كتاب العلم
ذكر إثبات النصرة لأصحاب الحديث إلى قيام الساعة

[ 61 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم خذلان من خذلهم حتى تقوم الساعة

ذكر الإخبار عن سماع المسلمين السنن خلف عن سلف

[ 62 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن جعفر البرمكي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم عبد الله بن عبد الله الرازي ثقة كوفي

ذكر الإخبار عما يستحب للمرء كثرة سماع العلم ثم الاقتفاء والتسليم

[ 63 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا أبو عامر العقدي قال حدثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عن أبي حميد وأبي أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر عنه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه

باب الزجر عن كتبة المرء السنن مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها

[ 64 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا كثير بن يحيى صاحب البصري قال حدثنا همام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكتبوا عني إلا القرآن فمن كتب عني شيئا فليمحه قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه زجره صلى الله عليه وسلم عن الكتبة عنه سوى القرآن أراد به الحث على حفظ السنن دون الاتكال على كتبتها وترك حفظها والتفقه فيها والدليل على صحة هذا إباحته صلى الله عليه وسلم لأبي شاه كتب الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذنه صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بالكتبة

[ 65 ] أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن فطر عن أبي الطفيل عن أبي ذر قال تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم قال أبو حاتم معنى عندنا منه يعني بأوامره ونواهيه وأخباره وأفعاله وإباحاته صلى الله عليه وسلم

ذكر دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن أدى من أمته حديثا سمعه

[ 66 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا عبد الله بن داود عن علي بن صالح عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع

ذكر رحمة الله جل وعلا من بلغ أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم حديثا صحيحا عنه

[ 67 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثني عمر بن سليمان هو بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن عبد الرحمن بن أبان هو بن عثمان بن عفان عن أبيه قال خرج زيد بن ثابت من عند مروان قريبا من نصف النهار فقلت ما بعث إليه إلا لشيء سأله فقمت إليه فسألته فقال أجل سألنا عن أشياء سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله امرأ سمع مني حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ألاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم

ذكر البيان بأن هذا الفضل إنما يكون لمن أدى ما وصفنا كما سمعه سواء من غير تغيير ولا تبديل فيه

[ 68 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا صفوان بن صالح قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا شيبان قال حدثني سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحم الله من سمع مني حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى له من سامع

ذكر إثبات نضارة الوجه في القيامة من بلغ للمصطفى صلى الله عليه وسلم سنة صحيحة كما سمعها

[ 69 ] أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع

ذكر عدد الأشياء التي استأثر الله تعالى بعلمها دون خلقه

[ 70 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا أبو عمر الدوري حفص بن عمر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاتيح الغيب خمس لا يعلم ما تضع الأرحام أحد إلا الله ولا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 71 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي حدثنا يحيى بن أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر قال وأخبرني عبد الله بن دينار أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما تغيض الأرحام أحد إلا الله ولا ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة أحد إلا الله

ذكر الزجر عن العلم بأمر الدنيا مع الانهماك فيها والجهل بأمر الآخرة ومجانبة أسبابها

[ 72 ] أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يبغض كل جعظري جواظ سخاب بالأسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة

ذكر الزجر عن تتبع المتشابه من القرآن للمرء المسلم

[ 73 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أخبرنا عبد الله حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري قال حدثني بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات إلى آخرها فقال إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاعلموا أنهم الذين عنى الله فاحذروهم

[ 74 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا أنس بن عياض عن أبي حازم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنزل القرآن على سبعة أحرف والمراء في القرآن كفر ثلاثا ما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله صلى الله عليه وسلم ما عرفتم منه فاعملوا به أضمر فيه الاستطاعة يريد اعملوا بما عرفتم من الكتاب ما استطعتم وقوله وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه فيه الزجر عن ضد هذا الأمر وهو أن لا يسألوا من لا يعلم

ذكر العلة التي من أجلها قال النبي صلى الله عليه وسلم وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه

[ 75 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا إسحاق بن سويد الرملي قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن بن مسعود رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن

ذكر الزجر عن مجادلة الناس في كتاب الله مع الأمر بمجانبة من يفعل ذلك

[ 76 ] أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني قال حدثنا عاصم بن النضر الأحول قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أيوب يحدث عن بن أبي مليكة عن عائشة أنها قالت قرأ نبي الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } إلى قوله أولي الألباب قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم قال مطر حفظت أنه قال لا تجالسوهم فهم الذين عنى الله فاحذروهم قال أبو حاتم سمع هذا الخبر أيوب عن مطر الوراق وابن أبي مليكة جميعا

ذكر وصف العلم الذي يتوقع دخول النار في القيامة لمن طلبه

[ 77 ] أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي بالبصرة قال حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال حدثنا بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا تماروا به السفهاء ولا تخيروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار

[ 78 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن يحيى بن محمد بن مخلد قال حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود قال حدثنا بن وهب قال أخبرني أبو يحيى بن سليمان الخزاعي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة وأخبرنا عمر بن محمد بن بجير حدثنا أبو الطاهر بن السرح أنبأنا بن وهب بإسناده مثله

ذكر الزجر عن مجالسة أهل الكلام والقدر ومفاتحتهم بالنظر والجدال

[ 79 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة وهارون بن معروف قالا حدثنا المقرىء قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك عن يحيى بن ميمون الحضرمي عن ربيعة الجرشي عن أبي هريرة عن عمر بن الحطاب أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم

ذكر ما كان يتخوف صلى الله عليه وسلم على أمته جدال المنافق

[ 80 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا خليفة بن خياط حدثنا خالد بن الحارث حدثنا حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوف ما أخاف عليكم جدال المنافق عليم اللسان

[ 81 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن مرزوق حدثنا محمد بن بكر عن الصلت بن بهرام حدثنا الحسن حدثنا جندب البجلي في هذا المسجد أن حذيفة حدثه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه وكان ردئا للإسلام غيره إلى ما شاء الله فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك قال قلت يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي قال بل الرامي

ذكر ما يجب على المرء أن يسأل الله جل وعلا العلم النافع رزقنا الله إياه وكل مسلم

[ 82 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أسألك علما نافعا وأعوذ بك من علم لا ينفع

ذكر ما يستحب للمرء أن يقرن إلى ما ذكرنا في التعوذ منها أشياء معلومة

[ 83 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا أبو نصر التمار قال حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع وعمل لا يرفع وقلب لا يخشع وقول لا يسمع

ذكر تسهيل الله جل وعلا طريق الجنة على من يسلك في الدنيا طريقا يطلب فيه علما

[ 84 ] أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي الزاهد قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن خازم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يطلب فيه علما سهل الله به طريقا من طرق الجنة ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه

ذكر بسط الملائكة أجنحتها لطلبة العلم رضا بصنيعهم ذلك

[ 85 ] أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى ومحمد بن رافع قالا حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن عاصم عن زر قال أتيت صفوان بن عسال المرادي قال ما جاء بك قال جئت أنبط العلم قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من خارج يخرج من بيته يطلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع

ذكر أمان الله جل وعلا من النار من أوى إلى مجلس علم ونيته فيه صحيحة

[ 86 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب أخبره عن أبي واقد الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فلما وقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلما فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله وأما الآخر فاستحيى الله منه وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه

ذكر التسوية بين طالب العلم ومعلمه وبين المجاهد في سبيل الله

[ 87 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال حدثنا المقرىء قال أنبأنا حيوة قال حدثني أبو صخر أن سعيدا المقبري أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرا أو يعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ومن دخله لغير ذلك كان كالناظر إلى ما ليس له

ذكر وصف العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا قبل

[ 88 ] أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا عبد الله بن داود الخريبي قال سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال كنت جالسا مع أبي الدرداء في مسجد دمشق فأتاه رجل فقال يا أبا الدرداء إني أتيتك من مدينة الرسول في حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو الدرداء أما جئت لحاجة أما جئت لتجارة أما جئت إلا لهذا الحديث قال نعم قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة والملائكة تضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وأورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه في هذا الحديث بيان واضح أن العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا هم الذين يعلمون علم النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من سائر العلوم ألا تراه يقول العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا إلا العلم وعلم نبينا صلى الله عليه وسلم سنته فمن تعرى عن معرفتها لم يكن من ورثة الأنبياء

ذكر إرادة الله جل وعلا خير الدارين بمن تفقه في الدين

[ 89 ] أخبرنا قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

ذكر إباحة الحسد لمن أوتي الحكمة وعلمها الناس

[ 90 ] أخبرنا محمد بن يحيى بن خالد أنبأنا محمد بن رافع حدثنا مصعب بن المقدام حدثنا داود الطائي عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال سمعت بن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها

ذكر البيان بأن من خيار الناس من حسن خلقه في فقهه

[ 91 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا محمد بن زياد سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول خيركم أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا

ذكر البيان بأن خيار المشركين هم الخيار في الإسلام إذا فقهوا

[ 92 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الناس معادن في الخير والشر خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا

ذكر البيان بأن العلم من خيار ما يخلف المرء بعده

[ 93 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة هو الحراني قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خير ما يخلف الرجل بعده ثلاث ولد صالح يدعوا له وصدقة تجري يبلغه أجرها وعلم ينتفع به من بعده قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قد بقي من هذا النوع أكثر من مائة حديث بددناها في سائر الأنواع من هذا الكتاب لأن تلك المواضع بها أشبه

ذكر الأمر بإقالة زلات أهل العلم والدين

[ 94 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا سعيد بن عبد الجبار ومحمد بن الصباح وقتيبة بن سعيد قالوا حدثنا أبو بكر بن نافع العمري عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم

ذكر إيجاب العقوبة في القيامة على الكاتم العلم الذي يحتاج إليه في أمور المسلمين

[ 95 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا النضر بن شميل قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن الحكم البناني عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كتم علما تلجم بلجام من نار يوم القيامة

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 96 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أبو الطاهر بن السرح قال حدثنا بن وهب قال حدثني عبد الله بن عياش بن عباس عن أبيه عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار

ذكر الخبر الدال على إباحة كتمان العالم بعض ما يعلم من العلم إذا علم أن قلوب المستمعين له لا تحتمله

[ 97 ] أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة قال حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال حدثنا بن إدريس عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حيطان المدينة متوكئا على عسيب إذ جاءته اليهود فسألته عن الروح فنزلت ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا الآية

ذكر البيان بأن الأعمش لم يكن بالمنفرد في سماع هذا الخبر من عبد الله بن مرة دون غيره

[ 98 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عيسى بن يونس قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة وهو متكئ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض لو سألتموه فقال بعضهم لا تسألوه فيسمعكم ما تكرهون فقالوا يا أبا القاسم أخبرنا عن الروح فقام ساعة ينتظر الوحي فعرفت أنه يوحى عليه فتأخرت عنه حتى صعد الوحي ثم قرأ ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا الآية

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 99 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا مسروق بن المرزبان قال حدثنا بن أبي زائدة قال حدثني داود بن أبي هند عن عكرمة عن بن عباس قال قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت إلا قليلا فقالوا لم نؤت من العلم نحن إلا قليلا وقد أوتينا التوراة ومن يؤت التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا فنزلت قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي الآية

ذكر ما يستحب للمرء من ترك سرد الأحاديث حذر قلة التعظيم والتوقير لها

[ 100 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أبو الطاهر بن السرح قال حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة قالت ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قول عائشة لرددت عليه أرادت به سرد الحديث لا الحديث نفسه

ذكر الإخبار عن إباحة جواب المرء بالكناية عما يسأل وإن كان في تلك الحالة مدحه

[ 101 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا قرة بن خالد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يقسم غنيمة بالجعرانة إذ قال له رجل اعدل فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا ويلي لقد شقيت إن لم أعدل

ذكر الخبر الدال على أن العالم عليه ترك التصلف بعلمه ولزوم الافتقار إلى الله جل وعلا في كل حاله

[ 102 ] أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى فقال بن عباس هو الخضر فمر بهما أبي بن كعب فدعاه بن عباس فقال يا أبا الطفيل هلم إلينا فإني قد تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لقيه فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه شيئا فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال له هل تعلم أحدا أعلم منك فقال موسى لا فأوحى الله إلى موسى بل عبدنا الخضر فسأل موسى السبيل إلى لقيه فجعل الله له الحوت آية وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع فإنك تلقاه فسار موسى ما شاء الله أن يسير ثم قال لفتاه آتنا غداءنا فقال لموسى حين سأله الغداء أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره وقال موسى لفتاه ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا خضرا وكان من شأنهما ما قص الله في كتابه

ذكر الخبر الدال على إباحة إجابة العالم السائل بالأجوبة على سبيل التشبيه والمقايسة دون الفصل في القصة

[ 103 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا المخزومي قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا عبيد الله بن عبد الله الأصم قال حدثنا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أرأيت جنة عرضها السماوات والأرض فأين النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم أرأيت هذا الليل قد كان ثم ليس شيء أين جعل قال الله أعلم قال فإن الله يفعل ما يشاء

ذكر الخبر الدال على إباحة إعفاء المسؤول عن العلم عن إجابة السائل على الفور

[ 104 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة فمضى صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال وكره ما قال وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين السائل عن الساعة قال بها أنا ذا قال إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال فما إضاعتها قال إذ اشتد الأمر فانتظر الساعة

ذكر الإباحة للعالم إذا سئل عن الشيء أن يغضي عن الإجابة مدة ثم يجيب ابتداء منه

[ 105 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال حدثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى قيام الساعة فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فلما قضى الصلاة قال أين السائل عن ساعته فقال الرجل أنا يا رسول الله قال ما أعددت لها قال ما أعددت لها كبير شيء ولا صلاة ولا صيام أو قال ما أعددت لها كبير عمل إلا أني أحب الله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب أو قال أنت مع من أحببت قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام مثل فرحهم بهذا

ذكر الخبر الدال على إباحة إلقاء العالم على تلاميذه المسائل التي يريد أن يعلمهم إياها ابتداء وحثه إياهم على مثلها

[ 106 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى لهم صلاة الظهر فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن قبلها أمورا عظاما ثم قال من أحب أن يسألني عن شيء فليسألني عنه فوالله لا تسألوني عن شيء إلا حدثتكم به ما دمت في مقامي قال أنس بن مالك فأكثر الناس البكاء حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول سلوني سلوني فقام عبد الله بن حذافة فقال من أبي يا رسول الله قال أبوك حذافة فلما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يقول سلوني برك عمر بن الخطاب على ركبتيه قال يا رسول الله رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد عرض علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط فلم أر كاليوم في الخير والشر

ذكر الخبر الدال على أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد كان يعرض له الأحوال في بعض الأحايين يريد بها إعلام أمته الحكم فيها لو حدثت بعده صلى الله عليه وسلم

[ 107 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا عبدة وأبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع قراءة رجل في المسجد فقال يرحمه الله لقد أذكرني آية كنت أنسيتها

ذكر الخبر الدال على إباحة اعتراض المتعلم على العالم فيما يعلمه من العلم

[ 108 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل حدثنا هشام بن عمار حدثنا أنس بن عياض حدثنا الأوزاعي عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب سمع أبا هريرة يقول قال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه يا رسول الله نعمل في شيء نأتنفه أم في شيء قد فرغ منه قال بل في شيء قد فرغ منه قال ففيم العمل قال يا عمر لا يدرك ذاك إلا بالعمل قال إذا نجتهد يا رسول الله

ذكر الإباحة للمرء أن يسأل عن الشيء وهو خبير به من غير أن يكون ذاك به استهزاء

[ 109 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا حوثرة بن أشرس قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال أبا عمير ما فعل النغير

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك التكلف في دين الله بما تنكب عنه وأغضي عن إبدائه

[ 110 ] أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن الزهري قال أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أعظم الناس في المسلمين جرما من سأل عن مسألة لم تحرم فحرم على المسلمين من أجل مسألته

ذكر الخبر الدال على إباحة إظهار المرء بعض ما يحسن من العلم إذا صحت نيته في إظهاره

[ 111 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله أخبره أن بن عباس كان يحدث أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل وإذا الناس يتكففون منها بأيديهم فالمستكثر والمستقل وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض فأراك أخذت به فعلوت ثم أخذ به رجل من بعدك فعلا ثم أخذ به رجل آخر فعلا ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به ثم وصل له فعلا قال أبو بكر يا رسول الله بأبي أنت والله لتدعني فلأعبره فقال النبي صلى الله عليه وسلم عبر قال أبو بكر أما الظلة فظلة الإسلام وأما الذي ينطف من السمن والعسل فالقرآن حلاوته ولينه وأما ما يتكفف الناس من ذلك فالمستكثر من القرآن والمستقل وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه أخذته فيعليك الله ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له فيعلو فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت أم أخطأت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت بعضا وأخطأت بعضا قال والله يا رسول الله لتخبرني بالذي أخطأت قال لا تقسم

ذكر الحكم فيمن دعا إلى هدى أو ضلالة فاتبع عليه

[ 112 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا يحيى بن أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيء ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا

ذكر البيان بأن على العالم أن لا يقنط عباد الله عن رحمة الله

[ 113 ] سمعت أبا خليفة يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمدا يقول سمعت أبا هريرة يقول مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه وهم يضحكون فقال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا فأتاه جبريل فقال إن الله يقول لك لم تقنط عبادي قال فرجع إليهم فقال سددوا وقاربوا وأبشروا قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه سددوا يريد به كونوا مسددين والتسديد لزوم طريقة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سنته وقوله وقاربوا يريد به لا تحملوا على الأنفس من التشديد ما لا تطيقون وأبشروا فإن لكم الجنة إذا لزمتم طريقتي في التسديد وقاربتم في الأعمال

ذكر إباحة تأليف العالم كتب الله جل وعلا

[ 114 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الأعلى حدثنا وهب بن جرير حدثني أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن زيد بن ثابت قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع

ذكر الحث على تعليم كتاب الله وإن لم يتعلم الإنسان بالتمام

[ 115 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن موسى بن علي بن رباح قال سمعت أبي يقول سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين زهراوين يأخذهما في غير إثم ولا قطيعة رحم قالوا كلنا يا رسول الله يحب ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث خير من ثلاث وأربع خير من عدادهن من الإبل قال أبو حاتم هذا الخبر أضمر فيه كلمة وهي لو تصدق بها يريد بقوله فيتعلم آيتين من كتاب الله خير من ناقتين وثلاث لو تصدق بها لأن فضل تعلم آيتين من كتاب الله أكبر من فضل ناقتين وثلاث وعدادهن من الإبل لو تصدق بها إذ محال أن يشبه من تعلم آيتين من كتاب الله في الأجر بمن نال بعض حطام الدنيا فصح بما وصفت صحة ما ذكرت

[ 116 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شافعا لأصحابه وعليكم بالزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير تحاجان عن أصحابهما وعليكم بسورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعلم كتاب الله جل وعلا واتباع ما فيه عند وقوع الفتن خاصة

[ 117 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الصامت عن حذيفة قال قلت يا رسول الله هل بعد هذا الخير الذي نحن فيه من شر نحذره قال يا حذيفة عليك بكتاب الله فتعلمه واتبع ما فيه خيرا لك

ذكر البيان بأن من خير الناس من تعلم القرآن وعلمه

[ 118 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا عبد الله بن رجاء الغداني أخبرنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه قال أبو عبد الرحمن فهذا الذي أقعدني هذا المقعد

ذكر الأمر باقتناء القرآن مع تعليمه

[ 119 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن حباب عن موسى بن علي قال سمعت أبي يقول سمعت عقبة بن عامر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا القرآن واقتنوه فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من المخاض في العقل

ذكر الزجر عن أن لا يستغني المرء بما أوتي من كتاب الله جل وعلا

[ 120 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا الليث عن بن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من لم يتغن بالقرآن قال أبو حاتم معنى قوله صلى الله عليه وسلم ليس منا في هذه الأخبار يريد به ليس مثلنا في استعمال هذا الفعل لأنا لا نفعله فمن فعل ذلك فليس مثلنا

ذكر وصف من أعطي القرآن والإيمان أو أعطي أحدهما دون الآخر

[ 121 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت عوفا يقول سمعت قسامة هو بن زهير يحدث عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل من أعطي القرآن والإيمان كمثل أترجة طيب الطعم طيب الريح ومثل من لم يعط القرآن ولم يعط الإيمان كمثل الحنظلة مرة الطعم لا ريح لها ومثل من أعطي الإيمان ولم يعط القرآن كمثل التمرة طيبة الطعم ولا ريح لها ومثل من أعطي القرآن ولم يعط الإيمان كمثل الريحانة مرة الطعم طيبة الريح

ذكر نفي الضلال عن الأخذ بالقرآن

[ 122 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن عبد الحميد بن جعفر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الخزاعي قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبشروا وأبشروا أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قالوا نعم قال فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا

ذكر إثبات الهدى لمن اتبع القرآن والضلالة لمن تركه

[ 123 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حسان بن إبراهيم عن سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال دخلنا عليه فقلنا له لقد رأيت خيرا صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت خلفه فقال نعم وإنه صلى الله عليه وسلم خطبنا فقال إني تارك فيكم كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة

ذكر البيان بأن القرآن من جعله إمامه بالعمل قاده إلى الجنة ومن جعله وراء ظهره بترك العمل ساقه إلى النار

[ 124 ] أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران حدثنا محمد بن العلاء بن كريب حدثنا عبد الله بن الأجلح عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القرآن مشفع وما حل مصدق من جعله إمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار قال أبو حاتم هذا خبر يوهم لفظه من جهل صناعة العلم أن القرآن مجعول مربوب وليس كذلك لكن لفظه مما نقول في كتبنا إن العرب في لغتها تطلق اسم الشيء على سببه كما تطلق اسم السبب على الشيء فلما كان العمل بالقرآن قاد صاحبه إلى الجنة أطلق اسم ذلك الشيء الذي هو العمل بالقرآن على سببه الذي هو القرآن لا أن القرآن يكون مخلوقا

ذكر إباحة الحسد لمن أوتي كتاب الله تعالى فقام به آناء الليل والنهار

[ 125 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا بن أبي عمر العدني حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار أراد به فهو يتصدق به

[ 126 ] أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا على اثنتين رجل آتاه الله هذا الكتاب فقام به آناء الليل والنهار ورجل أعطاه الله مالا فتصدق به آناء الليل وآناء النهار

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الخلفاء الراشدين والكبار من الصحابة غير جائز أن يخفى عليهم بعض أحكام الوضوء والصلاة

[ 127 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال سمعت أبي قال حدثنا حسين المعلم أن يحيى بن أبي كثير حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد الجهني أنه سأل عثمان بن عفان عن الرجل إذا جامع ولم ينزل فقال ليس عليه شيء ثم قال عثمان سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسألت بعد ذلك علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب فقالوا مثل ذلك قال أبو سلمة وحدثني عروة بن الزبير أنه سأل أبا أيوب الأنصاري فقال مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم