أبواب سجود القرآن
 قوله أبواب سجود القرآن كذا للمستملي ولغيره باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها أي سنة سجود التلاوة وللاصيلى وسنته وسيأتي ذكر من قال بوجوبها في آخر الأبواب وسقطت البسملة لأبي ذر وقد أجمع العلماء على أنه يسجد وفي عشرة مواضع وهي متوالية إلا ثانية الحج وص وأضاف مالك ص فقط والشافعي في القديم ثانية الحج فقط وفي الجديد هي وما في المفصل وهو قول عطاء وعن أحمد مثله في رواية وفي أخرى مشهورة زيادة ص وهو قول الليث وإسحاق وابن وهب وابن حبيب من المالكية وابن المنذر وابن سريج من الشافعية وعن أبي حنيفة مثله لكن نفى ثانية الحج وهو قول داود ووراء ذلك أقوال أخرى منها عن عطاء الخراساني الجميع إلا ثانية الحج والانشقاق وقيل باسقاطهما وإسقاط ص أيضا وقيل الجميع مشروع ولكن العزائم الأعراف وسبحان وثلاث المفصل روى عن بن مسعود وعن بن عباس ألم تنزيل وحم تنزيل والنجم وأقرأ وعن سعيد بن جبير مثله بإسقاط اقرأ وعن عبيد بن عمير مثله لكن بإسقاط النجم وإثبات الأعراف وسبحان وعن على ما ورد الأمر فيه بالسجود عزيمة وقيل يشرع السجود عند كل لفظ وقع فيه الأمر بالسجود أو الحث عليه والثناء على فاعله أو سيق مساق المدح وهذا يبلغ عددا كثيرا وقد أشار إليه أبو محمد بن الخشاب في قصيدته الالغازية قوله سمعت الأسود هو بن يزيد وعبد الله هو بن مسعود

[ 1017 ] قوله وسجد من معه غير شيخ سماه في تفسير سورة النجم من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق أمية بن خلف ووقع في سيرة بن إسحاق أنه الوليد بن المغيرة وفيه نظر لأنه لم يقتل وفي تفسير سنيد الوليد بن المغيرة أو عتبة بن ربيعة بالشك وفيه نظر لما أخرجه الطبراني من حديث مخرمة بن نوفل قال لما أظهر النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام أسلم أهل مكة حتى أنه كان ليقرأ السجدة فيسجدون فلا يقدر بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء قريش الوليد بن المغيرة وأبو جهل وغيرهما وكانوا بالطائف فرجعوا وقالوا تدعون دين آبائكم لكن في ثبوت هذا نظر لقول أبي سفيان في الحديث الطويل إنه لم يرتد أحد ممن أسلم ويمكن أن يجمع بان النفي مقيد بمن ارتد سخطا لا بسبب مراعاة خاطر رؤسائه وروى الطبري من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير أن الذي رفع التراب فسجد عليه هو سعيد بن العاص بن أمية أبو أحيحة وتبعه النحاس وذكر أبو حيان شيخ شيوخنا في تفسيره أنه أبو لهب ولم يذكر مستنده وفي مصنف بن أبي شيبة عن أبي هريرة سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش أرادا بذلك الشهرة وللنسائي من حديث المطلب بن أبي وداعة قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فسجد وسجد من معه فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ولم يكن المطلب يومئذ أسلم ومهما ثبت من ذلك فلعل بن مسعود لم يره أو خص واحدا بذكره لاختصاصه بأخذ الكف من التراب دون غيره وأفاد المصنف في رواية إسرائيل أن النجم أول سورة أنزلت فيها سجدة وهذا هو السر في بداءة المصنف في هذه الأبواب بهذا الحديث واستشكل بأن اقرأ باسم ربك أول السور نزولا وفيها أيضا سجدة فهي سابقة على النجم وأجيب بأن السابق من اقرأ أوائلها وأما بقيتها فنزل بعد ذلك بدليل قصة أبي جهل في نهيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة أو الأولية مقيدة بشيء محذوف بينته رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عند بن مردويه بلفظ أن أول سورة استعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والنجم وله من رواية عبد الكبير بن دينار عن أبي إسحاق أول سورة تلاها على المشركين فذكره فيجمع بين الروايات الثلاث بأن المراد أول سورة فيها سجدة تلاها جهرا على المشركين وسيأتي بقية الكلام عليه في تفسير سورة النجم إن شاء الله تعالى

قوله باب سجدة تنزيل السجدة قال بن بطال اجمعوا على السجود فيها وإنما اختلفوا في السجود بها في الصلاة انتهى وقد تقدم الكلام على ذلك وعلى حديث أبي هريرة المذكور في الباب في كتاب الجمعة مستوفى

قوله باب سجدة ص أورد فيه حديث بن عباس ص ليس من عزائم السجود يعني السجود في ص إلى آخره والمراد بالعزائم ما وردت العزيمة على فعله كصيغة الأمر مثلا بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لا يقول بالوجوب وقد روى بن المنذر وغيره عن على بن أبي طالب بإسناد حسن أن العزائم حم والنجم وأقرأ وألم تنزيل وكذا ثبت عن بن عباس في الثلاثة الأخر وقيل الأعراف وسبحان وحم وألم أخرجه بن أبي شيبة قوله وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها وقع في تفسير ص عند المصنف من طريق مجاهد قال سألت بن عباس من أين سجدت في ص ولابن خزيمة من هذا الوجه من أين أخذت سجدة ص ثم اتفقا فقال ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله فبهداهم اقتده ففي هذا أنه استنبط مشروعية السجود فيها من الآية وفي الأول أنه أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا تعارض بينهما لاحتمال أن يكون استفاده من الطريقين وقد وقع في أحاديث الأنبياء من طريق مجاهد في آخره فقال بن عباس نبيكم ممن أمر أن يقتدى بهم فاستنبط وجه سجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها من الآية وسبب ذلك كون السجدة التي في ص إنما وردت بلفظ الركوع فلولا التوقيف ما ظهر أن فيها سجدة وفي النسائي من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس مرفوعا سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا فاستدل الشافعي بقوله شكرا على أنه لا يسجد فيها في الصلاة لأن سجود الشاكر لا يشرع داخل الصلاة ولأبي داود وابن خزيمة والحاكم من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ثم قرأها في يوم آخر فتهيأ الناس للسجود فقال إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تهيأتم فنزل وسجد وسجدوا معه فهذا السياق يشعر بأن السجود فيها لم يؤكد كما أكد في غيرها واستدل بعض الحنفية من مشروعية السجود عند قوله وخر راكعا وأناب بأن الركوع عندها ينوب عن السجود فإن شاء المصلي ركع بها وإن شاء سجد ثم طرده في جميع سجدات التلاوة وبه قال بن مسعود

قوله باب سجدة النجم قاله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم يأتي موصولا في الذي يليه والكلام على حديث بن مسعود يأتي في التفسير إن شاء الله تعالى واستدل به على أن من وضع جبهته على كفه ونحوه لا يعد ساجدا حتى يضعها بالأرض وفيه نظر

قوله باب سجود المسلمين مع المشركين والمشرك نجس ليس له وضوء قال بن التين روينا قوله نجس بفتح النون والجيم ويجوز كسرها وقال الفراء تسكن الجيم إذا ذكرت اتباعا في قولهم رجس نجس قوله وكان بن عمر يسجد على غير وضوء كذا للأكثر وفي رواية الأصيلي بحذف غير والأول أولى فقد روى بن أبي شيبة من طريق عبيد بن الحسن عن رجل زعم أنه كنفسه عن سعيد بن جبير قال كان بن عمر ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ وأما ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن الليث عن نافع عن بن عمر قال لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر فيجمع بينهما بأنه أراد بقوله طاهر الطهارة الكبرى أو الثاني على حالة الاختيار والأول على الضرورة وقد اعترض بن بطال على هذه الترجمة فقال إن أراد البخاري الاحتجاج لابن عمر بسجود المشركين فلا حجة فيه لأن سجودهم لم يكن على وجه العبادة وإنما كان لما ألقى الشيطان إلى آخر كلامه قال وإن أراد الرد على بن عمر بقوله والمشرك نجس فهو أشبه بالصواب وأجاب بن رشيد بأن مقصود البخاري تأكيد مشروعية السجود لأن المشرك قد أقر على السجود وسمى الصحابي فعله سجودا مع عدم أهليته فالمتأهل لذلك أحرى بأن يسجد على كل حالة ويؤيده أن في حديث بن مسعود أن الذي ما سجد عوقب بأن قتل كافرا فلعل جميع من وفق للسجود يومئذ ختم له بالحسنى فأسلم لبركة السجود قال ويحتمل أن يجمع بين الترجمة وأثر بن عمر بأنه يبعد في العادة أن يكون جميع من حضر من المسلمين كانوا عند قراءة الآية على وضوء لأنهم لم يتأهبوا لذلك وإذا كان كذلك فمن بادر منهم إلى السجود خوف الفوات بلا وضوء وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك استدل بذلك على جواز السجود بلا وضوء عند وجود المشقة بالوضوء ويؤيده أن لفظ المتن وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس فسوى بن عباس في نسبة السجود بين الجميع وفيهم من لا يصح منه الوضوء فيلزم أن يصح السجود ممن كان بوضوء وممن لم يكن بوضوء والله أعلم والقصة التي أشار إليها سيحصل لنا إلمام بشيء منها في تفسير سورة الحج إن شاء الله تعالى فائدة لم يوافق بن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي أخرجه بن أبي شيبة عنه بسند صحيح وأخرجه أيضا بسند حسن عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ السجدة ثم يسلم وهو على غير وضوء إلى غير القبلة وهو يمشي يومئ أيماء

[ 1021 ] قوله سجد بالنجم زاد الطبراني في الأوسط من هذا الوجه بمكة فأفاد اتحاد قصة بن عباس وابن مسعود قوله والجن كأن بن عباس استند في ذلك إلى إخبار النبي صلى الله عليه وسلم إما مشافهة له وإما بواسطة لأنه لم يحضر القصة لصغره وأيضا فهو من الأمور التي لا يطلع الإنسان عليها إلا بتوقيف وتجويز أنه كشف له عن ذلك بعيد لأنه لم يحضرها قطعا قوله ورواه إبراهيم بن طهمان عن أيوب يأتي الكلام عليه في تفسير سورة النجم

قوله باب من قرأ السجدة ولم يسجد يشير بذلك إلى الرد على من احتج بحديث الباب على أن المفصل لا سجود فيه كالمالكية أو أن النجم بخصوصها لا سجود فيها كأبي ثور لأن ترك السجود فيها في هذه الحالة لا يدل على تركه مطلقا لاحتمال أن يكون السبب في الترك إذ ذاك إما لكونه كان بلا وضوء أو لكون الوقت كان وقت كراهة أو لكون القارئ كان لم يسجد كما سيأتي تقريره بعد باب أو ترك حينئذ لبيان الجواز وهذا أرجح الاحتمالات وبه جزم الشافعي لأنه لو كان واجبا لأمره بالسجود ولو بعد ذلك وأما ما رواه أبو داود وغيره من طريق مطر الوراق عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة فقد ضعفه أهل العلم بالحديث لضعف في بعض رواته واختلاف في إسناده وعلى تقدير ثبوته فرواية من أثبت ذلك أرجح إذ المثبت مقدم على النافى فسيأتى في الباب الذي يليه ثبوت السجود في إذا السماء انشقت وروى البزار والدارقطني من طريق هشام بن حسان عن بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في سورة النجم وسجدنا معه الحديث رجاله ثقات وروى بن مردويه في التفسير بإسناد حسن عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه رأى أبا هريرة سجد في خاتمة النجم فسأله فقال إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها وأبو هريرة إنما أسلم بالمدينة وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن الأسود بن يزيد عن عمر أنه سجد في إذا السماء انشقت ومن طريق نافع عن بن عمر أنه سجد فيها وفي هذا رد على من زعم أن عمل أهل المدينة استمر على ترك السجود في المفصل ويحتمل أن يكون المنفى المواظبة على ذلك لأن المفصل تكثر قراءته في الصلاة فترك السجود فيه كثيرا لئلا تختلط الصلاة على من لم يفقه أشار إلى هذه العلة مالك في قوله بترك السجود في المفصل أصلا وقال بن القصار الأمر بالسجود في النجم ينصرف إلى الصلاة ورد بفعله صلى الله عليه وسلم كما تقدم قبل وزعم بعضهم أن عمل أهل المدينة استمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم على ترك السجود فيها وفيه نظر لما رواه الطبري بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن أبزي عن عمر أنه قرأ النجم في الصلاة فسجد فيها ثم قام فقرأ إذا زلزلت ومن طريق إسحاق بن سويد عن نافع عن بن عمر أنه سجد في النجم

[ 1023 ] قوله حدثنا يزيد بن خصيفة بالخاء المعجمة والصاد المهملة مصغر وهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة نسب إلى جده وشيخه بن قسيط هو يزيد بن عبد الله بن قسيط المذكور في الإسناد الثاني ورجال الإسنادين معا مدنيون غير شيخي البخاري

[ 1022 ] قوله أنه سأل زيد بن ثابت فزعم حذف المسئول عنه وظاهر السياق يوهم أن المسئول عنه السجود في النجم وليس كذلك وقد بينه مسلم عن على بن حجر وغيره عن إسماعيل بن جعفر بهذا الإسناد قال سألت زيد بن ثابت عن القراءة مع الإمام فقال لا قراءة مع الإمام في شيء وزعم أنه قرأ النجم الحديث فحذف المصنف الموقوف لأنه ليس من غرضه في هذا المكان ولأنه يخالف زيد بن ثابت في ترك القراءة خلف الإمام وفاقا لمن أوجبها من كبار الصحابة تبعا للحديث الصحيح الدال على ذلك كما تقدم في صفة الصلاة قوله فزعم أراد أخبر والزعم يطلق على المحقق قليلا كهذا وعلى المشكوك كثيرا وقد تكرر ذلك ومن شواهده قول الشاعر على الله أرزاق العباد كما زعم ويحتمل أن يكون زعم في هذا الشعر بمعنى ضمن ومنه الزعيم غارم أي الضامن واستنبط بعضهم من حديث زيد بن ثابت أن القارئ إذا تلا على الشيخ لا يندب له سجود التلاوة ما لم يسجد الشيخ أدبا مع الشيخ وفهي نظر فائدة اتفق بن أبي ذئب ويزيد بن خصيفة على هذا الإسناد على بن قسيط وخالفهما أبو صخر فرواه عن بن قسيط عن خارجة بن زيد عن أبيه أخرجه أبو داود والطبراني فإن كان محفوظا حمل على أن لابن قسيط فيه شيخين وزاد أبو صخر في روايته وصليت خلف عمر بن عبد العزيز وأبي بكر بن حزم فلم يسجدا فيها

قوله باب سجدة إذا السماء انشقت أورد فيه حديث أبي هريرة في السجود فيها وهشام هو بن أبي عبد الله الدستوائي ويحيى هو بن أبي كثير وقوله

[ 1024 ] فسجد بها في رواية الكشميهني فيها والباء للظرف وقول أبي سلمة لم أرك تسجد قيل هو استفهام إنكار من أبي سلمة يشعر بأن العمل استمر على خلاف ذلك ولذلك أنكره أبو رافع كما سيأتي بعد ثلاثة أبواب وهذا فيه نظر وعلى التنزيل فيمكن أن يتمسك به من لا يرى السجود بها في الصلاة أما تركها مطلقا فلا ويدل على بطلان المدعى أن أبا سلمة وأبا رافع لم ينازعا أبا هريرة بعد أن أعلمهما بالسنة في هذه المسألة ولا احتجا عليه بالعمل على خلاف ذلك قال بن عبد البر وأي عمل يدعى مع مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده

قوله باب من سجد لسجود القارئ قال بن بطال أجمعوا على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد كذا أطلق وسيأتي بعد باب قول من جعل ذلك مشروطا بقصد الاستماع وفي الترجمة إشارة إلى أن القارئ إذا لم يسجد لم يسجد السامع ويتأيد بما سأذكره قوله وقال بن مسعود لتميم بن حذلم بفتح المهملة واللام بينهما معجمة ساكنة قوله إمامنا زاد الحموي فيها وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور من رواية مغيرة عن إبراهيم قال قال تميم بن حذلم قرأت القرآن على عبد الله وأنا غلام فمررت بسجدة فقال عبد الله أنت إمامنا فيها وقد روى مرفوعا أخرجه بن أبي شيبة من رواية بن عجلان عن زيد بن أسلم أن غلاما قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة فانتظر الغلام النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد فلما لم يسجد قال يا رسول الله أليس في هذه السجدة سجود قال بلى ولكنك كنت إمامنا فيها ولو سجدت لسجدنا رجاله ثقات إلا أنه مرسل وقد روى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال بلغني فذكر نحوه أخرجه البيهقي من رواية بن وهب عن هشام بن سعد وحفص بن ميسرة معا عن زيد بن أسلم به وجوز الشافعي أن يكون القارئ المذكور هو زيد بن ثابت لأنه يحكي أنه قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد ولأن عطاء بن يسار روى الحديثين المذكورين انتهى

[ 1025 ] قوله حدثنا يحيى هو القطان وسيأتي الكلام على المتن في الباب الأخير

قوله باب ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة أي لضيق المكان وكثرة الساجدين قوله حدثنا بشر بن آدم هو الضرير البغدادي بصري الأصل ليس له في البخاري إلا هذا الموضع الواحد وفي طبقته بشر بن آدم بن يزيد بصري أيضا وهو بن بنت أزهر السمان وفي كل منهما مقال ورجح بن عدي أن شيخ البخاري هنا هو بن بنت أزهر وعلى كل تقدير فلم يخرج له إلا في المتابعات فسيأتى من طريق أخرى بعد باب ويأتي الكلام عليه ثم وافقه على هذه الرواية عن على بن مسهر سويد بن سعيد أخرجه الإسماعيلي

قوله باب من رأى أن الله لم يوجب السجود أي وحمل الأمر في قوله اسجدوا على الندب أو على أن المراد به سجود الصلاة أو في الصلاة المكتوبة على الوجوب وفي سجود التلاوة على الندب على قاعدة الشافعي ومن تابعه في حمل المشترك على معنييه ومن الأدلة على أن سجود التلاوة ليس بواجب ما أشار إليه الطحاوي من أن الآيات التي في سجود التلاوة منها ما هو بصيغة الخبر ومنها ما هو بصيغة الأمر وقد وقع الخلاف في التي بصيغة الأمر هل فيها سجود أو لا وهي ثانية الحج وخاتمة النجم وأقرأ فلو كان سجود التلاوة واجبا لكان ما ورد بصيغة الأمر أولى أن يتفق على السجود فيه مما ورد بصيغة الخبر قوله وقيل لعمران بن حصين وصله بن أبي شيبة بمعناه من طريق مطرف قال سألت عمران بن حصين عن الرجل لا يدري أسمع السجدة أو لا فقال وسمعها أو لا فما ذا وروى عبد الرزاق من وجه آخر عن مطرف أن عمران مر بقاص فقرأ القاص السجدة فمضى عمران ولم يسجد معه إسنادهما صحيح قوله وقال سلمان هو الفارسي قوله ما لهذا غدونا هو طرف من أثر وصله عبد الرزاق من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال مر سلمان على قوم قعود فقرؤوا السجدة فسجدوا فقيل له فقال ليس لهذا غدونا وإسناده صحيح قوله وقال عثمان إنما السجدة على من استمعها وصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن بن المسيب أن عثمان مر بقاص فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان فقال عثمان إنما السجود على من استمع ثم مضى ولم يسجد ورواه بن وهب عن يونس عن بن شهاب بلفظ إنما السجدة على من سمعها مختصرا وروى بن أبي شيبة وسعيد بن منصور من طريق قتادة عن سعيد بن المسيب قال قال عثمان إنما السجدة على من جلس لها واستمع والطريقان صحيحان قوله وقال الزهري الخ وصله عبد الله بن وهب عن يونس عنه بتمامه وقوله فيه لا يسجد إلا أن يكون طاهرا قيل ليس بدال على عدم الوجوب لأن المدعى يقول علق فعل السجود من القارئ والسامع على شرط وهو وجود الطهارة فحيث وجد الشرط لزم لكن موضع الترجمة من هذا الأثر قوله فإن كنت راكبا فلا عليك حيث كان وجهك لأن هذا دليل النفل والواجب لا يؤدي على الدابة في الأمن قوله وكان السائب بن يزيد لا يسجد لسجود القاص بالصاد المهملة الثقيلة الذي يقص على الناس الأخبار والمواعظ ولم أقف على هذا الأثر موصولا ومناسبة هذه الآثار للترجمة ظاهرة لأن الذين يزعمون أن سجود التلاوة واجب لم يفرقوا بين قارئ ومستمع قال صاحب الهداية من الحنفية السجدة في هذه المواضع أي مواضع سجود التلاوة سوى ثانية الحج واجبة على التالى والسامع سواء قصد سماع القرآن أو لم يقصد أه وفرق بعض العلماء بين السامع والمستمع بما دلت عليه هذه الآثار وقال الشافعي في البويطي لا أؤكده على السامع كما أؤكده على المستمع وأقوى الأدلة على نفى الوجوب حديث عمر المذكور في هذا الباب

[ 1027 ] قوله أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة هو أخو محمد وعثمان بن عبد الرحمن التيمي وثقه أبو حاتم وليس له في البخاري غير هذا الحديث ولأبيه صحبة ورواية وهو بن عثمان بن عبيد الله بن أخى طلحة بن عبيد الله أحد العشرة وربيعة بن عبد الله بن الهدير هو عم أبي بكر بن المنذر بن عبد الله بن الهدير الراوي عنه والهدير بلفظ التصغير ذكر بن سعد أن ربيعة ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس له أيضا في البخاري غير هذا الحديث الواحد قوله عما حضر ربيعة من عمر متعلق بقوله أخبرني أي أخبرني راويا عن عثمان عن ربيعة عن قصة حضوره مجلس عمر ووقع عند الإسماعيلي من طريق حجاج عن بن جريج أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة أن عبد الرحمن بن عثمان التيمي أخبره عن ربيعة بن عبد الله أنه حضر عمر فذكره أه وقوله عبد الرحمن بن عثمان مقلوب والصواب ما تقدم وكذا أخرجه عبد الرزاق عن بن جريج قوله قرأ أي أنه قرأ يوم الجمعة قوله أنا نمر بالسجود في رواية الكشميهني إنما قوله ومن لم يسجد فلا أثم عليه ظاهر في عدم الوجوب قوله ولم يسجد عمر فيه توكيد لبيان جواز ترك السجود بغير ضرورة قوله وزاد نافع هو مقول بن جريج والخبر متصل بالإسناد الأول وقد بين ذلك عبد الرزاق في مصنفه عن بن جريج أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة فذكره وقال في آخره قال بن جريج وزادني نافع عن بن عمر أنه قال لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء وكذلك رواه الإسماعيلي والبيهقي وغيرهما من طريق حجاج بن محمد عن بن جريج فذكر الإسناد الأول قال وقال حجاج قال بن جريج وزاد نافع فذكره وفي هذا رد على الحميدي فى زعمه أن هذا معلق وكذا علم عليه المزي علامة التعليق وهو وهم وله شاهد من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عمر لكنه منقطع بين عروة وعمر تنبيه قوله في رواية عبد الرزاق أنه قال الضمير يعود على عمر أشار إلى ذلك الترمذي في جامعه حيث نسب ذلك إلى عمر في هذه القصة بصيغة الجزم واستدل بقوله لم يفرض على عدم وجوب سجود التلاوة وأجاب بعض الحنفية على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب بأن نفى الفرض لا يستلزم نفى الوجوب وتعقب بأنه اصطلاح لهم حادث وما كان الصحابة يفرقون بينهما ويغنى عن هذا قول عمر ومن لم يسجد فلا أثم عليه كما سيأتي تقريره واستدل بقوله إلا أن نشاء على أن المرء مخير في السجود فيكون ليس بواجب وأجاب من أوجبه بان المعنى إلى أن نشاء قراءتها فيجب ولا يخفى بعده ويرده تصريح عمر بقوله ومن لم يسجد فلا إثم عليه فإن انتفاء الإثم عمن ترك الفعل مختارا يدل على عدم وجوبه واستدل به على أن من شرع في السجود وجب عليه إتمامه وأجيب بأنه استثناء منقطع والمعنى لكن ذلك موكول إلى مشيئة المرء بدليل إطلاقه ومن لم يسجد فلا إثم عليه وفي الحديث من الفوائد أن للخطيب أن يقرأ القرآن في الخطبة وأنه إذا مر بآية سجدة ينزل إلى الأرض ليسجد بها إذا لم يتمكن من السجود فوق المنبر وأن ذلك لا يقطع الخطبة ووجه ذلك فعل عمر مع حضور الصحابة ولم ينكر عليه أحد منهم وعن مالك يمر في خطبته ولا يسجد وهذا الأثر وارد عليه

قوله باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها أشار بهذه الترجمة إلى من كره قراءة السجدة في الصلاة المفروضة وهو منقول عن مالك وعنه كراهته في السرية دون الجهرية وهو قول بعض الحنفية أيضا وغيرهم وحديث أبي هريرة المحتج به في الباب تقدم الكلام عليه في باب الجهر فىالعشاء وبينا فيه أن في رواية أبي الأشعث عن معمر التصريح بأن سجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها كان داخل الصلاة وكذا في رواية يزيد بن هارون عن سليمان التيمي في صحيح أبي عوانة وغيره وفيه حجة على من كره ذلك وقد تقدم النقل عمن زعم أنه لا سجود في إذا السماء انشقت ولا غيرها من المفصل وأن العمل استمر عليه بدليل إنكار أبي رافع وكذا أنكره أبو سلمة وبينا أن النقل عن علماء المدينة بخلاف ذلك كعمر وابن عمر وغيرهما من الصحابة والتابعين قوله حدثني بكر هو بن عبد الله المزني

قوله باب من لم يجد موضعا للسجود مع الإمام من الزحام أي ماذا يفعل قال بن بطال لم أجد هذه المسألة إلا في سجود الفريضة واختلف السلف فقال عمر يسجد على ظهر أخيه وبه قال الكوفيون وأحمد وإسحاق وقال عطاء والزهري يؤخر حتى يرفعوا وبه قال مالك والجمهور وإذا كان هذا في سجود الفريضة فيجرى مثله في سجود التلاوة وظاهر صنيع البخاري أنه يذهب إلى أنه يسجد بقدر استطاعته ولو على ظهر أخيه

[ 1029 ] قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ السورة التي فيها السجدة زاد على بن مسهر في روايته عن عبيد الله ونحن عنده وقد مضى قبل بباب قوله فيسجد فنسجد زاد الكشميهني معه قوله لموضع جبهته يعني من الزحام زاد مسلم في رواية له في غير وقت صلاة ولم يذكر بن عمر ما كانوا يصنعون حينئذ ولذلك وقع الاختلاف كما مضى ووقع في الطبراني من طريق مصعب بن ثابت عن نافع في هذا الحديث أن ذلك كان بمكة لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم وزاد فيه حتى سجد الرجل على ظهر الرجل وهو يؤيد ما فهمناه عن المصنف والذي يظهر أن هذا الكلام وقع من بن عمر على سبيل المبالغة في أنه لم يبق أحد إلا سجد وسياق حديث الباب مشعر بأن ذلك وقع مرارا فيحتمل أن تكون رواية الطبراني بينت مبدأ ذلك ويؤيد ما رواه الطبراني أيضا من رواية المسور بن مخرمة عن أبيه قال أظهر أهل مكة الإسلام يعني في أول الأمر حتى أن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقرأ السجدة فيسجد وما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء أهل مكة وكانوا بالطائف فرجعوهم عن الإسلام واستدل به البخاري على السجود لسجود القارئ كما مضى وعلى الازدحام على ذلك خاتمة اشتملت أبواب السجود على خمسة عشر حديثا اثنان منها معلقان المكرر منها فيه وفيما مضى تسعة أحاديث والخالص ستة وافقه مسلم على تخريجها سوى حديثي بن عباس في ص وفي النجم وحديث عمر في التخيير في السجود وفيه من الآثار عن الصحابة وغيرهم سبعة آثار والله أعلم بالصواب