هذا الحديث. وقال يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة. قال محمد: والحجاج لم يسمع من يحيى بن أبي كثير.
39 - باب ما جاء في صوم المحرم
737 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد صيام شهر رمضان شهر الله المحرم".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن.
738 - حدثنا علي بن حجر قال أخبرنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي قال:
- "سأله رجل فقال: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ فقال له: ما سمعت أحدا يسأل عن هذا إلا رجلا سمعته يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده فقال يا رسول الله: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ قال: إن كنت صائما بعد شهر رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله، فيه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
40 - باب ما جاء في صوم يوم الجمعة
739 - حدثنا القاسم بن دينار أخبرنا عبيد الله بن موسى وطلق بن غنام عن شيبان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال:
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام، وقل ما كان يفطر يوم الجمعة".
وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله حديث حسن غريب.
وقد استحب قوم من أهل العلم صيام يوم الجمعة. وإنما يكره أن يصوم يوم الجمعة لا يصوم قبله ولا بعده.
قال وروى شعبة عن عاصم هذا الحديث ولم يرفعه.
41 - باب ما جاء في كراهية صوم يوم الجمعة وحده
740 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده".
وفي الباب عن علي وجابر وجنادة الأزدي وجويرية وأنس وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم يكرهون أن يختص يوم الجمعة بصيام لا يصوم قبله ولا بعده. وبه يقول أحمد وإسحاق.
42 - باب ما جاء في صوم يوم السبت
741 - حدثنا حميد بن مسعدة أخبرنا سفيان بن حبيب عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. ومعنى الكراهية في هذا أن يختص الرجل يوم السبت بصيام، لأن اليهود يعظمون يوم السبت.
43 - باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس
742 - حدثنا أبو حفص عمرو بن علي الفلاس أخبرنا عبد الله بن داود عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ربيعة الجرشي عن عائشة قالت:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الاثنين والخميس".
وفي الباب عن حفصة وأبي قتادة وأسامة بن زيد.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن غريب من هذا الوجه.
743 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو أحمد ومعاوية بن هشام قالا أخبرنا سفيان عن منصور عن خيثمة عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. وروى عبد الرحمن بن مهدي هذا الحديث عن سفيان ولم يرفعه.
744 - حدثنا محمد بن يحيى أخبرنا أبو عاصم عن محمد بن رفاعة عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة في هذا الباب حديث حسن غريب.
44 - باب ما جاء في صوم الأربعاء والخميس
745 - حدثنا الحسين بن محمد الحريري ومحمد بن مدويه قالا أخبرنا عبيد الله ابن موسى أخبرنا هارون بن سلمان عن عبيد الله المسلم القرشي عن أبيه قال:
- "سألت أو سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر فقال: إن لأهلك عليك حقا، ثم قال صم رمضان والذي يليه وكل أربعاء وخميس، فإذا أنت قد صمت الدهر وأفطرت".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث مسلم القرشي حديث غريب. وروى بعضهم عن هارون ابن سلمان عن مسلم بن عبيد الله عن أبيه.
45 - باب ما جاء في فضل الصوم يوم عرفة
746 - حدثنا قتيبة وأحمد بن عبدة الضبي قالا أخبرنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله".
وفي الباب عن أبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث أبي قتادة حديث حسن. وقد استحب أهل العلم صيام يوم عرفة إلا بعرفة.
46 - باب ما جاء في كراهية صوم يوم عرفة بعرفة
747 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا إسماعيل بن علية أخبرنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة وأرسلت إليه أم الفضل بلبن فشرب".
وفي الباب عن أبي هريرة وابن عمر وأم الفضل.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. وقد روي عن ابن عمر قال: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه يعني يوم عرفة، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه".
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم يستحبون الإفطار بعرفة ليتقوى به الرجل على الدعاء. وقد صام بعض أهل العلم يوم عرفة بعرفة.
748 - حدثنا أحمد بن منيع وعلي بن حجر قالا أخبرنا سفيان بن عيينة وإسماعيل ابن إبراهيم عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال سئل ابن عمر عن صوم عرفة قال:
- "حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه، وأنـا لا أصومه ولا آمر بـه ولا أنهى عنه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. وأبو نجيح اسمه يسار سمع من ابن عمر. وقد روي هذا الحديث أيضا عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجل عن ابن عمر.
47 - باب ما جاء في الحث على صوم يوم عاشوراء
749 - حدثنا قتيبة وأحمد بن عبدة الضبي قالا أخبرنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
وفي الباب عن علي ومحمد بن صيفي وسلمة بن الأكوع وهند بن أسماء وابن عباس والربيع بنت معوذ بن عفراء وعبد الرحمن بن سلمة الخزاعي عن عمه وعبد الله بن الزبير، ذكروا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على صيام يوم عاشوراء.
قال أبو عيسى: لا نعلم في شيء من الروايات أنه قال: صيام يوم عاشوراء كفارة سنة. إلا في حديث أبي قتادة، وبحديث أبي قتادة يقول أحمد وإسحاق.
48 - باب ما جاء في الرخصة في ترك صوم يوم عاشوراء
750 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:
- "كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما افترض رمضان كان رمضان هو الفريضة وترك عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه".
وفي الباب عن ابن مسعود وقيس بن سعد وجابر بن سمرة وابن عمر ومعاوية.
قال أبو عيسى: والعمل على هذا عند أهل العلم، على حديث عائشة وهو حديث صحيح. لا يرون صيام عاشوراء واجبا إلا من رغب في صيامه لما ذكر فيه من الفضل.
49 - باب ما جاء في عاشوراء أي يوم هو
751 - حدثنا هناد وأبو كريب. قالا أخبرنا وكيع عن حاجب بن عمر عن الحكم ابن الأعرج قال:
- "انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت: أخبرني عن يوم عاشوراء أي يوم أصومه؟ فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ثم أصبح من يوم التاسع صائما، قال: قلت: أهكذا كان يصومه محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم".
752 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبد الوارث بن يونس عن الحسن عن ابن عباس قال:
- "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر".
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في يوم عاشوراء، فقال بعضهم يوم التاسع، وقال بعضهم يوم العاشر. وروي عن ابن عباس أنه قال: "صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود".
وبهذا الحديث يقول الشافعي وأحمد وإسحاق.
50 - باب ما جاء في صيام العشر
753 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط".
قال أبو عيسى: هكذا روى غير واحد عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. وروى الثوري وغيره هذا الحديث عن منصور عن إبراهيم، "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير صائما في العشر".
وروى أبو الأحوص عن منصور عن إبراهيم عن عائشة ولم يذكر فيه عن الأسود. وقد اختلفوا على منصور في الحديث، ورواية الأعمش أصح وأوصل إسنادا. قال سمعت أبا بكر محمد بن أبان يقول: سمعت وكيعا يقول: الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور.
51 - باب ما جاء في العمل في أيام العشر
754 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم وهو ابن أبي عمران البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء".
وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن غريب صحيح.
755 - حدثنا أبو بكر بن نافع البصري أخبرنا مسعود بن واصل عن نهاس بن قهم عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الججة، يعدل صيام كل يوم منها صيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس. وسألت محمدا عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا. وقال: قد روي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل شيء من هذا.
52 - باب ما جاء في صيام ستة أيام من شوال
756 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا أبو معاوية أخبرنا سعيد بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فذلك صيام الدهر".
وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وثوبان.
قال أبو عيسى: حديث أبي أيوب حديث حسن صحيح وقد استحب قوم صيام ستة من شوال لهذا الحديث.
وقال ابن المبارك: هو حسن مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر. قال ابن المبارك: ويروى في بعض الحديث: ويلحق هذا الصيام برمضان واختار ابن المبارك أن يكون ستة أيام من أول الشهر وقد روي عن ابن المبارك أنه قال: إن صام ستة أيام من شوال متفرقا فهو جائز.
قال أبو عيسى: قد روى عبد العزيز بن محمد عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد هذا الحديث عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا. وروى شعبة عن ورقاء بن عمر عن سعد بن سعيد هذا الحديث. وسعدبن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري. وقد تكلم بعض أهل الحديث في سعد بن سعيد من قبل حفظه.
53 - باب ما جاء في صوم ثلاثة من كل شهر
757 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن أبي الربيع عن أبي هريرة قال:
- عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: "أن لا أنام إلا على وتر، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر وأن أصلي الضحى".
758 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود أنبأنا شعبة عن الأعمش قال: سمعت يحيى بن بسام يحدث عن موسى بن طلحة قال سمعت أبا ذر يقول:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة".
وفي الباب عن أبي قتادة وعبد الله بن عمرو وقرة بن إياس المزني وعبد الله بن مسعود وأبي عقرب وابن عباس وعائشة وقتادة بن ملحان وعثمان بن أبي العاص وجرير.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن.
وقد روي في بعض الحديث أن من صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كمن صام الدهر.
759 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أبي ذر قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر فأنزل الله تبارك وتعالى تصديق ذلك في كتابه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}، اليوم بعشرة أيام".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
قال أبو عيسى: وقد روى شعبة هذا الحديث عن أبي شمر وأبي التياح عن أبي عثمان وقال عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
760 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة عن يزيد الرشك قال سمعت معاذة قالت:
- قلت لعائشة: "أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر؟ قالت: نعم، قلت: من آيه كان يصوم؟ قالت: كان لا يبالي من آيه صام".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح قال: ويزيد الرشك هو يزيد الضبعي وهو يزيد القاسم وهو القسام، والرشك هو القسام في لغة أهل البصرة.
54 - باب ما جاء في فضل الصوم
761 - حدثنا عمران بن موسى القزاز البصري أخبرنا عبد الوارث بن سعيد أخبرنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم يقول كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والصوم لي وأنا أجزي به والصوم جنة من النار، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وإن جهل على أحدكم جاهل وهو صائم فليقل إني صائم".
وفي الباب عن معاذ بن جبل وسهل بن سعد وكعب بن عجرة وسلامة بن قيصر وبشير بن الخصاصية. واسم بشير زحم بن معبد، والخصاصية هي أمه.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه.
762 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا أبو عامر العقدي عن هشام بن سعد عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "في الجنة باب يدعى الريان يدعى له الصائمون فمن كان من الصائمين دخله، ومن دخله لم يظمأ أبدا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب.
763 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
55 - باب ما جاء في صوم الدهر
764 - حدثنا قتيبة وأحمد بن عبدة الضـبي قال أخبرنا حماد بن زيد عن غيلان ابن جرير عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة قال:
- "قيل يا رسول الله كيف لمن صام الدهر قال: لا صام ولا أفطر أو لم يصم ولم يفطر".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن الشخير وعمران بن حصين وأبي موسى.
قال أبو عيسى: حديث أبي قتادة حديث حسن.
وقد كره قوم من أهل العلم صيام الدهر، وقالوا إنما يكون صيام الدهر إذا لم يفطر يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق فمن أفطر في هذه الأيام فقد خرج من حد الكراهية ولا يكون قد صام الدهر كله. هكذا روي عن مالك بن أنس وهو قول الشافعي وقال أحمد وإسحاق نحوا من هذا وقالا لا يجب أن يفطر أياما غير هذه الخمسة الأيام التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق.
56 - باب ما جاء في سرد الصوم
765 - حدثنا قتيبة أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عبد الله بن شقيق قال:
- "سألت عائشة عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان يصوم حتى نقول قد صام ويفطر حتى نقول قد أفطر، وما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا إلا رمضان".
وفي الباب عن أنس وابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
766 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس بن مالك
- أنه سئل عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان يصوم من الشهر حتى يرى أنه لا يريد أن يفطر منه، ويفطر حتى يرى أنه لا يريد أن يصوم منه شيئا، فكنت لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته مصليا، ولا نائما إلا رأيته نائما".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
767 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن مسعر وسفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصوم صوم أخي داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأبو العباس هو الشاعر الأعمى واسمه السائب بن فروخ.
وقال بعض أهل العلم: أفضل الصيام أن يصوم يوما ويفطر يوما، ويقال: هذا هو أشد الصيام.
57 - باب ما جاء في كراهية الصوم يوم الفطر ويوم النحر
768 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال:
- "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامين صيام يوم الأضحى ويوم الفطر".
وفي الباب عن عمر وعلي وعائشة وأبي هريرة وعقبة بن عامر وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح. والعمل عليه عند أهل العلم.
قال أبو عيسى: وعمرو بن يحيى هو ابن عمارة بن أبي الحسن المازني المديني، وهو ثقة، روى عنه سفيان الثوري وشعبة ومالك بن أنس.
769 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال:
- "شهدت عمر بن الخطاب في يوم نحر بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صوم هذين اليومين، أما يوم الفطر ففطركم من صومكم وعيد للمسلمين، وأما يوم الأضحى فكلوا من لحم نسككم".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. وأبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف اسمه سعد، ويقال له مولى عبد الرحمن بن أزهر أيضا. وعبد الرحمن بن أزهر هو ابن عم عبد الرحمن بن عوف.
58 - باب ما جاء في كراهية صوم أيام التشريق
770 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب".
وفي الباب عن علي وسعد وأبي هريرة وجابر ونبيشة وبشر بن سحيم وعبد الله بن حذافة وأنس وحمزة بن عمرو الأسلمي وكعب بن مالك وعائشة وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم يكرهون صيام أيام التشريق، إلا أن قوما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم رخصوا للمتمتع إذا لم يجد هديا ولم يصم في العشر أن يصوم أيام التشريق. وبه يقول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق.
قال أبو عيسى: وأهل العراق يقولون: موسى بن علي بن رباح وأهل مصر يقولون موسى بن علي. وقال: سمعت قتيبة يقول سمعت الليث بن سعد يقول: قال موسى ابن علي: لا أجعل أحدا في حل صغر اسم أبي.
59 - باب ما جاء في كراهية الحجامة للصائم
771 - حدثنا محمد بن رافع النيسابوري ومحمود بن غيلان ويحيى بن موسى قالوا أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفطر الحاجم والمحجوم".
وفي الباب عن سعد وعلي وشداد بن أوس وثوبان وأسامة بن زيد وعائشة ومعقل ابن يسار، ويقال معقل بن سنان وأبي هريرة وابن عباس وأبي موسى وبلال.
قال أبو عيسى: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح. وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: أصح شيء في هذا الباب حديث رافع بن خديج وذكر عن علي بن عبد الله أنه قال أصح شيء في هذا الباب حديث ثوبان وشداد بن أوس لأن يحيى ابن أبي كثير روى عن أبي قلابة الحديثين جميعا، حديث ثوبان وحديث شداد بن أوس.
وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم الحجامة للصائم حتى أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بالليل منهم أبو موسى الأشعري وابن عمر وبهذا يقول ابن المبارك.
قال أبو عيسى: وسمعت إسحاق بن منصور يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: من احتجم وهو صائم فعليه القضاء قال إسحاق بن منصور وهكذا قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم.
قال أبو عيسى: وأخبرني الحسن بن محمد الزعفراني قال: قال الشافعي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفطر الحاجم والمحجوم. ولا أعلم أحدا من هذين الحديثين ثابتا. ولو توقى رجل الحجامة وهو صائم كان أحب إلي وإن احتجم وهو صائم لم أر ذلك أن يفطره.
قال أبو عيسى: هكذا كان قول الشافعي ببغداد، وأما بمصر فمال إلى الرخصة، ولم ير بالحجامة بأسا واحتج أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في حجة الوداع وهو محرم صائم.
60 - باب ما جاء من الرخصة في ذلك
772 - حدثنا بشر بن هلال البصري أخبرنا عبد الوارث بن سعيد أخبرنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- "احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم صائم ".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح هكذا روى وهيب نحو رواية عبد الوارث وروى إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة مرسلا ولم يذكر فيه عن ابن عباس.
773 - حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
774 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا عبد الله بن إدريس عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فيما بين مكة والمدينة وهو محرم صائم".
وفي الباب عن أبي سعيد وجابر وأنس.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. وقد ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا الحديث ولم يروا بالحجامة للصائم بأسا وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس والشافعي.
61 - باب ما جاء في كراهية الوصال في الصيام.
775 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي أخبرنا بشر بن المفضل وخالد بن الحارث عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تواصلوا، قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال: إني لست كأحدكم إن ربي يطعمني ويسقيني".
وفي الباب عن علي وأبي هريرة وعائشة وابن عمر وجابر وأبي سعيد وبشير بن الخصاصية.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم كرهوا الوصال في الصيام وروي عن عبد الله بن الزبير أنه كان يواصل الأيام ولا يفطر.
62 - باب ما جاء في الجنب يدركه الفجر وهو يريد الصوم.
776 - حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال:
- "أخبرتني عائشة وأم سلمة زوجا النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل فيصوم".
قال أبو عيسى: حديث عائشة وأم سلمة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق وقد قال قوم من التابعين: إذا أصبح جنبا يقضي ذلك اليوم. والقول الأول أصح.
63 - باب ما جاء في إجابة الصائم الدعوة.
777 - حدثنا أزهر بن مروان البصري أخبرنا محمد بن سواء أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان صائما فليصل"، يعني الدعاء.
778 - حدثنا نصر بن علي أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا دعي أحدكم وهو صائم فليقل: إني صائم".
قال أبو عيسى: فكلا الحديثين في هذا الباب عن أبي هريرة حسن صحيح.
64 - باب ما جاء في كراهية صوم المرأة إلا بإذن زوجها
779 - حدثنا قتيبة ونصر بن علي قالا أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير شهر رمضان إلا بإذنه".
وفي الباب عن ابن عباس وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وقد روي هذا الحديث عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
65 - باب ما جاء في تأخير قضاء رمضان.
780 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن إسماعيل السدي عن عبد الله البهي عن عائشة قالت:
- "ما كنت أقضي ما يكون علي من رمضان إلا في شعبان حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم"
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي سلمة عن عائشة نحو هذا.
66 - باب ما جاء في فضل الصائم إذا أكل عنده.
781 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا شريك عن حبيب بن زيد عن ليلى عن مولاتها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " الصائم إذا أكل عنده المفاطير صلت عليه الملائكة".
قال أبو عيسى: وروى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن زيد عن جدته أم عمارة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
782 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة عن حبيب بن زيد قال: سمعت مولاة لنا يقال لها ليلى تحدث عن أم عمارة ابنة كعب الأنصارية:
- " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقدمت إليه طعاما فقال: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا، وربما قال حتى يشبعوا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وهو أصح من حديث شريك.
783 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن حبيب بن زيد عن مولاة لهم يقال لها ليلى عن أم عمارة بنت كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يذكر فيه حتى يفرغوا أو يشبعوا".
قال أبو عيسى: وأم عمارة هي جدة حبيب بن زيد الأنصاري.
67 - باب ما جاء في قضاء الحائض الصيام دون الصلاة.
784 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا علي بن مسهر عن عبيدة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- " كنا نحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نطهر فيأمرنا بقضاء الصيام ولا يأمرنا بقضاء الصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. وقد روي عن معاذة عن عائشة أيضا. والعمل على هذا عند أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا في أن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة.
قال أبو عيسى: وعبيدة هو ابن معتب الضبي الكوفي ويكنى أبا عبد الكريم.
68 - باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم.
785 - حدثنا عبد الوهاب الوراق وأبو عمار قالا أخبرنا يحيى بن سليم قال حدثني إسماعيل بن كثير قال سمعت عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال:
- " قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وقد كره أهل العلم السعوط للصائم ورأوا أن ذلك يفطره، وفي الحديث ما يقوي قولهم.
69 - باب ما جاء فيمن نزل بقوم فلا يصوم إلا بإذنهم.
786 - حدثنا بشر بن معاذ العقدي البصري أخبرنا أيوب بن واقد الكوفي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا بإذنهم".
قال أبو عيسى: هذا حديث منكر لا نعرف أحدا من الثقات روى هذا الحديث عن هشام بن عروة. وقد روى موسى بن داود عن أبي بكر المديني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من هذا. وهذا حديث ضعيف أيضا. أبو بكر ضعيف عند أهل الحديث. وأبو بكر المديني الذي روى عن جابر بن عبد الله اسمه الفضل بن مبشر وهو أوثق من هذا أو أقدم.
70 - باب ما جاء في الاعتكاف.
787 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وعروة عن عائشة:
- " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله".
قال: وفي الباب عن أبي ابن كعب وأبي ليلى وأبي سعيد وأنس وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة وعائشة حديث حسن صحيح.
788 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت:
- " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل في معتكفه".
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، ورواه مالك وغير واحد عن يحيى بن سعيد مرسلا. ورواه الأوزاعي عن سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة.
والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم يقولون: إذا أراد الرجل أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل في معتكفه. وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم. وقال بعضهم إذا أراد أن يعتكف فلتغب له الشمس من الليلة التي يريد أن يعتكف فيها من الغد، وقد قعد في معتكفه وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس.
71 - باب ما جاء في ليلة القدر.
789 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:
- " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان".
وفي الباب عن عمر وأبي بن كعب وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وابن عمر والفلتان بن عاصم وأنس وأبي سعيد وعبد الله بن أنيس وأبي بكرة وابن عباس وبلال وعبادة بن الصامت".
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح وقولها يجاور تعني يعتكف وأكثر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر". وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر أنها ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين وآخر ليلة من رمضان. قال الشافعي كان هذا عندي والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما يسأل عنه. يقال له نلتمسها في ليلة كذا فيقول التمسوها في ليلة كذا. قال الشافعي وأقوى الروايات عندي فيها ليلة إحدى وعشرين.
قال أبو عيسى: وقد روي عن أبي بن كعب أنه كان يحلف أنها ليلة سبع وعشرين ويقول: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلامتها فعددنا وحفظنا وروي عن أبي قلابة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر أخبرنا بذلك عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة بهذا.
790 - حدثنا واصل بن عبد الأعلى الكوفي أخبرنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر قال: قلت لأبي بن كعب: أنى علمت أبا المنذر أنها ليلة سبع وعشرين؟ قال: بلى أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ليلة صبيحتها تطلع الشمس ليس لها شعاع. فعددنا وحفظنا والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين ولكن كره أن يخبركم فتتكلوا.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
791 - حدثنا حميد بن مسعدة أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا عيينة بن عبد الرحمن قال حدثني أبي قال: ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة فقال: ما أنا بملتمسها لشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في العشر الأواخر فإني سمعته يقول التمسوها في تسع يبقين أو سبع يبقين أو خمس يبقين أو ثلاث أو آخر ليلة. قال: وكان أبو بكرة يصلي في العشرين من رمضان كصلاته في سائر السنة، فإذا دخل العشر اجتهد.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
72 - باب منه.
792 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا وكيع أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عن علي:
- " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
793 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبد الرحمن بن زياد عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن صحيح.
73 - باب ما جاء في الصوم في الشتاء.
794 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا يحيى بن سعيد أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن نمير بن عريب عن عامر بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء".
قال أبو عيسى: هذا حديث مرسل. عامر بن مسعود لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو والد إبراهيم بن عامر القرشي الذي روى عنه شعبة والثوري.
74 - باب ما جاء على الذين يطيقونه.
795 - حدثنا قتيبة أخبرنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب ويزيد هو ابن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع.
75 - باب ما جاء في من أكل ثم خرج يريد سفرا.
796 - حدثنا قتيبة قال أخبرنا عبد الله بن جعفر عن يزيد بن أسلم عن محمد بن المنكدر عن محمد بن كعب أنه قال:
- "أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له سنة؟ فقال: سنة، ثم ركب".
797 - حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر قال حدثني زيد بن أسلم قال حدثني محمد بن المنكدر عن محمد بن كعب قال: "أتيت أنس بن مالك في رمضان فذكر نحوه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن ومحمد بن حعفر هو ابن أبي كثير مديني ثقة وهو أخو إسماعيل بن جعفر وعبد الله بن جعفر هو ابن نجيح والد علي بن المديني. وكان يحيى بن معين يضعفه. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقال: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية وهو قول إسحاق بن إبراهيم.
76 - باب ما جاء في تحفة الصائم.
798 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا أبو معاوية عن سعد بن طريف عن عمير بن مأمون عن الحسن بن علي قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تحفة الصائم الدهن والمجمر".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث سعد ابن طريف. وسعد يضعف ويقال عمير بن مأموم أيضا.
77 - باب ما جاء في الفطر والأضحى متى يكون.
799 - حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا يحيى بن اليمان عن معمر عن محمد بن المنكدر عن عائشة قالت:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس".
قال أبو عيسى: سألت محمدا قلت له: محمد بن المنكدر سمع من عائشة؟ قال: نعم يقول في حديثه سمعت عائشة.
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه.
78 - باب ما جاء في الاعتكاف إذا خرج منه.
800 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا ابن أبي عدي أنبأنا حميد الطويل عن أنس ابن مالك قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فلم يعتكف عاما. فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح من حديث أنس.
واختلف أهل العلم في المعتكف إذا قطع اعتكافه قبل أن يتمه على ما نوى، فقال بعض أهل العلم إذا نقض اعتكافه وجب القضاء، واحتجوا بالحديث:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من اعتكافه فاعتكف عشرا من شوال، وهو قول مالك. وقال بعضهم: إن لم يكن عليه نذر اعتكاف أو شيء أوجبه على نفسه وكان متطوعا فخرج فليس عليه شيء أن يقضي، إلا أن يحب اختيارا منه ولا يجب ذلك عليه". وهو قول الشافعي. قال الشافعي: وكل عمل لك أن لا تدخل فيه، فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج والعمرة. وفي الباب عن أبي هريرة.
79 - باب المعتكف يخرج لحاجته أم لا.
801 - حدثنا أبو مصعب المديني قراءة عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة أنها قالت:
- " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف أدنى إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. هكذا رواه غير واحد عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة والصحيح عن عروة وعمرة عن عائشة. هكذا روى الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة.
802 - حدثنا بذلك قتيبة عن الليث. والعمل على هذا عند أهل العلم إذا اعتكف الرجل أن لا يخرج من اعتكافه إلا لحاجة الإنسان، وأجمعوا على هذا: أنه يخرج لقضاء حاجته للغائط والبول. ثم اختلف أهل العلم في عيادة المريض وشهود الجمعة والجنازة للمعتكف، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن يعود المريض ويشيع الجنازة ويشهد الجمعة إذا اشترط ذلك، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وقال بعضهم: ليس له أن يفعل شيئا من هذا ورأوا للمعتكف إذا كان في مصر يجمع فيه، أن لا يعتكف إلا في المسجد الجامع لأنهم كرهوا له الخروج من معتكفه إلى الجمعة، ولم يروا له أن يترك الجمعة فقالوا لا يعتكف إلا في المسجد الجامع حتى لا يحتاج إلى أن يخرج من معتكفه لغير قضاء حاجة الإنسان، لأن خروجه لغير قضاء حاجة الإنسان قطع عندهم للاعتكاف، وهو قول مالك والشافعي. وقال أحمد: لا يعود المريض ولا يتبع الجنازة على حديث عائشة. وقال إسحاق: إن اشترط ذلك فله أن يتبع الجنازة ويعود المريض.
80 - باب ما جاء في قيام شهر رمضان.
803 - حدثنا هناد أخبرنا محمد بن الفضيل عن داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير عن أبي ذر قال:
"صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف هو كتب له قيام ليلة. ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر وصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟ قال: السحور".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
واختلف أهل العلم في قيام رمضان، فرأى بعضهم أن يصلي إحدى وأربعين ركعة مع الوتر، وهو قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم بالمدينة. وأكثر أهل العلم على ما روي عن علي وعمر وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي رحمه الله. وقال الشافعي: وهكذا أدركت ببلدنا بمكة، يصلون عشرين ركعة. وقال أحمد: روي في هذا ألوان لم يقض فيه بشيء، وقال إسحاق بل نختار إحدى وأربعين ركعة على ما روي عن أبي ابن كعب واختار ابن المبارك وأحمد وإسحاق الصلاة مع الإمام في شهر رمضان، واختار الشافعي أن يصلي الرجل وحده إذا كان قارئا.
81 - باب ما جاء في فضل من فطر صائما.
804 - حدثنا هناد أخبرنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن زيد بن خالد الجهني قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
82 - باب الترغيب في قيام شهر رمضان وما جاء فيه من الفضل.
805 - حدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة ويقول: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر كذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر بن الخطاب على ذلك".
وفي الباب عن عائشة. هذا حديث صحيح. وقد روي هذا الحديث أيضا عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.