كتاب الشفعة
باب ما تقع فيه الشفعة

[ 1395 ] حدثنا يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم بين الشركاء فإذا وقعت الحدود بينهم فلا شفعة فيه قال مالك وعلى ذلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا

[ 1396 ] قال مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن الشفعة هل فيها من سنة فقال نعم الشفعة في الدور والأرضين ولا تكون إلا بين الشركاء

[ 1397 ] وحدثني مالك انه بلغه عن سليمان بن يسار مثل ذلك قال مالك في رجل اشترى شقصا مع قوم في أرض بحيوان عبد أو وليدة أو ما اشبه ذلك من العروض فجاء الشريك يأخذ بشفعته بعد ذلك فوجد العبد أو الوليدة قد هلكا ولم يعلم أحد قدر قيمتهما فيقول المشتري قيمة العبد أو الوليدة مائة دينار ويقول صاحب الشفعة الشريك بل قيمتها خمسون دينارا قال مالك يحلف المشتري ان قيمة ما اشترى به مائة دينار ثم ان شاء ان يأخذ صاحب الشفعة أخذ أو يترك الا ان يأتي الشفيع ببينة ان قيمة العبد أو الوليدة دون ما قال المشتري قال مالك من وهب شقصا في دار أو أرض مشتركة فأثابه الموهوب له بها نقدا أو عرضا فإن الشركاء يأخذونها بالشفعة ان شاؤوا ويدفعون إلى الموهوب له قيمة مثوبته دنانير أو دراهم قال مالك من وهب هبة في دار أو أرض مشتركة فلم يثب منها ولم يطلبها فأراد شريكه أن يأخذها بقيمتها فليس ذلك له ما لم يثب عليها فإن أثيب فهو للشفيع بقيمة الثواب قال مالك في رجل اشترى شقصا في أرض مشتركة بثمن إلى أجل فأراد الشريك ان يأخذها بالشفعة قال مالك ان كان مليا فله الشفعة بذلك الثمن إلى ذلك الأجل وان كان مخوفا ان لا يؤدي الثمن إلى ذلك الأجل فإذا جاءهم بحميل ملي ثقة مثل الذي اشترى منه الشقص في الأرض المشتركة فذلك له قال مالك لا تقطع شفعة الغائب غيبته وان طالت غيبته وليس لذلك عندنا حد تقطع إليه الشفعة قال مالك في الرجل يورث الأرض نفرا من ولده ثم يولد لأحد النفر ثم يهلك الأب فيبيع أحد ولد الميت حقه في تلك الأرض فإن أخا البائع أحق بشفعته من عمومته شركاء أبيه قال مالك وهذا الأمر عندنا قال مالك الشفعة بين الشركاء على قدر حصصهم يأخذ كل إنسان منهم بقدر نصيبه ان كان قليلا فقليلا وان كان كثيرا فبقدره وذلك ان تشاحوا فيها قال مالك فأما ان يشتري رجل من رجل من شركائه حقه فيقول أحد الشركاء انا أخذ من الشفعة بقدر حصتي ويقول المشتري ان شئت ان تأخذ الشفعة كلها أسلمتها إليك وان شئت ان تدع فدع فأن المشتري إذا خيره في هذا وأسلمه إليه فليس للشفيع الا ان يأخذ الشفعة كلها أو يسلمها إليه فإن أخذها فهو أحق بها وإلا فلا شيء له قال مالك في الرجل يشتري الأرض فيعمرها بالأصل يضعه فيها أو البئر يحفرها ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا فيريد ان يأخذها بالشفعة انه لا شفعة له فيها الا ان يعطيه قيمة ما عمر فإن أعطاه قيمة ما عمر كان أحق بالشفعة وإلا فلا حق له فيها قال مالك من باع حصته من أرض أو دار مشتركة فلما علم ان صاحب الشفعة يأخذ بالشفعة استقال المشتري فأقاله قال ليس ذلك له والشفيع أحق بها بالثمن الذي كان باعها به قال مالك من اشترى شقصا في دار أو أرض وحيوانا وعروضا في صفقة واحدة فطلب الشفيع شفعته في الدار أو الأرض فقال المشتري خذ ما اشتريت جميعا فإني إنما اشتريته جميعا قال مالك بل يأخذ الشفيع شفعته في الدار أو الأرض بحصتها من ذلك الثمن يقام كل شيء اشتراه من ذلك على حدته على الثمن الذي اشتراه به ثم يأخذ الشفيع شفعته بالذي يصيبها من القيمة من رأس الثمن ولا يأخذ من الحيوان والعروض شيئا إلا ان يشاء ذلك قال مالك ومن باع شقصا من أرض مشتركة فسلم بعض من له فيها الشفعة للبائع وأبى بعضهم إلا أن يأخذ بشفعته ان من أبى ان يسلم يأخذ بالشفعة كلها وليس له ان يأخذ بقدر حقه ويترك ما بقى قال مالك في نفر شركاء في دار واحدة فباع أحدهم حصته وشركاؤه غيب كلهم الا رجلا فعرض على الحاضر ان يأخذ بالشفعة أو يترك فقال انا آخذ بحصتي واترك حصص شركائي حتى يقدموا فإن أخذوا فذلك وان تركوا أخذت جميع الشفعة قال مالك ليس له الا ان يأخذ ذلك كله أو يترك فإن جاء شركاءه أخذوا منه أو تركوا ان شاؤوا فإذا عرض هذا عليه فلم يقبله فلا أرى له شفعة

باب ما لا تقع فيه الشفعة

[ 1398 ] قال يحيى قال مالك عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن حزم أن عثمان بن عفان قال إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها ولا شفعة في بئر ولا في فحل النخل قال مالك وعلى هذا الأمر عندنا قال مالك ولا شفعة في طريق صلح القسم فيها أو لم يصلح قال مالك والأمر عندنا انه لا شفعة في عرصة دار صلح القسم فيها أو لم يصلح قال مالك في رجل اشترى شقصا من أرض مشتركة على انه فيها بالخيار فأراد شركاء البائع ان يأخذوا ما باع شريكهم بالشفعة قبل ان يختار المشتري ان ذلك لا يكون لهم حتى يأخذ المشتري ويثبت له البيع فإذا وجب له البيع فلهم الشفعة وقال مالك في الرجل يشتري أرضا فتمكث في يديه حينا ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا بميراث ان له الشفعة ان ثبت حقه وان ما أغلت الأرض من غلة فهي للمشتري الأول إلى يوم يثبت حق الآخر لأنه قد كان ضمنها لو هلك ما كان فيها من غراس أو ذهب به سيل قال فإن طال الزمان أو هلك الشهود أو مات البائع أو المشتري أو هما حيان فنسي أصل البيع والاشتراء لطول الزمان فإن الشفعة تنقطع ويأخذ حقه الذي ثبت له وان كان امره على غير هذا الوجه في حداثة العهد وقربه وانه يرى ان البائع غيب الثمن وأخفاه ليقطع بذلك حق صاحب الشفعة قومت الأرض على قدر ما يرى انه ثمنها فيصير ثمنها إلى ذلك ثم ينظر إلى ما زاد في الأرض من بناء أو غراس أو عمارة فيكون على ما يكون عليه من ابتاع الأرض بثمن معلوم ثم بنى فيها وغرس ثم أخذها صاحب الشفعة بعد ذلك قال مالك والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال الحي فإن خشي أهل الميت ان ينكسر مال الميت قسموه ثم باعوه فليس عليهم فيه شفعة قال مالك ولا شفعة عندنا في عبد ولا وليده ولا بعير ولا بقرة ولا شاة ولا في شيء من الحيوان ولا في ثوب ولا في بئر ليس لها بياض إنما الشفعة فيما يصلح انه ينقسم وتقع فيه الحدود من الأرض فأما ما لا يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه قال مالك ومن اشترى أرضا فيها شفعة لناس حضور فليرفعهم إلى السلطان فأما ان يستحقوا واما ان يسلم له السلطان فإن تركهم فلم يرفع أمرهم إلى السلطان وقد علموا باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه ثم جاؤوا يطلبون شفعتهم فلا أرى ذلك لهم