كتاب الجامع
باب الدعاء للمدينة وأهلها

[ 1567 ] وحدثني يحيى بن يحيى قال حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لهم في مكيالهم وبارك لهم في صاعهم ومدهم يعني أهل المدينة

[ 1568 ] وحدثني يحيى عن مالك عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة انه قال كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا اللهم ان إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه ثم يدعو أصغر وليد يراه فيعطيه ذلك الثمر

باب ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها

[ 1569 ] حدثني يحيى عن مالك عن قطن بن وهب بن عمير بن الأجدع ان يحنس مولى الزبير بن العوام أخبره انه كان جالسا عند عبد الله بن عمر في الفتنة فأتته مولاة له تسلم عليه فقالت اني أردت الخروج يا أبا عبد الرحمن اشتد علينا الزمان فقال لها عبد الله بن عمر اقعدي لكع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة

[ 1570 ] وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله ان اعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اقلني بيعتي فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءه فقال اقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال اقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها

[ 1571 ] وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد انه قال سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد

[ 1572 ] وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه

[ 1573 ] وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون

[ 1574 ] وحدثني يحيى عن مالك عن بن حماس عن عمه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب أو الذئب فيغذي على بعض سواري المسجد أو على المنبر فقالوا يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان قال للعوافي الطير والسباع

[ 1575 ] وحدثني مالك انه بلغه ان عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال يا مزاحم أتخشى ان نكون ممن نفت المدينة

باب ما جاء في تحريم المدينة

[ 1576 ] حدثني يحيى عن مالك عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم ان إبراهيم حرم مكة وأنا احرم ما بين لابتيها

[ 1577 ] وحدثني مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة انه كان يقول لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها حرام

[ 1578 ] وحدثني مالك عن يونس بن يوسف عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب الأنصاري انه وجد غلمانا قد ألجؤوا ثعلبا إلى زاوية فطردهم عنه قال مالك لا أعلم الا انه قال أفي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا

[ 1579 ] وحدثني يحيى عن مالك عن رجل قال دخل علي زيد بن ثابت وأنا بالأسواف قد اصطدت نهسا فأخذه من يدي فأرسله

باب ما جاء في وباء المدينة

[ 1580 ] وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين انها قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال قالت فدخلت عليهما فقلت يا أبت كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك قالت فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول
كل امرئ مصبح في أهله
والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا اقلع عنه يرفع عقيرته فيقول
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بواد وحولي أذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجنة
وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة

[ 1581 ] قال مالك وحدثني يحيى بن سعيد ان عائشة قالت وكان عامر بن فهيرة يقول
قد رأيت الموت قبل ذوقه
إن الجبان حتفه من فوقه

[ 1582 ] وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال

باب ما جاء في اجلاء اليهود من المدينة

[ 1583 ] وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم انه سمع عمر بن عبد العزيز يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب

[ 1584 ] وحدثني عن مالك عن بن شهاب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب قال مالك قال بن شهاب ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج واليقين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر قال مالك وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورق وإبل وحبال وأقتاب ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها

باب جامع ما جاء في أمر المدينة

[ 1585 ] وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال هذا جبل يحبنا ونحبه

[ 1586 ] وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم ان اسلم مولى عمر بن الخطاب أخبره انه زار عبد الله بن عياش المخزومي فرأى عنده نبيذا وهو بطريق مكة فقال له اسلم ان هذا الشراب يحبه عمر بن الخطاب فحمل عبد الله بن عياش قدحا عظيما فجاء به إلى عمر بن الخطاب فوضعه في يديه فقربه عمر إلى فيه ثم رفع رأسه فقال عمر ان هذا لشراب طيب فشرب منه ثم ناوله رجلا عن يمينه فلما أدبر عبد الله ناداه عمر بن الخطاب فقال أأنت القائل لمكة خير من المدينة فقال عبد الله فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر لا أقول في بيت الله ولا في حرمه شيئا ثم قال عمر أأنت القائل لمكة خير من المدينة قال فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر لا أقول في حرم الله ولا في بيته شيئا ثم انصرف

باب ما جاء في الطاعون

[ 1587 ] وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس ان عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه ان الوبأ قد وقع بأرض الشام قال بن عباس فقال عمر بن الخطاب ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم وأخبرهم ان الوبأ قد وقع بالشام فاختلفوا فقال بعضهم قد خرجت لأمر ولا نرى ان ترجع عنه وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى ان تقدمهم على هذا الوبأ فقال عمر ارتفعوا عني ثم قال ادع لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف عليه منهم اثنان فقالوا نرى ان ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوبإ فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه فقال أبو عبيدة افرارا من قدر الله فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان إحداهما مخصبة والأخرى جدبة أليس ان رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وان رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان غائبا في بعض حاجته فقال ان عندي من هذا علما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال فحمد الله عمر ثم انصرف

[ 1588 ] وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر وعن سالم بن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه انه سمعه يسأل أسامة بن زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون فقال أسامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال مالك قال أبو النضر لا يخرجكم إلا فرارا منه

[ 1589 ] وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ان عمر بن الخطاب خرج إلى الشام فلما جاء سرغ بلغه ان الوبأ قد وقع بالشام فأخبره عبد الرحمن بن عوف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه فرجع عمر بن الخطاب من سرغ

[ 1590 ] وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله ان عمر بن الخطاب إنما رجع بالناس من سرغ عن حديث عبد الرحمن بن عوف

[ 1591 ] وحدثني عن مالك انه قال بلغني ان عمر بن الخطاب قال لبيت بركبة أحب إلي من عشرة أبيات بالشام قال مالك يريد لطول الأعمار والبقاء ولشدة الوبأ بالشام