كتاب ذكر رحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم 35 كتاب ذكر رحمة الله ( 1 ) ما ذكر في سعة رحمة الله تعالى ( 1 ) حدثنا أبو خالد الاحمر عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) : * ( لما خلق الله الخلق كتب بيده على نفسه : إن رحمتي تغلب غضبي ) . ( 2 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن الهيثم عن حسن قال : قال رسول الله ( ص ) : ( لو كنتم لا تذنبون لجاء الله بخلق يذنبون فيغفر لهم ) . ( 3 ) حدثنا أبو معاوية حدثنا العلاء بن منصور عن ليث بن سعد عن محمد بن قيس عن أبي صرمة عن أبي أيوب قال : قال رسول الله ( ص ) : ( لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيغفر لهم ) . ( 4 ) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال : لما أري إبراهيم ملكوت السماوات والارض رأى عبدا على فاحشة ، فدعا عليه فهلك ، ثم رأى آخر فدعا عليه فهلك ، ثم رأى آخر فدعا عليه فهلك ، فقال الله : أنزلوا عبدي لا تهلكوا عبادي . ( 5 ) حدثنا وكيع عن زياد بن خبثمة عن نعيم بن أبي هند عن ربعي عن حذيفة قال : المؤمنون مستغنون عن الشفاعة ، إنما هي للمذنبين . ( 6 ) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى قال : قال رسول الله ( ص ) [ يدا ] الله [ تبسطان ] لمسئ الليل أن يتوب بالنهار ولمسئ النهار أن يتوب بالليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) . * ( هامش ) * ( 1 / 1 ) ومن أسمائه تعالى : الرحمن الرحيم . ( 1 / 2 ) ومن أسمائه تعالى : الغفار والغفور . ( 1 / 6 )[ يدا ] وفي الاصل يد والاصوب ما أثبتناه لان الفعل بعده في صيغة التثنية . [ تبسطان ] وفي الاصل لبسطان ولا ريب خطأ في النسخ . ( * ) /( 7 ) حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سنان عن أبي وائل قال : إن الله يستر العبد يوم القيامة فيستره بيده فيقول : تعرف ما ههنا ؟ فيقول : نعم يا رب ، فيقول : أشهدك أني قد غفرت لك . ( 8 ) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن داود عن أبي عثمان عن سلمان قال : خلق الله مائة رحمة فجعل منها رحمة بين الخلائق ، كل رحمة أعظم ما بين السماء والارض فيها تعطف الوالدة على ولدها وبها شرب الطير والوحوش الماء فإذا كان يوم القيامة قبضها الله من الخلائق فجعلها والتسع والتسعين للمتقين فذلك قوله : * ( ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ) * . ( 9 ) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله ( ص ) : ( إن الله خلق يوم خلق السماوات والارض مائة رحمة فجعل في الارض منها رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها والبهائم بعضها على بعض ، وأخر تسعا وتسعين إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة مائة رحمة ) . ( 10 ) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن جامع بن شداد عن مغيث بن سمي قال : كان رجل فيمن كان قبلكم يعمل بالمعاصي فأذكر يوما فقال : اللهم غفرانك فغفر له . ( 11 ) حدثنا يحيى بن عيسى عن الاعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعد مولى طلحة عن ابن عمر قال : بينا رجل يقال له الكفل يعمل بالمعاصي فأعجبته امرأة فأعطاها ستين دينارا ، فلما قعد منها مقعد الرجال ارتعدت فقال لها : مالك ؟ قالت هذا عمل ما عملته قط ! قال : أنت تجزعين من هذه الخطيئة وأنا أعمله مذ كذا وكذا ، والله لا أعصي الله أبدا ، قال : فمات من ليلته ، فلما أصبح بنو إسرائيل قال : من يصلي على فلان ؟ قال ابن عمر : فوجد مكتوبا على بابه ( قد غفر الله للكفل ) . ( 12 ) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن أبي سفيان عن مغيث بن سمي قال : كان رجل يتعبد في صومعته نحوا من ستين سنة ، قال فمطر الناس فاطلع من صومعته ، فرأى الغدر والخضرة فقال : لو نزلت فمشيت ونظرت ، ففعل فبينما هو يمشي إذ لقيته امرأة فكلمها ، فلم يزل تكلمه حتى واقعها ، قال : فوضع كيسا كان عليه ، فيه رغيف ، * ( هامش ) * ( 1 / 8 ) سورة الاعراف من الآية ( 156 ). ( 1 / 12 ) الغدر : الغدران : البرك التي تتجمع فيها مياه المطر . ( * ) ونزل الماء يغتسل ، فحضر أجله ، فمر سائل فأوما إلى الرغيف فأخذه ، ومات الرجل ، فوزن عمله لستين سنة فرجحت خطيئته بعمله ، ثم وضع الرغيف فرجح ، فغفر له . ( 13 ) حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن أبي سلمة عن أبي الزعراء عن عبد الله أن راهبا عبد الله في صومعته ستين سنة ، فجاءت امرأة فنزلت إلى جنبه فنزل إليها فواقعها ست ليال ، ثم سقط في يده فهرب فأتى مسجدا فأوى إليه فمكث ثلاثا لا يطعم شيئا ، فأتي برغيف فكسر نصفه فأعطى نصفه رجلا عن يمينه ، وأعطى آخر عن يساره ، فبعث الله إليه ملك الموت فقبض روحه ، فوضع عمل الستين سنة في كفة ووضعت السيئة في كفة ، فرجحت السيئة ، ثم جئ بالرغيف فرجح بالسيئة . ( 14 ) حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه قال : حدثنا أبو عثمان عن أبي بردة قال : لما حضر أبا موسى الوفاة قال : يا بني اذكروا صاحب الرغيف ، قال : كان رجل يتعبد في صومعة أراه قال : سبعين سنة ، لا ينزل إلا في يوم أحد ، قال : فنزل في يوم أحد ، قال : فشبه أو شب الشيطان في عينه امرأة ، فكان معها سبعة أيام أو سبع ليال ، قال : ثم كشف عن الرجل غطاؤه فخرج تائبا ، فكان كلما خطا خطوة صلى وسجد ، قال : فآواه الليل إلى مكان عليه اثنا عشر مسكينا ، فأدرك الاعياء فرمى بنفسه بين الرجلين منهم ، وكان ثم راهب يبعث إليهم كل ليلة بأرغفة ، فيعطى كل إنسان رغيفا ، فجاء صاحب الرغيف فأعطى كل إنسان رغيفا ، ومر على ذلك الذي خرج تائبا ، فظن أنه مسكين فأعطاه رغيفا ، فقال المتروك لصاحب الرغيف : مالك ، لم تعطني رغيفي ، ما كان لك عنه غنى ، قال : تراني أمسكه عنك ، سل هل اعطيت أحدا منكم رغيفين ، قالوا : لا ، قال : إني أمسك عنك والله لا أعطيك شيئا الليلة ، قال : فعمد التائب إلى الرغيف الذي دفعه إليه ، فدفعه إلى الرجل الذي ترك فأصبح التائب ميتا ، قال : فوزنت السبعون سنة بالسبع الليالي فلم تزل ، قال : فوزن الرغيف بالسبع الليالي ، قال : فرجع الرغيف ، فقال أبو موسى : يا بني اذكروا صاحب الرغيف . ( 15 ) حدثنا أبو معاوية ويعلى عن الاعمش عن أبي سعيد عن أبي الكنود قال : مر عبد الله على قاص وهو يذكر النار فقال : يا مذكر ! لا تقنط الناس * ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ) * . * ( هامش ) * ( 1 / 14 ) أبو موسى المذكور هو الشعرى رضي الله عنه . ( 1 / 15 ) سورة الزمر من الآية ( 53 ). ( * ) ( 16 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب قال : لما رأت الملائكة بني آدم وما يذنبون قالوا : يا رب يذنبون ، قال : لو كنتم مثلهم فعلتم كما يفعلون فاختاروا منكم ملكين ، قال : فاختاروا هاروت وماروت ، فقال لهما تبارك وتعالى : إن بينى وبين الناس رسولا ، فليس بيني وبينكم أحد لا تشركا بي شيئا ولا تسرقا ولا تزينا قال عبد الله : قال كعب : فما استكملا ذلك اليوم حتى وقعا فيما حرم عليهما . ( 17 ) حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سنان عن يعقوب بن سفيان الكسري عن عبد الله بن مسعود قال : أتاه رجل قد ألم بذنب فسأله عنه فلهى عنه ، وأقبل على القوم بحديثهم فحانت نظرة من عبد الله فإذا عين الرجل تهراق ، فقال ، هذا وإنك أهمني ما جئت تسألني عنه ، إن للجنة سبعة أبواب كلها يفتح ويغلق غير باب التوبة ، موكل به ملك فاعمل ولا تيأس . ( 18 ) حدثنا زيد بن الحباب عن علي بن مسعدة قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال ، قال رسول الله ( ص ) ، ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) . ( 19 ) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال : إن الله تعالى لما لعن إبليس سأله النظرة ، فأنظره إلى يوم الدين ، قال : وعزتك لا أخرج من جوف - أو قلب - ابن آدم ما دام فيه الروح ، قال : وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح . ( 20 ) حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول قال : كان في زبور داود مكتوبا : إني أنا الله لا إله إلا أنا ملك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فأيما قوم كانوا على طاعة جعلت الملوك عليهم رحمة ، وأيما قوم كانوا على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة ، لا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولا تتوبوا إليهم ، توبوا إلي أعطف قلوبهم عليكم . ( 21 ) حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن عبد الله قال : بينما رجل ممن كان قبلكم كان في قوم كفار ، وكان فيما بينهم قوم صالحون ، قال فطالما كنت في كفري ، لآتين هذه القرية الصالحة ، فأكونن رجلا من أهلها ، فانطلق فأدركه الموت ، فاحتج فيه الملك والشيطان ، يقول هذا : أنا أولى به ، * ( هامش ) * ( 1 / 17 ) أي أن باب التوبة مفتوح دائما ولا يفوت أوان التوبة ما دام الانسان حيا لان الله سبحانه غفور رحيم وهو غافر الذنب وقابل التوب . ( 1 / 19 ) النظرة : التأخير أو التأجيل . ( * ) ويقول هذا : أنا أولى به ، إذ قيض الله بعض جنوده فقال لهما : قيسوا ما بين القريتين ، فأيتهما كان أقرب إليها فهو من أهلها ، فقاسوا من بينهما ، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة ، فكان منهم . ( 22 ) حدثنا يزيد بن هارون عن همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : لا أخبركم إلا ما سمعت من في رسول الله ( ص ) سمعته أذناي ووعاه قلبي أن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم عرضت له التوبة ، فسأل عن أعلم أهل الارض فدل على رجل فأتاه فقال : إني قتلت تسعة وتسعين نفسا فهل لي من توبة ؟ قال : بعد قتل تسعة وتسعين نفسا ؟ قال : فانتضى سيفه فقتله ، فأكمل به مائة ، ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الارض ، فدل على رجل فأتاه فقال : إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة ؟ قال : ومن يحول بينك وبين التوبة ، اخرج من القرية الخبيثة التي أنت فيها القرية الصالحة قرية كذا وكذا ، فاعبد ربك فيها ، قال فخرج يريد القرية الصالحة فعرض له أجله في الطريق ، قال : فاختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقال إبليس : أنا أولى به لم يعصني ساعة قط ، فقالت ملائكة الرحمة : إنه خرج تائبا ، قال همام : فحدثني حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع قال : فبعث الله إليه ملكا فاختصموا إليه ، ثم رجع إلى حديث قتادة فقال : انظروا أي القريتين كانت أقرب إليه فألحقوه بها ، قال : فحدثني الحسن قال : لما عرف الموت [ احتقر بنفسه ] فقرب الله منه القرية الصالحة وباعد منه القرية الخبيثة ، فألحقه بأهل القرية الصالحة . ( 23 ) حدثنا يزيد بن هارون عن همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن صفوان بن محزر قال : كنت آخذا بيد عبد الله بن عمر فأتاه رجل فقال : كيف سمعت رسول الله ( ص ) يقول في النجوى ؟ فقال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ( إن الله يدني المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه ، يستره من الناس ، فيقول : أي عبدي تعرف ذنب كذا وكذا ؟ فيقول : أي نعم رب ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني قد سترتها عليك في الدنيا وقد غفرتها لك اليوم ، ثم يؤتى بكتاب حسناته ، وأما الكفار والمنافقون فيقول الاشهاد : * ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) * ) . * ( هامش ) * ( 1 / 22 )[ احتقر بنفسه ] الارجح أنها احتفر لنفسه . ( 1 / 23 ) سورة هود من الآية ( 18 ). ( * ) ( 24 ) حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عون قال : بدئ بالعفو قبل الذنب ( عفا الله عنك لم أذنت لهم ) . ( 25 ) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي ( ص ) قال : ( خرج رجل من قرية يزور أخا له في قرية أخرى ، قال : فأرسل الله له ملكا فجلس على طريقه فقال : أين تريد ؟ فقال : أريد أخا لي أزوره في الله في هذه القرية ، فقال : هل له عليك من نعمة تربها ؟ قال : لا ولكني أحببته في الله ، قال : إني رسول ربك إليك ، إنه قد أحبك فيما أحببته فيه ) . ( 26 ) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن عروة بن عاصم قال : إن الرجل لتعرض عليه ذنوبه فيمر بالذنب فيقول : قد كنت منك شفقا فيغفر الله له . ( 27 ) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال : إن للمقنطين حبسا يطأ الناس على أعناقهم يوم القيامة . * ( هامش ) * ( 1 / 26 ) شفقا : خائفا . ( 1 / 27 ) المقنطين : اليائسين عن رحمة الله ، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ( * ) .