أبواب الصلاة في الثياب
  [ 344 ] قوله حدثنا يزيد بن إبراهيم هو التستري ومحمد هو بن سيرين والإسناد كله بصريون وكذا المعلق بعده قوله أمرنا بضم الهمزة ولمسلم من طريق هشام عن حفصة عن أم عطية قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تقدم هذا الحديث في الطهارة بأتم من هذا السياق في باب شهود الحائض العيدين وتقدم الكلام عليه ثم قوله يوم العيدين وفي رواية المستملى والكشميهني يوم العيد بالافراد قوله ويعتزل الحيض عن مصلاهن أي النساء اللاتي لسن بحيض وللمستملي عن مصلاهم على التغليب وللكشميهني عن المصلي والمراد به موضع الصلاة ودلالته على الترجمة من جهة تأكيد الأمر باللبس حتى بالعارية للخروج إلى صلاة العيد فيكون ذلك للفريضة أولى قوله وقال عبد الله بن رجاء هو الغداني بضم المعجمة وتخفيف المهملة وبعد الألف نون هكذا في أكثر الروايات ووقع عند الأصيلي في عرضه على أبي زيد بمكة حدثنا عبد الله بن رجاء قال وفي بعض النسخ عن أبي زيد وقال عبد الله بن رجاء كما قال الباقون قلت وهذا هو الذي اعتمده أصحاب الأطراف والكلام على رجال هذا الكتاب وعمران المذكور هو القطان وفائدة التعليق عنه تصريح محمد بن سيرين بتحديث أم عطية له فبطل ما تخيله بعضهم من أن محمدا إنما سمعه من أخته حفصة عن أم عطية وقد رويناه موصولا في الطبراني الكبير حدثنا عبد الله بن رجاء والله أعلم

قوله باب عقد الإزار على القفا هو بالقصر قوله وقال أبو حازم هو بن دينار وقد ذكره بتمامه موصولا بعد قليل قوله صلوا بلفظ الماضي أي الصحابة و عاقدي جمع عاقد وحذفت النون للإضافه وهو في موضع الحال وفي رواية الكشميهني عاقدو وهو خبر مبتدأ محذوف أي وهم عاقدو وإنما كانوا يفعلون ذلك لأنهم لم يكن لهم سراويلات فكان أحدهم يعقد إزاره في قفاه ليكون مستورا إذا ركع وسجد وهذه الصفة صفة أهل الصفة كما سيأتي في باب نوم الرجال في المسجد

[ 345 ] قوله حدثني واقد هو أخو عاصم بن محمد الراوي عنه ومحمد أبوهما هو بن زيد بن عبد الله بن عمر وواقد ومحمد بن المنكدر مدنيان تابعيان من طبقة واحدة قوله من قبل بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهة قفاه قوله المشجب بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الجيم بعدها موحدة هو عيدان تضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها توضع عليها الثياب وغيرها وقال بن سيده المشجب والشجاب خشبات ثلاث يعلق عليها الراعي دلوه وسقاءه ويقال في المثل فلان كالمشجب من حيث قصدته وجدته قوله فقال له قائل وقع في رواية مسلم أنه عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت وسيأتي قريبا أن سعيد بن الحارث سأله عن هذه المسألة ولعلها جميعا سألاه وسيأتي عند المصنف في باب الصلاة بغير رداء من طريق بن المنكدر أيضا فقلنا يا أبا عبد الله فلعل السؤال تعدد وقال في الجواب بن المنكدر فأحببت أن يراني الجهال مثلكم وعرف به أن المراد بقوله هنا أحمق أي جاهل والحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه قاله في النهاية والغرض بيان جواز الصلاة في الثوب الواحد ولو كانت الصلاة في الثوبين أفضل فكأنه قال صنعته عمدا لبيان الجواز أما ليقتدي بي الجاهل ابتداء أو ينكر على فألهمه إن ذلك جائز وإنما اغلظ لهم في الخطاب زجرا عن الإنكار على العلماء وليحثهم على البحث عن الأمور الشرعية قوله وأينا كان له أي كان أكثرنا في عهده صلى الله عليه وسلم لا يملك إلا الثوب الواحد ومع ذلك فلم يكلف تحصيل ثوب ثان ليصلي فيه فدل على الجواز وعقب المصنف حديثه هذا بالرواية الأخرى المصرحة بأن ذلك وقع من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليكون بيان الجواز به أوقع في النفس لكونه أصرح في الرفع من الذي قبله وخفي ذلك على الكرماني فقال دلالته أي الحديث الأخير على الترجمة وهي عقد الإزار على القفا إما لأنه مخروم من الحديث السابق أي هو طرف من الذي قبله وأما لأنه يدل عليه بحسب الغالب إذ لولا عقده على القفا لما ستر العورة غالبا أه ولو تأمل لفظه وسياقه بعد ثمانية أبواب لعرف اندفاع احتمالية فإنه طرف من الحديث المذكور وهناك لا من السابق ولا ضرورة إلى ما ادعاه من الغلبة فإن لفظه وهو يصلي في ثوب ملتحفا به وهي قصة أخرى فيما يظهر كان الثوب فيها واسعا فالتحف به وكان في الأولى ضيقا فعقده وسيأتي ما يؤيد هذا التفصيل قريبا فائدة كان الخلاف في منع جواز الصلاة في الثوب الواحد قديما روى بن أبي شيبة عن بن مسعود قال لا تصلين في ثوب واحد وإن كان أوسع ما بين السماء والأرض ونسب بن بطال ذلك لابن عمر ثم قال لم يتابع عليه ثم استقر الأمر على الجواز

[ 346 ] قوله حدثنا مطرف هو بن عبد الله بن سليمان الأصم صاحب مالك مدني هو وباقي رجال إسناده وقد شارك أبا مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري في صحبة مالك وفي رواية الموطأ عنه وفي كنيته لكن أحمد مشهور بكنيته أكثر من اسمه ومطرف بالعكس

قوله باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به لما كانت الأحاديث الماضية في الاقتصار على الثوب الواحد مطلقة أردفها بما يدل على أن ذلك يختص بحال الضيق أو بحال بيان الجواز قوله قال الزهري في حديثه أي الذي رواه في الالتحاف والمراد أما حديثه عن سالم بن عبد الله عن أبيه وهو عند بن أبي شيبة وغيره أو عن سعيد عن أبي هريرة وهو عند أحمد وغيره والذي يظهر أن قوله وهو المخالف الخ من كلام المصنف قوله وقالت أم هاني سيأتي حديثها موصولا في أواخر الباب لكن ليس فيه وخالف بين طرفيه وهو عند مسلم من وجه آخر عن أبي مرة عنها ورواه أحمد من ذلك الوجه بلفظ المعلق

[ 347 ] قوله حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا هشام بن عروة هذا الإسناد له حكم الثلاثيات وأن لم تكن له صورتها لأن أعلى ما يقع للبخاري ما بينه وبين الصحابي فيه اثنان فإن كان الصحابي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ توجد فيه صورة الثلاثي وأن كان يرويه عن صحابي آخر فلا لكن الحكم من حيث العلو واحد لصدق أن بينه وبين الصحابي اثنين وهكذا نقول بالنسبة إلى التابعي إذا لم يقع بينه وبينه الا واحد فإن رواه التابعي عن صحابي فعلى ما تقدم وإن رواه عن تابعي آخر فله حكم العلو لا صورة الثلاثي كهذا الحديث فإن هشام بن عروة من التابعين لكنه حدث هنا عن تابعي آخر وهو أبوه فلو رواه عن صحابي ورواه ذلك الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان ثلاثيا والحاصل أن هذا من العلو النسبي لا المطلق والله أعلم ثم أورد المصنف الحديث المذكور بنزول درجة من رواية يحيى القطان عن هشام وهو بن عروة المذكور وفائدته ما وقع فيه من التصريح بان الصحابي شاهد النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ما نقل عنه أولا بالصورة المحتملة وفيه تعيين المكان وهو بيت أم سلمة وهي والدة الصحاي المذكور عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم وفيه زيادة كون طرفي الثوب على عاتقي النبي صلى الله عليه وسلم على إن الإسماعيلي قد أخرج الحديث المذكور من طريق عبيد الله بن موسى وفيه جميع الزيادة فكأن عبيد الله حدث به البخاري مختصرا وفائدة إيراد المصنف الحديث المذكور ثالثا بالنزول أيضا من رواية أبي أسامة عن هشام تصريح هشام عن أبيه بأن عمر أخبره ووقع في الروايتين الماضيتين بالعنعنه وفيه أيضا ذكر الاشتمال وهو مطابق لما تقدم من التفسير

[ 349 ] قوله مشتملا به بالنصب للأكثر على الحال وفي رواية المستملى والحموي بالجر على المجاورة أو الرفع على الحذف قال بن بطال فائدة الالتحاف المذكور أن لا ينظر المصلي إلى عورة نفسه إذا ركع ولئلا يسقط الثوب عند الركوع والسجود

[ 350 ] قوله عن أبي النضر هو المدني وأبو مرة تقدم ذكره في العلم وعرف هنا بأنه مولى أم هانئ وهناك بأنه مولى عقيل وهو مولى أم هانئ حقيقة وأما عقيل فلكونه أخاها فنسب إلى ولائه مجازا بأدنى ملابسة أو لكونه كان يكثر ملازمة عقيل كما وقع لمقسم مع بن عباس وقد تقدم الكلام على أوائل هذا الحديث في الغسل في باب التستر ويأتي الكلام عليه أيضا في صلاة الضحى وموضع الحاجة منه هنا إن أم هانئ وصفت الالتحاف المذكور في هذه الطريق الموصولة بأنه المخالفة بين طرفي الثوب على العاتقين في الرواية المعلقة قبل فطابق التفسير المتقدم في الترجمة قوله زعم بن أمي هو على بن أبي طالب وفي رواية الحموي بن أبي وهو صحيح في المعنى فإنه شقيقها وعزم هنا بمعنى ادعى وقولها قاتل رجلا فيه إطلاق اسم الفاعل على من زعم على التلبس بالفعل قوله فلان بن هبيرة بالنصب على البدل أو الرفع على الحذف وعند أحمد والطبراني من طريق أخرى عن أبي مرة عن أم هانئ أني أجرت حموين لي قال أبو العباس بن سريج وغيره هما جعدة بن هبيرة ورجل آخر من بني مخزوم كانا فيمن قاتل خالد بن الوليد ولم يقبلا الأمان فأجارتهما أم هانئ وكانا من احمائها وقال بن الجوزي إن كان بن هبيرة منهما فهو جعدة كذا قال وجعدة معدود فيمن له ولم تصح له صحبه وقد ذكره من حيث الرواية في التابعين البخاري وابن حبان وغيرهما فكيف يتهيأ لمن هذه سبيله في صغر السن أن يكون عام الفتح مقاتلا حتى يحتاج إلى الأمان ثم لو كان ولد أم هانئ لم يهتم على بقتله لأنها كانت قد أسلمت وهرب زوجها وترك ولدها عندها وجوز بن عبد البر أن يكون ابنا هبيرة من غيرها مع نقله عن أهل النسب إنهم لم يذكروا لهبيرة ولدا من غير أم هانئ وجزم بن هشام في تهذيب السيره بأن اللذين أجارتهما أم هانئ هما الحارث بن هشام وزهير بن أبي أمية المخزوميان وروى الأزرقي بسند فيه الواقدي في حديث آم هانئ هذا إنهما الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة وحكى بعضهم إنهما الحارث بن هشام وهبيرة بن أبي وهب وليس بشيء لأن هبيرة هرب عند فتح مكة إلي نجران فلم يزل بها مشركا حتى مات كذا جزم به بن إسحاق وغيره فلا يصح ذكره فيمن أجارته أم هانئ وقال الكرماني قال الزبير بن بكار فلان بن هبيرة هو الحارث بن هشام انتهى وقد تصرف في كلام الزبير وإنما وقع عند الزبير في هذه القصة موضع فلان بن هبيرة الحارث بن هشام والذي يظهر لي أن في رواية الباب حذفا كأنه كان فيه فلان بن عم هبيرة فسقط لفظ عم أو كان فيه فلان قريب هبيرة فتغير لفظ قريب بلفظ بن وكل نم الحارث بن هشام وزهير بن أبي أمية وعبد الله بن أبي ربيعة يصح وصفه بأنه بن عم هبيرة وقريبه لكون الجميع من بني مخزوم وسيأتي الكلام على ما يتعلق بأمان المرأة في آخر كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى

[ 351 ] قوله إن سائلا سأل لم اقف على اسمه لكن ذكر شمس الأئمة السرخسي الحنفي في كتابه المبسوط أن السائل ثوبان قوله أو لكلكم قال الخطابي لفظه أستخبار ومعناه الأخبار عما هم عليه من قلة الثياب ووقع في ضمنه الفتوى من طريق الفحوى كأنه يقول إذا علمتم إن ستر العورة فرض الصلاة لازمة وليس لكل أحد منكم ثوبان فكيف لم تعلموا إن الصلاة في الثوب الواحد جائز أي مع مراعاة ستر العورة به وقال الطحاوي معناه لو كانت الصلاة مكروهة في الثوب الواحد لكرهت لمن لا يجد إلا ثوبا واحدا انتهى وهذه الملازمة في مقام المنع للفرق بين القادر وغيره والسؤال إنما كان عن الجواز وعدمه لا عن الكراهة فائدة روى بن حبان هذا الحديث من طريق الأوزاعي عن بن شهاب لكن قال في الجواب ليتوشح به ثم ليصل فيه فيحتمل إن يكونا حديثين أو حديثا واحدا فرقة الرواة وهو الأظهر وكأن المصنف أشار إلى هذا لذكره التوشح في الترجمة والله أعلم

قوله باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه أي بعضه في رواية عاتقه بالافراد والعاتق هو ما بين المنكبين إلى أصل العنق وهو مذكر وحكى تأنيثه قوله لا يصلي قال بن الأثير كذا هو في الصحيحين بإثبات الياء ووجهه أن لا نافية وهو خبر بمعنى النهي قلت ورواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق الشافعي عن مالك بلفظ لا يصل بغير ياء ومن طريق عبد الوهاب بن عطاء عن مالك بلفظ لا يصلين بزيادة نون التأكيد ورواه الإسماعيلي من طريق الثوري عن أبي الزناد بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ 352 ] قوله ليس على عاتقيه شيء زاد مسلم من طريق بن عيينة عن أبي الزناد منه شيء والمراد أنه لا يتزر في وسطه ويشد طرفي الثوب في حقويه بل يتوشح بهما على عاتقيه ليحصل الستر لجزء من أعالي البدن وإن كان ليس بعورة أو لكون ذلك أمكن في ستر العورة

[ 353 ] قوله حدثنا شيبان هو بن عبد الرحمن قوله سمعته أي قال يحيى سمعت عكرمة ثم تردد هل سمعه ابتداء أو جواب سؤال منه هذا ظاهر هذه الرواية وأخرجه الإسماعيلي عن مكي بن عبدان عن حمدان السلمي عن أبي نعيم بلفظ سمعته أو كتب به إلى فحصل التردد بين السماع والكتابة قال الإسماعيلي ولا أعلم أحدا ذكر فيه سماع يحيى من عكرمة يعني بالجزم قال وقد رويناه من طريق حسين بن محمد عن شيبان بالتردد في السماع أو الكتابة أيضا قلت قد رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن يزيد بن هارون عن شيبان نحو رواية البخاري قال سمعته أو كنت سألته فسمعته أخرجه أبو نعيم في المستخرج قوله اشهد ذكره تأكيدا لحفظه واستحضاره قوله من صلى في ثوب زاد الكشميهني واحد ودلالته على الترجمة من جهة إن المخالفة بين الطرفين لا تتيسر إلا بجعل شيء من الثوب على العاتق كذا قال الكرماني وأولى من ذلك أن في بعض طرق هذا الحديث التصريح بالمراد فأشار إليه المصنف كعادته فعند أحمد من طريق معمر عن يحيى فيه فليخالف بين طرفيه على عاتقيه وكذا للإسماعيلي وأبي نعيم من طريق حسين عن شيبان وقد حمل الجمهور هذا الأمر على الاستحباب والنهي في الذي قبله على التنزيه وعن أحمد لا تصح صلاة من قدر على ذلك فتركه جعله من الشرائط وعنه تصح ويأثم جعله واجبا مستقبلا وقال الكرماني ظاهر النهي يقتضي التحريم لكن الإجماع منعقد على جواز تركه كذا قال وغفل عما ذكره بعد قليل عن النووي من حكاية ما نقلناه عن أحمد وقد نقل بن المنذر عن محمد بن على على عدم الجواز وكلام الترمذي يدل على ثبوت الخلاف أيضا وقد تقدم ذلك قبل بباب وعقد الطحاوي له بابا في شرح المعاني ونقل المنع عن بن عمر ثم عن طاوس والنخعي ونقله غيره عن بن وهب وابن جرير وجمع الطحاوي بين أحاديث الباب بان الأصل أن يصلي مشتملا فإن ضاق اتزر ونقل الشيخ تقي الدين السبكي وجوب ذلك عن نص الشافعي واختاره لكن المعروف في كتب الشافعية خلافه واستدل الخطابي على عدم الوجوب بأنه صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب كان أحد طرفيه على بعض نسائه وهي نائمة قال ومعلوم أن الطرف الذي هو لابسه من الثوب غير متسع لأن يتزر به ويفضل منه ما كان لعاتقه وفيما قاله نظر لا يخفى والظاهر من تصرف المصنف التفصيل بين ما إذا كان الثوب واسعا فيجب وبين ما إذا كان ضيقا فلا يجب وضع شيء منه على العاتق وهو اختيار بن المنذر وبذلك تظهر مناسبة تعقيبه بباب إذا كان الثوب ضيقا

قوله

[ 354 ] في بعض أسفاره عينه مسلم في روايته من طريق عبادة بن الوليد بن عبادة عن جابر غزوة بواط وهو بضم الموحدة وتخفيف الواو وهي من أوائل مغازيه صلى الله عليه وسلم قوله لبعض أمري أي حاجتي وفي رواية مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان أرسله هو جبار بن صخر لتهيئة الماء في المنزل قوله ما السرى أي ما سبب سراك أي سيرك في الليل قوله ما هذا الاشتمال كأنه استفهام إنكار قال الخطابي الاشتمال الذي أنكره هو إن يدير الثوب على بدنه كله لا يخرج منه يده قلت كأنه أخذه من تفسير الصماء على أحد الأوجه لكن بين مسلم في روايته إن الإنكار كان بسبب إن الثوب كان ضيقا وأنه خالف بين طرفيه وتواقص أي انحنى عليه كأنه عند المخالفة بين طرفي الثوب لم يصر ساترا فانحنى ليستتر فاعلمه صلى الله عليه وسلم بأن محل ذلك ما إذا كان الثوب واسعا فأما إذا كان ضيقا فإنه يجزئه أن يتزر به لأن القصد الأصلي ستر العورة وهو يحصل بالائتزار ولا يحتاج إلى التواقص المغاي للاعتدال المأمور به قوله كان ثوب كذا لأبي ذر وكريمة بالرفع على أن كان تامة ولغيرهما بالنصب أي كان المشتمل به ثوبا زاد الإسماعيلي ضيقا

[ 355 ] قوله حدثنا يحيى هو بن سعيد القطان وسفيان هو الثوري وأبو حازم هو بن دينار وسهل هو بن سعد قوله كان رجال التنكير فيه للتنويع وهو يقتضي أن بعضهم كان بخلاف ذلك وهو كذلك ووقع في رواية أبي داود رأيت الرجال واللام فيه للجنس فهو في حكم النكرة قوله عاقدي أزرهم على أعناقهم في رواية أبي داود من طريق وكيع عن الثوري عاقدي أزرهم في أعناقهم من ضيق الأزر ويؤخذ منه أن الثوب إذا أمكن الالتحاف به كان أولى من الائتزار لأنه أبلغ في التستر قوله وقال للنساء قال الكرماني فاعل قال هو النبي صلى الله عليه وسلم كذا جزم به وقد وقع في رواية الكشميهني ويقال لنساء وفي رواية وكيع فقال قائل يا معشر النساء فكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر من يقول لهن ذلك ويغلب على الظن أنه بلال وإنما نهى النساء عن ذلك لئلا يلمحن عند رفع رؤوسهن من السجود شيئا من عورات الرجال بسبب ذلك عند نهوضهم وعند أحمد وأبي داود التصريح بذلك من حديث أسماء بنت أبي بكر ولفظه فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رؤوسهم كراهية أن يرين عورات الرجال ويؤخذ منه أنه لا يجب التستر من أسفل

قوله باب الصلاة في الجبة الشامية هذه الترجمة معقودة لجواز الصلاة في ثياب الكفار ما لم يتحقق نجاستها وإنما عبر بالشامية مراعاة للفظ الحديث وكانت الشام إذ ذاك دار كفر وقد تقدم في باب المسح على الخفين إن في بعض طرق حديث المغيرة إن الجبة كانت صوفا وكانت من ثياب الروم ووجه الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم لبسها ولم يستفصل وروى عن أبي حنيفة كراهية الصلاة فيها إلا بعد الغسل وعن مالك إن فعل يعيد في الوقت قوله وقال الحسن أي البصري و ينسجها بكسر السين المهملة وضمها وبضم الجيم قوله المجوسي كذا للحموي والكشميهني بلفظ المفرد والمراد الجنس وللباقين المجوس بصيغة الجمع قوله لم ير أي الحسن وهو من باب التجريد أو هو مقول الراوي وهذا الأثر وصله أبو نعيم بن حماد في نسخته المشهورة عن معتمر عن هشام عنه ولفظه لا بأس بالصلاة في الثوب الذي ينسجه المجوسي قبل أن يغسل ولأبي نعيم في كتاب الصلاة عن الربيع عن الحسن لا بأس بالصلاة في رداء اليهودي والنصراني وكره ذلك بن سيرين رواه بن أبي شيبة قوله وقال معمر وصله عبد الرزاق في مصنفه عنه وقوله بالبول إن كان للجنس فمحمول على أنه كان يغسله قبل لبسه وإن كان للعهد فالمراد بول ما يؤكل لحمه لأنه كان يقول بطهارته قوله وصلى على في ثوب غير مقصور أي خام والمراد أنه كان جديدا لم يغسل روى بن سعد من طريق عطاء بن محمد قال رأيت عليا صلى وعليه قميص كرابيس غير مغسول

[ 356 ] قوله حدثنا يحيى هو بن موسى البلخي قال أبو علي الجياني روى البخاري في باب الجبة الشامية وفي الجنائز وفي تفسير الدخان عن يحيى غير منسوب عن أبي معاوية فنسب بن السكن الذي في الجنائز يحيى بن موسى قال ولم أجد الآخرين منسوبين لأحد قلت فينبغي حمل ما أهمل على ما بين وقد جزم أبو نعيم بان الذي في الجنائز هو يحيى بن جعفر البيكندي وذكر الكرماني أنه رأى في بعض النسخ هنا مثله قلت والأول أرجح لأن أبا على بن شبويه وافق بن السكن عن الفربري على ذلك في الجنائز وهنا أيضا ورأيت بخط بعض المتأخرين يحيى هو بن بكير وأبو معاوية هو شيبان النحوي وليس كما قال فليس ليحيى بن بكير عن شيبان رواية وبعد أن ردد الكرماني يحيى بين بن موسى أو بن جعفر أو بن معين قال وأبو معاوية يحتمل أن يكون شيبان النحوي وهو عجيب فإن كلا من الثلاثة لم يسمع من شيبان المذكور وجزم أبو مسعود وكذا خلف في الأطراف وتبعهما المزي بان الذي في الجنائز هو يحيى بن يحيى وما قدمناه عن بن السكن يرد عليهم وهو المعتمد ولا سيما وقد وافقه بن شبويه ولم يختلفوا في أن أبا معاوية هنا هو الضرير قوله عن مسلم هو أبو الضحى وقد تقدم الكلام على فوائد حديث المغيرة في باب المسح على الخفين

قوله باب كراهية التعري في الصلاة زاد الكشميهني والحموي وغيرهما

[ 357 ] قوله حدثنا روح هو بن عبادة قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم أي مع قريش لما بنوا الكعبة وكان ذلك قبل البعثة فرواية جابر لذلك من مراسيل الصحابة فأما أن يكون سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أو من بعض من حضر ذلك من الصحابة والذي يظهر أنه العباس وقد حدث به عن العباس أيضا ابنه عبد الله وسياقه أتم أخرجه الطبراني وفيه فقام فأخذ إزاره وقال نهيت أن امشي عريانا وسيأتي ذكره في كتاب الحج مع بقية فوائده في باب بنيان الكعبة إن شاء الله تعالى قوله فجعلت أي الإزار وللكشميهني فجعلته وجواب لو محذوف إن كانت شرطية وتقديره لكان أسهل عليك وإن كانت للتمني فلا حذف قوله قال فحله يحتمل أن يكون مقول جابر أو مقول من حدثه به قوله فما رؤى بضم الراء بعدها همزة مكسورة ويجوز كسر الراء بعدها مدة ثم همزة مفتوحة وفي رواية الإسماعيلي فلم يتعر بعد ذلك ومطابقة الحديث للترجمة من هذه الجملة الاخيره لأنها تتناول ما بعد النبوة فيتم بذلك الاستدلال وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها وفيه النهي عن التعري بحضرة الناس وسيأتي ما يتعلق بالخلوة بعد قليل وقد ذكر بن إسحاق في السيرة أنه صلى الله عليه وسلم تعرى وهو صغير عند حليمة فلكمه لاكم فلم يعد يتعرى وهذا أن ثبت حمل على نفي التعري بغير ضرورة عاديه والذي في حديث الباب على الضرورة العادية والنفي فيها على الإطلاق أو يتقيد بالضرورة الشرعية كحالة النوم مع الأهل أحيانا

قوله باب الصلاة في القميص والسراويل قال بن سيده السراويل فارسي معرب يذكر ويؤنث ولم يعرف أبو حاتم السجستاني التذكير والأشهر عدم صرفه قوله والتبان بضم المثناة وتشديد الموحدة وهو على هيئة السراويل الا أنه ليس له رجلان وقد يتخذ من جلد قوله والقباء بالقصر وبالمد قيل هو فارسي معرب وقيل عربي مشتق من قبوت الشيء إذا ضممت أصابعك عليه سمي بذلك لانضمام أطرافه وروى عن كعب أن أول من لبسه بن داود عليهما السلام

[ 358 ] قوله عن محمد هو بن سيرين قوله قام رجل تقدم أنه لم يسم وتقدم الكلام على المرفوع منه قوله ثم سأل رجل عمر أي عن ذلك ولم يسم أيضا ويحتمل أن يكون بن مسعود لأنه اختلف هو وأبي بن كعب في ذلك فقال أبى الصلاة في الثوب الواحد يعني لا تكره وقال بن مسعود إنما كان ذلك وفي الثياب قلة فقام عمر على المنبر فقال القول ما قال أبي ولم يأل بن مسعود أي لم يقصر أخرجه عبد الرزاق قوله جمع رجل هو بقية قول عمر وأورده بصيغة الخبر ومراده الأمر قال بن بطال يعني ليجمع وليصل وقال بن المنير الصحيح أنه كلام في معنى الشرط كأنه قال إن جمع رجل عليه ثيابه فحسن ثم فصل الجمع بصور على معنى البلية وقال بن مالك تضمن هذا الحديث فائدتين إحداهما ورود الفعل الماضي بمعنى الأمر وهو قوله صلى والمعني ليصل ومثله قولهم اتقى الله عبد والمعنى ليتق ثانيهما حذف حرف العطف فإن الأصل صلى رجل في إزار ورداء وفي إزار وقميص ومثله قوله صلى الله عليه وسلم تصدق امرؤ من ديناره من درهمه من صاع تمره انتهى فحصل في كل من المسألتين توجيهان قوله قال وأحسبه قائل ذلك أبو هريرة والضمير في أحسبه راجع إلى عمر وإنما لم يحصل الجزم بذلك لإمكان إن عمر أهمل ذلك لأن التبان لا يستر العورة كلها بناء على إن الفخذ من العورة فالستر به حاصل مع القباء ومع القميص وأما مع الرداء فقد لا يحصل ورأى أبو هريرة إن انحصار القسمة يقتضي ذكر هذه الصورة وأن الستر قد يحصل بها إذا كان الرداء سابغا ومجموع ما ذكر عمر من الملابس ستة ثلاثة للوسط وثلاثة لغيره فقدم ملابس الوسط لأنها محل ستر العورة وقدم استرها أو أكثرها استعمالا لهم وضم إلى كل واحد واحدا فخرج من ذلك تسع صور من ضرب ثلاثة في ثلاثة ولم يقصد الحصر في ذلك بل يلحق بذلك ما يقوم مقامه وفي هذا الحديث دليل على وجوب الصلاة في الثياب لما فيه من إن الاقتصار على الثوب الواحد كان لضيق الحال وفيه إن الصلاة في الثوبين أفضل من الثوب الواحد وصرح القاضي عياض بنفي الخلاف في ذلك لكن عبارة بن المنذر قد تفهم إثباته لأنه لما حكى عن الأئمة جواز الصلاة في الثوب الواحد قال وقد استحب بعضهم الصلاة في ثوبين وعن أشهب فيمن اقتصر على الصلاة في السراويل مع القدرة يعيد في القوت إلا إن كان صفيقا وعن بعض الحنفية يكره فائدة روى بن حبان حديث الباب من طريق إسماعيل بن عليه عن أيوب فأدرج الموقوف في المرفوع ولم يذكر عمر ورواية حماد بن زيد هذه المفصلة أصح وقد وافقه على ذلك حماد بن سلمة فرواه عن أيوب وهشام وحبيب وعاصم كلهم عن بن سيرين أخرجه بن حبان أيضا وأخرج مسلم حديث بن علية فاقتصر على المتفق على رفعه وحذف الباقي وذلك من حسن تصرفه والله أعلم

[ 359 ] قوله حدثنا عاصم بن علي هو الواسطي قوله سأل رجل تقدم في آخر كتاب العلم أنه لم يسم وأخرنا الكلام عليه إلى موضعه في الحج وموضع الحاجة منه هنا إن الصلاة تجوز بدون القميص والسراويل وغيرهما من يكون بالأفراد أي كل واحد منهما قوله وعن نافع معطوف على قوله عن الزهري وذلك بين في الرواية الماضية في آخر كتاب العلم فإنه أخرجه هناك عن آدم عن أبي ذئب فقدم طريق نافع وعطف عليها طريق الزهري عكس ما هنا وزعم الكرماني أن قوله وعن نافع تعليق من البخاري وقد قدمنا أن التجويزات العقليه لا يليق استعمالها في الأمور النقليه والله الموفق

قوله باب ما يستر من العورة أي خارج الصلاة والظاهر من تصرف المصنف أنه يرى أن الواجب ستر السوأتين فقط وأما في الصلاة فعلى ما تقدم من التفصيل وأول أحاديث الباب يشهد له فإنه قيد النهي بما إذا لم يكن على الفرج شيء أي يستره ومقتضاه إن الفرج إذا كان مستورا فلا نهي

[ 360 ] قوله عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أي بن مسعود عن أبى سعيد هكذا رواه الليث عن بن شهاب ووافقه بن جريج كما أخرجه المصنف في اللباس ورواه في اللباس أيضا من طريق أخرى عن الليث أيضا عن يونس عن بن شهاب عن عامر بن سعيد عن أبي سعيد وسياقه أتم وفيه النهي عن الملامسة والمنابذه أيضا وفيه تفسير جميع ذلك ورواه في الاستئذان من طريق سفيان عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد بنحو رواية يونس لكن بدون التفسير والطرق الثلاثه صحيحه وابن شهاب سمع حديث أبي سعيد من ثلاثة من أصحابه فحدث به عن كل منهم بمفرده قوله عن اشتمال الصماء هو بالصاد المهملة والمد قال أهل اللغة هو إن يخلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانبا ولا يبقى ما يخرج منه يده قال بن قتيبة سميت صماء لأنه يسد المنافذ كلها فتصير كالصخرة الصماء التي ليس فها خرق وقال الفقهاء هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه باديا قال النووي فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروها لئلا يعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة قلت ظاهر سياق المصنف من رواية يونس في اللباس أن التفسير المذكور فيها مرفوع وهو موافق لما قال الفقهاء ولفظه والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه وعلى تقدير أن يكون موقوفا فهو حجة على الصحيح لأنه تفسير من الراوي لا يخالف ظاهر الخبر قوله وان يحتبي الاحتباء أن يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوبا ويقال له الحبوة وكانت من شأن العرب وفسرها في رواية يونس المذكورة بنحو ذلك

[ 361 ] قوله حدثنا سفيان هو الثوري قوله عن بيعتين بفتح الموحدة ويجوز كسرها على إرادة الهيئة و اللماس بكسر أوله وكذا النباذ وأوله نون ثم موحدة خفيفة وآخره معجمة وسيأتي تفسيرهما في كتاب البيوع إن شاء الله تعالى والمطلق في الاحتباء هنا محمول على المقيد في الحديث الذي قبله

قوله حدثنا إسحاق كذا للأكثر غير منسوب وردده الحفاظ بين بن منصور وبين بن راهويه ووقع في نسختي من طريق أبي ذر إسحاق بن إبراهيم فتعين أنه بن راهويه إذ لم يرو البخاري عن إسحاق بن أبي إسرائيل واسمه إبراهيم شيئا ولا عن الصواف وهو دونهما في الطبقة

[ 362 ] قوله حدثنا يعقوب بن إبراهيم أي بن سعد ورواة هذا الإسناد سوى صحابية وشيخ المصنف زهريون وهم أربعة قوله أن لا يحج كذا للأكثر وللكشميهني ألا لا يحج بأداة الاستفتاح قبل حرف النهي وقد تقدمت الإشارة إلى هذا الحديث في باب وجوب الصلاة في الثياب وسيأتي الكلام على بقية مباحثه في كتاب الحج إن شاء الله تعالى

قوله باب الصلاة بغير رداء تقدم الكلام على حديث جابر في باب عقد الإزار على القفا وقوله هنا ملتحفا به كذا للأكثر بالنصب على الحال وللمستملى والحموي ملتحف بالرفع على الحذف وفي نسختي عنهما بالجر على المجاورة وقوله في آخره يصلي كذا في رواية الكشميهني يصلي هكذا وقوله الجهال مثلكم لفظ المثل مفرد لكنه اسم جنس فلذلك طابق الجهال وهو جمع أو اكتسب الجمعية من الإضافة

قوله باب ما يذكر في الفخذ أي في حكم الفخذ وللكشميهني من الفخذ قوله قال أبو عبد الله هو المصنف وسقط من رواية الأكثر قوله ويروى عن بن عباس وصله الترمذي وفي إسناده أبو يحيى القتات بقاف ومثناتين وهو ضعيف مشهور بكنيته واختلف في اسمه على ستة أقوال أو سبعة اشهرها دينار قوله وجرهد بفتح الجيم وسكون الراء وفتح الهاء وحديثه موصول عند مالك في الموطأ والترمذي وحسنه وابن حبان وصححه وضعفه المصنف في التاريخ للاضطراب في إسناده وقد ذكرت كثيرا من طرقه في تعليق التعليق قوله ومحمد بن جحش هو محمد بن عبد الله بن جحش نسب إلى جده ولأبيه عبد الله صحبة وزينب بنت جحش أم المؤمنين هي عمته وكان محمد صغيرا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقد حفظ عنه وذلك بين في حديثه هذا فقد وصله أحمد والمصنف في التاريخ والحاكم في المستدرك كلهم من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عنه وقال مر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه على معمر وفخذاه مكشوفتان فقال يا معمر غط عليك فخذيك فإن الفخذين عورة رجاله رجال الصحيح غير أبي كثير فقد روى عنه جماعة لكن لم أجد فيه تصريحا بتعديل ومعمر المشار إليه هو معمر بن عبد الله بن نضلة القرشي العدوي وقد أخرج بن قانع هذا الحديث من طريقه أيضا ووقع لي حديث محمد بن جحش مسلسلا بالمحمديين من ابتدائه إلى انتهائه وقد أمليته في الأربعين المتباينة قوله وقال أنس حسر بمهملات مفتوحات أي كشف وقد وصل المصنف حديث أنس في الباب كما سيأتي قريبا قوله وحديث أنس اسند أي أصح إسنادا كأنه يقول حديث جرهد ولو قلنا بصحته فهو مرجوح بالنسبة إلى حديث أنس قوله وحديث جرهد أي وما معه أحوط أي للدين وهو يحتمل أن يريد بالاحتياط الوجوب أو الورع وهو أظهر لقوله حتى يخرج من اختلافهم ويخرج في روايتنا مضبوطة بفتح النون وضم الراء وفي غيرها بضم الياء وفتح الراء قوله وقال أبو موسى أي الأشعري والمذكور هنا من حديثه طرف من قصة أوردها المصنف في المناقب من رواية عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عنه فذكر الحديث وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته فلما دخل عثمان غطاها وعرف بهذا الرد على الداودي الشارح حيث زعم أن هذه الرواية المعلقة عن أبي موسى وهم وأنه دخل حديث في حديث وأشار إلى ما رواه مسلم من حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه الحديث وفيه فلما استأذن عثمان جلس وهو عند أحمد بلفظ كاشفا عن فخذه من غير تردد وله من حديث حفصة مثله أخرجه الطحاوي والبيهقي من طريق بن جريج قال أخبرني أبو خالد عن عبد الله بن سعيد المدني حدثتني حفصة بنت عمر قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي يوما وقد وضع ثوبه بين فخذيه فدخل أبو بكر الحديث وقد بان بما قدمناه أنه لم يدخل على البخاري حديث في حديث بل هما قصتان متغايرتان في إحداهما كشف الركبة وفي الأخرى كشف الفخذ والأولى من رواية أبو موسى وهي المعلقة هنا والأخرى من رواية عائشة ووافقتها حفصة ولم يذكرهما البخاري قوله وقال زيد بن ثابت هو أيضا طرف من حديث موصول عند المصنف في تفسير سورة النساء في نزول قوله تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين الآية وقد اعترض الإسماعيلي استدلال المصنف بهذا على إن الفخذ ليست بعورة لأنه ليس فيه التصريح بعدم الحائل قال ولا يظن ظان إن الأصل عدم الحائل لأنا نقول العضو الذي يقع عليه الاعتماد يخبر عنه بأنه معروف الموضع بخلاف الثوب انتهى والظاهر إن المصنف تمسك بالأصل والله اعلم قوله إن ترض أي تكسر وهو بفتح أوله وضم الراء ويجوز عكسه

[ 364 ] قوله حدثنا يعقوب بن إبراهيم هو الدورقي قوله فصلينا عندهم أي خارجا منها قوله صلاة الغداة فيه جواز إطلاق ذلك على صلاة الصبح خلافا لمن كرهه قوله وانا رديف أبي طلحة فيه جواز الأرداف ومحله ما إذا كانت الدابة مطيقه قوله فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم أي مركوبه قوله وان ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني انظر وفي رواية الكشميهني لأنظر الى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم هكذا وقع في رواية البخاري ثم أنه حسر والصواب أنه عنده بفتح المهملتين ويدل على ذلك تعليقه الماضي في أوائل الباب حيث قال وقال أنس حسر النبي صلى الله عليه وسلم وضبطه بعضهم بضم أوله وكسر ثانيه على البناء للمفعول بدليل رواية مسلم فانحسر وليس ذلك بمستقيم إذ لا يلزم من وقوعه كذلك في رواية مسلم أن لا يقع عند البخاري على خلافه ويكفي في كونه عند البخاري بفتحتين ما تقدم من التعليق وقد وافق مسلما على روايته بلفظ فانحسر أحمد بن حنبل عن بن علية وكذا رواه الطبراني عن يعقوب شيخ البخاري ورواه الإسماعيلي عن القاسم بن زكريا عن يعقوب المذكور ولفظه فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر إذ خر الإزار قال الإسماعيلي هكذا وقع عندي خر بالخاء المعجمة والراء فإن كان محفوظا فليس فيه دليل على ما ترجم به وأن كانت روايته هي المحفوظة فهي دالة على أن الفخذ ليست بعورة انتهى وهذا مصير منه إلى أن رواية البخاري بفتحتين كما قدمناه أي كشف الإزار عن فخذه عند سوق مركوبه ليتمكن من ذلك قال القرطبي حديث أنس وما معه إنما ورد في قضايا معينة في أوقات مخصوصة يتطرق إليها من احتمال الخصوصية أو البقاء على أصل الإباحة ما لا يتطرق إلى حديث جرهد وما معه لأنه يتضمن إعطاء حكم كلي وإظهار شرح عام فكان العمل به أولى ولعل هذا هو مراد المصنف بقوله وحديث جرهد أحوط قال النووي ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة وعن أحمد ومالك في رواية العورة القبل والدبر فقط وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والاصطخري قلت في ثبوت ذلك عن بن جرير نظر فقد ذكر المسألة في تهذيبه ورد على من زعم أن الفخذ ليست بعورة ومما احتجوا به قول أنس في هذا الحديث وأن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم إذ ظاهره أن المس كان بدون الحائل ومس العورة بدون حائل لا يجوز وعلى رواية مسلم ومن تابعه في أن الإزار لم ينكشف لقصد منه صلى الله عليه وسلم يمكن الاستدلال على أن الفخذ ليست بعورة من جهة استمراره على ذلك لأنه وأن جاز وقوعه من غير قصد لكن لو كانت عورة لم يقر على ذلك لمكان عصمته صلى الله عليه وسلم ولو فرض أن ذلك وقع لبيان التشريع لغير المختار لكان ممكنا لكن فيه نظر من جهة أنه كان يتعين حينئذ البيان عقبة كما في قضية السهو في الصلاة وسياقه عند أبي عوانة والجوزقي من طريق عبد الوارث عن عبد العزيز ظاهر في استمرار ذلك ولفظه فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وأن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم وإني لأرى بياض فخذيه قوله فلما دخل القرية قال الله أكبر خربت خيبر قيل مناسبة ذلك القول إنهم استقبلوا الناس بمساحيهم ومكاتلهم وهي من آلات الهدم قوله قال عبد العزيز هو الراوي عن أنس وقال بعض أصحابنا أي أنه لم يسمع من أنس هذه اللفظة بل سمع منه فقالوا محمد وسمع من بعض أصحابه عنه والخميس ووقع في رواية أبي عوانة والجوزقي المذكورة فقالوا محمد والخميس من غير تفصيل فدلت رواية بن علية هذه على إن في رواية عبد الوارث أدراجا وكذا وقع لحماد بن زيد عن عبد العزيز وثابت كما سيأتي في آخر صلاة الخوف وبعض أصحاب عبد العزيز ويحتمل أن يكون محمد بن سيرين فقد أخرجه البخاري من طريقه أو ثابتا البناني فقد أخرجه مسلم من طريقة قوله يعنى الجيش تفسير من عبد العزيز أو ممكن دونه وادرجها عبد الوارث في روايته أيضا وسمي خميسا لأنه خمسة أقسام مقدمة وساقه وقلب وجناحان وقيل من تخميس الغنيمة وتعقبه الأزهري بان التخميس إنما ثبت بالشرع وقد كان أهل الجاهلية سيمون الجيش خميسا فبان أن القول الأول أولى قوله عنوة بفتح المهملة أي قهرا قوله اعطني جاريه يحتمل أن يكون إذنه له في أخذ الجارية على سبيل التنفيل له أما من أصل الغنيمة أو من خمس الخمس بعد أن ميز أو قبل على أن تحسب منه إذا ميز أو أذن له في أخذها لتقوم عليه بعد ذلك وتحسب من سهمه قوله فأخذ أي فذهب فأخذ قوله فجاء رجل لم اقف على اسمه قوله خذ جارية من السبي غيرها ذكر الشافعي في الأم عن سير الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم إعطاء أخت كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق انتهى وكان كنانة زوج صفية فكأنه صلى الله عليه وسلم طيب خاطره لما استرجع منه صفية بان أعطاه أخت زوجها واسترجاع النبي صلى الله عليه وسلم صفية منه محمول على أنه إنما أذن له في أخذ جارية من حشو السبي لا في أخذ أفضلهن فجاز استرجاعها منه لئلا يتميز بها على باقي الجيش مع إن فيهم من هو أفضل منه ووقع في رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفية منه سبعة أرؤس وإطلاق الشراء على ذلك على سبيل المجاز وليس في قوله سبعة أرؤس ما ينافي قوله هنا خذ جارية إذ ليس هنا دلالة على نفي الزيادة وسنذكر بقية مباحث هذا الحديث في غزوة خيبر من كتاب المغازي والكلام على قوله أعتقها وتزوجها في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى قوله فقال له أي لأنس وثابت هو البناني وأبو حمزة كنية أنس وأم سليم والدة أنس قوله فأهدتها أي زفتها قوله وأحسبه أي أنسا قد ذكر السويق وجزم عبد الوارث في روايته بذكر السويق فيه قوله فحاسوا بمهملتين أي خلطوا والحيس بفتح أوله خليط السمن والتمر والأقط قال الشاعر التمر والسمن جميعا والأقط الحيس الا أنه لم يختلط وقد يختلط مع هذه الثلاثة كالسويق وسيأتي بقية فوائد ذلك في كتاب الوليمة إن شاء الله تعالى

قوله باب بالتنوين في كم بحذف المميز أي كم ثوبا تصلي المرأة من الثياب قال بن المنذر بعد أن حكى عن الجمهور أن الواجب على المرأة أن تصلي في درع وخمار المراد بذلك تغطية بدنها ورأسها فلو كان الثوب واسعا فغطت رأسها بفضله جاز قال وما رويناه عن عطاء أنه قال تصلي في درع وخمار وإزار وعن بن سيرين مثله وزاد وملحفة فإني أظنه محمولا على الاستحباب قوله وقال عكرمة يعني مولى بن عباس قوله جاز وفي رواية الكشميهني لأجزته بفتح الجيم وسكون الزاي وأثره هذا وصله عبد الرزاق ولفظه لو أخذت المرأة ثوبا فتقنعت به حتى لا يرى من شعرها شيء أجزأ عنها

[ 365 ] قوله أن عائشة قالت لقد اللام في لقد جواب قسم محذوف قوله متلفعات قال الأصمعي التلفع أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك وفي شرح الموطأ لابن حبيب التلفع لا يكون الا بتغطية الرأس والتلفف يكون بتغطية الرأس وكشفه و المروط جمع مرط بكسر أوله كساء من خز أو صوف أو غيره وعن النضر بن شميل ما يقتضي أنه خاص بلبس النساء وقد اعترض على استدلال المصنف به على جواز صلاة المرأة في الثوب الواحد بان الالتفاع المذكور يحتمل أن يكون فوق ثياب أخرى والجواب عنه أنه تمسك بأن الأصل عدم الزيادة على ما ذكر على أنه لم يصرح بشيء إلا إن اختياره تؤخذ في العادة من الآثار التي يودعها في الترجمة قوله ما يعرفهن أحد زاد في المواقيت من الغلس وهو يعين أحد الاحتمالين هل عدم المعرفة بهن لبقاء الظلمة أو لمبالغتهن في التغطية وسيأتي الكلام على بقية مباحثه في المواقيت إن شاء الله تعالى

قوله باب إذا صلى في ثوب له إعلام ونظر إلى علمها قال الكرماني في رواية ونظر إلى علمه والتأنيث في علمها باعتبار الخميصة قوله

[ 366 ] خميصة بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة كساء مربع له علمان والانبجانية بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء النسبة كساء غليظ لا علم له وقال ثعلب يجوز فتح همزته وكسرها وكذا الموحده يقال كبش انبجاني إذا كان ملتفا كثير الصوف وكساء انبجاني كذلك وأنكر أبو موسى المديني على من زعم أنه منسوب إلى منبج البلد المعروف بالشام قال صاحب الصحاح إذا نسبت إلى منبج فتحت الباء فقلت كساء منبجاني أخرجوه محرج منظراني وفي الجمهرة منبج موضع أعجمي تكلمت به العرب ونسبوا إليه الثياب المنبجانية وقال أبو حاتم السجستاني لا يقال كساء انبجاني وإنما يقال منبجاني قال وهذا مما تخطيء فيه العامة وتعقبه أبو موسى كما تقدم فقال الصواب أن هذه النسبة إلي الموضع يقال له انبجان والله اعلم قوله الى أبي جهم هو عبيد الله ويقال عامر بن حذيفة القرشي العدوي صاحبي مشهور وإنما خصه صلى الله عليه وسلم بإرسال الخميصة لأنه كان أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مالك في الموطأ من طريق أخرى عن عائشة قالت أهدى أبو جهم بن حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها علم فشهد فيها الصلاة فلما انصرف قال ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم ووقع عند الزبير بن بكار ما يخالف ذلك فأخرج من وجه مرسل أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بخميصتين سوداوين فلبس إحداهما وبعث الأخرى إلى أبي جهم ولأبي داود من طريق أخرى وأخذ كرديا لأبي جهم فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخميصة كانت خير من الكردي قال بن بطال إنما طلبت منه ثوبا غيرها ليعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافا به قال وفه أن الواهب إذا ردت عليه عطيته من غير أن يكون هو الراجع فيها فله أن يقبلها من غير كراهة قلت وهذا مبنى على أنها واحدة ورواية الزبير والتي بعدها تصرح بالتعدد قوله ألهتني أي شغلتني يقال لهي بالكسر إذا غفل ولها بالفتح إذا لعب قوله آنفا أي قريبا وهو مأخوذ من ائتناف الشيء أي ابتدائه قوله عن صلاتي أي عن كمال الحضور فيها كذا قيل والطريق الآتية المعلقة تدل على أنه لم يقع له شيء من ذلك وإنما خشي أن يقع لقوله فأخاف وكذا في رواية مالك فكاد فتؤول الرواية الأولى قال بن دقيق العيد فيه مبادرة الرسول إلى مصالح الصلاة ونفى ما لعله يخدش فيها وأما بعثه بالخميصة إلى أبي جهم فلا يلزم منه أن يستعملها في الصلاة ومثله قوله في حلة عطارد حيث بعث بها إلى عمر إني لم ابعث بها إليك لتلبسها ويحتمل أن يكون ذلك من جنس قوله كل فأني أناجي من لا تناجي ويستنبط منه كراهية كل ما يشغل عن الصلاة من الأصباغ والنقوش ونحوها وفيه قبول الهدية من الأصحاب والإرسال إليهم والطلب منهم واستدل به الباجي على صحة المعاطاة لعدم ذكر الصيغة وقال الطيبي فيه إيذان بأن للصور والأشياء الظاهرة تأثيرا في القلوب الطاهرة والنفوس الزكية يعني فضلا عمن دونها قوله وقال هشام بن عروة أخرجه أحمد بن أبي شيبة ومسلم وأبو داود من طريقه ولم أر في شيء من طرقهم هذا اللفظ نعم اللفظ الذي ذكرناه عن الموطأ قريب من هذا اللفظ المعلق ولفظه فأني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني والجمع بين الروايتين يحمل بقوله ألهتني على قوله كادت فيكون إطلاق الأولى للمبالغة في القرب لا لتحقق وقوع الإلهاء تنبيه قوله فأخاف أن تقتلني في روايتنا بكسر المثناة وتشديد النون وفي رواية الباقين بإظهار النون الأولى وهو بفتح أوله من الثلاثي

قوله باب إن صلى في ثوب مصلب بفتح اللام المشددة أي فيه صلبان منسوجة أو منقوشة أو تصاوير أي في ثوب ذي تصاوير كأنه حذف المضاف لدلالة المعنى عليه وقال الكرماني هو عطف على ثوب لا على مصلب والتقدير أو صلى في تصاوير ووقع عند الإسماعيلي أو بتصاوير وهو يرجح الاحتمال الأول وعند أبي نعيم في ثوب مصلب أو مصور قوله هل تفسد صلاته جرى المصنف على قاعدته في ترك الجزم فيما فيه اختلاف وهذا من المختلف فيه وهذا مبنى على إن النهي هال يقتضي الفساد أم لا والجمهور إن كان لمعنى في نفسه اقتضاه وإلا فلا قوله وما ينهى من ذلك أي وما ينهى عنه من ذلك وفي رواية غير أبي ذر وما ينهي عن ذلك وظاهر حديث الباب لا يوفي بجميع ما تضمنته الترجمة الا بعد التأمل لأن الستر وأن كان ذا تصاوير لكنه لم يلبسه ولم يكن مصلبا ولا نهى عن الصلاة فيه صريحا والجواب أما أولا فإن منع لبسه بطريق الأولى وأما ثانيا فإلحاق المصلب بالمصور لاشتراكهما في أن كلا منهما قد عبد من دون الله تعالى وأما ثالثا فالأمر بالإزالة مستلزم للنهي عن الاستعمال ثم ظهر لي أن المصنف أراد بقوله مصلب الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق هذا الحديث كعادته وذلك فيما أخرجه في اللباس من طريق عمران عن عائشة قالت لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك في بيته شيئا فيه تصليب الا نقضه وللإسماعيلي سترا أو ثوبا

[ 367 ] قوله عبد الوارث هو بن سعيد والإسناد كله بصريون قوله قرام بكسر القاف وتخفيف الراء ستر رقيق من صوف ذو ألوان قوله اميطي أي ازيلي وزنا ومعنى قوله لا تزال تصاوير كذا في روايتنا وللباقين بإثبات الضمير والهاء في روايتنا في فإنه ضمير الشان وعلى الأخرى يحتمل أن تعود على الثوب قوله تعرض بفتح أوله وكسر الراء أي تلوح وللإسماعيلي تعرض بفتح العين وتشديد الراء أصله تتعرض ودل الحديث على إن الصلاة لا تفسد بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقطعها ولم يعدها وسيأتي في كتاب اللباس بقية الكلام على طرق حديث عائشة في هذا والتوفيق بين ما ظاهره الاختلاف منها إن شاء الله تعالى والله أعلم

قوله باب من صلى في فروج بفتح الباء وتشديد الراء المضمومه وآخره جيم هو القباء المفرج من خلف وحكى أبو زكريا التبريزي عن أبي العلاء المعري جواز ضم أوله وتخفيف الراء

[ 368 ] قوله عن يزيد زاد الأصيلي هو بن أبي حبيب وأبو الخير هو اليزني بفتح الزاي بعدها نون والإسناد كله مصريون قوله أهدى بضم أوله والذي أهداه هو أكيد كما سيأتي في اللباس وظاهر هذا الحديث إن صلاته صلى الله عليه وسلم فيه كانت قبل تحريم لبس الحرير ويدل على ذلك حديث جابر عند مسلم بلفظ صلى في قباء ديباج ثم نزعه وقال نهاني جبريل ويدل عليه أيضا مفهوم قوله لا ينبغي هذا للمتقين لأن المتقي وغيره في التحريم سواء ويحتمل أن يراد بالمتقي المسلم أي المتقي للكفر ويكون النهي سبب النزع ويكون ذلك ابتداء التحريم وزاد تقرر هذا فلا حجة فيه لمن أجاز الصلاة في ثياب الحرير لكونه صلى الله عليه وسلم لم يبعد تلك الصلاة لأن ترك إعادتها لكونها وقعت قبل التحريم أما بعده فعند الجمهور تجزيء لكن مع التحريم وعن مالك يعيد في الوقت والله أعلم

قوله باب الصلاة في الثوب الأحمر يشير إلى الجواز والخلاف في ذلك مع الحنفية فإنهم قالوا يكره وتأولوا حديث الباب بأنها كانت حلة من برود فيها خطوط حمر ومن أدلتهم ما أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال مر بالنبي صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه وهو حديث ضعيف الإسناد وأن وقع في بعض نسخ الترمذي أنه قال حديث حسن لأن في سنده كذا وعلى تقدير أن يكون مما يحتج به فقد عارضه ما هو أقوى منه وهو واقعة عين فيحتمل أن يكون ترك الرد عليه بسبب آخر وحمله البيهقي على ما صبغ بعد النسج وأما ما صبغ غزله ثم نسج فلا كراهية فيه وقال بن التين زعم بعضهم أن لبس النبي صلى الله عليه وسلم لتلك الحلة كان من أجل الغزو وفيه نظر لأنه كان عقب حجة الوداع ولم يكن له إذ ذاك غزو

[ 369 ] قوله أخذ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح الواو أي الماء الذي توضأ به وقد تقدم استدلال المصنف به على طهارة الماء المستعمل ويأتي باقي مباحثه في أبواب السترة إن شاء الله تعالى

قوله باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب يشير بذلك إلى الجواز والخلاف في ذلك عن بعض التابعين وعن المالكية في المكان المرتفع لمن كان إماما قوله قال أبو عبد الله هو المصنف والحسن هو البصري والجمد بفتح الجيم وسكون الميم بعدها دال مهملة الماء إذا جمد وهو مناسب لاثر بن عمر الآتي أنه صلى على الثلج وحكى بن قرقول إن رواية الأصيلي وأبي ذر بفتح الميم قال القزاز الجمد محرك الميم هو الثلج نقل بن التين عن الصحاح الجمد يضم الجيم والميم وبسكون الميم أيضا مثل عسر وعسر المكان الصلب المرتفع قلت وليس ذلك مرادا هنا بل صواب بن قرقول وغيره الأول لأنه المناسب للقناطر لاشتراكهما في أن كلا منهما قد يكون تحته ما ذكر من البول وغيره والغرض أن إزالة النجاسة يختص بما لاقى المصلي أما مع الحائل فلا قوله وصلى أبو هريرة على ظهر المسجد وللمستملى على سقف وهذا الأثر وصله بن أبي شيبة من طريق صالح مولى التوأمة قال صليت مع أبي هريرة فوق المسجد بصلاة الإمام وصالح فيه ضعف لكن رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن أبي هريرة فاعتضد

[ 370 ] قوله حدثنا على بن عبد الله هو بن المديني وسفيان هو بن عيينة وأبو حازم هو بن دينار قوله ما بقي بالناس وللكشمهيني في الناس أعلم مني أي بذلك قوله من أثل بفتح الهمزة وسكون المثلثة شجر معروف والغابة بالمعجمة والموحدة موضع معروف من عوالي المدينة قوله عمله فلان مولى فلانه اختلف في اسم النجار المذكور كما سيأتي في الجمعة وأقربها ما رواه أبو سعيد في شرف المصطفى من طريق بن لهيعة عن عمارة بن غزية عن عباس بن سهل عن أبيه قال كان بالمدينة نجار واحد يقال له ميمون فذكر قصة المنبر وأما المرأة فلا يعرف اسمها لكنها انصارية ونقل بن التين عن مالك أن النجار كان مولى لسعد بن عبادة فيحتمل أن يكون الأصل مولى امرأته ونسب إليه مجازا واسم امرأته فكيهة بنت عبيد بن دليم وهي ابنة عمه أسلمت وبايعت فيحتمل أن تكون هي المرادة لكن رواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن بن عيينة فقال مولى لبني بياضة وأما ما وقع في الدلائل لأبي موسى المديني نقلا عن جعفر المستغفري أنه قال في أسماء النساء من الصحابة علانه بالعين المهملة وبالمثلثة ثم ساق هذا الحديث من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال وفيه أرسل إلى علانة امرأة قد سماها سهل فقد قال أبو موسى صحف فيه جعفر أو شيخه وإنما هو فلانة انتهى ووقع عند الكرماني قيل اسمها عائشة وأظنه صحف المصحف ولو ذكر مستنده في ذلك لكان أولي ثم وجدت في الأوسط للطبراني من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى سارية في المسجد ويخطب إليها ويعتمد عليها فأمرت عائشة فصنعت له منبره هذا فذكر الحديث وإسناده ضعيف ولو صح لما دل على أن عائشة هي المرادة في حديث سهل هذا الا بتعسف والله اعلم والغرض من إيراد هذا الحديث في هذا اللباب جواز الصلاة على المنبر وفيه جواز اختلاف موقف الإمام والمأموم في العلو والسفل وقد صرح بذلك المصنف في حكايته عن شيخه على بن المديني عن أحمد بن حنبل ولابن دقيق العيد في ذلك بحث فأنه قال من أراد أن يستدل به على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم لأن اللفظ لا يتناوله ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتباره فلا بدو منه وفيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة كما سيأتي في موضعه قوله قال فقلت أي قال على لأحمد بن حنبل قوله فلم تسمعه منه قال لا صريح في أن أحمد بن حنبل لم يسمع هذا الحديث من بن عيينة وقد راجعت مسنده فوجدته قد أخرج فيه عن بن عيينة بهذا الإسناد من هذا الحديث قول سهل كان المنبر من أثل الغابه فقط فتبين إن المنفى في قوله فلم تسمعه منه قال لا جميع الحديث لا بعضه والغرض منه هنا وهو صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر داخل في ذلك البعض فلذلك سأل عنه عليا وله عنده طريق أخرى من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه وفي الحديث جواز الصلاة على الخشب وذكره ذلك الحسن وابن سيرين أخرجه بن أبي شيبة عنهما وأخرج أيضا عن بن مسعود وابن عمر نحوه وعن مسروق أنه كان يحمل لبنة ليسجد عليها إذا ركب السفينة وعن بن سيرين نحوه والقول بالجواز هو المعتمد

[ 371 ] قوله حدثنا محمد بن عبد الرحيم هو الحافز المعروف بصاعقة قوله عن أنس في رواية سعيد بن منصور عن هشيم عن حميد حدثنا أنس قوله فجحشت بضم الجيم وكسر المهملة بعدها شين معجمة والجحش الخدش أو أشد منه قليلا قوله ساقه أو كتفه شك من الراوي وفي رواية بشر بن المفضل عن حميد عند الإسماعيلي انفكت قدمه وفي رواية الزهري عن أنس في الصحيحين فجحش شقه الأيمن وهي اشمل مما قبلها قوله وآلى من نساته أي حلف لا يدخل عليهن شهرا وليس المراد به الإيلاء المتعارف بين الفقهاء قوله مشربة بفتح أوله وسكون المعجمه وبضم الراء ويجوز فتحها هي الغرفة المرتفعه قوله من جذوع كذا للأكثر بالتنوين بغير إضافة وللكشميهني من جذوع النخل والغرض من هذا الحديث هنا صلاته صلى الله عليه وسلم في المشربة وهي معمولة من الخشب قاله بن بطال وتعقب بأنه لا يلزم من كون درجها من خشب أن تكون كلها خشبا فيحتمل أن يكون الغرض منه بيان جواز الصلاة على السطح إذ هي سقف في الجملة وسيأتي الكلام على بقية فوائده في أبواب الإمامة إن شاء الله تعالى

قوله باب إذا أصاب ثوب المصلي امرأته إذا سجد أي هل تفسد صلاته أم لا والحديث دال على الصحة

[ 372 ] قوله عن خالد هو بن عبد الله الواسطي وسليمان الشيباني هو أبو إسحاق مشهور بكنيته وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في الطهارة واستدل به هناك على أن عين الحائض طاهرة وهنا على أن ملاقاة بدن الطاهر وثيابه لا تفسد الصلاة ولو كان متلبسا بنجاسة حكمية وفيه إشارة إلى أن النجاسة إذا كانت عينيه قد تضر وفيه إن محاذاة المرأة لا تفسد الصلاة قوله وكان يصلي على الخمرة وقد تقدم ضبطها في آخر كتاب الحيض قال بن بطال لا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصلاة عليها الا ما روى عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يؤتى بتراب فيوضع على الخمرة فيسجد عليه ولعله كان يفعله على جهة المبالغة في التواضع والخشوع فلا يكون فيه مخالفة للجماعة وقد روى بن أبي شيبة عن عروة بن الزبير أنه كان يكره الصلاة على شيء دون الأرض وكذا روى عن غير عروة ويحتمل أن يحمل على كراهة التنزيه والله أعلم

قوله باب الصلاة على الحصير قال بن بطال أن كان ما يصلي عليه كبيرا قدر طول الرجل فأكثر فإنه يقال له حصير ولا يقال له خمرة وكل ذلك يصنع من سعف النخل وما اشبه قوله وصلى جابر الخ وصله بن أبي شيبة من طريق عبد الله بن أبي عتبة مولى أنس قال سافرت مع أبي الدرداء وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وأناس قد سماهم قال وكان أمامنا يصلي بنا في السفينة قائما ونصلي خلفه قياما ولو شئنا لأرفينا أي لأرسينا يقال أرسى السفينة بالسين المهملة وأرفى بالفاء إذا وقف بها على الشط قوله وقال الحسن تصلي قائما ما لم تشق على أصحابك تدور معها أي مع السفينة والا فقاعدا أي وأن شق على أصحابك فصل قاعدا وقد روينا أثر الحسن في نسخة قتيبة من رواية النسائي عنه عن أبي عوانة عن عاصم الأحول قال سألت الحسن وابن سيرين وعامرا يعني الشعبي عن الصلاة في السفينة فكلهم يقول أن قدر على الخروج فليخرج غير الحسن فإنه قال إن لم يؤذ أصاحبه أي فليصل وروى بن أبي شيبة عن عاصم عن الثلاثة المذكورين إنهم قالوا صل في السفينة قائما وقال الحسن لا تشق على أصحابك وفي تاريخ البخاري من طريق هشام قال سمعت الحسن يقول در في السفينة كما تدور إذا صليت قال بن المنير وجه إدخال الصلاة في السفينة في باب الصلاة على الحصير إنهما اشتركا في أن الصلاة عليهما صلاة على غير الأرض لئلا يتخيل متخيل أن مباشرة الأرض شرط لقوله في الحديث المشهور يعني الذي أخرجه أبو داود وغيره ترب وجهك انتهى وقد تقدم أثر عمر بن عبد العزيز في ذلك وأشار البخاري إلى خلاف أبي حنيفة في تجويزه الصلاة في السفينة قاعدا مع القدرة على القيام وفي هذا الأثر جواز ركوب البحر

[ 373 ] قوله عن إسحاق بن أبي طلحة كذا للكشميهني والحموي وللباقين إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قوله عن أنس بن مالك أن جدته مليكة هي بضم الميم تصغير ملكة والضمير في جدته يعود على إسحاق جزم به بن عبد البر وعبد الحق وعياض وصححه النووي وجزم بن سعد بن منده وابن الحصار بأنها جدة أنس والدة أمة أم سليم وهو مقتضى كلام إمام الحرمين في النهاية ومن تبعه كلام عبد الغني في العمدة وهو ظاهر السياق ويؤيده ما رويناه في فوائد العراقيين لأبي الشيخ من طريق القاسم بن يحيى المقدمي عن عبيد الله بن عمر عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس قال أرسلتني جدتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم واسمها مليكة فجاءنا فحضرت الصلاة الحديث وقال بن سعد في الطبقات أم سليم بنت ملحان فساق نسبها إلى عدي بن النجار وقال وهي الغميصاء ويقال الرميساء ويقال اسمها سهلة ويقال انيفة أي بالنون والفاء مصغرة ويقال رميثة وأمها مليكة بنت مالك بن عدي فساق نسبها إلى مالك بن النجار ثم قال تزوجها أي أم سليم مالك بن النضر فولدت له أنس بن مالك ثم خلف عليها أبو طلحة فولدت له عبد الله وأبا عمير قلت وعبد الله هو والد إسحاق روى هذا الحديث عن عمه أخي أبيه لأمه أنس بن مالك ومقتضى كلام من أعاد الضمير في جدته إلى إسحاق أن يكون اسم أم سليم مليكة ومستندهم في ذلك ما رواه بن عيينة عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس قال صففت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي أم سليم خلفنا هكذا أخرجه المصنف كما سيأتي في أبواب الصفوف والقصة واحدة طولها مالك واختصرها سفيان ويحتمل تعددها فلا تخالف ما تقدم وكون مليكة جدة أنس لا ينفي كونها جدة إسحاق لما بيناه لكن الرواية التي سأذكرها عن غرائب مالك ظاهرة في أن مليكة اسم أم سليم نفسها والله اعلم قوله لطعام أي لأجل طعام وهو مشعر بان مجيئه كان لذلك لا ليصلي بهم ليتخذوا مكان صلاته مصلى لهم كما في قصة عتبان بن مالك الآتية وهذا هو السر في كونه بدأ في قصة عتبان بالصلاة قبل الطعام وهنا بالطعام قبل الصلاة فبدأ في كل منهما بأصل ما دعي لأجله قوله ثم قال قوموا استدل به على ترك الوضوء مما مست النار لكونه صلى بعد الطعام وفيه نظر لما رواه الدارقطني في غرائب مالك عن البغوي عن عبد الله بن عون عن مالك ولفظه صنعت مليكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فأكل منه وأنا معه ثم دعا بوضوء فتوضأ الحديث قوله فلأصلي لكم كذا في روايتنا بكسر اللام وفتح الياء وفي رواية الأصيلي بحذف الياء قال بن مالك روى بحذف الياء وثبوتها مفتوحه وساكنه ووجهه أن اللام عند ثبوت الياء مفتوحة لام كي والفعل بعدها منصوب بان مضمرة واللام ومصحوبها خبر مبتدأ محذوف والتقدير قوموا فقيامكم لأصلي لكم ويجوز على مذهب الأخفش أن تكون الفاء زائدة واللام متعلقة بقوموا وعند سكون الياء يحتمل أن تكون اللام أيضا لام كي وسكنت الياء تخفيفا أو لام الأمر وثبتت الياء في الجزم إجراء للمعتل مجرى الصحيح كقراءة قنبل أنه من يتقي ويصبر وعند حذف الياء اللام لام الأمر وأمر المتكلم نفسه بفعل مقرون باللام فصيح قليل في الاستعمال ومنه قوله تعالى ولتحمل خطاياكم قال ويجوز فتح اللام ثم ذكر توجيهه وفيه لغيره بحث اختصرته لأن الرواية لم ترد به وقيل أن في رواية الكشميهني فأصل بحذف اللام وليس هو فيما وقفت عليه من النسخ الصحيحة وحكى بن قرقول عن بعض الروايات فلنصل بالنون وكسر اللام والجزم واللام على هذا لام الأمر وكسرها لغة معروفة قوله لكم أي لأجلكم قال السهيلي الأمر هنا بمعنى الخبر وهو كقوله تعالى فليمدد له الرحمن مدا ويحتمل أن يكون أمرا لهم بالائتمام لكنه اضافه إلى نفسه لارتباط فعلهم بفعله قوله من طول ما لبس فيه إن الافتراش يسمى لبسا وقد استدل به على منع افتراش الحرير لعموم النهي عن لبس الحرير ولا يرد ذلك إن من حلف لا يلبس حريرا فإنه لا يحنث بالافتراش لأن الإيمان مبناها على العرف قوله فنضحته يحتمل أن يكون النضح لتليين الحصير أو لتنظيفه أو لتطهيره ولا يصح الجزم بالأخير بل المتبادر غيره لأن الأصل الطهارة قوله وصففت أنا واليتيم كذا للأكثر وللمستملي والحموي فصففت واليتيم بغير تأكيد والأول أفصح ويجوز في اليتيم الرفع والنصب قال صاحب العمدة اليتيم هو ضميرة جد حسين بن عبد الله بن ضميرة قال بن الحذاء كذا اسماه عبد الملك بن حبيب ولم يذكره غيره وأظنه سمعه من حسين بن عبد الله أو من غيره من أهل المدينة قال وضميرة هو بن أبي ضمرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلف في اسم أبي ضميرة فقيل روح وقيل غير ذلك انتهى ووهم بعض الشراح فقال اسم اليتيم ضميرة وقيل روح فكأنه انتقل ذهنه من الخلاف في اسم أبيه إليه وسيأتي في باب المرأة وحدها تكون صفا ذكر من قال أن اسمه سليم وبيان وهمه في ذلك إن شاء الله تعالى وجزم البخاري بأن اسم أبي ضميرة سعد الحميري ويقال سعيد ونسبه بن حبان ليثيا قوله والعجوز هي ملكية المذكورة أولا قوله ثم انصرف أي إلى بيته أو من الصلاة وفي هذا الحديث من الفوائد إجابة الدعوة ولو لم تكن عرسا ولو كان الداعي امرأة لكن حيث تؤمن الفتنة والأكل من طعام الدعوه وصلاة النافلة جماعة في البيوت وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد تعليمهم أفعال الصلاة بالمشاهدة لأجل المرأة فإنها قد يخفى عليها بعض التفاصيل لبعد موقفها وفيه تنظيف مكان المصلي وقيام الصبي مع الرجل صفا وتأخير النساء عن صفوف الرجال وقيام المرأة صفا وحدها إذا لم يكن معها امرأة غيرها واستدل به على جواز المنفرد خلف الصف وحده ولا حجة فيه لذلك وفيه الاقتصار في نافلة النهار على ركعتين خلافا لمن اشترط أربعا وسيأتي ذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى وفيه صحة صلاة الصبي المميز ووضوئه وأن محل الفضل الوارد في صلاة النافلة منفردا حيث لا يكون هناك مصلحة كالتعليم بل يمكن أن يقال هو إذ ذاك أفضل ولا سيما في حقه صلى الله عليه وسلم تنبيهان الأول أورد مالك هذا الحديث في ترجمة صلاة الضحى وتعقب بما رواه أنس بن سيرين عن أنس بن مالك أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلا مرة واحدة في دار الأنصاري الضخم الذي دعاه ليصلي في بيته أخرجه المصنف كما سيأتي وأجاب صاحب القبس بأن مالكا نظر إلى كون الوقت الذي وقعت فيه تلك الصلاة هو وقت صلاة الضحى فحمله عليه وأن أنسا لم يطلع على أنه صلى الله عليه وسلم نوى بتلك الصلاة صلاة الضحى الثاني النكتة في ترجمة الباب الإشارة إلى ما رواه بن أبي شيبة وغيره من طريق شريح بن هانئ أنه سأل عائشة أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير والله يقول وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا فقالت لم يكن يصلي على الحصير فكأنه لم يثبت عند المصنف أو رآه شاذا مردودا لمعارضته ما هو أقوى منه كحديث الباب بل سيأتي عنده من طريق أبي سلمة عن عائشة إن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حصير يبسطه ويصلي عليه وفي مسلم من حديث أبي سعيد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حصير

قوله باب الصلاة على الخمرة تقدم الكلام عليها قريبا وأن ضبطها تقدم في أواخر الحيض وكأنه أفردها بترجمة لكون شيخه أبي الوليد حدثه بالحديث مختصرا والله أعلم

قوله باب الصلاة على الفراش أي سواء كان ينام عليه مع امرأته أم لا وكأنه يشير إلى الحديث الذي رواه أبو داود وغيره من طريق الأشعث عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي في لحفنا وكأنه أيضا لم يثبت عنده أو رآه شاذا مردودا وقد بين أبو داود علته قوله وصلى أنس وصله بن أبي شيبة وسعيد بن منصور كلاهما عن بن المبارك عن حميد قال كان أنس يصلي على فراشه قوله وقال أنس كنا نصلي كذا للأكثر وسقط أنس من رواية الأصيلي فأوهم أنه بقية من الذي قبله وليس كذلك بل هو حديث آخر كما سيأتي موصولا فيي الباب الذي بعد بمعناه ورواه مسلم من الوجه المذكور وفيه اللفظ المعلق هنا وسياقه أتم وأشار البخاري بالترجمة إلى ما أخرجه بن أبي شيبة بسند صحيح عن إبراهيم النخعي عن الأسود وأصحابه إنهم كانوا يكرهون أن يصلوا على الطنافس والفراء والمسوح وأخرج عن جمع من الصحابة والتابعين جواز ذلك وقال مالك لا أرى بأسا بالقيام عليها إذا كان يضع جبهته ويديه على الأرض

[ 375 ] قوله حدثنا إسماعيل هو بن أبي أويس والإسناد كله مدنيون قوله كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته أي في مكان سجوده ويتبين ذلك من الرواية التي بعد هذه قوله فقبضت رجلي كذا بالتثنيه للأكثر وكذا في قولها بسطتهما وللمستملي والحموي رجلي بالإفراد وكذا بسطتها وقد استدل بقولها غمزني على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء وتعقب باحتمال الحائل أو بالخصوصية وعلى أن المرأة لا تقطع الصلاة وسيأتي مع بقية مباحثه في أبواب السترة إن شاء الله تعالى وقولها والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح كأنها أرادت به الاعتذار عن نومها على تلك الصفة قال بن بطال وفيه إشعار بأنهم صاروا بعد ذلك يستصبحون ومناسبة هذا الحديث للترجمة من قولها كنت أنام وقد صرحت في الحديث الذي يليه بأن ذلك كان على فراش أهله

[ 376 ] قوله اعتراض الجنازة منصوب بأنه مفعول مطلق بعامل مقدر أي معترضة اعتراضا كاعتراض الجنازة والمراد أنها تكون نائمة بين يديه من جهة يمينه إلى جهة شماله كما تكون الجنازة بين يدي المصلي عليها

[ 377 ] قوله عن يزيد هو بن أبي حبيب وعراك هو بن مالك وعروة هو بن الزبير والثلاثة من التابعين وصورة سياقه بهذا الإرسال لكنه محمول على أنه سمع ذلك من عائشة بدليل الرواية التي قبلها والنكته في إيراده أن فيه تقييد الفراش بكونه الذي ينامان عليه كما تقدمت الإشارة إليه أول الباب بخلاف الرواية التي قبلها فإن قولها فراش أهله أعم من أن يكون هو الذي ناما عليه أو غيره وفيه إن الصلاة إلى النائم لا تكره وقد وردت أحاديث ضعيفة في النهي عن ذلك وهي محمولة أن ثبتت على ما إذا حصل شغل الفكر به

قوله باب السجود على الثوب في شدة الحر التقييد بشدة الحر للمحافظة على لفظ الحديث وإلا فهو في البرد كذلك بل القائل بالجواز لا يقيده بالحاجه قوله وقال الحسن كان القوم أي الصحابة كما سيأتي بيانه قوله والقلنسوة بفتح القاف واللام وسكون النون وضم المهملة وفتح الواو وقد تبدل ياء مثناة من تحت وقد تبدل ألفا وتفتح السين فيقال قلنساة وقد تحذف النون من هذه بعدها هاء تأنيث غشاء مبطن يستر به الرأس قاله القزاز في شرح الفصيح وقال بن هشام هي التي يقال لها العمامه الشاشية وفي المحكم هي من ملابس الرأس معروفة وقال أبو هلال العسكري هي التي تغطي بها العمائم وتستر من الشمس والمطر كأنها عنده رأس البرنس قوله ويداه أي يد كل واحد منهم وكأنه أراد بتغيير الأسلوب بيان إن كل واحد منهم ما كان يجمع بين السجود على العمامة والقلنسوة معا لكن في كل حالة كان يسجد ويداه في كمه ووقع في رواية الكشميهني ويديه في كمه وهو منصوب بفعل مقدر أي ويجعل يديه وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن هشام بن حسان عن الحسن أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسجدون وايديهم في ثيابهم ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته هكذا رواه بن أبي شيبة من طريق هشام

[ 378 ] قوله حدثنا غالب القطان وللأكثر حدثني بالإفراد والإسناد كله بصريون قوله طرف الثوب ولمسلم بسط ثوبه وكذا للمصنف في أبواب العمل في الصلاة وله من طريق خالد بن عبد الرحمن عن غالب سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر والثوب في الأصل يطلق على غير المخيط وقد يطلق على المخيط مجازا وفي الحديث جواز استعمال الثياب وكذا غيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقاء حرها وكذا بردها وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هو الأصل لأنه علق بسط الثوب بعدم الاستطاعة واستدل به على إجازة السجود على الثوب المتصل بالمصلى قال النووي وبه قال أبو حنيفة والجمهور وحمله الشافعي على الثوب المنفصل انتهى وأيد البيهقي هذا الحمل بما رواه الإسماعيلي من هذا الوجه بلفظ فيأخذ أحدنا الحصى في يده فإذا برد وضعه وسجد عليه قال فلو جاز السجود على شيء متصل به لما احتاجوا إلى تبريد الحصى مع طول الأمر فيه وتعقب باحتمال أن يكون الذي كان يبرد الحصى لم يكن في ثوبه فضلة يسجد عليها مع بقاء سترته له وقال بن دقيق العيد يحتاج من استدل به على الجواز إلى أمرين أحدهما إن لفظ ثوبه طال على المتصل به أما من حيث اللفظ وهو تعقيب السجود بالبسط يعني كما في رواية مسلم وأما من خارج اللفظ وهو قلة الثياب عندهم وعلى تقدير أن يكون كذلك وهو الأمر الثاني يحتاج إلى ثبوت كونه متناولا لمحل النزاع وهو أن يكون مما يتحرك بحركة المصلي وليس في الحديث ما يدل عليه والله اعلم وفيه جواز العمل القليل في الصلاة ومراعاة الخشوع فيها لأن الظاهر إن صنيعهم ذلك لإزالة التشويش العارض من حرارة الأرض وفيه تقديم الظهر في أول الوقت وظاهر الأحاديث الوارده في الأمر بالإيراد كما سيأتي في المواقيت يعارضه فمن قال الإبرار رخصة فلا إشكال ومن قال سنة فأما أن يقول التقديم المذكور رخصة وأما أن يقول منسوخ بالأمر بالإبراد وأحسن منهما أن يقال أن شدة الحر قد توجد مع الإبرار فيحتاج إلى السجود على الثوب أو إلى تبريد الحصى لأنه قد يستمر حره بعد الإبرار وتكون فائدة الإبرار وجود ظل يمشي فيه إلى المسجد أو يصلي فيه في المسجد أشار إلى هذا الجمع القرطبي ثم بن دقيق العيد وهو أولى من دعوى تعارض الحديثين وفيه إن قول الصحابي كنا نفعل كذا من قبيل المرفوع لاتفاق الشيخين على تخريج هذا الحديث في صحيحيهما بل ومعظم المصنفين لكن قد يقال إن في هذا زيادة على مجرد الصيغة لكونه في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان يرى فيها من خلفه كما يرى من إمامه فيكون تقريره فيه مأخوذا من هذه الطريق لا من مجرد صيغة كنا نفعل

قوله باب الصلاة في النعال بكسر النون جمع نعل وهي معروفة ومناسبته لما قبله من جهة جواز تغطية بعض أعضاء السجود

[ 379 ] قوله يصلي في نعليه قال بن بطال هو محمول على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة ثم هي من الرخص كما قال بن دقيق العيد لا من المستحبات لان ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة وهو وأن كان من ملابس الزينة إلا أن ملامسته الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين ومراعاة إزالة النجاسة قدمت الثانية لأنها من باب دفع المفاسد والأخرى من باب جلب المصالح قال الا أن يرد دليل بالحاقة بما يتجمل به فيرجع إليه ويترك هذا النظر قلت قد روى أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوس مرفوعا خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم فيكون استحباب ذلك من جهة قصد المخالفة المذكورة وورد في كون الصلاة في النعال من الزينة المأمور بأخذها في الآية حديث ضعيف جدا أورده بن عدي في الكامل وابن مردويه في تفسيره من حديث أبي هريرة والعقيلي من حديث أنس

قوله باب الصلاة في الخفاف يحتمل أنه أراد الإشارة بإيراد هذه الترجمة هنا إلى حديث شداد بن أوس المذكور لجمعه بين الأمرين

[ 380 ] قوله سمعت إبراهيم هو النخعي وفي الإسناد ثلاثة من التابعين كوفيون إبراهيم وشيخه والراوي عنه قوله ثم قام فصلى ظاهر في أنه صلى في خفية لأنه لو نزعهما بعد المسح لوجب غسل رجليه ولو غسلهما لنقل قوله فسئل وللطبراني من طريق جعفر بن الحارث عن الأعمش أن السائل له عن ذلك هو همام المذكور وله من طريق زائدة عن الأعمش فعاب عليه ذلك رجل من القوم قوله قال إبراهيم فكان يعجبهم زاد مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش كان يعجبهم هذا الحديث ومن طريق عيسى بن يونس عنه فكان أصحاب عبد الله بن مسعود يعجبهم قوله من آخر من اسلم ولمسلم لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة ولأبي داود من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير في هذه القصة قالوا إنما كان ذلك أي مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين قبل نزول المائدة فقال جرير ما أسلمت الا بعد نزول المائدة وعند الطبراني من رواية محمد بن سيرين عن جرير أن ذلك كان في حجة الوداع وروى الترمذي من طريق شهر بن حوشب قال رأيت جرير بن عبد الله فذكر نحو حديث الباب قال فقلت له أقبل المائدة أم بعدها قال ما أسلمت إلا بعد المائدة قال الترمذي هذا حديث مفسر لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول إن مسح النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة فيكون منسوخا فذكر جرير في حديثه أنه رآه يمسح بعد نزول المائدة فكان أصحاب بن مسعود يعجبهم حديث جرير لأن فيه ردا على أصحاب التأويل المذكور وذكر بعض المحققين أن إحدى القراءتين في آية الوضوء وهي قراءة الخفض دالة على المسح على الخفين وقد تقدمت سائر مباحثه في كتاب الوضوء

[ 381 ] قوله حدثنا إسحاق بن نصر هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر نسب إلى جده والإسناد كله كوفيون غيره وفيه أيضا ثلاثة من التابعين الأعمش وشيخه مسلم وهو أبو الضحى ومسروق وتردد الكرماني في أن مسلما هل هو أبو الضحى أو البطين قصور فقد جزم الحفاظ بأنه أبو الضحى وقد تقدم الكلام على فوائد حديث المغيرة حيث أورده المصنف تاما في كتاب الوضوء

قوله باب إذا لم يتم السجود كذا وقع عند أكثر الرواة هذه الترجمة وحديث حذيفة فيها والترجمة التي بعدها وحديث بن بحينة فيها موصولا ومعلقا ووقعتا عند الأصيلي قبل باب الصلاة في النعال ولم يقع عند المستملي شيء من ذلك وهو الصواب لأن جميع ذلك سيأتي في مكانه اللائق به وهو أبواب صفة الصلاة ولولا أنه ليس من عادة المصنف إعادة الترجمة وحديثها معا لكان يمكن أن يقال مناسبة الترجمة الأولى لأبواب ستر العورة الإشارة إلى أن من ترك شرطا لا تصح صلاته كمن ترك ركنا ومناسبة الترجمة الثانية الإشارة إلى أن المجافاة في السجود لا تستلزم عدم ستر العورة فلا تكون مبطلة للصلاة وفي الجملة إعادة هاتين الترجمتين هنا وفي أبواب السجود الحمل فيه عندي على النساخ بدليل سلامة رواية المستملى من ذلك وهو أحفظهم

قوله باب يبدي ضبعيه الخ تقدم القول فيه قبل كما ترى خاتمة اشتملت أبواب ستر العورة وما قبلها من ذكر ابتداء فرض الصلاة من الأحاديث المرفوعة على تسعة وثلاثين حديثا فإن أضفت إليها حديثي الترجمتين المذكورتين صارت أحدا وأربعين حديثا المكرر منها فيها وفيما تقدم خمسة عشر حديثا وفيها من المعلقات أربعة عشر حديثا وأن أضفت إليها المعلق في الترجمة الثانية صارت خمسة عشر حديثا عشرة منها أو أحد عشرة مكررة وأربعة لا توجد فيه إلا معلقة وهي حديث سلمة بن الأكوع يزره ولو بشوكة وأحاديث بن عباس وجرهد وابن جحش في الفخذ وافقه مسلم على جميعها سوى هذه الأربعة وسوى حديث أنس في قرام لعائشة وحديث عكرمة عن أبي هريرة في الأمر بمخالفة طرفي الثوب وفيه من الآثار الموقوفة أحد عشر أثرا كلها معلقه إلا أثر عمر إذا وسع الله عليكم فوسعوا على أنفسكم فإنه موصول

قوله باب فضل استقبال القبلة يستقبل بأطراف رجليه القبلة قاله أبو حميد يعني الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني في صفة صلاته كما سيأتي بعد موصولا من حديثه والمراد بأطراف رجليه رؤوس أصابعها وأراد بذكره هنا بيان مشروعية الاستقبال بجميع ما يمكن من الأعضاء

[ 384 ] قوله حدثنا عمرو بن عباس بالموحده ثم بالمهملة وميمون بن سياه بكسر المهملة وتخفيف التحتانية ثم هاء منونة ويجوز ترك صرفه وهو فارسي معرب معناه الأسود وقيل عربي قوله ذمة الله أي أمانته وعهده قوله فلا تخفروا بالضم من الرباعي أي لا تغدروا يقال اخفرت إذا غدرت وخفرت إذا حميت ويقال أن الهمزة في أخفرت للإزالة أي تركت حمايته قوله فلا تخفروا الله في ذمته أي ولا رسوله وحذف لدلالة السياق عليه أو لاستلزام المذكور المحذوف وقد أخذ بمفهومه من ذهب إلى قتل تارك الصلاة وله موضع غير هذا وفي الحديث تعظيم شان القبلة وذكر الاستقبال بعد الصلاة للتنويه به وإلا فهو داخل في الصلاة لكونه من شروطها وفيه إن أمور الناس محمولة على الظاهر فمن أظهر شعار الدين أجريت عليه أحكام أهله ما لم يظهر منه خلاف ذلك

[ 385 ] قوله حدثنا نعيم هو بن حماد الخزاعي ووقع في رواية حماد بن شاكر عن البخاري قال نعيم بن حماد وفي رواية كريمة والأصيلي قال بن المبارك بغير ذكر نعيم وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج وقد وقع لنا من طريق نعيم موصولا في سنن الدارقطني وتابعه حماد بن موسى وسعد بن يعقوب وغيرهما عن بن المبارك قوله حتى يقولوا لا إله إلا الله اقتصر عليها ولم يذكر الرسالة وهي مرادة كما تقول قرأت الحمد وتريد السورة كلها وقيل أول الحديث ورد في حق من جحد التوحيد فإذا أقر به صار كالموحد من أهل الكتاب يحتاج إلى الإيمان بما جاء به الرسول فلهذا عطف الأفعال المذكورة عليها فقال وصلوا صلاتنا الخ والصلاة الشرعية متضمنة للشهادة بالرسالة وحكمة الاقتصار على ما ذكر من الأفعال أن من يقر بالتوحيد من أهل الكتاب وأن صلوا واستقبلوا وذبحوا لكنهم لا يصلون مثل صلاتنا ولا يستقبلون قبلتنا ومنهم من يذبح لغير الله ومنهم من لا يأكل ذبيحتنا ولهذا قال في الرواية الأخرى وأكل ذبيحتنا والاطلاع على حال المرء في صلاته وأكله يمكن بسرعة في أول يوم بخلاف غير ذلك من أمور الدين قوله فقد حرمت بفتح أوله وضم الراء ولم أره في شيء من الروايات بالتشديد وقد تقدمت سائر مباحثه في باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة من كتاب الإيمان

قوله وقال على بن عبد الله هو بن المديني وفائدة أيراد هذا الإسناد تقوية رواية ميمون بن سياه لمتابعة حميد له قوله وما يحرم بالتشديد هو معطوف على شيء محذوف كأنه سأل عن شيء قبل هذا وعن هذا والواو واستئنافية وسقطت من رواية الأصيلي وكريمة ولما لم يكن في قول حميد سأل ميمون أنسا التصريح بكونه حضر ذلك عقبة بطريق يحيى بن أيوب التي فيها تصريح حميد بأن أنسا حدثهم لئلا يظن أنه دلسه ولتصريحه أيضا بالرفع وأن كان للأخرى حكمة وقد روينا طريق يحيى بن أيوب موصولة في الأيمان لمحمد بن نصر ولابن منده وغيرهما من طريق بن أبي مريم المذكور واعل الإسماعيلي طريق حميد المذكورة فقال الحديث حديث ميمون وحميد إنما سمعه منه واستدل على ذلك برواية معاذ بن معاذ عن حميد عن ميمون قال سألت أنسا قال وحديث يحيى بن أيوب لا يحتج به يعني في التصريح بالتحديث قال لأن عادة المصريين والشاميين ذكر الخبر فيما يروونه قلت هذا التعليل مردود ولو فتح هذا الباب لم يوثق برواية مدلس أصلا ولو صرح بالسماع والعمل على خلافه ورواية معاذ لا دليل فيها على أن حميدا لم يسمعه من أنس لأنه لا مانع أن يسمعه من أنس ثم يستثبت فيه من ميمون لعلمه بأنه كان السائل عن ذلك فكان حقيقا بضبطه فكان حميد تارة يحدث به عن أنس فلأجل العلو وتارة عن ميمون لكونه ثبته فيه وقد جرت عادة حميد بهذا يقول حدثني أنس وثبتني فيه ثابت وكذا وقع لغير حميد

قوله باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق نقل عياض أن رواية الأكثر ضم قاف المشرق فيكون معطوفا على باب ويحتاج إلى تقدير محذوف والذي في روايتنا بالخفض ووجه السهيلي رواية الضم بان الحامل على ذلك كون حكم المشرق في القبلة مخالفا لحكم المدينة بخلاف الشام فإنه موافق وأجاب بن رشيد بان المراد بيان حكم القبلة من حيث هو سواء توافقت البلاد أم اختلفت قوله ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة هذه جملة مستأنفة من تفقه المصنف وقد نوزع في ذلك لأنه يحمل الأمر في قوله شرقوا أو غربوا على عمومه وإنما هو مخصوص بالمخاطبين وهم أهل المدينة ويلحق بهم من كان على مثل سمتهم ممن إذا استقبل المشرق أو المغرب لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها أما من كان في المشرق فقبلته في جهة المغرب وكذلك عكسه وهذا معقول لا يخفى مثله على البخاري فيتعين تأويل كلامه بأن يكون مراده ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة أي لأهل المدينة والشام ولعل هذا هو السر في تخصيصه المدينة والشام بالذكر وقال بن بطال لم يذكر البخاري مغرب الأرض اكتفاء بذكر المشرق إذ العلة مشتركة ولأن المشرق أكثر الأرض المعمورة ولأن بلاد الإسلام في جهة مغرب الشمس قليلة انتهى

[ 386 ] قوله وعن الزهري يعني بالإسناد المذكور والمراد أن سفيان حدث به عليا مرتين مرة صرح بتحديث الزهري له وفيه عنعنة عطاء ومرة آتي بالعنعنة عن الزهري وبتصريح عطاء بالسماع وادعى بعضهم إن الرواية الثانية معلقة وليس كذلك على ما قررته وقال الكرماني قال في الأول عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الثاني سمعت أبا أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان الثاني أقوى لأن السماع أقوى من العنعنة والعنعنة أقوى من أن لكن فيه ضعف من جهة التعليق حيث قال وعن الزهري انتهى وفي دعواه ضعف أن بالنسبة إلى عن نظر فكأنه قلد في ذلك نقل بن الصلاح عن أحمد ويعقوب بن شيبة وقد بين شيخنا في شرحه منظومته وهم بن الصلاح في ذلك وأن حكمهما واحد الا أنه يستثنى من التعبير بان ما إذا أضاف إليها قصة ما أدركها الراوي وأما جزمه بكون السند الثاني معلقا فهو بحسب الظاهر وإلا فحمله على ما قبله ممكن وقد رويناه في مسند إسحاق بن راهويه قال حدثنا سفيان فذكر مثل سياقها سواء فعلى هذا فلا ضعف فيه أصلا والله أعلم وقد تقدمت فوائد المتن في أوائل كتاب الطهارة

قوله باب قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وقع في روايتنا واتخذوا بكسر الخاء على الآمر وهي إحدى القراءتين والأخرى بالفتح على الخبر والأمر دال على الوجوب لكن انعقد الإجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة فدل على عدم التخصيص وهذا بناء على أن المراد بمقام إبراهيم الحجر الذي فيه أثر قدميه وهو موجود إلى الآن وقال مجاهد المراد بمقام إبراهيم الحرم كله والأول أصح وقد ثبت دليله عند مسلم من حديث جابر وسيأتي عند المصنف أيضا قوله مصلى أي قبلة قاله الحسن البصري وغيره وبه يتم الاستدلال وقال مجاهد أي مدعى يدعني عنده ولا يصح حمله على مكان الصلاة لأنه لا يصلي فيه بل عنده ويترجح قول الحسن بأنه جار على المعنى الشرعي واستدل المصنف على عدم التخصيص أيضا بصلاته صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة فلو تعين استقبال المقام لما صحت هناك لأنه كان حينئذ غير مستقبله وهذا هو السر في إيراد حديث بن عمر عن بلال في هذا الباب وقد روى الأزرقي في أخبار مكة بأسانيد صحيحة أن المقام كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الموضع الذي هو فيه الآن حتى جاء سيل في خلافه عمر فاحتمله حتى وجد بأسفل مكة فأتى به فربط إلى أستار الكعبة حتى قدم عمر فاستثبت في أمره حتى تحقق موضعه الأول فأعاده إليه وبنى حوله فاستقر ثم إلى الآن

[ 387 ] قوله طاف بالبيت للعمرة كذا للأكثر وللمستملي والحموي طاف بالبيت لعمرة وبحذف اللام من قوله للعمرة ولا بد من تقديرها ليصح الكلام قوله أيأتي امرأته أي هل حل من إحرامه حتى يجوز له الجماع وغيره من محرمات الإحرام وخص أتيان المرأة بالذكر لأنه أعظم المحرمات في الإحرام وأجابهم بن عمر بالإشارة إلى وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم لا سيما في أمر المناسك لقوله صلى الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم وأجابهم جابر بصريح النهي وعليه أكثر الفقهاء وخالف فيه بن عباس فأجاز للمعتمر التحلل بعد الطواف وقبل السعي وسيأتي بسط ذلك في موضعه من كتاب الحج إن شاء الله تعالى والمناسب للترجمة من هذا الحديث قوله وصلى خلف المقام ركعتين وقد يشعر بحمل الأمر في قوله واتخذوا على تخصيص ذلك بركعتي الطواف وقد ذهب جماعة إلى وجوب ذلك خلف المقام كما سيأتي في مكانه في الحج إن شاء الله تعالى

[ 388 ] قوله عن سيف هو بن سليمان أو بن سليمان المكي قوله أتى بن عمر لم اقف على اسم الذي أخبره بذلك قوله واجد بعد قوله فأقبلت وكان المناسب للسياق إن يقول ووجدت وكأنه عدل عن الماضي إلى المضارع استحضارا لتلك الصورة حتى كأن المخاطب يشاهدها قوله قائما بين البابين أي المصراعين وحمله الكرماني تجويزا على حقيقة التثنية وقال أراد بالباب الثاني الذي لم تفتحه قريش حين بنت الكعبة باعتبار ما كان أو كان إخبار الراوي بذلك بعد أن فتحه بن الزبير وهذا يلزم منه أن يكون بن عمر وجد بلالا في وسط الكعبة وفيه بعد وفي رواية الحموي بين الناس بنون وسين مهملة وهي أوضح قوله قال نعم ركعتين أي صلي ركعتين وقد استشكل الإسماعيلي وغيره هذا مع أن المشهور عن بن عمر من طريق نافع وغيره عنه أنه قال ونسيت أن أسأله كم صلى قال فدل على أنه أخبره بالكيفية وهي تعيين الموقف في الكعبة ولم يخبره بالكمية ونسي هو أن يسأله عنها والجواب عن ذلك أن يقال يحتمل أن بن عمر اعتمد في قوله في هذه الرواية ركعتين على القدر المتحقق له وذلك أن بلالا أثبت له أنه صلى ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل في النهار بأقل من ركعتين فكانت الركعتان متحققا وقوعهما لما عرف بالاستقراء من عادته فعلى هذا فقوله ركعتين من كلام بن عمر لا من كلام بلال وقد وجدت ما يؤيد هذا ويستفاد منه جمعا آخر بين الحديثين وهو ما أخرجه عمر بن شبة في كتاب مكة من طريق عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر في هذا الحديث فاستقبلني بلال فقلت ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ههنا فأشار بيده أي صل ركعتين بالسبابة والوسطى فعلى هذا فيحمل قوله نسيت أن أسأله كم صلى على أنه لم يسأله لفظا ولم يجبه لفظا وإنما استفادة منه صلاة الركعتين بإشارته لا بنطقه وأما قوله في الرواية الأخرى ونسيت أن أسأله كم صلى فيحمل على أن مراده أنه لم يتحقق هل زاد على ركعتين أو لا وأما قول بعض المتأخرين يجمع بين الحديثين بأن بن عمر نسي أن يسأل بلالا ثم لقيه مرة أخرى فسأله ففيه نظر من وجهين أحدهما أن الذي يظهر أن القصة وهي سؤال بن عمر عن صلاته في الكعبة لم تتعدد لأنه أتي في السؤال بالفاء المعقبة في الروايتين معا فقال في هذه فأقبلت ثم قال فسألت بلالا وقال في الأخرى فبدرت فسألت بلالا فدل على أن السؤال عن ذلك كان واحدا في وقت واحد ثانيهما أن راوي قول بن عمر ونسيت هو نافع مولاه ويبعد مع طول ملازمته له إلى وقت موته أن يستمر على حكاية النسيان ولا يتعرض لحكاية الذكر أصلا والله اعلم وأما ما نقله عياض أن قوله ركعتين غلط من يحيى بن سعيد القطان لأن بن عمر قد قال نسيت أن أسأله كم صلى قال وإنما دخل الوهم عليه من ذكر الركعتين بعد فهو كلام مردود والمغلط هو الغالط فإنه ذكر الركعتين قبل وبعد فلم يهم من موضع إلى موضع ولم ينفرد يحيى بن سعيد بذلك حتى يغلط فقد تابعه أبو نعيم عند البخاري والنسائي وأبو عاصم عند بن خزيمة وعمر بن على عند الإسماعيلي وعبد الله بن نمير عند أحمد كلهم عن سيف ولم ينفرد به سيف أيضا فقد تابعه عليه خصيف عن مجاهد عند أحمد ولم ينفرد به مجاهد عن بن عمر فقد تابعه عليه بن أبي مليكة عند أحمد والنسائي وعمرو بن دينار عند أحمد أيضا باختصار ومن حديث عثمان بن أبي طلحة عند أحمد والطبراني بإسناد قوي ومن حديث أبي هريرة عند البزار ومن حديث عبد الرحمن بن صفوان قال فلما خرج سألت من كان معه فقالوا صلى ركعتين عند السارية الوسطى أخرجه الطبراني بإسناد صحيح ومن حديث شيبة بن عثمان قال لقد صلى ركعتين عند العمودين أخرجه الطبراني بإسناد جيد فالعجب من الإقدام على تغليط جبل من جبال الحفظ بقول من خفي عليه وجه الجمع بين الحديثين فقال بغير علم ولو سكت لسلم والله الموفق قوله في وجه الكعبة أي مواجهة باب الكعبة قال الكرماني الظاهر من الترجمة أنه مقام إبراهيم أي أنه كان عند الباب قلت قدمنا أنه خلاف المنقول عن أهل العلم بذلك وقدمنا أيضا مناسبة الحديث للترجمة من غير هذه الحيثية وهي إن استقبال المقام غير واجب ونقل عن بن عباس كما رواه الطبراني وغيره أنه قال ما أحب أن أصلي في الكعبة من صلى فيها فقد ترك شيئا منا خلفه وهذا هو السر أيضا في إيراد حديث بن عباس في هذا الباب