أبواب التطوع
 قوله باب الحديث بعد ركعتي الفجر أعاد فيه الحديث المذكور ولفظه كان يصلي ركعتين وفي آخره قلت لسفيان فإن بعضهم يرويه ركعتي الفجر قال سفيان هو ذاك والقائل قلت لسفيان هو على بن المديني شيخ البخاري فيه ومراده بقوله بعضهم مالك كذا أخرجه الدارقطني من طريق بشر بن عمر عن مالك أنه سأله عن الرجل يتكلم بعد طلوع الفجر فحدثني عن سالم فذكره وقد أخرجه بن خزيمة عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عن بن عيينة بلفظ كان يصلي ركعتي الفجر واستدل به على جواز الكلام بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح خلافا لمن كره ذلك وقد نقله بن أبي شيبة عن بن مسعود ولا يثبت عنه وأخرجه صحيحا عن إبراهيم وأبي الشعثاء وغيرهما تنبيه وقع هنا في بعض النسخ عن سفيان قال سالم أبو النضر حدثني أبي وقوله

[ 1115 ] أبي زيادة لا أصل لها بل هي غلط محض حمل عليها تقديم الاسم على الصفة فظن بعض من لا خبرة له أن فاعل حدثني راو غير سالم فزاد في السند لفظ أبي وقد تقدم الحديث بهذا السند قريبا عن بشر بن الحكم عن سفيان عن أبي النضر عن أبي سلمة ليس بينهما أحد وكذا في الذي قبله من رواية مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة وقد أخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان حدثنا أبو النضر عن أبي سلمة وليس لوالد أبي النضر مع ذلك رواية أصلا لا في الصحيح ولا في غيره فمن زادها فقد أخطأ وبالله التوفيق

قوله باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما في رواية الحموي والمستملى ومن سماها أي سنة الفجر قوله تطوعا أورده في الباب بلفظ النوافل وأشار بلفظ التطوع إلى ما ورد في بعض طرقه ففي رواية أبي عاصم عن أبي جريج عند البيهقي قلت لعطاء اواجبة ركعتا الفجر أو هي من التطوع فقال حدثني عبيد بن عمير فذكر الحديث وجاء عن عائشة أيضا تسميتها تطوعا من وجه آخر فعند مسلم من طريق عبد الله بن شقيق سألت عائشة عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين

[ 1116 ] قوله بيان بفتح الموحده والتحتانيه الخفيفه ويحيى بن سعيد هو القطان قوله عن عطاء في رواية مسلم عن زهير بن حرب عن يحيى عن بن جريج حدثني عطاء قوله عن عبيد بن عمير في رواية بن خزيمة عن يحيى بن حكيم عن يحيى بن سعيد بسنده أخبرني عبيد بن عمير قوله أشد تعاهدا في رواية بن خزيمة أشد معاهدة ولمسلم من طريق حفص عن بن جريج ما راتيه إلى شيء من الخير أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر زاد بن خزيمة من هذا الوجه ولا إلى غنيمة

[ 1117 ] قوله ثلاث عشرة ركعه يخالف لما مضى قريبا من طريق أبي سلمة عن عائشة لم يكن يزيد على إحدى عشرة وقد تقدم طريق الجمع بينهما هناك قوله خفيفتين قال الإسماعيلي كان حق هذه الترجمة أن تكون تخفيف ركعتي الفجر قلت ولما ترجم به المصنف وجه وجيه وهو أنه أشار إلى خلاف من زعم أنه لا يقرأ في ركعتي الفجر أصلا وهو قول محكي عن أبي بكر الأصم و إبراهيم بن عليه فنبه على أنه لا بد من القراءة ولو وصفت الصلاة بكونها خفيفة فكأنها أرادت قراءة الفاتحه فقط مسرعا أو قرأها مع شيء يسير غيرها واقتصر على ذلك لأنه لم يثبت عنده على شرطه تعيين ما يقرأ به فيهما وسنذكر ما ورد من ذلك بعد واختلف في حكمة تخفيفها فقيل ليبادر الى صلاة الصبح في أول الوقت وبه جزم القرطبي وقيل ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما كان يصنع في صلاة الليل ليدخل في الفرض أو ما شابهه في الفضل بنشاط واستعداد تام والله أعلم

[ 1118 ] قوله عن محمد بن عبد الرحمن أي بن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ويقال اسم جده عبد الله وقوله عن عمته عمرة هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة وعلى هذا فهي عمة أبيه وزعم أبو مسعود وتبعه الحميدي أنه محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الأنصاري أبو الرجال ووهمه الخطيب في ذلك وقال أن شعبة لم يرو عن أبي الرجال شيئا ويؤيد ذلك ان عمرة أم أبي الرجال لا عمته وقد رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة فقال عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة ووهموه فيه أيضا ويحتمل أن كان حفظه أن يكون لشعبة فيه شيخان قوله ح وحدثنا أحمد بن يونس في رواية أبي ذر قال وحدثنا وفاعل قال هو المصنف أبو عبد الله البخاري وزهير هو بن معاوية الجعفي قوله حدثنا يحيى هو بن سعيد كذا في الأصل وهو الأنصاري قوله عن محمد بن عبد الرحمن كذا في الأصل غير منسوب والظاهر أنه هو الذي قبله وهو بن أخي عمرة وبذلك جزم أبو الأحوص عن يحيى بن سعيد عند الإسماعيلي وتابعه آخرون عن يحيى وذكر الدارقطني في العلل ان سليمان بن بلال رواه عن يحيى بنسعيد قال حدثني أبو الرجال وكذا رواه عبد العزيز بن مسلم ومعاوية بن صالح عن يحيى بن محمد بن عمرة وهو أبو الرجال وقد تقدم أنه محمد بن عبد الرحمن فيحتمل أن يكون ليحيى فيه شيخان لكن رجح الدارقطني الأول وحكى فيه اختلافات أخرى عن يحيى موهمة وقد رواه مالك عن يحيى بن سعيد عن عائشة فاسقط من الإسناد اثنين قوله هل قرا بأم الكتاب في رواية الحموي بأم القرآن زاد مالك في الرواية المذكورة أم لا تنبيه ساق البخاري المتن على لفظ يحيى بن سعيد وأما لفظ شعبة فأخرجه أحمد عن محمد بن جعفر شيخ البخاري فيه بلفظ إذا طلع الفجر صلى ركعتين أو لم يصل الا ركعتين أقول لم يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وكذا رواه مسلم من طريق معاذ عن شعبة لكن لم يقل أو لم يصل الا ركعتين ورواه أحمد أيضا عن يحيى القطان عن شعبة بلفظ كان إذا طلع الفجر لم يصل الا ركعتين فأقول هل قرا فيهما بفاتحة الكتاب وقد تمسك به من رغم أنه لا قراءة في ركعتي الفجر أصلا وتعقب بما ثبت في الأحاديث الآتية قال القرطبي ليس معنى هذا أنها شكت في قراءته صلى الله عليه وسلم الفاتحه وإنما معناه أنه كان يطيل في النوافل فلما خفف في قراءة ركعتي الفجر صار كأنه لم يقرأ بالنسبة إلى غيرها من الصلوات قلت وفي تخصيصها أم القرآن بالذكر إشارة إلى مواظبته لقراءتها في غيرها من صلاته وقد روى بن ماجة بإسناد قوي عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين قبل الفجر وكان يقول نعم السورتان يقرأ بهما في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ولابن أبي شبية من طريق محمد بن سيرين عن عائشة كان يقرأ فيهما بهما ولمسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قرا فيهما بهما وللترمذي والنسائي من حديث بن عمر رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا فكان يقرأ فيهما بهما وللترمذي من حديث بن مسعود مثله بغير تقييد وكذا للبزار عن أنس ولابن حبان عن جابر ما يدل على الترغيب في قراءتهما فيهما واستدل بحديث الباب على أنه لا يزيد فيهما على أم القرآن وهو قول مالك وفي البويطي عن الشافعي استحباب قراءة السورتين المذكورتين فيهما مع الفاتحه عملا بالحديث المذكور وبذلك قال الجمهور وقالوا معنى قول عائشة هل قرا فيهما بأم القرآن أي مقتصرا عليها أو ضم إليها غيرها وذلك لاسراعه بقراءتها وكان من عادته أن يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها كما تقدمت الإشارة اليه وذهب بعضهم إلى اطالة القراءة فيهما وهو قول أكثر الحنفية ونقل عن النخعي وأورد البيهقي فيه حديثا مرفوعا من مرسل سعيد بن جبير وفي سنده راو لم يسم وخص بعضهم ذلك بمن فاته شيء من قراءته في صلاة الليل فيستدركها في ركعتي الفجر ونقل ذلك عن أبي حنيفة وأخرجه بن أبي شيبة بسند صحيح عن الحسن البصري واستدل به على الجهر بالقراءة في ركعتي الفجر ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون ذلك عرف بقراءته بعض السورة كما تقدم في صفة الصلاة من حديث أبي قتادة في صلاة الظهر يسمعنا الآية أحيانا ويدل على ذلك أن في رواية بن سيرين المذكورة يسر فيهما القراءة وقد صححه بن عبد البر واستدل بالأحاديث المذكورة على أنه لا يتعين قراءة الفاتحه في الصلاة لأنه لم يذكرها مع سورتي الإخلاص وروى مسلم من حديث بن عباس أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر قولوا امنا بالله التي في البقره وفي الأخرى التي في آل عمران وأجيب بأنه ترك ذكر الفاتحه لوضوح الأمر فيها ويؤيده أن قول عائشة لا أدري أقرأ الفاتحة أم لا فدل على أن الفاتحه كان مقررا عندهم أنه لا بد من قراءتها والله أعلم تنبيه هذه الأبواب الستة المتعلقه بركعتي الفجر وقع في أكثر الأصول الفصل بينها بالباب الاتي بعد وهو باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى والصواب ما وقع في بعض الأصول من تاخيره عنها وايرادها يتلو بعضها بعضا قال بن رشيد الظاهر أن ذلك وقع من بعض الرواة عند ضم بعض الأبواب إلى بعض ويدل على ذلك أنه أتبع هذا الباب بقوله باب الحديث بعد ركعتي الفجر كالمبين للحديث الذي ادخل تحت قوله باب من تحدث بعد الركعتين إذ المراد بهما ركعتا الفجر وبهذا تتبين فائدة إعادة الحديث انتهى وإنما ضم المصنف ركعتي الفجر إلى التهجد لقربهما منه كما ورد أن المغرب وتر النهار وإنما المغرب في التحقيق من صلاة الليل كما أن الفجر في الشرع من صلاة النهار والله أعلم

قوله باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى أي في صلاة الليل والنهار قال بن رشيد مقصوده أن يبين بالأحاديث والآثار التي أوردها أن المراد بقوله في الحديث مثنى مثنى أن يسلم من كل ثنتين قوله قال محمد هو المصنف قوله ويذكر ذلك عن عمار وأبي ذر وأنس وجابر بن زيد وعكرمة والزهري أما عمار فكأنه أشار إلى ما رواه بن أبي شيبة من طريق عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عمار بن ياسر أنه دخل المسجد فصلى ركعتين خفيفتين إسناده حسن وأما أبو ذر فكأنه أشار إلى ما رواه بن أبي شيبة أيضا من طريق مالك بن أوس عن أبي ذر أنه دخل المسجد فأتى سارية وصلى عندها ركعتين وأما أنس فكأنه أشار إلى حديثه المشهور في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم في بيتهم ركعتين وقد تقدم في الصفوف وذكره في هذا الباب مختصرا وأما جابر بن زيد وهو بن الشعثاء البصري فلم اقف عليه بعد وأما عكرمة فروى بن أبي شيبة عن حرمي بن عمارة عن أبي خلده قال رأيت عكرمة دخل المسجد فصلى فيه ركعتين وأما الزهري فلم اقف على ذلك عنه موصولا قوله وقال يحيى بن سعيد الأنصاري الخ لم اقف عليه موصولا أيضا قوله فقهاء أرضنا أي المدينة وقد أدرك كبار التابعين بها كسعيد بن المسيب ولحق قليلا من صغار الصحابة كانس بن مالك ثم أورد المصنف في الباب ثمانية أحاديث مرفوعه ستة منها موصولة واثنان معلقان أولها حديث جابر في صلاة الاستخارة وسيأتي الكلام عليه في الدعوات ثانيها حديث أبي قتادة في تحيه المسجد وقد تقدم الكلام عنه في أوائل الصلاة ثالثها حديث أنس في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سليم وقد تقدم في الصفوف رابعها حديث بن عمر في رواتب الفرائض وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي يليه خامسها حديث جابر في صلاة التحية والأمام يخطب وسبق الكلام عليه في كتاب الجمعة سادسها حديث بن عمر عن بلال في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة وقد تقدم في أبواب القبلة وسيأتي الكلام عليه في الحج سابعها قوله وقال أبو هريرة أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى هذا طرف من حديث سيأتي في كتاب الصيام بتمامه ثامنها قوله وقال عتبان بن مالك هو طرف من حديث تقدم في مواضع مطولا ومختصرا منها في باب المساجد في البيوت وسيأتي قريبا في باب صلاة النوافل جماعة ومراد المصنف بهذه الأحاديث الرد على من زعم أن التطوع في النهار يكون أربعا موصوله واختار الجمهور التسليم من كل ركعتين في صلاة الليل والنهار وقال أبو حنيفة وصاحباه يخير في صلاة النهار بين الثنتين والأربع وكرهوا الزيادة على ذلك وقد تقدم في أوائل أبواب الوتر حكايه استدلال من استدل بقوله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى على أن صلاة النهار بخلاف ذلك وقال بن المنير في الحاشية إنما خص الليل بذلك لأن فيه الوتر فلا يقاس على الوتر غيره فيتنفل المصلي بالليل اوتارا فبين أن الوتر لا يعاد وأن بقية صلاة الليل مثنى وإذا ظهرت فائدة تخصيص الليل صار حاصل الكلام صلاة النافلة سوى الوتر مثنى فيعم الليل والنهار والله أعلم خاتمه اشتملت أبواب التهجد وما انضم إليها على ستة وستين حديثا المعلق اثنا عشر حديثا والبقيه موصولة المكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة وأربعون حديثا والخالص ثلاثة وعشرون وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث عائشة في صلاة الليل سبع وتسع وإحدى عشرة وحديث أنس كان يفطر حتى تظن أن لا يصوم وحديث سمره في الرؤيا وحديث سلمان وأبي الدرداء وحديث عبادة من تعار من الليل وحديث أبي هريرة في شعر بن رواحه وحديث جابر في الاستخارة وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين عشرة آثار والله أعلم

قوله باب التطوع بعد المكتوبة ترجم أولا بما بعد المكتوبة ثم ترجم بعد ذلك بما قبل المكتوبه

[ 1119 ] قوله صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم سجدتين أي ركعتين والمراد بقوله مع التبعيه أي إنهما اشتركا في كون كل منهما صلاة الا التجميع فلا حجة فيه لمن قال يجمع في رواتب الفرائض وسيأتي بعد أربعة أبواب من رواية أيوب عن نافع عن بن عمر قال حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات فذكرها قوله قبل الظهر سيأتي الكلام عليه بعد أربعة أبواب قوله فأما المغرب والعشاء ففي بيته استدل به على أن فعل النوافل الليلية في البيوت أفضل من المسجد بخلاف رواتب النهار وحكى ذلك عن مالك والثوري وفي الاستدلال به لذلك نظر والظاهر أن ذلك لم يقع عن عمد وإنما كان صلى الله عليه وسلم يتشاغل بالناس في النهار غالبا وبالليل يكون في بيته غالبا وتقدم في الجمعة من طريق مالك عن نافع بلفظ وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف والحكمه في ذلك أنه كان يبادر إلى الجمعة ثم ينصرف إلى القائله بخلاف الظهر فإنه كان يبرد بها وكان يقيل قبلها وأغرب بن أبي ليلى فقال لا تجزئ سنة المغرب في المسجد حكاه عبد الله بن أحمد عنه عقب روايته لحديث محمود بن لبيد رفعه أن الركعتين بعد المغرب من صلاة البيوت وقال أنه حكى ذلك لأبيه عن بن أبي ليلى فاستحسنه قوله وحدثتني أختي حفصة أي بنت عمر وقائل ذلك هو عبد الله بن عمر قوله سجدتين في رواية الكشميهني ركعتين قوله وكانت ساعة قائل ذلك هو بن عمر وسيأتي من رواية أيوب بلفظ ركعتين قبل صلاة الصبح وكانت ساعة لا ادخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها وحدثتني حفصة أنه كان إذا إذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين وهذا يدل على أنه إنما أخذ عن حفصة وقت إيقاع الركعتين قبل الصبح لا أصل مشروعيتهما وقد تقدم في أواخر الجمعة من رواية مالك عن نافع وليس فيه ذكر الركعتين اللتين قبل الصبح أصلا قوله وقال بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن نافع أي عن بن عمر بعد العشاء في أهله أي بدل قوله في بيته قوله تابعه كثير بن فرقد وأيوب عن نافع أما رواية كثير فلم تقع لي موصولة وأما رواية أيوب فتقدمت الإشارة إليها قريبا وفيه حجة لمن ذهب إلى أن للفرائض رواتب تستحب المواظبه عليها وهو قول الجمهور وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه لا توقيت في ذلك حماية للفراض لكن لا يمنع من تطوع بما شاء إذا أمن ذلك وذهب العراقيون من أصحابه إلى موافقة الجمهور

قوله باب من لم يتطوع بعد المكتوبة أورد فيه حديث بن عباس في الجمع بين الصلاتين وقد تقدم الكلام عليه في المواقيت ومطابقته للترجمة أن الجمع يقتضي عدم التخلل بين الصلاتين بصلاة راتبه أو غيرها فيدل على ترك التطوع بعد الأولى وهو المراد وأما التطوع بعد الثانية فمسكوت عنه وكذا التطوع قبل الأولى محتمل

قوله باب صلاة الضحى في السفر ذكر فيه حديث مورق قلت لابن عمر أتصلي الضحى قال لا قلت فعمر قال لا قلت فأبو بكر قال لا قلت فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لا أخاله وحديث أم هانئ في صلاة الضحى يوم فتح مكة وقد أشكل دخول هذا الحديث في هذه الترجمة وقال بن بطال ليس هو من هذا الباب وإنما يصلح في باب من لم يصل الضحى وأظنه من غلط الناسخ وقال بن المنير الذي يظهر لي أن البخاري لما تعارضت عنده الأحاديث نفيا كحديث بن عمر هذا واثباتا كحديث أبي هريرة في الوصية له أنه يصلي الضحى نزل حديث النفي على السفر وحديث الاثبات على الحضر ويؤيد ذلك أنه ترجم لحديث أبي هريرة صلاة الضحى في الحضر وتقدم عن بن عمر أنه كان يقول لو كنت مسبحا لاتممت في السفر وأما حديث أم هانئ ففيه إشارة إلى أنها تصلي في السفر بحسب السهوله لفعلها وقال بن رشيد ليس حديث أبي هريرة التصريح بالحضر لكن استند بن المنير إلى قوله فيه ونم على وتر فإنه يفهم منه كون ذلك في الحضر لأن المسافر غالب حالة الاستيفاز وسهر الليل فلا يفتقر لايصاء أن لا ينام الا على وتر وكذا الترغيب في صيام ثلاثة أيام قال بن رشيد والذي يظهر لي أن المراد باب صلاة الضحى في السفر نفيا واثباتا وحديث بن عمر ظاهره نفى ذلك حضرا وسفرا وأقل ما يحمل عليه نفى ذلك في السفر لما تقدم في باب من لم يتطوع في السفر عن بن عمر قال صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد على ركعتين قال ويحتمل أن يقال لما نفى صلاتها مطلقا من غير تقييد بحضر ولا بسفر وأقل ما يتحقق حمل اللفظ عليه السفر ويبعد حمله على الحضر دون السفر فحمل على السفر لأنه المناسب للتخفيف لما عرف من عادة بن عمر أنه كان لا يتنقل في السفر نهارا قال وأورد حديث أم هانئ ليبين أنها إذا كانت في السفر حال طمأنينة تشبه حالة الحضر كالحلول بالبلد شرعت الضحى وإلا فلا قلت ويظهر لي أيضا أن البخاري أشار بالترجمه المذكورة إلى ما رواه أحمد من طريق الضحاك بن عبد الله القرشي عن أنس بن مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في السفر سبحة الضحى ثمان ركعات فأراد أن تردد بن عمر في كونه صلاها أو لا لا يقتضي رد ما جزم به أنس بل يؤيده حديث أم هانئ في ذلك وحديث أنس المذكور صححه بن خزيمة والحاكم

[ 1121 ] قوله عن توبة بمثناة مفتوحه واو ساكنه ثم موحده مفتوحه وهو بن كيسان العنبري البصري تابعي صغير ما له عند البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر قوله عن مورق بفتح الواو وكسر الراء الثقيله وفي رواية غندر عن شعبة عند الإسماعيلي سمعت مورقا العجلي وهو بصري ثقة وكذا من دونه في الإسناد وليس لمورق في البخاري عن بن عمر سوى هذا الحديث قوله لا أخاله بكسر الهمزه وتفتح أيضا والخاء معجمه أي لا أظنه وكان سبب توقف بن عمر في ذلك أنه بلغه عن غيره أنه صلاها ولم يثق بذلك عمن ذكره وقد جاء عنه الجزم بكونها محدثه فروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد عن بن عمر أنه قال أنها محدثه وإنها لمن أحسن ما أحدثوا وسيأتي في أول أبواب العمرة من وجه آخر عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة وإذا ناس يصلون الضحى فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج عن الأعرج قال سألت بن عمر عن صلاة الضحى فقال بدعة ونعمت البدعه وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم عن أبيه قال لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها وما أحدث الناس شيئا أحب إلي منها وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الشعبي عن بن عمر قال ما صليت الضحى منذ أسلمت الا أن أطوف بالبيت أي فأصلي في ذلك الوقت لا على نية صلاة الضحى بل على نية الطواف ويحتمل أنه كان ينويهما معا وقد جاء عن بن عمر أنه كان يفعل ذلك في وقت خاص كما سيأتي بعد سبعة أبواب منت طريق نافع أن بن عمر كان لا يصلي الضحى الا يوم يقدم مكة فإنه كان يقدمها ضحى فيطوف بالبيت ثم يصلي ركعتين ويوم يأتي مسجد قباء وروى بن خزيمة من وجه آخر عن نافع عن بن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي الضحى الا أن يقدم من غيبة فأما مسجد قباء فقال سعيد بن منصور حدثنا بن عيينة عن عبد الله بن دينار أن بن عمر كان لا يصلي الضحى الا أن يأتي قباء وهذا يحتمل أيضا أن يريد به صلاة تحيه المسجد في وقت الضحى لا صلاة الضحى ويحتمل أن يكون ينويهما معا كما قلناه في الطواف وفي الجملة ليس في أحاديث بن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى لأن نفيه محمول على عدم رؤيته لا على عدم الوقوع في نفس الأمر أو الذي نفاه صفة مخصوصه كما سيأتي نحوه في الكلام على حديث عائشة قال عياض وغيره إنما أنكر بن عمر ملازمتها واظهارها في المساجد وصلاتها جماعة لا أنها مخالفه للسنه ويؤيده ما رواه بن أبي شيبة عن بن مسعود أنه رأى قوما يصلونها فأنكر عليهم وقال أن كان ولا بد ففي بيوتكم

[ 1122 ] قوله ما حدثنا أحد في رواية بن أبي شيبة من وجه آخر عن بن أبي ليلى أدركت الناس وهم متوافرون فلم يخبرني أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى الا أم هانئ ولمسلم من طريق عبد الله بن الحارث الهاشمي قال سألت وحرصت على أن أجد أحدا من الناس يخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم سبح سبحة الضحى فلم أجد غير أم هانئ بنت أبي طالب حدثتني فذكر الحديث وعبد الله بن الحارث هذا هو بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب مذكور في الصحابة لكونه ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبين بن ماجة في روايته وقت سؤال عبد الله بن الحارث عن ذلك ولفظه سألت في زمن عثمان والناس متوافرون قوله غير بالرفع لأنه بدل من قوله أحد قوله أم هانئ هي بنت أبي طالب أخت على شقيقته وليس لها في البخاري سوى هذا وحديث آخر تقدم في الطهارة قوله دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ظاهره أن الاغتسال وقع في بيتها ووقع في الموطأ ومسلم من طريق أبي مرة عن أم هانئ أنها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة فوجدته يغتسل وجمع بينهما بان ذلك تكرر منه ويؤيده ما رواه بن خزيمة من طريق مجاهد عن أم هانئ وفيه أن أبا ذر ستره لما اغتسل وفي رواية أبي مرة عنها أن فاطمة بنته هي التي سترته ويحتمل أن يكون نزل في بيتها بأعلى مكة وكانت هي في بيت آخر بمكة فجاءت إليه فوجدته يغتسل فيصح القولان وأما الستر فيحتمل أن يكون أحدهما ستره في ابتداء الغسل والآخر في اثنائه والله أعلم قوله ثمان ركعات زاد كريب عن أم هانئ فسلم من كل ركعتين أخرجه بن خزيمة وفيه رد على من تمسك به في صلاتها موصولة سواء صلى ثمان ركعات أو أقل وفي الطبراني من حديث بن أبي أوفى أنه صلى الضحى ركعتين فسألته امرأته فقال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ركعتين وهو محمول على أنه رأى من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ورأت أم هانئ بقية الثمان وهذا يقوي أنه صلاها مفصوله والله أعلم قوله فلم أر صلاة قط أخف منها يعني من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم في أواخر أبواب التقصير بلفظ فما رايته صلى صلاة قط أخف منها وفي رواية عبد الله بن الحارث المذكورة لا أدري اقيامه فيها أطول أم ركوعه أم سجوده كل ذلك متقارب واستدل به على استحباب تخفيف صلاة الضحى وفيه نظر لاحتمال أن يكون السبب فيه التفرغ لمهمات الفتح لكثرة شغله به وقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الضحى فطول فيها أخرجه بن أبي شيبة من حديث حذيفة واستدل بهذا الحديث على اثبات سنة الضحى وحكى عياض عن قوم أنه ليس في حديث أم هانئ دلاله على ذلك قالوا وإنما هي سنة الفتح وقد صلاها خالد بن الوليد في بعض فتوحه كذلك وقال عياض أيضا ليس حديث أم هانئ بظاهر في أنه قصد صلى الله عليه وسلم بها سنة الضحى وإنما فيه أنها أخبرت عن وقت صلاته فقط وقد قيل أنها كانت قضاء عما شغل عنه تلك الليلة من حزبه فيه وتعقبه النووي بان الصواب صحة الاستدلال به لما رواه أبو داود وغيره من طريق كريب عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى ولمسلم في كتاب الطهارة من طريق أبي مرة عن أم هانئ في قصة اغتساله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى وروى بن عبد البر في التمهيد من طريق عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فصلى ثمان ركعات فقلت ما هذه قال هذه صلاة الضحى واستدل به على أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات واستبعده السبكي ووجه بان الأصل في العبادة التوقف وهذا أكثر ما ورد في ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم وقد ورد من فعله دون ذلك كحديث بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ركعتين أخرجه بن عدي وسيأتي من حديث عتبان قريبا مثله وحديث عائشة عند مسلم كان يصلي الضحى أربعا وحديث جابر عند الطبراني في الأوسط أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ست ركعات وأما ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم ففيه زيادة على ذلك كحديث أنس مرفوعا من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعه بني الله له قصرا في الجنة أخرجه الترمذي واستغربه وليس في إسناده من أطلق عليه الضعف وعند الطبراني من حديث أبي الدرداء مرفوعا من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من التائبين ومن صلى ستا كفى ذلك اليوم ومن صلى ثمانيا كتب من العابدين ومن صلى ثنتي عشرة بني الله له بيتا في الجنة وفي إسناده ضعف أيضا وله شاهد من حديث أبي ذر رواه البزار وفي إسناده ضعف أيضا ومن ثم قال الروياني ومن تبعه أكثرها ثنتا عشرة وقال النووي في شرح المهذب فيه حديث ضعيف كأنه يشير إلى حديث أنس لكن إذا ضم إليه حديث أبي ذر وأبي الدرداء قوي وصلح للإحتجاج به ونقل الترمذي عن أحمد أن أصح شيء ورد في الباب حديث أم هانئ وهو كما قال ولهذا قال النووي في الروضة افضلها ثمان وأكثرها ثنتا عشرة ففرق بني الأكثر والافضل ولا يتصور ذلك الا فيمن صلى الاثنتي عشرة بتسليمة واحدة فإنها تقع نفلا مطلقا عند من يقول أن أكثر سنة الضحى ثمان ركعات فأما من فصل فإنه يكون صلى الضحى وما زاد على الثمان يكون له نفلا مطلقا فتكون صلاته اثنتي عشرة في حقه أفضل من ثمان لكونه أتى بالأفضل وزاد وقد ذهب قوم منهم أبو جعفر الطبري وبه جزم الحليمي والروياني من الشافعية إلى أنه لا حد لاكثرها وروى من طريق إبراهيم النخعي قال سأل رجل الأسود بن يزيد كم أصلي الضحى قال كم شئت وفي حديث عائشة عند مسلم كان يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله وهذا الإطلاق قد يحمل على التقييد فيؤكد أن أكثرها اثنتا عشرة ركعه والله أعلم وذهب آخرون إلى أن افضلها أربع ركعات فحكى الحاكم في كتابه المفرد في صلاة الضحى عن جماعة من أئمة الحديث إنهم كانوا يختارون أن تصلي الضحى أربعا لكثرة الأحاديث الوارده في ذلك كحديث أبي الدرداء وأبي ذر عند الترمذي مرفوعا عن الله تعالى بن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره وحديث نعيم بن حماد عند النسائي وحديث أبي امامه وعبد الله بن عمرو والنواس بن سمعان كلهم بنحوه عند الطبراني وحديث عقبة بن عامر وأبي مرة الطائفي كلاهما عند أحمد بنحوه وحديث عائشة عند مسلم كما تقدم وحديث أبي موسى رفعه من صلى الضحى أربعا بني الله له بيتا في الجنة أخرجه الطبراني في الأوسط وحديث أبي امامه مرفوعا أتدرون قوله تعالى وإبراهيم الذي وفى قال وفي عمل يومه بأربع ركعات الضحى أخرجه الحاكم وجمع بن القيم في الهدى الأقوال في صلاة الضحى فبلغت ستة الأول مستحبه واختلف في عددها فقيل اقلها ركعتان وأكثرها اثنتا عشرة وقيل أكثرها ثمان وقيل كالأول لكن لا تشرع ستا ولا عشرة وقيل كالثاني لكن لا تشرع ستا وقيل ركعتان فقط وقيل أربعا فقط وقيل لأجد لاكثرها القول الثاني لا تشرع الا لسبب واحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها الا بسبب واتفق وقوعها وقت الضحى وتعددت الأسباب فحديث أم هانئ في صلاته يوم الفتح كان بسبب الفتح وأن سنة الفتح أن يصلي ثمان ركعات ونقله الطبري من فعل خالد بن الوليد لما فتح الحيرة وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى حين بشر براس أبي جهل وهذه صلاة شكر كصلاته يوم الفتح وصلاته في بيت عتبان اجابه لسؤاله أن يصلي في بيته مكانا يتخذه مصلى فاتفق أنه جاءه وقت الضحى فاختصره الراوي فقال صلى في بيته الضحى وكذلك حديث بنحو قصة عتبان مختصرا قال أنس ما رايته صلى الضحى لا يومئذ وحديث عائشة لم يكن يصلي الضحى الا أن يجيء من مغيبه لأنه كان ينهى عن الطروق ليلا فيقدم في أول النهار فيبدأ بالمسجد فيصلي وقت الضحى القول الثالث لا تستحب أصلا وصح عن عبد الرحمن بن عوف أنه لم يصلها وكذلك بن مسعود القول الرابع يستحب فعلها تاره وتركها تارة بحيث لا يواظب عليها وهذه إحدى الروايتين عن أحمد والحجه فيه حديث أبي سعيد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها ويدعها حتى نقول لا يصليها أخرجه الحاكم وعن عكرمة كان بن عباس يصليها عشرا ويدعها عشرا وقال الثوري عن منصور كانوا يكرهون أن يحافظوا عليها كالمكتوبه وعن سعيد بن جبير إني لأدعها وأنا أحبها مخافة أن أراها حتما على الخامس تستحب صلاتها والمواظبه عليها في البيوت أي للآمن من الخشيه المذكورة السادس أنها بدعة صح ذلك من رواية عروة عن بن عمر وسئل أنس عن صلاة الضحى فقال الصلوات خمس وعن أبي بكرة أنه رأى ناسا يصلون الضحى فقال ما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عامة أصحابه وقد جمع الحاكم الأحاديث الوارده في صلاة الضحى في جزء مفرد وذكر لغالب هذه الأقوال مستندا وبلغ عدد رواة الحديث في إثباتها نحو العشرين نفسا من الصحابة لطيفة روى الحاكم من طريق أبي الخير عن عقبة بن عامر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليم وسلم أن نصلي الضحى بسور منها والشمس وضحاها والضحى انتهى ومناسبة ذلك ظاهرة جدا

قوله باب من لم يصل الضحى وأراه أي الترك واسعا أي مباحا قوله ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح سبحة الضحى تقدم أن المراد بقوله السبحة النافلة واصلها من التسبيح وخصت النافلة بذلك لأن التسبيح الذي في الفريضه نافلة فقيل لصلاة النافلة سبحة لأنها كالتسبيح في الفريضة قوله وإني لأسبحها كذا هنا من السبحة وتقدم في باب التحريض على قيام الليل بلفظ وإني لاستحبها من الاستحباب وهو من رواية مالك عن بن شهاب ولكل منها وجه لكن الأول يقتضي الفعل والثاني لا يستلزمه وجاء عن عائشة في ذلك أشياء مختلفة أوردها مسلم فعنده من طريق عبد الله بن شقيق قلت لعائشه أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت لا الا أن يجيء من مغيبه وعنده من طريق معاذه عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله ففي الأول نفى رؤيتها لذلك مطلقا وفي الثاني تقييد النفي بغير المجيء من مغيبه وفي الثالث الاثبات مطلقا وقد اختلف العلماء في ذلك فذهب بن عبد البر وجماعة إلى ترجيح ما اتفق الشيخان عليه دون ما انفرد به مسلم وقالوا أن عدم رؤيتها لذلك لا يستلزم عدم الوقوع فيقدم من روى عنه من الصحابة الاثبات وذهب آخرون إلى الجمع بينهما قال البيهقي عندي أن المراد بقولها ما رايته سبحها أي داوم عليها وقولها وإني لأسبحها أي ادوام عليها وكذا قولها وما أحدث الناس شيئا تعني المداومه عليها قال وفي بقية الحديث أي الذي تقدم من رواية مالك إشارة إلى ذلك حيث قالت وأن كان ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم انتهى وحكى المحب الطبري أنه جمع بين قولها ما كان يصلي الا أن يجيء من مغيبه وقولها كان يصلي أربعا ويزيد ما شاء الله بان الأول محمول على صلاته إياها في المسجد والثاني على البيت قال ويعكر عليه حديثها الثالث يعني حديث الباب ويجاب عنه بان المنفى صفة مخصوصه وأخذ الجمع المذكور من كلام بن حبان وقال عياض وغيره قوله ما صلاها معناه ما رايته يصليها والجمع بينه وبين قولها كان يصليها أنها أخبرت في الإنكار عن مشاهدتها وفي الاثبات عن غيرها وقيل في الجمع أيضا يحتمل أن تكون نفت صلاة الضحى المعهوده حينئذ من هيئه مخصوصه بعدد مخصوص في وقت مخصوص وأنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يصليها إذا قدم من سفر لا بعدد مخصوص ولا بغيره كما قالت يصلي أربعا ويزيد ما شاء الله تنبيه حديث عائشة يدل على ضعف ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الضحى كانت واجبه عليه وعدها لذلك جماعة من العلماء من خصائصه ولم يثبت ذلك في خبر صحيح وقول الماوردى في الحاوي أنه صلى الله عليه وسلم واظب عليها بعد يوم الفتح إلى أن مات يعكر عليه ما رواه مسلم من حديث أم هانئ أنه لم يصلها قبل ولا بعد ولا يقال أن نفي أم هانئ لذلك يلزم منه العدم لأنا نقول يحتاج من أثبته إلى دليل ولو وجد لم يكن حجة لأن عائشة ذكرت أنه كان إذا عمل عملا أثبته فلا تستلزم المواظبه على هذا الوجوب عليه

قوله باب صلاة الضحى في الحضر قاله عتبان بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يشير إلى ما رواه أحمد من طربق الزهري عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بيته سبحة الضحى فقاموا وراءه فصلوا بصلاته أخرجه عن عثمان بن عمر عن يونس عنه وقد أخرجه مسلم من رواية بن وهب عن يونس مطولا لكن ليس فيه ذكر السبحة وكذلك أخرجه المصنف مطولا ومختصرا في مواضع وسيأتي بعد بابين

[ 1124 ] قوله حدثنا عباس بالموحده والمهملة والجريري بضم الجيم قوله أوصاني خليلي الخليل الصديق الخالص الذي تخللت محبته القلب فصارت في خلاله أي في باطنه واختلف هل الخلة أرفع من المحبه أو بالعكس وقول أبي هريرة هذا لا يعارضه ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم لو كنت مختذا خليلا لاتخذت أبا بكر لأن الممتنع أن يتخذ هو صلى الله عليه وسلم غيره خليلا لا العكس ولا يقال أن المخالله لا تتم حتى تكون من الجانبين لأنا نقول إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبه قوله بثلاث لا ادعهن حتى أموت يحتمل أن يكون قوله لا ادعهن الخ من جملة الوصية أي أوصاني أن لا ادعهن ويحتمل أن يكون من أخبار الصحابي بذلك عن نفسه قوله صوم ثلاثة أيام بالخفض بدل من قوله بثلاث ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف قوله من كل شهر الذي يظهر أن المراد بها البيض وسيأتي تفسيرها في كتاب الصوم قوله وصلاة الضحى زاد أحمد في روايته كل يوم وسيأتي في الصيام من طريق أبي التياح عن أبي عثمان بلفظ وركعتي الضحى قال بن دقيق العيد لعله ذكر الأقل الذي يوجد بالتاكيد بفعله وفي هذا دلالة على استحباب صلاة الضحى وأن اقلها ركعتان وعدم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها لا ينافي استحبابها لأنه حاصل بدلالة القول وليس من شرط الحكم أن تتضافر عليه أدلة القول والفعل لكن ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم على فعله مرجح على ما لم يواظب عليه قوله ونوم على وتر في رواية أبي التياح وأن أوتر قبل أن أنام وفيه استحباب تقديم الوتر على النوم وذلك في حق من لم يثق بالاستيقاظ ويتناول من يصلي بين النومين وهذه الوصية لأبي هريرة ورد مثلها لأبي الدرداء فيما رواه مسلم ولأبي ذر فيما رواه النسائي والحكمه في الوصية على المحافظه على ذلك تمرين النفس على جنس الصلاة والصيام ليدخل في الواجب منهما بانشراح ولينجبر ما لعله يقع فيه من نقص ومن فوائد ركعتي الضحى أنها تجزئ عن الصدقة التي تصبح على مفاصل الإنسان في كل يوم وهي ثلاثمائة وستون مفصلا كما أخرجه مسلم من حديث أبي ذر وقال فيه ويجزئ عن ذلك ركعتا الضحى وحكى شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في شرح الترمذي أنه اشتهر بين العوام أن من صلى الضحى ثم قطعها يعمى فصار كثير من الناس يتركونها أصلا لذلك وليس لما قالوه أصل بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على السنة العوام ليحرمهم الخير الكثير لا سيما ما وقع في حديث أبي ذر تنبيهان الأول اقتصر في الوصية للثلاثة المذكورين على الثلاثة المذكورة لأن الصلاة والصيام أشرف العبادات البدنيه ولم يكن المذكورون من أصحاب الأموال وخصت الصلاة بشيئين لأنها تقع ليلا ونهارا بخلاف الصيام الثاني ليس في حديث أبي هريرة تقييد بسفر ولا حضر والترجمه مختصه بالحضر لكن الحديث يتضمن الحضر لأن إرادة الحضر فيه ظاهرة وحمله على الحضر والسفر ممكن وأما حمله على السفر دون الحضر فبعيد لأن السفر مظنة التخفيف

[ 1125 ] قوله قال رجل من الأنصار قيل هو عتبان بن مالك لأن في قصته شبها بقصته وقد تقدم هذا الحديث عن آدم عن شعبة بهذا الإسناد والمتن في باب هل يصلي الإمام بمن حضر من أبواب الامامه مع الكلام عليه قوله يصلي الضحى قال بن رشيد هذا يدل على أن ذلك كان كالمتعارف عندهم وإلا فصلاته صلى الله عليه وسلم في بيت الأنصاري وأن كانت في وقت صلاة الضحى لا يلزم نسبتها لصلاة الضحى قلت الا أنا قدمنا أن القصه لعتبان بن مالك وقد تقدم في صدر الباب أن عتبان سماها صلاة الضحى فاستقام مراد المصنف وتقييده ذلك بالحضر ظاهر لكونه صلى في بيته قوله ما رايته صلى في الرواية الماضية يصلي الضحى قوله الا ذلك اليوم يأتي فيه ما تقدم ذكره في حديث بن عمر وعائشه من الجمع والله أعلم

قوله باب الركعتين قبل الظهر ترجم أولا بالرواتب التي بعد المكتوبات ثم أورد ما يتعلق بما قبلها وقد تقدم الكلام على ركعتي الفجر والكلام على حديث بن عمر وهو ظاهر فيما ترجم له وأما حديث عائشة فقوله فيه أنه كان لا يدع أربعا قبل الظهر لا يطابق الترجمة ويحتمل أن يقال مراده بيان أن الركعتين قبل الظهر ليستا حتما بحيث يمتنع الزيادة عليهما قال الداودي وقع في حديث بن عمر أن قبل الظهر ركعتين وفي حديث عائشة أربعا وهو محمول على أن كل واحد منهما وصف ما رأى قال ويحتمل أن يكون نسي بن عمر ركعتين من الأربع قلت هذا الاحتمال بعيد والأولى أن يحمل على حالين فكان تارة يصلي ثنتين وتارة يصلي أربعا وقيل هو محمول على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين وفي بيته يصلي أربعا ويحتمل أن يكون يصلي إذا كان في بيته ركعتين ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين فرأى بن عمر ما في المسجد دون ما في بيته واطلعت عائشة على الامرين ويقوى الأول ما رواه أحمد وأبو داود في حديث عائشة كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا ثم يخرج قال أبو جعفر الطبري الأربع كانت في كثير من أحواله والركعتان في قليلها قوله عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر بميم مضمومه ونون ساكنه ومثناة مفتوحه بعدها شين معجمه مكسورة ثم راء

[ 1127 ] قوله عن أبيه عن عائشة في رواية وكيع عن شعبة عن إبراهيم عن أبيه سمعت عائشة أخرجه الإسماعيلي وحكى عن شيخه أبي القاسم البغوي أنه حدثه به من طريق عثمان بن عمر عن شعبة فأدخل بين محمد بن المنتشر وعائشه مسروقا وأخبره أن حديث وكيع وهم ورد ذلك الإسماعيلي بان محمد بن جعفر قد وافق وكيعا على التصريح بسماع محمد من عائشة ثم ساقه بسنده إلى شعبة عن إبراهيم بن محمد أنه سمع أباه أنه سمع عائشة قال الإسماعيلي ولم يكن يحيى بن سعيد يعني القطان الذي أخرجه البخاري من طريقه ليحمله مدلسا قال والوهم عندي فيه من عثمان بن عمر انتهى وبذلك جزم الدارقطني في العلل وأوضح أن رواية عثمان بن عمر من المزيد متصل الأسانيد لكن أخرجه الدارمي عن عثمان بن عمر بهذا الإسناد فلم يذكر فيه مسروقا فأما أن يكون سقط عليه أو علي من بعده أو يكون الوهم في زيادته ممن دون عثمان بن عمر قوله تابعه بن أبي عدي زاد الإسماعيلي وابن المبارك ومعاذ بن معاذ ووهب بن جرير كلهم عن شعبة بسنده وليس فيه مسروق قوله وعمرو عن شعبة يعني عمرو بن مرزوق وقد وصل حديثه البرقاني في المصافحه

قوله باب الصلاة قبل المغرب لم يذكر المصنف الصلاة قبل العصر وقد ورد فيها حديث لأبي هريرة مرفوع لفظه رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه بن حبان وورد من فعله أيضا من حديث علي بن أبي طالب أخرجه الترمذي والنسائي وفيه أنه كان يصلي قبل العصر أربعا وليسا على شرط البخاري

[ 1128 ] قوله عن الحسين هو بن ذكوان المعلم قوله حدثني عبد الله المزني هو بن مغفل بالمعجمه والفاء المشددة قوله صلوا قبل صلاة المغرب زاد أبو داود في روايته عن الفربري عن عبد الوارث بهذا الإسناد صلوا قبل المغرب ركعتين ثم قال صلوا قبل المغرب ركعتين واعادها الإسماعيلي من هذا الوجه ثلاث مرات وهو موافق لقوله في رواية المصنف قال في الثالثة لمن شاء وفي رواية أبي نعيم في المستخرج صلوا قبل المغرب ركعتين قالها ثلاثا ثم قال لمن شاء قوله كراهية أن يتخذها الناس سنة قال المحب الطبري لم يرد نفي استحبابها لأنه لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب بل هذا الحديث من أقوى الادله على استحبابها ومعنى قوله سنة أي شريعة وطريقه لازمه وكان المراد انحطاط مرتبتها عن رواتب الفرائض ولهذا لم يعدها أكثر الشافعية في الرواتب واستدركها بعضهم وتعقب بأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها وتقدم الكلام على ذلك مبسوطا في باب كم بين الأذان والاقامه من أبواب الأذان

[ 1129 ] قوله اليزني بفتح التحتانيه والزائ بعدها نون وهو مصري وكذا بقية رجال الإسناد سوى شيخ البخاري وقد دخلها قوله الا أعجبك بضم أوله وتشديد الجيم من التعجب قوله من أبي تميم هو عبد الله بن مالك الجيشاني بفتح الجيم وسكون التحتانيه بعدها معجمه تابعي كبير مخضرم أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقرا القرآن على معاذ بن جبل ثم قدم في زمن عمر فشهد فتح مصر وسكنها قال بن يونس وقد عده جماعة في الصحابة لهذا الإدراك ولم يذكر المزي في التهذيب أن البخاري أخرج له وهو على شرطه فيرد عليه بهذا الحديث قوله يركع ركعتين زاد الإسماعيلي حين يسمع أذان المغرب وفيه فقلت لعقبه وأنا أريد أن أغمصه وهو بمعجمه ثم مهملة أي اعيبه قوله فقال عقبة الخ استدل به على امتداد وقت المغرب ولا حجة فيه كما بيناه في الباب السابق وقال قوم إنما تستحب الركعتان المذكورتان لمن كان متاهبا بالطهر وستر العوره لئلا يوخر المغرب عن أول وقتها ولا شك أن ايقاعها في أول الوقت أولي ولا يخفى أن محل استحبابهما ما لم تقم الصلاة وقد تقدم الكلام على بقية فوائده في الباب السابق وفيه رد على قول القاضي أبي بكر بن العربي لم يفعلهما أحد بعد الصحابة لأن أبا تميم تابعي وقد فعلهما وذكر الأثرم عن أحمد أنه قال ما فعلتهما الا مرة واحدة حين سمعت الحديث وفيه أحاديث جياد عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين الا أنه قال لمن شاء فمن شاء صلى

قوله باب صلاة النوافل جماعة قيل مراده النفل المطلق ويحتمل ما هو أعم من ذلك قوله ذكره أنس وعائشه عن النبي صلى الله عليه وسلم أما حديث أنس فأشار به إلى حديثه في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سليم وفيه فصففت أنا واليتيم وراءه الحديث وقد تقدم في الصفوف وغيرها وأما حديث عائشة فأشار به إلى حديثها في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم في المسحد بالليل وقد تقدم الكلام عليه في باب التحريض على قيام الليل

[ 1130 ] قوله حدثنا إسحاق قيل هو بن راهويه فإن هذا الحديث وقع في مسنده بهذا الإسناد لكن في لفظه مخالفة يسيره فيحتمل أن يكون إسحاق شيخ البخاري فيه هو بن منصور قوله أخبرنا يعقوب التعبير بالأخبار قرينة في كون إسحاق هو بن راهويه لأنه لا يعبر عن شيوخه الا بذلك لكن وقع في رواية كريمة وأبي الوقت وغيرهما بلفظ التحديث ويعقوب بن إبراهيم المذكور هو بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قوله وعقل مجه تقدم الكلام عليه في كتاب العلم قوله كان في دارهم أي الدلو وفي رواية الكشميهني كانت أي البئر قوله فزعم محمود أي أخبر وهو من إطلاق الزعم على القول قوله فيشق على في رواية الكشميهني فشق بصيغة الماضي قوله أين تحب أن نصلي بصيغة الجمع كذا للأكثر في رواية الكشميهني بالافراد قوله ما فعل مالك هو بن الدخشن قوله لا أراه بفتح الهمزه من الرؤيه قوله قال محمود بن الربيع أي بالإسناد الماضي فحدثتها قوما أي رجالا فيهم أبو أيوب هو خالد بن زيد الأنصاري الذي نزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة قوله التي توفي فيها ذكر بن سعد وغيره أن أبا أيوب أوصى أن يدفن تحت أقدام الخيل ويغيب موضع قبره فدفن إلى جانب جدار القسطنطينية قوله ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان قوله عليهم أي كان أميرا وذلك في سنة خمسين وقيل بعدها في خلافة معاوية ووصلوا في تلك الغزوه حتى حاصروا القسطنطينية قوله فأنكرها على قد بين أبو أيوب وجه الإنكار وهو ما غلب على ظنه من نفي القول المذكور وأما الباعث له على ذلك فقيل أنه استشكل قوله أن الله قد حرم النار على من قال لا إله إلا الله لأن ظاهره لا يدخل أحد من عصاة الموحدين النار وهو مخالف لآيات كثيرة وأحاديث شهيره منها أحاديث الشفاعة لكن الجمع ممكن بان يحمل التحريم على الخلود وقد وافق محمودا على رواية هذا الحديث عن عتبان أنس بن مالك كما أخرجه مسلم من طريقه وهو متابع قوي جدا وكان الحامل لمحمود على الرجوع إلى عتبان ليسمع الحديث منه ثاني مرة أن أبا أيوب لما أنكر عليه اتهم نفسه بان يكون ما ضبط القدر الذي أنكره عليه ولهذا قنع بسماعه عن عتبان ثاني مرة قوله حتى اقفل بقاف وفاء أي ارجع وزنا ومعنى وفي هذا الحديث فوائد كثيرة تقدمت مبسوطه في باب المساجد في البيوت وفيه ما ترجم له هنا وهو صلاة النوافل جماعة وروى بن وهب عن مالك أنه لا بأس بان يؤم النفر في النافله فأما أن يكون مشتهرا ويجمع له الناس فلا وهذا بناه على قاعدته في سد الذرائع لما يخشى من أن يظن من لا علم له أن ذلك فريضه واستثنى بن حبيب من أصحابه قيام رمضان لاشتهار ذلك من فعل الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم وفي الحديث من الفوائد ما تقدم بعضه مبسوطا وملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم بالاطفال وذكر المرء ما فيه من العله معتذرا وطلب عين القبلة وأن المكان المتخذ مسجدا من البيت لا يخرج عن ملك صاحبه وأن النهي عن استيطان الرجل مكانا إنما هو في المسجد العام وفيه عيب من تخلف عن حضور مجلس الكبير وأن من عيب بما يظهر منه لا يعد غيبه وأن ذكر الإنسان بما فيه على جهة التعريف جائز وأن التلفظ بالشهادتين كاف في أجراء أحكام المسلمين وفيه استثبات طالب الحديث شيخه عما حدثه به إذا خشي من نسيانه واعادة الشيخ الحديث والرحلة في طلب العلم وغير ذلك وقد ترجم المصنف بأكثر من ذلك والله المستعان

قوله باب التطوع في البيت أورد فيه حديث بن عمر اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم وقد تقدم بلفظه من وجه آخر عن نافع في باب كراهية الصلاة في المقابر من أبواب المساجد مع الكلام عليه

[ 1131 ] قوله تابعه عبد الوهاب يعني الثقفي عن أيوب وهذه المتابعه وصلها مسلم عن محمد بن المثنى عنه بلفظ صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا بسم الله الرحمن الرحيم

قوله باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ثبت في نسخة الصغاني البسملة قبل الباب قال بن رشيد لم يقل في الترجمة وبيت المقدس وأن كان مجموعا إليهما في الحديث لكونه أفرده بعد ذلك بترجمة قال وترجم بفضل الصلاة وليس في الحديث ذكر الصلاة ليبين أن المراد بالرحلة إلى المساجد قصد الصلاة فيها لأن لفظ المساجد مشعر بالصلاة انتهى وظاهر إيراد المصنف لهذه الترجمة في أبواب التطوع يشعر بان المراد بالصلاة في الترجمة صلاة النافلة ويحتمل أن يراد بها ما هو أعم من ذلك فيدخل النافلة وهذا أوجه وبه قال الجمهور في حديث الباب وذهب الطحاوي إلى أن التفضيل مختص بصلاة الفريضه كما سيأتي

[ 1132 ] قوله أخبرني عبد الملك هو بن عمير كما وقع في رواية أبي ذر والأصيلي قوله عن قزعه بفتح القاف وكذا الزاي وحكى بن الأثير سكونها بعدها مهمله هو بن يحيى ويقال بن الأسود وسيأتي بعد خمسة أبواب في هذا الإسناد سمعت قزعه مولى زياد وهو هذا وزياد مولاه هو بن أبي سفيان الأمير المشهور ورواية عبد الملك بن عمير عنه من رواية الأقران لأنهما من طبقة واحدة قوله سمعت أبا سعيد أربعا أي يذكر أربعا أو سمعت منه أربعا أي أربع كلمات قوله وكان غزا القائل ذلك هو قزعة والمقول عنه أبو سعيد الخدري قوله ثنتي عشرة غزوة كذا اقتصر المؤلف على هذا القدر ولم يذكر من المتن شيئا وذكر بعده حديث أبي هريرة في شد الرحال فظن الداودي الشارح أن البخاري ساق الإسنادين لهذا المتن وفيه نظر لأن حديث أبي سعيد مشتمل على أربعة أشياء كما ذكر المصنف وحديث أبي هريرة مقتصر على شد الرحال فقط لكن لا يمنع الجمع بينهما في سياق واحد بناء على قاعدة البخاري في إجازة اختصار الحديث وقال بن رشيد لما كان أحد الأربع هو قوله لا تشد الرحال ذكر صدر الحديث إلى الموضع الذي يتلاقى فيه افتتاح أبي هريرة لحديث أبي سعيد فاقتطف الحديث وكأنه قصد بذلك الاغماض لينبه غير الحافظ على فائدة الحفظ على أنه ما اخلاه عن الإيضاح عن قرب فإنه ساقه بتمامه خامس ترجمه قوله وحدثنا على هو بن المديني وسفيان هو بن عيينة وسعيد هو بن المسيب ووقع عند البيهقي من وجه آخر عن علي بن المديني قال حدثنا بن سفيان مرة بهذا اللفظ وكان أكثر ما يحدث به بلفظ تشد الرحال قوله لا تشد الرحال بضم أوله بلفظ النفي والمراد النهي عن السفر إلى غيرها قال الطيبي هو أبلغ من صريح النهي كأنه قال لا يستقيم أن يقصد بالزياره الا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به والرحال بالمهمله جمع رحل وهو للبعير كالسرج للفرس وكنى بشد الرحال عن السفر لأنه لازمه وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر وإلا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والمشي في المعنى المذكور ويدل عليه قوله في بعض طرقه إنما يسافر أخرجه مسلم من طريق عمران بن أبي أنس عن سليمان الأغر عن أبي هريرة قوله إلا الاستثناء مفرغ والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع ولارمه منع السفر إلى كل موضع غيرها لأن المستثنى منه في المفرغ مقدر باعم العام لكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص وهو المسجد كما سيأتي قوله المسجد الحرام أي المحرم وهو كقولهم الكتاب بمعنى المكتوب والمسجد بالخفض على البدليه ويجوز الرفع على الاستئناف والمراد به جميع الحرم وقيل يختص بالموضع الذي يصلي فيه دون البيوت وغيرها من أجزاء الحرم قال الطبري ويتايد بقوله مسجدي هذا لأن الإشارة فيه إلى مسجد الجماعة فينبغي أن يكون المستثنى كذلك وقيل المراد به الكعبة حكاه المحب الطبري وذكر أنه يتأيد بما رواه النسائي بلفظ الا الكعبة وفيه نظر لأن الذي عند النسائي الا مسجد الكعبة حتى ولو سقطت لفظة مسجد لكانت مرادة ويؤيد الأول ما رواه الطيالسي من طريق عطاء أنه قيل له هذا الفضل في المسجد وحده أو في الحرم قال بل في الحرم لأنه كله مسجد قوله ومسجد الرسول أي محمد صلى الله عليه وسلم وفي العدول عن مسجدي إشارة إلى التعظيم ويحتمل أن يكون ذلك من تصرف الرواة ويؤيده قوله في حديث أبي سعيد الاتي قريبا ومسجدي قوله ومسجد الأقصى أي بيت المقدس وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة وقد جوزه الكوفيون واستشهدوا له بقوله تعالى وما كنت بجانب الغربي والبصريون يؤولونه بإضمار المكان أي الذي بجانب المكان الغربي ومسجد المكان الأقصى ونحو ذلك وسمي الأقصى لبعده عن المسجد الحرام في المسافه وقيل في الزمان وفيه نظر لأنه ثبت في الصحيح أن بينهما أربعين سنة وسيأتي في ترجمة إبراهيم الخليل من أحاديث الأنبياء وبيان ما فيه من الاشكال والجواب عنه وقال الزمخشري سمي الأقصى لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد وقيل لبعده عن الاقذار والخبث وقيل هو أقصى بالنسبة إلى مسجد المدينة لأنه بعيد من مكة وبيت المقدس أبعد منه ولبيت المقدس عدة أسماء تقرب من العشرين منها إيلياء بالمد والقصر وبحذف الياء الأولى وعن بن عباس إدخال الألف واللام على هذا الثالث وبيت المقدس بسكون القاف وبفتحها مع التشديد والقدس بغير ميم مع ضم القاف وسكون الدال وبضمها أيضا وشلم بالمعجمه وتشديد اللام وبالمهمله وشلام بمعجمة وسلم بفتح المهمله وكسر اللام الخفيفه وأورى سلم بسكون الواو وبكسر الراء بعدها تحتانية ساكنه قال الأعشى وقد طفت للمال افاقه دمشق فحمص فاورى سلم ومن أسمائه كورة وبيت ايل وصهيون ومصروث آخره مثلثه وكورشيلا وبابوس بموحدتين ومعجمه وقد تتبع أكثر هذه الأسماء الحسين بن خالويه اللغوي في كتاب ليس وسيأتي ما يتعلق بمكة والمدينة في كتاب الحج وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء ولان الأول قبلة الناس واليه حجهم والثاني كان قبلة الأمم السالفه والثالث أسس علىالتقوى واختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتا وإلى المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها والصلاة فيها فقال الشيخ أبو محمد الجويني يحرم شد الرحال إلى غيرها عملا بظاهر هذا الحديث وأشار القاضي حسين إلى اختياره وبه قال عياض وطائفة ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار بصرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى الطور وقال له لو ادركتك قبل أن تخرج ما خرجت واستدل بهذا الحديث فدل على أنه يرى حمل الحديث على عمومه ووافقه أبو هريرة والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم وأجابوا عن الحديث باجوبه منها أن المراد أن الفضيلة التامه إنما هي في شد الرحال إلى هذه المساجد بخلاف غيرها فإنه جائز وقد وقع في رواية لأحمد سيأتي ذكرها بلفظ لا ينبغي للمطي أن تعمل وهو لفظ ظاهر في غير التحريم ومنها أن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير الثلاثه فإنه لا يجب الوفاء به قاله بن بطال وقال الخطابي اللفظ لفظ الخبر ومعناه الإيجاب فيما ينذره الإنسان من الصلاة في البقاع التي يتبرك بها أي لا يلزم الوفاء بشيء من ذلك غير هذه المساجد الثلاثه ومنها أن المراد حكم المساجد فقظ وأنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد للصلاة فيه غير هذه الثلاثه وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح أو قريب أو صاحب أو طلب علم أو تجارة أو نزهة فلا يدخل في النهي ويؤيده ما روى أحمد من طريق شهر بن حوشب قال سمعت أبا سعيد وذكرت عنده الصلاة في الطور فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد تبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي وشهر حسن الحديث وأن كان فيه بعض الضعف ومنها أن المراد قصدها بالاعتكاف فيما حكاه الخطابي عن بعض السلف أنه قال لا يعتكف في غيرها وهو أخص من الذي قبله ولم أر عليه دليلا واستدل به على أن من نذر إتيان أحد هذه المساجد لزمه ذلك وبه قال مالك وأحمد والشافعي والبويطي واختاره أبو إسحاق المروزي وقال أبو حنيفة لا يجب مطلقا وقال الشافعي في الأم يجب في المسجد الحرام لتعلق النسك به بخلاف المسجدين الاخيرين وهذا هو المنصور لأصحاب الشافعي وقال بن المنذر يجب إلى الحرمين وأما الأقصى فلا واستأنس بحديث جابر أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني نذرت أن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس قال صل ههنا وقال بن التين الحجة على الشافعي أن أعمال المطي إلى مسجد المدينة والمسجد الأقصى والصلاة فيهما قربة فوجب أن يلزم بالنذر كالمسجد الحرام انتهى وفيما يلزم من نذر إتيان هذه المساجد تفصيل وخلاف يطول ذكره محله كتب الفروع واستدل به على أن من نذر إتيان غير هذه المساجد الثلاثة لصلاة أو غيرها لم يلزمه غيرها لأنها لا فضل لبعضها على بعض فتكفي صلاته في أي مسجد كان قال النووي لا اختلاف في ذلك الا ما روى عن الليث أنه قال يجب الوفاء به وعن الحنابله رواية يلزمه كفارة يمين ولا ينعقد نذره وعن المالكية رواية أن تعقلت به عبادة تختص به كرباط لزم وإلا فلا وذكر عن محمد بن مسلمة المالكي أنه يلزم في مسجد قباء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت كما سيأتي قال الكرماني وقع في هذه المساله في عصرنا في البلاد الشاميه مناظرات كثيرة وصنف فيها رسائل من الطرفين قلت يشير إلى ما رد به الشيخ تقي الدين السبكي وغيره على الشيخ تقي الدين بن تيميه وما انتصر به الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي وغيره لابن تيميه وهي مشهوره في بلادنا والحاصل إنهم الزموا بن تيميه بتحريم شد الرحل قال العلامة بن باز حفظه الله هذا اللازم لا بأس به وقد التزمه الشيخ وليس في ذلك بشاعة بحمد الله عند من عرف السنة ومواردها ومصادرها والأحاديث المروية في فضل زيادة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة بل موضوعة كما حقق ذلك أبو العباس في منسكه وغيره ولو صحت لم يكن فيها حجة على جواز شد الرحال إلى زيادة قبره عليه الصلاة والسلام من دونه قصد المسجد بل تكون عامة مطلقة وأحاديث النهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة يخصها وبقيدها والشيخ لم ينكر زيادة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من دون شد الرحال وإنما أنكر شد الرحل من أجلها مجردا عن قصد المسجد فتنبه وافهم والله أعلم إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وانكرنا صورة ذلك وفي شرح ذلك من الطرفين طول وهي من ابشع المسائل المنقوله عن بن تيميه ومن جملة ما استدل به على دفع ما ادعاه غيره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ ادبا لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال واجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلى الصواب قال بعض المحققين قوله الا إلى ثلاثة مساجد المستثنى منه محذوف فأما أن يقدر عاما فيصير لا تشد الرحال إلى مكان في أي أمر كان الا إلى الثلاثه أو أخص من ذلك لا سبيل إلى الأول لافضائه إلى سد باب السفر للتجاره وصلة الرحم وطلب العلم وغيرها فتعين الثاني والأولى أن يقدر ما هو أكثر مناسبة وهو لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه الا إلى الثلاثه فيبطل بذلك قول من منع شد الرحال إلى زيارة القبر الشريف وغيره من قبور الصالحين والله أعلم وقال السبكي الكبير ليس في الأرض بقعه لها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها غير البلاد الثلاثه ومرادى بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكما شرعيا وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها بل لزيارة أو جهاد أو علم أو نحو ذلك من المندوبات أو المباحات قال وقد التبس ذلك على بعضهم فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثه داخل في المنع وهو خطا لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه فمعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد أو إلى مكان من الامكنه لأجل ذلك المكان الا إلى الثلاثه المذكورة وشد الرحال إلى زيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل إلى من في ذلك المكان والله أعلم

[ 1133 ] قوله زيد بن رباح بالموحدة وعبيد الله بالتصغير والأغر هو سلمان شيخ الزهري المتقدم قوله صلاة في مسجدي هذا قال النووي ينبغي أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان في زمانه صلى الله عليه وسلم دون ما زيد فيه بعده لأن التضعيف إنما ورد في مسجده وقد اكده بقوله هذا بخلاف مسجد مكة فإنه يشمل جميع مكة بل صحح النووي أنه يعم جميع الحرم قوله الا المسجد الحرام قال بن بطال يجوز في هذا الاستثناء أن يكون المراد فإنه مساو لمسجد المدينة أو فاضلا أو مفضولا والأول أرجح لأنه لو كان فاضلا أو مفضولا لم يعلم مقدار ذلك الا بدليل بخلاف المساواة انتهى وكأنه لم يقف على دليل الثاني وقد أخرجه الإمام أحمد وصححه بن حبان من طريق عطاء عن عبد الله بن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد الا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا وفي رواية بن حبان وصلاة في ذلك أفضل من مائة صلاة في مسجد المدينة قال بن عبد البر اختلف على بن الزبير في رفعه ووقفه ومن رفعه أحفظ وأثبت ومثله لا يقال بالراي وفي بن ماجة من حديث جابر مرفوعا صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه وفي بعض النسخ من مائة صلاة فيما سواه فعلى الأول معناه فيما سواه الا مسجد المدينة وعلى الثاني معناه من مائة صلاة في مسجد المدينة ورجال إسناده ثقات لكنه من رواية عطاء في ذلك عنه قال بن عبد البر جائز أن يكون عند عطاء في ذلك عنهما وعلى ذلك يحمله أهل العلم بالحديث ويؤيده أن عطاء إمام واسع الرواية معروف بالرواية عن جابر وابن الزبير وروى البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء رفعه الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة قال البزار إسناده حسن فوضح بذلك أن المراد بالاستثناء تفضيل المسجد الحرام وهو يرد على تأويل عبد الله بن نافع وغيره وروى بن عبد البر من طريق يحيى بن يحيى الليثي أنه سأل عبد الله بن نافع عن تأويل هذا الحديث فقال معناه فإن الصلاة في مسجدي أفضل من الصلاة فيه بدون ألف صلاة قال بن عبد البر لفظ دون يشمل الواحد فيلزم أن تكون الصلاة في مسجد المدينة أفضل من الصلاة في مسجد مكة بتسعمائة وتسع وتسعين صلاة وحسبك بقول يؤل إلى هذا ضعفا قال وزعم بعض أصحابنا أن الصلاة في مسجد المدينة أفضل من الصلاة في مسجد مكة بمائة صلاة واحتج برواية سليمان بن عتيق عن بن الزبير عن عمر قال صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه وتعقب بان المحفوظ بهذا الإسناد بلفظ صلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة فيما سواه الا مسجد الرسول فإنما فضله عليه بمائة صلاة وروى عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني سليمان بن عتيق وعطاء عن بن الزبير إنهما سمعاه يقول صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيه ويشير إلى مسجد المدينة وللنسائي من رواية موسى الجهني عن نافع عن بن عمر ما يؤيد هذا ولفظه كلفظ أبي هريرة وفي آخره الا المسجد الحرام فإنه أفضل منه بمائة صلاة واستدل بهذا الحديث على تفضيل مكة على المدينة لأن الامكنه تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها مما تكون العبادة فيه مرجوحه وهو قول الجمهور وحكى عن مالك وبه قال بن وهب ومطرف وابن حبيب من أصحابه لكن المشهور عن مالك وأكثر أصحابه تفضيل المدينة واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم ما بين قبري ومنبري روضه من رياض الجنة مع قوله موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها قال بن عبد البر هذا استدلال بالخبر في غير ما ورد فيه ولا يقاوم النص الوارد في فضل مكة ثم ساق حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحمراء قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على الحزوره فقال والله انك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا إني أخرجت منك ما خرجت وهو حديث صحيح أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم قال بن عبد البر هذا نص في محل الخلاف فلا ينبغي العدول عنه والله أعلم وقد رجع عن هذا القول كثير من المصنفين من المالكية لكن استثنى عياض البقعه التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم فحكى الاتفاق على أنها أفضل البقاع وتعقب بأن هذا لا يتعلق بالبحث المذكور لأن محله ما يترتب عليه الفضل للعابد وأجاب القرافي بان سبب التفضيل لا ينحصر في كثرة الثواب على العمل بل قد يكون لغيرها كتفضيل جلد المصحف على سائر الجلود وقال النووي في شرح المهذب لم أر لاصحابنا نقلا في ذلك وقال بن عبد البر إنما يحتج بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أنكر فضلها أما من أقر به وأنه ليس أفضل بعد مكة منها فقد انزلها منزلتها وقال غيره سبب تفضيل البقعه التي ضمت اعضاءه الشريفه أنه روى أن المرء يدفن في البقعه التي أخذ منها ترابه عندما يخلق رواه بن عبد البر في أواخر تمهيده من طريق عطاء الخراساني موقوفا وعلى هذا فقد روى الزبير بن بكار أن جبريل أخذ التراب الذي خلق منه النبي صلى الله عليه وسلم من تراب الكعبة فعلى هذا فالبقعه التي ضمت اعضاءه من تراب الكعبة فيرجع الفضل المذكور إلى مكة أن صح ذلك والله أعلم واستدل به على تضعيف الصلاة مطلقا في المسجدين وقد تقدم النقل عن الطحاوي وغيره أن ذلك مختص بالفرائض لقوله صلى الله عليه وسلم أفضل صلاة المرء في بيته الا المكتوبة ويمكن أن يقال لا مانع من إبقاء الحديث على عمومه فتكون صلاة النافلة في بيت بالمدينة أو مكة تضاعف على صلاتها في البيت بغيرهما وكذا في المسجدين وأن كانت في البيوت أفضل مطلقا ثم أن التضعيف المذكور يرجع إلى الثواب ولا يتعدى إلى الأجزاء باتفاق العلماء كما نقله النووي وغيره فلو كان عليه صلاتان فصلى في أحد المسجدين صلاة لم تجزه الا عن واحدة والله أعلم وقد أوهم كلام المقري أبي بكر النقاش في تفسيره خلاف ذلك فإنه قال فيه حسبت الصلاة بالمسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة انتهى وهذا مع قطع النظر عن التضعيف بالجماعه فإنها تزيد سبعا وعشرين درجه كما تقدم في أبواب الجماعة لكن هل يجتمع التضعيفان أو لا محل بحث

قوله باب مسجد قباء أي فضله وقباء بضم القاف ثم موحدة ممدودة عند أكثر أهل اللغه وأنكر السكري قصره لكن حكاه صاحب العين قال البكري من العرب من يذكره فيصرفه ومنهم من يؤنثه فلا بصرفه وفي المطالع هو على ثلاثة أميال من المدينة وقال ياقوت على ميلين على يسار قاصد مكة وهو من عوالي المدينة وسمي باسم بئر هناك والمسجد المذكور هو مسجد بني عمرو بن عوف وهو أول مسجد اسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي ذكر الخلاف في كونه المسجد الذي أسس على التقوى في باب الهجرة إن شاء الله تعالى

[ 1134 ] قوله حدثنا يعقوب بن إبراهيم في رواية أبي ذر هو الدورقي قوله كان لا يصلي الضحى تقدم الكلام عليه قريبا قوله وكان أي بن عمر قوله يزوره أي يزور مسجد قباء قوله وكان يقول أي بن عمر وقد تقدم الكلام على ذلك في أواخر المواقيت وفي الحديث دلالة على فضل قباء وفضل المسجد الذي بها وفضل الصلاة فيه لكن لم يثبت في ذلك تضعيف بخلاف المساجد الثلاثه

قوله باب من أتى مسجد قباء كل سبت أراد بهذه الترجمة بيان تقييد ما أطلق في التي قبلها لأنه قيد فيها في الموقوف بخلاف المرفوع فأطلق ومن فضائل مسجد قباء ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص قال لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلى من أن أتي ببيت المقدس مرتين لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل

[ 1135 ] قوله ماشيا وراكبا أي بحسب ما تيسر والواو بمعنى أو قوله وكان عبد الله أي بن عمر كما ثبت في رواية أبي ذر والأصيلي

قوله باب إتيان مسجد قباء ماشيا وراكبا أفرد هذه الترجمة لاشتمال الحديث على حكم آخر غير ما تقدم

[ 1136 ] قوله حدثنا يحيى زاد الأصيلي بن سعيد وهو القطان وعبيد الله بالتصغير هو بن عمر العمري قوله زاد بن نمير أي عبد الله عن عبيد الله أي بن عمر وطريق بن نمير وصلها مسلم وأبو يعلى قالا أخبرنا محمد بن عبد الله بن نمير أخبرنا أبي به وقال أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله فذكره بالزيادة وادعى الطحاوي أنها مدرجه وأن أحد الرواة قاله من عنده لعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته أن لا يجلس حتى يصلي وفي هذا الحديث على اختلاف طرقه دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحه والمداومه على ذلك وفيه أن النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثه ليس على التحريم قال العلامة بن باز حفظه الله هذا فيه نظر والصواب أنه للتحريم كما هو الأصل في نهيه صلى الله عليه وسلم والجواب عن حديث قباء أن المراد بشد الرحل في أحاديث النهي الكناية عن السفر لا مجرد شد الرحل وعليه فلا إشكال في ركوب النبي صلى الله عليه وسلم إلى مسجد قباء وقد سبق للشارح ما يرشد إلى هذا في كلامه على أحاديث النهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة فتنبه والله الموفق للكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء راكبا وتعقب بان مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى قباء إنما كان لمواصلة الأنصار وتفقد حالهم وحال من تأخر منهم عن حضور الجمعة معه وهذا هو السر في تخصيص ذلك بالسبت

قوله باب فضل ما بين القبر والمنبر لما ذكر فضل الصلاة في مسجد المدينة أراد أن ينبه على أن بعض بقاع المسجد أفضل من بعض وترجم بذكر القبر وأورد الحديثين بلفظ البيت لأن القبر صار في البيت وقد ورد في بعض طرقه بلفظ القبر قال القرطبي الرواية الصحيحة بيتي ويروي قبري وكأنه بالمعنى لأنه دفن في بيت سكناه

[ 1137 ] قوله عن عبد الله بن أبي بكر أي بن محمد بن عمرو بن حزم قوله عن عبيد الله هو بن عمر العمري وثبت ذلك في رواية أبي ذر والأصيلي قوله ومنبري على حوضي سقطت هذه الجملة من رواية أبي ذر وسيأتي هذا الحديث بسنده ومتنه كاملا في أواخر فضل المدينة من أواخر كتاب الحج ويأتي الكلام على المتن هناك إن شاء الله تعالى مستوفي

قوله باب مسجد بيت المقدس أي فضله قوله وانقنني بالمد ثم نون مفتوحه ثم قاف ساكنه بعدها نونان يقال أنقة كذا إذا أعجبه وشي مونق أي معجب وقوله

[ 1139 ] واعجبنني من التاكيد بغير اللفظي وحكى بن الأثير أنه روى اينقنني بتحتانيه بدل الألف قال وليس بشيء وضبطه الأصيلي اتقنني بمثناة فوقانيه من التوق وإنما يقال منه توقني كشوقني قوله لا تسافر المراه سيأتي الكلام عليه في الحج قوله ولا صوم سيأتي في الصوم وقوله في الصلاة تقدم في أواخر المواقيت وقوله ولا تشد الرحال تقدم قريبا خاتمه اشتملت أبواب التطوع وما معها من الأحاديث المرفوعة على أربعة وثلاثين حديثا المعلق منها عشرة أحاديث وسائرها موصولة المكرر منها فيها وفيما مضى اثنان وعشرون حديثا والخالص اثنا عشر وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث بن عمر في صلاة الضحى وحديث عبد الله بن مغفل في الركعتين قبل المغرب وحديث عقبة بن عامر فيه وفيها من الآثار الموقوفه على الصحابة ومن بعدهم أحد عشر أثرا وهي الستة المذكورة في الباب الأول وأثر بن عمر عن أبيه وأبي بكر ونفسه في ترك صلاة الضحى وأثر أبي تميم في الركعتين قبل المغرب وأثر محمود بن الربيع عن أبي أيوب وكلها موصوله والله أعلم