كتاب الهجرة
وقد صح أكثر أخبارها عند الشيخين وأخرجا جميعا اختلاف الصحابة رضى الله تعالى عنهم في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة
[ 4257 ] حدثنا إسماعيل بن الفضل بن محمد الشعراني ثنا جدي ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا حسين بن زيد عن شهاب بن عبد ربه عن عمر بن علي قال مشيت مع محمد بن علي فقال أشهد أن أبي حدثني عن أبيه عن علي رضى الله تعالى عنهم أن الله عز وجل عمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد اتفقت الروايات على هذه مع الروايات التي أخرجاها عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما فأما خبر أنس ومعاوية وإن صحت أسانيدهما في عشر سنين فليس عليهما القول والعمل

[ 4258 ] أخبرنا القاسم بن القاسم السياري بمرو ثنا إبراهيم بن هلال ثنا علي بن الحسن بن شقيق ثنا عيسى بن عبيد الكندي عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة بن عمرو عن جرير أن النبي قال إن الله عز وجل أوحى إلي أي هؤلاء البلاد الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

[ 4259 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى ثنا إسماعيل بن قتيبة ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأمر بالهجرة وأنزل عليه وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

[ 4260 ] أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ثنا إسحاق بن الحسن ثنا حسين بن محمد المروزي ثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة قوله تعالى وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق فأخرجه الله من مكة إلى المدينة مخرج صدق وأدخله المدينة مدخل صدق قال ونبي الله صلى الله عليه وسلم قد علم أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان فسأل سلطانا نصيرا لكتاب الله وحدود الله ولفرائض الله ولإقامة كتاب الله وأن السلطان عزة من الله جعله بين أظهر عباده ولولا ذلك لأغار بعضهم على بعض وأكل شديدهم ضعيفهم

[ 4261 ] أخبرنا الأستاذ أبو الوليد وأبو بكر بن عبد الله قالا أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا موسى الأنصاري ثنا سعد بن سعيد المقبري حدثني أخي عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إلي فأسكني أحب البلاد إليك فأسكنه الله المدينة هذا حديث رواته مدنيون من بيت أبي سعيد المقبري

[ 4262 ] حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان ثنا أسد بن موسى ثنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين قد أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4263 ] حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق ثنا زياد بن الخليل التستري ثنا كثير بن يحيى ثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال شرى علي نفسه ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ألبسه بردة وكانت قريش تريد أن تقتل النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يرمون عليا ويرونه النبي صلى الله عليه وسلم وقد لبس بردة وجعل علي رضى الله تعالى عنه يتضور فإذا هو علي فقالوا إنك للئيم إنك لتتضور وكان صاحبك لا يتضور ولقد استنكرناه منك هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد رواه أبو داود الطيالسي وغيره عن أبي عوانة بزيادة ألفاظ

[ 4264 ] وقد حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو ثنا عبيد بن قنفذ البزار ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا قيس بن الربيع ثنا حكيم بن جبير عن علي بن الحسين قال إن أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله علي بن أبي طالب وقال علي عند مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر
وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى
ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
رسول إله خاف أن يمكروا به
فنجاه ذو الطول الإله من المكر
وبات رسول الله في الغار آمنا
موقى وفي حفظ الإله وفي ستر
وبت أراعيهم ولم يتهمونني
وقد وطنت نفسي على القتل والأسر

[ 4265 ] حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق أنبا محمد بن موسى القرشي ثنا عبد الله بن داود ثنا نعيم بن حكيم ثنا أبو مريم الأسدي عن علي رضى الله تعالى عنه قال لما كان الليلة التي أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيت على فراشه وخرج من مكة مهاجرا انطلق بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأصنام فقال اجلس فجلست إلى جنب الكعبة ثم صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكبي ثم قال انهض فنهضت به فلما رأى ضعفي تحته قال اجلس فجلست فأنزلته عني وجلس لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لي يا علي اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه ثم نهض بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيل إلي أني لو شئت نلت السماء وصعدت إلى الكعبة وتنحى رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقيت صنمهم الأكبر وكان من نحاس موتدا بأوتاد من حديد إلى الأرض فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم عالجه فعالجته فما زلت أعالجه ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إيه إيه فلم أزل أعالجه حتى إستمكنت منه فقال دقه فدققته فكسرته ونزلت هذا حديث صحيح لإسناد ولم يخرجاه

[ 4266 ] حدثنا علي بن محمد الحمادي بمرو ثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم السرخسي ثنا عبد الرحمن بن علقمة المروزي ثنا عبد الله بن المبارك عن شعبة ومسعر عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل صلى الله عليه وسلم من يهاجر معي قال أبو بكر الصديق هذا حديث صحيح الإسناد والمتن ولم يخرجاه

[ 4267 ] حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر رضى الله تعالى عنهما قالت لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر حمل أبو بكر معه جميع ماله خمسة ألف أو ستة ألف درهم فأتاني جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال إن هذا والله قد فجعكم بماله مع نفسه فقلت كلا يا أبت قد ترك لنا خيرا كثيرا فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوة البيت وكان أبو بكر يجعل أمواله فيها وغطيت على الأحجار بثوب ثم جئت فأخذت بيده فوضعتها على الثوب فقال أما إذا ترك هذا فنعم قالت ووالله ما ترك قليلا ولا كثيرا هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه

[ 4268 ] أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ موسى بن الحسن بن عباد ثنا عفان بن مسلم ثنا السري بن يحيى ثنا محمد بن سيرين قال ذكر رجال على عهد عمر رضى الله تعالى عنه فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر رضى الله تعالى عنهما قال فبلغ ذلك عمر رضى الله تعالى عنه فقال والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر وليوم من أبي بكر خير من آل عمر لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي فقال يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فقال يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني قال نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون بي دونك فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر مكانك يا رسول الله حتى أستبرىء لك الغار فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرىء الحجرة فقال مكانك يا رسول الله حتى أستبرىء الحجرة فدخل واستبرىء ثم قال انزل يا رسول الله فنزل فقال عمر والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين لولا إرسال فيه ولم يخرجاه

[ 4269 ] أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني ثنا الحسن بن الجهم بن جبلة اليمني ثنا موسى بن المشاور ثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر بن راشد عن الزهري قال أخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي وهو بن أخي سراقة بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول جاءتنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية لكل واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي من بني مدلج أقبل منهم رجل حتى قام علينا فقال يا سراقة إني رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت لهم إنهم ليسوا بهم ولكني رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بغاة قال ثم ما لبثت في المجلس إلا ساعة حتى قمت فدخلت بيتي فأمرت جاريتي أن تخرج إلى فرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي وأخذت رمحي فخرجت من ظهر البيت فخططت بزجه إلى الأرض وحففت عالية الرمح حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى رأيت أسودتهما فلما دنوت منهم حيث أسمعهم الصوت عثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت الأزلام فاستقسمت بها فخرج الذي أكره أن لا أضرهم فعصيت الأزلام فركبت فرسي فرفعتها تقرب بي حتى إذا دنوت منهم سمعت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات فساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عنان ساطع في السماء قال عبد الله يعني الدخان الذي يكون من غير نار ثم أخرجت الأزلام فاستقسمت بها فخرج الذي أكره أن لا أضرهما فناديتهما بالأمان فوقفا فركبت فرسي حتى جئتهما فوقع في نفسي حين لقيت من الحبس عليهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم من أخبار سفرهم وما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزؤني شيئا ولم يسألوني الا أن قالوا أخف عنا فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب لي كتاب موادعة آمن به فأمر عامر بن فهيرة مولى أبي بكر فكتب لي في رقعة من آدم ثم مضيا هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4270 ] حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ أحمد بن إبراهيم بن ملحان ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته بالحزورة يقول والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4271 ] أخبرني أبو أحمد الحسين بن علي ثنا علي بن سعيد ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر إنا لله وإنا إليه راجعون أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهلكن قال فنزلت هذه الآية { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق } عرف أبو بكر أنه سيكون قتال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4272 ] أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي ثنا موسى بن إسحاق القاضي ثنا مسروق بن المرزبان ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال قال بن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين عن عروة بن الزبير عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار مهاجرا ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مردفه أبو بكر وخلفه عبد الله بن أريقط الليثي فسلك بهما أسفل من مكة ثم مضى بهما حتى هبط بهما على الساحل أسفل من عسفان ثم استجاز بهما على أسفل أمج ثم عارض الطريق بعد أن أجاز قديدا ثم سلك بهما الحجاز ثم أجاز بهما ثنية المرار ثم سلك بهما الحفياء ثم أجاز بهما مدلجة ثقف ثم استبطن بهما مدلجة صحاح ثم سلك بهما مذحج ثم ببطن مذحج من ذي الغصن ثم ببطن ذي كشد ثم أخذ الجباجب ثم سلك ذي سلم من بطن أعلى مدلجة ثم أخذ القاحة ثم هبط العرج ثم سلك ثنية الغائر عن يمين ركوبه ثم هبط بطن ريم فقدم قباء على بني عمرو بن عوف هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه

[ 4273 ] حدثنا أبو بكر بن إسحاق ثنا أبو الوليد ثنا عبيد الله بن أياد بن لقيط ثنا أياد بن لقيط عن قيس بن النعمان قال لما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مستخفين مرا بعبد يرعى غنما فاستسقياه من اللبن فقال ما عندي شاة تحلب غير أن ها هنا عناقا حملت أول الشتاء وقد أخدجت وما بقي لها لبن فقال أدع بها فدعا بها فاعتقلها النبي صلى الله عليه وسلم ومسح ضرعها ودعا حتى أنزلت قال وجاء أبو بكر رضى الله تعالى عنه بمجن فحلب أبا بكر ثم حلب فسقى الراعي ثم حلب فشرب فقال الراعي بالله من أنت فوالله ما رأيت مثلك قط قال أو تراك تكتم علي حتى أخبرك قال نعم قال فإني محمد رسول الله فقال أنت الذي تزعم قريش أنه صابىء قال إنهم ليقولون ذلك قال فأشهد إنك نبي وأشهد أن ما جئت به حق وأنه لا يفعل ما فعلت إلا نبي وأنا متبعك قال إنك لا تستطيع ذلك يومك فإذا بلغك أني قد ظهرت فأتنا هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

[ 4274 ] حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأخمسي بالكوفة ثنا الحسين بن حميد بن الربيع الخزاز حدثنا سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن بشار الخزاعي ثنا أخي أيوب بن الحكم وسالم بن محمد الخزاعي جميعا عن حزام بن هشام عن أبيه هشام بن حبيش بن خويلد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة وأبو بكر رضى الله تعالى عنه ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة ثم تسقي وتطعم فسألوها لحما وتمرا ليشتروا منها فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك وكان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت شاة خلفها الجهد عن الغنم قال هل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين لي أن أحلبها قالت بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى الله تعالى ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت فاجترت فدعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم حتى أراضوا ثم حلب فيه الثانية على هدة حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها ثم بايعها وارتحلوا عنها فقل ما لبثت حتى جاءها زوجها أبو معبد ليسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا مخهن قليل فلما رأى أبو معبد اللبن أعجبه قال من أين لك هذا يا أم معبد والشاء عازب حائل ولا حلوب في البيت قالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا قال صفية لي يا أم معبد قالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزريه صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي صوته صهل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثاثة أزج أقرن إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سماه وعلاه البهاء أجمل الناس وأباه من بعيد وأحسنه وأجمله من قريب حلو المنطق فصلا لا نزر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ربعة لا تشنأه من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إن قال سمعوا لقوله وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند قال أبو معبد هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا وأصبح صوت بمكة عاليا يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به
فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيال قصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا تجازى وسؤدد
ليهن أبا بكر سعادة جده
بصحبته من يسعد الله يسعد
وليهن بني كعب مقام فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت
عليه صريحا ضرة الشاة مزبد
فغادره رهنا لديها لحالب
يرددها في مصدر بعد مورد فلما سمع حسان الهاتف بذلك شبب يجاوب الهاتف فقال
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم
وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم
وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم
فأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا
عمى وهداة يهتدون بمهند
وقد نزلت منه على أهل يثرب
ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله
ويتلو كتاب الله في كل مشهد
وإن قال في يوم مقالة غائب
فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ويستدل على صحته وصدق رواته بدلائل فمنها نزول المصطفى صلى الله عليه وسلم بالخيمتين متواترا في أخبار صحيحة ذوات عدد ومنها أن الذين ساقوا الحديث على وجهه أهل الخيمتين من الأعاريب الذين لا يتهمون بوضع الحديث والزيادة والنقصان وقد أخذوه لفظا بعد لفظ عن أبي معبد وأم معبد ومنها أن له أسانيد كالأخذ باليد أخذ الولد عن أبيه والأب عن جده لا إرسال ولا وهن في الرواة ومنها أن الحر بن الصباح النخعي أخذه عن أبي معبد كما أخذه ولده عنه فأما الإسناد الذي رويناه بسياقة الحديث عن الكعبيين فإنه إسناد صحيح عال للعرب الأعاربة وقد علونا في حديث الحر بن الصباح

[ 4275 ] حدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب عودا على بدء ثنا الحسين بن مكرم البزار حدثني أبو أحمد بشر بن محمد السكري ثنا عبد الملك بن وهب المذحجي ثنا الحر بن الصباح النخعي عن أبي معبد الخزاعي قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة مهاجرا فذكر الحديث بطوله مثل حديث سليمان بن الحكم وأما حديث الخيمتين المعروف برواته فقد

[ 4276 ] حدثناه أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ثنا الحسين بن محمد بن زياد وجعفر بن محمد بن سوار وأخبرني عبد الله بن محمد الدورقي في آخرين قالوا ثنا محمد بن إسحاق الإمام وأخبرني مخلد بن جعفر الباقر حي ثنا محمد بن جرير قالوا ثنا مكرم بن محرز ثم سمعت الشيخ الصالح أبا بكر محمد بن جعفر بن حمدان البزار القطيعي يقول ثنا مكرم بن محرز عن أبيه فذكروا الحديث بطوله بنحو من حديث أبي معبد فقلت لشيخنا أبي بكر القطيعي سمعه الشيخ من مكرم قال أي والله حج بي أبي وأنا بن سبع سنين فأدخلني على مكرم بن محرز

[ 4277 ] حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الأصبهاني ثنا الحسن بن الجهم ثنا موسى بن المشاور ثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني ثنا معمر بن راشد عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أنه سمع الزبير يذكر أنه لقي الركب من المسلمين كانوا تجارا بالشام قافلين من مكة عارضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر بثياب بيض حين سمعوا بخروجهم فلما سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يؤذيهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظاره فلما آووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود أطما من آطامهم لينظر إليه فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معشر العرب هذا صاحبكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4278 ] حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان بن عيينة ثنا زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد بني عمرو بن عوف وهو مسجد قباء يصلي فيه فدخل عليه رجال من الأنصار يسلمون عليه قال بن عمر ودخل معهم صهيب فسألته كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا سلم عليه وهو في الصلاة قال كان يشير بيده هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4279 ] أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد القنطري ببغداد وعبد الله بن الحسين القاضي بمرو قالا ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا محمد بن عيسى بن الطباع ثنا مجمع بن يعقوب حدثني محمد بن سليمان الحزامي قال سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يحدث عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من خرج حتى يأتي هذا المسجد يعني مسجد قباء فيصلي فيه كان كعدل عمرة هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

[ 4280 ] حدثنا علي بن حمشاذ العدل ثنا هشام بن علي السدوسي أخبرنا أحمد بن محمد العنزي ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ثنا علي بن عبد الله المدايني ثنا حماد بن أسامة ثنا هاشم بن هاشم قال سمعت عامر بن سعد وعائشة بنت سعد يقولان سمعنا سعدا يقول لأن أصلي في مسجد قباء أحب إلي من أن أصلي في مسجد بيت المقدس هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4281 ] حدثنا علي بن حمشاذ العدل ثنا هشام بن علي السدوسي ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضى الله تعالى عنه قال شهدت يوم دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فلم أر يوما أحسن ولا أضوء منه هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه

[ 4282 ] أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ثنا سعيد بن مسعود ثنا عبيد الله بن موسى أنبأ إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء عن أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه قال ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم المدينة وخرج الناس حتى دخلنا في الطريق وصاح النساء والخدام والغلمان جاء محمد رسول الله الله أكبر جاء محمد رسول الله فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمر هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4283 ] حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا الحسين بن الفضل ثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف بن أبي جميلة عن زرارة بن أبي أوفى عن عبد الله بن سلام رضى الله تعالى عنه قال لما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه وقيل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجئت في الناس لأنظر فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب وكان أول شيء سمعته يتكلم أن قال يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4284 ] حدثنا أبو بكر بن إسحاق ثنا عبيد بن شريك ثنا نعيم بن حماد ثنا عبد الله بن المبارك ثنا حشرج بن نباتة عن سعيد بن جمهان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد جاء أبو بكر رضى الله تعالى عنه بحجر فوضعه ثم جاء عمر بحجر فوضعه ثم جاء عثمان بحجر فوضعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء ولاة الأمر من بعدي هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

[ 4285 ] حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الخياط ببغداد ثنا عبيد بن شريك البزاز ثنا أبو معمر ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه سهل بن سعد رضى الله تعالى عنه قال أخطأ الناس في العدد ما عدوا من بيعته ولا من وفاته إنما عدوا من مقدمه المدينة هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

[ 4286 ] حدثني محمد بن يعقوب الحافظ ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا محمد بن سهل بن عسكر ثنا بن أبي مريم ثنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال كان التاريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وفيها ولد عبد الله بن الزبير هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه

[ 4287 ] حدثنا أحمد بن محمد بن سلمة ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ثنا نعيم بن حماد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عثمان بن عبيد الله أبي رافع قال سمعت سعيد بن المسيب يقول جمع عمر الناس فسألهم من أي يوم يكتب التاريخ فقال علي بن أبي طالب من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك أرض الشرك ففعله عمر رضى الله تعالى عنه هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

[ 4288 ] أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم العدل ببغداد ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ثنا علي بن قادم ثنا علي بن صالح بن حي عن حكيم بن جبير عن جميع بن عمير عن بن عمر رضى الله تعالى عنهما قال لما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين أصحابه فجاء علي رضى الله تعالى عنه تدمع عيناه فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة تابعه سالم بن أبي حفصة عن جميع بزيادة في السياق

[ 4289 ] حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النحوي ببغداد ثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي ثنا إسحاق بن بشر الكاهلي ثنا محمد بن فضيل عن سالم بن أبي حفصة عن جميع بن عمير التيمي عن بن عمر رضى الله تعالى عنهما قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه فآخى بين أبي بكر وعمر وبين طلحة والزبير وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف فقال علي يا رسول الله إنك قد آخيت بين أصحابك فمن أخي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ترضى يا علي أن أكون أخاك قال بن عمر وكان علي رضى الله تعالى عنه جلدا شجاعا فقال علي بلى يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت أخي في الدنيا والآخرة

[ 4290 ] حدثنا الحسن بن يعقوب العدل وأحمد بن محمد بن عبد الله القطان قالا ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا علي بن عاصم عن داود بن أبي هند عن أبي حرب وحدثني علي بن عيسى ثنا محمد بن عمرو الجرشي ثنا يحيى بن يحيى ثنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود قال حدثني طلحة البصري قال كان الرجل منا إذا قدم المدينة فكان له بها عريف نزل على عريفه وإن لم يكن له بها عريف نزل الصفة فقدمت فنزلت الصفة فكان يجري علينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم مد من تمر بين اثنين ويكسونا الخنف فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض صلاة النهار فلما سلم ناداه أهل الصفة يمينا وشمالا يا رسول الله أحرق بطوننا التمر وتخرقت عنا الخنف فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منبره فصعده فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر الشدة ما لقي من قومه حتى قال ولقد أتى علي وعلى صاحبي بضع عشرة ومالي وله طعام إلا البرير قال قلت لأبي حرب وأي شيء البرير قال طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر الأراك فقدمنا على إخواننا هؤلاء من الأنصار وعظم طعامهم التمر فواسونا فيه والله لو أجد لكم الخبز واللحم لأشبعتكم منه ولكن عسى أن تدركوا زمانا حتى يغدى على أحدكم بجفنة ويراح عليه بأخرى قال فقالوا يا رسول الله أنحن اليوم خير أم ذاك اليوم قال بل أنتم اليوم خير أنتم اليوم متحابون وأنتم يومئذ يضرب بعضكم رقاب بعض أراه قال متباغضون هذا لفظ حديث أبي سهل القطان وحديث يحيى بن يحيى على الاختصار هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

[ 4291 ] حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن عمر بن ذر ثنا مجاهد عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال كان أهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون إلى أهل ولا مال ووالله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي إلى الأرض من الجوع وأشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوما على ظهر طريقهم الذي يخرجون فيه فمر بي أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما أسأله إلا ليستتبعني فمر ولم يفعل ثم مر عمر فسألته عن آية من كتاب الله تعالى ما أسأله إلا ليستتبعني فمر ولم يفعل ثم مر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وقال أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله فقال الحق ومضى فاتبعته ودخل منزله فاستأذنته فأذن لي فوجد لبنا في قدح فقال من أين لكم هذا اللبن فقيل أهداه لنا فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريرة فقلت لبيك قال الحق أهل الصفة فادعهم فهم أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا على مال إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم فأصاب منها وأشركهم فيها فساءني ذلك وقلت ما هذا القدح بين أهل الصفة وأنا رسوله إليهم فيأمرني أن أدوره عليهم فما عسى أن يصيبني منه وقد كنت أرجو أن يصيبني منه ما يغنيني ولم يكن بد من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فأتيتهم فدعوتهم فلما دخلوا عليه وأخذوا مجالسهم قال أبا هر خذ القدح فأعطهم فأخذت القدح فجعلت أناوله الرجل فيشرب حتى يروي ثم يرده وأناوله الآخر فيشرب حتى انتهيت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح فوضعه على يديه ثم رفع رأسه إلي فتبسم وقال يا أبا هر فقلت لبيك يا رسول الله فقال أقعد فاشرب فشربت ثم قال اشرب فشربت ثم قال اشرب فشربت فلم أزل أشرب ويقول اشرب حتى قلت والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا فأخذ القدح فحمد الله وسمى ثم شرب صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة

[ 4292 ] حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ببغداد ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا محمد بن سابق ثنا مالك بن مغول عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال لقد كان أصحاب الصفة سبعين رجلا مالهم أردية هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال الحاكم تأملت هذه الأخبار الواردة في أهل الصفة فوجدتهم من أكابر الصحابة رضى الله تعالى عنهم ورعا وتوكلا على الله عز وجل وملازمة لخدمة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم اختاره الله تعالى لهم ما اختاره لنبيه صلى الله عليه وسلم من المسكنة والفقر والتضرع لعبادة الله عز وجل وترك الدنيا لأهلها وهم الطائفة المنتمية إليهم الصوفية قرنا بعد قرن فمن جرى على سنتهم وصبرهم على ترك الدنيا والأنس بالفقر وترك التعرض للسؤال فهم في كل عصر بأهل الصفة مقتدون وعلى خالقهم متوكلون

[ 4293 ] وقد حدثنا شيخ التصوف في عصره أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ثنا أبو أحمد الجريري قال سمعت سهل بن عبد الله التستري يقول لما بعث الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم كان في الدنيا سبعة أصناف من الناس الملوك والمزارعون وأصحاب المواشي والتجار والصناع والأجراء والضعفاء والفقراء لم يأمر أحدا منهم أن ينتقل مما هو فيه ولكن أمرهم بالعلم واليقين والتقوى والتوكل في جميع ما كانوا فيه قال سهل رحمة الله عليه وينبغي للعاقل أن يقول ما ينبغي لي بعد علمي بأني عبدك أن أرجو واؤمل غيرك ولا أتوهم عليك إذ خلقتني وصورتني عبدا لك أن تكلني إلى نفسي أو تولي أموري غيرك قال الحاكم وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطائفة بما خصهم الله تعالى به من بين الطوائف بصفات فمن وجدت فيه تلك الصفات إستحق بها اسم التصوف

[ 4294 ] أخبرنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله الزاهد بن السماك حقا ببغداد ثنا يحيى بن جعفر الزبرقان ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ثنا الوليد بن مسلم وضمرة بن ربيعة عن حماد بن أبي حميد عن مكحول عن عياض بن سليمان وكانت له صحبة رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيار أمتي فيما أنبأني الملأ الأعلى قوم يضحكون جهرا في سعة رحمة ربهم عز وجل ويبكون سرا من خوف شدة عذاب ربهم عز وجل يذكرون ربهم بالغداة والعشي في البيوت الطيبة المساجد ويدعونه بألسنتهم رغبا ورهبا ويسألونه بأيديهم خفضا ورفعا ويقبلون بقلوبهم عودا وبدءا فمئونتهم على الناس خفيفة وعلى أنفسهم ثقيلة يدبون في الأرض حفاة على أقدامهم كدبيب النمل بلا مرح ولا بذخ يمشون بالسكينة ويتقربون بالوسيلة ويقرؤون القرآن ويقربون القربان ويلبسون الخلقان عليهم من الله تعالى شهود حاضرة وعين حافظة يتوسمون العباد ويتفكرون في البلاد أرواحهم في الدنيا وقلوبهم في الآخرة ليس لهم هم إلا إمامهم أعدوا الجهاز لقبورهم والجواز لسبيلهم والاستعداد لمقامهم ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد قال الحاكم فمن وفق لاستعمال هذا الوصف من متصوفة زماننا فطوباه فهو المقفي لهدي من تقدمه والصوفية طائفة من طوائف المسلمين فمنهم أخيار ومنهم أشرار لا كما يتوهمه رعاع الناس وعوامهم ولو علموا محل الطبقة الأولى منهم من الإسلام وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمسكوا عن كثير من الوقيعة فيهم فأما أهل الصفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أساميهم في الأخبار المنقولة إلينا متفرقة ولو ذكرت كل حديث منها بحديثه وسياقة متنه لطال به الكتاب ولم يجيء بعض أسانيدها على شرطي في هذا الكتاب فذكرت الأسامي من تلك الأخبار على سبيل الاختصار وهم أبو عبد الله الفارسي وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح وأبو اليقظان عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود الهذلي والمقداد بن عمرو بن ثعلبة وقد كان الأسود بن عبد يغوث تبناه فقيل المقداد بن الأسود الكندي وخباب بن الأرت وبلال بن رباح وصهيب بن سنان بن عتبة بن غزوان وزيد بن الخطاب أخو عمر وأبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو مرثد كناز بن حصين العدوي وصفوان بن بيضاء وأبو عبس بن جبر وسالم مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة ومسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب وعكاشة بن محصن الأسدي ومسعود بن الربيع القاري وعمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو وعويم بن ساعدة وأبو لبابة بن عبد المنذر وسالم بن عمير بن ثابت وكان أحد البكائين من الصحابة وفيه نزلت { وأعينهم تفيض من الدمع حزنا } وأبو البشر كعب بن عمرو وخبيب بن يساف وعبد الله بن أنيس وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري وعتبة بن مسعود الهذلي وكان عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهما ممن يأوي إليهم ويبيت معهم في المسجد وكان حذيفة بن اليمان أيضا ممن يأوي إليهم ويبيت معهم وأبو الدرداء عويمر بن عامر وعبد الله بن زيد الجهني والحجاج بن عمرو الأسلمي وأبو هريرة الدوسي وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ بن الحارث القاري والسائب بن خلاد وثابت بن وديعة رضى الله تعالى عنهم أجمعين قال الحاكم رضى الله تعالى عنه علقت هذه الأسامي من أخبار كثيرة متفرقة فيها ذكر أهل الصفة والنازلين معهم المسجد فمنهم من تقدمت هجرته مثل عمار بن ياسر وسلمان وبلال وصهيب والمقداد وغيرهم ومنهم من تأخرت هجرته فسكن المسجد في جملة أهل الصفة ومنهم من أسلم عام الفتح ثم ورد معه وقعد في أهل الصفة إذ لم يأو بالمدينة إلى أهل ولا مال ولا يعد في المهاجرين لقوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإن مما أرجو من فضل الله عز وجل أن كل من جرى على سنتهم في التوكل والفقر إلى يوم القيامة أنه منهم وممن يحشر معهم وإن كل من أحبهم وإن كان يرجع إلى دنيا وثروة فمرجو له ذلك أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم من أحب قوما حشر معهم

[ 4295 ] حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا أبو المثنى معاذ بن المثنى ثنا يحيى بن معين ثنا وكيع عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضى الله تعالى عنه قال ما كان يا أيها الذين آمنوا أنزل بالمدينة وما كان يا أيها الناس فبمكة

[ 4296 ] أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ وكيع أنبأ إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود رضى الله تعالى عنه قال قرأنا المفصل حينا وحججنا بمكة ليس فيها يا أيها الذين آمنوا هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه