كتاب الخراج والفيء والإِمارة
1- باب ما يلزم الإِمام من حق الرعية
2928ـ حدثنا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالك، عن عبد اللّه بن دينار، عن عبد اللّه بن عمر،
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راعٍ عليهم وهو مسئولٌ عنهم، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئولٌ عنهم، والمرأة راعيةٌ على بيت بعلها وولده وهي مسئولةٌ عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسئولٌ عنه؛ فكلُّكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته".
2- باب ما جاء في طلب الإِمارة
2929ـ حدثنا محمد بن الصبَّاح البزاز، ثنا هشيم، أخبرنا يونس ومنصور، عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة قال:
قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإِمارة؛ فإِنك إن أعطيتها عن مسألةٍ وكلت فيها إلى نفسك، وإن أعطيتها عن غير مسألةٍ أعنت عليها".
2930ـ حدثنا وهب بن بقية، ثنا خالد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أخيه، عن بشر بن قرة الكلبي، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال:
انطلقت مع رجلين إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فتشهَّد أحدهما ثم قال: جئنا لتستعين بنا على عملك، وقال الآخر مثل قول صاحبه، فقال [النبي]: "إن أخونكم عندنا من طلبه" فاعتذر أبو موسى إلى النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم وقال: لم أعلم لما جاءا له، فلم يستعن بهما على شىء حتى مات.
3- باب في الضرير يُولَّى
2931ـ حدثنا محمد بن عبد اللّه المُخَرَّميُّ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا عمران القطَّان، عن قتادة، عن أنس
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم استخلف ابن أمِّ مكتوم على المدينة مرتين.
4- باب في اتخاذ الوزير
2932ـ حدثنا موسى بن عامر المُرِّي، قال: ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إذا أراد اللّه بالأمير خيراً جعل له وزير صدقٍ: إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد اللّه به غير ذلك جعل له وزير سوء: إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه".
5- باب في العرافة
2933ـ حدثنا عمرو بن عثمان، قال: ثنا محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جدِّه المقدام بن معد يكرب
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ضرب على منكبه، ثم قال له: "أفلحت يا قديم ، إن متَّ ولم تكن أميراً، ولا كاتباً، ولاعريفاً".
2934ـ حدثنا مسدد، ثنا بشر بن المفضل، ثنا غالب القطان، عن رجل، عن أبيه، عن جده
أنهم كانوا على منهل من المناهل، فلما بلغهم الإِسلام جعل صاحب الماء لقومه مائةً من الإِبل على أن يسلموا فأسلموا، وقسم الإِبل بينهم، وبدا له أن يرتجعها منهم، فأرسل ابنه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له: إئت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقل له: إن أبي يقرئك السلام، وإنه جعل لقومه مائةً من الإِبل على أن يُسلموا فأسلموا، وقسم الإِبل بينهم وبدا له أن يرتجعها منهم، أفهو أحق بها أم هم؟ فإِن قال لك نعم أو لا، فقل له: إن أبي شيخ كبير وهو عريف الماء، وإنه يسألك أن تجعل لي العرافة بعده، فأتاه فقال: إن أبي يقرئك السلام، فقال: "وعليك وعلى أبيك السلام" فقال: إن أبي جعل لقومه مائةً من الإِبل على أن يسلموا فأسلموا، وحسن إسلامهم، ثم بدا له أن يرتجعها منهم، أفهو أحق بها أم هم؟ فقال: "إن بدا له أن يسلمها لهم فليسلمها، وإن بدا له أن يرتجعها فهو أحقُّ بها منهم، فإِن أسلموا فلهم إسلامهم، وإن لم يسلموا قوتلوا على الإِسلام" وقال: إن أبي شيخ كبير، وهو عريف الماء، وإنه يسألك أن تجعل لي العرافة بعده، فقال: "إنَّ العرافة حقٌّ، ولابدَّ للناس من العرفاء، ولكن العرفاء في النار".
6- باب في اتخاذ الكاتب
2935ـ حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا نوح بن قيس، عن يزيد بن كعب، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال:
السِّجلُّ كاتبٌ، كان للنبيِّ صلى اللّه عليه وسلم.
7- باب في السعاية على الصدقة
2936ـ حدثنا محمد بن إبراهيم الأسباطي، ثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "العامل على الصدقة بالحقِّ كالغازي في سبيل اللّه حتى يرجع إلى بيته".
2937ـ حدثنا عبد اللّه بن محمد النفيلي، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن عقبة بن عامر قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لايدخل الجنة صاحب مكسٍ".
2938ـ حدثنا محمد بن عبد اللّه القطان، عن ابن مغراء، عن ابنن إسحاق قال:
الذي يعشر الناس، يعني صاحب المكس.
8- باب في الخليفة يستخلف
2939ـ حدثنا محمد بن داود بن سفيان وسلمة قالا: ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال عمر:
إنِّي إن لا أستخلف فإِن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يستخلف، وإن أستخلف فإِن أبا بكر قد استخلف، قال: فواللّه ما هو إلا أن ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبا بكر فعلمت أنه لايعدل برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أحداً، وأنه غير مستخلف.
9- باب ما جاء في البيعة
2940ـ حدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن عبد اللّه بن دينار، عن ابن عمر قال:
كنَّا نبايع النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم على السمع والطاعة ويلقِّننا "فيما استطعت".
2941ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عروة
أن عائشة رضي اللّه عنها أخبرته عن بيعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم النساء، قالت: ما مسَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدا امرأة قط إلا أن يأخذ عليها، فإِذا أخذ عليها فأعطته قال: "اذهبي فقد بايعتك".
2942ـ حدثنا عبيد اللّه بن عمر بن ميسرة، ثنا عبد اللّه بن يزيد، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، ثنا أبو عقيل زهرة بن معبد، عن جده عبد اللّه بن هشام، قال:
وكان قد أدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم، وذهبت به أمه زينب بنت حُميد إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت: يارسول اللّه بايعه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "هو صغيرٌ" فمسح رأسه.
10- باب في أرزاق العمال
2943ـ حدثنا زيد بن أخزم أبو طالب، ثنا أبو عاصم، عن عبد الوارث بن سعيد، عن حسين المعلِّم، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه،
عن النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "من استعملناه على عملٍ فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلولٌ".
2944ـ حدثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا ليث، عن بكير بن عبد اللّه بن الأشجّ، عن بسر بن سعيد، عن ابن الساعدي قال:
استعملني عمر على الصدقة، فلما فرغت أمر لي بعمالةٍ، فقلت: إنما عملت للّه، قال: خذ ما أعطيت، فإِني قد عملت على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعمَّلني .
2945ـ حدثنا موسى بن مروان الرقي، ثنا المعافى، ثنا الأوزاعي، عن الحارث بن يزيد، عن جبير بن نفير، عن المستورد بن شدّاد قال:
سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: "من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجةً؛ فإِن لم يكن له خادمٌ فليكتسب خادماً، فإِن لم يكن له مسكنٌ فليكتسب مسكناً" قال: قال أبو بكر: أخبرت أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارقٌ".
11- باب في هدايا العمال
2946ـ حدثنا ابن السَّرح وابن أبي خلف، لفظه قالا: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن أبي حُمَيد الساعدي
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية قال ابن السرح: ابن الأتبية على الصدقة، فجاء فقال: هذا لكم، وهذا أهدي لي، فقام النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم على المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وقال: "ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول: هذا لكم وهذا أهدِيَ لي، ألا جلس في بيت أمِّه أو أبيه، فينظر أيهدى له أم لا؟ لا يأتي أحدٌ منكم بشىء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة، إن كان بعيراً فله رغاءٌ، أو بقرةً فلها خوارٌ، أو شاةً تيعر" ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه، ثم قال: "اللهمَّ هل بلغت، اللهم هل بلغت".
12- باب في غلول الصدقة
2947ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير، عن مُطرِّف، عن أبي الجهم، عن أبي مسعود الأنصاري قال:
بعثني النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم ساعياً ثم قال: "انطلق أبا مسعود [ و] لا ألفينَّك يوم القيامة تجيء وعلى ظهرك بعيرٌ من إبل الصدقة له رغاءٌ قد غللته" قال: إذاً لا أنطلق، قال: "إذاً لا أُكرهك".
13- باب فيما يلزم الإِمام من أمر الرعية والحجبة عنهم
2948ـ حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ثنا يحيى بن حمزة، قال: حدثني ابن أبي مريم، أن القاسم بن مخيمرة أخبره أن أبا مريم الأزدي أخبره قال:
دخلت على معاوية فقال: ما أنعمنا بك أبا فلان، وهي كلمة تقولها العرب، فقلت: حديثاً سمعته أخبرك به، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "من ولاه اللّه عزوجل شيئاً من أمر المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخلّتهم وفقرهم احتجب اللّه عنه دون حاجته وخلته وفقره" قال: فجعل رجلاً على حوائج الناس.
2949ـ حدثنا سلمة بن شبيب: ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبِّه قال: هذا ما حدَّثنا به أبو هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما أوتيكم من شيء وما أمنعكموه، إن أنا إلا خازنٌ أضع حيث أمرت".
2950ـ حدثنا النفيلي، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال:
ذكر عمر بن الخطاب يوماً الفيء فقال: ما أنا بأحقَّ بهذا الفيء منكم، وما أحدٌ منا بأحقَّ به من أحد، إلا أنَّا على منازلنا من كتاب اللّه عزَّوجلَّ، وقسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فالرجل وقدمه، والرجل وبلاؤه ، والرجل وعياله ، والرجل وحاجته.
14- باب في قسم الفيْء
2951ـ حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، ثنا أبي، ثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم
أن عبد اللّه بن عمر دخل على معاوية فقال: حاجتك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: عطاء المحررين فإِني رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أول ما جاءه شىء بدأ بالمحرَّرين.
2952ـ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أخبرنا عيسى، ثنا ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عبد اللّه بن نِيَارٍ، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أُتي بظبية فيها خرز فقسَّمها للحرة والأمة، قالت عائشة: كان أبي رضي اللّه عنه يقسم للحر والعبد.
2953ـ حدثنا سعيد بن منصور، ثنا عبد اللّه بن المبارك، ح وحدثنا ابن المصفى قال: حدثنا أبو المغيرة، جميعاً عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه، فأعطى الآهل حظين، وأعطى العزب حظّاً، زاد ابن المصفى: فدعينا وكنت أدعى قبل عمار، فدعيت فأعطاني حظّين وكان لي أهل، ثم دعي بعدي عمَّار بن ياسر، فأعطى [له] حظّاً واحداً.
15- باب في أرزاق الذرية
2954ـ حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً، فإِليَّ وعليَّ".
2955ـ حدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن عديّ بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك كلاًّ فإِلينا".
2956ـ حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد اللّه،
عن النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: "أنا أولى بكلِّ مؤمن من نفسه، فأيما رجلٍ مات وترك ديناً فإِليّ، ومن ترك مالاً فلورثته".
16- باب متى يفرض للرجل في المقاتلة؟
2957ـ حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا يحيى، ثنا عبيد اللّه، أخبرني نافع، عن ابن عمر،
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم عرضه يوم أحد، وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه، وعرضه يوم الخندق، وهو ابن خمس عشرة سنة، فأجازه.
17- باب في كراهية الاقتراض في آخر الزمان
2958ـ حدثنا أحمد بن أبي الحواري، ثنا سليم بن مطير، شيخ من أهل وادي القرى قال:
حدثني أبي مطيرٌ أنه خرج حاجّاً، حتى إذا كان بالسُّويداء إذا أنا برجل قد جاء كأنه يطلب دواء وحضضاً فقال: أخبرني من سمع رسول للّه صلى اللّه عليه وسلم في حجّة الوداع، وهو يعظ الناس، ويأمرهم وينهاهم، فقال: "يا أيُّها الناس خذوا العطاء ما كان عطاءً، فإِذا تجاحفت قريشٌ على الملك، وكان عن دين أحدكم فدعوه".
قال أبو داود: ورواه ابن المبارك، عن محمد بن يسار، عن سليم بن مطير.
2959ـ حدثنا هشام بن عمَّار، ثنا سليم بن مطير، من أهل وادي القرى، عن أبيه أنه حدثه قال: سمعت رجلاً يقول:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حجة الوداع، أمر الناس ونهاهم، ثم قال: "اللهم هل بلغت؟" قالوا: اللهم نعم، ثم قال: "إذا تجاحفت قريشٌ على الملك فيما بينها وعاد العطاء، أو كان رُشاً فدعوه" فقيل: من هذا؟ قالوا: هذا ذو الزوائد، صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
18- باب في تدوين العطاء
2960ـ حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا إبراهيم يعني ابن سعد أخبرنا ابن شهاب، عن عبد اللّه بن كعب بن مالك الأنصاري،
أن جيشاً من الأنصار كانوا بأرض فارس مع أميرهم، وكان عمر يعقب الجيوش في كل عام، فشغل عنهم عمر، فلما مرَّ الأجل قفل أهل ذلك الثغر، فاشتدَّ عليهم وتواعدهم وهم أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا: ياعمر، إنك غفلت عنا وتركت فينا الذي أمر به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من إعقاب بعض الغزيَّة بعضاً.
2961ـ حدثنا محمود بن خالد، ثنا محمد بن عائذ، ثنا الوليد، ثنا عيسى بن يونس، حدثني فيما حدثه ابنُ لعديّ بن عديّ الكندي،
أن عمر بن عبد العزيز كتب: أن من سأل عن مواضع الفيء فهو ما حكم فيه عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فرآه المؤمنون عدلاً، موافقاً لقول النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم: "جعل اللّه الحقَّ على لسان عمر وقلبه" فرض الأعطية للمسلمين، وعقد لأهل الأديان ذمة بما فرض عليهم من الجزية لم يضرب فيها بخُمس ولا مغنم.
2962ـ حدثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف بن الحارث، عن أبي ذرّ قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إنَّ اللّه تعالى وضع الحقَّ على لسان عمر يقول به".
19- باب في صفايا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الأموال
2963ـ حدثنا الحسن بن علي، ومحمد بن يحيى بن فارس، المعنى قالا: ثنا بشر بن عمر الزهراني قال: حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال:
أرسل إليَّ عمر حين تعالى النهار، فجئته فوجدته جالساً على سرير مُفْضياً إلى رماله، فقال حين دخلت عليه: يامال، إنه قد دفَّ أهل بيات من قومك، وإني قد أمرت فيهم بشىء فاقسِمْ فيهم، قلت: لو أمرت غيري بذلك، فقال: خذه، فجاءه يرفأ فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقَّاص؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا، ثم جاءه يرفأ فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في العباس وعليّ؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا، قال العباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا يعني عليّاً فقال بعضهم: أجل يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرحهما. قال مالك بن أوس: خُيِّل إليَّ أنهما قدَّما أولئك النفر لذلك، فقال عمر رضي اللّه عنه: اتَّئدا ، ثم أقبل على أولئك الرهط فقال: أنشدكم باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ؟" قالوا: نعم، ثم أقبل على عليّ والعباس رضي اللّه عنهما! فقال: أنشدكما باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ؟" فقالا: نعم، قال: فإِن اللّه خصَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بخاصَّة لم يخصَّ بها أحداً من الناس، فقال اللّه تعالى: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ، ولكنَّ اللّه يسلِّط رسله على من يشاء، واللّه على كلِّ شىءٍ قديرٌ} وكان اللّه أفاء على رسوله بني النضير، فواللّه ما استأثر بها عليكم ولا أخذها دونكم، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأخذ منها نفقة سنة، أو نفقته ونفقة أهله سنة، ويجعل ما بقي أسوة المال، ثم أقبل على أولئك الرَّهط فقال: أنشدكم باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم أقبل على العباس وعليّ رضي اللّه عنهما فقال: أنشدكما باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، فلما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال أبو بكر: أنا وليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فجئت أنت وهذا إلى أبي بكر رضي اللّه عنه تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر [رحمه اللّه]: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لانورث ما تركنا صدقةٌ" واللّه يعلم إنه لصادقٌ بارٌّ راشد تابع للحق فوليها أبو بكر، فلما توفي [أبو بكر] قلت: أنا وليُّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ووليُّ أبي بكر، فولِيتُها ما شاء اللّه أن أَلِيَها، فجئت أنت وهذا، وأنتما جميع وأمركما واحد، فسألتمانيها فقلت: إن شئتما أن أدفعها إليكما على أنَّ عليكما عهد اللّه أن تلِيَاها بالذي كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يليها، فأخذتماها مني على ذلك، ثم جئتماني لأقضي بينكما بغير ذلك، واللّه لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة، فإِن عجزتما عنها فرُدّاها إليّ.
قال أبو داود: إنّما سألاه أن يكون يُصَيّره بينهما نصفين، لا أنهما جهلا أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ" فإِنهما كانا لا يطلبان إلا الصواب، فقال عمر: لا أوقع عليه اسم القسم، أدعه على ما هو عليه.
2964ـ حدثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بهذه القصة قال:
وهما يعني عليّاً والعباس، رضي اللّه عنهما يختصمان فيما أفاء اللّه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم من أموال بني النضير.
قال أبو داود: أراد أن لا يوقع عليه اسم قسْمٍ.
2965ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن عبدة، المعنى أن سفيان بن عيينة أخبرهم، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر قال:
كانت أموال بني النضير مما أفاء اللّه على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
خالصاً، ينفق على أهل بيته، قال ابن عبدة: ينفق على أهله، قوت سنة، فما بقي جعل في الكراع وعُدّةً في سبيل اللّه عزَّوجلَّ، قال ابن عبدة: في الكراع والسلاح.
2966ـ حدثنا مسدد، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا أيوب، عن الزهري قال:
قال عمر: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولاركاب}، قال لزهري: قال عمر: هذه لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خاصة قُرَى عرينة فدك، وكذا وكذا، {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول، ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}، و{للفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم}، {والذين تبوءوا الدار والإِيمان من قبلهم}، {والذين جاءوا من بعدهم}، فاستوعبت هذه الآية الناس، فلم يبق أحد من المسلمين إلا له فيها حق، قال أيوب: أو قال: حظ، إلا بعض من تملكون من أرِقَّائكم.
2967ـ حدثنا هشام بن عمار، ثنا حاتم بن إسماعيل، ح وثنا سليمان بن داود المهري، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد، ح وثنا نصر بن عليّ، قال: أخبرنا صفوان بن عيسى، وهذا لفظ حديثه، كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال:
كان فيما احتج به عمر أنه قال: كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفدك. فأما بنو النضير: كانت حُبُساً لنوائبه، وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزَّأها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاثة أجزاء: جزءين بين المسلمين، وجزءاً نفقة لأهله، فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين.
2968ـ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد اللّه بن موهب الهمداني، ثنا الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أنها أخبرته
أن فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه تسأله ميراثها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مما أفاء اللّه عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ، إنّما يأكل آل محمدٍ من هذا المال" وإني واللّه لا أغيِّر شيئاً من صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلأعملنَّ فيها بما عمل به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأبى أبو بكر رضي اللّه عنه أن يدفع إلى فاطمة [عليهما السلام] منها شيئاً.
2969ـ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي، ثنا أبي، ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرته بهذا الحديث، قال:
وفاطمة [عليها السلام] حينئذٍ تطلب صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، قالت عائشة رضي اللّه عنها: فقال أبو بكر [رضي اللّه عنه]: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ، وإنما يأكل آل محمدٍ في هذا المال" يعني مال اللّه، ليس لهم أن يزيدوا على المأكل.
2970ـ حدثنا حجّاج بن أبي يعقوب، حدثني يعقوب يعني ابن إبراهيم بن سعد حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عروة أن عائشة [رضي اللّه عنها] أخبرته بهذا الحديث، قال فيه:
فأبى أبو بكر [رضي اللّه عنه] عليها ذلك، وقال: لست تاركاً شيئاً كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ، فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى عليّ وعباس رضي اللّه عنهم فغلبه عليّ عليها، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر، وقال: هما صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعْرُوهُ ونوائبه، وأمرهما إلى من ولى الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم.
2971ـ حدثنا محمد بن عبيد، ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري في قوله:
{فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ} قال: صالح النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أهل فدك وقرى قد سماها لا أحفظها، وهو محاصرٌ قوماً آخرين فأرسلوا إليه بالصلح، قال: {فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ} يقول: بغير قتال، قال الزهري: وكانت بنو النضير للنبيِّ صلى اللّه عليه وسلم خالصاً لم يفتحوها عَنْوَةً افتتحوها على صلح، فقسَّمها النبي صلى اللّه عليه وسلم بين المهاجرين، لم يُعْطِ الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة.
2972ـ حدثنا عبد اللّه بن الجرَّاح، ثنا جرير، عن المغيرة قال:
جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين اسْتُخْلِفَ فقال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت له فَدَكُ، فكان ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوِّج منها أيِّمَهُم، وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى، فكانت كذلك في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى مضى لسبيله، فلما أن وُلِّيَ أبو بكر [رضي اللّه عنه] عمل فيها بما عمل النبي صلى اللّه عليه وسلم في حياته حتى مضى لسبيله، فلما أن وُلي عمر عمل فيها بمثل ما عملا حتى مضى لسبيله، ثم أُقْطِعَها مروان، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز قال عمر يعني ابن عبد العزيز فرأيت أمراً منعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاطمة [عليها السلام] ليس لي بحقٍّ، وأنا أشهدكم أنني قد رددتها على ما كانت، يعني على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
قال أبو داود: وُلِّيَ عمر بن عبد العزيز الخلافة وغلَّتهُ أربعون ألف دينار، وتوفي وغلته أربعمائة دينار، ولو بقيَ لكان أقلّ.
2973ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا محمد بن الفضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال:
جاءت فاطمة [رضي اللّه عنها] إلى أبي بكر [رضي اللّه عنه] تطلب ميراثها من النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: فقال أبو بكر [رضي اللّه عنه]: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إنَّ اللّه عزوجل إذا أطعم نبيّاً طعمةً فهي للذي يقوم من بعده".
2974ـ حدثنا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة،
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "لاتقتسم ورثتي ديناراً، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقةٌ".
قال أبو داود: "مؤنة عاملي" يعني أَكَرَضة الأرض.
2975ـ حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البَخْتري قال:
سمعت حديثاً من رجل فأعجبني فقلت: اكتبه لي، فأتى به مكتوباً مُذَبَّراً : دخل العباس وعليٌّ على عمر، وعنده طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد، وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: ألم تعلموا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "كلُّ مال النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم صدقةٌ، إلا ما أطعمه أهله وكساهم إنا لانورث؟" قالوا: بلى، قال: فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينفق من ماله على أهله ويتصدق بفضله، ثم توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فوليها أبو بكر سنتين، فكان يصنع الذي كان يصنع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم ذكر شيئاً من حديث مالك بن أوس.
2976ـ حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها قالت:
إنَّ أزواج النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم حين توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ثُمنَهُنَّ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت لهنَّ عائشة: أليس قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لانورث ما تركنا فهو صدقةٌ".
2977ـ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا إبراهيم بن حمزة، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد، عن ابن شهاب بإِسناده نحوه،
قلت: ألا تتَّقين اللّه؟ ألم تسمعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "لانورث ما تركنا فهو صدقةٌ، وإنّما هذا المال لآل محمدٍ لنائِبَتِهِم ولضيفهم، فإِذا متُّ فهو إلى من ولى الأمر من بعدي".
20- باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى
2978ـ حدثنا عبيد اللّه بن عمر بن ميسرة، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد اللّه بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، قال:
أخبرني جُبير بن مطعم أنه جاء هو وعثمان بن عفان يكلمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب، فقلت: يارسول اللّه، قسمت لإِخواننا بني المطلب، ولم تعطنا شيئاً، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "إنّما بنو هاشمٍ وبنو المطلب شىءٌ واحدٌ" قال جبير: ولم يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل [شيئاً] من ذلك الخمس: كما قسم لبني هاشم وبني المطلب. قال: وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قَسْمِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم يعطيهم قال: وكان عمر بن الخطاب يعطيهم منه وعثمان بعده.
2979ـ حدثنا عبيد اللّه بن عمر، ثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب، ثنا جبير بن مطعم
أنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً، كما قسم لبني هاشم وبني المطلب. قال: وكان أبو بكر يَقْسِمُ الخمس نحو قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كما كان يعطيهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منه.
2980ـ حدثنا مسدد، ثنا هشيم، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب قال: أخبرني جبير بن مطعم قال:
لما كان يوم خيبر وضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سهم ذي القربى في بني هاشمٍ وبني المطلب، وترك بني نوفلٍ وبني عبد شمس، فانطلقت أنا وعثمان بن عفان حتى أتينا النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم، فقلنا: يارسول اللّه، هؤلاء بنو هاشم لاننكر فضلهم للموضع الذي وضعك اللّه به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنَّا وبنو المطلب لانفترق في جاهليةٍ ولا إسلامٍ، وإنّما نحن وهم شىءٌ واحدٌ" وشبَّك بين أصابعه صلى اللّه عليه وسلم.
2981ـ حدثنا حسين بن عليّ العجلي، ثنا وكيع، عن الحسن بن صالح، عن السُّدِّي في ذي القربى قال: هم بنو عبد المطلب.
2982ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة، ثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرنا يزيد بن هُرمُزَ
أن نجدة الحروريَّ حين حجَّ في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ويقول: لمن تراه؟ قال ابن عباس: لقربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قسمه لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقِّنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله.
2983ـ حدثنا عباس بن عبد العظيم، ثنا يحيى بن أبي بُكير، ثنا أبو جعفر الرَّازي، عن مُطرِّف، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليّاً يقول:
وَلاَّني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وحياة أبي بكر، وحياة عمر فأتي بمال، فدعانني فقال: خذه، فقلت: لا أريده، فقال: خذه فأنتم أحقُّ به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال.
2984ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا ابن نمير، ثنا هاشم بن البريد، ثنا حسين بن ميمون، عن عبد اللّه بن عبد اللّه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
سمعت عليّا [عليه السلام] يقول: اجتمعت أنا والعباس، وفاطمة، وزيد بن حارثة عند النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم فقلت: يارسول اللّه، إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس في كتاب اللّه عزَّوجلَّ، فأقسمه [في] حياتك كي لاينازعني أحد بعدك فافعل، قال: ففعل ذلك قال: فقسمته حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم ولاَّنيه أبو بكر رضي اللّه عنه، حتى إذا كانت آخر سنة من سني عمر [رضي اللّه عنه] فإِنه أتاه مال كثير فعزل حقنا، ثم أرسل إليَّ فقلت: بنا عنه العام غنىً، وبالمسلمين إليه حاجة فاردده عليهم، فرده عليهم ثم لم يَدْعُني إليه أحد بعد عمر، فلقيت العباس بعد ما خرجت من عند عمر فقال: يا عليّ، حرمتنا الغداة شيئاً لايُرَدُّ علينا أبداً، وكان رجلاً داهياً.
2985ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة، ثنا يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد اللّه بن الحارث بن نوفل الهاشمي، أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث، وعباس بن عبد المطلب، قالا لعبد المطلب بن ربيعة، وللفضل بن عباس:
ائتيا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقولا له: يارسول اللّه، قد بلغنا من السنِّ ما ترى، وأحببنا أن نتزوج، وأنت يارسول اللّه أبرُّ الناس وأوصلهم، وليس عند أبوينا مايصدقان عنا، فاستعملنا يارسول اللّه على الصدقات، فلنؤدِّ إليك مايؤدي العمال، ولنصب ما كان فيها من مرفق، قال: فأتى عليُّ بن أبي طالب ونحن على تلك الحال، فقال لنا: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لا واللّه لايستعمل أحداً منكم على الصدقة، فقال له ربيعة: هذا من أمرك، قد نلت صهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم نحسدك عليه، فألقى عليّ رداءه، ثم اضطجع عليه فقال: أنا أبو حسن القرم، واللّه لا أريم حتى يرجع إليكما ابناكما بجوابٍ مابعثتما به إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل [إلى باب حجرة النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم] حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت، فصلينا مع الناس، ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم، وهو يومئذٍ عند زينب بنت جحش، فقمنا بالباب، حتى أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأخذ بأذي وأذن الفضل، ثم قال: أخرجا ما تُصَرِّرَان ثم دخل فأذن لي وللفضل، فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلاً ثم كلمته، أو كلمه الفضل، قد شك في ذلك عبد اللّه، قال: كلمه بالأمر الذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ساعة ورفع بصره قِبَل سقف البيت حتى طال علينا أنه لايرجع إلينا شيئاً، حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها تريد أن لاتعجلا، وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أمرنا، ثم خفض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رأسه فقال لنا: "إنَّ هذه الصدقة إنّما هي أوساخ الناس، وإنَّها لاتحلُّ لمحمَّدٍ ولا لآل محمدٍ، ادعوا لي نوفل بن الحارث" فدعي له نوفل بن الحارث فقال: "يانوفل أنكح عبد المطلب" فأنكحني نوفل، ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ادعوا لي محمية بن جزء" وهو رجل من بني زُبَيْدٍ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استعمله على الأخماس، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لمحمية "أنكح الفضل" فأنكحه، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا" لم يسمِّه لي عبد اللّه بن الحارث.
2986ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة بن خالد، ثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عليّ بن حسين أن حسين بن عليّ أخبره
أن عليّ بن أبي طالب قال: كانت لي شارفٌ من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعطاني شارفاً من الخمس يومئذٍ؛ فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واعدت رجلاً صوَّاغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإِذخر، أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينا أنا أجمع لشارفيَّ متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، أقبلت حين جمعت ما جمعت، فإِذا بشارفيَّ قد اجتبَّت أسنمتهما وبُقرت خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، فلم أملك عينيَّ حين رأيت ذلك المنظر، فقلت: من فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شَرْب من الأنصار غنته قينة وأصحابه، فقالت في غنائها: ألا ياحمزُ للشُّرُفِ النِّوَاءِ
فوثب إلى السيف، فاجتبَّ أسنمتهما وبقر خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، قال عليّ: فانطلقت حتى أدخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة فعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذي لقيت، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مالك؟" قال: قلت: يارسول اللّه، ما رأيت كاليوم، عدا حمزة على ناقتيّ، فاجتبَّ أسنمتهما وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شَرْبٌ، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بردائه، فارتداه، ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن، فأُذِنَ له، فإِذا هم شرب فطفق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإِذا حمزة ثملٌ محمرَّة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم صعَّد النظر فنظر إلى ركبتيه، ثم صعَّد النظر فظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبلي؟ فعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه ثمِلٌ، فنكص رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا معه.
2987ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد اللّه بن وهب، حدثني عيَّاش بن عقبة الحضرمي، عن الفضل بن الحسن الضمري أن ابن أم الحكم، أو ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب حدثه، عن إحداهما أنها قالت:
أصاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سبياً، فذهبت أنا وأختي وفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشىء من السَّبي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "سبقكُنَّ يتامى بدرٍ، ولكن سأدلكنَّ على ما هو خيرٌ لكنَّ من ذلك: تكبرن اللّه على اثر كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تسبيحةً، وثلاثاً وثلاثين تحميدةً، ولا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شىء قدير".
قال عياش: وهما ابنتا عمِّ النبي صلى اللّه عليه وسلم.
2988ـ حدثنا يحيى بن خلف، ثنا عبد الأعلى، عن سعيد يعني الجرَيْري عن أبي الورد؛ عن ابن أعبد قال:
قال لي عليَّ [رضي اللّه عنه]: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكانت من أحبِّ أهله إليه؟ قلت: بلى، قال: إنها جرَّت بالرحى حتى أثّر في يدها، واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها، فأتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم خدٌ فقلت: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً فأتته، فوجدت حُدَّاثاً فرجعت، فأتاها من الغد فقال: "ما كان حاجتك؟" فسكتت، فقلت: أنا أحدِّثك يارسول اللّه، جرَّت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها حرَّ ما هي فيه، قال: "اتّقي اللّه يافاطمة، وأدِّي فريضة ربِّك، واعملي عمل أهلك، فإِذا أخذت مضجعك فسبِّحي ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبِّري أربعاً وثلاثين، فتلك مائةٌ فهي خيرٌ لك من خادمٍ" قالت: رضيت عن اللّه عزَّوجلَّ، وعن رسوله [صلى اللّه عليه وسلم].
2989ـ حدثنا أحمد بن محمد المروزي، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عليّ بن حسين بهذه القصة قال: ولم يخدمها.
2990ـ حدثنا محمد بن عيسى، ثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي، قال أبو جعفر: يعني ابن عيسى كنا نقول إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي قال: حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مُجَّاعة، عن هلال بن سرّاج بن مُجَّاعة، عن أبيه، عن جده مُجَّاعة،
أنه أتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوسٍ من بني ذُهلٍ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت جاعلاً لمشركٍ ديةً جعلت لأخيك، ولكن سأعطيك منه عقبى" فكتب له النبي صلى اللّه عليه وسلم بمائة من الإِبل من أول خُمسٍ يخرج من مشركي بني ذهل، فأخذ طائفةً منها وأسلمت بنو ذهل، فطلبها بعد مُجّاعةُ إلى أبي بكر، وأتاه بكتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، فكتب له أبو بكر باثني عشر ألف صاعٍ من صدقة اليمامة: أربعة آلاف بُرّاً، وأربعة آلاف شعيراً، وأربعة آلاف تمراً، وكان في كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم لمجَّاعة "بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ من محمد النبيِّ لمجاعة بن مرارة من بني سلمى، إني أعطيته مائةً من الإِبل من أول خمسٍ يخرج من مشركي بني ذهلٍ عقبةً من أخيه".
21- باب ما جاء في سهم الصّفي
2991ـ حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن مطرِّف، عن عامر الشعبي قال:
كان للنبي صلى اللّه عليه وسلم سهمٌ يدعى الصَّفِيَّ، إن شاء عبداً، وإن شاء أمة، وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس.
2992ـ حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو عاصم وأزهر قالا: ثنا ابن عَوْن قال:
سألت محمداً عن سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم والصفيِّ قال: كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد، والصفيُّ يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شىء.
2993ـ حدثنا محمود بن خالد السلمي، ثنا عمر يعني ابن عبد الواحد عن سعيد يعني ابن بشير عن قتادة قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا غزا كان له سهم صافٍ يأخذه من حيث شاءه، فكانت صفية من ذلك السهم، وكان إذا لم يغز بنفسه ضُرِبَ له بسهمه ولم يخيّر.
2994ـ حدثنا نصر بن عليّ، ثنا أبو أحمد، أخبرنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:
كانت صفية من الصَّفيِّ.
2995ـ حدثنا سعيد بن نصور، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس بن مالك قال:
قدمنا خيبر فلما فتح اللّه تعالى الحصننَ ذُكِرَ له جمال صفية بنت حُيَيٍّ، وقد قتل زوجها وكانت عروساً، فاصطفاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لنفسه، فخرج بها حتى بلغنا سُدَّ الصهباء حلَّتْ فبنى بها.
2996ـ حدثنا مسدد، ثنا حماد بن زيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك قال:
صارت صفية لدِحْيَةَ الكلبيّ، ثم صارت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
2997ـ حدثنا محمد بن خلاّد الباهلي، ثنا بهزُ بن أسد، ثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أنس قال:
وقع في سهم دحية جاريةٌ جميلة، فاشتراها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بسبعة أرؤُسٍ، ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها، قال حماد: وأحسبه قال: وتعتد في بيتها صفية بنت حُيَيٍّ.
2998ـ حدثنا داود بن معاذ، ثنا عبد الوارث، ح وثنا يعقوب بن إبراهيم، المعنى قال: ثنا ابن عُلَيَّة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال:
جُمِعَ السَّبيُ يعني بخيبر فجاء دحية فقال: يارسول اللّه، أعطني جارية من السّبي قال: "اذهب وخذ جاريةً" فأخذ صفية بنت حُيَيّ، فجاء رجل إلى النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: يارسول اللّه، أعطيت دحية، قال يعقوب: صفية بنت حُيَيّ سيدة قريظة والنضير؟ ثم اتفقا، ما تصلح إلا لك قال: "ادعوه بها" فلما نظر إليها النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال له: "خذ جاريةً من السَّبي غيرها" وإن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أعتقها وتزوجها.
2999ـ حدثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا قرَّة قال: سمعت يزيد بن عبد اللّه قال:
كنا بالمربد، فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم أحمر، فقلنا: كأنك من أهل البادية فقال: أجل، قلنا: ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك، فناولناها فقرأناها، فإِذا فيها "من محمدٍ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى بني زهير بن أُقيش ، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا اللّه، وأن محمداً رسول اللّه، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأديتم الخمس من المغنم، وسهم النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم وسهم الصفيِّ أنتم آمنون بأمان اللّه ورسوله" فقلنا: من كتب لك هذا الكتاب؟ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
22- باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة
3000ـ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، أن الحكم بن نافع حدثهم قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالك، عن أبيه،
وكان أحد الثلاثة الذين تِيبَ عليهم، وكان كعب بن الأشرف يهْجُو النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم ويحرّضُ عليه كفار قريش، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم حين قدم المدينة وأهلها أخلاط: منهم المسلمون والمشركون يعبدون الأوثان، واليهود، وكانوا يؤذون النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه، فأمر اللّه عزَّوجلَّ نبيَّه بالصبر والعفو، ففيهم أنزل اللّه {ولتسمعنَّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} الآية، فلما أبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبي صلى اللّه عليه وسلم أمر النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم سعد بن معاذ أن يبعث رهطاً يقتلونه، فبعث محمد بن مسلمة، وذكر قصة قتله، فلما قتلوه فزعت اليهود والمشركون، فغدوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: طُرِقَ صاحبنا فقتل، فذكر لهم النبيّ صلى اللّه عليه وسلم الذي كان يقول، ودعاهم النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إلى أن يكتب بينه وبينهم كتاباً ينتهون إلى ما فيه، فكتب النبي صلى اللّه عليه وسلم بينه وبينهم وبين المسلمين عامة صحيفة.
3001ـ حدثنا مُصَرِّفُ بن عمرو الأيامي، ثنا يونس يعني ابن بكير قال: ثنا محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير وعكرمة، عن ابن عباس، قال: لما أصاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال: "يامعشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً" قالوا: يا محمد، لايغُرَّنَّك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لايعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل اللّه عزّوجلّ في ذلك: {قل للذين سَتُغْلبون} قرأ مصرِّف إلى قوله: {فئةٌ تقاتل في سبيل اللّه} ببدر {وأخرى كافرةٌ}.
3002ـ حدثنا مصرِّف بن عمرو، ثنا يونس، قال ابن إسحاق: حدثني مولًى لزيد بن ثابت، قال حدثتني ابنة مُحَيِّصَة، عن أبيها مُحَيِّصة
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه" فوثب مُحَيِّصَةُ على شبيبة رجلٍ من تجار يهود كان يلابسهم فقتله، وكان حويصةُ إذ ذاك لم يُسلم، وكان أسنَّ من محيِّصة، فلما قتله جعل حُوَيْصَةُ يضربه ويقول: يا عدُوَّ اللّه، أما واللّه لرُبَّ شحمٍ في بطنك من ماله.
3003ـ حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة أنه قال:
بينا نحنُ في المسجد إذ خرج إلينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: "انطلقوا إلى يهود" فخرجنا معه حتى جئناهم، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فناداهم فقال: "يامعشر يهود، أسلموا تسلموا" فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أسلموا تسلموا" فقالوا: قد بلَّغت يا أبا القاسم، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ذلك أريد" ثم قالها الثالثة: "اعلموا إنّما الأرض للّه ورسوله، وإنِّي أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن وجد منكم بماله شيئاً فليبعه، وإلا فاعلموا إنّما الأرض للّه ورسوله صلى اللّه عليه وسلم ".
23- باب في خبر النضير
3004ـ حدثنا محمد بن داود بن سفيان، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك،
عن رجل من أصحاب النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أُبيّ ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوْس والخزرج، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يومئذٍ بالمدينة قبل وقعة بدر: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم باللّه لتقاتلنَّه أو لتخرجنَّه أو لنسيرنَّ إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد اللّه بن أُبَيٍّ ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما بلغ ذلك النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم لَقِيَهم فقال: "لقد بلغ وعيد قريشٍ منكم المبالغ، ما كانت تكيدهم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم" فلما سمعوا ذلك من النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم تفرَّقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون وإنكم لتقاتلنَّ صاحبنا أو لنفعلنَّ كذا وكذا، ولايحول بيننا وبين خدم نسائكم شىء، وهي الخلاخيل، فلما بلغ كتابهم النبي صلى اللّه عليه وسلم أجمعت بنو النضير بالغدر، فأرسلوا إلى النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، وليخرج منَّا ثلاثون حبراً، حتى نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك، فإِن صدّقوك وآمنوا بك آمنا بك، فقصّ خبرهم، فلما كان الغد غدا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالكتائب فحصرهم فقال لهم: "إنَّكم واللّه لاتأمنون عندي إلاَّ بعهدٍ تعاهدوني عليه" فأبوا أن يعطوه عهداً فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب، وترك بني النضير ودعاهم إلى أن يعاهدوه فعاهدوه، فانصرف عنهم وغدا على بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلَّت الإِبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النضير لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خاصة، أعطاه اللّه إياها وخصَّه بها فقال تعالى: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ} يقول: بغير قتال فأعطى النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي في أيدي بني فاطمة رضي اللّه عنها.
3005ـ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، عن موسى بن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر
أن يهود النَّضير وقُرَيْظة حاربوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأجلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بني النضير، وأقرَّ قريظة ومنَّ عليهم حتى حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسَّم نساءهم وأموالهم وأولادهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأمَّنهم وأسلموا، وأجلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهود المدينة كلَّهم: بني قينقاع، وهم قوم عبد اللّه بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهودي كان بالمدينة.
24- باب ما جاء في حكم أرض خيبر
3006ـ حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، ثنا أبي، ثنا حماد بن سلمة، عن عبيد اللّه بن عمر قال: أحسبه عن نافع، عن ابن عمر
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قاتل أهل خيبر، فغلب على النخل والأرض، وألجأهم إلى قصرهم، فصالحوه على أن لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم على أن لايكتموا ولايَغيِّبوا شيئاً، فإِن فعلوا فلا ذمة لهم ولاعهد، فغيبوا مسكا لِحُيَيِّ بن أخطب، وقد كان قتل قبل خيبر وكان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير فيه حُلِيُّهُمْ وقال: فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لسَعْية: "أين مسك حييِّ بن أخطب؟" قال: أذهبته الحروب والنفقات فوجدوا المسك، فقتل ابن أبي الحقيق وسبى نساءهم وذراريَّهم، وأراد أن يجليهم فقالوا: يا محمد، دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدا لك ولكم الشطر. وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقاً من شعير.
3007ـ حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني نافع مولى عبد اللّه بن عمر، عن عبد اللّه بن عمر أن عمر قال:
أيها الناس، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان عامَلَ يهود خيبر على أنَّ نخرجهم إذا شئنا، ومن كان له مال فليلحق به فإِني مخرج يهود فأخرجهم.
3008ـ حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن نافع، عن عبد اللّه بن عمر، قال:
لما افتتحت خيبر سألت يهود رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يُقِرَّهم على أن يعملوا على النصف مما خرج منها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أقرُّكم فيها على ذلك ما شئنا" فكانوا على ذلك، وكان التمر يقسم على السُّهْمان من نصف خيبر ويأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الخمس، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أطعم كل امرأة من أزواجه من الخمس مائة وسق تمراً وعشرين وسقاً من شعير، فلما أراد عمر إخراج اليهود أرسل إلى أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال لهنَّ: من أحبَّ منكنَّ أن أقسم لها نخلاً بخرصها مائة وسق فيكون لها أصلها وأرضها وماؤها ومن الزرع مزرعة خرص عشرين وسقاً فعلنا، ومن أحب أن نعزل الذي لها في الخمس كما هو فعلنا.
3009ـ حدثنا داود بن معاذ، ثنا عبد الوارث، ح وثنا يعقوب بن إبراهيم وزياد بن أيوب، أن إسماعيل بن إبراهيم حدّثهم، عن عبد العزيز بن صُهيب، عن أنس بن مالك
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غزا خيبر فأصبناها عَنْوَة فجمع السَّبْي.
3010ـ حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن، ثنا أسد بن موسى، ثنا يحيى بن زكريا، حدثني سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة قال:
قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيبر نصفين: نصفاً لنوائبه وحاجته، ونصفاً بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً.
3011ـ حدثنا حسين بن علي بن الأسود، أن يحيى بن آدم حدثهم، عن أبي شهاب، عن يحيى بن سعيد، عن بُشَيْر بن يسار
أنه سمع نفراً من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم قالوا: فذكر هذا الحديث، قال: فكان النصف سهام المسلمين وسهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وعزل النصف للمسلمين لما ينوبه من الأمور والنوائب.
3012ـ حدثنا حسين بن عليّ، ثننا محمد بن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يسار مولى الأنصار،
عن رجال من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً، جمع كلُّ سهم مائة سهم، فكان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس.
3013ـ حدثنا عبد اللّه بن سعيد الكندي، ثنا أبو خالد يعني سليمان عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار قال:
لما أفاء اللّه على نبيه صلى اللّه عليه وسلم خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً جمع كلُّ سهم مائة سهم، فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به الوطيحة والكتيبة وما أحيز معهما، وعزل النصف الآخر فقسمه بين المسلمين الشَّقَّ والنطاة وما أحيز معهما، وكان سهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما أحيز معهما.
3014ـ حدثنا محمد بن مسكين اليمامي، ثنا يحيى بن حسان، ثنا سليمان يعني ابن بلال عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يسار
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما أفاء اللّه عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهماً جمْعُ، فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهماً يجمع كلُّ سهم مائة النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم معهم، له سهم كسهْم أحدهم، وعزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثمانية عشر سهماً وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين، فكان ذلك [الوطيح والكتيبة] والسلالم وتوابعها، فلما صارت الأموال بيد النبي صلى اللّه عليه وسلم والمسلمين لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اليهود فعاملهم.
3015ـ حدثنا محمد بن عيسى، ثنا مُجمِّع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري قال: سمعت أبي يعقوب بن مجمع يذكر لي، عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري، عن عمه مجمِّع بن جارية الأنصاري وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن قال:
قسمت خيبر على أهل الحديبية فقسمها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ثمانية عشر سهماً، وكان الجيش ألفاً وخمسمائة فيهم ثلثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهماً.
3016ـ حدثنا حسين بن عليّ العجليّ، ثنا يحيى يعني ابن آدم ثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، وعبد اللّه بن أبي بكر، وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا:
بقيت بقية من أهل خيبر فتحصنوا فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل، فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، فكانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خاصَّةً؛ لأنه لم يُوجَف عليها بخيل ولا ركاب.
3017ـ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبد اللّه بن محمد، عن جُوَيرية، عن مالك، عن الزهري، أن سعيد بن المسيب أخبره
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم افتتح بعض خيبر عَنْوَةً.
قال أبو داود: وقرىء على الحارث بن مسكين، وأنا شاهد: أخبركم ابن وهب قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب
أن خيبر كان بعضها عنوةً وبعضها صلحاً، والكتيبة أكثرها عنوةً وفيها صلح. قلت لمالك: وما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق.
3018ـ حدثنا ابن السرح، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال:
بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم افتتح خيبر عَنْوَةً بعد القتال، ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال.
3019ـ حدثنا ابن السرح، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس [بن يزيد] عن ابن شهاب قال:
خمس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيبر، ثم قسَّمَ سائرها على مَنْ شهدها ومَنْ غاب عنها من أهل الحديبية.
3020ـ حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرحمن، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر قال:
لولا آخر المسلمين ما فتحت قريةً إلا قسمتها كما قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيبر.
25- باب ما جاء في خبر مكة
3021ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن آدم، ثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ابن عباس
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام الفتح جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان بن حرب فأسلم بِمَرِّ الظهران، فقال له العباس: يارسول اللّه، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فلو جعلت له شيئاً قال: "نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ، ومن أغلق عليه بابه، فهو آمنٌ".
3022ـ حدثنا محمد بن عمرو الرازي، ثنا سلمة يعني ابن الفضل عن محمد بن إسحاق، عن العباس بن عبيد اللّه بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس قال:
لما نزل النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم بِمرِّ الظَّهرَان، قال العباس: قلت: واللّه لئن دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مكة عنوةً قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش، فجلست على بغلة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت: لعليِّ أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة فيخبرهم بمكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه، فإِني لأسيرُ إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء فقلت: يا أبا حنظلة، فعرف صوتي فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم، قال: مالك فداك أبي أمي؟! قلت: هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والناس، قال: فما الحيلة؟ قال: فركب خلفي ورجع صاحبه، فلما أصبح غدوت به على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأسلم، قلت: يارسول اللّه، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فأجعل له شيئاً، قال: "نعم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ، ومن أغلق عليه داره فهو آمنٌ، ومن دخل المسجد فهو آمنٌ" قال: فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.
3023ـ حدثنا الحسن بن الصباح ثنا إسماعيل يعني ابن عبد الكريم حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقِل، عن أبيه، عن وهب بن منبه قال:
سألت جابراً: هل غنموا يوم الفتح شيئاً؟ قال: لا.
3024ـ حدثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا سلاّم بن مسكين، ثنا ثابت البُنانيُّ، عن عبد اللّه بن رباح الأنصاريِّ، عن أبي هريرة
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما دخل مكة سرّح الزبير بن العوَّام وأبا عبيدة بن الجراح، وخالد بنن الوليد على الخيل وقال: "يا أبا هريرة، اهتف بالأنصار" قال: اسلكوا هذا الطريق، فلا يشرفنَّ لكم أحد إلا أنمتموه ، فنادى منادٍ: لاقريش بعد اليوم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من دخل داراً فهو آمنٌ، ومن ألقى السلاح فهو آمنٌ" وعمد صناديد قريش، فدخلوا الكعبة فغصَّ بهم، وطاف النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم وصلى خلف المقام، ثم أخذ بجنبتي الباب، فخرجوا فبايعوا النبي صلى اللّه عليه وسلم على الإِسلام.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سأله رجل قال: مكة عنوةً هي؟ قال: إيش يضرك ما كانت؟! قال: فصلح؟ قال: لا.
26- باب ما جاء في خبر الطائف
3025ـ حدثنا الحسن بن الصباح، ثنا إسماعيل يعني ابن عبد الكريم حدثني إبراهيم يعني ابن عقيل بن منبه عن أبيه، عن وهب قال:
سألت جابراً عن شأن ثقيف إذ بايعت، قال: اشترطتْ على النبي صلى اللّه عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم بعد ذلك يقول: "سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا".
3026ـ حدثنا أحمد بن عليّ بن سويد يعني ابن منجوف ثنا أبو داود عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص
أن وَفْدَ ثقيف لما قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرقّ لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لايُحْشَروا ولايُعْشَرُوا ولايُجَبُّوا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لكم أن لاتحشروا ولاتعشروا ولاخير في دينٍ ليس فيه ركوعٌ".
27- باب ما جاء في حكم أرض اليمن
3027ـ حدثنا هناد بن السري، عن أبي أسامة، عن مجالد، عن الشعبي، عن عامر بن شهر قال:
خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت لي همدان: هل أنت آتٍ هذا الرجل ومرتادٌ لنا: فإِن رضيت لنا شيئاً قبلناه، وإن كرهت شيئاً كرهناه؟ قلت: نعم، فجئت حتى قدمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرضيتُ أمره وأسلم قومي، وكتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذا الكتاب إلى عمير ذي مَرَّان قال: وبعث مالك بن مرارة الرَّهاوي إلى اليمن جميعاً، فأسلم عكٌّ ذو خيوان قال: فقيل لِعَكٍ: انطلق إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فخذ منه الأمان على قريتك ومالك، فقدم فكتب له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "بسم اللّه الرحمن الرحيم، من محمَّدٍ رسول اللّه لعَكٍّ ذي خيوان إن كان صادقاً في أرضه وماله ورقيقه، فله الأمان وذمة اللّه وذمة محمدٍ رسول اللّه، وكتب خالد بن سعيد بنن العاص".
3028ـ حدثنا محمد بن أحمد القرشي، وهارون بن عبد اللّه أن عبد اللّه بن الزبير حدّثهم قال: ثنا فرج بن سعيد، حدثني عمي ثابت بن سعيد، عن أبيه سعيد يعني ابن أبيض عن جده أبيض بن حَمَّالٍ أنه كلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الصدقة، حين وفد عليه فقال: "يا أخا سبأ، لابدَّ من صدقةٍ" فقال: إنما زرعنا القطن يارسول اللّه، وقد تبدّدت سبأ ولم يبق منهم إلا قليل بمأرب، فصالح نبيَّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم على سبعين حلة بزٍّ من قيمة وفاء بزِّ المعافر كل سنة عمن بقي من سبأ بمأرب، فلم يزالوا يؤدونها حتى قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ وإن العمال انتقضوا عليهم بعد قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما صالح أبيض بنُ حمَّال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الحلل والسبعين، فردَّ ذلك أبو بكر على ما وضعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى مات أبو بكر، فلما مات أبو بكر [رضي اللّه عنه] انتقض ذلك وصارت على الصدقة.
28- باب في إخراج اليهود من جزيرة العرب
3029ـ حدثنا سعيد بن منصور، ثنا سفيان بن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أوصى بثلاثة فقال: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ممَّا كنت أجيزهم" قال ابن عباس: وسكت عن الثالثة، أو قال: فأُنسيتها، وقال الحميدي عن سفيان: قال سليمان: لا أدري أذكر سعيدٌ الثالثة فنسيتها أو سكت عنها؟
3030ـ حدثنا الحسن بن عليّ، ثنا أبو عاصم وعبد الرزاق قالا: أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللّه يقول: أخبر عمر بن الخطاب
أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلماً".
3031ـ حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا أبو أحمد محمد بن عبد اللّه، ثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمعناه، والأول أتمُّ.
3032ـ حدثنا سليمان بن داود العتكي، ثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لاتكون قبلتان في بلدٍ واحدٍ".
3033ـ حدثنا محمود بن خالد، ثنا عمر يعني ابن عبد الواحد قال: قال سعيد يعني ابن عبد العزيز ـ
جزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تخوم العراق
إلى البحر.
قال أبو داود: قرىء على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبرك أشهب بن عبد العزيز قال: قال مالك:
عُمَرُ أجلى أهل نجران ولم يجلوا من تيماء لأنها ليست من بلاد العرب، فأما الوادي فإِني أرى إنما لم يجل من فيها من اليهود أنهم لم يروها من أرض العرب.
3034ـ حدثنا ابن السرح، ثنا ابن وهب قال: قال مالك:
وقد أجلى عمر رحمه اللّه يهود نجران وفدك.
29- باب في إيقاف أرض السواد وأرض العنوة
3035ـ حدثنا أحمد [بن عبد اللّه] بن يونس، ثنا زهير، ثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "منعت العراق قفيزها ودرهمها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبَّها ودينارها، ثمَّ عدتم من حيث بدأتم" قالها زهير ثلاث مرات، شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه.
3036ـ حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم،
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أيُّما قريةٍ أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها، وأيُّما قريةٍ عصت اللّه ورسوله فإِن خمسها للّه وللرسول ثم هي لكم".
30- باب في أخذ الجزية
3037ـ حدثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا سهل بن محمد، ثنا يحيى بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن أنس بن مالك، وعن عثمان بن أبي سليمان
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أُكَيْدِرِ دومة فأخذ، فأتوه به فحقن له دمه، وصالحه على الجزية.
3038ـ حدثنا عبد اللّه بن محمد النفيلي، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن أبي وائل، عن معاذ
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم يعني محتلماً ديناراً، أو عِدْلَهُ من المعافريِّ: ثياب تكون باليمن.
3039ـ حدثنا النفيلي، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ، عن النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم مثله.
3040ـ حدثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا عبد الرحمن بن هانىء أبو نعيم النخعي، أخبرنا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن زياد بن حُدَير قال: قال عليّ:
لئن بقيتُ لنصارى بني تغلب لأقتلنَّ المقاتلة ولأسبينَّ الذُّرِّيَّة، فإِني كتبت الكتاب بينهم وبين النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم على أن لايُنَصِّرُوا أبناءهم.
قال أبو داود: هذا حديث منكر [وهو عند بعض الناس شبه المتروك، وأنكروا هذا الحديث على عبد الرحمن بن هانىء]، وبلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكاراً شديداً.
قال أبو عليٍّ [هو اللؤلؤي]: ولم يقرأ أبو داود في العَرْضَةِ الثانية.
3041ـ حدثنا مصرِّف بن عمرو اليامي، ثنا يونس يعني ابن بكير ثنا أسباط بن نصر الهمداني عن إسماعيل بن عبد الرحمن القُرشيِّ، عن ابن عباس قال:
صالح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أهل نجران على ألفي حُلّةٍ، النصف في صفر والبقية في رجب يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً، وثلاثين من كلِّ صنف من أصناف السلاح يغْزُونَ بها، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيدٌ أو غدرةٌ، على أن لاتهدم لهم بيعةٌ، ولايخرج لهم قسٌّ، ولايفتنوا على دينهم ما لم يحدثوا حدثاً أو يأكلوا الرِّبا، قال إسماعيل: فقد أكلوا الرِّبا.
قال أبو داود: إذا نقضوا بعض ما اشترط عليهم فقد أحدثوا.
31- باب في أخذ الجزية من المجوس
3042ـ حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، ثنا محمد بن بلال، عن عمران القَطَّان، عن أبي جمرة، عن ابن عباس قال:
إن أهل فارس لما مات نبيُّهُم كتب لهم إبليس المجوسية.
3043ـ حدثنا مسدّد بن مسرهد، ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمع بجالة يحدث عمرو بن أوس وأبا الشعثاء قال:
كنت كاتباً لجزء بن معاوية عمِّ الأحنف بن قيس إذ جاءنا كتاب عمر قبل موته بسنة: اقتلوا كل ساحر، وفرِّقوا بين كل ذي محرم من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة، فقتلنا في يوم ثلاثة سواحر، وفرقنا بين كل رجل من المجوس وحريمه في كتاب اللّه تعالى، وصنع طعاماً كثيراً فدعاهم فعرض السيف على فخذه فأكلوا ولم يزمزموا، وألقوا وقر بغلٍ أو بغلين من الورق، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
3044ـ حدثنا محمد بن مسكين اليمامي، ثنا يحيى بن حسان، ثنا هشيم، أخبرنا داود بن أبي هند، عن قشير بن عمرو، عن بجالة بن عبدة، عن ابن عباس قال:
جاء رجل من الأسبذيِّين من أهل البحرين وهم مجوس أهل هجر، إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمكث عنده، ثم خرج فسألته: ما قضى اللّه ورسوله فيكم؟ قال: شرٌّ، قلت: مهٍ؟ قال: الإِسلام أو القتل، قال وقال عبد الرحمن بن عوف: قبل منهم الجزية، قال ابن عباس: فأخذ الناس بقول عبد الرحمن بن عوف وتركوا ما سمعت أنا من الأسبذيِّ .
32- باب في التشديد في جباية الجزية
3045ـ حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير
أن هشام بن حكيم [بن حزام] وجد رجلاً وهو على حمص يُشَمِّسُ ناساً من القبط في أداء الجزية فقال: ما هذا؟! سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إنَّ اللَّه عزَّ وجلّ يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا".
33- باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات
3046ـ حدثنا مسدّد، ثنا أبو الأحوص، ثنا عطاء بن السائب، عن حرب بن عبيد اللّه، عن جده أبي أمِّه، عن أبيه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنّما العشور على اليهود والنصارى وليس على المسلمين عشورٌ".
3047ـ حدثنا محمد بن عبيد المحاربي، ثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن حرب بن عبيد اللّه، عن النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم بمعناه، قال: "خراج" مكان "العشور".
3048ـ حدثنا محمد بن بشار، ثنا عبد الرحمن، ثنا سفيان، عن عطاء، عن رجل من بكر بن وائل، عن خاله قال: قلت:
يارسول اللّه، أُعَشِّرُ قومي؟ قال: "إنّما العشور على اليهود والنصارى".
3049ـ حدثنا محمد بن إبراهيم البزّاز، ثنا أبو نعيم، ثنا عبد السلام، عن عطاء بن السائب، عن حرب بن عبيد اللّه بن عمير الثقفي، عن جده رجل من بني تغلب قال:
أتيت النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فأسلمت وعلّمني الإِسلام، وعلّمني كيف آخذ الصدقة من قومي ممن أسلم، ثم رجعت إليه فقلت: يارسول اللّه، كلُّ ما علّمتني قد حفظتُ إلا الصدقة، أفأعشرهم؟ قال: "لا، إنّما العشور على النصارى واليهود".
3050ـ حدثنا محمد بن عيسى، ثنا أشعث بن شعبة، ثنا أرطأة بن المنذر قال: سمعت حكيم بن عمير أبا الأحوص يحدث، عن العِرباض بن سارية السّلمي قال:
نزلنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم خيبر ومعه مَنْ معه من أصحابه، وكان صاحب خيبر رجلاً مارادً منكراً، فأقبل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا محمد، ألكم أن تذبحوا حُمُرَنا وتأكلوا ثمرنا، وتضربوا نساءنا؟! فغضب يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال: "يا ابن عوف اركب فرسك" ثم ناد "ألا إنّ الجنة لاتحلُّ إلا لمؤمن، وإن اجتمعوا للصلاة" قال: فاجتمعوا ثم صلَّى بهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم قام فقال: "أيحسب أحدكم متَّكئاً على أريكته قد يظن أنَّ اللّه لم يحرِّم شيئاً إلاّ ما في هذا القرآن، ألا وإنِّي واللّه قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر، وإنَّ اللّه تعالى لم يحلَّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلاّ بإِذنٍ، ولاضرب نسائهم، ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم".
3051ـ حدثنا مسدد وسعيد بن منصور قالا: ثنا أبو عوانة، عن منصور، عن هلال، عن رجل من ثقيف، عن رجل من جُهينة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لعلكم تقاتلون قوماً فتظهرون عليهم فيتَّقونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم" قال سعيد في حديثه: "فيصالحونكم على صلحٍ" ثم اتفقا: "فلا تصيبوا منهم شيئاً فوق ذلك؛ فإِنه لايصلح لكم".
3052ـ حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، حدثني أبو صخر المديني أن صفوان بن سليم أخبره،
عن عدة من أبناء أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، عن آبائهم دِنْيَةً، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسٍ فأنا حجيجه يوم القيامة".
34- باب في الذمي يُسْلم في بعض السنة، هل عليه جزية؟
3053ـ حدثنا عبد اللّه بن الجراح، عن جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " ليس على مسلم جزيةٌ".
3054ـ حدثنا محمد بن كثير قال: سئل سفيان يعني عن تفسير هذا فقال: إذا أسلم فلا جزية عليه.
35- باب في الإِمام يقبل هدايا المشركين
3055ـ حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، ثنا معاوية يعني ابن سلام عن زيد أنه سمع أبا سلام قال: حدثني عبد اللّه الهَوْزَني قال:
لقيت بلالاً مؤذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحلب، فقلت: يا بلال حدثني كيف كانت نفقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: ما كان له شىء، كنت أنا الذي ألي ذلك منه منذ بعثه اللّه تعالى إلى أن توفي وكان إذا أتاه الإِنسان مسلماً فرآه عارياً يأمرني فأنطلق فأستقرض فأشتري له البردة فأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني رجل من المشركين، فقال: يا بلال، إن عندي سعةً فلا تستقرض من أحد إلا مني ففعلت، فلما أن كان ذات يوم توضأت ثم قمت لأؤذن بالصلاة، فإِذا المشرك قد أقبل في عصابة من التجار، فلما أن رآني قال: يا حبشيٌّ؛ قلت: يا لَبَّاهُ ، فتجهَّمني وقال لي قولاً غليظاً، وقال لي: أتدري كم بينك وبين الشهر؟ قال: قلت: قريب، قال: إنما بينك وبينه أربع، فآخذك بالذي عليك فأردّك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك، فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس، حتى إذا صليت العتمة رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى أهله فاستأذنت عليه فأذن لي، فقلت: يارسول اللّه، بأبي أنت وأمي إنَّ المشرك الذي كنتُ أتديَّنُ منه قال لي كذا وكذا، وليس عندك ما تقضي عني ولا عندي، وهو فاضحي، فأذن لي أن آبق إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا، حتى يرزق اللّه تعالى رسوله صلى اللّه عليه وسلم ما يقضي عني، فخرجت حتى إذا أتيت منزلي فجعلت سيفي وجرابي ونعلي ومِجَنِّي عند رأسي، حتى إذا انشقَّ عمود الصبح الأول أردت أن أنطلق، فإِذا إنسان يسعى يدعو: يا بلال، أجب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فانطلقت حتى أتيته، فإِذا أربع ركائب مناخاتٍ عليهنَّ أحمالهنَّ فاستأذنت، فقال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أبشر، فقد جاءك اللّه تعالى بقضائك" ثم قال: "ألم تر الركائب المناخات الأربع؟" فقلت: بلى، فقال: "إنَّ لك رقابهنَّ وما عليهنَّ فإِنَّ عليهنَّ كسوةً وطعاماً أهداهنَّ إليَّ عظيم فدك، فاقبضهنَّ واقض دينك" ففعلت، فذكر الحديث، ثم انطلقت إلى المسجد، فإِذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قاعد في المسجد فسلمت عليه، فقال: "ما فعل ما قبلك؟" قلت قد قضى اللّه تعالى كلَّ شىء كان على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم يبق شىء، قال: "أفضَل شىءٌ؟" قلت: نعم، قال: "أنظر أن تريحني منه، فإِنِّي لست بداخلٍ على أحدٍ من أهلي حتى تريحني منه" فلما صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العتمة دعاني فقال: "ما فعل الذي قبلك" قال: قلت: هو معي لم يأتنا أحد، فبات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في المسجد وقصَّ الحديث، حتى إذا صلى العتمة يعني من الغد دعاني قال: "ما فعل الذي قبلك؟" قال: قلت: قد أراحك اللّه منه يارسول اللّه، فكبَّر وحمد اللّه شفقاً من أن يدركه الموت وعنده ذلك، ثم اتبعته، حتى إذا جاء أزواجه فسلم على امرأة امرأة، حتى أتى مبيته، فهذا الذي سألتني عنه.
3056ـ حدثنا محمود بن خالد، ثنا مروان بن محمد، ثنا معاوية، بمعنى إسناد أبي توبة وحديثه، قال عند قوله: "ما يقضي عني" فسكت عني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاغتمزتها.
3057ـ حدثنا هارون بن عبد اللّه، ثنا أبو داود، ثنا عمران، عن قتادة، عن يزيد بن عبد اللّه بن الشِّخِّير، عن عياض بن حمار قال:
أهديت إلى النَّبيِّ صلى اللّه عليه وسلم ناقةً فقال: "أسلمت؟" فقلت: لا، فقال النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم: "إنِّي نهيت عن زبد المشركين".
36- باب [في] إقطاع الأرضين
3058ـ حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه،
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أقطعه أرضاً بحضرموت.
3059ـ حدثنا حفص بن عمر، ثنا جامع بن مطر، عن علقمة بن وائل بإِسناده مثله.
3060ـ حدثنا مسدّد، ثنا عبد اللّه بن داود، عن فِطر، قال: حدثني أبي، عن عمرو بن حُرَيث، قال:
خطَّ لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم داراً بالمدينة بقوس وقال: "أزيدك، أزيدك".
3061ـ حدثنا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد،
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزنيَّ معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لايؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم.
3062ـ حدثنا العباس بن محمد بن حاتم وغيره، قال العباس: ثنا الحسين بن محمد، قال: أخبرنا أبو أويس، قال حدثني كثير بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده،
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزنيَّ معادن القبلية جلسيَّها وغوريَّها، وقال غيره: جلسها وغورها، وحيث يصلح الزرع من قدس ، ولم يعطه حقّ مسلم، وكتب له النبي صلى اللّه عليه وسلم: "بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى رسول اللّه بلال بن الحارث المزنيَّ، أعطاه معادن القبلية جلسيها وغوريها" وقال غيره: "جلسها وغورها" وحيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعطه حقَّ مسلم".
قال أبو أويس: وحدثني ثور بن زيد مولى بني الدِّيل بن بكر بن كنانة، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله.
3063ـ حدثنا محمد بن النضر قال: سمعت الحُنَيْنِيّ قال:
قرأته غير مرة [يعني كتاب قطيعة النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم قال أبو داود: وحدثنا غير واحد عن حسين بن محمد، قال: أخبرنا أبو أويس، قال: حدثني كثير بن عبد اللّه، عن أبيه، عن جده،
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أقطع بلال بن حارث المزنيَّ معادن القبلية جلسيَّها وغوريَّها، قال ابن النضر: وجرسها وذات النصب، ثم اتفقا: وحيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعط بلال بن الحارث حقَّ مسلم، وكتب له النبي صلى اللّه عليه وسلم: "هذا ما أعطى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بلال بن الحارث المزنيَّ، أعطاه معادن القبلية جلسها وغورها وحيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعطه حقَّ مسلمٍ".
قال أبو أويس: وحدثني ثور بن زيد، عن عكرمة عن ابن عباس، عن النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم مثله، زاد ابن النضر]: وكتب أبيُّ بن كعب.
3064ـ حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفيُّ، ومحمد بن المتوكل العسقلاني، المعنى واحد، أن محمد بن يحيى بن قيس المأربيَّ حدثهم، قال: أخبرني أبي، عن ثمامة بن شراحيل، عن سُمَيِّ بن قيس، عن شمير، قال ابن المتوكل: ابن عبد المدان، عن أبيض بن حمال،
أنه وفد إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاستقطعه الملح، قال ابن المتوكل: الذي بمأرب فقطعه له، فلما أن ولّى قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العدَّ ، قال: فانتزع منه، قال: وسأله عما يحمى من الأراك، قال: "ما لم تنله خفافٌ" وقال ابن المتوكل: "أخفاف الإِبل".
3065ـ حدثنا هارون بن عبد اللّه قال: قال محمد بن الحسن المخزومي: "ما لم تنله أخفاف الإِبل" يعني أن الإِبل تأكل منتهى رءُوسها ويحمي ما فوقه.
3066ـ حدثنا محمد بن أحمد القرشي، ثنا عبد اللّه بن الزبير، ثنا فرج بن سعيد، قال: حدثني عمِّي ثابت بن سعيد، عن أبيه، عن جده، عن أبيض بن حَمَّال
أنه سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن حِمَى الأراك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لاحمى في الأراك" فقال: أراكةً في حظاري، فقال النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم: "لاحمى في الأراك" قال فرج: يعني بحظاري الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها.
3067ـ حدثنا عمر بن الخطاب أبو حفص، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا أبانن؛ قال عمر: وهو ابن عبد اللّه بن أبي حازم قال: حدثني عثمان بن أبي حازم، عن أبيه، عن جده صخر
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غزا ثقيفاً، فلما أن سمع ذلك صخرٌ ركب في خيل يُمِدُّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فوجد نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد انصرف ولم يفتح، فجعل صخر يومئذٍ عهد اللّه وذمَّته أن لا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول اللَّه صلى اللّه عليه وسلم، فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فكتب إليه صخر: أما بعد، فإِن ثقيفاً قد نزلت على حكمك يارسول اللّه، وأنا مقبل إليهم وهم في خيل، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالصلاة جامعة، فدعا لأحمس عشر دعوات: "اللهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها" وأتاه القوم فتكلم المغيرة بن شعبة فقال: يا نبي اللّه، إن صخراً أخذ عمتي ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، فدعاه فقال: "يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمته" فدفعها إليه وسأل نبيَّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما لبني سليمٍ قد هربوا عن الإِسلام، وتركوا ذلك الماء؟" فقال: يا نبيَّ اللّه أنزلنيه أنا وقومي، قال: "نعم" فأنزله وأسلم يعني السُّليميِّين فأتوا صخراً، فسألوه أن يدفع إليهم الماء فأبى، فأتوا النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: يا نبيَّ اللّه، أسلمنا وأتينا صخراً ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا فأتاه فقال: "يا صخر إنَّ القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم، فادفع إلى القوم ماءهم" قال: نعم، يا نبيَّ اللّه، فرأيت وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذه الجارية وأخذه الماء.
3068ـ حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، حدثني سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني، عن أبيه، عن جده
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نزل في موضع المسجد تحت دومة فأقام ثلاثاً ثم خرج إلى تبوك، وإن جهينة لحقوه بالرحبة فقال لهم: "من أهل ذي المروة؟" فقالوا: بنو رفاعة من جُهينة فقال: "قد أقطعتها لبني رفاعة" فاقتسموها: فمنهم من باع، ومنهم من أمسك فعمل، ثم سألت أباه عبد العزيز عن هذا الحديث فحدثني ببعضه ولم يحدثني به كلِّه.
3069ـ حدثنا حسين بن عليّ، ثنا يحيى يعني ابن آدم ثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أقطع الزبير نخلاً.
3070ـ حدثنا حفص بن عمر وموسى بن إسماعيل، المعنى واحد قالا: ثنا عبد اللّه بن حسان العنبري، قال: حدثتني جدتاي صفية ودحيبة ابنتا عليبة وكانتا ربيبتي قيلة بنت مخرمة، وكانت جدة أبيهما أنها أخبرتهما قالت:
قدمنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالت: تقدم صاحبي تعني حُرَيْثَ بن حسان، وافد بكر بن وائل فبايعه على الإِسلام عليه وعلى قومه ثم قال: يارسول اللّه، اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء أن لايجاوزها إلينا منهم أحد إلا مسافر أو مجاور فقال: "اكتب له يا غلام بالدهناء" فلما رأيته قد أمر له بها شخص بي وهي وطني وداري، فقلت: يارسول اللّه، إنه لم يسألك السَّويَّة من الأرض إذ سألك، إنما هذه الدهناء عندك مُقَيَّدُ الجمل ومرعى الغنم، ونساء بني تميم وأبناؤها وراء ذلك فقال: "أمسك يا غلام، صدقت المسكينة، المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر، ويتعاونان على الفتان".
3071ـ حدثنا محمد بن بشار، حدثني عبد الحميد بن عبد الواحد، حدثتني أمُّ جنوب بنتُ نميلة، عن أمها سويدة بنت جابر، عن أمها عقيلة بنت أسمر بن مضرس، عن أبيها أسمر بن مضرس قال:
أتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فبايعته فقال: "من سبق إلى ماء لم يسبقه إليه مسلمٌ فهو له" قال: فخرج الناس يتعادون ويتخاطّون.
3072ـ حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا حماد بن خالد، عن عبد اللّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أقطع الزبير حضر فرسه، فأجرى فرسه حتى قام، ثم رمى بسوطه فقال: "أعطوه من حيث بلغ السَّوْطُ".
37- باب في إحياء الموات
3073ـ حدثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الوهاب، ثنا أيوب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعيد بن زيد،
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "من أحيا أرضاً ميتةً فهي له، وليس لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ".
3074ـ حدثنا هناد بن السري، ثنا عبدة، عن محمد يعني ابن إسحاق عن يحيى بن عروة، عن أبيه،
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "من أحيا أرضاً ميتةً فهي له، وذكر مثله.
قال: فلقد خبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غرس أحدهما نخلاً في أرض الآخر، فقضى لصاحب الأرض بأرضه، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها قال: فلقد رأيتها وإنها لتُضْرَبُ أصولها بالفُؤوس، وإنها لنخلٌ عمٌّ حتى أخرجت منها.
3075ـ حدثنا أحمد بن سعيد الدَّارمي، ثنا وهب، عن أبيه، عن ابن إسحاق بإِسناده ومعناه، إلا أنه قال عند قوله مكان الذي حدثني هذا فقال:
رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، وأكثر ظني أنه أبو سعيد الخدري: فأنا رأيت الرجل يضرب في أصول النخل.
3076ـ حدثنا أحمد بن عبدة الآمليُّ، ثنا عبد اللّه بن عثمان، ثنا عبد اللّه بن المبارك، أخبرنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن عروة قال:
أشهد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قضى أن الأرض أرض اللّه، والعباد عباد اللّه، ومن أحيا مواتاً فهو أحق به، جاءنا بهذا عن النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم الذين جاءوا بالصلوات عنه.
3077ـ حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن بشر، ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة،
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "من أحاط حائطاً على أرضٍ فهي له".
3078ـ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك، قال هشام:
العِرقُ الظالم أن يغرس الرجل في أرض غيره فيستحقها بذلك، قال مالك: والعرق الظالم كل ما أخذ واحتفر وغرس بغير حق.
3079ـ حدثنا سهل بن بكار، ثنا وهيب بن خالد، عن عمرو بن يحيى، عن العباس الساعدي يعني ابن سهل بن سعد عن أبي حميد الساعدي قال:
غزوت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تبوك، فلما أتى وادي القرى إذا امرأة في حديقة لها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه "اخرصوا" فخرص رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عشرة أوسقٍ، فقال للمرأة "أحصي ما يخرج منها" فأتينا تبوك، فأهدى ملك أيلة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بغلة بيضاء، وكساه بردة وكتب له، يعني ببحره، قال: فلما أتينا وادي القُرَى قال للمرأة: "كم كان في حديقتك" قالت: عشرة أوسق خرص رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إني متعجلٌ إلى المدينة، فمن أراد منكم أن يتعجل معي فليتعجل".
3080ـ حدثنا عبد الواحد بن غياث، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا الأعمش، عن جامع بن شدّاد، عن كلثوم، عن زينب
أنها كانت تَفْلي رأس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وعنده امرأة عثمان بن عفان ونساء من المهاجرات، وهنَّ يشتكين منازلهنَّ أنها تضيق عليهنَّ ويخرجن منها، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن تورث دور المهاجرين النساء، فمات عبد اللّه بن مسعود فورثته امرأته داراً بالمدينة.
38- باب [ماجاء] في الدخول في أرض الخراج
3081ـ حدثنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال، أخبرنا محمد بن عيسى يعني ابنُ سُمَيْع قال: ثنا زيد بن واقد، حدثني أبو عبد اللّه، عن معاذ أنه قال:
مَنْ عَقَد الجزية في عنقه فقد برىء مما عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
3082ـ حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي، ثنا بقية، حدثنا عمارة بن أبي الشعثاء، حدثني سنان بن قيس، حدثني شبيب بن نعيم، حدثني يزيد بن خمير، حدثني أبو الدَّرداء، قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من أخذ أرضاً بجزيتها فقد استقال هجرته، ومن نزع صغار كافرٍ من عنقه فجعله في عنقه فقد ولّى الإِسلام ظهره" قال: فسمع مني خالد بن معدان هذا الحديث، فقال لي: أشبيب حدثك؟ قلت: نعم، قال: فإِذا قدمت فسله فليكتب إليَّ بالحديث قال: فكتبه له، فلما قدمت سألني خالد بن معدان القرطاس فأعطيته، فلما قرأه ترك ما في يده من الأرضين حين سمع ذلك.
قال أبو داود: هذا يزيد بن خُمَيْر اليَزَنِيُّ ليس هو صاحب شعبة.
39- باب في الأرض يحميها الإِمام أو الرجل
3083ـ حدثنا ابن السرح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن ابن عباس، عن الصَّعب بن جثَّامة
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لاحمى إلاَّ للّه ولرسوله".
قال ابن شهاب: وبلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حمى النَّقيع.
3084ـ حدثنا سعيد بن منصور، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن عباس، عن الصَّعب بن جثَّامة
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم حمى النقيع وقال: "لاحمى إلاَّ للّه عزَّ وجلَّ".
40- باب ما جاء في الركاز [ومافيه]
3085ـ حدثنا مسدّد، ثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب وأبي سلمة، سمعا أبا هريرة يحدِّث
أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "في الرِّكاز الخمس".
3086ـ حدثنا يحيى بن أيوب، ثنا عباد بن العوام، عن هشام، عن الحسن قال:
الركاز: الكنز العاديّ.
3087ـ حدثنا جعفر بن مسافر، ثنا ابن أبي فُدَيك، ثنا الزَّمعي، عن عمته قُرَيبَةَ بنتِ عبد اللّه بن وهب، عن أمها كريمة بنت المقداد، عن ضُباعَةَ بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم، أنها أخبرتها قالت:
ذهب المقداد لحاجته ببقيع الخَبْخَبَةِ فإِذا جُرَذٌ يُخْرِجُ من جُحْر ديناراً، ثم لم يزل يخرج ديناراً ديناراً، حتى أخرج سبعة عشر ديناراً، ثم أخرج خرقة حمراء يعني فيها دينار فكانت ثمانية عشر ديناراً، فذهب بها إلى النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم فأخبره، وقال له: خُذْ صدقتها، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم: "هل هويت إلى الجحر؟". قال: لا، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "بارك اللّه لك فيها".
41- باب نبش القبور العادية يكون فيها المال
3088ـ حدثنا يحيى بن معين، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث، عن إسماعيل بن أُميَّة، عن بجير بن أبي بجير قال: سمعت عبد اللّه بن عمرو يقول:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "هذا قبر أبي رِغالٍ، وكان بهذا الجرم يدفع عنه، فلمَّا خرج أصابته النِّقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصنٌ من ذهبٍ، إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه" فابتدره الناس، فاستخرجوا الغصن.