كتاب الزكاة
باب جمع المال من حله وما يتعلق بذلك

ذكر باب جمع المال
ذكر الزجر عن أن يوعي المرء بعض ماله إذا الله جل وعلا يوعي على من جمع ماله فأوعى
[ 3209 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير وفاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر وكانت إذا أنفقت شيئا تحصي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي فيوعي الله عليك

ذكر الإباحة للرجل الذي يجمع المال من حله إذا قام بحقوقه فيه
[ 3210 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن علي قال أخبرنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا موسى بن علي قال سمعت أبي أنه سمع عمرو بن العاص يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو نعم المال الصالح مع الرجل الصالح قال أبو حاتم سمع هذا الخبر علي بن رباح عن عمرو بن العاص وسمعه من أبي القيس بدل عمرو عن عمرو فالطريقان جميعا محفوظان

ذكر الإخبار عن إباحة جمع المال من حله إذا أدى حق الله منه
[ 3211 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن موسى بن علي عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو اشدد عليك سلاحك وثيابك قال ففعلت ثم أتيته فوجدته يتوضأ فرفع رأسه فصعد في النظر وصوبه قال يا عمرو إني أريد أن أبعثك وجها فيسلمك الله ويغنمك وأزعب لك من المال زعبة صالحة قال قلت يا رسول الله لم أسلم رغبة في المال إنما أسلمت رغبة في الجهاد والكينونة معك قال يا عمرو نعما بالمال الصالح مع الرجل الصالح

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن جمع المال من حله غير جائز
[ 3212 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا محمد بن عمرو حدثني أبو سلمة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي مات فيه يا عائشة ما فعلت الذهب قالت قلت هي عندي قال فأتيني بها وهي بين السبعة والخمسة فجئت فوضعتها في كفه ثم قال ما ظن محمد بالله لو لقي الله وهذه عنده أنفقيها

ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس أنه مضاد لخبر أبي سلمة الذي ذكرناه
[ 3213 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر بن مضر عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة فقالت لو رأيتما نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرض له وكانت له عندي ستة دنانير أو سبعة قالت فأمرني أن أفرقها فشغلني وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله قالت ثم سألني عنها فقلت لا والله قد كان شغلني وجعك قالت فدعا بها فوضعها في كفه ثم قال ما ظن نبي الله لو لقي الله وهو عنده

ذكر العلة التي من أجلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول
[ 3214 ] أخبرنا سليمان بن الحسين بن المنهال الضرير حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال ما يسرني أن أحدا لي ذهبا يأتي علي ثلاث وعندي منه دينار غير شيء أرصده في دين علي

ذكر الإخبار عن الشرائط التي إذا أخذ المرء المال بها بورك له
[ 3215 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا تميم بن المنتصر قال حدثنا إسحاق الأزرق عن شريك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدنيا خضرة حلوة فمن أعطيناه منها شيئا بطيب نفس منا وحسن طعمة منه من غير شره نفس بورك له فيه ومن أعطيناه منها شيئا بغير طيب نفس منا وحسن طعمة منه وإشراف نفس كان غير مبارك له فيه

ذكر البيان بأن المرء إذا أخرج حق الله من ماله ليس عليه غير ذلك إلا أن يكون متطوعا به
[ 3216 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال سمعت عمرو بن الحارث يقول حدثني دراج أبو السمح عن بن حجيرة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك فيه ومن جمع مالا حراما ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه مضاد لخبر أبي هريرة الذي ذكرناه
[ 3217 ] أخبرنا الفريابي قال حدثنا علي بن حجر السعدي قال حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون والأولون يوم القيامة وإن الأكثرين هم الأسفلون إلا من قال هكذا وهكذا عن يمينه وعن يساره ومن خلفه وبين يديه ويحثي بثوبه

ذكر الزجر عن أن يكون المرء عبد الدينار والدرهم
[ 3218 ] أخبرنا أبو يعلى بالموصل حدثنا الحسن بن حماد سجادة حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد القطيفة وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن منع سخط

ذكر البيان بأن حب المرء المال والعمر مركب في البشر عصمنا الله من حبهما إلا لما يقربنا إليه منهما
[ 3219 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني فليح بن سليمان قال حدثني هلال بن علي بن أسامة عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب بن آدم شاب على حب اثنتين طول العمر والمال

ذكر البيان بأن الله جل وعلا جعل الأموال حلوة خضرة لأولاد آدم
[ 3220 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن بن شهاب أن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب حدثاه أن حكيم بن حزام قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألت فأعطاني ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حكيم بن حزام إن هذا المال حلوة خضرة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى قال حكيم فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا قال عروة وسعيد فكان أبو بكر يدعو حكيما فيعطيه العطاء فيأبى ثم كان عمر بن الخطاب يعطيه فيأبى فيقول عمر إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم بن حزام أني أعرض عليه حقه الذي قسم له من هذا الفيء فيأبى يأخذه قال فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من حفظ نفسه عن الدنيا وآفاتها عند انبساطه في الأموال
[ 3221 ] أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا بندار قال حدثنا محمد قال حدثنا شعبة عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدنيا خضرة حلوة وإن الله سيخلفكم فيها لينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت النساء

ذكر تخوف المصطفى صلى الله عليه وسلم على أمته من التكاثر في الأموال والتعمد في الأفعال
[ 3222 ] أخبرنا أبو عروبة حدثنا علي بن ميمون العطار حدثنا خالد بن حيان عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ما أخشى عليكم بعدي الفقر ولكني أخشى عليكم التكاثر وما أخشى عليكم الخطأ ولكني أخشى عليكم العمد

ذكر البيان بأن المال قد يكون فيه فتنة هذه الأمة
[ 3223 ] أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا إبراهيم بن أبي داود البرلسي حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن كعب بن عياض قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال

ذكر الإخبار بأن التنافس في هذه الدنيا الفانية مما كان يتخوف المصطفى صلى الله عليه وسلم على أمته منه
[ 3224 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر الجهني يقول آخر ما خطب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى على شهداء أحد ثم رقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني لكم فرط وأنا عليكم شهيد وأنا أنظر إلى حوضي الآن في مقامي هذا وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي ولكني أريت أني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض فأخاف عليكم أن تنافسوا فيها

ذكر تخوف المصطفى صلى الله عليه وسلم على أمته زينة الدنيا وزهرتها
[ 3225 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله من زينة الدنيا وزهرتها فقال له رجل يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأينا أنه ينزل عليه فقيل له ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح عنه الرحضاء وقال أين السائل ورأينا أنه حمده فقال إن الخير لا يأتي بالشر وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم حبطا ألم تر إلى آكلة الخضر أكلت حتى امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت وإن المال حلوة خضرة ونعم صاحب المسلم هو إن وصل الرحم وأنفق في سبيل الله ومثل الذي يأخذه بغير حقه كمثل الذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة
[ 3226 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال أخبرنا عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن عياض بن عبد الله بن سعد أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال لا والله ما أخشى عليكم أيها الناس إلا ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا فقال رجل يا رسول الله صلى الله أيأتي الخير بالشر فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال كيف قلت قال قلت يا رسول الله وهل يأتي الخير بالشر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الخير لا يأتي إلا بخير ولكن هو أن كل ما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكله الخضر أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت وبالت ثم اجترت فعادت فأكلت فمن أخذ مالا بحقه يبارك له ومن أخذ مالا بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع

ذكر وصف المال الذي يأخذه المرء بحقه
[ 3227 ] أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال إن مما أتخوف عليكم ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها فقام رجل فقال يا رسول الله ويأتي الخير بالشر قال أبو سعيد فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه فلمنا الرجل حين يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمه فلما جلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يمسح الرحضاء عن وجهه وهو يقول أين السائل فكأنه قد حمده فقال إن الخير لا يأتي بالشر وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر أكلت حتى إذا هي امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت وإن هذا المال نعم صاحب المسلم لمن أخذه بحقه فأعطى منه اليتيم والمسكين والسائل ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ثم يكون عليه شهيدا يوم القيامة
باب ما جاء في الحرص وما يتعلق به

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من مجانبة الحرص على المال والشرف إذ هما مفسدان لدينه
[ 3228 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا مجاهد بن موسى المخرمي قال حدثنا إسحاق الأزرق قال حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن بن كعب بن مالك عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص الرجل على المال والشرف لدينه

ذكر البيان بأن المرء كلما كان سنه أكبر كان حرصه على الدنيا أكثر إلا من عصمهم الله منهم
[ 3229 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا خلف بن هشام البزار وسعيد بن الربيع ومحمد بن عبيد بن حساب وعبد الواحد بن غياث قالوا حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يهرم بن آدم وتشب فيه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر

ذكر الإخبار عما ركب الله جل وعلا في ذوي الأسنان من كثرة الحرص على هذه الفانية الزائلة
[ 3230 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا بن إدريس عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب الكبير شاب على حب اثنتين على حب الحياة وحب المال قال بن عرفة وأنا واحد منهم

ذكر الإخبار عما ركب الله جل وعلا في أولاد آدم من الحرص في هذه الدنيا وإن كانت قذرة زائلة
[ 3231 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا الحجاج بن محمد عن بن جريج قال سمعت عطاء يقول سمعت بن عباس يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو أن لابن آدم ملء وادي مال لأحب أن يكون له مثله ولا يملأ نفس بن آدم إلا التراب والله يتوب على من تاب

ذكر البيان بأن حكم النخل حكم المال في هذا الذي وصفناه
[ 3232 ] أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا بن فضيل عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن لابن آدم واديين من نخل لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
[ 3233 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي شعيب الحراني قال حدثنا موسى بن أعين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو كان لابن آدم واد من نخل لتمنى إليه مثله ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب لم يحدث عن أحمد بن أبي شعيب إلا عمر بن سعيد بن سنان تفرد الأعمش بقوله من نخل قاله الشيخ

ذكر البيان أن أولاد آدم إلا من عصم الله منهم حكمهم في ما وصفناه في سائر الأموال كحكمهم في النخل الذي ذكرناه
[ 3234 ] أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد بن مسلم قال حدثنا حجاج عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو أن لابن آدم واديا مالا لأحب أن له مثله ولا يملأ نفس بن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب

ذكر البيان بأن من أوتي الوادي من الذهب كان حكمه فيه حكم من وصفنا قبل
[ 3235 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واد آخر ولا يملأ فاه إلا التراب والله يتوب على من تاب
ذكر البيان بأن حكم المرء فيما وصفنا وإن كان له واديان حكم واد واحد في الاستزادة عليهما
[ 3236 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عاصم بن النضر الأحول قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال حدثنا قتادة عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب

ذكر البيان بأن قوله لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما الثالث
[ 3237 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن الشيباني عن يزيد بن الأصم عن بن عباس قال جاء رجل إلى عمر يسأله فجعل ينظر إلى رأسه مرة وإلى رجليه أخرى لما يرى به من البؤس فقال له عمر كم مالك قال أربعون من الإبل قال فقال بن عباس فقلت صدق الله ورسوله لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما الثالث ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب قال فقال لي عمر ما تقول قال قلت هكذا أقرأنيها أبي بن كعب قال فقم بنا إليه قال فأتاه فقال ما يقول هذا قال أبي هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة الجد في طلب رزقه بما لا يحل
[ 3238 ] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست والحسن بن سفيان الشيباني بنسا ومحمد بن العباس المزني بجرجان وعمر بن محمد بن بحر الهمداني بصغد ومحمد بن المعافى بن أبي حنظلة بصيدا ومحمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان وعبد الله بن سلم ببيت المقدس وعمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج والحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ومحمد بن أحمد بن عبيد بن فياض بدمشق في آخرين قالوا حدثنا هشام بن خالد الأزرق قال حدثنا الوليد بن مسلم عن بن جابر عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله

ذكر الزجر عن استبطاء المرء رزقه مع ترك الإجمال في طلبه
[ 3239 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تستبطئوا الرزق فإنه لن يموت العبد حتى يبلغه آخر رزق هو له فأجملوا في الطلب أخذ الحلال وترك الحرام

ذكر العلة التي من أجلها أمر بالإجمال في الطلب
[ 3240 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا شيبان بن أبي شيبة حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل عن بن عمر قال جاء سائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا تمرة عائرة فأعطاه إياها وقال النبي صلى الله عليه وسلم خذها لو لم تأتها لأتتك

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك استبطاء رزقه مع إجمال الطلب له بترك الحرام والإقبال على الحلال
[ 3241 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا الوليد بن شجاع السكوني قال حدثنا بن وهب قال حدثنا عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبد يموت حتى يبلغه آخر رزق هو له فأجملوا في الطلب في الحلال وترك الحرام

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك التنافس على طلب رزقه
[ 3242 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن سلام بن شرحبيل قال سمعت حبة وسواء ابني خالد يقولان أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملا يبني بناء فلما فرغ دعانا فقال لا تنافسا في الرزق ما هزت رؤوسكما فإن الإنسان تلده أمه وهو أحمر ليس عليه قشر ثم يعطيه الله ويرزقه

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه مضاد للخبر الذي تقدم ذكرنا له
[ 3243 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا أبو معاوية الضرير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال أتينا خبابا نعوده فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الرجل ليؤجر في نفقته كلها إلا في هذا التراب قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه معنى هذا الخبر لا يؤجر إذا أنفق في التراب فضلا عما يحتاج إليه من البناء

ذكر الإخبار عما يخلف المرء بعده من ماله
[ 3244 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أمية بن بسطام قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العبد مالي وإنما له من ماله ثلاثة ما أكل فأفنى أو ما أعطى فأبقى أو لبس فأبلى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس
باب فضل الزكاة

ذكر إيجاب الجنة لمن آتى الزكاة مع إقامة الصلاة وصلته الرحم
[ 3245 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا شعبة عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حدثني بعمل يدخلني الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ذرها يعني الناقة

ذكر البيان بأن شعبة سمع هذا الخبر من عثمان بن عبد الله بن موهب وأبيه جميعا
[ 3246 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا حفص بن عمرو الربالي حدثنا بهز بن أسد حدثنا شعبة قال حدثني محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه عثمان أنهما سمعا موسى بن طلحة يحدث عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلا قال يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال القوم ماله ماله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرب ماله قال رسول الله تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ذرها قال كأنه كان على راحلته

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن آتى الزكاة مع سائر الفرائض وكان مجتنبا للكبائر
[ 3247 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي بالموصل حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا فضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة حدثنا عبد الله بن سلمان الأغر عن أبيه عن أبي أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد يعبد الله لا يشرك به شيئا ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر إلا دخل الجنة قال أبو حاتم لسلمان الأغر ابنان أحدهما عبد الله والآخر عبيد الله وجميعا حدثا عن أبيهما وهذا عبد الله

ذكر نفي النقص عن المال بالصدقة مع إثبات نمائه بها
[ 3248 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من مال ولا زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ولا تواضع أحد لله إلا رفعه الله

ذكر استيفاء المرء الثواب الجزيل في العقبي بإعطائه صدقة ماشيته في الدنيا
[ 3249 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الهجرة فقال ويحك إن شأن الهجرة شديد فهل لك من إبل قال نعم قال فهل تؤدي صدقتها قال نعم قال فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئا
باب الوعيد لمانع الزكاة

ذكر الزجر عن استعمال الشح في فرائض الله والجبن في قتال أعداء الله جل وعلا
[ 3250 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا المقرىء قال حدثنا موسى بن علي قال سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع

ذكر نفي اجتماع الإيمان والشح عن قلب المسلم
[ 3251 ] أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري حدثنا خالد بن عبد الله عن سهيل بن أبي صالح عن صفوان بن أبي يزيد عن القعقاع بن اللجلاج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا

ذكر لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم الممتنع عن عطاء الصدقة والمرتد أعرابيا بعد الهجرة
[ 3252 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن الحارث بن عبد الله أن بن مسعود قال آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهداه إذا علموا به والواشمة والمستوشمة للحسن ولاوي الصدقة والمرتد أعرابيا بعد هجرته ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة

ذكر وصف عقوبة من لم يؤد زكاة ماله في القيامة
[ 3253 ] أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا زياد بن يحيى الحساني قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد له مال لا يؤدي زكاته إلا جمع الله له يوم القيامة يحمى عليه صفائح من نار جهنم يكوى بها جبينه وظهره حتى يقضي الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى نار وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت تسير عليه كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى نار وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء ولا جلحاء كلما مضت عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى نار

ذكر الإخبار عن وصف ما يعذب به في القيامة من لم يخرج حق الله من ماله
[ 3254 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي المال الذي لم يعط الحق منها فتطأ الإبل سيدها بأخفافها ويأتي البقر والغنم فتطأ صاحبها بأظلافها وتنطحه بقرونها ويأتي الكنز شجاعا أقرع فيلقى صاحبه فيفر منه ثم يستقبله ويفر منه فيقول ما لي وما لك فيقول أنا كنزك أنا كنزك فيتلقاه صاحبه بيده فيلقم يده

ذكر الإخبار عن وصف الذي تطأ به ذوات الأرواح أربابها في القيامة إذا لم يخرج حق الله منها
[ 3255 ] أخبرنا عبد الله بن محمد المديني قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من صاحب إبل لا يفعل فيها خيرا إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت وأقعد لها بقاع قرقر تستن عليه بقوائمها وأخفافها ولا صاحب بقر إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت وأقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها ليس فيها جماء ولا مكسر قرنها ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فاغرا فاه فإذا أتاه فر منه فيناديه ربه كنزك الذي خبأته فإذا رأى أن لا بد له منه سلك يده في فيه فيقضمها قضم الفحل

ذكر البيان بأن الخير والحق اللذين ذكرناهما في خبر أريد بهما الزكاة الفرضية دون التطوع
[ 3256 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا مصعب بن المقدام قال حدثنا داود الطائي عن الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يموت رجل فيدع إبلا أو بقرا أو غنما لم يؤد زكاتها إلا مثلت له يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها كلما ذهب أخراها رجع أولاها كذلك حتى يقضي الله بين الناس

ذكر وصف عقوبة من خلف كنزا في القيامة
[ 3257 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أمية بن بسطام قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ترك بعده كنزا مثل له شجاعا أقرع يوم القيامة له زبيبتان يتبعه فيقول من أنت فيقول أنا كنزك الذي خلفت بعدك فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيقضمها ثم يتبعه سائر جسده

ذكر البيان بأن من خلف كنزا يتعوذ منه يوم القيامة
[ 3258 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان حدثنا عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه وهو يتعوذ منه فلا يزال يتبعه حتى يلقمه أصبعه

ذكر وصف عقوبة الكنازين في نار جهنم نعوذ بالله منها
[ 3259 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا مؤمل بن هشام قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن الجريري عن أبي العلاء عن الأحنف بن قيس قال قدمت المدينة فبينا أنا في حلقة وفيها ملأ من قريش إذ جاء رجل أخشن الثياب أخشن الجسد أخشن الوجه فقام عليهم فقال بشر الكنازين برضف يحمى عليهم في نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه فوضعوا رؤوسهم فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا قال وأدبر فاتبعته حتى جلس إلى سارية فقلت ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم قال إن هؤلاء لا يعقلون إن خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم دعاني فقال يا أبا ذر فأجبته قال أترى أحدا قال فنظرت ما علي من الشمس وأنا أظنه يبعثني لحاجة له فقلت أراه فقال ما يسرني أن لي مثله ذهبا أنفقته كله غير ثلاثة دنانير ثم هؤلاء يجمعون الدنيا لا يعقلون شيئا قال قلت ما لك ولإخوانك قريش قال لا وربك لا أسألهم دنيا ولا أستفتيهم في ديني حتى ألحق بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم

ذكر البيان بأن قول أبي ذر هذا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقله من تلقاء نفسه
[ 3260 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا أبو الأشهب قال حدثنا خليد العصري عن الأحنف بن قيس قال كنت في نفر من قريش فمر أبو ذر وهو يقول بشر الكنازين في ظهورهم بكي يخرج من جنوبهم وبكي من قبل قفاهم يخرج من جباههم ثم تنحى فقعد فقلت من هذا قالوا أبو ذر فقمت إليه فقلت ما شيء سمعتك تقوله قبيل قال ما قلت إلا شيئا سمعته من نبيهم صلى الله عليه وسلم قال قلت فما تقول في هذا العطاء قال خذه فإن فيه اليوم معونة فإذا كان ثمنا لدينك فدعه

ذكر الخبر الدال على أن العقوبات التي تقدم ذكرنا لها هي على من لم يؤد زكاته من ماله دون من زكاها
[ 3261 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي المال الذي لا يعطي فيه الحق تطأ الإبل سيدها بأخفافها ويأتي البقر والغنم فتطأ صاحبها بأظلافها وتنطحه بقرونها ويأتي الكنز شجاعا أقرع فيلقى صاحبه فيفر منه صاحبه ثم يستقبله ويفر منه ويقول ما لي ولك فيقول أنا كنزك فيلقم يده

ذكر الخبر المصرح بأن الكنز الذي يستوجب صاحبه المكتنز العقوبة من الله جل وعلا في أخراه هو المال الذي لم يؤد زكاته وإن كان ظاهرا دون ما أدى زكاته وإن كان مدفونا
[ 3262 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن طلحة بن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة قال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام شهر رمضان فقال هل علي غيره قال لا إلا أن تطوع قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن النار تجب لمن مات وقد خلف الصفراء من هذه الدنيا الفانية الزائلة
[ 3263 ] أخبرنا إبراهيم بن علي بن عبد العزيز العمري بالموصل حدثنا معلى بن مهدي حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال توفي رجل من أهل الصفة فوجدوا في شملته دينارين فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال كيتان

ذكر خبر ثان يوهم مستمعيه أن لا يجب على المسلم أن يموت ويخلف شيئا من هذه الدنيا لمن بعده
[ 3264 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد بن مسرهد عن يحيى القطان عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجنازة فقالوا صل عليها يا رسول الله قال هل ترك عليه دينا قالوا لا قال فهل ترك من شيء قالوا ثلاثة دنانير قال ثلاث كيات ثم أتي بالثانية فقالوا يا نبي الله صل عليها قال هل ترك من دين قالوا نعم قال فهل ترك من شيء قالوا لا فقال رجل من الأنصار يقال له أبو قتادة يا رسول الله علي دينه قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم

ذكر الخبر الدال على أن قوله صلى الله عليه وسلم كيتان وثلاث كيات أراد به أن المتوفى كان يسأل الناس إلحافا وتكثرا
[ 3265 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا فضيل بن سليمان حدثنا محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ذهبا إذ أتاه رجل فقال يا رسول أعطني فأعطاه ثم قال زدني فزاده ثلاث مرات ثم ولى مدبرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني الرجل فيسألني فأعطيه ثم يسألني فأعطيه ثلاث مرات ثم ولى مدبرا وقد جعل في ثوبه نارا إذا انقلب إلى أهله
باب فرض الزكاة

ذكر تفصيل الصدقة التي تجب في ذوات الأربع
[ 3266 ] أخبرنا عمر بن محمد بن بجير البجيري وإسحاق بن إبراهيم ببست قالا حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني أبي عن ثمامة قال حدثني أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق لما استخلف كتب له حين وجهه إلى اليمن هذا الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها رسوله فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطها في أربعة وعشرين من الإبل فما دونها الغنم في كل خمس شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها ابنة مخاض فإن لم يكن بنت مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها ابنة لبون فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون فإذا بلغت أحدى وتسعين إلى عشرين ومئة ففيها حقتان طروقتا الجمل فإذا زادت على عشرين ومئة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة وإن من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت صدقته الحقة وليست عنده إلا ابنة لبون فإنها تقبل منه ويعطي شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده إلا حقه فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده فإنها تقبل منه ابنة مخاض ويعطي معها عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت صدقته ابنة مخاض وليست عنده وعنده ابنة لبون فإنها تقبل منه ابنة لبون ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن لم يكن عنده ابنة مخاض وعنده بن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء ومن لم يكن معه إلا أربعة من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة وصدقة الغنم في كل سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة شاة فإذا زادت على عشرين ومئة إلى أن تبلغ مئتين ففيها شاتان فإن زادت على المئتين إلى ثلاث مائة ففيها ثلاث شياه فإذا زادت على ثلاث مائة ففي كل مائة شاة ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها وفي الرقة ربع العشر فإذا لم يكن مال إلا تسعين ومئة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها

ذكر الزجر عن أن يجلب المصدق ماشية أهلها عن مياههم إلى الموضع الذي يريد عنده أخذ الصدقة فيها منهم
[ 3267 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا جلب ولا جنب ولا شغار ومن انتهت نهبة فليس منا

ذكر الإخبار المفسرة لقوله جل وعلا خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها
[ 3268 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع والحسن بن سفيان قالا حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال حدثنا حماد بن زيد عن عبيد بن حساب قال حدثنا حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر وأيوب عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه هذا الخبر يبين بأن المراد من قوله { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم } أراد به بعض المال إذا اسم المال واقع على ما دون الخمس من الذود والخمس من الأواق والخمس من الأوسق وقد نفى صلى الله عليه وسلم إيجاب الصدقة عن ما دون الذي حد

ذكر الإباحة للإمام أن يأخذ في الصدقة فوق السن الواجب إذا طابت أنفس أربابها بها
[ 3269 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثني يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عمارة بن عمرو بن حزم عن أبي بن كعب قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم على صدقة بلي وعذرة فمررت برجل من بلي له ثلاثون بعيرا فقلت له إن عليك في إبلك هذه بنت مخاض قال ذاك ما ليس فيه ظهر ولا لبن وإني لأكره أن أقرض الله شر مالي فتخيره فقال له أبي ما كنت لآخذ فوق ما عليك وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأته فأتاه فقال نحوا مما قال لأبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ما عليك فإن جئت بفوقه قبلناه منك قال يا رسول الله هذه ناقة عظيمة سمينة فمن يقبضها فأمر صلى الله عليه وسلم من يقبضها ودعا له في ماله بالبركة قال عمارة فضرب الدهر ضربة فولاني مروان صدقة بلي وعذرة في زمن معاوية فمررت بهذا الرجل فصدقت ماله ثلاثين حقة فيها فحلها على ألف وخمس مائة بعير قال بن إسحاق قلت لعبد الله بن أبي بكر ما فحلها قال في السنة إذا بلغ صدقة الرجل ثلاثون حقة أخذ معها فحلها

ذكر الزجر عن أن يكون المرء مصدقا للأمراء
[ 3270 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدقا وقال إياك يا سعد أن تجيء يوم القيامة ببعير له رغاء فقال لا أجده ولا أجيء به فأعفاه

ذكر نفي إيجاب الصدقة على المرء في رقيقه ودوابه
[ 3271 ] أخبرنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان أخبرنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة وعبد العزيز بن الماجشون عن عبد الله بن دينار أنه سمع سليمان بن يسار يحدث عن عراك بن مالك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم ولا عبده صدقة لم يرد به كل الصدقات
[ 3272 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدغولي حدثنا محمد بن إدريس حدثنا بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد حدثنا جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صدقة على الرجل في فرسه وعبده إلا زكاة الفطر قال أبو حاتم في هذا الخبر دليل على أن العبد لا يملك إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم أوجب زكاة الفطر التي تجب على العبد على مالكه عنه دونه

ذكر الإباحة للإمام ضمانه عن بعض رعيته صدقة ماله
[ 3273 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا محمد بن مشكان قال حدثنا شبابة قال حدثنا ورقاء قال حدثنا أبو الزناد قال حدثنا الأعرج أنه سمع أبا هريرة يقول بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب على الصدقة فمنع بن جميل وخالد بن الوليد والعباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينقم بن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه الله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا لقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو علي ومثلها ثم قال أما شعرت أن عم الرجل صنو الرجل أو صنو أبيه قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم واما خالد فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله يريد إنكم تظلمونه أنه حبس ماله من الأدراع والأعتاد حتى لم يبق له مال تجب عليه الصدقة وقوله في شأن العباس هو علي ومثلها يريد أن صدقته علي أني ضامن عنه ومثلها معها من صدقة ثانية من العام المقبل وقد روى شعيب بن أبي حمزة هذا الخبر عن أبي الزناد وقال في شأن العباس فهي عليه صدقة ومثلها معها ويشبه أن يكون معناه فهي له صدقة لأن العرب في لغتها تقول عليه بمعنى له قال الله أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار يريد عليهم اللعنة والعباس لم يحل له أخذ الصدقة من وجهين أحدهما أنه كان غنيا لا يحل له أخذ الصدقة الفريضة والأخرى أنه كان من صبية بني هاشم فكيف يترك المصطفى صلى الله عليه وسلم صدقته عليه وهو لا يحل له أخذها ويمنعها من أهلها من الفقراء وقد روى موسى بن عقبة عن أبي الزناد هذا الخبر وقال في شأن العباس فهي له ومثلها معها يريد فهي له علي كما قال ورقاء بن عمر في خبره

ذكر ما يستحب للإمام أن يدعو للمخرج صدقة ماله بالخير
[ 3274 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا وكيع قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت بن أبي أوفى يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه رجل بصدقة ماله صلى عليه فأتيت بصدقة مالي فقال صلى الله عليه وسلم اللهم صل على آل أبي أوفى
باب العشر

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن فيما يخرج من الأرض العشر ذلك أو كثر
[ 3275 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة وسفيان ومالك عن عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمسة أواق صدقة ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمس ذود صدقة

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن في قليل ما أخرجت الأرض العشر كما في كثيرها
[ 3276 ] أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا زياد بن يحيى الحساني قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم قال حدثنا عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل في البر والتمر زكاة حتى يبلغ خمسة أوسق ولا يحل في الورق زكاة حتى يبلغ خمس أواق ولا يحل في الإبل زكاة حتى يبلغ خمس ذود

ذكر ما يجب فيه الصدقة إذا بلغ الأوساق الخمسة التي وصفناها
[ 3277 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن محمد بن يحيى بن حبان عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في حب ولا تمر دون خمسة أوسق صدقة وليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما خمس أواق صدقة

ذكر ما يستحب للإمام بعث الخارص إلى الأموال ليخرص على الناس نخلهم وعنبهم
[ 3278 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن صالح التمار عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص كرومهم وثمارهم

ذكر الإخبار عما يعمل الخارص في العنب كما يعمله في النخل
[ 3279 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن صالح التمار عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الكرم يخرص كما يخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل تمرا

ذكر الأمر للخارص أن يدع ثلث التمر أو ربعه ليأكله أهله رطبا غير داخل فيما يأخذ منه العشر أو نصف العشر
[ 3280 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة أخبرنا خبيب بن عبد الرحمن قال سمعت عبد الرحمن بن مسعود بن نيار يحدث قال جاءنا سهل بن أبي حثمة إلى مسجدنا فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع قال أبو حاتم لهذا الخبر معنيان أحدهما أن يترك الثلث أو الربع من العشر والثاني أن يترك ذلك من نفس التمر قبل أن يعشر إذا كان ذلك حائطا كبيرا يحتمله

ذكر الإخبار عن قدر ما تخرج الأرض من الأشياء التي يجب فيها الزكاة
[ 3281 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن منهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم وسعيد جميعا عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في الفضة شيء حتى يبلغ خمس أواق وليس في التمر شيء حتى يبلغ خمسة أوسق وليس في الإبل شيء حتى يبلغ خمسة من الذود

ذكر الإخبار عن قدر الوسق الذي تجب الزكاة في خمسة أمثاله إذا أخرجته الأرض
[ 3282 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا زكريا بن يحيى الواسطي حدثنا هشيم عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرو بن يحيى الأنصاري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أوسق صدقة والوسق ستون صاعا

ذكر الإخبار بأن الصاع صاع أهل المدينة دون ما أحدث من الصيعان بعده
[ 3283 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن حنظلة بن أبي سفيان عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوزن وزن مكة والمكيال مكيال أهل المدينة

ذكر الخبر الدال على أن الصاع خمسة أرطال وثلث على ما قال أئمتنا من الحجازيين والمصريين
[ 3284 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري قال بن خزيمة وحدثنا محمد بن عبد الله الهاشمي حدثنا أبو مروان العثماني حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له يا رسول الله صاعنا أصغر الصيعان ومدنا أصغر الأمداد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لنا في صاعنا وبارك لنا في قليلنا وكثيرنا واجعل لنا مع البركة بركتين قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه في ترك إنكار المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قالوا صاعنا أصغر الصيعان بيان واضح أن صاع أهل المدينة أصغر الصيعان ولم يختلف أهل العلم من لدن الصحابة إلى يومنا هذا في الصاع وقدره إلا ما قاله الحجازيون والعراقيون فزعم الحجازيون أن الصاع خمسة أرطال وثلث وقال العراقيون الصاع ثمانية أرطال فلما لم نجد بين أهل العلم خلافا في قدر الصاع إلا ما وصفنا صح أن صاع النبي صلى الله عليه وسلم كان خمسة أرطال وثلثا إذ هو أصغر الصيعان وبطل قول من زعم أن الصاع ثمانية أرطال من غير دليل ثبت له على صحته

ذكر الحكم للمرء فيما أخرجت أرضه مما سقتها السماء وما يشبهها أو سقي منها بالنضح
[ 3285 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو ما كان عثريا العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به يونس عن الزهري
[ 3286 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال حدثنا عبد الله بن نافع عن عاصم بن عمر عن عبد الله بن دينار عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما كان بعلا أو يسقى بنهر أو عثريا يؤخذ من كل عشرة واحد

ذكر البيان بأن الصدقة إنما تجب في الحبوب والتمر العشر إذا كان سقيها بعد النضح والسانية ونصف العشر إذا كان بهما
[ 3287 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض فيما سقت السماء والنهار والعيون العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر

ذكر الأمر للمرء أن يعلق من كل حائط من حوائطه قنوا في المسجد للمساكين
[ 3288 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي بغداد حدثنا يحيى بن معين حدثنا بن أبي مريم عن الدراوردي عن عبد الله وعبد الله أخيه كلاهما عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر للمسجد من كل حائط بقنا قال أبو حاتم عبد الله هذا هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب من عباد أهل المدينة قد غلب عليه التقشف والعبادة حتى كان يقلب الأخبار ولا يعلم فلما كثر ذلك منه في أخباره بطل الاحتجاج بآثاره واعتمادنا في هذا الخبر على أخيه عبيد الله دونه

ذكر البيان بأن المرء إنما أمر أن يعلق القنو في المسجد من الحائط الذي يكون جداده عشرة أوسق
[ 3289 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هارون بن معروف حدثنا محمد بن سلمة عن بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبد الله قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جداد عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين
باب مصارف الزكاة
[ 3290 ] أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي بالبصرة قال حدثنا عبد الواحد بن غياث قال حدثنا أبو بكر بن عياش قال حدثنا أبو حصين عن سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي

ذكر الخبر الدال على نفي التوقيت في الغنى
[ 3291 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن هارون بن رئاب عن كنانة العدوي قال كنت عند قبيصة بن المخارق فاستعان به نفر من قومه في نكاح رجل من قومه فأبى أن يعطيهم شيئا فانطلقوا من عنده قال كنانة فقلت له أنت سيد قومك وأتوك يسألونك فلم تعطهم شيئا قال أما في هذا فلا أعطي شيئا وسأخبرك عن ذلك تحملت بحمالة في قومي فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته وسألته أن يعينني فقال بل نحملها عنك يا قبيصة ونؤديها إليهم من إبل الصدقة ثم قال إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة رجل تحمل بحمالة فقد حلت له حتى يؤديها أو رجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فقد حلت له حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش أو رجل أصابته فاقة فشهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن حلت له المسألة فقد حلت له حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش فالمسألة فيما سوى ذلك سحت

ذكر الزجر عن أكل الصدقة المفروضة لآل محمد صلى الله عليه وسلم
[ 3292 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدثه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إني أنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة ثم أرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها
[ 3293 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا يحيى القطان عن شعبة عن الحكم عن بن أبي رافع عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنا لا تحل لنا الصدقة ومولى القوم من أنفسهم

ذكر السبب الذي من أجله قال صلى الله عليه وسلم هذا القول
[ 3294 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بتمر من تمر الصدقة فتناول الحسن بن علي تمرة فلاكها في فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم كخ كخ إنا لا تحل لنا الصدقة

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أدخل إصبعه في في الحسن فأخرج التمرة منه بعدما لاكها
[ 3295 ] سمعت أبا خليفة يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمد بن زياد يقول سمعت أبا هريرة يقول أتى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم تمر من تمر الصدقة فأخذ الحسن بن علي تمرة فلاكها فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم إصبعيه في فيه فأخرجها وقال كخ أي بني أما علمت أنا لا تحل لنا الصدقة
[ 3296 ] أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح حدثنا عبد الله بن معاوية حدثنا حماد بن سلمة حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بالتمرة ساقطة فلا يمنعه من أخذها إلا مخافة الصدقة

ذكر الخبر الدال على أن أولاد المطلب وأولاد هاشم يستوون في تحريم الصدقة عليهم
[ 3297 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب أن جبير بن مطعم أخبره أنه جاء هو وعثمان بن عفان رسول الله يكلمانه فيما قسم من خمس خيبر لبني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف وقرابتهم مثل قرابتهم فقالا يا رسول الله قسمت لإخواننا بني المطلب وبني هاشم ابني عبد مناف ولم تعطنا شيئا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن هاشما والمطلب شيء واحد قال جبير بن مطعم ولم يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئا كما قسم لبني هاشم وبني المطلب

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تحري صدقة المستورين ومن لا يسأل دون السؤال منهم
[ 3298 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس المسكين بالطواف من ترده الأكلة والأكلتان واللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى فيغنيه ولا يسأل الناس إلحافا ويستحيي أن يسأل الناس إلحافا
باب صدقة الفطر

ذكر الأمر بإعطاء صدقة الفطر قبل خروج الناس إلى المصلى
[ 3299 ] أخبرنا محمد بن سليمان بن فارس الدلال حدثنا محمد بن رافع حدثنا بن أبي فديك حدثنا الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج زكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس وأن عبد الله كان يؤديها قبل ذلك بيوم أو يومين قال أبو حاتم كان بن عمر يعجل الزكاة قبل الفطر بيوم أو يومين ويستقبل رمضان بصيام يوم أو يومين

ذكر الأمر بصدقة الفطر صاع تمر أو صاع شعير
[ 3300 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا ليث بن سعد عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير قال عبد الله بن عمر فجعل الناس عدله مدين من حنطة

ذكر الخبر المقتصي للفظة المختصرة التي تقدم ذكرنا لها بأن صدقة الفطر إنما تجب عن المسلمين دون غيرهم
[ 3301 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين

ذكر البيان بأن هذه اللفظة من المسلمين لم يكن مالك بن أنس بالمنفرد بها دون غيره
[ 3302 ] أخبرنا محمد بن سلمان بن فارس النيسابوري قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا بن أبي فديك قال حدثنا الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر أو عبد رجل أو امرأة صغير أو كبير صاعا من تمر أو صاعا من شعير

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه قبل
[ 3303 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا يحيى بن محمد بن السكن قال حدثنا محمد بن جهضم قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على الحر والعبد والذكر والأنثى من المسلمين وأمر بها أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة

ذكر خبر ثالث يبين صحة ما أومأنا إليه
[ 3304 ] أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا بدمشق وعمر بن محمد بن يوسف بن بجير الهمداني قالا حدثنا كثير بن عبيد قال حدثنا أبو حيوة شريح بن يزيد قال حدثنا أرطأة بن المنذر عن المعلى بن إسماعيل المدني عن نافع عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير عن كل صغير أو كبير حر أو عبد قال بن عمر ثم إن الناس جعلوا عدل ذلك مدين من قمح

ذكر الإباحة للمرء أن يخرج في زكاة الفطر صاع أقط
[ 3305 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن داود بن قيس عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال كنا نخرج في صدقة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط ولم نزل كذلك حتى قدم علينا معاوية من الشام إلى المدينة قدمة فكان فيما كلم به الناس ما أرى مدين من سمراء الشام إلا تعدل صاعا من هذه فأخذ الناس بذلك

ذكر البيان بأن قول أبي سعيد صاعا من طعام أراد به صاع حنطة
[ 3306 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة فيما اتخبت عليه من كتاب الكبير قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا بن علية عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح قال قال أبو سعيد الخدري وذكروا عنده صدقة رمضان فقال لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو صاع حنطة أو صاع شعير أو صاع أقط فقال له رجل من القوم أو مدين من قمح فقال لا تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها

ذكر الإباحة للمرء أن يخرج في صدقة الفطر صاع زبيب
[ 3307 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا المقدمي قال حدثنا يحيى القطان عن بن عجلان قال حدثني عياض عن أبي سعيد الخدري قال لا أخرج أبدا إلا صاعا إنا كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو صاع شعير أو صاع زبيب أو صاع أقط يعني في صدقة الفطر
باب صدقة التطوع
[ 3308 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة قال سمعت المنذر بن جرير يحدث عن أبيه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم من صدر النهار فجاء قوم حفاة عراة مجتابي النمار عليهم سيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير لما رأى منهم من الفاقه قال فدخل فأمر بلالا فأذن ثم أقام فخرج فصلى ثم قال { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } ... { اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد } يتصدق امرؤ من ديناره ومن درهمه ومن ثوبه ومن صاع بره ومن صاع شعيره حتى ذكر شق تمرة فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت تعجز كفاه بل قد عجزت ثم تتابع الناس حتى رأيت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كومين من الثياب والطعام فلقد رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل حتى كأنه مذهبة ثم قال من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها من بعده كان له أجرها وأجر من يعمل بها من بعده ومن سن سنة سيئة فعمل بها من بعده كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده قال أبو حاتم هذا الخبر دال على أن قول الله جل وعلا { لا تزر وازرة وزر أخرى } أراد به بعض الأوزار لا الكل إذ أخبر المبين عن مراد الله جل وعلا في كتابه أن من سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها من بعده كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده فكأن الله جل وعلا قال لا تزر وازرة وزر أخرى إلآ ما أخبركم رسولي صلى الله عليه وسلم أنها تزر والمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك ولا خص عموم الخطاب بهذا القول إلا من الله شهد الله له بذلك حيث قال { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } صلى الله عليه وسلم ونظير هذا قوله جل وعلا { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } فهذا خطاب على العموم كقوله تعالى { لا تزر وازرة أخرى } ثم قال صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه فأخبر صلى الله عليه وسلم أن السلب لا يخمس وأن القليل يكون منفردا به فهذا تخصيص بيان لذلك العموم المطلق

ذكر إطفاء الصدقة غضب الرب جل وعلا
[ 3309 ] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص والحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة قالا حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا عبد الله بن عيسى حدثنا يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة تطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء

ذكر البيان بأن ظل كل امرئ في القيامة يكون صدقته
[ 3310 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حرملة بن عمران أنه سمع يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس أو قال حتى يحكم بين الناس قال يزيد فكان أبو الخير لا يخطئه يوم لا يتصدق فيه بشيء ولو كعكة ولو بصلة

ذكر استحباب الاتقاء من النار نعوذ بالله منها بالصدقة وإن قلت
[ 3311 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الله بن معقل عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استطاع أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل

ذكر البيان بأن صدقة الصحيح الشحيح الخائف الفقر المؤمل طول العمر أفضل من صدقة من لم يكن كذلك
[ 3312 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم قال أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان

ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم المتصدق بالمتجنن للقتال
[ 3313 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر حدثنا عيسى بن حماد حدثنا الليث بن سعد عن بن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل المنفق والبخيل كمثل رجلين عليهما جنتان من لدن تراقيهما إلى ثدييهما فأما المنفق فإذا أراد أن ينفق مادت عليه واتسعت حتى تبلغ قدميه وتعفو أثره وأما البخيل فإذا أراد أن ينفق أخذت كل حلقة موضعها ولزمت فهو يريد أن يوسعها ولا تتسع فهو يريد أن يوسعها ولا تتسع

ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم المتصدق بطول اليد
[ 3314 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمود بن غيلان حدثنا الفضل بن موسى حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعكن بي لحوقا أطولكن يدا قالت فكن يتطاولن أيهن أطول يدا قالت فكان أطولنا يدا زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق

ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم المتصدق الكثير بطول اليد
[ 3315 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني أخبرنا الحسن بن مدرك السدوسي حدثنا يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن فراس عن الشعبي عن مسروق قال حدثتني عائشة أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعن عنده لم تغادر منهن واحدة قالت فقلت يا رسول الله أيتنا أسرع بك لحوقا فقال أطولكن يدا قال فأخذن قصبة يتذارعنها فماتت سودة بنت زمعة وكانت كثيرة الصدقة فظننا أنه قال أطولكن يدا بالصدقة

ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم الصدقة في التربية كتربية الإنسان الفلو أو الفصيل
[ 3316 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله أخبرنا عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي الحباب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد مسلم يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا كان الله يأخذها بيمينه فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تبلغ التمرة مثل أحد

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به أبو الحباب
[ 3317 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الصمد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن القاسم بن محمد عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يكون مثل أحد

ذكر الإخبار عن تضعيف الله جل وعلا صدقة المرء المسلم ليوفر ثوابها عليه في القيامة
[ 3318 ] أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان قال حدثنا أبي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن سعيد عن أبي سعيد مولى المهري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم ليتصدق بالتمرة إذا كانت من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فيجعلها الله في كفه فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون في يده جل وعلا مثل جبل

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به سعيد المقبري
[ 3319 ] أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير قال حدثنا علي بن شعيب قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا ورقاء عن بن عجلان عن سعيد بن يسار أبي الحباب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها ما يربي أحدكم فلوه حتى يكون مثل الجبل
[ 3320 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا عبيد بن جناد الحلبي قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن زيد بن رفيع عن حزام بن حكيم بن حزام عن حكيم بن حزام قال خطب النبي صلى الله عليه وسلم النساء ذات يوم فوعظهن وأمرهن بتقوى الله والطاعة لأزواجهن وقال إن منكن من تدخل الجنة وجمع بين أصابعه ومنكن حطب جهنم وفرق بين أصابعه فقالت الماردة أو المرادية يا رسول الله ولم ذلك قال تكفرن العشير وتكثرن اللعن وتسوفن الخير

ذكر الأمر للرجال بالإكثار من الصدقة
[ 3321 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هارون بن معروف حدثنا أنس بن عياض حدثنا داود بن قيس أنه سمع عياض بن عبد الله بن أبي سرح أن أبا سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى فيصلي ركعتين ثم يسلم فينصرف إلى الناس قائما في مصلاه ثم يجلس فيقبل عليهم ويقول للناس تصدقوا فكان أكثر من يتصدق النساء بالقرط والتبر فإن كان له حاجة يبعث على الناس وإلا انصرف

ذكر الأمر للنساء بالإكثار من الصدقة
[ 3322 ] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست حدثنا محمد بن الوليد البسري حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أيوب عن عطاء قال أشهد على بن عباس أن بن عباس شهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى في يوم عيد ثم خطب ثم أتى النساء فأمرهن بالصدقة

ذكر العلة التي من أجلها حث النساء على الإكثار من الصدقة
[ 3323 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد عن شعبة عن الحكم قال سمعت ذرا يحدث عن وائل بن مهانة عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للنساء تصدقن فإنكن أكثر أهل النار قالت امرأة ليست من علية النساء بم أو لم قال إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير قال عبد الله ما من ناقصات العقل والدين أغلب على الرجال ذوي الأمر على أمرهم من النساء قيل وما نقصان عقلهما ودينها قال أما نقصان عقلها فإن شهادة امرأتين بشهادة رجل وأما نقصان دينها فإنه يأتي على إحداهن كذا وكذا من يوم لا تصلي فيه صلاة واحدة

ذكر الأمر للمرء بإطعام الجياع وفك الأسارى من أيدي أعداء الله الكفرة
[ 3324 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن أبي وائل عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني قال سفيان العاني الأسير

ذكر ما يستحب للإمام سؤال رعيته الصدقة على الفقراء إذا علم الحاجة بهم
[ 3325 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال حدثنا عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال خرجت أنا والحسن والحسين وأسامة بن زيد يوم فطر وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فصلى بنا ثم خطب صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس إن هذا يوم صدقة فتصدقوا قال فجعل الرجل ينزع خاتمه والرجل ينزع ثوبه وبلال يقبض حتى إذا لم ير أحدا يعطي شيئا تقدم إلى النساء فقال يا معشر النساء إن هذا يوم صدقة فتصدقن فجعلت المرأة تنزع خرصها وخاتمها وجعلت المرأة تنزع خلخالها وبلال يقبض حتى إذا لم ير أحدا يعطي شيئا أقبل بلال وأقبلنا

ذكر الخبر الدال على أن المتصدقين في الدنيا هم الأفضلون في العقبي
[ 3326 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير وعيسى بن يونس قالا حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب قال أشهد بالله لسمعت أبا ذر بالربذة يقول كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرة المدينة ممسيا فاستقبلنا أحد فقال يا أبا ذر ما أحب أن لي أحدا ذهبا أمسي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا يعني من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ثم قال يا أبا ذر إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة ثم قال لي لا تبرح حتى آتيك فانطلق ثم جاء في سواد الليل فسمعت صوتا فخشيت أن يكون ضرار رسول الله صلى الله عليه وسلم فهممت أن انطلق ثم ذكرت قوله فجلست حتى جاء فقلت له إني أردت أن آتيك يا رسول الله ثم ذكرت قولك لي وسمعت صوتا قال ذاك جبريل جاءني فأخبرني أن من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فقلت وإن زنى وإن سرق فقال وإن زنى وإن سرق قال جرير قال الأعمش عن أبي صالح عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه أضمر في هذا الخبر شرطان أحدهما أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة إن تفضل الله جل وعلا عليه بالعفو عن جناياته التي له في دار الدنيا لأن المرء لا يخلو من ارتكاب بعض ما حظر عليه في الدنيا أضمر في الخبر هذا الشرط والشرط الثاني من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة يريد بعد تعذيبه إياه في النار نعوذ بالله منها إن لم يتفضل عليه بالعفو قبل ذلك لئلا يبقى في النار مع من أشرك به في الدنيا فهذان الشرطان مضمران في هذا الخبر لا أن كل من مات ولا يشرك بالله شيئا دخل الجنة لا محالة

ذكر البيان بأن المرء لا بقاء له من ماله إلا ما قدم لنفسه لينتفع به يوم فقره وفاقته بارك الله لنا في ذلك اليوم
[ 3327 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال يقول بن آدم مالي مالي وهل لك من مال إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست أو تصدقت فأمضيت

ذكر الإخبار عما يكون للمرء من ماله في أولاده وعقباه
[ 3328 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أمية بن بسطام حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العبد مالي وإنما له من ماله ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق فأمضى وما سواه فهو ذاهب وتاركه للناس

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من توقع الخلاف فيما قدم لنفسه وتوقع ضده إذا أمسك
[ 3329 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا شيبان بن أبي شيبة قال حدثنا سلام بن مسكين قال حدثنا قتادة عن خليد بن عبد الله العصري عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما طلعت شمس قط إلا بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان من على الأرض غير الثقلين أيها الناس هلموا إلى ربكم ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ولا غربت إلا بجنبتيها ملكان يناديان اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا

ذكر الإخبار عما يستحب للمسلم من نظرة لآخرته وتقديم ما قدر من هذه الدنيا لنفسه
[ 3330 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال قال عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه قال اعلموا ما تقولون قالوا ما نعلم إلا ذاك يا رسول الله قال ما منكم رجل إلا مال وارثه أحب إليه من ماله قالوا كيف يا رسول الله قال إنما مال أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخر

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تقديم ما يمكن من هذه الدنيا الفانية للآخرة الباقية
[ 3331 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا عبد الله بن الرومي قال حدثنا النضر بن محمد قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثنا أبو زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الأكثرين هم الأسفلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وكسبه من طيب

ذكر الخبر الدال على أن من لم يتصدق هو البخيل
[ 3332 ] أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان أو جنتان من حديد من لدن ثديهما إلى تراقيهما فأما المنفق فكلما تصدق وحدث نفسه ذهبت عن جلده حتى تعفو أثره وتجوز بنانة والبخيل كلما أنفق شيئا وحدث به نفسه لزمته وعضت كل حلقة منها مكانها فهو يوسعها ولا تتسع

ذكر دعاء الملك للمنفق بالخلف وللممسك بالتلف
[ 3333 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الصمد حدثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن ملكا بباب من أبواب الجنة يقول من يقرض اليوم يجز غدا وملك بباب آخر يقول اللهم أعط منفقا خلفا واعط ممسكا تلفا

ذكر الاستحباب للمرء أن يتصدق في حياته بما قدر عليه من ماله
[ 3334 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا بن أبي فديك حدثنا بن أبي ذئب عن شرحبيل عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأن يتصدق المرء في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق بمئة درهم عند موته

ذكر الإخبار بأن صدقة المرء ماله في حال صحته تكون أفضل من صدقته عند نزول المنية به
[ 3335 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم قال أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان

ذكر الإخبار عن وصف المتصدق عند موته إذا كان مقصرا عن حالة مثله في حياته
[ 3336 ] أخبرنا محمد بن الحسين بن مرداس بالأبلة حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي حدثنا بن إدريس عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي حبيبة الطائي عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل الذي يتصدق عند الموت مثل الذي يهدي بعدما يشبع

ذكر البيان بأن الصدقة على الأقرب فالأقرب أفضل منها على الأبعد فالأبعد
[ 3337 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان البزاز بالفسطاط حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لأصحابه تصدقوا فقال رجل يا رسول عندي دينار قال انفقه على نفسك قال إن عندي آخر قال أنفقه على زوجتك قال إن عندي آخر قال أنفقه على ولدك قال إن عندي آخر قال أنفقه على خادمك قال إن عندي آخر قال أنت أبصر

ذكر الإباحة للمتصدق أن يخرج اليسير من الصدقة على حسب جهده وطاقته
[ 3338 ] أخبرنا عمر بن محمد بن بجير الهمداني بالصغد قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا سعيد بن الربيع قال حدثنا شعبة عن سليمان قال سمعت أبا وائل عن أبي مسعود قال كنا نتحامل على ظهورنا فيجيء الرجل بالشيء فيتصدق به فجاء رجل بنصف صاع وجاء إنسان بشيء كثير فقالوا إن الله غني عن صدقة هذا وقالوا هذا مراء فنزلت { الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم }

ذكر الاستحباب للمرء أن يؤثر بصدقته على أبويه ثم على قرابته ثم الأقرب فالأقرب
[ 3339 ] أخبرنا زيد بن عبد العزيز بن حبان أبو جابر بالموصل قال حدثنا محمد بن يحيى بن فياض الزماني قال حدثنا الأنصاري عن عزرة بن ثابت قال حدثنا أبو الزبير عن جابر أن رجلا من بني عذرة أعتق مملوكا له عن دبر منه فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فباعه ودفع إليه ثمنه وقال ابدأ بنفسك فتصدق عليها ثم على أبويك ثم على قرابتك ثم هكذا ثم هكذا

ذكر الأمر للمتصدق أن يؤثر بصدقته قرابته دون غيرهم
[ 3340 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلةالمسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما نزلت هذه الآية { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الله يقول في كتابه { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } وإن أحب أموالي إلي بيرحاء فإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بخ ذاك مال رابح بخ ذاك مال رابح وقد سمعت ما قلت فيها وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمهما أبو طلحة في أقاربه وبني عمه

ذكر البيان بأن على المرء إذا أراد الصدقة بأنه يبدأ بالأدنى فالأدنى منه دون الأبعد فالأبعد عنه
[ 3341 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا أبو عمار قال حدثنا الفضل بن موسى عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن جامع بن شداد عن طارق المحاربي قال قدمت المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب الناس وهو يقول يد المعطي العليا وابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك

ذكر الأمر لمن أراد الصدقة أو النفقة أن يبدأ بها بالأقرب فالأقرب
[ 3342 ] أخبرنا أحمد بن علان بأذنة قال حدثنا محمد بن يحيى الزماني قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر أن رجلا يقال له أبو مذكور دبر غلاما له ولم يكن له مال غيره وكان يقال للغلام يعقوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتري هذا فاشتراه رجل من بني عدي بن كعب بثمن مائة درهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدكم محتاجا فليبدأ بنفسه فإن كان له فضل فبأهله فإن كان له فضل فبأقربائه فإن كان له فضل فها هنا وها هنا وها هنا

ذكر البيان بأن الصدقة على الأقارب أفضل من العتاقة
[ 3343 ] أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن كريب عن ميمونة بنت الحارث أنها أعتقت وليدة في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك

ذكر البيان بأن الصدقة على ذي الرحم تشتمل على الصلة والصدقة
[ 3344 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا بن عون عن حفصة بنت سيرين عن أم الرائح بنت صليع عن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنان صدقة وصلة

ذكر البيان بأن من أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى المرء
[ 3345 ] أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بن عبدان بعسكر مكرم حدثنا محمد بن معمر البحراني حدثنا أبو عاصم عن بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول

ذكر البيان بأن من أفضل الصدقة إخراج المقل بعض ما عنده
[ 3346 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن خالد بن موهب حدثني الليث بن سعد عن أبي الزبير عن يحيى بن جعدة عن أبي هريرة أنه قال يا رسول الله أي الصدقة أفضل قال جهد المقل وابدأ بمن تعول

ذكر البيان بأن صدقة القليل من المال اليسير أفضل من صدقة الكثير من المال الوافر
[ 3347 ] أخبرنا حاجب بن أركين الفرغاني بدمشق حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا صفوان بن عيسى عن بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق درهم مائة ألف فقال رجل وكيف ذاك يا رسول الله قال رجل له مال كثير أخذ من عرضه مائة ألف فتصدق بها ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به

ذكر البيان بأن من أفضل الصدقة للمرء المسلم سقي الماء
[ 3348 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا الحسين بن حريث قال حدثنا وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن سعد بن عبادة قال قلت يا رسول الله أي الصدقة أفضل قال صلى الله عليه وسلم سقي الماء

ذكر محبة الله جلا وعلا للمتصدق إذا تصدق لله سرا أو تهجد لله سرا
[ 3349 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي ظبيان عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله أما الذين يحبهم الله فرجل أتى قوما فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة بينهم وبينه فتخلف رجل بأعقابهم فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به نزلوا فوضعوا رؤوسهم وقام يتملقني ويتلو آياتي ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا وأقبل بصدره يقتل أو يفتح له وثلاثة يبغضهم الله الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم

ذكر البيان بأن صدقة المرء سرا إذا سئل بالله مما يحب الله فاعلها
[ 3350 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن منصور عن ربعي بن حراش عن زيد بن ظبيان عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله يحب رجلا كان في قوم فأتاهم سائل فسألهم بوجه الله لا يسألهم لقرابة بينهم وبينه فبخلوا فخلفهم بأعقابهم حيث لا يراه إلا الله ومن أعطاه ورجل كان في كتيبة فانكشفوا فكبر فقاتل حتى يفتح الله عليه أو يقتل ورجل كان في قوم فأدلجوا فطالت دلجتهم فنزلوا والنوم أحب إليهم مما يعدل به فناموا وقام يتلو آياتي ويتملقني ويبغض الشيخ الزاني والبخيل المتكبر وذكر الثالث

ذكر استحباب الإيثار بالصدقة من لا يعلم بحاجته ولا غناه عنها
[ 3351 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ولكن المسكين الذي ليس له ما يستغني به ولا يعلم بحاجته فيتصدق عليه فذلك المحروم

ذكر استحباب الإيثار بالصدقة من لا يسأل دون من يسأل
[ 3352 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان قالوا فمن المسكين يا رسول الله قال الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس

ذكر الإباحة للمرء أن يتصدق عن حميمه وقرابته إذا مات
[ 3353 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم

ذكر خبر ثان يصرح بإباحة ما ذكرناه
[ 3354 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده قال خرج سعد بن عبادة مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها أوصي فقالت فبم أوصي إنما المال مال سعد فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما قدم سعد ذكر ذلك له فقال سعد يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم فقال سعد حائط كذا وكذا صدقة عليها لحائط سماه

ذكر ما يستحب للمرء أن يتصدق بثلث ما يستفضل في كل سنة من أملاكه
[ 3355 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن وهب بن كيسان عن عبيد بن عمير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل بفلاة من الأرض إذ رأى سحابة فسمع فيها صوتا اسق حديقة فلان فجاء ذلك السحاب فأفرغ ما فيه في حرة قال فانتهيت فإذا أذناب شراج وإذا شرجة من تلك الشرج قد استوعبت الماء فسقته فانتهيت إلى رجل قائم يحول الماء بمسحاته في حديقة فقلت له يا عبد الله ما اسمك فقال فلان الاسم الذي سمع في السحابة قال كيف تسألني يا عبد الله عن اسمي قال إني سمعت في السحابة الذي هذا ماؤها يقول اسق حديقة فلان باسمك فأخبرني ما تصنع فيها قال أما إذا قلت هذا فإني أنظر إلى ما خرج منها فأصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثه وأعيد فيها ثلثه

ذكر الخبر الدال على إباحة إعطاء المرء صدقته من أخذها وإن كان الآخذ أنفقها في غير طاعة الله جل وعلا ما لم يعلم المعطي ذلك منه في البداية
[ 3356 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدغولي حدثنا محمد بن مشكان حدثنا شبابة حدثنا ورقاء حدثنا أبو الزناد حدثنا الأعرج أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رجل لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على زانية فقال اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على سارق فقال اللهم لك الحمد على سارق لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على غني فقال اللهم لك الحمد على غني فأتى فقيل أما صدقتك فقد قبلت أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها وأما السارق فلعله يستعف عن سرقته ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله تعالى

ذكر الإباحة للمرأة أن تتصدق من مال زوجها ما لم يجحف ذلك به
[ 3357 ] أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد قال حدثنا يوسف بن سعيد قال حدثنا حجاج عن بن جريج قال أخبرني بن أبي مليكة عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله ليس لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير فهل علي من جناح أن أرضخ مما يدخل علي قال أرضخي ما استطعت ولا توعي فيوعي الله عليك

ذكر تفضل الله جل وعلا على المرأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة فلها أجر كما لزوجها أجر ما اكتسب ولها أجر ما نوت وللخازن كذلك
[ 3358 ] أخبرنا أحمد بن يحيى حدثنا محمد بن الحسين حدثنا شيبان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن حازم حدثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة فلها أجرها ولزوجها أجر ما اكتسب ولها أجر ما نوت وللخازن مثل ذلك

ذكر صفة الخازن الذي يشارك المتصدق في الأجر
[ 3359 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحسن بن حماد سجادة حدثنا أبو أسامة حدثني بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخازن المسلم الأمين الذي ينفق وربما قال يعطي ما أمر فيعطيه كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر به أحد المتصدقين

ذكر الأمر للعبد أن يتصدق من مال السيد على أن الأجر بينهما نصفان
[ 3360 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا حفص بن غياث حدثنا محمد بن زيد عن عمير مولى أبي اللحم قال كنت مملوكا فكنت أتصدق بلحم من لحم مولاي فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال تصدق والأجر بينكما نصفان قال أبو حاتم أضمر في هذا الخبر تصدق بإذنه فذكر الإذن فيه مضمر وعمير مولى أبي اللحم إنما قيل أبي اللحم لأنه في الجاهلية حرم على نفسه اللحم وأبى أن يأكل فقيل أبي اللحم ومحمد بن زيد هذا محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ الجدعاني القرشي سمع بن عمر ومعاوية بن أبي سفيان روى عنه مالك وأهل المدينة

ذكر البيان بأن المعطي في بعض الأحايين قد يكون خيرا من الآخذ
[ 3361 ] أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا عبد الواحد بن غياث قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم قال حدثنا عبد الله بن دينار عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اليد العليا خير من اليد السفلى

ذكر الإخبار بأن اليد السفلى هي السائلة دون الآخذة بغير سؤال
[ 3362 ] أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا عبيدة بن حميد قال حدثني أبو الزعراء عن أبي الأحوص عن أبيه مالك بن نضلة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي ثلاثة فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السفلى السائلة فأعط الفضل ولا تعجز عن نفسك قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه في هذا الخبر بيان واضح بأن الأخبار التي ذكرناها قبل في كتابنا هذا أن اليد العليا خير من اليد السفلى أراد به أن يد المعطي خير من يد الآخذ وإن لم يسأل وأبو الزعراء هذا هو الصغير واسمه عمرو بن عمرو بن مالك بن أخي أبي الأحوص وأبو الزعراء الكبير اسمه عبد الله بن هانئ يروي عن بن مسعود

ذكر البيان بأن اليد المعطية أفضل من اليد السائلة
[ 3363 ] أخبرنا زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي بالبصرة حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وليبدأ أحدكم بمن يعول تقول امرأته أنفق علي وتقول أم ولده إلى من تكلني ويقول له عبده اطعمني واستعملني قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم اليد العليا خير من اليد السفلى عندي أن اليد المتصدقة أفضل من اليد السائلة لا الآخذة دون السؤال إذ محال أن تكون اليد التي أبيح لها استعمال فعل باستعماله أحسن من آخر فرض عليه إتيان شيء فأتى به أو تقرب إلى بارئه متنفلا فيه وربما كان المعطي في إتيانه ذلك أقل تحصيلا في الأسباب من الذي أتى بما أبيح له وربما كان هذا الأخذ بما أبيح له أفضل وأروع من الذي يعطي فلما استحال هذا على الإطلاق دون التحصيل بالتفضيل صح أن معناه أن المتصدق أفضل من الذي يسألها

ذكر الخبر المصرح بصحة ما تأولنا الخبر الذي تقدم ذكرنا له
[ 3364 ] أخبرنا جعفر بن أحمد بن صليح العابد بواسط حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا فضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا المنفقة واليد السفلى السائلة

ذكر الزجر عن إحصاء المرء صدقته إذا تصدق بها
[ 3365 ] أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم البزار بالبصرة قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا بن إدريس عن الأعمش عن الحكم عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت جاءها سائل فأمرت له عائشة بشيء فلما خرجت الخادم دعتها فنظرت إليه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تخرجين شيئا إلا بعلمك قالت إني لأعلم فقال لها لا تحصي فيحصي الله عليك

ذكر نفي قبول الصدقة عن المرء إذا كانت من الغلول
[ 3366 ] أخبرنا بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن سماك عن مصعب بن سعد قال دخل بن عمر على بن عامر يعوده فقال يا بن عمر ألا تدعو لي فقال بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقبل صلاة إلا بطهور ولا صدقة من غلول وقد كنت على البصرة

ذكر البيان بأن المال إذا لم يكن بطيب أخذ من حله لم يؤجر المتصدق به عليه
[ 3367 ] أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب قال سمعت عمرو بن الحارث يقول حدثني دراج أبو السمح عن بن حجيرة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع مالا حراما ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه

ذكر تفضل الله جل وعلا على الغارس الغراس بكتبه الصدقة عند أكل كل شيء من ثمرته
[ 3368 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن خالد بن موهب حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر فقالت بل مسلم فقال صلى الله عليه وسلم لا يغرس المسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة

ذكر البيان بأن ما يأكل السباع والطيور من ثمر غراس المسلم يكون له فيه أجر
[ 3369 ] أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى الجواليقي بعسكر مكرم حدثنا عمرو بن علي بن بحر حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يغرس مسلم غرسا فيأكل منه سبع وطير وشيء إلا كان له فيه أجر

ذكر الأمر للمرء بترك صدقة ماله كله والاقتصار على البعض منه إذ هو خير
[ 3370 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا محمد بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري قال أخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال لم أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها حتى كانت غزوة تبوك إلا بدر ولم يعاتب النبي صلى الله عليه وسلم أحدا تخلف عن بدر إنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم يريد العير وخرجت قريش مغيثين لعيرهم فالتقوا على غير موعد كما قال الله ولعمري إن أشرف مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس لبدر وما أحب أني كنت شهدتها مكان بيعتي ليلة العقبة حين توثقنا على الإسلام ولم أتخلف بعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها حتى كانت غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها آذن النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم وذلك حين طاب الظلال وطابت الثمار وكان قلما أراد غزوة إلا ورى غيرها وكان يقول الحرب خدعة فأراد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أن يتأهب الناس أهبته وأنا أيسر ما كنت قد جمعت راحلتين لي فلم أزل كذلك حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم غاديا بالغداة وذلك يوم الخميس وكان يحب أن يخرج يوم الخميس فأصبح غاديا فقلت أنطلق إلى السوق وأشترى جهازي ثم ألحق بها فانطلقت إلى السوق من الغد فعسر علي بعض شأني فرجعت فقلت أرجع غدا إن شاء الله فألحق بهم فعسر علي بعض شأني أيضا فلم أزل كذلك حتى لبس بي الذنب وتخلفت عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أمشي في الأسواق وأطراف المدينة فيحزنني أن لا أرى أحدا تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق وكان ليس أحد تخلف إلا أرى ذلك سيخفى له وكان الناس كثيرا لا يجمعهم ديوان وكان جميع من تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة وثمانين رجلا ولم يذكرني النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوكا فلما بلغ تبوكا قال ما فعل كعب بن مالك فقال رجل من قومي خلفه يا رسول الله برداه والنظر في عطفيه فقال معاذ بن جبل بئس ما قلت والله يا نبي الله ما نعلم إلا خيرا قال فبينا هم كذلك إذا رجل يزول به السراب فقال النبي صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فإذا هو أبو خيثمة فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك وقفل ودنا من المدينة جعلت أتذكر ماذا أخرج به من سخط النبي صلى الله عليه وسلم وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهل بيتي حتى إذا قيل النبي صلى الله عليه وسلم مصبحكم بالغداة راح عني الباطل وعرفت أني لا أنجو إلا بالصدق فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ضحى فصلى في المسجد ركعتين وكان إذا قدم من سفر فعل ذلك دخل المسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فجعل يأتيه من تخلف فيحلفون له ويعتذرون إليه فيستغفر لهم ويقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله فدخلت المسجد فإذا هو جالس فلما رآني تبسم تبسم المغضب فجئت فجلست بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم تكن ابتعت ظهرا قلت بلى يا نبي الله فقال ما خلفك عني فقلت والله لو بين يدي أحد من الناس غيرك جلست لخرجت من سخطه علي بعذر ولقد أوتيت جدلا ولكني قد علمت يا نبي الله إني إن حدثتك اليوم بقول تجد علي فيه وهو حق فإني أرجو فيه عقبى الله وإن حدثتك اليوم بحديث ترضى عني فيه وهو كذب أوشك أن يطلعك الله علي والله يا نبي الله ما كنت قط أيسر ولا أخف حاذا مني حيث تخلفت عليك فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدقكم الحديث قم حتى يقضي الله فيك فقمت فثار على أثري ناس من قومي يؤنبونني فقالوا والله ما نعلمك أذنبت ذنبا قط قبل هذا فهلا اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذر يرضاه عنك فيه وكان استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي من وراء ذلك ولم تقف موقفا لا ندري ماذا يقضى لك فيه فلم يزالوا يؤنبونني حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي فقلت هل قال هذا القول أحد غيري قالوا نعم قاله هلال بن أمية ومرارة بن ربيعة فذكروا رجلين صالحين شهد بدرا لي فيهما أسوة فقلت والله لا أرجع إليه في هذا أبدا ولا أكذب نفسي ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة فجعلت أخرج إلى السوق ولا يكلمني أحد وتنكر لنا الناس حتى ما هم بالذين نعرف وتنكر لنا الحيطان حتى ما هي بالحيطان التي نعرف وتنكرت لنا الأرض حتى ما هي بالأرض التي نعرف وكنت أقوى أصحابي فكنت أخرج فأطوف في الأسواق فآتي المسجد وآتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وأقول هل حرك شفتيه بالسلام فإذا قمت أصلي إلى سارية وأقبلت على صلاتي نظر إلي النبي صلى الله عليه وسلم بمؤخر عينيه وإذا نظرت إليه أعرض عني واشتكى صاحباي فجعلا يبكيان الليل والنهار ولا يطلعان رؤوسهما قال فبينا أنا أطوف في الأسواق إذا رجل نصراني قد جاء بطعام له يبيعه يقول من يدل على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له إلي فأتاني بصحيفة من ملك غسان فإذا فيها أما بعد فإنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك ولست بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك فقلت هذا أيضا من البلاء فسجرت لها التنور فأحرقتها فيه فلما مضت أربعون ليلة إذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلم قد أتاني فقال اعتزل امرأتك فقلت أطلقها قال لا ولكن لا تقربها فجاءت امرأة هلال بن أمية فقالت يا نبي الله إن هلال بن أمية شيخ ضعيف فهل تأذن لي أن أخدمه قال نعم ولكن لا يقربنك قالت يا نبي الله ما به حركة لشيء ما زال متكئا يبكي الليل والنهار مذ كان من أمره ما كان قال كعب فلما طال علي البلاء اقتحمت على أبي قتادة حائطه وهو بن عمي فسلمت عليه فلم يرد علي فقلت أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحب الله ورسوله فسكت فقلت أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحب الله ورسوله فسكت فقلت أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحب الله ورسوله فقال الله ورسوله أعلم قال فلم أملك نفسي أن بكيت ثم اقتحمت الحائط خارجا حتى إذا مضت خمسون ليلة من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا صليت على ظهر بيت لنا صلاة الفجر وأنا في المنزلة التي قال الله قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت وضاقت علينا أنفسنا إذ سمعت نداء من ذروة سلع أن أبشر يا كعب بن مالك فخررت ساجدا وعرفت أن الله قد جاءنا بالفرج ثم جاء رجل يركض على فرس يبشرني فكان الصوت أسرع من فرسه فأعطيته ثوبي بشارة ولبست ثوبين آخرين وكانت توبتنا نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الليل فقالت أم سلمة يا نبي الله ألا نبشر كعب بن مالك فقال إذا يحطمكم الناس ويمنعونكم النوم سائر الليلة قال وكانت أم سلمة محسنة في شأني تخبرني بأمري فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمون وهو يستنير كاستنار القمر وكان إذا سر بالأمر استنار فجئت فجلست بين يديه فقال يا كعب بن مالك أبشر بخير يوم أتى عليك منذ ولدتك أمك قال فقلت يا نبي الله أمن عند الله أم من عندك قال بل من عند الله ثم تلا عليهم لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار حتى بلغ هو التواب الرحيم قال وفينا نزلت { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } قال فقلت يا نبي الله إن من توبتي أني لا أحدث إلا صدقا وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال امسك عليك بعض مالك فهو خير لك قال فقلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر قال فما أنعم الله علي من نعمة بعد الإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدقته أنا وصاحباي أن لا نكون كذبنا فهلكنا كما هلكوا وما تعمدت لكذبة بعد وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي قال الزهري فهذا ما انتهى إلينا من حديث كعب بن مالك

ذكر الاخبار عما يجب على المرء من الاقتصار عن ثلث ماله إذا أراد التقرب به إلى الله دون إخراج ماله كله
[ 3371 ] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص قال حدثنا كثير بن عبيد قال حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن حسين بن السائب بن أبي لبابة أن جده أبا لبابة حين تاب الله عليه في تخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما كان سلف قبل ذلك في أمور وجد عليه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله إني أهجر داري التي أصبت فيها الذنب وأنتقل إليك وأساكنك وإني أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزئك من ذلك الثلث

ذكر الزجر عن أن يتصدق المرء بماله كله ثم يبقى كلا على غيره
[ 3372 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الظفري عن محمود بن لبيد عن جابر بن عبد الله قال إني لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل بمثل البيضة من ذهب قد أصابها من بعض المغازي فقال يا رسول الله خذ هذه مني صدقة فوالله ما أصبح لي مال غيرها قال فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه من شقة الآخر فقال له مثل ذلك فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاءه من قبل وجهه فأخذها منه فحذفه بها حذفة لو أصابه عقره أو أوجعه ثم قال يأتي أحدكم إلى جميع ما يملك فيتصدق به ثم يقعد يتكفف الناس إنما الصدقة عن ظهر غنى خذ عنا مالك لا حاجة لنا به

ذكر الأمر للمتصدق أن يضع صدقته في يد السائل بيده
[ 3373 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد وكانت ممن بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد له شيئا أعطيه إياه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم تجدي له شيئا تعطينه إياه إلا ظلفا محرقا فادفعيه إليه في يده

ذكر الأمر للمرء بأن لا يرد السائل إذا سأله بأي شيء حضره
[ 3374 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن زيد بن أسلم عن بن بجيد الأنصاري ثم الحارثي عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ردوا السائل ولو بظلف محرق قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم ردوا السائل قصد زجر بلفظ الأمر يريد به لا تردوا السائل إلا بشيء ولو بظلف محرق
[ 3375 ] أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا علي بن مسلم الطوسي حدثنا محمد بن أبي عبيدة بن معن عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل بالله فأعطوه ومن استعاذ بالله فأعيذوه ومن دعاكم فأجيبوه

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم ترك استقلال الصدقة وسوء الظن بمخرجها
[ 3376 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرنا الأعمش قال سمعت أبا وائل يحدث عن أبي مسعود البدري قال كنا نتحامل فكان الرجل يجيء بالصدقة فيقال هذا مراء ويجيء الرجل بنصف الصاع فيقال إن الله لغني عن هذا فنزلت هذه الآية { الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات }
فصل

ذكر الخصال التي تقوم لمعدم المال مقام الصدقة لباذلها
[ 3377 ] أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه عن أبي سعيد المهري عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من نفس بن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس قيل يا رسول الله ومن أين لنا صدقة نتصدق بها فقال إن أبواب الخير لكثيرة التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن النكر وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل على حاجته وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف فهذا كله صدقة منك على نفسك

ذكر كتبة الله الصدقة للمسلم بالخصال المعروفة وإن لم ينفق من ماله
[ 3378 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا أبو عوانة عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال قال نبيكم صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة

ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة بكل معروف يفعله قولا وفعلا
[ 3379 ] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا أبي حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة

ذكر تفاصيل المعروف الذي يكون صدقة المسلم
[ 3380 ] أخبرنا بن قتيبة حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا محمد بن شعيب حدثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام عن جده أبي سلام حدثنا عبد الله بن فروخ أنه سمع عائشة تقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خلق الله كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاث مائة مفصل فمن كبر الله وحمده وهلل الله وسبح الله واستغفر الله وعزل عظما عن طريق الناس وعزل حجرا عن طريقهم وأمر بمعروف ونهى عن منكر عدد تلك الستين والثلاث مائة فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار

ذكر الأشياء التي يكتب لمستعملها بها الصدقة
[ 3381 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع عليه الشمس يعدل بين اثنين ويعين الرجل في دابته ويحمله عليها ويرفع له عليها متاعه ويميط الأذى عن الطريق صدقة
باب

ذكر الإخبار عن إباحة تعداد النعم للمنعم على المنعم عليه في الدنيا
[ 3382 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتاني جبريل فقال إن ربي وربك يقول لك كيف رفعت ذكرك قال الله أعلم قال إذا ذكرت ذكرت معي

ذكر الإخبار عن نفي دخول الجنة عن المنان بما أعطى في ذات الله
[ 3383 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابان عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة ولد زنية ولا منان ولا عاق ولا مدمن خمر قال أبو حاتم معنى نفي المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ولد الزنية دخول الجنة وولد الزنية ليس عليهم من أوزار آبائهم وأمهاتهم شيء أن ولد الزنية على الأغلب يكون أجسر على ارتكاب المزجورات أراد صلى الله عليه وسلم أن ولد الزنية لا يدخل الجنة جنة يدخلها غير ذي الزنية ممن لم تكثر جسارته على ارتكاب المزجورات

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن هذا الإسناد منقطع
[ 3384 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا بن مهدي حدثنا شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن نبيط بن شريط عن جابان عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر قال أبو حاتم اختلف شعبة والثوري في إسناد هذا الخبر فقال الثوري عن سالم عن جابان وهما ثقتان حافظان إلا أن الثوري كان أعلم بحديث أهل بلده من شعبة وأحفظ لها منه ولا سيما حديث الأعمش وأبي إسحاق ومنصور فالخبر متصل عن سالم عن جابان فمرة روي كما قال شعبة وأخرى كما قال سفيان
باب المسألة والأخذ وما يتعلق به من المكافأة والثناء والشكر
[ 3385 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ألا تبايعوني قالوا يا رسول الله قد بايعناك مرة فعلى ماذا نبايعك قال تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا وأن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة ثم أتبع ذلك كلمة خفيفة على أن لا تسألوا الناس شيئا قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله صلى الله عليه وسلم على أن لا تشركوا بالله شيئا أراد به الأمر بترك الشرك وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم على أن لا تسألوا الناس شيئا أراد به الأمر بترك المسألة

ذكر البيان بأن الأمر بترك المسألة بلفظ العموم الذي تقدم ذكرنا له إنما هو أمر ندب لا حتم
[ 3386 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا أحمد بن المقدام قال حدثنا إسماعيل بن علية قال حدثنا داود الطائي عن عبد الملك بن عمير عن زيد بن عقبة قال قال له الحجاج ما منعك أن تسألني فقال قال سمرة بن جندب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه المسألة كد يكد بها الرجل وجهه فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك إلا أن يسأل ذا سلطان أو ينزل به أمر لا يجد منه بدا

ذكر الزجر عن فتح المرء على نفسه باب المسألة بعد أن أغناه الله جل وعلا عنها
[ 3387 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يفتح إنسان على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر لأن يعمد الرجل حبلا إلى جبل فيحتطب على ظهره ويأكل منه خير من أن يسأل الناس معطى أو ممنوعا

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من مجانبة الإكثار من السؤال
[ 3388 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويسخط لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال

ذكر الزجر عن الإلحاف في المسألة وإن كان المرء مضطرا
[ 3389 ] أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا أحمد بن أبان القرشي قال حدثنا بن عيينة قال سمعت عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أخيه سمعه من معاوية يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحلفوا في المسألة فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيه

ذكر السبب الذي به يصير السائل ملحفا
[ 3390 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عمارة بن غزية عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سأل وله أوقية فهو ملحف قال قلت الياقوتة ناقتي خير من أوقية قال والأوقية أربعون درهما

ذكر الزجر عن سؤال المرء يريد التكثير دون الاستغناء والتقوت
[ 3391 ] أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن الحراني قال حدثنا يحيى بن السكن قال حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال قال عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم من سأل الناس ليثري ماله فإنما هو رضف من النار يتلهبه من شاء فليقل ومن شاء فليكثر

ذكر الزجر عن أن يسأل المستغني أحد شيئا من حطام هذه الدنيا الفانية
[ 3392 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل يأتيني منكم ليسألني فأعطيه فينطلق وما يحمل في حضنه إلا النار

ذكر الخبر المصرح بصحة ما تأولنا الخبر الذي تقدم ذكرنا له
[ 3393 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سأل الناس من أموالهم فإنما يسأل جمرا فليستقل منهم أو ليستكثر

ذكر البيان بأن مسألة المستغني بما عنده إنما هي الاستكثار من جمر جهنم نعوذ بالله منها
[ 3394 ] أخبرنا أحمد بن مكرم البرتي ببغداد قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني ربيعة بن يزيد قال حدثني أبو كبشة السلولي أنه سمع سهل بن الحنظلية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأقرع وعيينة سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأمر معاوية أن يكتب به لهما وختمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بدفعه إليهما فأما عيينة فقال ما فيه فقال فيه الذي أمرت به فقبله وعقده في عمامته وكان أحلم الرجلين وأما الأقرع فقال أحمل صحيفة لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس فأخبر معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهما وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجته فمر ببعير مناخ على باب المسجد في أول النهار ثم مر به في آخر النهار وهو في مكانه فقال أين صاحب هذا البعير فابتغي فلم يوجد فقال اتقوا الله في هذه البهائم اركبوها صحاحا وكلوها سمانا كالمتسخط آنفا إنه من سأل شيئا وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم قالوا يا رسول الله وما يغنيه قال ما يغديه أو يعشيه قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله صلى الله عليه وسلم ما يغديه أو يعشيه أراد به على دائم الأوقات حتى يكون مستغنيا بما عنده ألا تراه صلى الله عليه وسلم قال في خبر أبي هريرة لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي فجعل الحد الذي تحرم الصدقة عليه به هو الغنى عن الناس وبيقين نعلم أن واجد الغداء أو العشاء ليس ممن استغنى عن غيره حتى تحرم عليه الصدقة على أن الخطاب ورد في هذه الأخبار بلفظ العموم والمراد منه صدقة الفريضة دون التطوع

ذكر الخصال المعدودة التي أبيح للمرء المسألة من أجلها
[ 3395 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن هارون بن رئاب عن كنانة العدوي قال كنت عند قبيصة بن المخارق فاستعان به نفر من قومه في نكاح رجل من قومه فأبى أن يعطيهم شيئا فانطلقوا من عنده قال كنانة فقلت له أنت سيد قومك وأتوك يسألونك فلم تعطهم شيئا قال أما في هذا فلا أعطي شيئا وسأخبرك عن ذلك تحملت بحمالة في قومي فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته وسألته أن يعينني فقال بل نحملها عنك يا قبيصة ونؤديها إليهم من إبل الصدقة ثم قال إن المسألة لا تحل إلا لثلاث رجل تحمل حمالة فقد حلت له حتى يؤديها أو رجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله حتى يصيب قواما من عيش أو سداد من عيش ورجل أصابته فاقة فشهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن قد حلت له المسألة فقد حلت له حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش والمسألة فيما سوى ذلك سحت قال أبو حاتم قوله والمسألة فيما سوى ذلك سحت أراد به أن المسألة في سوى هذه الأشياء الثلاثة من السلطان عن فضل حصته من بيت المال سحت لأن المسألة في غير هذه الخصال الثلاثة من غير السلطان عن غير بيت مال المسلمين تكون سحتا إذا كان الإنسان غير مستغن بما عنده
[ 3396 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا حوثرة بن أشرس العدوي حدثنا حماد بن زيد عن هارون بن رئاب عن كنانة بن نعيم العدوي عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله منها فقال صلى الله عليه وسلم أقم يا قبيصة حتى تجيئنا الصدقة فنأمر لك بها ثم قال يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لإحدى ثلاث رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سداد من عيش ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش وما سواهن من المسألة سحت يأكلها صاحبها سحتا

ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه مضاد لخبر قبيصة بن مخارق الذي ذكرناه
[ 3397 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا علي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس عن شعبة عن عبد الملك بن عمير عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك إلا أن يسأل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بدا

ذكر الأمر للمرء بالاستغناء بالله جل وعلا عن خلقه إذ فاعله يغنيه الله جل وعلا بتفضله
[ 3398 ] أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي بالبصرة قال حدثنا عبد الواحد بن غياث قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا سعيد الخدري قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن أسأله فسمعته يخطب وهو يقول من يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله ومن سألنا أعطيناه قال فرجعت ولم أسأله فأنا اليوم أكثر الأنصار مالا

ذكر البيان بأن من استغنى بالله جل وعلا عن خلقه أغناه الله عنهم بفضله
[ 3399 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان قال حدثنا عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي سعيد الخدري أن أهله شكوا إليه الحاجة فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأله لهم شيئا فوافقه على المنبر وهو يقول أيها الناس قد آن لكم أن تستغنوا عن المسألة فإنه من يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله والذي نفس محمد بيده ما رزق عبد شيئا أوسع من الصبر ولئن أبيتم إلا أن تسألوني لأعطينكم ما وجدت

ذكر الإخبار بأن من استغنى بالله عن خلقه جل وعلا يغنه عنهم بفضله
[ 3400 ] أخبرنا الحسن بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفذ ما عنده قال ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر

ذكر الزجر عن أن يأخذ المرء شيئا من حطام هذه الدنيا وهو سائل أو شره
[ 3401 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال حدثنا ربيعة بن يزيد الدمشقي عن عبد الله بن عامر اليحصبي قال سمعت معاوية يقول على منبر دمشق إياكم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا كان في عهد عمر فإن عمر كان يخيف الناس في الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما أنا خازن فمن أعطيته عن طيب نفس يبارك له فيه ومن أعطيته عن مسألة وعن شره كان كالذي يأكل ولا يشبع

ذكر الزجر عن أخذ ما أعطي المرء من حطام هذه الدنيا وهو مشرف النفس إليه
[ 3402 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو الربيع الزهراني قال حدثنا فليح عن الزهري عن عروة وسعيد بن المسيب أن حكيم بن حزام قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثلاث مرات ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا أخير من اليد السفلى قال حكيم فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا

ذكر البيان بأن لا حرج على المرء في أخذ ما أعطي من غير مسألة ولا إشراف نفس
[ 3403 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه أن عبد الله بن يزيد المعافري حدثه عن قبيصة بن ذؤيب أن عمر بن الخطاب أعطى بن السعدي ألف دينار فأبى أن يقبلها وقال أنا عنها غني فقال له عمر إني قائل لك ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ساق الله إليك رزقا من غير مسألة ولا إشراف نفس فخذه فإن الله أعطاكه
[ 3404 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا المقرئ قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثني أبو الأسود عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن خالد بن عدي الجهني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه هذا الأمر الذي أمرنا باستعماله هو أخذ ما أعطي المرء والشيئان المعلومان الذي أبيح له ذلك عند عدمهما هو المسألة وإشراف النفس فإن وجد أحدهما في الغني المستقل بما عنده زجر عن أخذ ما أعطي دون الفقراء المضطرين والتارة التي يباح فيها أخذ ما أعطي المرء وإن وجد فيه المسألة وإشراف النفس هي حالة الاضطرار والاضطرار على ضربين اضطرار بجدة واضطرار بعدم والاضطرار الذي يكون بجدة هو أن يملك المرء الشيء الكثير من حطام هذه الدنيا سوى المأكول والمشروب وهو في موضع لا يباع فيه الطعام والشراب أصلا فهو وإن كان واجد حكمه حكم المضطر له أخذ ما أعطي وإن كان سائلا أو مشرف النفس إليه واضطرار العدم هو واضح لا يحتاج إلى الكشف عنه

ذكر الأمر بأخذ ما أعطي المرء من حطام هذه الدنيا الفانية الزائلة ما لم تتقدمه لها مسألة
[ 3405 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثني الليث بن سعد عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن بن الساعدي المالكي قال استعملني عمر بن الخطاب على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة فقلت له إنما عملت لله وأجري على الله قال خذ ما أعطيت فإني قد قلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعملي مثل قولك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق

ذكر إثبات البركة لآخذ ما أعطي بغير إشراف نفس منه
[ 3406 ] أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا سفيان عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير أنهما سمعا حكيم بن حزام يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال إن هذا المال حلوة خضرة فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس له لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى

ذكر ما يجب على المرء من الشكر لأخيه المسلم عند الإحسان إليه
[ 3407 ] سمعت أبا خليفة يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمد بن زياد يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول لا يشكر الله من لا يشكر الناس

ذكر الأمر بالمكافأة لمن صنع إليه معروف
[ 3408 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استعاذكم بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا الله له حتى تروا أن قد كافأتموه قال أبو حاتم قصر جرير في إسناده لأنه لم يحفظ إبراهيم التيمي فيه
[ 3409 ] أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا علي بن مسلم الطوسي حدثنا محمد بن أبي عبيدة بن معن عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل بالله فأعطوه ومن استعاذ بالله فأعيذوه ومن دعاكم فأجيبوه

ذكر ما يجب على المرء من مجازاة الخير لأخيه المسلم على أعماله الصالحة والسيئة
[ 3410 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا سفيان الثوري عن أبي الأحوص عن أبيه قال قلت يا رسول الله مررت برجل فلم يضيفني ولم يقرني أفأحتكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل اقره

ذكر البيان بأن على المرء ترك الإغضاء على الشكر للرجل على نعمة قلت أو كثرت
[ 3411 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال حدثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فأطعمناهم رطبا وسقيناهم من الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا من النعيم الذي تسألون عنه

ذكر الزجر عن ترك ثناء المرء على أخيه المسلم إذا أولاه شيئا من المعروف
[ 3412 ] أخبرنا محمد بن زهير أبو يعلى بالأبلة قال حدثنا سلم بن جنادة قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري عن عمر بن الخطاب قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إني رأيت فلانا يدعو ويذكر خيرا ويذكر أنك أعطيته دينارين قال لكن فلان أعطيته ما بين كذا إلى كذا فما أثنى ولا قال خيرا

ذكر الشيء الذي إذا قاله المرء للمسدي إليه المعروف عند عدم القدرة على الجزاء يكون مبالغا في ثوابه
[ 3413 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان والحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قالا حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال حدثنا الأحوص بن جواب قال حدثنا سعير بن الخمس قال حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء

ذكر الاخبار عما يجب على المرء من الشكر لمن أسدى إليه نعمة
[ 3414 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن طريف البجلي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن عمر بن الخطاب أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت فلانا يشكر ذكر أنك أعطيته دينارين فقال صلى الله عليه وسلم لكن فلانا قد أعطيته ما بين العشرة إلى المئة فما يشكره ولا يقوله إن أحدكم ليخرج من عندي لحاجته متأبطها وما هي إلا النار قال قلت يا رسول الله لم تعطهم قال يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل

ذكر الإخبار بأن الحمد للمسدي المعروف يكون جزاء المعروف
[ 3415 ] أخبرنا الحسن بن محمد بن أبي معشر بحران حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن شرحبيل الأنصاري عن جابر بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أولى معروفا فلم يجد له خيرا إلا الثناء فقد شكره ومن كتمه فقد كفره ومن تحلى بباطل فهو كلابس ثوبي زور