كتاب الحدود
باب ما جاء في الرجم

[ 1497 ] حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر انه قال جاءت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ان رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم ان فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ثم قرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما فقال عبد الله بن عمر فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة قال مالك يعني يحني يكب عليها حتى تقع الحجارة عليه

[ 1498 ] حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ان رجلا من أسلم جاء إلى أبي بكر الصديق فقال له ان الأخر زنى فقال له أبو بكر هل ذكرت هذا لأحد غيري فقال لا فقال له أبو بكر فتب إلى الله واستتر بستر الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده فلم تقرره نفسه حتى أتى عمر بن الخطاب فقال له مثل ما قال لأبي بكر فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ان الأخر زنى فقال سعيد فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أكثر عليه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال أيشتكي أم به جنة فقالوا يا رسول الله والله انه لصحيح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكر أم ثيب فقالوا بل ثيب يا رسول الله فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم

[ 1499 ] حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب انه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من اسلم يقال له هزال يا هزال لو سترته بردائك لكان خيرا لك قال يحيى بن سعيد فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال يزيد هزال جدي وهذا الحديث حق

[ 1500 ] حدثني مالك عن بن شهاب انه أخبره ان رجلا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد على نفسه أربع مرات فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم قال بن شهاب فمن أجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه

[ 1501 ] حدثني مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة انه أخبره ان امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته انها زنت وهي حامل فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أذهبي حتى تضعي فلما وضعت جاءته فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبي حتى ترضعيه فلما أرضعته جاءته فقال اذهبي فاستودعيه قال فاستودعته ثم جاءت فأمر بها فرجمت

[ 1502 ] حدثني مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني انهما اخبراه ان رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله وقال الأخر وهو أفقههما أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي ان أتكلم فقال تكلم قال ان ابني كان عسيفا على هذا فزنى بأمرأته فأخبرني ان على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ثم اني سألت أهل العلم فأخبروني ان ما على ابني جلد مائة وتغريب عام وأخبروني إنما الرجم على امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد عليك وجلد ابنه مائة وغربه عاما وأمر أنيسا الأسلمي ان يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها قال مالك والعسيف الأجير

[ 1503 ] حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ان سعد بن عبادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو اني وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم

[ 1504 ] حدثني مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس انه قال سمعت عمر بن الخطاب يقول الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف

[ 1505 ] حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن أبي واقد الليثي ان عمر بن الخطاب أتاه رجل وهو بالشام فذكر له انه وجد مع امرأته رجلا فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته يسألها عن ذلك فأتاها وعندها نسوة حولها فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع فأبت ان تنزع وتمت على الاعتراف فأمر بها عمر فرجمت

[ 1506 ] حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب انه سمعه يقول لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح ثم كوم كومة بطحاء ثم طرح عليها رداءه واستلقى ثم مد يديه إلى السماء فقال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة الا ان تضلوا بالناس يمينا وشمالا وضرب بإحدى يديه على الأخرى ثم قال إياكم ان تهلكوا عن آية الرجم ان يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا والذي نفسي بيده لولا ان يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنا قد قرأناها قال مالك قال يحيى بن سعيد قال سعيد بن المسيب فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله قال يحيى سمعت مالكا يقول قوله الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة فارجموهما البتة

[ 1507 ] وحدثني مالك أنه بلغه ان عثمان بن عفان أتى بامرأة قد ولدت في ستة اشهر فأمر بها ان ترجم فقال له علي بن أبي طالب ليس ذلك عليها ان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } وقال { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } فالحمل يكون ستة اشهر فلا رجم عليها فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها قد رجمت حدثني مالك انه سأل بن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط فقال بن شهاب عليه الرجم أحصن أو لم يحصن

باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا

[ 1508 ] حدثني مالك عن زيد بن اسلم ان رجلا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتي بسوط مكسور فقال فوق هذا فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال دون هذا فأتي بسوط قد ركب به ولان فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد ثم قال أيها الناس قد آن لكم ان تنتهوا عن حدود الله من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله

[ 1509 ] حدثني مالك عن نافع ان صفية بنت أبي عبيد أخبرته ان أبا بكر الصديق أتي برجل قد وقع على جارية بكر فأحبلها ثم اعترف على نفسه بالزنا ولم يكن أحصن فأمر به أبو بكر فجلد الحد ثم نفي إلى فدك قال مالك في الذي يعترف على نفسه بالزنا ثم يرجع عن ذلك ويقول لم افعل وإنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا لشيء يذكره ان ذلك يقبل منه ولا يقام عليه الحد وذلك ان الحد الذي هو لله لا يؤخذ الا بأحد وجهين أما ببينة عادلة تثبت على صاحبها واما باعتراف يقيم عليه حتى يقام عليه الحد فإن أقام على اعترافه أقيم عليه الحد قال مالك الذي أدركت عليه أهل العلم انه لا نفي على العبيد إذا زنوا

باب جامع ما جاء في حد الزنا

[ 1510 ] حدثني مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال ان زنت فاجلدوها ثم ان زنت فاجلدوها ثم ان زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير قال بن شهاب لا أدري ابعد الثالثة أو الرابعة قال يحيى سمعت مالكا يقول والضفير الحبل

[ 1511 ] حدثني مالك عن نافع ان عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وانه استكره جارية من ذلك الرقيق فوقع بها فجلده عمر بن الخطاب ونفاه ولم يجلد الوليدة لأنه استكرهها

[ 1512 ] حدثني مالك عن يحيى بن سعيد ان سليمان بن يسار أخبره ان عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الامارة خمسين خمسين في الزنا

باب ما جاء في المغتصبة قال مالك الأمر عندنا في المرأة توجد حاملا ولا زوج لها فتقول قد استكرهت أو تقول تزوجت ان ذلك لا يقبل منها وإنها يقام عليها الحد الا ان يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة أو على انها استكرهت أو جاءت تدمي ان كانت بكرا أو استغاثت حتى أتيت وهي على ذلك الحال أو ما أشبه هذا من الأمر الذي تبلغ فيه فضيحة نفسها قال فإن لم تأت بشيء من هذا أقيم عليها الحد ولم يقبل منها ما ادعت من ذلك قال مالك والمغتصبة لا تنكح حتى تستبريء نفسها بثلاث حيض قال فإن ارتابت من حيضتها فلا تنكح حتى تستبريء نفسها من تلك الريبة

باب الحد في القذف والنفي والتعريض

[ 1513 ] حدثني مالك عن أبي الزناد انه قال جلد عمر بن عبد العزيز عبدا في فرية ثمانين قال أبو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا فما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين

[ 1514 ] حدثني مالك عن زريق بن حكيم الأيلي ان رجلا يقال له مصباح استعان ابنا له فكأنه استبطأه فلما جاءه قال له يا زان قال زريق فاستعداني عليه فلما أردت ان اجلده قال ابنه والله لئن جلدته لأبوءن على نفسي بالزنا فلما قال ذلك اشكل علي أمره فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ اذكر له ذلك فكتب إلي عمر أن أجز عفوه قال زريق وكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أيضا أرأيت رجلا افتري عليه أو على أبويه وقد هلكا أو أحدهما قال فكتب الى عمر ان عفا فأجز عفوه في نفسه وان افتري على أبويه وقد هلكا أو أحدهما فخذ له بكتاب الله الا ان يريد سترا قال يحيى سمعت مالكا يقول وذلك ان يكون الرجل المفترى عليه يخاف ان كشف ذلك منه ان تقوم عليه بينة فإذا كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه

[ 1515 ] حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه انه قال في رجل قذف قوما جماعة انه ليس عليه الا حد واحد قال مالك وان تفرقوا فليس عليه الا حد واحد حدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الأنصاري ثم من بني النجار عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن ان رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل مدح أباه وأمه وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا نرى ان تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين قال مالك لا حد عندنا الا في نفي أو قذف أو تعريض يرى ان قائله إنما أراد بذلك نفيا أو قذفا فعلى من قال ذلك الحد تاما قال مالك الأمر عندنا انه إذا نفى رجل رجلا من أبيه فإن عليه الحد وان كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد

باب ما لا حد فيه قال مالك ان أحسن ما سمع في الأمة يقع بها الرجل وله فيها شرك انه لا يقام عليه الحد وانه يلحق به الولد وتقوم عليه الجارية حين حملت فيعطى شركاؤه حصصهم من الثمن وتكون الجارية له وعلى هذا الأمر عندنا قال مالك في الرجل يحل للرجل جاريته انه ان أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها حملت أو لم تحمل ودريء عنه الحد بذلك فإن حملت الحق به الولد قال مالك في الرجل يقع على جارية ابنه أو ابنته انه يدرأ عنه الحد وتقام عليه الجارية حملت أو لم تحمل

[ 1516 ] حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ان عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية لامرأته معه في سفر فأصابها فغارت امرأته فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فسأله عن ذلك فقال وهبتها لي فقال عمر لتأتيني بالبينة أو لأرمينك بالحجارة قال فاعترفت امرأته انها وهبتها له

باب ما يجب فيه القطع

[ 1517 ] حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم

[ 1518 ] وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل فإذا أواه المراح أو الجرين فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن

[ 1519 ] وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن ان سارقا سرق في زمان عثمان أترجة فأمر بها عثمان بن عفان ان تقوم فقومت بثلاثة دراهم من صرف أثنى عشر درهما بدينار فقطع عثمان يده

[ 1520 ] وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت ما طال علي وما نسيت القطع في ربع دينار فصاعدا

[ 1521 ] وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن انها قالت خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ومعها مولاتان لها ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل قد خيط عليه خرقه خضراء قالت فأخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه وجعل مكانه لبدا أو فروة وخاط عليه فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا البرد فكلموا المرأتين فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبتا إليها واتهمتا العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف فأمرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدا وقال مالك أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم وان ارتفع الصرف أو أتضع وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وان عثمان بن عفان قطع في أترجة قومت بثلاثة دراهم وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك

باب ما جاء في قطع الآبق والسارق

[ 1522 ] حدثني عن مالك عن نافع ان عبدا لعبد الله بن عمر سرق وهو آبق فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده فأبى سعيد ان يقطع يده وقال لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق فقال له عبد الله بن عمر في أي كتاب الله وجدت هذا ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده

[ 1523 ] وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم انه أخبره انه أخذ عبدا آبقا قد سرق قال فأشكل علي امره قال فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك وهو الوالي يومئذ قال فأخبرته انني كنت اسمع ان العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده قال فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي يقول كتبت إلي انك كنت تسمع ان العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده وان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم } فإن بلغت سرقته ربع دينار فصاعدا فاقطع يده وحدثني عن مالك انه بلغه ان القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير كانوا يقولون إذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطع قال مالك وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا ان العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطع

باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان

[ 1524 ] وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ان صفوان بن أمية قيل له انه ان لم يهاجر هلك فقدم صفوان بن أمية المدينة فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاء سارق فأخذ رداءه فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرقت رداء هذا قال نعم فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تقطع يده فقال له صفوان اني لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا قبل ان تأتيني به

[ 1525 ] وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ان الزبير بن العوام لقي رجلا قد أخذ سارقا وهو يريد ان يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله فقال لا حتى ابلغ به السلطان فقال الزبير إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع

باب جامع القطع

[ 1526 ] حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ان رجلا من أهل اليمن اقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر الصديق فشكا إليه ان عامل اليمن قد ظلمه فكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر وأبيك ما ليلك بليل سارق ثم انهم فقدوا عقدا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق فجعل الرجل يطوف معهم ويقول اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح فوجدوا الحلي عند صائغ زعم ان الأقطع جاءه به فاعترف به الأقطع أو شهد عليه به فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى وقال أبو بكر والله لدعائه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته قال يحيى قال مالك الأمر عندنا في الذي يسرق مرارا ثم يستعدى عليه انه ليس عليه الا ان تقطع يده لجميع من سرق منه إذا لم يكن أقيم عليه الحد فإن كان قد أقيم عليه الحد قبل ذلك ثم سرق ما يجب فيه القطع قطع أيضا

[ 1527 ] وحدثني عن مالك ان أبا الزناد أخبره ان عاملا لعمر بن عبد العزيز أخذ ناسا في حرابة ولم يقتلوا أحدا فأراد ان يقطع أيديهم أو يقتل فكتب إلى عمر بن عبد العزيز في ذلك فكتب إليه عمر بن عبد العزيز لو أخذت بأيسر ذلك قال يحيى وسمعت مالكا يقول الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة قد أحرزها أهلها في أوعيتهم وضموا بعضها إلى بعض انه من سرق من ذلك شيئا من حرزه فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع فإن عليه القطع كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن ليلا ذلك أو نهارا قال مالك في الذي يسرق ما يجب عليه فيه القطع ثم يوجد معه ما سرق فيرد إلى صاحبه انه تقطع يده قال مالك فإن قال قائل كيف تقطع يده وقد أخذ المتاع منه ودفع إلى صاحبه فإنما هو بمنزلة الشارب يوجد منه ريح الشراب المسكر وليس به سكر فيجلد الحد قال وإنما يجلد الحد في المسكر إذا شربه وان لم يسكره وذلك انه إنما شربه ليسكره فكذلك تقطع يد السارق في السرقة التي أخذت منه ولو لم ينتفع بها ورجعت إلى صاحبها وإنما سرقها حين سرقها ليذهب بها قال مالك في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعا فيخرجون بالعدل يحملونه جميعا أو الصندوق أو الخشبة أو بالمكتل أو ما أشبه ذلك مما يحمله القوم جميعا انهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعا فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع وذلك ثلاثة دراهم فصاعدا فعليهم القطع جميعا قال وان خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعدا فعليه القطع ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعدا فلا قطع عليه قال يحيى قال مالك الأمر عندنا انه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه ليس معه فيها غيره فإنه لا يجب على من سرق منها شيئا القطع حتى يخرج به من الدار كلها وذلك ان الدار كلها هي حرزه فإن كان معه في الدار ساكن غيره وكان كل إنسان منهم يغلق عليه بابه وكانت حرزا لهم جميعا فمن سرق من بيوت تلك الدار شيئا يجب فيه القطع فخرج به إلى الدار فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه ووجب عليه فيه القطع قال مالك والأمر عندنا في العبد يسرق من متاع سيده انه ان كان ليس من خدمه ولا ممن يأمن على بيته ثم دخل سرا فسرق من متاع سيده ما يجب فيه القطع فلا قطع عليه وكذلك الأمة إذا سرقت من متاع سيدها لا قطع عليها وقال في العبد لا يكون من خدمه ولا ممن يأمن على بيته فدخل سرا فسرق من متاع امرأة سيده ما يجب فيه القطع إنه تقطع يده قال وكذلك أمة المرأة إذا كانت ليست بخادم لها ولا لزوجها ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سرا فسرقت من متاع سيدتها ما يجب فيه القطع فلا قطع عليها قال مالك وكذلك أمة المرأة التي لا تكون من خدمها ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سرا فسرقت من متاع زوج سيدتها ما يجب فيه القطع أنها تقطع يدها قال مالك وكذلك الرجل يسرق من متاع امرأته أو المرأة تسرق من متاع زوجها ما يجب فيه القطع ان كان الذي سرق كل واحد منهما من متاع صاحبه في بيت سوى البيت الذي يغلقان عليهما وكان في حرز سوى البيت الذي هما فيه فإن من سرق منهما من متاع صاحبه ما يجب فيه القطع فعليه القطع فيه قال مالك في الصبي الصغير والأعجمي الذي لا يفصح أنهما إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما فعلى من سرقهما القطع وان خرجا من حرزهما وغلقهما فليس على من سرقهما قطع قال وإنما هما بمنزلة حريسة الجبل والثمر المعلق قال مالك والأمر عندنا في الذي ينبش القبور أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه فيه القطع وقال مالك وذلك أن القبر حرز لما فيه كما أن البيوت حرز لما فيها قال ولا يجب عليه القطع حتى يخرج به من القبر

باب ما لا قطع فيه

[ 1528 ] وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان ان عبدا سرق وديا من حائط رجل فغرسه في حائط سيده فخرج صاحب الودي يلتمس وديه فوجده فاستعدى على العبد مروان بن الحكم فسجن مروان العبد وأراد قطع يده فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج فسأله عن ذلك فأخبره انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا قطع في ثمر ولا كثر والكثر الجمار فقال الرجل فإن مروان بن الحكم أخذ غلاما لي وهو يريد قطع يده وأنا أحب ان تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى معه رافع إلى مروان بن الحكم فقال أخذت غلاما لهذا فقال نعم فقال ما أنت صانع به قال أردت قطع يده فقال له رافع سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا قطع في ثمر ولا كثر فأمر مروان بالعبد فأرسل

[ 1529 ] حدثني عن مالك عن بن جهاد عن بن شهاب عن السائب بن يزيد ان عبد الله بن عمرو بن الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب فقال له اقطع يد غلامي هذا فأنه سرق فقال له عمر ماذا سرق فقال سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهما فقال عمر أرسله فليس عليه قطع خادمكم سرق متاعكم

[ 1530 ] وحدثني عن مالك عن بن شهاب ان مروان بن الحكم أتي بإنسان قد اختلس متاعا فأراد قطع يده فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك فقال زيد بن ثابت ليس في الخلسة قطع

[ 1531 ] وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد انه قال أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم انه أخذ نبطيا قد سرق خواتم من حديد فحبسه ليقطع يده فأرسلت إليه عمرة بنت عبد الرحمن مولاة لها يقال لها أمية قال أبو بكر فجاءتني وأنا بين ظهراني الناس فقالت تقول لك خالتك عمرة يا بن أختي أخذت نبطيا في شيء يسير ذكر لي فأردت قطع يده قلت نعم قالت فإن عمرة تقول لك لا قطع الا في ربع دينار فصاعدا قال أبو بكر فأرسلت النبطي قال مالك والأمر المجتمع عليه عندنا في اعتراف العبيد انه من اعترف منهم على نفسه بشيء يقع الحد والعقوبة فيه في جسده فإن اعترافه جائز عليه ولا يتهم ان يوقع على نفسه هذا قال مالك واما من اعترف منهم بأمر يكون غرما على سيده فإن اعترافه غير جائز على سيده قال مالك ليس على الأجير ولا على الرجل يكونان مع القوم يخدمانهم ان سرقاهم قطع لأن حالهما ليست بحال السارق وإنما حالهما حال الخائن وليس على الخائن قطع قال مالك في الذي يستعير العارية فيجحدها انه ليس عليه قطع وإنما مثل ذلك مثل رجل كان له على رجل دين فجحده ذلك فليس عليه فيما جحده قطع قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع ولم يخرج به انه ليس عليه قطع وإنما مثل ذلك كمثل رجل وضع بين يديه خمرا ليشربها فلم يفعل فليس عليه حد ومثل ذلك رجل جلس من امرأة مجلسا وهو يريد ان يصيبها حراما فلم يفعل ولم يبلغ ذلك منها فليس عليه أيضا في ذلك حد قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا انه ليس في الخلسة قطع بلغ ثمنها ما يقطع فيه أو لم يبلغ