كتاب قسم الفيء
- أخبرنا هارون بن عبد الله الحمال قال: حدثنا عثمان بن عمر عن يونس بن يزيد،عن الزهري، عن يزيد بن هرمز
-أن نجدة الحروري حين خرج في فتنة ابن الزبير، أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى لمن تراه؟ قال: هو لنا، لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، وقد كان عمر عرض علينا شيئا رأيناه دون حقنا فأبينا أن نقبله، وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم ويقضي عن غارمهم، ويعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك.
- أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يزيد وهو ابن هارون قال: أنبأنا محمد بن إسحاق عن الزهري، ومحمد بن علي عن يزيد بن هرمز قال:
-كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى لمن هو؟ قال يزيد بن هرمز: وأنا كتبت كتاب ابن عباس إلى نجدة، كتبت إليه: كتبت تسألني عن سهم ذي القربى لمن هو؟ وهو لنا أهل البيت، وقد كان عمر دعانا إلى أن ينكح منه أيمنا، ويحذي منه عائلنا، ويقضي منه من غارمنا، فأبينا إلا أن يسلمه لنا وأبى ذلك، فتركناه عليه.
- أخبرنا عمرو بن يحيى قال: حدثنا محبوب يعني ابن موسى قال: أنبأنا أبو إسحاق وهو الفزاري عن الأوزاعي قال:
-كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتابا فيه: وقسم أبيك لك الخمس كله، وإنما سهم أبيك كسهم رجل من المسلمين، وفيه حق الله وحق الرسول وذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، فما أكثر خصماء أبيك يوم القيامة؟ فكيف ينجو من كثرت خصماؤه، وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمتك جمة السوء.
- أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدثنا شعيب بن يحيى قال: حدثنا نافع بن يزيد عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن جبير بن مطعم حدثه:
-أنه جاء هو وعثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمانه فيما قسم من خمس حنين بين بني هاشم وبني المطلب بن عبد مناف فقالا: يا رسول الله، قسمت لإخواننا بني المطلب بن عبد مناف ولم تعطنا شيئا وقرابتنا مثل قرابتهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أرى هاشم والمطلب شيئا واحدا. قال جبير بن مطعم: ولم يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئا، كما قسم لبني هاشم وبني المطلب.
- أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا محمد بن إسحاق عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن جبير بن مطعم قال:
-لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا وعثمان بن عفان فقلنا: يا رسول الله، هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله به منهم، أرأيت بني المطلب أعطيتهم ومنعتنا فإنما نحن وهم منك بمنزلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه.
- أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال: حدثنا محبوب يعني ابن موسى أنبأنا أبو إسحاق وهو الفزاري عن عبد الرحمن بن عياش، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي سلام، عن أبي أمامة الباهلي، عن عبادة بن الصامت قال:
-(أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من جنب بعير فقال: يا أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم) قال أبو عبد الرحمن: اسم سلام ممطور وهو حبشي، واسم أبي أمامة صدي بن عجلان والله تعالى أعلم.
- أخبرنا عمرو بن يزيد قال: حدثنا ابن أبي عدي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده
-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بعيرا فأخذ من سنامه وبرة بين إصبعيه ثم قال: إنه ليس لي من الفيء شيء ولا هذه إلا الخمس، والخمس مردود فيكم.
- أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: حدثنا سفيان عن عمرو يعني ابن دينار عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر قال:
-كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكان ينفق على نفسه منها قوت سنة، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله.
- أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال: حدثنا محبوب يعني ابن موسى قال: أنبأنا أبو إسحاق هو الفزاري عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، عن عروة بن الزبير عن عائشة:
-أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم من صدقته ومما ترك من خمس خيبر، قال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لانورث.
- أخبرنا عمرو بن يحيى قال: حدثنا محبوب قال: أنبأنا أبو إسحاق عن زائدة،عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء
-في قوله عز وجل{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى}قال: خمس الله وخمس رسوله واحد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل منه، ويعطي منه ويضعه حيث شاء، ويصنع به ما شاء.
- أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال: حدثنا محبوب يعني ابن موسى قال: أنبأنا أبو إسحاق هو الفزاري عن سفيان، عن قيس بن مسلم قال:
-سألت الحسن بن محمد عن قوله عز وجل{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه}قال: هذا مفاتح كلام الله الدنيا والآخرة لله قال: اختلفوا في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سهم الرسول وسهم ذي القربى، فقال قائل: سهم الرسول صلى الله عليه وسلم للخليفة من بعده، وقال قائل: سهم ذي القربى لقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال قائل: سهم ذي القربى لقرابة الخليفة، فاجتمع رأيهم على أن جعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله فكانا في ذلك خلافة أبي بكر وعمر.
- أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال: حدثنا محبوب قال: أنبأنا أبو إسحاق عن موسى بن أبي عائشة قال:
-سألت يحيى بن الجزار عن هذه الآية{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول} قال: قلت كم كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الخمس؟ قال: خمس الخمس.
- أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال: حدثنا محبوب قال: أنبأنا أبو إسحاق عن مطرف قال:
-سئل الشعبي عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفيه، فقال: أما سهم النبي صلى الله عليه وسلم فكسهم رجل من المسلمين، وأما سهم الصفي فغرة تختار من أي شيء شاء.
- أخبرنا عمرو بن يحيى قال: حدثنا محبوب قال: أنبأنا أبو إسحاق عن سعيد الجريري، عن يزيد بن الشخير قال:
-بينا أنا مع مطرف بالمربد إذ دخل رجل معه قطعة أدم، قال: كتب لي هذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل أحد منكم يقرأ؟ قال: قلت: أنا أقرأ، فإذا فيها من محمد النبي صلى الله عليه وسلم لبني زهير بن أقيش، أنهم إن شهدوا أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله، وفارقوا المشركين وأقروا بالخمس في غنائمهم، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفيه، فإنهم آمنون بأمان الله ورسوله.
- أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال: أنبأنا محبوب قال: أنبأنا أبو إسحاق عن شريك، عن خصيف، عن مجاهد قال:
-الخمس الذي لله وللرسول كان للنبي صلى الله عليه وسلم وقرابته، لا يأكلون من الصدقة شيئا، فكان للنبي صلى الله عليه وسلم خمس الخمس، ولذي قرابته خمس الخمس ولليتامى مثل ذلك، وللمساكين مثل ذلك، ولابن السبيل مثل ذلك.
قال أبو عبد الرحمن قال الله جل ثناؤه: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} وقوله عز وجل: {لله} ابتداء كلام لأن الأشياء كلها لله عز وجل، ولعله إنما استفتح الكلام في الفيء والخمس بذكر نفسه لأنها أشرف الكسب، ولم ينسب الصدقة إلى نفسه عز وجل لأنها أوساخ الناس والله أعلم، وقد قيل يؤحذ من الغنيمة شيء فيجعل في الكعبة وهو السهم الذي لله عز وجل، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإمام يشتري الكراع منه والسلاح، ويعطي منه من رأى ممن رأى فيه غناء ومنفعة لأهل الإسلام،ومن أهل الحديث والعلم والفقه والقرآن وسهم لذي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب بينهم الغني منهم والفقير، وقد قيل إنه للفقير منهم دون الغني كاليتامى وابن السبيل وهو أشبه القولين بالصواب عندي والله أعلم، والصغير والكبير والذكر والأنثى سواء، لأن الله عز وجل جعل ذلك لهم وقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وليس في الحديث أنه فضل بعضهم على بعض، ولاخلاف نعلمه بين العلماء في رجل لو أوصى بثلثه لبني فلان أنه بينهم وأن الذكر والأنثى فيه سواء إذا كانوا يحصون، فهكذا كل شيء صير لبني فلان أنه بينهم بالسوية إلا أن يبين ذلك الآمر به والله ولي التوفيق، وسهم لليتامى من المسلمين، وسهم للمساكين من المسلمين، وسهم لابن السبيل من المسلمين، ولا يعطى أحد منهم سهم مسكين وسهم ابن السبيل، وقيل له: خذ أيهما شئت والأربعة أخماس يقسمها الإمام بين من حضر القتال من المسلمين البالغين.
- أخبرنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل يعني ابن إبراهيم عن أيوب، عن عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس بن الحدثان قال:
-جاء العباس وعلي إلى عمر يختصمان، فقال العباس اقض بيني وبين هذا، فقال الناس: افصل بينهما، فقال عمر: لا أفصل بينهما، قد علما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، قال: فقال الزهري: وليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ منها قوت أهله، وجعل سائره سبيله سبيل المال، ثم وليها أبو بكر بعده، ثم وليتها بعد أبي بكر فصنعت فيها الذي كان يصنع، ثم أتياني فسألاني أن أدفعها إليهما على أن يلياها بالذي وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي وليها به أبو بكر والذي وليتها به، فدفعتها إليهما وأخذت على ذلك عهودهما، ثم أتياني يقول هذا: اقسم لي بنصيبي من ابن أخي، ويقول هذا: اقسم لي بنصيبي من امرأتي، وإن شاءا أن أدفعها إليهما على أن يلياها بالذي وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي وليها به أبو بكر، والذي وليتها به، دفعتها إليهما، وإن أبيا كفيا ذلك، ثم قال: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} هذا لهؤلاء، {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله} هذه لهؤلاء، {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب}. قال الزهري هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة قرى عربية فدك كذا وكذا! فـ {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} و{للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} {والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم} {والذين جاؤوا من بعدهم} فاستوعبت هذه الآية الناس، فلم يبق أحد من المسلمين إلا له في هذا المال حق، أو قال: حظ، إلا بعض من تملكون من أرقائكم، ولئن عشت إن شاء الله ليأتين على كل مسلم حقه، أو قال حظه.