أبواب البيوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 - باب ما جاء في ترك الشبهات.
بسم الله الرحمن الرحيم
1221 - حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا حماد بن زيد عن مجالد، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير قال:
- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحلال بين والحرام بين. وبين ذلك أمور مشتبهات. لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام. فمن تركها. استبراء لدينه وعرضه فقد سلم. ومن واقع شيئا منها، يوشك أن يواقع الحرام. كما أنه من يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه. إلا وإن لكل ملك حمى. إلا وإن حمى الله محارمه".
1222 - حدثنا هناد. حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه بمعناه. هذا حديث حسن صحيح. وقد رواه غير واحد عن الشعبي، عن النعمان بن بشير.
2 - باب ما جاء في أكل الربا.
1223 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن ابن مسعود، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه.
وفي الباب عن عمر وعلي وجابر. حديث عبد الله حديث حسن صحيح.
3 - باب ما جاء في التغليظ في الكذب والزور ونحوه.
1224 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني. حدثنا خالد بن الحارث، عن شعبة. حدثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن أنس،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم (في الكبائر) قال: "الشرك بالله وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وقول الزور". وفي الباب عن أبي بكرة وأيمن بن خريم وابن عمر. حديث أنس، حديث حسن صحيح غريب.
4 - باب ما جاء في التجار وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم.
1225 - حدثنا هناد. حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن قيس بن أبي غرزة، قال:
- خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسمى السماسرة. فقال: "يا معشر التجار! إن الشيطان والإثم يحضران البيع. فشوبوا بيعكم بالصدقة".
وفي الباب عن البراء بن عازب ورفاعة.
حديث قيس بن أبي غرزة حديث حسن صحيح. رواه منصور والأعمش وحبيب بن أبي ثابت وغير واحد عن أبي وائل، عن قيس بن أبي غرزة. ولا نعرف لقيس عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا.
1226 - حدثنا هناد. حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، شقيق بن سلمة، عن قيس بن أبي غرزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه بمعناه. وهذا حديث صحيح.
1227 - حدثنا هناد: حدثنا قبيصة حدثنا عن سفيان، عن أبي حمزة، عن الحسن، عن أبي سعيد،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التاجر الصدوق الأمين، مع النبيين والصديقين والشهداء".
حدثنا سويد. حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن أبي حمزة، بهذا الإسناد نحوه. هذا حديث حسن. لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث الثوري عن أبي حمزة. وأبو حمزة عبد الله بن جابر. وهو شيخ بصري.
1228 - حدثنا يحيى بن خلف. حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إسماعيل بن عيبد بن رفاعة، عن أبيه عن جده؛
- أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى. فرأى الناس يتبايعون فقال "يا معشر التجار! " فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه. فقال "إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا. إلا من اتقى الله وبر وصدق".
هذا حديث حسن صحيح. ويقال: إسماعيل بن عبيد الله بن رفاعة أيضا.
5 - باب ما جاء فيمن حلف على سلعة كاذبا.
1229 - حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود: أنبأنا شعبة قال: أخبرني علي بن مدرك قال: سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير، يحدث عن خرشة بن الحر، عن أبي ذر،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. قلت: من هم يا رسول الله؟ فقد خابوا وخسروا. قال: المنان، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب".
وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة وأبي أمامة بن ثعلبة وعمران بن حصين ومعقل بن يسار. حديث أبي ذر، حديث حسن صحيح.
6 - باب ما جاء في التبكير بالتجارة.
1230 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي. حدثنا هشيم: حدثنا يعلى بن عطاء عن عمارة بن حديد، عن صخر الغامدي قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "اللهم بارك لأمتي في بكورها". قال: وكان إذا بعث سرية أو جيشا، بعثهم أول النهار. وكان صخر رجلا تاجرا. وكان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار، فأثرى وكثر ماله.
وفي الباب عن علي وبريدة وابن مسعود وأنس وابن عمر وابن عباس وجابر. حديث صخر الغامدي حديث حسن. ولا نعرف لصخر الغامدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث. وقد روى سفيان الثوري، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، هذا الحديث.
7 - باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل.
1231 - حدثنا أبو حفص عمرو بن علي. حدثنا يزيد بن زريع. حدثنا عمارة بن أبي حفصة. حدثنا عكرمة عن عائشة، قالت:
- كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبين قطريين غليظين. فكان إذا قعد فعرق، ثقلا عليه. فقدم بز من الشام لفلان اليهودي. فقلت: لو بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة. فأرسل إليه فقال: قد علمت ما يريد. إنما يريد أن يذهب بمالي، أو بدراهمي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كذب. قد علم أني من أتقاهم لله وآداهم للأمانة".
وفي الباب عن ابن عباس وأنس وأسماء ابنة يزيد. حديث عائشة حديث حسن صحيح غريب. وقد رواه شعبة أيضا عن عمارة بن أبي حفصة. سمعت محمد بن فراس البصري يقول: سمعت أبا داود الطيالسي يقول: سئل شعبة يوما عن هذا الحديث فقال: لست أحدثكم حتى تقوموا إلى حرمي بن عمارة، فتقبلوا رأسه. قال: وحرمي في القوم.
1232 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا ابن أبي عدي وعثمان بن أبي عمر عن هشام بن حسان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:
- " توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة بعشرين صاعا من طعام، أخذه لأهله".
هذا حديث حسن صحيح.
1233 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا ابن أبي عدي عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أنس قال: قال محمد وأخبرنا معاذ بن هشام قال: حدثنا أبي عن قتادة، عن أنس قال:
- " مشيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة. ولقد رهن له درع مع يهودي بعشرين صاعا من طعام أخذه لأهله. ولقد سمعته ذات يوم يقول: ما أمسى عند آل محمد صاع تمر ولا صاع حب. وإن عنده يومئذ لتسع نسوة".
هذا حديث حسن صحيح.
8 - باب ما جاء في كتابة الشروط.
1234 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عباد بن ليث عن صاحب الكرابيسي. حدثنا عبد المجيد بن وهب قال: قال لي العداء بن خالد بن هوذة: ألا أقرئك كتابا كتبه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال قلت: بلى. فأخرج لي كتابا (هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. اشترى منه عبدا أو أمة. لا داء ولا غائلة ولا خبثة، بيع المسلم المسلم)
هذا حديث حسن غريب. لا نعرفه إلا من حديث عباد بن ليث. وقد روى عنه هذا الحديث غير واحد من أهل الحديث.
9 - باب ما جاء في المكيال والميزان.
1235 - حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني. حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن حسين بن قيس، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكيل والميزان " إنكم قد وليتم أمرين، هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم".
هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسين بن قيس. وحسين بن قيس يضعف في الحديث. وقد روي هذا بإسناد صحيح موقوفا عن ابن عباس.
10 - باب ما جاء في بيع من يزيد.
1236 - حدثنا حميد بن مسعدة. حدثنا عبيد الله بن شميط بن عجلان. حدثنا الأخضر بن عجلان عن عبد الله الحنفي، عن أنس بن مالك،
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا. وقال "من يشتري هذا الحلس والقدح" ؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " من يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟ " فأعطاه رجل درهمين. فباعهما منه.
هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان. وعبد الله الحنفي الذي روى عن أنس، هو أبو بكر الحنفي. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. لم يروا بأسا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث وقد روى هذا الحديث المعتمر بن سليمان، وغير واحد من أهل الحديث عن الأخضر بن عجلان.
11 - باب ما جاء في بيع المدبر.
1237 - حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن جابر؛ أن رجلا من الأنصار دبر غلاما له. فمات ولم يترك مالا غيره. فباعه النبي صلى الله عليه وسلم. فاشتراه نعيم بن النحام قال جابر: عبدا قبطيا مات عام الأول، في إمارة بن الزبير.
هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن جابر بن عبد الله.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم لم يروا بأسا ببيع المدبر وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وكره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم بيع المدبر. وهو قول سفيان الثوري ومالك والأوزاعي.
12 - باب ما جاء في كراهية تلقي البيوع.
1238 - حدثنا هناد. حدثنا ابن المبارك. حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه نهى عن تلقي البيوع. وفي الباب عن علي وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
1239 - حدثنا سلمة بن شبيب. حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتلقى الجلب. فإن تلقاه إنسان فابتاعه، فصاحب السلعة فيها بالخيار. إذا ورد السوق.
هذا حديث حسن غريب من حديث أيوب. وحديث ابن مسعود حديث حسن صحيح. وقد كره قوم من أهل العلم تلقي البيوع. وهو ضرب من الخديعة. وهو قول الشافعي وغيره من أصحابنا.
13 - باب ما جاء لا يبيع حاضر لباد.
1240 - حدثنا قتيبة وأحمد بن منيع قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال قتيبة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يبيع حاضر لباد".
وفي الباب عن طلحة وأنس وجابر وابن عباس وحكيم بن أبي يزيد، عن أبيه، وعمرو بن عوف المزني جد كثير بن عبد الله ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
1241 - حدثنا نصر بن علي وأحمد بن منيع قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير، عن جابر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يبيع حاضر لباد. دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض". حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وحديث جابر في هذا، هو حديث حسن صحيح أيضا. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. كرهوا أن يبيع حاضر لباد. ورخص بعضهم في أن يشتري حاضر لباد. وقال الشافعي: يكره أن يبيع حاضر باد، وإن باع فالبيع جائز.
14 - باب ما جاء في النهي عن المحاقلة والمزابنة.
1242 - حدثنا قتيبة.حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة.
وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت وسعد وجابر ورافع بن خديج وأبي سعيد.
حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
والمحاقلة بيع الزرع بالحنطة. والمزابنة بيع الثمر على رؤوس النخل بالتمر. والعمل على هذا عند أهل العلم. كرهوا بيع المحاقلة والمزابنة.
1243 - حدثنا قتيبة. حدثنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن يزيد؛
- أن زيدا أبا عياش، سأل سعدا عن البيضاء بالسلت. فقال: أيهما أفضل؟ قال: البيضاء. فنهى عن ذلك. وقال سعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب. فقال لمن حوله " أينقص الرطب إذا يبس؟ " قالوا نعم، فنهى عن ذلك.
حدثنا هناد. حدثنا وكيع عن مالك، عن عبد الله بن يزيد عن زيد أبي عياش قال: سألنا سعدا، فذكر نحوه. هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. وهو قول الشافعي وأصحابنا.
15 - باب ما جاء في كراهية بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها.
1244 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو.
1245 - وبهذا الإسناد؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة. نهى البائع والمشتري. وفي الباب عن أنس، وعائشة، وأبي هريرة، وابن عباس، وجابر وأبي سعيد وزيد بن ثابت. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. كرهوا بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
1246 - حدثنا الحسن بن علي الخلال. حدثنا أبو الوليد وعفان وسليمان بن حرب، قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن حميد، عن أنس،
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد".
هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث حماد بن سلمة.
16 - باب ما جاء في النهي عن بيع حبل الحبلة.
1247 - حدثنا قتيبة. حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر:
- " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة".
وفي الباب عن عبد الله بن عباس وأبي سعيد الخدري.
حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. وحبل الحبلة نتاج النتاج. وهو بيع مفسوخ عند أهل العلم. وهو من بيوع الغرر. وقد روى شعبة هذا الحديث عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وروى عبد الوهاب الثقفي وغيره عن أيوب، عن سعيد بن جبير ونافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أصح.
17 - باب ما جاء في كراهية بيع الغرر.
1248 - حدثنا أبو كريب. حدثنا أبو أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال:
- " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر وبيع الحصاة".
وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأنس. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم. كرهوا بيع الغرر. قال الشافعي: ومن بيع الغرر بيع السمك في الماء. وبيع العبد الآبق. وبيع الطير في السماء. ونحو ذلك من البيوع. ومعنى بيع الحصاة، أن يقول البائع للمشتري: إذا نبذت إليك بالحصاة، فقد وجب البيع فيما بيني وبينك. وهو يشبه بيع المنابذة. وكان هذا من بيوع أهل الجاهلية.
18 - باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة.
1249 - حدثنا هناد. حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال:
- " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وابن عمر وابن مسعود. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. وقد فسر بعض أهل العلم، قالوا: بيعتين في بيعة، أن يقول: أبيعك هذا الثوب بنقد بعشرة، وبنسيئة بعشرين، ولا يفارقه على أحد البيعين، فإذا فارقه على أحدهما، فلا بأس إذا كانت العقدة على واحد منهما.
قال الشافعي: ومن معنى ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، أن يقول: أبيعك داري هذه بكذا. على أن تبيعني غلامك بكذا. فإذا وجب لي غلامك وجبت لك داري. وهذا تفارق عن بيع بغير ثمن معلوم، ولا يدري كل واحد منهما على ما وقعت عليه صفقته.
19 - باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عنده.
1250 - حدثنا قتيبة. حدثنا هشيم عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام، قال:
- سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يأتيني الرجل فيسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق ثم أبيعه؟ قال: "لا تبع ما ليس عندك".
1251 - حدثنا قتيبة. حدثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام قال "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي".
هذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن عبد الله بن عمر.
1252 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. حدثنا أيوب. حدثنا عمرو بن شعيب قال: حدثني أبي، عن أبيه، حتى ذكر عبد الله بن عمرو،
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل سلف وبيع. ولا شرطان في بيع. ولا ربح ما لم يضمن. ولا بيع ما ليس عندك".
وهذا حديث حسن صحيح.
قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: ما معنى نهى عن سلف وبيع؟ قال: أن يكون يقرضه قرضا ثم يبايعه بيعا يزداد عليه. ويحتمل أن يكون يسلف إليه في شيء فيقول: إن لم يتهيأ عندك فهو بيع عليك. قال إسحاق كما قال قلت لأحمد: وعن بيع ما لم تضمن؟ قال: لا يكون عندي إلا في الطعام يعني ما لم تقبض. قال إسحاق: كما قال: في كل ما يكال أو يوزن. قال أحمد: وإذا قال أبيعك هذا الثوب وعلى خياطته وقصارته. فهذا من نحو شرطين في بيع. وإذا قال: أبيعكه، وعلي خياطته فلا بأس به. أو قال أبيعكه وعلي قصارته فلا بأس به. إنما هذا شرط واحد. قال إسحاق: كما قال.
حديث حكيم بن حزام حديث حسن. وقد روي من غير وجه. وروى أيوب السختياني وأبو بشر عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام. وروى هذا الحديث عوف وهشام بن حسان، عن ابن سيرين عن حكيم بن حزام، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا حديث مرسل. إنما رواه ابن سيرين عن أيوب السختياني. عن يوسف بن ماهك. عن حكيم بن حزام هكذا.
1253 - حدثنا الحسن بن علي الخلال وعبدة بن عبد الله وغير واحد، قالوا: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن يزيد بن إبراهيم، عن ابن سيرين، عن أيوب، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم قال:
- نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي.
وروى وكيع هذا الحديث عن يزيد بن إبراهيم عن ابن سيرين، عن أيوب، عن حكيم بن حزام. ولم يذكر فيه (عن يوسف بن ماهك) .
ورواية عبد الصمد أصح.
وقد روى يحيى بن أبي كثير هذا الحديث عن يعلى بن حكيم، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. كرهوا أن يبيع الرجل ما ليس عنده.
20 - باب ما جاء في كراهية بيع الولاء وهبته.
1254 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان وشعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛
- " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته".
هذا حديث حسن صحيح. لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم. وقد روى يحيى بن سليم هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن بيع الولاء وهبته. وهو وهم؛ وهم فيه يحيى بن سليم وقد روى عبد الوهاب الثقفي وعبد الله بن نمير وغير واحد عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا أصح من حديث يحيى بن سليم.
21 - باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
1255 - حدثنا محمد بن مثنى أبو موسى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة؛
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة".
قال: وفي الباب عن ابن عباس وجابر وابن عمر. حديث سمرة حديث حسن صحيح. وسماع الحسن من سمرة صحيح. هكذا قال علي بن المديني وغيره. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد وقد رخص بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول الشافعي وإسحاق.
1256 - حدثنا أبو عمار الحسين بن الحريث. حدثنا عبد الله بن نمير، عن الحجاج (وهو ابن أرطاة) عن أبي الزبير، عن جابر قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحيوان؛ اثنان بواحد، لا يصلح نسيئا، ولا بأس به يدا بيد".
هذا حديث حسن صحيح.
22 - باب ما جاء في شراء العبد بالعبدين.
1257 - حدثنا قتيبة حدثنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر قال:
- جاء عبد فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة. ولا يشعر النبي صلى الله عليه وسلم أنه عبد. فجاء سيده يريده. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " بعنيه" فاشتراه بعبدين أسودين. ثم لم يبايع أحدا بعد، حتى يسأله " أعبد هو". ؟
وفي الباب عن أنس. حديث جابر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم، أنه لا بأس بعبد بعبدين، يدا بيد. واختلفوا فيه إذا كان نسيئا.
23 - باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلا بمثل وكراهية التفاضل فيه.
1258 - حدثنا سويد بن نصر حدثنا ابن المبارك. حدثنا سفيان عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن عبادة بن الصامت.
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الذهب بالذهب مثلا بمثل، والفضة بالفضة مثلا بمثل. والتمر بالتمر مثلا بمثل. والبر بالبر مثلا بمثل، والملح بالملح مثلا بمثل، والشعير بالشعير مثلا بمثل. فمن زاد أو ازداد فقد أربى. بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم، يدا بيد. وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم يدا بيد. وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد".
وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة وبلال. حديث عبادة حديث حسن صحيح. وقد روى بعضهم هذا الحديث عن خالد بهذا الإسناد، قال "بيعوا البر بالشعير كيف شئتم يدا بيد".
وروى بعضهم هذا الحديث عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وزاد فيه قال خالد: (قال أبو قلابة: بيعوا البر بالشعير كيف شئتم) فذكر الحديث.
والعمل على هذا عند أهل العلم. لا يرون أن يباع البر بالبر إلا مثلا بمثل. والشعير بالشعير إلا بمثل. فإذا اختلف الأصناف فلا بأس أن يباع متفاضلا إذا كان يدا بيد. وهذا قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال الشافعي: والحجة في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم " بيعوا الشعير بالبر كيف شئتم، يدا بيد". وقد كره قوم من أهل العلم أن تباع الحنطة بالشعير إلا مثلا بمثل. وهو قول مالك بن أنس. والقول الأول أصح.
24 - باب ما جاء في الصرف.
1259 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا حسين بن محمد. حدثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير، عن نافع، قال: انطلقت أنا وابن عمر إلى أبي سعيد. فحدثنا؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (سمعته أذناي هاتان) يقول " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل. والفضة بالفضة إلا مثلا بمثل. لا يشف بعضه على بعض. ولا تبيعوا منه غائبا بناجز".
وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي هريرة وهشام بن عامر والبراء وزيد بن أرقم وفضالة بن عبيد وأبي بكرة وابن عمر وأبي الدرداء وبلال. حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. إلا ما روى عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يباع الذهب بالذهب متفاضلا، والفضة بالفضة متفاضلا، إذا كان يدا بيد. وقال: إنما الربا في النسيئة. وكذلك روى عن بعض أصحابه شيء من هذا. وقد روي عن ابن عباس أنه رجع عن قوله حين حدثه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم. والقول الأول أصح. والعمل على هذا عند أهل العلم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. وروى عن ابن المبارك أنه قال: ليس في الصرف اختلاف.
1260 - حدثنا الحسن بن علي الخلال. حدثنا يزيد بن هارون. حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال:
- كنت أبيع الإبل بالبقيع. فأبيع بالدنانير. فآخذ مكانها الورق وأبيع بالورق فآخذ مكانها الدنانير. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدته خارجا من بيت حفصة. فسألته عن ذلك فقال "لا بأس به بالقيمة".
هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر. وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، موقوفا. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم؛ أن لا بأس أن يقتضي الذهب من الورق، والورق من الذهب. وهو قول أحمد وإسحاق. وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ذلك.
1261 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان، أنه قال:
- أقبلت أقول: من يصطرف الدراهم؟ فقال طلحة بن عبيد الله، وهو عند عمر بن الخطاب: أرنا ذهبك ثم ائتنا إذا جاء خادمنا نعطك ورقك. فقال عمر: كلا، والله! لتعطينه ورقه أو لتردن إليه ذهبه. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الورق بالذهب ربا إلا هاء وهاء. والبر بالبر ربا إلا وهاء. والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء. والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء".
هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. ومعنى قوله (إلا هاء وهاء) يقول يدا بيد.
25 - باب ما جاء في ابتياع النخل بعد التأبير، والعبد وله مال.
1262 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه قال:
- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها. إلا أن يشترط المبتاع. ومن ابتاع عبدا وله مال فماله للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع".
وفي الباب عن جابر. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. هكذا روي من غير وجه عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن باع عبدا وله مال فماله للبائع، إلا أن يشترط المبتاع": روى عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " من ابتاع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع".
روي عن نافع، عن ابن عمر عن عمر، أنه قال: من باع عبدا وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع. هكذا روى عبيد الله ابن عمر وغيره عن نافع، الحديثين.
وقد روى بعضهم هذا الحديث عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا.
وروى عكرمة بن خالد عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث سالم. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
قال محمد: وحديث الزهري عن سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أصح.
26 - باب ما جاء في البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.
1263 - حدثنا واصل بن عبد الأعلى الكوفي. حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد، عن نافع،عن ابن عمر قال:
- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يختارا".
قال: فكان ابن عمر إذا ابتاع بيعا وهو قاعد، قام ليجب له البيع.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي برزة وحكيم بن حزام وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو وسمرة وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقالوا: الفرقة بالأبدان لا بالكلام.
وقد قال بعض أهل العلم: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما لم يتفرقا) يعني الفرقة بالكلام. والقول الأول أصح، لأن ابن عمر هو روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو أعلم بمعنى ما روى. وروي عنه أنه كان إذا أراد أن يوجب البيع، مشى ليجب له. وهكذا وروي عن أبي برزة.
1264 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة حدثنا قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن حكيم بن حزام قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. فإن صدقا وبينا، بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما".
وهذا حديث صحيح. وفي الباب عن أبي برزة وعبد الله بن عمرو وسمرة وأبي هريرة وابن عباس. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وقالوا: الفرقة بالأبدان لا بالكلام. وقد قال بعض أهل العلم: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما لم يتفرقا" يعني الفرقة بالكلام. والقول الأول أصح لأن ابن عمر هو روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعلم بمعنى ما روى. وروي عنه أنه كان إذا أراد أن يوجب البيع مشى ليجب له. وهكذا روي عن أبي برزة الأسلمي؛
- أن رجلين اختصما إليه في فرس بعد ما تبايعا. وكانوا في سفينة. فقال: لا أراكما افرقتما وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا".
وقد ذهب بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم، إلى أن الفرقة بالكلام، وهو قول الثوري.
وهكذا روى عن مالك بن أنس. وروي عن ابن المبارك أنه قال: كيف أراد هذا؟ والحديث فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح فقوي هذا المذهب.
ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (إلا بيع الخيار) معناه أن يخير البائع المشتري. بعد إيجاب البيع. فإذا خيره فاختار البيع، فليس له خيار بعد ذلك في فسخ البيع. وإن لم يتفرقا. هكذا فسره الشافعي وغيره. ومما يقوي قول من يقول (الفرقة بالأبدان لا بالكلام) حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم
1265 - حدثنا بذلك قتيبة. حدثنا الليث بن سعد عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار. فلا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله".
هذا حديث حسن. ومعنى هذا، أن يفارقه بعد البيع خشية أن يستقيله، ولو كانت الفرقة بالكلام، ولم يكن له خيار بعد البيع، لم يكن لهذا الحديث معنى. حيث قال (ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) .
27 - باب.
1266 - حدثنا نصر بن علي. حدثنا أبو أحمد. حدثنا يحيى بن أيوب قال: سمعت أبا زرعة بن عمرو يحدث عن أبي هريرة،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتفرقن عن بيع إلا عن تراض".
هذا حديث غريب.
1267 - حدثنا عمرو بن حفص الشيباني. حدثنا ابن وهب عن ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم خير أعرابيا بعد البيع.
وهذا حديث غريب.
28 - باب ما جاء فيمن يخدع في البيع.
1268 - حدثنا يوسف بن حماد البصري. حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد، عن قتادة، عن أنس،
- أن رجلا كان في عقدته ضعف. وكان يبايع. وأن أهله أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله احجر عليه. فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه. فقال: يا رسول الله! إني لا أصبر عن البيع. فقال "إذا بايعت فقل هاء وهاء ولا خلابة".
وفي الباب عن ابن عمر.
حديث أنس حديث حسن صحيح غريب. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم. وقالوا: الحجر على الرجل الحر في البيع والشراء إذا كان ضعيف العقل. وهو قول أحمد وإسحاق. ولم ير بعضهم أن يحجر على الحر البالغ.
29 - باب ما جاء في المصراة.
1269 - حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من اشترى مصراة فهو بالخيار إذا حلبها. إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر".
وفي الباب عن أنس ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
1270 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا أبو عامر. حدثنا قرة بن خالد عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- " من اشترى مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام. فإن ردها رد معها صاعا من طعام لا سمراء؛ معنى لا سمراء: لا بر".
هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا الحديث عند أصحابنا. منهم الشافعي وأحمد وإسحاق.
30 - باب ما جاء في اشتراط ظهر الدابة عند البيع.
1271 - حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا وكيع عن زكريا، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله؛
- أنه باع من النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا، واشترط ظهره إلى أهله.
هذا حديث حسن صحيح.
وقد روي من غير وجه عن جابر. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. يرون الشرط جائزا في البيع، إذا كان شرطا واحدا. وهو قول أحمد وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم: لا يجوز الشرط في البيع. ولا يتم البيع إذا كان فيه شرط.
31 - باب الانتفاع بالرهن.
1272 - حدثنا أبو كريب ويوسف بن عيسى قالا: حدثنا وكيع عن زكريا، عن عامر، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الظهر يركب إذا كان مرهونا. ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا. وعلى الذي يركب ويشرب، نفقته".
هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عامر الشعبي، عن أبي هريرة. وقد روى غير واحد هذا الحديث عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفا. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وهو قول أحمد وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم: ليس له أن ينتفع من الرهن بشيء.
32 - باب ما جاء في شراء القلادة وفيها ذهب وخرز.
1273 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن أبي شجاع سعيد بن يزيد عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة بن عبيد قال:
- اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا، فيها ذهب وخرز. ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال "لا تباع حتى تفصل".
حدثنا قتيبة. حدثنا ابن المبارك عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، بهذا الإسناد نحوه. هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. لم يروا أن يباع السيف محلى، أو منطقة مفضضة، أو مثل هذا، بدراهم حتى يميز ويفصل. وهو قول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقد رخص بعض أهل العلم في ذلك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
33 - باب ما جاء في اشتراط الولاء والزجر عن ذلك.
1274 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. حدثنا سفيان عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة؛
- أنها أرادت أن تشتري بريرة. فاشترطوا الولاء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اشتريها. فإنما الولاء لمن أعطى الثمن، أو لمن ولي النعمة".
وفي الباب عن ابن عمر. حديث عائشة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. وقال: منصور بن المعتمر يكنى أبا عتاب.
حدثنا أبو بكر العطار البصري عن علي بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: إذا حدثت عن منصور فقد ملأت يدك من الخير لا ترد غيره. ثم قال يحيى: ما أجد في إبراهيم النخعي ومجاهد، أثبت من منصور.
وأخبرني محمد عن عبد الله بن أبي الأسود قال: قال عبد الرحمن بن مهدي: منصور أثبت أهل الكوفة. 34 - باب.
1275 - حدثنا أبو كريب. حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حكيم بن حزام؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حكيم بن حزام يشتري له أضحية بدينار. فاشترى أضحية فأربح فيها دينارا. فاشترى أخرى مكانها. فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "ضح بالشاة، وتصدق بالدينار".
حديث حكيم بن حزام لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع، عندي، من حكيم بن حزام.
1276 - حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي. حدثنا حبان. حدثنا هارون بن موسى. حدثنا الزبير بن خريت عن أبي لبيد، عن عروة البارقي قال:
- دفع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا لأشتري له شاة. فاشتريت له شاتين. فبعت إحداهما بدينار. وجئت بالشاة والدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فذكر له ما كان من أمره. فقال له " بارك الله لك في صفقة يمينك".
فكان بعد ذلك يخرج إلى كناسة الكوفة، فيربح الربح العظيم. فكان من أكثر أهل الكوفة مالا.
حدثنا أحمد بن سعيد. حدثنا حبان. حدثنا سعيد بن زيد. حدثنا الزبير بن خريت عن أبي لبيد. فذكر نحوه.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا به. وهو قول أحمد وإسحاق. ولم يأخذ بعض أهل العلم بهذا الحديث. منهم الشافعي وسعيد بن زيد، أخو حماد بن زيد. وأبو لبيد اسمه لمازة.
35 - باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدى.
1277 - حدثنا هارون بن عبد الله البزاز حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا، ورث بحساب ما عتق منه".
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم " يؤدي المكاتب بحصة ما أدى، دية حر: وما بقي، دية عبد".
وفي الباب عن أم سلمة. حديث ابن عباس حديث حسن. وهكذا روى يحيى بن أبي كثير عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى خالد الحذاء عن عكرمة، عن علي، قوله. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: المكاتب عبد، ما بقي عليه درهم. وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
1278 - حدثنا قتيبة. حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن يحيى بن أبي أنيسة، عن عمرو بن شعيب، عن جده قال:
- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: " من كاتب عبده على مائة أوقية، فأداها إلا عشرة أواق (أو قال عشرة دراهم) ، ثم عجز، فهو رقيق".
هذا حديث غريب. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن المكاتب عبد ما بقي عليه شيء من كتابته. وقد رواه الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب نحوه.
1279 - حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي. حدثنا سفيان عن الزهري، عن نبهان، عن أم سلمة قالت:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كان عند مكاتب إحداكن ما يؤدي، فلتحتجب منه".
هذا حديث حسن صحيح. ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم على التورع. وقالوا: لا يعتق المكاتب، وإن كان عنده ما يؤدي، حتى يؤدي.
36 - باب ما جاء إذا أفلس للرجل غريم فيجد عنده متاعه.
1280 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة،
- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيما امرئ أفلس، ووجد رجل سلعته عنده بعينها، فهو أولى بها من غيره".
وفي الباب عن سمرة وابن عمر.
حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: هو أسوة الغرماء. وهو قول أهل الكوفة.
37 - باب ما جاء في النهي للمسلم، أن يدفع إلى الذمي الخمر يبيعها له.
1281 - حدثنا علي بن خشرم. حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد قال:
- كان عندنا خمر ليتيم. فلما نزلت المائدة، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وقلت إنه ليتيم فقال "أهريقوه".
وفي الباب عن أنس بن مالك.
حديث أبي سعيد حديث حسن. وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. وقال بهذا بعض أهل العلم. وكرهوا أن تتخذ الخمر خلا. وإنما كره من ذلك، والله أعلم، أن يكون المسلم في بيته خمر حتى يصير خلا. ورخص بعضهم في خل الخمر، إذا وجد قد صار خلا.
38 - باب.
1282 - حدثنا أبو كريب. حدثنا طلق بن غنام عن شريك وقيس عن أبي حصين، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك".
هذا حديث حسن غريب. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا: إذا كان للرجل على آخر شيء فذهب به، فوقع له عنده شيء، فليس له أن يحبس عنه بقدر ما ذهب له عليه. ورخص فيه بعض أهل العلم من التابعين. وهو قول الثوري، وقال: إن كان له عليه دراهم، فوقع له عنده دنانير، فليس له أن يحبس بمكان دراهمه. إلا أن يقع عنده له دراهم، فله حينئذ أن يحبس من دراهمه بقدر ما له عليه.
39 - باب ما جاء في أن العارية مؤداة.
1285 - حدثنا هناد وعلي بن حجر قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم الخولاني عن أبي أمامة قال:
- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته، عام حجة الوداع " العارية مؤداة، والزعيم غارم، والدين مقضي".
وفي الباب عن سمرة، وصفوان بن أمية وأنس. حديث أبي أمامة حديث حسن.
وقد روي عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا، من غير هذا الوجه.
1284 - حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على اليد ما أخذت حتى تؤدي".
قال قتادة: ثم نسي الحسن فقال: هو أمينك لا ضمان عليه، يعني العارية. هذا حديث حسن صحيح.
وقد ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا. وقالوا: يضمن صاحب العارية. وهو قول الشافعي وأحمد. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. ليس على صاحب العارية ضمان إلا أن يخالف. وهو قول الثوري وأهل الكوفة. وبه يقول إسحاق.
40 - باب ما جاء في الاحتكار.
1285 - حدثنا إسحاق بن منصور. حدثنا يزيد بن هارون. حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد ابن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن عبد الله بن فضلة، قال:
- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يحتكر إلا خاطئ" فقلت لسعيد: يا أبا محمد! إنك تحتكر. قال: ومعمر قد كان يحتكر. وإنما روى عن سعيد بن المسيب أنه كان يحتكر الزيت والخبط ونحو هذا. وفي الباب عن عمر وعلي وأبي أمامة، وابن عمر.
حديث معمر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. كرهوا احتكار الطعام. ورخص بعضهم في الاحتكار في غير الطعام. وقال ابن المبارك: لا بأس بالاحتكار في القطن والسختيان ونحوه.
41 - باب ما جاء في بيع المحفلات.
1286 - حدثنا هناد. حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تستقبلوا السوق. ولا تحفلوا. ولا ينفق بعضكم لبعض".
وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة. حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. كرهوا بيع المحفلة. وهي المصراة، لا يحلبها صاحبها أياما أو نحو ذلك، ليجتمع اللبن في ضرعها. فيغتر بها المشتري. وهذا ضرب من الخديعة والغرر.
42 - باب ما جاء في اليمين الفاجرة يقتطع بها مال المسلم.
1287 - حدثنا هناد. حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من حلف على يمين وهو فيها فاجر، ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان".
فقال الأشعث بن قيس: في، والله! لقد كان ذلك. كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني. فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألك بينة" ؟ فقلت: لا. فقال لليهودي " احلف" فقلت: يا رسول الله! إذا يحلف فيذهب بمالي. فأنزل الله عز وجل: { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} إلى آخر الآية.
وفي الباب عن وائل بن حجر، وأبي موسى وأبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري وعمران بن حصين. حديث ابن مسعود، حديث حسن صحيح.
43 - باب ما جاء إذا اختلف البيعان.
1288 - حدثنا قتيبة. حدثنا سفيان عن ابن عجلان، عن عون بن عبد الله، عن ابن مسعود قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا اختلف البيعان، فالقول قول البائع. والمبتاع بالخيار".
هذا حديث مرسل. عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود. وقد روي عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث أيضا. وهو مرسل أيضا. قال ابن منصور: قلت لأحمد: إذا اختلف البيعان ولم تكن بينة؟ قال: القول ما قال رب السلعة، أو يترادان. قال إسحاق: كما قال. وكل من كان القول قوله، فعليه اليمين. وقد روي نحو هذا عن بعض التابعين. منهم شريح.
44 - باب ما جاء في بيع فضل الماء.
1289 - حدثنا قتيبة. حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار، عن أبي المنهال، عن إياس بن عبد المزني قال:
- نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الماء.
وفي الباب عن جابر وبهيسة، عن أبيها. وأبي هريرة وعائشة وأنس وعبد الله بن عمرو.
حديث إياس حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، أنهم كرهوا بيع الماء. وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقد رخص بعض أهل العلم في بيع الماء. منهم الحسن البصري.
1290 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يمنع فضل الماء، ليمنع به الكلاء".
هذا حديث صحيح.
وأبو المنهال اسمه عبد الرحمن بن مطعم. كوفي. وهو الذي روى عنه حبيب بن أبي ثابت. وأبو المنهال سيار بن سلامة، بصري. صاحب أبي برزة الأسلمي.
45 - باب ما جاء في كراهية عسب الفحل.
1291 - حدثنا أحمد بن منيع وأبو عمار قالا: حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا علي بن الحكم عن نافع، عن ابن عمر قال:
- نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل.
وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وأبي سعيد. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وقد رخص قوم في قبول الكرامة على ذلك.
1292 - حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي البصري. حدثنا يحيى بن آدم عن إبراهيم بن حميد الرؤاسي، عن هشام بن عروة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أنس بن مالك؛
- أن رجلا من كلاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل، فنهاه. فقال: يا رسول الله! إنا نطرق الفحل فنكرم. فرخص له في الكرامة.
هذا حديث حسن غريب. لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن حميد عن هشام بن عروة.
46 - باب ما جاء في ثمن الكلب.
1293 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن ابن شهاب. وحدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغير واحد قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي مسعود الأنصاري، قال:
- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.
هذا حديث حسن صحيح.
1294 - حدثنا محمد بن رافع. حدثنا عبد الرزاق. حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خديج؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "كسب الحجام خبيث. ومهر البغي خبيث. وثمن الكلب خبيث".
وفي الباب عن عمر وابن مسعود وجابر وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن جعفر. حديث رافع حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. كرهوا ثمن الكلب. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقد رخص بعض أهل العلم في ثمن كلب الصيد.
47 - باب ما جاء في كسب الحجام.
1295 - حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن ابن محيصة أخي بني حارثة، عن أبيه،
- أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها. فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال "اعلفه ناضحك. وأطعمه رقيقك".
وفي الباب عن رافع بن خديج وأبي جحيفة، وجابر، والسائب حديث محيصة حديث حسن. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وقال أحمد إن سألني حجام نهيته، وآخذ بهذا الحديث.
48 - باب ما جاء في الرخصة في كسب الحجام.
1296 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد قال: سئل أنس عن كسب الحجام؟ فقال أنس:
- احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحجمه أبو طيبة. فأمر له بصاعين من طعام وكلم أهله فوضعوا عنه من خراجه، وقال "إن أفضل ما تداويتم به الحجامة" أو " إن من أمثل دوائكم الحجامة".
وفي الباب عن علي وابن عباس وابن عمر. حديث أنس حديث حسن صحيح. وقد رخص بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في كسب الحجام. وهو قول الشافعي.
49 - باب ما جاء في كراهية ثمن الكلب والسنور.
1297 - حدثنا علي بن حجر وعلي بن خشرم قالا: حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال:
- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسنور.
هذا حديث في إسناده اضطراب. وقد روي هذا الحديث عن الأعمش، عن بعض أصحابه، عن جابر. واضطربوا على الأعمش في رواية هذا الحديث. وقد كره قوم من أهل العلم ثمن الهر. ورخص فيه بعضهم. وهو قول أحمد وإسحاق. وروى ابن فضيل، عن الأعمش، عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، من غير هذا الوجه.
1298 - حدثنا يحيى بن موسى. حدثنا عبد الرزاق. حدثنا عمر بن زيد الصنعاني عن أبي الزبير، عن جابر،
- قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الهر وثمنه.
هذا حديث غريب. وعمر بن زيد، لا نعرف كبير أحد روى عنه، غير عبد الرزاق.
50 - باب.
1299 - حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم، عن أبي هريرة قال: نهى عن ثمن الكلب، إلا كلب الصيد.
هذا حديث لا يصح إلا من هذا الوجه. وأبو المهزم اسمه يزيد بن سفيان. وتكلم فيه شعبة بن الحجاج. وروى عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو هذا. ولا يصح إسناده أيضا.
51 - باب ما جاء في كراهية بيع المغنيات.
1300 - حدثنا قتيبة. حدثنا بكر بن مضر عن عبيد الله ابن زحر عن علي بن زيد، عن القاسم، عن أبي أمامة،
- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن. ولا تعلموهن. ولا خير في تجارة فيهن. وثمنهن حرام. في مثل هذا أنزلت هذه الآية { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) إلى آخر الآية".
وفي الباب عن عمر بن الخطاب.
حديث أبي أمامة، إنما نعرفه مثل هذا من هذا الوجه. وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد وضعفه. وهو شامي.
52 - باب ما جاء في كراهية أن يفرق بين الأخوين أو بين الوالدة وولدها في البيع.
1301 - حدثنا عمر بن حفص الشيباني. حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي أيوب قال:
- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة".
هذا حديث حسن غريب.
1302 - حدثنا الحسن بن علي. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن ميمون بن أبي شبيب عن علي قال:
- وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين أخوين. فبعت أحدهما. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا علي ! ما فعل غلامك" ؟ فأخبرته فقال "رده، رده".
هذا حديث حسن غريب، وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، التفريق بين السبي في البيع.
ورخص بعض أهل العلم في التفريق بين المولدات الذين ولدوا في أرض الإسلام. والقول الأول أصح. وروي عن إبراهيم أنه فرق بين والدة وولدها في البيع. فقيل له في ذلك؟ فقال: إني قد استأذنتها في ذلك. فرضيت.
53 - باب ما جاء فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيبا.
1303 - حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا عثمان بن عمر وأبو عامر العقدي. عن ابن أبي ذئب، عن مخلد بن خفاف، عن عروة، عن عائشة؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الخراج بالضمان.
هذا حديث حسن. وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه.
والعمل على هذا عند أهل العلم.
1304 - حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف. حدثنا عمر بن علي عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن الخراج بالضمان.
وهذا حديث صحيح، غريب من حديث هشام بن عروة. واستغرب محمد بن إسماعيل هذا الحديث، من حديث عمر بن علي.
وقد روى مسلم بن خالد الزنجي هذا الحديث عن هشام بن عروة. ورواه جرير عن هشام أيضا. وحديث جرير. يقال تدليس دلس فيه جرير. لم يسمعه من هشام بن عروة.
وتفسير الخراج بالضمان، هو الرجل الذي يشتري العبد فيستغله ثم يجد به عيبا فيرده على البائع. فالغلة للمشتري. لأن العبد لو هلك، هلك من مال المشتري. ونحو هذا من المسائل، يكون فيه الخراج بالضمان.
54 - باب ما جاء في الرخصة في أكل الثمرة للمار بها.
1305 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب. حدثنا يحيى بن سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من دخل حائطا فليأكل ولا يتخذ خبنة".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعباد بن شرحبيل.
ورافع بن عمرو وعمير مولى أبى اللحم وأبي هريرة. حديث ابن عمر حديث غريب. لا نعرفه من هذا الوجه إلا من حديث يحيى بن سليم. وقد رخص فيه بعض أهل العلم لابن السبيل في أكل الثمار. وكرهه بعضهم إلا بالثمن.
1306 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق. فقال "من أصاب منه من ذي حاجة، غير متخذ خبنة، فلا شيء عليه".
هذا حديث حسن.
1307 - حدثنا أبو عمار الحسين بن حريس الخزاعي. حدثنا الفضل بن موسى عن صالح بن أبي جبير عن أبيه، عن رافع بن عمرو، قال:
- كنت أرمي نخل الأنصار. فأخذوني فذهبوا بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال "يا رافع! لم ترمي نخلهم" ؟ قال قلت: يا رسول الله! الجوع. قال "لا ترم. وكل ما وقع. أشبعك الله وأرواك".
هذا حديث حسن غريب صحيح.
55 - باب ما جاء في النهي عن الثنيا.
1308 - حدثنا زياد بن أيوب البغدادي. حدثنا عباد بن العوام أخبرني سفيان بن حسين عن يونس ابن عبيد، عن عطاء، عن جابر؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثنيا، إلا أن تعلم".
هذا حديث حسن صحيح. غريب من هذا الوجه، من حديث يونس بن عبيد عن عطاء، عن جابر.
56 - باب ما جاء في كراهية بيع الطعام حتى يستوفيه.
1309 - حدثنا قتيبة. حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه".
قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله وفي الباب عن جابر وابن عمر.
حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. كرهوا بيع الطعام حتى يقبضه المشتري. وقد رخص بعض أهل العلم فيمن ابتاع شيئا مما لا يكال ولا يوزن، مما لا يؤكل ولا يشرب، أن يبيعه قبل أن يستوفيه. وإنما التشديد عند أهل العلم في الطعام. وهو قول أحمد وإسحاق.
57 - باب ما جاء في النهي عن البيع على بيع أخيه.
1310 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن نافع، عن ابن عمر،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يبيع بعضكم على بيع بعض. ولا يخطب أحدكم على خطبة بعض".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وسمرة. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- " لا يسوم الرجل على سوم أخيه".
ومعنى البيع في هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، عند بعض أهل العلم، هو السوم.
58 - باب ما جاء في بيع الخمر والنهي عن ذلك.
1311 - حدثنا حميد بن مسعدة. حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت ليثا يحدث عن يحيى بن عباد، عن أنس، عن أبي طلحة، أنه قال:
- " يا نبي الله! إني اشتريت خمرا لأيتام في حجري. قال "أهرق الخمر واكسر الدنان".
وفي الباب عن جابر وعائشة وأبي سعيد وابن مسعود وابن عمر وأنس. حديث أبي طلحة، روى الثوري هذا الحديث عن السدي، عن يحيى بن عباد، عن أنس؛ أن أبا طلحة كان عنده وهذا أصح من حديث الليث.
1312 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا يحيى بن سعيد. حدثنا سفيان عن السدي، عن يحيى بن عباد، عن أنس بن مالك قال:
- سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيتخذ الخمر خلا؟ قال "لا".
هذا حديث حسن صحيح.
1313 - حدثنا عبد الله بن منير قال: سمعت أبا عاصم عن شبيب بن بشر، عن أنس بن مالك قال.
- لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له".
هذا حديث غريب من حديث أنس. وقد روي نحو هذا عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
59 - باب ما جاء في احتلاب المواشي بغير إذن الأرباب.
1314 - حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف. حدثنا عبد الأعلى عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب،
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا أتى أحدكم على ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه. فإن أذن له فليحتلب وليشرب. وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاثا. فإن أجابه أحد فليستأذنه. فإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب ولا يحمل".
وفي الباب عن عمر وأبي سعيد.
حديث سمرة حديث حسن غريب صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وبه يقول أحمد وإسحاق.
وقال علي بن المديني سماع الحسن من سمرة صحيح. وقد تكلم بعض أهل الحديث في رواية الحسن، عن سمرة، وقالوا: إنما يحدث عن صحيفة سمرة.
60 - باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام.
1315 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله،
- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عام الفتح وهو بمكة، يقول "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام". فقيل: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ قال "هو حرام".
- ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك " قاتل الله اليهود. إن الله حرم عليهم الشحوم فأجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه".
وفي الباب عن عمر وابن عباس. حديث جابر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم.
61 - باب ما جاء في كراهية الرجوع من الهبة.
1316 - حدثنا أحمد بن عبدة الضبي. حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما،
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ليس لنا مثل السوء. العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه".
وفي الباب عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال: "لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها. إلا الوالد فيما يعطي ولده".
1317 - حدثنا بذلك محمد بن بشار. حدثنا ابن أبي عدي عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب؛ أنه سمع طاوسا يحدث عن ابن عمر وابن عباس، يرفعان الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا الحديث. حديث ابن عباس رضي الله عنهما حديث حسن صحيح. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. قالوا: من وهب هبة لذي رحم محرم فليس له أن يرجع في هبته. ومن وهب هبة لغير ذي رحم محرم فله أن يرجع فيها، ما لم يثب منها وهو قول الثوري. وقال الشافعي: لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. واحتج الشافعي بحديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده".
62 - باب ما جاء في العرايا والرخصة في ذلك.
1318 - حدثنا هناد. حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق. عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة. إلا أنه قد أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بمثل خرصها وفي الباب عن أبي هريرة وجابر. حديث زيد بن ثابت هكذا. روى محمد بن إسحاق هذا الحديث، وروى أيوب وعبيد الله بن عمر ومالك بن أنس، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا فيما دون الخمسة أوسق. وهذا أصح من حديث محمد بن إسحاق.
1319 - حدثنا أبو كريب. حدثنا زيد بن حباب عن مالك، عن داود بن حصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق، أو كذا. حدثنا قتيبة عن مالك، عن داود بن حصين، نحوه. وروى هذا الحديث عن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا في خمسة أوسق، أو فيما دون خمسة أوسق.
(1218)؟؟ - حدثنا قتيبة. حدثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها.
وهذا حديث حسن صحيح. وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل عليه عند بعض أهل العلم. منهم الشافعي وأحمد وإسحاق. وقالوا: إن العرايا مستثناة من جملة نهي النبي صلى الله عليه وسلم. إذ نهى عن المحاقلة والمزابنة. واحتجوا بحديث زيد بن ثابت وحديث أبي هريرة، وقالوا له أن يشتري ما دون خمسة أوسق. ومعنى هذا عند بعض أهل العلم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد التوسعة عليهم في هذا، لأنهم شكوا إليه وقالوا: لا نجد ما نشتري من الثمر إلا بالتمر، فرخص لهم فيما دون خمسة أوسق أن يشتروها، فيأكلوها رطبا.
1319 ؟؟- حدثنا الحسن بن علي الخلال. حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير. حدثنا بشير بن يسار مولى بني حارثة؛ أن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة حدثاه؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المزابنة، الثمر بالتمر، إلا لأصحاب العرايا. فإنه قد أذن لهم. وعن بيع العنب بالزبيب وعن كل ثمر بخرصها. هذا حديث حسن صحيح. غريب من هذا الوجه.
63 - باب ما جاء في كراهية النجش.
1320 - حدثنا قتيبة وأحمد بن منيع قالا: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال قتيبة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تناجشوا".
وفي الباب عن ابن عمر وأنس. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. كرهوا النجش. والنجش أن يأتي الرجل الذي يبصر السلعة إلى صاحب السلعة فيستام بأكثر مما تسوى. وذلك عندما يحضره المشتري، يريد أن يغتر المشتري به، وليس من رأيه الشراء. إنما يريد أن ينخدع المشتري بما يستام. وهذا ضرب من الخديعة.
قال الشافعي: وإن نجش رجل، فالناجش آثم فيما يصنع، والبيع جائز. لأن البائع غير الناجش.
64 - باب ما جاء في الرجحان في الوزن.
1320 - حدثنا هناد ومحمود بن غيلان قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن سويد بن قيس قال:
- جلبت أنا ومخرفة العبدي بزا من هجر. فجاءنا النبي صلى الله عليه وسلم فساومنا بسراويل. وعندي وزان يزن بالأجر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للوزان "زن وأرجح".
وفي الباب عن جابر وأبي هريرة. حديث سويد حديث حسن صحيح. وأهل العلم يستحبون الرجحان في الوزن. وروى شعبة هذا الحديث عن سماك، فقال: عن أبي صفوان. وذكر الحديث.
65 - باب ما جاء في إنظار المعسر والرفق به.
1321 - حدثنا أبو كريب. حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أنظر معسرا أو وضع له، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله".
وفي الباب عن أبي اليسر وأبي قتادة وحذيفة وابن مسعود وعبادة حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، غريب من هذا الوجه.
1322 - حدثنا هناد. حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن شقيق، عن أبي مسعود قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حوسب رجل ممن كان قبلكم. فلم يوجد له من الخير شيء. إلا أنه كان رجلا موسرا. فكان يخالط الناس. وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. فقال الله تعالى: نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه".
هذا حديث صحيح.
66 - باب ما جاء في مطل الغني ظلم.
1323 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "مطل العني ظلم. وإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع".
وفي الباب عن ابن عمر والشريد. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. ومعناه: أنه إذا أحيل أحدكم على ملي فليتبع. وقال بعض أهل العلم: إذا أحيل الرجل على ملي فاحتاله فقد برئ المحيل وليس له أن يرجع على المحيل. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم: إذا نوى مال هذا بإفلاس المحال عليه، فله أن يرجع على الأول. واحتجوا بقول عثمان وغيره حين قالوا (ليس على مال مسلم توى) . وقال إسحاق: معنى هذا الحديث (ليس على مال مسلم توى) هذا إذا أحيل الرجل على آخر، وهو يرى أنه ملي. فإذا هو معدم، فليس على مال مسلم توى.
67 - باب ما جاء في المنابذة والملامسة.
1324 - حدثنا أبو كريب ومحمود بن غيلان قالا: حدثنا وكيع عن سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المنابذة والملامسة. وفي الباب عن أبي سعيد وابن عمر. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ومعنى هذا الحديث أن يقول: إذا نبذت إليك بالشيء فقد وجب البيع بيني وبينك. والملامسة أن يقول: إذا لمست الشيء فقد وجب البيع، وإن كان لا يرى منه شيئا. مثل ما يكون في الجراب أو غير ذلك. وإنما كان هذا من بيوع أهل الجاهلية. فنهى عن ذلك.
68 - باب ما جاء في السلف في الطعام والتمر.
1325 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال، عن ابن عباس قال:
- قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمر فقال "من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم".
قال وفي الباب عن ابن أبي أوفى وعبد الرحمن بن أبزى.
حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. أجازوا السلف في الطعام والثياب وغير ذلك، مما يعرف حده وصفته. واختلفوا في السلم في الحيوان. فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم السلم في الحيوان جائزا وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وكره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم السلم في الحيوان وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة.
69 - باب ما جاء في أرض المشترك يريد بعضهم بيع نصيبه.
1326 - حدثنا علي بن خشرم. حدثنا عيسى بن يونس، عن سعيد، عن قتادة، عن سليمان اليشكر، عن جابر بن عبد الله؛
- أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال "من كان له شريك في حائط، فلا يبيع نصيبه من ذلك حتى يعرضه على شريكه".
هذا حديث ليس إسناده بمتصل. سمعت محمدا يقول: سليمان اليشكري، يقال إنه مات في حياة جابر بن عبد الله. قال: ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر. قال محمد: ولا نعرف لأحد منهم سماعا من سليمان اليشكري. إلا أن يكون عمرو بن دينار. فلعله سمع منه في حياة جابر بن عبد الله. قال: وإنما يحدث قتادة عن صحيفة سليمان اليشكري. وكان له كتاب عن جابر بن عبد الله: فقال علي ابن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال سليمان التيمي: ذهبوا بصحيفة جابر بن عبد الله إلى الحسن البصري فأخذها، أو قال فرواها. فذهبوا بها إلى قتادة فرواها. فأوتوني بها فلم أردها حدثنا بذلك أبو بكر العطار عن علي بن المديني.
70 - باب ما جاء في المخابرة والمعاومة.
1327 - حدثنا ابن بشار. حدثنا عبد الوهاب الثقفي. حدثنا أيوب عن ابن الزبير، عن جابر؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة. ورخص في العرايا.
هذا حديث حسن صحيح.
71 - باب.
1328 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا الحجاج بن منهال. حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة. وثابت حميد عن أنس، قال:
- غلا السعر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. فقالوا: يا رسول الله! سعر لنا فقال:
"إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال".
هذا حديث حسن صحيح.
72 - باب ما جاء في كراهية الغش في البيوع.
1329 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة من طعام. فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا. فقال "يا صاحب الطعام ما هذا؟" قال: أصابته السماء، يا رسول الله! قال "أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس" ؟ ثم قال "من غش فليس منا".
وفي الباب عن ابن عمر وأبي الحمراء وابن عباس وبريدة وأبي بردة بن نيار وحذيفة بن اليمان. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. كرهوا الغش، وقالوا الغش حرام.
73 - باب ما جاء في استقراض البعير أو الشيء من الحيوان.
1330 - حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع عن علي بن صالح، عن سلمة بن كهيل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال:
- استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سنا فأعطي سنا خيرا من سنه وقال "خياركم أحاسنكم قضاء".
وفي الباب عن أبي رافع. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وقد رواه شعبة وسفيان عن سلمة. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. لم يروا باستقراض السن بأسا من الإبل. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وكره بعضهم ذلك.
1331 - حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا وهب بن جرير. حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، عن أبي سلمة عن أبي هريرة؛
- أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له، فهم به أصحابه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا". وقال "اشتروا له بعيرا، فأعطوه إياه" فطلبوه فلم يجدوا إلا سنا أفضل من سنه. فقال "اشتروه فأعطوه إياه. فإن خيركم أحسنكم قضاء".
1332 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، نحوه. هذا حديث حسن صحيح.
1333 - حدثنا عبد بن حميد. حدثنا روح بن عبادة. حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا. فجاءته إبل من الصدقة. قال أبو رافع. فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضى الرجل بكره. فقلت: لا أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطه إياه. فإن خيار الناس أحسنهم قضاء".
هذا حديث صحيح.
باب.
1334 - أخبرنا أبو كريب. حدثنا إسحاق بن سليمان عن مغيرة بن مسلم، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة،
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله يحب سمح البيع، سمح الشراء سمح القضاء".
هذا حديث غريب. وقد روى بعضهم هذا الحديث عن يونس، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
1335 - حدثني عباس بن محمد الدوري حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا إسرائيل، عن زيد بن عطاء بن السائب، عن محمد بن المنكدر عن جابر قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " غفر الله لرجل كان قبلكم. كان سهلا إذا باع. سهلا إذا اشترى. سهلا إذا اقتضى".
هذا حديث غريب صحيح حسن من هذا الوجه.
74 - باب النهي عن البيع في المسجد.
1336 - حدثنا الحسن بن علي الخلال. حدثنا عارم. حدثنا عبد العزيز بن محمد. قال أخبرني يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك. وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك".
حديث أبي هريرة حديث حسن غريب. والعمل على هذا عند أهل العلم. كرهوا البيع والشراء في المسجد. وهو قول أحمد وإسحاق. وقد رخص بعض أهل العلم، في البيع والشراء في المسجد.