المقدمة
باب ما جاء في الابتداء بحمد الله تعالى

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ابتداء الحمد لله جل وعلا في أوائل كلامه عند بغية مقاصده

[ 1 ] أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا عبد الحميد بن أبي العشرين قال حدثنا الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع

ذكر الأمر للمرء أن تكون فواتح أسبابه بحمد الله جل وعلا لئلا تكون أسبابه بترا

[ 2 ] أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان أبو علي بالرقة قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع

باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها نقلا وأمرا وزجرا

[ 3 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثنا بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم إني رأيت الجيش وإني أنا النذير فأطاعه طائفة من قومه فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش وأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق

[ 4 ] وقال صلى الله عليه وسلم إن مثل ما آتاني الله من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت ذلك فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وأمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعمل ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به

ذكر وصف الفرقة الناجية من بين الفرق التي تفترق عليها أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم

[ 5 ] أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي حدثنا علي بن المديني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ثور بن مسلم حدثنا ثور بن يزيد حدثني خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر الكلاعي قالا أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه فسلمنا وقلنا أتيناك زائرين ومقتبسين فقال العرباض صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا مجدعا فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة قال أبو حاتم في قوله صلى الله عليه وسلم فعليكم بسنتي عند ذكره الاختلاف الذي يكون في أمته بيان واضح أن من واظب على السنن قال بها ولم يعرج على غيرها من الآراء من الفرق الناجية في القيامة جعلنا الله منهم بمنه

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم وحفظه نفسه عن كل من يأباها من أهل البدع وإن حسنوا ذلك في عينه وزينوه


[ 6 ] أخبرنا إبراهيم بن علي بن عبد العزيز العمري بالموصل حدثنا معلى بن مهدي حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن أبي وائل عن بن مسعود قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا فقال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم تلا { وأن هذا صراطي مستقيما } إلى آخر الآية

ذكر ما يجب على المرء من ترك تتبع السبل دون لزوم الطريق الذي هو الصراط المستقيم

[ 7 ] أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان المعدل بالفسطاط قال حدثنا الحارث بن مسكين قال حدثنا بن وهب قال حدثني حماد بن زيد عن عاصم عن أبي وائل عن بن مسعود قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو له ثم قرأ { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } الآية كلها

ذكر البيان بأن من أحب الله جل وعلا وصفيه صلى الله عليه وسلم بإيثار أمرهما وابتغاء مرضاتهما على رضى من سواهما يكون في الجنة مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

[ 8 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أنس بن مالك أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا هم أجدر أن يسألوه من أصحابه فقال يا رسول الله متى الساعة قال وما أعددت لها قال ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله قال فإنك مع من أحببت قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام أشد من فرحهم بقوله

ذكر الأخبار عما يجب على المرء من لزوم هدي المصطفى بترك الانزعاج عما أبيح من هذه الدنيا له بإغضائه

[ 9 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت دخلت امرأة عثمان من مظعون واسمها خولة بنت حكيم على عائشة وهي بذة الهيئة فسألتها عائشة ما شأنك فقالت زوجي يقوم الليل ويصوم النهار فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت عائشة له فلقي النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون فقال يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا أما لك في أسوة حسنة فوالله إني لأخشاكم لله وأحفظكم لحدوده صلى الله عليه وسلم

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تحري استعمال السنن في أفعاله ومجانبة كل بدعة تباينها وتضادها

[ 10 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه نذير جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين يفرق بين السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وإن شر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضيعة فإلي وعلي

ذكر اثبات الفلاح لمن كانت شرته إلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم

[ 11 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا شعبة عن حصين بن عبد الرحمن عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل عمل شرة وإن لكل شرة فترة فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك

ذكر الخبر المصرح بأن سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها عن الله لا من تلقاء نفسه

[ 12 ] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا كثير بن عبيد المذحجي حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن مروان بن رؤبة عن بن أبي عوف عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إني أوتيت الكتاب وما يعدله يوشك شعبان على أريكته أن يقول بيني وبينكم هذا الكتاب فما كان فيه من حلال أحللناه وما كان فيه من حرام حرمناه ألا وإنه ليس كذلك

[ 13 ] حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم قال حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن مالك بن أنس عن سالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أعرفن الرجل يأتيه الأمر من أمري إما أمرت به وإما نهيت عنه فيقول ما ندري ما هذا عندنا كتاب الله ليس هذا فيه

ذكر الزجر عن الرغبة عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله جميعا


[ 14 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي حدثنا بهز بن أسد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم لا أتزوج وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على فراش فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني فصل

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يأمر أمته بما يحتاجون إليه من أمر دينهم قولا وفعلا معا

[ 15 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا بن أبي مريم قال حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى بن عباس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه فقال يعمد أحدهم إلى جمرة من النار فيجعلها في يده فقيل للرجل بعد ما ذهب خذ خاتمك فانتفع به فقال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالشيء لا يجوز إلا أن يكون مفسرا يعقل من ظاهر خطابه

[ 16 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع الأذان فإذا قضي الأذان أقبل فإذا ثوب بها أدبر فإذا قضي التثويب أقبل يخطر بين المرء ونفسه اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى فإذا لم يدر كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه أمره صلى الله عليه وسلم لمن شك في صلاته فلم يدر كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس أمر مجمل تفسيره أفعاله التي ذكرناها لا يجوز لأحد أن يأخذ الأخبار التي فيها ذكر سجدتي السهو قبل السلام فيستعمله في كل الأحوال ويترك سائر الأخبار التي فيها ذكره بعد السلام وكذلك لا يجوز لأحد أن يأخذ الأخبار التي فيها ذكر سجدتي السهو بعد السلام فيستعمله في كل الأحوال ويترك الأخبار الأخر التي فيها ذكره قبل السلام ونحن نقول إن هذه أخبار أربع يجب أن تستعمل ولا يترك شيء منها فيفعل في كل حالة مثل ما وردت السنة فيها سواء فإن سلم من الاثنتين أو الثلاث من صلاته ساهيا أتم صلاته وسجد سجدتي السهو بعد السلام على خبر أبي هريرة وعمران بن حصين اللذين ذكرناهما وإن قام من اثنتين ولم يجلس أتم صلاته وسجد سجدتي السهو قبل السلام على خبر بن بحينة وإن شك في الثلاث أو الأربع يبني على اليقين على ما وصفن وسجد سجدتي السهو قبل السلام على خبر أبي سعيد الخدري وعبد الرحمن بن عوف وإن شك ولم يدر كم صلى أصلا تحرى على الأغلب عنده وأتم صلاته وسجد سجدتي السهو بعد السلام على خبر بن مسعود الذي ذكرناه حتى يكون مستعملا للأخبار التي وصفناها كلها فإن وردت عليه حالة غير هذه الأربع في صلاته ردها إلى ما يشبهها من الأحوال الأربع التي ذكرناها

ذكر إيجاب الجنة لمن أطاع الله ورسوله فيما أمر ونهى

[ 17 ] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف بنيسابور قالا حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى وشرد على الله كشراد البعير قالوا يا رسول الله ومن يأبى أن يدخل الجنة قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى قال أبو حاتم طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الانقياد لسنته بترك الكيفية والكمية فيها مع رفض قول كل من قال شيئا في دين الله جل وعلا بخلاف سنته دون الاحتيال في دفع السنن بالتأويلات المضمحلة والمخترعات الداحضة

ذكر البيان بأن المناهي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم والأوامر فرض على حسب الطاقة على أمته لا يسعهم التخلف عنها

[ 18 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وسفيان عن بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ما نهيتكم عنه فانتهوا وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم قال بن عجلان فحدثت به أبان بن صالح فقال لي ما أجود هذه الكلمة قوله فأتوا منه ما استطعتم

ذكر البيان بأن النواهي سبيلها الحتم والإيجاب إلا أن تقوم الدلالة على ندبيتها

[ 19 ] حدثنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم

[ 20 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وما أمرتكم بالأمر فأتوا منه ما استطعتم

[ 21 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذروني ما تركتكم فإنما هلك من قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بالشيء فأتوا منه ما استطعتم

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم وإذا أمرتكم بشيء أراد به من أمور الدين لا من أمور الدنيا

[ 22 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وثابت عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع أصواتا فقال ما هذه الأصوات قالوا النخل يأبرونه فقال لو لم يفعلوا لصلح ذلك فأمسكوا فلم يأبروا عامته فصار شيصا فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا كان شيء من أمر دنياكم فشأنكم وإذا كان شيء من أمر دينكم فإلي

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم فما أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم أراد به ما أمرتكم بشيء من أمر الدين لا من أمر الدنيا

[ 23 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال حدثنا عبد الله بن الرومي قال حدثنا النضر بن محمد قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو النجاشي قال حدثني رافع بن خديج قال قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يؤبرون النخل يقول يلقحون قال فقال ما تصنعون فقالوا شيئا كانوا يصنعونه فقال لو لم تفعلوا كان خيرا فتركوها فنفضت أو نقصت فذكروا ذلك له فقال صلى الله عليه وسلم إنما أنا بشر إذا حدثتكم بشيء من أمر دينكم فخذوا به وإذا حدثتكم بشيء من دنياكم فإنما أنا بشر قال عكرمة هذا أو نحوه أبو النجاشي مولى رافع اسمه عطاء بن صهيب قاله الشيخ

ذكر نفي الإيمان عمن لم يخضع لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اعترض عليها بالمقايسات المقلوبة والمخترعات الداحضة

[ 24 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد حدثنا ليث بن سعد عن بن شهاب عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة التي يسقون بها النخل فقال الأنصاري سرح الماء يمر فأبى عليه الزبير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك فغضب الأنصاري وقال يا رسول الله أن كان بن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر قال الزبير فوالله لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الآية

ذكر الخبر الدال على أن من اعترض على السنن بالتأويلات المضمحلة ولم ينقد لقبولها كان من أهل البدع

[ 25 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال بعث علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهب في آدم فقسمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين زيد الخيل والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة فقال أناس من المهاجرين والأنصار نحن أحق بهذا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فشق عليه وقال ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر من في السماء صباحا ومساء فقام إليه ناتىء العينين مشرف الوجنتين ناشز الوجه كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو لست بأحق أهل الأرض أن أتقي الله ثم أدبر فقام إليه خالد سيف الله فقال يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال لا إنه لعله يصلي قال إنه رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه قال إني لم أومر أن أشق قلوب الناس ولا أشق بطونهم فنظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو مقفى فقال إنه سيخرج من ضئضىء هذا قوم يتلون كتاب الله لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية قال عمارة فحسبت أنه قال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود

ذكر الزجر عن أن يحدث المرء في أمور المسلمين ما لم يأذن به الله ولا رسوله

[ 26 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه أن رجلا أوصى بوصايا أبرها في ماله فذهبت إلى القاسم بن محمد أستشيره فقال القاسم سمعت عائشة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد

ذكر البيان بأن كل من أحدث في دين الله حكما ليس مرجعه إلى الكتاب والسنة فهو مردود غير مقبول

[ 27 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن الصباح الدولابي حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد فصل

ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشيء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو غير عالم بصحته

[ 28 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا عبدة بن سليمان قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار

ذكر الخبر الدال على صحة ما أومأنا إليه في الباب المتقدم

[ 29 ] أخبرنا عمران بن موسى السختياني قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع قال حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حدث حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين

ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذهبنا إليه

[ 30 ] أخبرنا بن زهير بتستر قال حدثنا محمد بن الحسين بن إشكاب قال حدثنا علي بن حفص المدائني قال حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع

ذكر إيجاب دخول النار لمتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ 31 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا ليث بن سعد عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار

ذكر البيان بأن الكذب على المصطفى صلى الله عليه وسلم من أفرى الفرى

[ 32 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن من أعظم الفرية ثلاثا أن يفري الرجل على نفسه يقول رأيت ولم ير شيئا في المنام أو يتقول الرجل على والديه فيدعى إلى غير أبيه أو يقول سمع مني ولم يسمع مني