كتاب الحيض
 قوله بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الحيض أصله السيلان وفي العرف جريان دم المرأة من موضع مخصوص في أوقات معلومة قوله وقول الله تعالى بالجر عطفا على الحيض والمحيض عند الجمهور هو الحيض وقيل زمانه وقيل مكانه قوله أذى قال الطيبي سمى الحيض أذى لنتنه وقذره ونجاسته وقال الخطابي الاذى المكروه الذي ليس بشديد كما قال تعالى لن يضروكم الا أذى فالمعنى أن المحيض أذى يعتزل من المرأة موضعه ولا يتعدى ذلك إلى بقية بدنها قوله فاعتزلوا النساء في المحيض روى مسلم وأبو داود من حديث أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة اخرجوها من البيت فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت الآية فقال اصنعوا كل شيء الا النكاح فأنكرت اليهود ذلك فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا يا رسول الله الا نجامعهن في الحيض يعني خلافا لليهود فلم يأذن في ذلك وروى الطبرى عن السدي أن الذي سأل أولا عن ذلك هو ثابت بن الدحداح



قوله باب كيف كان بدء الحيض أي ابتداؤه وفي إعراب باب الأوجه المتقدمه أول الكتاب قوله وقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا شيء يشير إلى حديث عائشة المذكور عقبه لكن بلفظ هذا أمر وقد وصله بلفظ شيء من طريق أخرى بعد خمسة أبواب أو ستة والاشاره بقوله هذا إلى الحيض قوله وقال بعضهم كان أول بالرفع لأنه اسم كان والخبر على بني إسرائيل أي على نساء بني إسرائيل وكأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق عن بن مسعود بإسناد صحيح قال كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا فكانت المرأة تتشرف للرجل فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد وعنده عن عائشة نحوه قوله وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر قيل معناه اشمل لأنه عام في جميع بنات آدم فيتناول الإسرائيليات ومن قبلهن أو المراد أكثر شواهد أو أكثر قوه وقال الداودي ليس بينهما مخالفة فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم فعلى هذا فقوله بنات آدم عام أريد به الخصوص قلت ويمكن أن يجمع بينهما مع القول بالتعميم بأن الذي أرسل على نساء بني إسرائيل طول مكثه بهن عقوبة لهن لا ابتداء وجوده وقد روى الطبري وغيره عن بن عباس وغيره أن قوله تعالى في قصة إبراهيم وامرأته قائمة فضحكت أي حاضت والقصة متقدمة على بني إسرائيل بلا ريب وروى الحاكم وابن المنذر بإسناد صحيح عن بن عباس إن ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن هبطت من الجنة وإذا كان كذلك فبنات آدم بناتها والله أعلم

قوله باب الأمر بالنفساء أي الأمر المتعلق بالنفساء والجمع في قوله إذا نفسن باعتبار الجنس وسقطت هذه الترجمة من أكثر الروايات غير أبي ذر وأبي الوقت وترجم بالنفساء إشعارا بأن ذلك يطلق على الحائض لقول عائشة في الحديث حضت وقوله صلى الله عليه وسلم لها أنفست وهو بضم النون وفتحها وكسر الفاء فيهما وقيل بالضم في الولادة وبالفتح في الحيض وأصله خروج الدم لأنه يسمى نفسا وسيأتي مزيد بسط لذلك بعد بابين

[ 290 ] قوله سمعت القاسم يعني أباه وهو بن محمد بن أبي بكر الصديق قوله لا نرى بالضم أي لا نظن وسرف بفتح المهملة وكسر الراء بعدها فاء موضع قريب من مكة بينهما نحو من عشرة أميال وهو ممنوع من الصرف وقد يصرف قوله فاقضي المراد بالقضاء هنا الأداء وهما في اللغة بمعنى واحد قوله غير أن لا تطوفي بالبيت زاد في الرواية الآتية حتى تطهري وهذا الاستثناء مختص بأحوال الحج لا بجميع أحوال المرأة وسيأتي الكلام على هذا الحديث بتمامه في كتاب الحج إن شاء الله تعالى

قوله باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله بالجر عطفا على غسل أي تسريح شعر رأسه والحديث مطابق لما ترجم له من جهة الترجيل والحق به الغسل قياسا أو اشاره إلى الطريق الآتية في باب مباشرة الحائض فإنها صريحة في ذلك وهو دال على أن ذات الحائض طاهرة وعلى أن حيضها لا يمنع ملامستها

[ 292 ] قوله أخبرنا هشام وفي رواية الأكثر أخبرني هشام بن عروة وفي هذا الإسناد لطيفه وهي اتفاق اسم شيخ الراوي وتلميذه مثاله هذا بن جريج عن هشام وعنه هشام فالأعلى بن عروة والأدنى بن يوسف وهو نوع أغفله بن الصلاح قوله مجاور أي معتكف وثبت هذا التفسير في نسخة الصغاني في الأصل وحجرة عائشة كانت ملاصقة للمسجد والحق عروة الجنابة بالحيض قياسا وهو جلي لأن الاستقذار بالحائض أكثر من الجنب وألحق الخدمة بالترجيل وفي الحديث دلالة على طهارة بدن الحائض وعرقها وأن المباشرة الممنوعة للمعتكف هي الجماع ومقدماته وأن الحائض لا تدخل المسجد وقال بن بطال فيه حجة على الشافعي في قوله إن المباشرة مطلقا تنقض الوضوء كذا قال ولا حجة فيه لأن الاعتكاف لا يشترط فيه الوضوء وليس في الحديث أنه عقب ذلك الفعل بالصلاة وعلى تقدير ذلك فمس الشعر لا ينقض الوضوء والله أعلم

قوله باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض الحجر بفتح المهملة وسكون الجيم ويجوز كسر أوله قوله وكان أبو وائل هو التابعي المشهور صاحب بن مسعود وأثره هذا وصله بن أبي شيبة عنه بإسناد صحيح قوله يرسل خادمه أي جاريته والخادم يطلق على الذكر والأنثى قوله إلى أبي رزين هو التابعي المشهور أيضا قوله بعلاقته بكسر العين أي الخيط الذي يربط به كيسه وذلك مصير منهما إلى جواز حمل الحائض المصحف لكن من غير مسه ومناسبته لحديث عائشة من جهة أنه نظر حمل الحائض العلاقة التي فيها المصحف بحمل الحائض المؤمن الذي يحفظ القرآن لأنه حامله في جوفه وهو موافق لمذهب أبي حنيفة ومنع الجمهور ذلك وفرقوا بان الحمل مخل بالتعظيم والاتكاء لا يسمى في العرف حملا

[ 293 ] قوله سمع زهيرا هو بن معاوية الجعفي ومنصور بن صفية منسوب إلى أمه لشهرتها وهو منصور بن عبد الرحمن الحجبي وأمه صفية بنت شيبة بن عثمان من صغار الصحابة قوله ثم يقرأ القرآن وللمصنف في التوحيد كان يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض فعلى هذا فالمراد بالاتكاء وضع رأسه في حجرها قال بن دقيق العيد في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن لأن قراءتها لو كانت جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها حتى احتيج إلى التنصيص عليها وفيه جواز ملامسة الحائض وأن ذاتها وثيابها على الطهارة ما لم يلحق شيئا منها نجاسة وهذا مبني على منع القراءة في المواضع المستقذرة وفيه جواز القراءة بقرب محل النجاسة قاله النووي وفيه جواز استناد المريض في صلاته إلى الحائض إذا كانت أثوابها طاهرة قاله القرطبي

قوله باب من سمي النفاس حيضا قيل هذه الترجمة مقلوبة لأن حقها أن يقول من سمي الحيض نفاسا وقيل يحمل على التقديم والتأخير والتقدير من سمي حيضا النفاس ويحتمل أن يكون المراد بقوله من سمي من أطلق لفظ النفاس على الحيض فيطابق ما في الخبر بغير تكلف وقال المهلب وغيره لما لم يجد المصنف نصا على شرطه في النفساء ووجد تسمية الحيض نفاسا في هذا الحديث فهم منه أن حكم دم النفاس حكم دم الحيض وتعقب بان الترجمة في التسمية لا في الحكم وقد نازع الخطابي في التسوية بينهما من حيث الاشتقاق كما سيأتي وقال بن رشيد وغيره مراد البخاري أن يثبت أن النفاس هو الأصل في تسمية الدم الخارج والتعبير به تعبير بالمعنى الأعم والتعبير عنه بالحيض تعبير بالمعنى الأخص فعبر النبي صلى الله عليه وسلم بالأول وعبرت أم سلمة بالثاني فالترجمة على هذا مطابقة لما عبرت به أم سلمة والله أعلم

[ 294 ] قوله حدثنا هشام هو الدستوائي قوله عن أبي سلمة في رواية مسلم حدثني أبي سلمة أخرجها من طريق معاذ بن هشام عن أبيه قوله مضطجعه بالرفع ويجوز النصب قوله في خميصه بفتح الخاء المعجمه وبالصاد المهملة كساء أسود له أعلام يكون من صوف وغيره ولم أر في شيء من طرقه بلفظ خميصه إلا في هذه الرواية وأصحاب يحيى ثم أصحاب هشام كلهم قالوا خميلة باللام بدل الصاد وهو موافق لما في آخر الحديث قيل الخميلة القطيفة وقيل الطنفسه وقال الخليل الخميلة ثوب له خمل أي هدب وعلى هذا لا منافاه بين الخميصه والخميلة فكأنها كانت كساء أسود لها اهداب قوله فانسللت بلامين الأولى مفتوحة والثانية ساكنه أي ذهبت في خفيه زاد المصنف من رواية شيبان عن يحيى كما سيأتي قريبا فخرجت منها أي من الخميصه قال النووي كأنها خافت وصول شيء من دمها إليه أو خافت أن يطلب الاستمتاع بها فذهبت لتتأهب لذلك أو تقذرت نفسها ولم ترضها لمضاجعته فلذلك أذن لها في العود قوله ثياب حيضتي وقع في روايتنا بفتح الحاء وكسرها معا ومعنى الفتح أخذت ثيابي التي البسها زمن الحيض لأن الحيضه بالفتح هي الحيض ومعنى الكسر أخذت ثيابي التي أعددتها لألبسها حالة الحيض وجزم الخطابي برواية الكسر ورجحها النووي ورجح القرطبي رواية الفتح لوروده في بعض طرقه بلفظ حيضي بغير تاء قوله أنفست قال الخطابي أصل هذه الكلمة من النفس وهو الدم إلا إنهم فرقوا بين بناء الفعل من الحيض والنفاس فقالوا في الحيض نفست بفتح النون وفي الولادة بضمها انتهى وهذا قول كثير من أهل اللغة لكن حكى أبو حاتم عن الأصمعي قال يقال نفست المرأة في الحيض والولادة بضم النون فيهما وقد ثبت في روايتنا بالوجهين فتح النون وضمها وفي الحديث جواز النوم مع الحائض في ثيابها والاضطجاع معها في لحاف واحد واستحباب اتخاذ المرأة ثيابا للحيض غير ثيابها المعتادة وقد ترجم المصنف على ذلك كما سيأتي وسيأتي الكلام على مباشرتها في الباب الذي بعده

قوله باب مباشرة الحائض المراد بالمباشرة هنا التقاء البشرتين لا الجماع

[ 295 ] قوله حدثنا قبيصه بالقاف والصاد المهملة هو بن عقبة وسفيان هو الثوري ومنصور هو بن المعتمر والإسناد كله إلى عائشة كوفيون وتقدم الكلام على اغتسالها مع النبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد في كتاب الغسل قوله فاتزر كذا في روايتنا وغيرها بتشديد التاء المثناه بعد الهمزة وأصله فأتزره بهمزه ساكنه بعد الهمزة المفتوحة ثم المثناه بوزن افتعل وأنكر أكثر النحاة الإدغام حتى قال صاحب المفصل أنه خطأ لكن نقل غيره أنه مذهب الكوفيين وحكاه الصغاني في مجمع البحرين وقال بن مالك أنه مقصور على السماع ومنه قراءة بن محيص فليؤد الذي أؤتمن بالتشديد والمراد بذلك أنها تشد إزارها على وسطها وحدد ذلك الفقهاء بما بين السره والركبة عملا بالعرف الغالب وقد سبق الكلام على بقية الحديث قبل ببابين

[ 296 ] قوله حدثنا إسماعيل بن خليل كذا في رواية أبي ذر وكريمة ولغيرهما الخليل والإسناد أيضا إلى عائشة كلهم كوفيين قوله إحدانا أي إحدى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قوله أن تتزر بتشديد المثناة الثانية وقد تقدم توجيهها وللكشميهني أن تأتزر بهمزه ساكنه وهي أفصح قوله في فور حيضتها قال الخطابي فور الحيض أوله ومعظمه وقال القرطبي فور الحيضه معظم صبها من فوران القدر وغليانها قوله يملك إربه بكسر الهمزة وسكون الراء ثم موحدة قيل المراد عضوه الذي يستمع به وقيل حاجته والحاجة تسمى أربا بالكسر ثم السكون واربا بفتح الهمزة والراء وذكر الخطابي في شرحه أنه روى هنا بالوجهين وأنكر في موضع آخر كما نقله النووي وغيره عنه رواية الكسر وكذا أنكرها النحاس وقد ثبتت رواية الكسر وتوجيهها ظاهر فلا معنى لإنكارها والمراد أنه صلى الله عليه وسلم كان أملك الناس لأمره فلا يخشى عليه ما يخشى على غيره من أن يحوم حول الحمى ومع ذلك فكان يباشر فوق الإزار تشريعا لغيره ممن ليس بمعصوم وبهذا قال أكثر العلماء وهو الجاري على قاعدة المالكية في باب سد الذرائع وذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج فقط وبه قال محمد بن الحسن من الحنفية ورجحه الطحاوي وهو اختيار أصبغ من المالكية واحد القولين أو الوجهين للشافعية واختاره بن المنذر وقال النووي هو الأرجح دليلا لحديث أنس في مسلم اصنعوا كل شيء إلا الجماع وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعا بين الادله وقال بن دقيق العيد ليس في حديث الباب ما يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد انتهى ويدل على الجواز أيضا ما رواه أبو داود بإسناد قوي عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا واستدل الطحاوي على الجواز بان المباشرة تحت الإزار دون الفرج لا توجب حدا ولا غسلا فأشبهت المباشرة فوق الإزار وفصل بعض الشافعية فقال إن كان يضبط نفسه عند المباشرة عن الفرج ويثق منها باجتنابه جاز وإلا فلا واستحسنه النووي ولا يبعد تخريج وجه مفرق بين ابتداء الحيض وما بعده لظاهر التقييد بقولها فور حيضتها ويؤيده ما رواه بن ماجة بإسناد حسن عن أم سلمة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتقي سورة الدم ثلاثا ثم يباشر بعد ذلك ويجمع بينه وبين الأحاديث الدالة على المبادرة إلى المباشرة على اختلاف هاتين الحالتين قوله تابعه خالد هو بن عبد الله الواسطي وجرير هو بن عبد الحميد أي تابعا على بن مسهر في رواية هذا الحديث عن أبي إسحاق الشيباني بهذا الإسناد وللشيباني فيه إسناد آخر كما سيأتي عقبة ومتابعة خالد وصلها أبو القاسم التنوخي في فوائده من طريق وهب بن بقية عنه وقد أوردت إسنادها في تعليق التعليق ومتابعة جرير وصلها أبو داود الإسماعيلي والحاكم في المستدرك وهذا مما وهم في استدراكه لكونه مخرجا في الصحيحين من طريق الشيباني ورواه أيضا عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود بسنده هذا منصور بن أبي الأسود أخرجه أبو عوانة في صحيحه

[ 297 ] قوله حدثنا أبو النعمان هو الذي يقال له عارم وعبد الواحد هو بن زياد البصري قوله عبد الله بن شداد أي بن أسامة بن الهاد الليثي وهو من أولاد الصحابة له رؤية قوله أمرها أي بالاتزار فاتزرت وهو في روايتنا بإثبات الهمزة على اللغة الفصحى قوله رواه سفيان يعني الثوري عن الشيباني يعني بسند عبد الواحد وهو عند الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان نحوه وقد رواه عن الشيباني أيضا بهذا الإسناد خالد بن عبد الله عند مسلم وجرير بن عبد الحميد عند الإسماعيلي وذلك مما يدفع عنه توهم الاضطراب وكأن الشيباني كان يحدث به تارة من مسند عائشة وتارة من مسند ميمونة فسمعه منه جرير وخالد بالإسنادين وسمعه غيرهما بأحدهما ورواه عنه أيضا بإسناد ميمونة حفص بن غياث عند أبي داود وأبو معاوية عند الإسماعيلي وأسباط بن محمد عند أبي عوانة في صحيحه وقد تقدم ذكر من رواه عنه بإسناد عائشة

قوله باب ترك الحائض الصوم قال بن رشيد وغيره جرى البخاري على عادته في إيضاح المشكل دون الجلي وذلك أن تركها الصلاة واضح من أجل أن الطهارة مشترطة في صحة الصلاة وهي غير طاهر وأما الصوم فلا يشترط له الطهارة فكان تركها له تعبدا محضا فاحتاج إلى التنصيص عليه بخلاف الصلاة

[ 298 ] قوله حدثنا سعيد بن أبي مريم هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم المصري الجمحي لقيه البخاري وروى مسلم وأصحاب السنن عنه بواسطة ومحمد بن جعفر هو بن أبي كثير أخو إسماعيل والإسناد منه فصاعدا مدنيون وفيه تابعي عن تابعي زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله وهو بن أبي سرح العامري لأبيه صحبه قوله في أضحى أو فطر شك من الراوي قوله إلى المصلي فمر على النساء اختصره المؤلف هنا وقد ساقه في كتاب الزكاة تاما ولفظه إلى المصلي فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال أيها الناس تصدقوا فمر على النساء وقد تقدم في كتاب العلم من وجه آخر عن أبي سعيد أنه كان وعد النساء بان يفردهن بالموعظة فأنجزه ذلك اليوم وفيه أنه وعظهن وبشرهن قوله يا معشر النساء المعشر كل جماعة أمرهم واحد ونقل عن ثعلب أنه مخصوص بالرجال وهذا الحديث يرد عليه إلا إن كان مراده بالتخصيص حالة إطلاق المعشر لا تقييده كما في الحديث قوله أريتكن بضم الهمزة وكسر الراء على البناء للمفعول والمراد إن الله تعالى أراهن له ليلة الإسراء وقد تقدم في العلم من حديث بن عباس بلفظ أرأيت النار فرأيت أكثر أهلها النساء ويستفاد من حديث بن عباس إن الرؤية المذكورة وقعت في حال صلاة الكسوف كما سيأتي واضحا في باب صلاة الكسوف جماعة قوله وبم الواو استئنافيه والباء تعليليه والميم أصلها ما الاستفهامية فحذفت منها الألف تخفيفا قوله وتكفرن العشير أي تجحدن حق الخليط وهو الزوج أو أعم من ذلك قوله من ناقصات صفه موصوف محذوف قال الطيبي في قوله ما رأيت من ناقصات الخ زيادة على الجواب تسمى الاستتباع كذا قال وفيه نظر ويظهر لي أن ذلك من جملة أسباب كونهن أكثر أهل النار لأنهن إذا كن سببا لاذهاب عقل الرجل الحازم حتى يفعل أو يقول ما لا ينبغي فقد شاركته في الإثم وزدن عليه قوله أذهب أي أشد إذهابا واللب أخص من العقل وهو الخالص منه والحازم الضابط لأمره وهذه مبالغه في وصفهن بذلك لأن الضابط لأمره إذا كان ينقاد لهن فغير الضابط أولى واستعمال أفعل التفضيل من الإذهاب جائز عند سيبويه حيث جوزه من الثلاثي والمزيد قوله قلن وما نقصان ديننا كأنه خفي عليهن ذلك حتى سألن عنه ونفس السؤال دال على النقصان لأنهن سلمن ما نسب إليهن من الأمور الثلاثة الإكثار والكفران والإذهاب ثم استشكلن كونهن ناقصات وما الطف ما أجابهن به صلى الله عليه وسلم من غير تعنيف ولا لوم بل خاطبهن على قدر عقولهن وأشار بقوله مثل نصف شهادة الرجل إلى قوله تعالى فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء لأن الاستظهار بأخرى مؤذن بقلة ضبطها وهو مشعر بنقص عقلها وحكى بن التين عن بعضهم أنه حمل العقل هنا على الدية وفيه بعد قلت بل سياق الكلام يأباه قوله فذلك بكسر الكاف خطابا للواحدة التي تولت الخطاب ويجوز فتحها على أنه للخطاب العام قوله لم تصل ولم تصم فيه إشعار بان منع الحائض من الصوم والصلاة كان ثابتا بحكم الشرع قبل ذلك المجلس وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية الخروج إلى المصلى في العيد وأمر الإمام الناس بالصدقه فيه واستبط منه بعض الصوفية جواز الطلب من الأغنياء للفقراء وله شروط وفيه حضور النساء العيد لكن بحيث ينفردن عن الرجال خوف الفتنة وفيه جواز عظة الإمام النساء على حده وقد تقدم في العلم وفيه أن جحد النعم حرام وكذا كثرة استعمال الكلام القبيح كاللعن والشتم واستدل النووي على إنهما من الكبائر بالتوعد عليها بالنار وفيه ذم اللعن وهو الدعاء بالإبعاد من رحمة الله تعالى وهو محمول على ما إذا كان في معين وفيه إطلاق الكفر على الذنوب التي لا تخرج عن الملة تغليظا على فاعلها لقوله في بعض طرقه بكفرهن كما تقدم في الإيمان وهو كإطلاق نفي الإيمان وفيه الإغلاظ في النصح بما يكون سببا لإزالة الصفة التي تعاب وأن لا يواجه بذلك الشخص المعين لأن في التعميم تسهيلا على السامع وفيه إن الصدقة تدفع العذاب وإنها قد تكفر الذنوب التي بين المخلوقين وأن العقل يقبل الزيادة والنقصان وكذلك الإيمان كما تقدم وليس المقصود بذكر النقص في النساء لومهن على ذلك لأنه من أصل الخلقة لكن التنبيه على ذلك تحذيرا من الافتتان بهن ولهذا رتب العذاب على ما ذكر من الكفران وغيره لا على النقص وليس نقص الدين منحصرا فيما يحصل به الإثم بل في أعم من ذلك قاله النووي لأنه أمر نسبي فالكامل مثلا ناقص عن الأكمل ومن ذلك الحائض لا تأثم بترك الصلاة زمن الحيض لكنها ناقصة عن المصلي وهل تثاب على هذا الترك لكونها مكلفة به كما يثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشغل بالمرض عنها قال النووي الظاهري أنها لا تثاب والفرق بينها وبين المريض أنه كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته والحائض ليست كذلك وعندي في كون هذا الفرق مستلزما لكونها لا تثاب وقفة وفي الحديث أيضا مراجعة المتعلم لمعلمه والتابع لمتبوعة فيما لا يظهر له معناه وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الخلق العظيم والصفح الجميل والرفق والرأفة زاده الله تشريفا وتكريما وتعظيما

قوله باب تقضي الحائض أي تؤدي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت قيل مقصود البخاري بما ذكر في هذا الباب من الأحاديث والآثار إن الحيض وما في معناه من الجنابة لا ينافي جميع العبادات بل صحت معه عبادات بدنيه من أذكار وغيرها فمناسك الحج من جملة ما لا ينافيها إلا الطواف فقط وفي كون هذا مراده نظر لأن كون مناسك الحج كذلك حاصل بالنص فلا يحتاج إلى الاستدلال عليه والأحسن ما قاله بن رشيد تبعا لابن بطال وغيره إن مراده الاستدلال على جواز قراءة والجنب بحديث عائشة رضي الله عنها لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه ومنع القراءة إن كان لكونه ذكر الله فلا فرق بينه وبين ما ذكر وأن كان تعبدا فيحتاج إلى دليل خاص ولم يصح عند المصنف شيء من الأحاديث الوادره في ذلك وأن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره لكن أكثرها قابل للتأويل كما سنشير إليه ولهذا تمسك البخاري ومن قال بالجواز غيره كالطبري وابن المنذر وداود بعموم حديث كان يذكر الله على كل أحيانه لأن الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره وإنما فرق بين الذكر والتلاوه بالعرف والحديث المذكور وصله مسلم من حديث عائشة وأورد المصنف أثر إبراهيم وهو النخعي إشعارا بان منع الحائض من القراءة ليس مجمعا عليه وقد وصله الدارمي وغيره بلفظ أربعة لا يقرءون القرآن الجنب والحائض وعند الخلاء وفي الحمام إلا الآية ونحوها للجنب والحائض وروى عن مالك نحو قول إبراهيم وروى عنه الجواز مطلقا وروى عنه الجواز للحائض دون الجنب وقد قيل أنه قول الشافعي في القديم ثم أورد أثر بن عباس وقد وصله بن المنذر بلفظ إن بن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب وأما حديث أم عطية فوصله المؤلف في العيدين وقوله فيه ويدعون كذا لأكثر الرواة وللكشميهني يدعين بباء تحتانية بدل الواو ووجه الدلالة منه ما تقدم من أنه لا فرق بين التلاوة وغيرها ثم أورد المصنف طرفا من حديث أبي سفيان في قصة هرقل وهو موصول عنده في بدء الوحي وغيره ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى الروم وهم كفار والكافر جنب كأنه يقول إذا جاز مس الكتاب للجنب مع كونه مشتملا على آيتين فكذلك يجوز له قراءاته كذا قاله بن رشيد وتوجيه الدلالة منه إنما هي من حيث أنه إنما كتب إليهم ليقرءوه فاستلزم جواز القراءة بالنص لا بالاستنباط وقد أجيب ممن منع ذلك وهم الجمهور بان الكتاب اشتمل على أشياء غير الآيتين فأشبه ما لو ذكر بعض القرآن في كتاب في الفقه أو في التفسير فإنه لا يمنع قراءته ولا مسه عند الجمهور لأنه لا يقصد منه التلاوة ونص أحمد أنه يجوز مثل ذلك في المكاتبة لمصلحة التبليغ وقال به كثير من الشافعية ومنهم من خص الجواز بالقليل كالآية والآيتين قال الثوري لا بأس أن يعلم الرجل النصراني الحرف من القرآن عسى الله أن يهديه واكره أن يعلمه الآية هو كالجنب وعن أحمد أكره أن يضع القرآن في غير موضعه وعنه أن رجى منه الهداية جاز وإلا فلا وقال بعض من منع لا دلاله في القصة على جواز تلاوة الجنب القرآن لأن الجنب إنما منع التلاوة إذا قصدها وعرف إن الذي يقرأه قرآن أما لو قرأ في ورقة ما لا يعلم أنه من القرآن فإنه لا يمنع وكذلك الكافر وسيأتي مزيد لهذا في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى تنبيه ذكر صاحب المشارق أنه وقع في رواية القابسي والنسفي وعبدوس هنا ويا أهل الكتاب بزيادة واو قال وسقطت لأبي ذر والأصيلي وهو الصواب قلت فأفهم إن الأولى خطأ لكونها مخالفة للتلاوة وليست خطأ وقد تقدم توجيه إثبات الواو في بدء الوحي قوله وقال عطاء من جابر هو طرف من حديث موصول عند المصنف في كتاب الأحكام وفي آخره غير أنها لا تطوف بالبيت ولا تصلي وأما أثر الحكم وهو الفقيه الكوفي فوصله البغوي في الجعديات من روايته عن على بن الجعد عن شعبة عنه ووجه الدلالة منه إن الذبح مستلزم لذكر الله بحكم الآية التي ساقها وفي جميع ما استدل به نزاع يطول ذكره ولكن الظاهر من تصرفه ما ذكرناه واستدل الجمهور على المنع بحديث على كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان وضعف بعضهم بعض رواته والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة لكن قيل في الاستدلال به نظر لأنه فعل مجرد فلا يدل على تحريم ما عداه وأجاب الطبري عنه بأنه محمول على الأكمل جمعا بين الادله وأما حديث بن عمر مرفوعا لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن فضعيف من جميع طرقه وقد تقدم الكلام على حديث عائشة في أول كتاب الحيض وقولها طمثت بفتح الميم وإسكان المثلثة أي حضت ويجوز كسر الميم يقال طمثت المرأه بالفتح والكسر في الماضي تطمث بالضم في المستقبل

قوله باب الاستحاضه تقدم أنها جريان الدم من فرج المرأه في غير أوانه وأنه يخرج من عرق يقال له العاذل بعين مهملة وذال معجمه

[ 300 ] قوله أني لا اطهر تقدم في باب غسل الدم من رواية أبي معاوية عن هشام وهو بن عروة وفي هذا الحديث للتصريح ببيان السبب وهو قولها إني استحاض وكان عندها أم طهارة الحائض لا تعرف إلا بانقطاع الدم فكنت بعدم الطهر عن اتصاله وكانت قد علمت أن الحائض لا تصلي فظنت إن ذلك الحكم مقترن بجريان الدم من الفرج فأرادت تحقق ذلك فقالت أفأدع الصلاة قوله إنما ذلك بكسر الكاف وزاد في الرواية الماضية فقال لا قوله وليس بالحيضه بفتح الحاء كما نقله الخطابي عن أكثر المحدثين أو كلهم وأن كان قد أختار الكسر على إرادة الحالة لكن الفتح هنا أظهر وقال النووي وهو متعين أو قريب من المتعين لأنه صلى الله عليه وسلم أراد إثبات الاستحاضه ونفى الحيض وأما قوله فإذا أقبلت الحيضه فيجوز فيه الوجهان معا جوازا حسنا انتهى كلامه والذي في روايتنا بفتح الحاء في الموضعين والله أعلم قوله فاغسلي عنك الدم وصلى أي بعد الاغتسال كما سيأتي التصريح به في باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة في هذا الحديث قال في آخره ثم اغتسلي وصلى ولم يذكر غسل الدم وهذا الاختلاف واقع بين أصحاب هشام منهم من ذكر غسل الدم ولم يذكر الاغتسال ومنهم من ذكر الاغتسال ولم يذكر غسل الدم وكلهم ثقات وأحاديثهم في الصحيحين فيحمل على إن كل فريق اختصر أحد الأمرين لوضوحه عنده وفيه اختلاف ثالث أشرنا إليه في باب غسل الدم من رواية أبي معاوية فذكر مثل حديث الباب وزاد ثم توضئ لكل صلاة ورددنا هناك قول من قال أنه مدرج وقول من جزم بأنه موقوف على عروة ولم ينفرد أبو معاوية بذلك فقد رواه النسائي من طريق حماد بن زيد عن هشام وادعى إن حمادا تفرد بهذه الزيادة وأومأ مسلم أيضا إلى ذلك وليس كذلك فقد رواه الدارمي من طريق حماد بن سلمة والسراج من طريق يحيى بن سليم كلاهما عن هشام وفي الحديث دليل على إن المر أه إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضه تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وأدباره فإذا أنقضى قدره اغتسلت عنه ثم صار حكم دم الاستحاضه حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة لكنها لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضيه لظاهر قوله ثم توضئي لكل صلاة وبهذا قال الجمهور وعند الحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة وعلى قولهم المراد بقوله وتوضئي لكل صلاة أي لوقت كل صلاة ففيه مجاز الحذف ويحتاج إلى دليل وعند المالكية يستحب لها الوضوء لكل صلاة ولا يجب إلا بحدث آخر وقال أحمد وإسحاق إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط وفيه جوازا استفتاء المرأة بنفسها ومشافهتها للرجل فيما يتعلق بأحوال النساء وجواز سماع صوتها للحاجة وفيه غير ذلك وقد استنبط منه الرازي الحنفي أن مدة أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة لقوله قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها لأن أقل ما يطلق عليه لفظ أيام ثلاثة وأكثره عشرة فأما دون الثلاثة فإنما يقال يومان ويوم وأما فوق عشرة فإنما يقال أحد عشر يوما وهكذا إلى عشرين وفي الاستدلال بذلك نظر





[ 302 ] قوله حدثنا اصبغ هو وشيخه وشيخ شيخه الثلاثة مصريون والباقون وهو الثلاثة أيضا مدنيون قوله كانت إحدانا أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو محمول على أنهن كن يصنعن ذلك في زمنه صلى الله عليه وسلم وبهذا يلتحق هذا الحديث بحكم المرفوع يؤيده حديث أسماء الذي قبله قال بن بطال حديث عائشة يفسر حديث أسماء وأن المراد بالنصح في حديث أسماء الغسل وأما قول عائشة وتنضح على سائره فإنما فعلت ذلك دفعا للوسوسة لأنه قد بان في سياق حديثها أنها كانت تغسل الدم لا بعضه وفي قولها ثم تصلي فيه اشاره إلى امتناع الصلاة في الثوب النجس قوله ثم تقترص الدم بالقاف والصاد المهملة بوزن تفتعل أي تغسله بأطراف أصابعها وقال بن الجوزي معناه تقتطع كأنها تحوزه دون باقي المواضع والأول أشبه بحديث أسماء قوله عند طهرها كذا في أكثر الروايات وللمستملي والحموي عند طهره أي الثوب والمعنى عند إرادة تطهيره وفيه جواز ترك النجاسة في الثوب عند عدم الحاجة إلى تطهيره

قوله باب اعتكاف المستحاضه أي جوازه

[ 303 ] قوله حدثنا خالد بن عبد الله هو الطحان الواسطي وشيخه خالد هو بن مهران الذي يقال له الحذاء بالحناء المهملة والذال المعجمه المثقلة ومدار الحديث المذكور عليه وعكرمة هو مولى بن عباس قوله بعض نسائه قال بن الجوزي ما عرفنا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من كانت مستحاضه قال والظاهر إن عائشة أشارت بقولها من نسائه أي النساء المتعلقات به وهي أم حبيبه بنت جحش أخت زينب بنت جحش قلت يرد هذا التأويل قوله في الرواية الثانية امرأة من أزواجه وقد ذكرها الحميدي عقب الرواية الأولى فما أدرى كيف غفل عنها بن الجوزي وفي الرواية الثالثة بعض أمهات المؤمنين ومن المستبعد أن تعتكف معه صلى الله عليه وسلم امرأة غير زوجاته وإن كان لها به تعلق وقد حكى بن عبد البر إن بنات جحش الثلاث كن مستحاضات زينب أم المؤمنين وحمنة زوج طلحة وأم حبيبة زوج عبد الرحمن بن عوف وهي المشهورة منهن بذلك وسيأتي حديثها في ذلك وذكر أبو داود من طريق سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة استحيضت زينب بنت جحش فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلي لكل صلاة وكذا وقع في الموطأ إن زينب بنت جحش استحيضت وجزم بن عبد البر بأنه خطأ لأنه ذكر أنها كانت تحت عبد الرحمن بن عوف والتي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف إنما هي أم حبيبة أختها وقال شيخنا الإمام البلقيني يحمل على أن زينب بنت جحش استحيضت وقتا بخلاف أختها فإن استحاضتها دامت قلت وكذا يحمل على ما سأذكره في حق سودة وأم سلمة والله أعلم وقرأت بخط مغلطاي في عد المستحاضات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قال وسودة بنت زمعة ذكرها العلاء بن المسيب عن الحكم عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين فلعلها هي المذكورة قلت وهو حديث ذكره أبو داود من هذا الوجه تعليقا وذكر البيهقي

أن بن خزيمة أخرجه موصولا قلت لكنه مرسل لأن أبا جعفر تابعي ولم يذكر من حدثه به وقرأت في السنن لسعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا خالد هو الحذاء عن عكرمة أن امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت معتكفة وهي مستحاضه قال وحدثنا به خالد مرة أخري عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضه وربما جعلت الطست تحتها قلت وهذا أولى ما فسرت به هذه المرأة لاتحاد المخرج وقد أرسله إسماعيل بن علية عن عكرمة ووصله خالد الطحان ويزيد بن زريع وغيرهما بذكر عائشة فيه ورجح البخاري الموصول فأخرجه وقد أخرج بن أبي شيبة عن إسماعيل بن علية هذا الحديث كما أخرجه سعيد بن منصور بدون تسمية أم سلمة والله أعلم قوله من الدم أي لأجل الدم قوله وزعم هو معطوف على معنى العنعنة أي حدثني عكرمة بكذا وزعم كذا وأبعد من زعم أنه معلق قوله كأن بالهمز وتشديد النون قوله فلانه الظاهر أنها تعني المرأة التي ذكرتها قبل ورأيت على حاشية نسخة صحيحة من أصل أبي ذر ما نصه فلانة هي رملة أم حبيبة بنت أبي سفيان فإن كان ثابتا فهو قول ثالث في تفسير المبهمة وعلى ما زعم بن الجوزي من أن المستحاضه ليست من أزواجه فقد روى أن زينب بنت أم سلمة استحيضت وروى ذلك البيهق والإسماعيلي في جمعه حديث يحيى بن أبي كثير لكن الحديث في سنن أبي داود من حكاية زينب عن غيرها وهو أشبه فإنها كانت في زمنه صلى الله عليه وسلم صغيرة لأنه دخل على أمها في السنة الثالثة وزينب ترضع وأسماء بنت عميس حكاه الدارقطني من رواية سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن عروة عنها قلت وهو عند أبي داود على التردد هل هو أسماء أو فاطمة بنت أبي حبيش وهاتان لهما به صلى الله عليه وسلم تعلق لأن زينب ربيبته وأسماء أخت امرأته ميمونة لأمها وكذا لحمنة وأم حبيبة به تعلق وحديثهما في سنن أبي داود فهؤلاء سبع يمكن أن تفسر المبهمة باحداهن وأما من استحيض في عهده صلى الله عليه وسلم من الصحابيات غيرهن فسهلة بنت سهيل ذكرها أبو داود أيضا وأسماء بنت مرثد ذكرها البيهقي وغيره وبادية بنت غيلان ذكرها بن منده وفاطمة بنت أبي حبيش وقصتها عن عائشة في الصحيحين ووقع في سنن أبي داود عن فاطمة بنت قيس فظن بعضهن أنها القرشية الفهريه والصواب أنها بنت أبي حبيش واسم أبي حبيش قيس فهؤلاء أربع نسوه أيضا وقد كملن عشرا بحذف زينب بنت أبي سلمة وفي الحديث جواز مكث المستحاضه في المسجد وصحة اعتكافها وصلاتها وجواز حدثها في المسجد عند أمن التلويث ويلتحق بها دائم الحدث ومن به جرح يسيل

قوله باب هل تصلي المرأه في ثوب حاضت فيه قيل مطابقة الترجمة لحديث الباب أن من لم يكن لها إلا ثوب واحد تحيض فيه فمن المعلوم أنها تصلي فيه لكن بعد تطهيره وفي الجمع بينه وبين حديث أم سلمة الماضي الدال عل أنه كان لها ثوب مختص بالحيض أن حديث عائشة محمول على ما كان في أول الأمر وحديث أم سلمة محمول على ما كان بعد اتساع الحال ويحتمل أن يكون مراد عائشة بقولها ثوب واحد مختص بالحيض وليس في سياقها ما ينفي أن يكون لها غيره في زمن الطهر فيوافق حديث أم سلمة وليس فيه أيضا أنها صلت فيه فلا يكون فيه حجة لمن أجاز إزالة النجاسة بغير الماء وإنما أزالت الدم بريقها ليذهب أثره ولم تقصد تطهيره وقد مضى قبل بباب عنها ذكر الغسل بعد القرص قالت ثم تصلي فيه فدل على أنها عند إرادة الصلاة فيه كانت تغسله وقولها في حديث الباب قالت بريقها من إطلاق القول على الفعل وقولها فمصعته بالصاد والعين المهملتين المفتوحتين أي حكته وفركته بظفرها ورواه أبو داود بالقاف بدل الميم والقصع الدلك ووقع في رواية لد من طريق عطاء من عائشة بمعنى هذا الحديث ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بظفرها فعلى هذا فيحمل حديث الباب على أن المراد دم يسير يعفى عن مثله والتوجيه الأول أقوى فائده طعن بعضهم في هذا الحديث من جهة دعوى الانقطاع ومن جهة دعوى الاضطراب فأما الانقطاع فقال أبو حاتم لم يسمع مجاهد من عائشة وهذا مردود فقد وقع التصريح بسماعه منها عند البخاري في غير هذا الإسناد وأثبته على بن المديني فهو مقدم على من نفاه وأما الاضطراب فرواية أبي داود له عن محمد بن كثير عن إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم بدل بن أبي نجيح وهذا الاختلاف لا يوجب الاضطراب لأنه محمول على أن إبراهيم بن نافع سمعه من شيخين ولو لم يكن كذلك فأبو نعيم شيخ البخاري فيه أحفظ من محمد بن كثير شيخ أبي داود فيه وقد تابع أبا نعيم خلاد بن يحيى وأبو حذيفة والنعمان بن عبد السلام فرجحت روايته والرواية المرجوحة لا تؤثر في الرواية الراجحة والله أعلم

قوله باب الطيب للمرأة المراد بالترجمة أن تطيب المرأة عند الغسل من الحيض متأكد بحيث أنه رخص للحاده التي حرم عليها استعمال الطيب في شيء منه مخصوص

[ 307 ] قوله عن أيوب عن حفصة عن أم عطية زاد المستملي وكريمه قال أبو عبد الله أي المصنف أو هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطيه كأنه شك في شيخ حماد أهو أيوب أو هشام ولم يذكر ذلك باقي الرواة ولا أصحاب المستخرجات ولا الأطراف وقد أورد المصنف هذا الحديث في كتاب الطلاق بهذا الإسناد فلم يذكر ذلك قوله كنا ننهي بضم النون الأولى وفاعل النهي النبي صلى الله عليه وسلم كما دلت عليه رواية هشام المعلقة المذكورة بعد وهذا هو السر في ذكرها قوله نحد بضم النون وكسر المهملة من الإحداد وهو الامتناع من الزينة قوله إلا على زوج كذا للأكثر وفي رواية المستملي والحموي إلا على زوجها والأولى موافقة اللفظ نحد وتوجيه الثانية أن الضمير يعود على الواحدة المندرجة في قولها كنا ننهى أي كل واحدة منهن قوله ولا نكتحل بالرفع والنصب أيضا على العطف ولا زائدة وأكد بها لأن في النهي معنى النفي قوله ثوب عصب بفتح العين وسكون الصاد المهملتين قال في المحكم هو ضرب من برود اليمن يعصب غزله أي يجمع ثم يصبغ ثم ينسج وسيأتي الكلام على أحكام المادة في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى قوله في نبذة أي قطعة قوله كست إظفار كذا في هذه الرواية قال بن التين صوابه قسط ظفار كذا قال ولم أر هذا في هذه الرواية لكن حكاه صاحب المشارق ووجهه بأنه منسوب إلى أظفار مدينه معروفة بسواحل اليمن يجلب إليها القسط الهندي وحكى في ضبط ظفار وجهين كسر أوله وصرفه أو فتحه والبناء بوزن قطام ووقع في رواية مسلم من هذا الوجه من قسط أو أظفار بإثبات أو وهي للتخيير قال في المشارق القسط بخور معروف وكذلك الأظفار قال في البارع الإظفار ضرب من العطر يشبه الظفر وقال صاحب المحكم الظفر ضرب من العطر أسود مغلف من أصله على شكل ظفر الإنسان يوضع في البخور والجمع إظفار وقال صاحب العين لا واحد له والكست بضم الكاف وسكون المهملة بعدها المثناة هو القسط قاله المصنف في الطلاق وكذا قاله غيره وحكى المفضل بن سلمة أنه يقال بالكاف والطاء أيضا قال النووي ليس القسط والظفر من مقصود التطيب وإنما رخص فيه للحادة إذا اغتسلت من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة قال المهلب رخص لها في التبخر لدفع رائحة الدم عنها لما تستقبله من الصلاة وسيأتي الكلام على مسألة اتباع الجنائز في موضعه إن شاء الله تعالى قوله وروى كذا لأبي ذر ولغيره ورواه أي الحديث المذكور وسيأتي موصولا عند المصنف في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى من حديث هشام المذكور ولم يقع هذا التعليق في رواية المستملي وأغرب الكرماني فجوز أن يكون قائل ورواه حماد بن زيد المذكور في أول الباب فلا يكون تعليقا

قوله باب دلك المرأة نفسها الى آخر الترجمة قيل ليس في الحديث ما يطابق الترجمة لأنه ليس فيه كيفية الغسل ولا الدلك وأجاب الكرماني تبعا لغيره بان تتبع أثر الدم يستلزم الدلك وبأن المراد من كيفية الغسل الصفة المختصة بغسل المحيض وهي التطيب لا نفس الاغتسال انتهى وهو حسن على ما فيه من كلفة وأحسن منه أن المصنف جرى على عادته في الترجمة بما تضمنه بعض طرق الحديث الذي يورده وأن لم يكن المقصود منصوصا فيما ساقه وبيان ذلك أن مسلما أخرج هذا الحديث من طريق بن عيينة عن منصور التي أخرجه منها المصنف فذكر بعد قوله كيف تغتسل ثم تأخذ زاد ثم الدالة على تراخي تعليم الأخذ عن تعليم الاغتسال ثم رواه من طريق أخرى عن صفية عن عائشة وفيها شرح كيفية الاغتسال المسكوت عنها في رواية منصور ولفظه فقال تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكا شديدا حتى تبلغ شؤون رأسها أي أصوله ثم صب عليها الماء ثم تأخذ فرصة فهذا مراد الترجمة لاشتمالها على كيفية الغسل والدلك وإنما لم يخرج المصنف من هذه الطريق لكونها من رواية إبراهيم بن مهاجر عن صفية وليس هو على شرطه

[ 308 ] قوله حدثنا يحيى هو بن موسى البلخي كما جزم به بن السكن في روايته عن الفربري وقال البيهقي هو يحيى بن جعفر قيل أنه وقع كذلك في بعض النسخ قوله عن منصور بن صفيه هي بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري نسب إليها لشهرتها واسم أبيه عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة العبدري وهو من رهط زوجته صفية وشيبة له صحبه ولها أيضا وقتل الحارث بن طلحة بأحد ولعبد الرحمن رؤية ووقع التصريح بالسماع في جميع السند عند الحميدي في مسنده قوله أن امرأة زاد في رواية وهيب من الأنصار وسماها مسلم في رواية أبي الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر أسماء بنت شكل بالشين المعجمه والكاف المفتوحتين ثم اللام ولم يسم أباها في رواية غندر عن شعبة عن إبراهيم وروى الخطيب في المبهمات من طريق يحيى بن سعيد عن شعبة هذا الحديث فقال أسماء بنت يزيد بن السكن بالمهملة والنون الانصاريه التي يقال لها خطيبة النساء وتبعه بن الجوزي في التلقيح والدمياطي وزاد أن الذي وقع في مسلم تصحيف لأنه ليس في الأنصار من يقال له شكل وهو رد للرواية الثابتة بغير دليل وقد يحتمل أن يكون شكل لقبا لا اسما والمشهور في المسانيد والجوامع في هذا الحديث أسماء بنت شكل كما في مسلم أو أسماء لغير نسب كما في أبي داود وكذا في مستخرج أبي نعيم من الطريق التي أخرجه منها الخطيب وحكى النووي في شرح مسلم الوجهين بغير ترجيح والله اعلم قوله فأمرها كيف تغتسل قال خذي قال الكرماني هو بيان لقولها أمرها فإن قيل كيف يكون بيانا للاغتسال والاغتسال صب الماء لا أخذ الفرصة فالجواب أن السؤال لم يكن عن نفس الاغتسال لأنه معروف لكل أحد بل كان لقدر زائد على ذلك وقد سبقه إلى هذا الجواب الرافعي في شرح المسند وابن أبي جمرة وقوفا مع هذا اللفظ الوارد مع قطع النظر عن الطريق التي ذكرناها عند مسلم الدالة على أن بعض الرواة اختصر أو اقتصر والله أعلم قوله فرصة بكسر الفاء وحكى بن سيده تثليثها وبإسكان الراء وإهمال الصاد قطعة من صوف أو قطن أو جلدة عليها صوف حكاه أبو عبيد وغيره وحكى أبو داود أن في رواية أبي الأحوص قرصة بفتح القاف ووجه المنذري فقال يعني شيئا يسيرا مثل القرصة بطرف الإصبعين انتهى ووهم من عزا هذه الرواية للبخاري وقال بن قتيبة هي قرضة بفتح القاف وبالضاد المعجمه وقوله من مسك بفتح الميم والمراد قطعة جلد وهي رواية

من قاله بكسر الميم واحتج بأنهم كانوا في ضيق يمتنع معه أن يمتهنوا المسك مع غلاء ثمنه وتبعه بن بطال وفي المشارق أن أكثر الروايات بفتح الميم ورجح النووي الكسر وقال إن الرواية الأخرى وهي قوله فرصة ممسكة تدل عليه وفيه نظر لأن الخطابي قال يحتمل أن يكون المراد بقوله ممسكة أي مأخوذة باليد يقال أمسكته ومسكته لكن يبقى الكلام الظاهر الركة لأنه يصير هكذا خذي قطعة مأخوذة وقال الكرماني صنيع البخاري يشعر بان الرواية عنده بفتح الميم حيث جعل للأمر بالطيب بابا مستقلا انتهى واقتصار البخاري في الترجمة على بعض ما دلت عليه لا يدل على نفي ما عداه ويقوى رواية الكسر وأن المراد التطيب ما في رواية عبد الرزاق حيث وقع عنده من ذريرة وما استبعده بن قتيبة من امتهان المسك ليس ببعيد لما عرف من شأن أهل الحجاز من كثرة استعمال الطيب وقد يكون المأمور به من يقدر عليه قال النووي والمقصود باستعمال الطيب دفع الرائحة الكريهة على الصحيح وقيل لكونه أسرع إلى الحبل حكاه الماوردي قال فعلى الأول إن فقدت المسك استعملت ما يخلفه في طيب الريح وعلى الثاني ما يقوم في مقامه في إسراع العلوق وضعف النووي الثاني وقال لو كان صحيحا لاختصت به الممزوجة قال وإطلاق الأحاديث يرده والصواب إن ذلك مستحب لكل مغتسلة من حيض أو نفاس ويكره تركه للقادرة فإن لم تجد مسكا فطيبا فإن لم تجد فمزيلا كالطين وإلا فالماء كاف وقد سبق في الباب قبله أن الحادة تتبخر بالقسط فيجزيها قوله فتطهري قال في الرواية التي بعدها توضئي أي تنظفي قوله سبحان الله زاد في الرواية الآتية استحي وأعرض وللإسماعيلي فلما رأيته استحى علمتها وزاد الدارمي وهو يسمع فلا ينكر قوله اثر الدم قال النووي المراد به عند العلماء الفرج وقال المحاملي يستحب لها أن تطيب كل موضع أصابه الدم من بدنها قال ولم أره لغيره وظاهر الحديث حجة له قلت ويصرح به رواية الإسماعيلي تتبعي بها مواضع الدم وفي هذا الحديث من الفوائد التسبيح عند التعجب ومعناه هنا كيف يخفى هذا الظاهر الذي لا يحتاج في فهمه إلى فكر وفيه استحباب الكنايات فيما يتعلق بالعورات وفيه سؤال المرأة العالم عن أحوالها التي يحتشم منها ولهذا كانت عائشة تقول في نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين كما أخرجه مسلم في بعض طرق هذا الحديث وتقدم في العلم معلقا وفيه الاكتفاء بالتعريض والاشاره في الأمور المستهجنة وتكرير الجواب لإفهام السائل وإنما كرره مع كونها لم تفهمه أولا لأن الجواب به يؤخذ من إعراضه بوجهه عند قوله توضئي أي في المحل الذي يستحيي من مواجهة المرأة بالتصريح به فاكتفى بلسان الحال عن لسان المقال وفهمت عائشة رضي الله عنها ذلك عنه فتولت تعليمها وبوب عليه المصنف في الاعتصام الأحكام التي تعرف بالدلائل وفيه تفسير كلام العالم بحضرته لمن خفي عليه إذا عرف أن ذلك يعجبه وفيه الأخذ عن المفضول بحضرة الفاضل وفيه صحة العرض على المحدث إذا اقره ولو لم يقل عقبه نعم وأنه لا يشترط في صحة التحمل فهم السامع لجميع ما يسمعه وفيه الرفق بالمتعلم وإقامة العذر لمن لا يفهم وفيه أن المرء مطلوب بستر عيوبه وإن كانت مما جبل عليها من جهة أمر المرأة بالتطيب لإزالة الرائحة الكريهة وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه وحياته زاده الله شرفا

قوله باب غسل المحيض تقدم توجيهه في الترجمة التي قبله

[ 309 ] قوله حدثنا مسلم هو بن إبراهيم ومنصور هو بن صفية المذكور في الإسناد قبله قوله وتوضىء ثلاثا يحتمل أن يتعلق قوله ثلاثا بتوضيء أي كرري الوضوء ثلاثا ويحتمل أن يتعلق يقال ويؤيده السياق المتقدم أي قال لها ذلك ثلاث مرات قوله أو قال كذا وقع بالشك في أكثر الروايات ووقع في رواية بن عساكر وقال بالواو العاطفة والأولى أظهر ومحل التردد في لفظ بها هل هو ثابت أم لا أو التردد واقع بينه وبين لفظ ثلاثا والله أعلم

قوله باب امتشاط المرأة

[ 310 ] حدثنا إبراهيم هو بن سعد قوله انقضى رأسك أي حلى ضفره وامتشطى قيل ليس فيه دليل على الترجمة قاله الداودي ومن تبعه قالوا لأن أمرها بالامتشاط كان للإهلال وهي حائض لا عند غسلها والجواب أن الإهلال بالحج يقتضي الاغتسال لأنه من سنة الإحرام وقد ورد الأمر بالاغتسال صريحا في هذه القصة فيما أخرجه مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ولفظه فاغتسلي ثم أهلي بالحج فكأن البخاري جرى على عادته في الإشارة إلى ما تضمنه بعض طرق الحديث وأن لم يكن منصوصا فيما ساقه ويحتمل أن يكون الداودي أراد بقوله لا عند غسلها أي من الحيض ولم يرد نفي الاغتسال مطلقا والحامل له على ذلك ما في الصحيحين أن عائشة إنما طهرت من حيضها يوم النحر فلم تغتسل يوم عرفة إلا للإحرام وأما ما وقع في مسلم من طريق مجاهد عن عائشة أنها حاضت بسرف وتطهرت بعرفة فهو محمول على غسل الإحرام جمعا بين الروايتين وإذا ثبت أن غسلها إذ ذاك كان للإحرام استفيد معنى الترجمة من دليل الخطاب لأنه إذا جاز لها الامتشاط في غسل الإحرام وهو مندوب كان جوازه لغسل المحيض وهو واجب أولى قوله أمر عبد الرحمن يعني إن أبي بكر وليلة الحصبة بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين ثم الموحدة هي الليلة التي نزلوا فيها في المحصب وهو المكان الذي نزلوه بعد النفر من منى خارج مكة قوله التي نسكت كذا للأكثر مأخوذ من النسك وفي رواية أبي زيد المروزي سكت بحذف النون وتشديد آخره أي عنها والقابسي بمعجمه والتخفيف والضمير فيه راجع إلى عائشة على سبيل الالتفات وفي السياق التفات آخر بعد التفات وهو ظاهر للمتأمل

قوله باب نفض المرأة شعرها عند غسل المحيض أي هل يجب أم لا وظاهر الحديث الوجوب وبه قال الحسن وطاوس في الحائض دون الجنب وبه قال أحمد ورجح جماعة من أصحابه أنه للاستحباب فيهما قال بن قدامة ولا أعلم أحدا قال بوجوبه فيهما إلا ما روى عند عبد الله بن عمرو قلت وهو في مسلم عنه وفيه إنكار عائشة عليه الأمر بذلك لكن ليس فيه تصريح بأنه كان يوجبه وقال النووي حكاه أصحابنا عن النخعي واستدل الجمهور على عدم الوجوب بحديث أم سلمة قالت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة قال لا رواه مسلم وفي رواية له للحيضه والجنابه وحملوا الأمر في حديث الباب على الاستحباب جمعا بين الروايتين أو يجمع بالتفصيل بين من لا يصل الماء إليها إلا بالنقض فيلزم وإلا فلا

[ 311 ] قوله فليهلل في رواية الأصيلي فليهل بلام واحدة مشددة قوله لاحللت في رواية كريمة والحموي لأهللت بالهاء وسيأتي الكلام على بقية فوائد هذا الحديث والذي قبله في كتاب الحج إن شاء الله تعالى

قوله باب مخلقة وغير مخلقة رويناه بالاضافه أي باب تفسير قوله تعالى مخلقة وغير مخلقة وبالتنوين وتوجيهه ظاهر

[ 312 ] قوله حدثنا حماد هو بن زيد وعبيد الله بالتصغير بن أبي بكر بن أنس بن مالك قوله إن الله عز وجل وكل وقع في روايتنا بالتخفيف يقال وكله بكذا إذا استكفاه إياه وصرف أمره إليه وللأكثر بالتشديد وهو موافق لقوله تعالى ملك الموت الذي وكل بكم قوله يقول يا رب نطفة بالرفع والتنوين أي وقعت في الرحم نطفة وفي رواية القابسي بالنصب أي خلقت يا رب نطفة ونداء الملك بالأمور الثلاثة ليس في دفعة واحدة بل بين كل حاله وحالة مدة تبين من حديث بن مسعود الآتي في كتاب القدر أنها أربعون يوما وسيأتي الكلام هناك على بقية فوائد حديث أنس هذا والجمع بينه وبين ما ظاهره التعارض من حديث بن مسعود المذكور ومناسبة الحديث للترجمة من جهة أن المذكور مفسر للآية وأوضح منه سياقا ما رواه الطبري من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن بن مسعود قال إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال يا رب مخلقة أو غير مخلقة فإن قال غير مخلقة مجها الرحم دما وأن قال مخلقة قال يا رب فما صفة هذه النطفة فذكر الحديث وإسناده صحيح وهو موقوف لفظا مرفوع حكما وحكى الطبري لأهل التفسير في ذلك أقوالا وقال الصواب قول من قال المخلقة المصورة خلقا تاما وغير المخلقة السقط قبل تمام خلقه وهو قول مجاهد والشعبي وغيرهما وقال بن بطال غرض البخاري بإدخال هذا الحديث في أبواب الحيض تقوية مذهب من يقول إن الحامل لا تحيض وهو قول الكوفيين وأحمد وأبي ثور وابن المنذر وطائفة واليه ذهب الشافعي في القديم وقال في الجديد أنها تحيض وبه قال إسحاق وعن مالك روايتان قلت وفي الاستدلال بالحديث المذكور على أنها لا تحيض نظر لأنه لا يلزم من كون ما يخرج من الحامل هو السقط الذي لم يصور إن لا يكون

الدم الذي تراه المرأة التي يستمر حملها ليس بحيض وما ادعاه المخالف من أنه رشح من الولد أو من فضلة غذائه أو دم فساد لعلة فمحتاج إلى دليل وما ورد في ذلك من خبر أو أثر لا يثبت لأن هذا دم بصفات دم الحيض وفي زمن إمكانه فله حكم دم الحيض فمن ادعى خلافه فعليه البيان وأقوى حججهم إن استبراء الأمة اعتبر بالمحيض لتحقق براءة الرحم من الحمل فلو كانت الحامل تحيض لم تتم البراءه بالحيض واستدل بن المنير على أنه ليس بدم حيض بان الملك موكل برحم الحامل والملائكة لا تدخل بيتا فيه قذر ولا يلائمها ذلك وأجيب بأنه لا يلزم من كون الملك موكلا به أن يكون حالا فيه ثم هو مشترك الإلزام لأن الدم كله قذر والله أعلم

قوله باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة مراده بيان صحة إهلال الحائض ومعنى كيف في الترجمة الإعلام بالحال بصورة الاستفهام لا الكيفية التي يراد بعدها الصفة وبهذا التقدير يندفع اعتراض من زعم أن الحديث غير مناسب للترجمة إذ ليس فيها ذكر صفة الإهلال

[ 313 ] قوله من أهل بحج في رواية المستملي بحجة في الموضعين وكذا للحموي في الموضع الثاني قوله قالت فحضت أي بسرف قبل دخول مكة قوله حتى قضيت حجتي في رواية كريمة وأبي الوقت حجي والكلام على الفوائد الحديث يأتي في كتاب الحج إن شاء الله تعالى

قوله باب إقبال المحيض وأدباره اتفق العلماء على أن إقبال المحيض يعرف بالدفعة من الدم في وقت إمكان الحيض واختلفوا في أدباره فقيل يعرف بالجفوف وهو أن يخرج ما يحتشى به جافا وقيل بالقصة البيضاء واليه ميل المصنف كما سنوضحه قوله وكن هو بصيغة جمع المؤنث ونساء بالرفع وهو بدل من الضمير نحو أكلوني البراغيث والتنكير في نساء للتنويع أي كان ذلك من نوع من النساء لا من كلهن وهذا الأثر قد رواه مالك في الموطأ عن علقمة بن أبي علقمة المدني عن أمه واسمها مرجانة مولاة عائشة قالت كان النساء قوله بالدرجة بكسر أوله وفتح الراء والجيم جمع درج بالضم ثم السكون قال بن بطال كذا يرويه أصحاب الحديث وضبطه بن عبد البر في الموطأ بالضم ثم بالسكون وقال أنه تأنيث درج والمراد به ما تحتشى به المرأة من قطنة وغيرها لتعرف هل بقي من أثر الحيض من شيء أم لا قوله الكرسف بضم الكاف والسين المهملة بينهما راء ساكنه هو القطن قوله فيه الصفرة زاد مالك من دم الحيضة قوله فتقول أي عائشة والقصة بفتح القاف وتشديد المهملة هي النورة أي حتى تخرج القطنة بيضاء نقية لا يخالطها صفرة وفيه دلالة على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وأما في غيرها فسيأتي الكلام على ذلك في باب مفرد إن شاء الله تعالى وفيه إن القصة البيضاء علامة لانتهاء الحيض ويتبين بها ابتداء الطهر واعترض على من ذهب إلى أنه يعرف بالجفوف بأن القطنة قد تخرج جافة في أثناء الأمر فلا يدل ذلك على انقطاع الحيض بخلاف القصة وهي ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض قال مالك سألت النساء عنه فإذا هو أمر معلوم عندهن يعرفنه عند الطهر قوله وبلغ ابنة زيد بن ثابت كذا وقعت مبهمة هنا وكذا في الموطأ حيث روى هذا الأثر عن عبد الله بن أبي بكر أي بن محمد

بن عمرو بن حزم عن عمته عنها وقد ذكروا لزيد بن ثابت من البنات حسنة وعمرة وأم كلثوم وغيرهن ولم أر لواحدة منهن رواية إلا لام كلثوم وكانت زوج سالم بن عبد الله بن عمر فكأنها هي المبهمة هنا وزعم بعض الشراح أنها أم سعد قال لأن بن عبد البر ذكرها في الصحابة انتهى وليس في ذكره لها دليل على المدعى لأنه لم يقل أنها صاحبة هذه القصة بل لم يأت لها ذكر عنده ولا عند غيره إلا من طريق بن عنبسة بن عبد الرحمن وقد كذبوه وكان مع ذلك يضطرب فيها فتارة يقول بنت زيد بن ثابت وتارة يقول امرأة زيد ولم يذكر أحد من أهل المعرفة بالنسب في أولاد زيد من يقال لها أم سعد وأما عمة عبد الله بن أبي بكر فقال بن الحذاء هي عمرة بنت حزم عمة جد عبد الله بن أبي بكر وقيل لها عمته مجازا قلت لكنها صحابية قديمة روى عنها جابر بن عبد الله الصحابي ففي روايتها عن بنت زيد بن ثابت بعد فإن كانت ثابتة فرواية عبد الله عنها منقطعة لأنه لم يدركها ويحتمل أن تكون المرادة عمته الحقيقية وهي أم عمرو أو أم كلثوم والله أعلم قوله يدعون أي يطلبن وفي رواية الكشميهني يدعين وقد تقدم مثلها في باب تقضي الحائض المناسك كلها وقال صاحب القاموس دعيت لغة في دعوت ولم ينبه على ذلك صاحب المشارق ولا المطالع قوله الى الطهر أي إلى ما يدل على الطهر واللام في قولها ما كان النساء للعهد أي نساء الصحابة وإنما عابت عليهن لأن ذلك يقتضي الحرج والتنطع وهو مذموم قاله بن بطال وغيره وقيل لكون ذلك كان في غير وقت الصلاة وهو جوف الليل وفيه نظر لأن وقت العشاء ويحتمل أن يكون العيب لكون الليل لا يتبين به البياض الخالص من غيره فيحسبن إنهن طهرن وليس كذلك فيصلين قبل الطهر وحديث فاطمة بنت أبي حبيش تقدم في باب الاستحاضه وسفيان في هذا الإسناد هو بن عيينة لأن عبد الله بن محمد وهو المسندي لم يسمع من الثوري

قوله باب لا تقضي الحائض الصلاة نقل بن المنذر وغيره إجماع أهل العلم على ذلك وروى عبد الرزاق عن معمر أنه سأل الزهري عنه فقال اجتمع الناس عليه وحكى بن عبد البر عن طائفة من الخوارج إنهم كانوا يوجبونه وعن سمرة بن جندب أنه كان يأمر به فأنكرت عليه أم سلمة ولكن استقر الإجماع على عدم الوجوب كما قاله الزهري وغيره قوله وقال جابر بن عبد الله وأبو سعيد هذا التعليق عن هذين الصحابيين ذكره المؤلف بالمعنى فأما حديث جابر فأشار به إلى ما أخرجه في كتاب الأحكام من طريق حبيب عن عطاء عن جابر في قصة حيض عائشة في الحج وفيه غير أنها لا تطوف ولا تصلي ولمسلم نحوه من طريق أبي الزبير عن جابر وأما حديث أبي سعيد فأشار به إلى حديثه المتقدم في باب ترك الحائض الصوم وفيه أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم فإن قيل الترجمة لعدم القضاء وهذان الحديثان لعدم الإيقاع فما وجه المطابقة أجاب الكرماني بان الترك في قوله تدع الصلاة مطلق أداء وقضاء انتهى وهو غير متجه لأن منعها إنما هو في زمن الحيض فقط وقد وضح ذلك من سياق الحديثين والذي يظهر لي أن المصنف أراد أن يستدل على الترك أولا بالتعليق المذكور وعلى عدم القضاء بحديث عائشة فجعل المعلق كالمقدمة للحديث الموصول الذي هو مطابق للترجمة والله أعلم

[ 315 ] قوله حدثتني معاذة هي بنت عبد الله العدوية وهي معدودة في فقهاء التابعين ورجال الإسناد المذكور إليها بصريون قوله إن امرأة قالت لعائشة كذا ابهمها همام وبين شعبة في روايته عن قتادة أنها هي معاذة الراوية أخرجه الإسماعيلي من طريقه وكذا لمسلم من طريق عاصم وغيره عن معاذة قوله أتجزى بفتح أوله أي اتقضى وصلاتها بالنصب على المفعوليه ويروى أتجزىء بضم أوله والهمز أي أتكفى المرأة الصلاة الحاضرة وهي طاهرة ولا تحتاج إلى قضاء الفائتة في زمن الحيض فصلاتها على هذا بالرفع على الفاعلية والأولى اشهر قوله أحرورية الحروري منسوب إلى حر وراء بفتح الحاء وضم الراء المهملتين وبعد الواو الساكنة راء أيضا بلدة على ميلين من الكوفة والأشهر أنها بالمد قال المبرد النسبة إليها حروراوي وكذا كل ما في آخره ألف تأنيث ممدودة ولكن قيل الحروري بحذف الزوائد ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج حروري لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي بالبلدة المذكورة فاشتهروا بالنسبة إليها وهم فرق كثيرة لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقا ولهذا استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار وزاد مسلم في رواية عاصم عن معاذه فقلت لا ولكني أسأل أي سؤالا مجردا لطلب العلم لا للتعنت وفهمت عائشة عنها طلب الدليل فاقتصرت في الجواب عليه دون التعليل والذي ذكره العلماء في الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر فلم يجب قضاؤها للحرج بخلاف الصيام ولمن يقول بان الحائض مخاطبة بالصيام أن يفرق بأنها لم تخاطب بالصلاة أصلا وقال بن دقيق العيد اكتفاء عائشة في الاستدلال على إسقاط القضاء بكونها لم تؤمر به يحتمل وجهين أحدهما أنها أخذت إسقاط القضاء من إسقاط الأداء فيتمسك به حتى يوجد المعارض وهو الأمر بالقضاء كما في الصوم ثانيهما قال وهو أقرب أن الحاجة داعيه إلى بيان هذا الحكم لتكرر الحيض منهن عنده صلى الله عليه وسلم وحيث لم يبين دل على عدم الوجوب لا سيما وقد اقترن بذلك الأمر بقضاء الصوم كما في رواية عاصم عن معاذة عند مسلم قوله فلا يأمرنا به أو قالت فلا نفعله كذا في هذه الرواية بالشك وعند الإسماعيلي من وجه آخر فلم نكن نقضي ولم نؤمر به والاستدلال بقولها فلم نكن نقضي أوضح من الاستدلال بقولها فلم نؤمر به لأن عدم الأمر بالقضاء هنا قد ينازع في الاستدلال به على عدم الوجوب لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء والله أعلم

قوله باب النوم مع الحائض زاد في رواية الصغاني وهي في ثيابها تقدم الكلام على ذلك في باب من سمي النفاس حيضا ويحيى المذكور هو بن أبي كثير قوله قالت وحدثني هو مقول زينب بنت أم سلمة وفاعل حدثتني أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الصيام قوله وكنت معطوف على جملة الحديث الذي قبله وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وقد تقدم الكلام على فوائده في كتاب الغسل

قوله باب من أتخذ ثياب الحيض وفي رواية الكشميهني من أعد بالعين والدال المهملتين وهشام المذكور هو الدستوائي ويحيى هو بن أبي كثير والكلام على الحديث قد تقدم في باب من سمي النفاس حيضا

قوله باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن وفي رواية بن عساكر واعتزالهن المصلى والجمع بالنظر إلى أن الحائض اسم جنس أو فيه حذف والتقدير ويعتزلن الحيض كما سيذكر بعد

[ 318 ] قوله حدثنا محمد كذا للأكثر غير منسوب ولأبي ذر محمد بن سلام ولكريمة محمد هو بن سلام قوله حدثنا عبد الوهاب هو الثقفي قوله عواتقنا العواتق جمع عائق وهي من بلغت الحلم أو قاربت أو استحقت التزويج أو هي الكريمة على أهلها أو التي عتقت عن الامتهان في الخروج للخدمة وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد العصر الأول من الفساد ولم تلاحظ الصحابة ذلك بل رأت استمرار الحكم على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قوله فقدمت امرأة لم اقف على تسميتها وقصر بني خلف كان بالبصرة وهو منسوب إلى طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحات وقد ولي أمره سجستان قوله فحدثت عن أختها قيل هي أم عطية وقيل غيرها وعليه مشى الكرماني وعلى تقدير أن تكون أم عطيه فلم نقف على تسمية زوجها أيضا قوله ثنتي عشرة زاد الأصيلي غزوة قوله وكانت أختي فيه حذف تقديره قالت المرأة وكانت أختي قوله قالت أي الأخت والكلمي بفتح الكاف وسكون اللام جمع كليم أي جريح قوله من جلبابها قيل المراد به الجنس أي تعيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه وقيل المراد تشركها معها في لبس الثوب الذي عليها وهذا ينبني على تفسير الجلباب وهو بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف قيل هو المقنعة أو الخمار أو اعرض منه وقيل الثوب الواسع يكون دون الرداء وقيل الإزار وقيل الملحفة وقيل الملاءة وقيل القميص قوله ودعوة المسلمين في رواية الكشميهني المؤمنين وهي موافقة لرواية أم عطيه قوله وكانت أي أم عطيه لا تذكره أي النبي صلى الله عليه وسلم الا قالت بابي أي هو مفدى بأبي وفي رواية عبدوس بيبي بباء تحتانيه بدل الهمزة في الموضعين وللأصيلي بفتح الموحدة الثانية مع قلب الهمزة ياء كعبدوس لكن فتح ما بعدها كأنه جعله لكثرة الاستعمال واحدا ونقل عن الأصيلي أيضا كالأصل لكن فتح الثانية أيضا وقد ذكر بن مالك هذه الاربعه في شواهد التوضيح وقال بن الأثير قوله بأبأ أصله بأبي هو يقال بأبأت الصبي إذا قلت له أفديك بأبي فقلبوا الياء ألفا كما في ويلتا قوله وذوات الخدور بضم الخاء المعجمه والدال المهملة جمع خدر بكسرها وسكون الدال وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه وللأصيلي وكريمة العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور على الشك وبين العاتق والبكر عموم وخصوص وجهي قوله ويعتزل الحيض المصلى بضم اللام هو خبر بمعنى الأمر وفي رواية ويعتزلن الحيض المصلي وهو نحو أكلوني البراغيث وحمل الجمهور الأمر المذكور على الندب لأن المصلي ليس بمسجد فيمتنع الحيض من دخوله وأغرب الكرماني فقال الاعتزال واجب والخروج والشهود مندوب مع كونه نقل عن النووي تصويب عدم وجوبه وقال بن المنير الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهن لا يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال فاستحب لهن اجتناب ذلك قوله فقلت آلحيض بهمزة ممدودة كأنها تتعجب من ذلك فقالت أي أم عطيه أليس تشهد أي الحيض وللكشميهني أليست وللأصيلي أليس يشهدن قوله وكذا وكذا أي ومزدلفة ومنى وغيرهما وفيه إن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب وغير ذلك مما سيأتي استيفاؤه في كتاب العيدين إن شاء الله

قوله باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض بفتح الياء جمع حيضة قوله وما يصدق بضم أوله وتشديد الدال المفتوحة قوله فيما يمكن من الحيض أي فإذا لم يمكن لم تصدق قوله لقول الله تعالى يشير إلى تفسير الآية المذكورة وقد روى الطبري بإسناد صحيح عن الزهري قال بلغنا أن المراد بما خلق الله في أرحامهن الحمل أو الحيض فلا يحل أن يكتمهن ذلك لتنقضي العده ولا يملك الزوج الرجعة إذا كانت له وروى أيضا بإسناد حسن عن بن عمر قال لا يحل لها أن كانت حائضا أن تكتم حيضها ولا إن كانت حاملا أن تكتم حملها وعن مجاهد لا تقول إني حائض وليست بحائض ولا لست بحائض وهي حائض وكذا في الحبل ومطابقة الترجمة للايه من جهة أن الآية داله على أنها يجب عليها الإظهار فلو لم تصدق فيه لم يكن له فائدة قوله ويذكر عن علي وصله الدارمي كما سيأتي ورجاله ثقات وإنما لم يجزم به للتردد في سماع الشعبي من علي ولم يقل أنه سمعه من شريح فيكون موصولا قوله إن جاءت في رواية كريمة إن امرأة جاءت بكسر النون قوله ببينة من بطانة أهلها أي خواصها قال إسماعيل القاضي ليس المراد أن يشهد النساء أن ذلك وقع وإنما هو فيما نرى أن يشهدن أن هذا يكون وقد كان في نسائهن قلت وسياق القصة يدفع هذا التأويل قال الدارمي أخبرنا يعلى بن عبيد حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر هو الشعبي قال جاءت امرأة إلى على تخاصم زوجها طلقها فقالت حضت في شهر ثلاث حيض فقال على لشريح اقض بينهما قال يا أمير المؤمنين وأنت ههنا قال اقض بينهما قال إن جاءت من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته تزعم أنها حاضت ثلاث حيض تطهر عند كل قرء وتصلي جاز لها وإلا فلا قال على قالون قال وقالون بلسان الروم أحسنت فهذا الظاهر في أن المراد أن يشهدن بان ذلك وقع منها وإنما أراد إسماعيل رد هذه القصة إلى موافقة مذهبه وكذا قال عطاء أنه يعتبر في ذلك عادتها قبل الطلاق واليه الإشارة بقوله أقرؤها وهو بالمد جمع قرء أي في زمان العدة ما كانت أي قبل الطلاق فلو ادعت في العدة ما يخالف ما قبلها لم يقبل وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قوله وبه قال إبراهيم يعني النخعي أي قال بما قال عطاء ووصله عبد الرزاق أيضا عن أبي معشر عن إبراهيم نحوه وروى الدارمي أيضا بإسناد صحيح إلى إبراهيم قال إذا حاضت المرأة في شهر أو أربعين ليلة ثلاث حيض فذكر نحو أثر شريح وعلى هذا فيحتمل أن يكون الضمير في قول البخاري وبه يعود على أثر شريح أو في النسخة تقديم وتأخير أو لإبراهيم في المسألة قولان قوله وقال عطاء الخ وصله الدارمي أيضا بإسناد صحيح قال أقصى الحيض خمس عشرة وأدنى الحيض يوم ورواه الدارقطني بلفظ أدنى وقت الحيض يوم وأكثر الحيض خمس عشرة قوله وقال معتمر يعني بن سليمان التيمي وهذا الأثر وصله الدارمي أيضا عن محمد بن عيسى عن معتمر

[ 319 ] قوله حدثنا أحمد بن أبي رجاء هو أحمد بن عبد الله بن أيوب الهروي يكنى أبا الوليد وهو حنفي النسب لا المذهب وقصة فاطمة بنت أبي حبيش تقدمت في باب الاستحاضه ومناسبة الحديث للترجمة من قوله قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها فوكل ذلك إلى أمانتها ورده إلى عادتها وذلك يختلف باختلاف الأشخاص واختلف العلماء في أقل الحيض وأقل الطهر ونقل الداودي إنهم اتفقوا على أن أكثره خمسة عشر يوما وقال أبو حنيفة لا يجتمع أقل الطهر وأقل الحيض معا فأقل ما تنقضي به العدة عنده ستون يوما وقال صاحباه تنقضي في تسعة وثلاثين يوما بناء على أن أقل الحيض ثلاثة أيام وأن أقل الطهر خمسة عشر يوما وأن المراد بالقرء الحيض وهو قول الثوري وقال الشافعي القرء الطهر وأقله خمسة عشر يوما وأقل الحيض يوم وليلة فتنقضي عنده في اثنين وثلاثين يوما ولحظتين وهو موافق لقصة على وشريح المتقدمة إذا حمل ذكر الشهر فيها على إلغاء الكسر ويدل عليه رواية هشيم عن إسماعيل فيها بلفظ حاضت في شهر أو خمسة وثلاثين يوما

قوله باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض يشير بذلك إلى الجمع بين حديث عائشة المتقدم في قولها حتى ترين القصة البيضاء وبين حديث أم عطية المذكور في هذا الباب بان ذلك محمول على ما إذا رأت الصفرة أو الكدرة في أيام الحيض وأما في غيرها فعلى ما قالته أم عطيه

[ 320 ] قوله أيوب عن محمد هو بن سيرين وكذا رواه إسماعيل وهو بن علية عن أيوب ورواه وهيب بن خالد عن أيوب عن حفصة بنت سيرين عن أم عطيه أخرجه بن ماجة ونقل عن الذهلي أنه رجح رواية وهيب وما ذهب إليه البخاري من تصحيح رواية إسماعيل أرجح لموافقة معمر له ولان إسماعيل أحفظ لحديث أيوب من غيره ويمكن أن أيوب سمعه منهما قوله كنا لا نعد أي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بذلك وبهذا يعطي الحديث حكم الرفع وهو مصير من البخاري إلى أن مثل هذه الصيغة تعد في المرفوع ولو لم يصرح الصحابي بذكر زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا جزم الحاكم وغيره خلافا للخطيب قوله الكدرة والصفرة أي الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار قوله شيئا أي من الحيض ولأبي داود من طريق قتادة عن حفصة عن أم عطيه كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا وهو موافق لما ترجم به البخاري والله أعلم

قوله باب عرق الاستحاضة بكسر العين وإسكان الراء وقد تقدم بيانه في باب الاستحاضه

[ 321 ] قوله وعن عمرة يعني كلاهما عن عائشة كذا للأكثر وفي رواية أبي الوقت وابن عساكر بحذف الواو فصار من رواية عروة عن عمرة وكذا ذكر الإسماعيلي أن أحمد بن الحسن الصوفي حدثهم به عن خلف بن سالم عن معن والمحفوظ إثبات الواو وأن الزهري رواه عن شيخين عروة وعمرة كلاهما عن عائشة وكذا أخرجه الإسماعيلي وغيره من طرق عن بن أبي ذئب وكذا أخرجه مسلم من طريق عمرو بن الحارث وأبو داود من طريق الأوزاعي كلاهما عن الزهري عنهما وأخرجه مسلم أيضا من طريق الليث عن الزهري عن عروة وحده ومسلم أيضا من طريق إبراهيم بن سعد وأبو داود من طريق يونس كلاهما عن الزهري عن عمره وحدها قال الدارقطني هو صحيح من رواية الزهري عن عروة وعمره جميعا قوله إن أم حبيبة هي بنت جحش أخت زينب أم المؤمنين وهي مشهورة بكنيتها وقد قيل اسمها حبيبة وكنيتها أم حبيب بغير هاء قاله الواقدي وتبعه الحربي ورجحه الدارقطني والمشهور في الروايات الصحيحة أم حبيبه بإثبات الهاء وكانت زوج عبد الرحمن بن عوف كما ثبت عند مسلم من رواية عمرو بن الحارث ووقع في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة إن زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف كانت تستحاض الحديث فقيل هو وهم وقيل بل صواب وأن اسمها زينب وكنيتها أم حبيبه وأما كون اسم أختها أم المؤمنين زينب فإنه لم يكن اسمها الأصلي وإنما كان اسمها برة فغيره النبي صلى الله عليه وسلم وفي أسباب النزول للواحدي أن تغيير اسمها كان بعد أن تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فلعله صلى الله عليه وسلم سماها باسم أختها لكون أختها غلبت عليها الكنيه فأمن اللبس ولهما أخت أخرى اسمها حمنة بفتح المهمله وسكون الميم بعدها نون وهي إحدى المستحاضات كما تقدم وتعسف بعض المالكية فزعم إن اسم كل من بنات جحش زينب قال فأما أم المؤمنين فاشتهرت باسمها وأما أم حبيبه فاشتهرت بكنيتها وأما حمنة فاشتهرت بلقبها ولم يأت بدليل على دعواه بان حمنة لقب ولم ينفرد الموطأ بتسمية أم حبيبة زينب فقد روى أبو داود الطيالسي في مسنده عن بن أبي ذئب حديث الباب فقال إن زينب بنت جحش وقد تقدم توجيهه قوله استحيضت سبع سنين قيل في حجة لابن القاسم في إسقاطه عن المستحاضة قضاء الصلاة إذا تركتها ظانة أن ذلك حيض لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بالإعادة مع طول المدة ويحتمل أن يكون المراد بقولها سبع سنين بيان مدة استحاضتها مع قطع النظر هل كانت المدة كلها قبل السؤال أولا فلا يكون فيه حجة لما ذكر قوله فأمرها أن تغتسل زاد الإسماعيلي وتصلي ولسلم نحوه وهذا الأمر بالاغتسال مطلق فلا يدل على التكرار فلعلها فهمت طلب ذلك منها بقرينة فلهذا كانت تغتسل لكل صلاة وقال الشافعي إنما أمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي وإنما كانت تغتسل لكل صلاة تطوعا وكذا قال الليث بن سعد في روايته عند مسلم لم يذكر بن شهاب أنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل لكل صلاة ولكنه شيء فعلته هي وإلى هذا ذهب الجمهور قالوا لا يجب على المستحاضه الغسل لكل صلاة إلا المتحيرة لكن يجب عليها الوضوء ويؤيده ما رواه أبو داود من طريق عكرمة أن أم حبيبة استحيضت فأمرها صلى الله عليه وسلم أن تنتظر أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي فإذا رأت شيئا من ذلك توضأت وصلت واستدل المهلبي بقوله لها هذا عرق على أنه لم يوجب الغسل لكل صلاة لأن دم العرق لايوجب غسلا وأما ما وقع عند أبي داود من رواية سليمان بن كثير وابن إسحاق عن الزهري في هذا الحديث فأمرها بالغسل لكل صلاة فقذ كعن الحافظ في هذه الزياده لأن الإثبات من أصحاب الزهري لم يذكروها وقد صرح الليث كما تقدم عند مسلم بان الزهري لم يذكرها لكن روى أبو داود من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب بنت أبي سلمة في هذه القصة فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة فيحمل الأمر على الندب جمعا بين الروايتين وهذه رواية عكرمة وقد حمله الخطابي على أنها كانت متحيرة وفيه نظر لما تقدم من رواية عكرمة أنه أمرها أن تنتظر أيام إقرائها ولمسلم من طريق عراك بن مالك عن عروة في هذه القصة فقال لها امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ولأبي داود وغيره من طريق الأوزاعي وابن عيينة عن الزهري في حديث الباب نحوه لكن استنكر أبو داود هذه الزيادة في حديث الزهري وأجاب بعض من زعم أنها كانت غير مميزه بأن قوله فأمرها أن تغتسل لكل صلاة أي من الدم الذي أصابها لأنه من إزالة النجاسة وهي شرط في صحة الصلاة وقال الطحاوي حديث أم حبيبة منسوخ بحديث فاطمة بنت أبي حبيش أي لأن الأمر بالوضوء لكل صلاة لا الغسل والجمع بين الحديثين بحمل الأمر في حديث أم حبيبه على الندب أولى والله أعلم

قوله باب المرأة تحيض بعد الإفاضة أي هل تمنع من طواف الوداع أم لا

[ 322 ] قوله عن عمرة بنت عبد الرحمن هي المذكورة في الإسناد الذي قبله وهذا الإسناد سوى شيخ البخاري مدنيون وفيه ثلاثة من التابعين في نسق وهم من بين مالك وعائشة قوله إن صفية أي زوج النبي صلى الله عليه وسلم قوله قالوا بلى أي النساء ومن معهن من المحارم قوله فاخرجي كذا للأكثر بالإفراد خطابا لصفية من باب العدول عن الغيبة وهي قوله ألم تكن طافت إلى الخطاب أو هو خطاب لعائشة أي فاخرجي فهي تخرج معك وللمستملي والكشميهني فاخرجن وهو على وفق السياق وسيأتي الكلام على هذا الحديث والذي بعده في كتاب الحج إن شاء الله تعالى وقوله فيه وكان بن عمر هو مقول طاوس لا بن عباس وكذا

[ 323 ] قوله ثم سمعته يقول وكان بن عمر يفتي بأنه يجب عليها أن تتأخر إلى أن تطهر من أجل طواف الوداع ثم بلغته الرخصة عن النبي صلى الله عليه وسلم لهن في تركه فصار إليه أو كان نسي ذلك فتذكره وفيه دليل على أن الحائض لا تطوف

قوله باب إذا رأت المستحاضه الطهر أي تميز لها دم العرق من دم الحيض فسمى زمن الاستحاضه طهرا لأنه كذلك بالنسبة إلى زمن الحيض ويحتمل أن يريد به انقطاع الدم والأول أوفق للسياق قوله قال بن عباس تغتسل وتصلي ولو ساعة قال الداودي معناه إذا رأت الطهر ساعة ثم عاودها دم فإنها تغتسل وتصلي والتعليق المذكور وصله بن أبي شيبة والدارمي من طريق أنس بن سيرين عن بن عباس أنه سأله عن المستحاضة فقال أما ما رأت الدم البحراني فلا تصلي وإذا رأت الطهر ولو ساعة فلتغتسل وتصلي وهذا موافق للاحتمال المذكور أولا لأن الدم البحراني هو دم الحيض قوله ويأتيها زوجها هذا أثر آخر عن بن عباس أيضا وصله عبد الرزاق وغيره من طريق عكرمة عنه قال المستحاضة لا بأس أن يأتيها زوجها ولأبي داود من وجه آخر عن عكرمة فقال كانت أم حبيبة تستحاض وكان زوجها يغشاها وهو حديث صحيح إن كان عكرمة سمعه منها قوله إذا صلت شرط محذوف الجزاء أو جزاؤه مقدم وقوله الصلاة أعظم أي من الجماع والظاهر أن هذا بحث من البخاري أراد به بيان الملازمة أي إذا جازت الصلاة فجواز الوطء أولى لأن أمر الصلاة أعظم من أمر الجماع ولهذا عقبه بحديث عائشة المختصر من قصة فاطمة بنت أبي حبيش المصرح بأمر المستحاضه بالصلاة وقد تقدمت مباحثه في باب الاستحاضه وزهير المذكور هنا هو بن معاوية وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريقه تاما وأشار البخاري بما ذكر إلى الرد على من منع وطء المستحاضه وقد نقله بن المنذر عن إبراهيم النخعي والحكم والزهري وغيرهم وما استدل به على الجواز ظاهر فيه وذكر بعض الشراح إن قوله الصلاة أعظم من بقية كلام بن عباس وعزاه إلى تخريج بن أبي شيبة وليس هو فيه نعم روى عبد الرزاق والدارمي من طريق سالم الأفطس أنه سأل سعيد بن جبير عن المستحاضه أتجامع قال الصلاة أعظم من الجماع

قوله باب الصلاة على النفساء وسنتها أي سنة الصلاة عليها

[ 325 ] قوله حدثنا أحمد بن أبي سريج تقدم أنه بالمهملة والجيم واسمه الصباح وقيل أن أحمد هو بن عمر بن أبي سريج فكأنه نسب إلى جده قوله إن امرأة هي أم كعب سماها مسلم في روايته من طريق عبد الوارث عن حسين المعلم وذكر أبو نعيم في الصحابة أنها انصارية قوله قوله ماتت في بطن أي بسبب بطن يعني الحمل وهو نظير قوله عذبت امرأة في هرة قال بن التيمي قيل وهم البخاري في هذه الترجمة فظن أن قوله ماتت في بطن ماتت في الولادة قال ومعنى ماتت في بطن ماتت مبطونة قلت بل الموهم له هو الواهم فإن عند المصنف في هذا الحديث من كتاب الجنائز ماتت في نفاسها وكذا لمسلم قوله فقام وسطها بفتح السين في روايتنا وكذا ضبطه بن التين وضبطه غيره بالسكون وللكشميهني فقام عند وسطها وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى قال بن بطال يحتمل أن يكون البخاري قصد بهذه الترجمة إن النفساء وأن كانت لا تصلي لها حكم غيرها من النساء أي في طهارة العين لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليها قال وفيه رد على من زعم أن بن آدم ينجس بالموت لأن النفساء جمعت الموت وحمل النجاسة بالدم اللازم لها فلما لم يضرها ذلك كان الميت الذي لا يسيل منه نجاسة أولى وتعقبه بن المنير بان هذا أجنبي عن مقصود البخاري قال وإنما قصد أنها ورد أنها من الشهداء فهي ممن يصلى عليها كغير الشهداء وتعقبه بن رشيد بأنه أيضا أجنبي عن أبواب الحيض قال وإنما أراد البخاري أن يستدل بلازم من لوازم الصلاة لأن الصلاة اقتضت إن المستقبل فيها ينبغي أن يكون محكوما بطهارته فلما صلى عليها أي إليها لزم من ذلك القول بطهارة عينها وحكم النفساء والحائض واحد قال ويدل على إن هذا مقصوده إدخال حديث ميمونة في الباب كما في رواية الأصيلي وغيره ووقع في رواية أبي ذر قبل حديث ميمونة

باب غير مترجم وكذا في نسخة الأصيلي وعادته في مثل ذلك أنه بمعنى الفصل من الباب الذي قبله ومناسبته له إن عين الحائض والنفساء طاهرة لأن ثوبه صلى الله عليه وسلم كان يصيبها إذا سجد وهي حائض ولا يضره ذلك

[ 326 ] قوله حدثنا الحسن بن مدرك هو الطحان البصري أحد الحفاظ وهو من صغار شيوخ البخاري بل البخاري أقدم منه وقد شاركه في شيخه يحيى بن حماد المذكور هنا وكأن هذا الحديث فاته فاعتمد فيه على الحسن المذكور لأنه كان عارفا بحديث يحيى بن حماد قوله من كتابه إشارة إلى أن أبا عوانة حدث به من كتابه لا من حفظه وكان إذا حدث من كتابه أتقن مما أتقن مما إذا حدث من حفظه حتى قال عبد الرحمن بن مهدي كتاب أبي عوانة أثبت من حفظ هشيم قوله كانت تكون أي تحصل أو تستقر ويحتمل أن قوله تكون لا تصلي خبر لكانت وقوله حائضا حال نحو وجاءوا أباهم عشاء يبكون قاله الكرماني قوله بحذاء بكسر الحاء المهملة بعدها ذال معجمه ومدة أي بجنب مسجد والمراد بالمسجد مكان سجوده والخمرة بضم الخاء المعجمه وسكون الميم قال الطبري هو مصلي صغير يعمل من سعف النخل سميت بذلك لسترها الوجه والكفين من حر الأرض وبردها فإن كانت كبيره سميت حصيرا وكذا قال الأزهري في تهذيبه وصاحبه وأبو عبيد الهروي وجماعة بعدهم وزاد في النهاية ولا تكون خمره إلا في هذا المقدار قال وسميت خمرة لأن خيوطها مستورة بسعفها وقال الخطابي هي السجادة يسجد عليها المصلي ثم ذكر حديث بن عباس في الفأرة التي جرت الفتيلة حتى ألقتها على الخمرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا عليها الحديث قال ففي هذا تصريح بإطلاق الخمرة على ما زاد على قدر الوجه قال وسميت خمرة لأنها تغطي الوجه وستأتي الإشارة إلى حكم الصلاة عليها في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى خاتمة اشتمل كتاب الحيض من الأحاديث المرفوعة على سبعة وأربعين حديثا المكرر منها فيه وفيما مضى اثنان وعشرون حديثا الموصول منها عشرة أحاديث والبقية تعليق ومتابعة والخالص خمسة وعشرون حديثا منها واحد معلق وهو حديث كان يذكر الله على كل أحيانه والبقية موصولة وقد وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث عائشة كانت إحدانا تحيض ثم تقترص الدم وحديثها في اعتكاف المستحاضه وحديثها ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد وحديث أم عطية كنا لا نعد الصفرة وحديث بن عمر رخص للحائض أن تنفر وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين خمسة عشر أثرا كلها معلقة والله أعلم