أبواب العمل في الصلاة
 قوله استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة وقال بن عباس يستعين الرجل في صلاته من جسده بما شاء ووضع أبو إسحاق يعني السبيعي قلنسوته في الصلاة ورفعها ووضع على كفه على رصغه الأيسر الا أن يحك جلدا أو يصلح ثوبا هذا الاستثناء من بقية أثر علي على ما سأوضحه وظن قوم أنه من تتمة الترجمة فقال بن رشيد قوله الا أن يحك جلدا أو يصلح ثوبا هو مستثنى من قوله إذا كان من أمر الصلاة فاستثنى من ذلك جواز ما تدعو الضروره إليه من حال المرء مع ما في ذلك من دفع التشويش عن النفس قال وكان الأولى في هذا الاستثناء أن يكون مقدما قبل قوله وقال بن عباس انتهى وسبقه إلى دعواه أن الاستثناء من الترجمة الإسماعيلي في مستخرجه فقال قوله الا أن يحك جلدا ينبغي أن يكون من صلة الباب عند قوله إذا كان من أمر الصلاة وصرح بكونه من كلام البخاري لا من كلام علي العلامه علاء الدين مغلطاي في شرحه وتبعه من أخذ ذلك عنه ممن أدركناه وهو وهم وذلك أن الاستثناء بقية أثر علي كذلك رواه مسلم بن إبراهيم أحد مشايخ البخاري ععن عبد السلام بن أبي حازم عن غزوان بن جرير الضبي عن أبيه وكان شديد اللزوم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كان على إذا قام إلى الصلاة فكبر ضرب بيده اليمني على رصغه الأيسر فلا يزال كذلك حتى يركع الا أن يحك جلدا أو يصلح ثوبا هكذا رويناه في السفينة الجرائديه من طريق السلفي بسنده إلى مسلم بن إبراهيم وكذلك أخرجه بن أبي شيبة من هذا الوجه بلفظ الا أن يصلح ثوبه أو يحك جسده وهذا هو الموافق للترجمة ولو كان أثر على انتهى عند قوله الأيسر لما كان فيه تعلق بالترجمه الا ببعد وهذا من فوائد تخريج التعليقات والرصغ بسكون الصاد المهملة بعدها معجمه قال صاحب العين هو لغة في الرسغ وهو مفصل ما بين الكف والساعد وقال صاحب المحكم الرصغ مجتمع الساقين والقدمين ثم أن ظاهر هذه الآثار يخالف الترجمة لأنها مقيده بما إذا كان العمل من أمر الصلاة وهي مطلقه وكان المصنف أشار إلى أن اطلاقها مقيد بما ذكر ليخرج العبث ويمكن أن يقال لها تعلق بالصلاة لأن دفع ما يؤذى المصلي يعين على دوام خشوعه المطلوب في الصلاة ويدخل في الاستعانه التعلق بالحبل عند التعب والاعتماد على العصا ونحوهما وقد رخص فيه بعض السلف وقد مر الأمر بحل الحبل في أبواب قيام الليل وسيأتي ذكر الاختصار بعد أبواب

[ 1140 ] قوله وأخذ بأذني اليمني يفتلها هو شاهد الترجمة لأنه أخذ بإذنه أولا لإدارته من الجانب الأيسر إلى الجانب الأيمن وذلك في مصلحة الصلاة ثم أخذ بها أيضا لتانيسه لكون ذلك ليلا كما تقدم تقريره في أبواب الصفوف قال بن بطال استنبط البخاري منه أنه لما جاز للمصلي أن يستعين بيده في صلاته فيما يختص بغيره كانت استعانته في أمر نفسه ليتقوى بذلك على صلاته وينشط لها إذا أحتاج إليه أولي وقد تقدم الكلام على بقية فوائد حديث بن عباس في أبواب الوتر

قوله باب ما ينهى من الكلام في الصلاة في رواية الأصيلي والكشميهني ما ينهى عنه وفي الترجمة إشارة إلى ان بعض الكلام لا ينهى عنه كما سيأتي حكاية الخلاف فيه

[ 1141 ] قوله حدثنا بن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير نسب إلى جده ولم يدرك البخاري عبد الله قوله كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة في رواية أبي وائل كنا نسلم في الصلاة ونامر بحاجتنا وفي رواية أبي الأحوص خرجت في حاجة ونحن يسلم بعضنا على بعض في الصلاة وسيأتي للمصنف بعد باب نحوه في حديث التشهد قوله النجاشي بفتح النون وحكى كسرها وسيأتي تسميته والإشارة إلى شيء من أمره في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى فائده روى بن أبي شيبة من مرسل أبن سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على بن مسعود في هذه القصه السلام بالإشارة وقد بوب المصنف لمسأله الإشارة في الصلاة بترجمه مفرده وستاتي في أواخر سجود السهو قريبا قوله فلم يرد علينا زاد مسلم في رواية بن فضيل قلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا وكذا في رواية أبي عوانة التي في الهجرة قوله أن في الصلاة شغلا في رواية أحمد عن بن فضيل لشغلا بزيادة اللام للتاكيد والتنكير فيه للتنويع أي بقراءه القرآن والذكر والدعاء أو للتعظيم أي شغلا وأي شغل لأنها مناجاه مع الله تستدعي الاستغراق بخدمته فلا يصلح فيها الاشتغال بغيره وقال النووي معناه أن وظيفة المصلي الاشتغال بصلاته وتدبر ما يقوله فلا ينبغي أن يعرج على غيرها من رد السلام ونحوه زاد في رواية أبي وائل أن الله يحدث من أمره ما يشاء وأن الله قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة وزاد في رواية كلثوم الخزاعي الا بذكر الله وما ينبغي لكم فقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت قوله هريم بهاء وراء مصغرا والسلولي بفتح المهمله ولامين الأولى خفيفه مضمومه ورجال الإسنادين من الطريقين كلهم كوفيون وسفيان هو الثوري ورواية الأعمش بهذا الإسناد مما عد من أصح الأسانيد قوله نحوه ظاهر في أن لفظ رواية هريم غير متحد مع لفظ رواية بن فضيل وأن معناهما واحد وكذا أخرج مسلم الحديث من الطريقين وقال في رواية هريم أيضا نحوه ولم اقف على سياق لفظ هريم الا عند الجوزقي فإنه ساقه من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري عنه ولم أر بينهما مغايره الا أنه قال قدمنا بدل رجعنا وزاد فقيل له يا رسول الله والباقي سواء وسيأتي في الهجرة من طريق أبي عوانة عن الأعمش أوضح من هذا وللحديث طرق أخرى منها عند أبي داود والنسائي من طريق أبي ليلى عن بن مسعود وعند النسائي من طريق كلثوم الخزاعي عنه وعند بن ماجة والطحاوي من طريق أبي الأحوص عنه وسيأتي التنبيه عليه في باب قوله تعالى كل يوم هو في شان من أواخر كتاب التوحيد

[ 1142 ] قوله عن إسماعيل هو بن أبي خالد والحارث بن شبيل ليس له في البخاري غير هذا الحديث وأبوه بمعجمة وموحدة وآخره لام مصغر وليس لأبي عمرو سعيد بن إياس الشيباني شيخه عن زيد بن أرقم غيره قوله أن كنا لنتكلم بتخفيف النون وهذا حكمه الرفع وكذا قوله أمرنا لقوله فيه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى ولو لم يقيد بذلك لكان ذكر نزول الآية كافيا في كونه مرفوعا قوله يكلم أحدنا صاحبه بحاجته تفسير لقوله نتكلم والذي يظهر إنهم كانوا لا يتكلمون فيها بكل شيء وإنما يقتصرون على الحاجة من رد السلام ونحوه قوله حتى نزلت ظاهر في أن نسخ الكلام في الصلاة وقع بهذه الآية فيقتضي أن النسخ وقع بالمدينة لأن الآية مدنيه باتفاق فيشكل ذلك على قول بن مسعود أن ذلك وقع لما رجعوا من عند النجاشي وكان رجوعهم من عنده إلى مكة وذلك أن بعض المسلمين هاجر إلى الحبشة ثم بلغهم أن المشركين أسلموا فرجعوا إلى مكة فوجدوا الأمر بخلاف ذلك واشتد الأذى عليهم فخرجوا إليها أيضا فكانوا في المرة الثانية أضعاف الأولى وكان بن مسعود مع الفريقين واختلف في مراده بقوله فلما رجعنا هل أراد الرجوع الأول أو الثاني فجنح القاضي أبو الطيب الطبري وآخرون إلى الأول وقالوا كان تحريم الكلام بمكة وحملوا حديث زيد على أنه وقومه لم يبلغهم النسخ وقالوا لا مانع أن يتقدم الحكم ثم تنزل الآية بوفقه وجنح آخرون إلى الترجيح فقالوا يترجح حديث بن مسعود بأنه حكى لفظ النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف زيد بن أرقم فلم يحكه وقال آخرون إنما أراد بن مسعود رجوعه الثاني وقد ورد أنه قدم المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى بدر وفي مستدرك الحاكم من طريق أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن بن مسعود قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ثمانين رجلا فذكر الحديث بطوله وفي آخره فتعجل عبد الله بن مسعود فشهد بدرا وفي السير لابن إسحاق أن المسلمين بالحبشه لما بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة رجع منهم إلى مكة ثلاثة وثلاثون رجلا فمات منهم رجلان بمكة وحبس منهم سبعة وتوجه إلى المدينة أربعة وعشرون رجلا فشهدوا بدرا فعلى هذا كان بن مسعود من هؤلاء فظهر أن اجتماعه بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه كان بالمدينة وإلى هذا الجمع نحا الخطابي ولم يقف من تعقب كلامه على مستنده ويقوى هذا الجمع رواية كلثوم المتقدمه فإنها ظاهرة في أن كلا من بن مسعود وزيد بن أرقم حكى أن الناسخ قوله تعالى وقوموا لله قانتين وأما قول بن حبان كان نسخ الكلام بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين قال ومعنى قول زيد بن أرقم كنا نتكلم أي كان قومي يتكلمون لان قومه كانوا يصلون قبل الهجرة مع مصعب بن عمير الذي كان يعلمهم القرآن فلما نسخ تحريم الكلام بمكة بلغ ذلك أهل المدينة فتركوه فهو متعقب بأن الآية مدنية باتفاق وبان إسلام الأنصار وتوجه مصعب بن عمير إليهم انما كان قبل الهجرة بسنة واحدة وبأن في حديث زيد بن أرقم كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أخرجه الترمذي فانتفى أن يكون المراد الأنصار الذين كانوا يصلون بالمدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وأجاب بن حبان في موضع آخر بان زيد بن أرقم أراد بقوله كنا نتكلم من كان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم بمكة من المسلمين وهو متعقب أيضا بأنهم ما كانوا بمكة يجتمعون الا نادرا وبما روى الطبراني من حديث أبي امامه قال كان الرجل إذا دخل المسجد فوجدهم يصلون سأل الذي إلى جنبه فيخبره بما فاته فيقضي ثم يدخل معهم حتى جاء معاذ يوما فدخل في الصلاة فذكر الحديث وهذا كان بالمدينة قطعا لأن أبا امامه ومعاذ بن جبل إنما اسلما بها قوله حافظوا على الصلوات الآية كذا في رواية كريمة وساق في رواية أبي ذر وأبي الوقت الآية إلى آخرها وانتهت رواية الأصيلي إلى قوله الوسطى وسيأتي الكلام على المراد بالوسطى وبالقنوت في تسفير البقره وحديث زيد بن أرقم ظاهر في أن المراد بالقنوت السكوت قوله فأمرنا بالسكوت أي عن الكلام المتقدم ذكره لا مطلقا فإن الصلاة ليس فيها حال سكوت حقيقة قال بن دقيق العيد ويترجح بما دل عليه لفظ حتى التي للغايه والفاء التي تشعر بتعليل ما سبق عليها لما يأتي بعدها تنبيه زاد مسلم في روايته ونهينا عن الكلام ولم يقع في البخاري وذكرها صاحب العمدة ولم ينبه أحد من شراحها عليها واستدل بهذه الزيادة على أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده إذ لو كان كذلك لم يحتج إلى قوله ونهينا عن الكلام وأجيب بان دلالته على ضده دلالة التزام ومن ثم وقع الخلاف فلعله ذكر لكونه أصرح والله أعلم قال بن دقيق العيد هذا اللفظ أحد ما يستدل به على النسخ وهو تقدم أحد الحكمين على الآخر وليس كقول الراوي هذا منسوخ لأنه يطرقه احتمال أن يكون قاله عن اجتهاد وقيل ليس في هذه القصه نسخ لأن إباحة الكلام في الصلاة كان بالبراءه الاصليه والحكم المزيل لها ليس نسخا وأجيب بان الذي يقع في الصلاة ونحوها مما يمنع أو يباح إذا قرره الشارع كان حكما شرعيا فإذا ورد ما يخالفه كان ناسخا وهو كذلك هنا قال بن دقيق العيد وقوله نهينا عن الكلام يقتضي أن كل شيء يسمى كلاما فهو منهي عنه حملا للفظ على عمومه ويحتمل أن تكون اللام للعهد الراجع إلى قوله يكلم الرجل منا صاحبه بحاجته وقوله فأمرنا بالسكوت أي عما كانوا يفعلونه من ذلك تكميل اجمعوا على أن الكلام في الصلاة من عالم بالتحريم عامد لغير مصلحتها أو انقاذ مسلم مبطل لها واختلفوا في الساهي والجاهل فلا يبطلها القليل منه عند الجمهور وابطلها الحنفية مطلقا كما سيأتي في الكلام على حديث ذي اليدين في السهو واختلفوا في أشياء أيضا كمن جرى على لسانه بغير قصد أو تعمد إصلاح الصلاة لسهو دخل على امامه أو لانقاذ مسلم لئلا يقع في مهلكه أو فتح على امامه أو سبح لمن مر به أو رد السلام أو أجاب دعوة أحد والديه أو أكره على الكلام أو تقرب بقربة كاعتقت عبدي لله ففي جميع ذلك خلاف محل بسطه كتب الفقه وستاتي الإشارة إلى بعضه حيث يحتاج إليه قال بن المنير في الحاشيه الفرق بين قليل الفعل للعامد فلا يبطل وبين قليل الكلام أن الفعل لا تخلو منه الصلاة غالبا لمصلحتها وتخلو من الكلام الأجنبي غالبا مطردا والله أعلم

قوله باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة قال بن رشيد أراد الحاق التسبيح بالحمد بجامع الذكر لأن الذي في الحديث الذي ساقه ذكر التحميد دون التسبيح قلت بل الحديث مشتمل عليهما لكنه ساقه هنا مختصرا وقد تقدم في باب من دخل ليؤم الناس من أبواب الامامه من طريق مالك عن أبي حازم وفيه فرفع أبو بكر يديه فحمد الله تعالى وفي آخره من نابه شيء في صلاته فليسبح وسيأتي في أواخر أبواب السهو عن قتيبة عن عبد العزيز بن أبي حازم وفيه هذا قوله للرجال قال بن رشيد قيده بالرجال لأن ذلك عنده لا يشرع للنساء وقد أشعر بذلك تبويبه بعد حيث قال باب التصفيق للنساء ووجهه أن دلالة العموم لفظيه وضعيه ودلالة المفهوم من لوازم اللفظ عند الأكثرين وقد قال في الحديث التسبيح للرجال والتصفيق للنساء فكأنه قال لا تسبيح الا للرجال ولا تصفيق الا للنساء وكأنه قدم المفهوم على العموم للعمل بالدليلين لأن في أعمال العموم ابطالا للمفهوم ولا يقال أن قوله للرجال من باب اللقب لأنا نقول بل هو من باب الصفة لأنه في معنى الذكور البالغين انتهى وقد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في الباب المذكور وفيه من الفوائد مما تقدم بعضها مبسوطا جواز تأخير الصلاة عن أول الوقت وأن المبادرة إليها أولي من انتظار الإمام الراتب وأنه لا ينبغي التقدم على الجماعة الا برضا منهم يؤخذ ذلك من قول أبي بكر أن شئتم مع علمه بأنه أفضل الحاضرين وأن الالتفات في الصلاة لا يقطعها وأن من سبح أو حمد لأمر ينوبه لا يقطع صلاته ولو قصد بذلك تنبيه غيره خلافا لمن قال بالبطلان وقوله

[ 1143 ] فيه فقال سهل أي بن سعد راوي الحديث هل تدرون ما التصفيح هو التصفيق وهذه حجة لمن قال إنهما بمعنى واحد وبه صرح الخطابي وأبو علي القالي والجوهرى وغيرهم وادعى بن حزم نفي الخلاف في ذلك وتعقب بما حكاه عياض في الإكمال أنه بالحاء الضرب بظاهر إحدى اليدين على الأخرى وبالقاف بباطنها على باطن الأخرى وقيل بالحاء الضرب بأصبعين للانذار والتنبيه وبالقاف بجميعها للهو واللعب وأغرب الداودي فزعم أن الصحابة ضربوا بأكفهم على أفخاذهم قال عياض كأنه أخذه من حديث معاوية بن الحكم الذي أخرجه مسلم ففيه فجعلوا يضربون بأيديهم على افخاذهم

قوله باب من سمي قوما أو سلم في الصلاة على غيره وهو لا يعلم كذا للأكثر وزاد في رواية كريمة بعد على غيره مواجهة وحكى بن رشيد أن في رواية أبي ذر عن الحموي إسقاط الهاء من غيره واضافة مواجهة قال ويحتمل أن يكون بتنوين غير وفتح الجيم من مواجهة وبالنصب فيوافق المعنى الأول ويحتمل أن يكون بتاء التانيث فيكون المعنى لا تبطل الصلاة إذا سلم على غير مواجهة ومفهومه أنه إذا كان مواجهة تبطل قال وكان مقصود البخاري بهذه الترجمة أن شيئا من ذلك لا يبطل الصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بالإعادة وإنما علمهم ما يستقبلون لكن يرد عليه أنه لا يستوي حال الجاهل قبل وجود الحكم مع حالة بعد ثبوته ويبعد أن يكون الذين صدر منهم الفعل كان عن غير علم بل الظاهر أن ذلك كان عندهم شرعا مقررا فورد النسخ عليه فيقع الفرق انتهى وليس في الترجمة تصريح بجواز ولا بطلان وكأنه ترك ذلك لاشتباه الأمر فيه وقد تقدم الكلام على فوائد حديث الباب في أواخر صفة الصلاة وقوله في هذا السياق وسمي ناسا بأعيانهم ويفسره قوله في السياق المتقدم السلام على جبريل السلام على ميكائيل الخ وقوله يسلم بعضنا على بعض ظاهر فيما ترجم له والله تعالى أعلم

قوله باب التصفيق للنساء تقدم الكلام عليه قبل باب وسفيان في الإسناد الأول هو بن عيينة وفي الثاني هو الثوري ويحيى شيخ البخاري هو أبن جعفر وكان منع النساء من التسبيح لأنها مأموره بخفض صوتها في الصلاة مطلقا لما يخشى من الافتتان ومنع الرجال من التصفيق لأنه من شأن النساء وعن مالك وغيره في قوله التصفيق للنساء أي هو من شأنهن في غير الصلاة وهو على جهة الذم له ولا ينبغي فعله في الصلاة لرجل ولا امرأة وتعقب برواية حماد بن زيد عن أبي حازم في الأحكام بصيغة الأمر فليسبح الرجال وليصفق النساء فهذا نص يدفع ما تأوله أهل هذه المقالة قال القرطبي القول بمشروعية التصفيق للنساء هو الصحيح خبرا ونظرا

قوله باب من رجع القهقرى في الصلاة أو تقدم بأمر ينزل به رواه سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلى حديثه الماضي قريبا ففيه فرفع أبو بكر يديه فحمد الله ثم رجع القهقرى وأما قوله أو تقدم فهو ماخوذ من الحديث أيضا وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في الصف الأول خلف أبي بكر على إرادة الائتمام به فامتنع أبو بكر من ذلك فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم ورجع أبو بكر من موقف الإمام إلى موقف الماموم ويحتمل أن يكون المراد بحديث سهل ما تقدم في الجمعة من صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر ونزوله القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم تقدم حتى عاد إلى مقامه والله أعلم واستدل به على جواز العمل في الصلاة إذا كان يسيرا ولم يحصل فيه التوالي

[ 1147 ] قوله حدثنا بشر بن محمد هو المروزي وعبد الله هو بن المبارك ويونس هو بن يزيد قوله قال يونس قال الزهري أي قال قال يونس وهي تحذف خطا في الاصطلاح لا نطقا قوله ففجاهم قال بن التين كذا وقع في الأصل بالألف وحقه أن يكتب بالياء لأن عينه مكسوره كوطئهم انتهى وبقية فوائد المتن تقدمت في باب أهل العلم والفضل أحق بالامامه من أبواب الامامه ويأتي الكلام عليه مستوفي في أواخر المغازي إن شاء الله تعالى

قوله باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة أي هل يجب اجابتها أم لا وإذا وجبت هل تبطل الصلاة أو لا في المسالتين خلاف ولذلك حذف المصنف جواب الشرط

[ 1148 ] قوله وقال الليث وصله الإسماعيلي من طريق عاصم بن علي أحد شيوخ البخاري عن الليث مطولا وجعفر هو بن ربيعة المصري وجريج بجيمين مصغر وقوله في وجه المياميس في رواية أبي ذر وجوه بصيغة الجمع والمياميس جمع مومسه بكسر الميم وهي الزانيه قال بن الجوزي اثبات الياء فيه غلط والصواب حذفها وخرج على اشباع الكسره وحكى غيره جوازه قال بن بطال سبب دعاء أم جريج على ولدها أن الكلام في الصلاة كان في شرعهم مباحا فلم آثر استمراره في صلاته ومناجاته على اجابتها دعت عليه لتأخيره حقها انتهى والذي يظهر من ترديده في قوله أمي وصلاتي أن الكلام عنده يقطع الصلاة فلذلك لم يجبها وقد روى الحسن بن سفيان وغيره من طريق الليث عن يزيد بن حوشب عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو كان جريج عالما لعلم أن اجابته أمه أولي من عبادة ربه ويزيد هذا مجهول وحوشب بمهمله ثم معجمه وزن جعفر ووهم الدمياطي فزعم أنه ذو ظليم والصواب أنه غيره لأن ذا ظليم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا وقع التصريح بسماعه وقوله فيه يا بابوس بموحدتين بينهما ألف ساكنه والثانيه مضمومه وآخره مهملة قال القزاز هو الصغير وقال بن بطال الرضيع وهو بوزن جاسوس واختلف هل هو عربي أو معرب وأغرب الداودي الشارح فقال هو اسم ذلك الولد بعينه وفيه نظر وقد قال الشاعر حنت قلوصى إلى بابوسها جزعا وقال الكرماني أن صحت الرواية بتنوين السين تكون كنية له ويكون معناه يا أبا الشدة وسيأتي بقية الكلام عليه في ذكر بني إسرائيل

قوله باب مسح الحصي في الصلاة قال بن رشيد ترجم بالحصى والمتن الذي أورده في التراب لينبه على الحاق الحصي بالتراب في الاقتصار على التسويه مرة وأشار بذلك أيضا إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الحصي كما أخرجه مسلم من طريق وكيع عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير بلفظ المسح في المسجد يعني الحصي قال بن رشيد لما كان في الحديث يعني ولا يدري اهي قول الصحابي أو غيره عدل عنها البخاري إلى ذكر الرواية التي فيها التراب وقال الكرماني ترجم بالحصى لأن الغالب أنه يوجد في التراب فيلزم من تسويته مسح الحصي قلت قد أخرجه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن هشام بلفظ فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة تسوية الحصي أخرجه الترمذي من طريق الأوزاعي عن يحيى بلفظ سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصي في الصلاة فلعل البخاري أشار إلى هذه الرواية أو إلى ما رواه أحمد من حديث حذيفة قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى عن مسح الحصي فقال واحدة أو دع ورواه أصحاب السنن من حديث أبي ذر بلفظ إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصي وقوله إذا قام المراد به الدخول في الصلاة ليوافق حديث الباب فلا يكون منهيا عن المسح قبل الدخول فيها بل الأولى أن يفعل ذلك حتى لا يشتغل باله وهو في الصلاة به تنبيه التقييد بالحصى وبالتراب خرج للغالب لكونه كان الموجود في فرش المساجد إذ ذاك فلا يدل تعليق الحكم به على نفيه عن غيره مما يصلي عليه من الرمل والقذى وغير ذلك

[ 1149 ] قوله حدثنا شيبان هو بن عبد الرحمن ويحيى هو بن أبي كثير قوله عن أبي سلمة هو بن عبد الرحمن وفي رواية الترمذي من طريق الأوزاعي عن يحيى حدثني أبو سلمة ومعيقيب بالمهمله وبالقاف وآخره موحده مصغر هو بن أبي فاطمة الدوسي حليف بني عبد شمس كان من السابقين الأولين وليس له في البخاري الا هذا الحديث الواحد قوله في الرجل أي حكم الرجل وذكر للغالب وإلا فالحكم جار في جميع المكلفين وحكى النووي اتفاق العلماء على كراهة مسح الحصي وغيره في الصلاة وفيه نظر فقد حكى الخطابي في المعالم عن مالك أنه لم ير به بأسا وكان يفعله فكأنه لم يبلغه الخبر وافرط بعض أهل الظاهر فقال أنه حرام إذا زاد على واحدة لظاهر النهي ولم يفرق بين ما إذا توالى أو لا مع أنه لم يقل بوجوب الخشوع والذي يظهر أن علة كراهيته المحافظه على الخشوع أو لئلا يكثر العمل في الصلاة لكن حديث أبي ذر المتقدم يدل على أن العله فيه أن لا يجعل بينه وبين الرحمة التي تواجهه حائلا وروى بن أبي شيبة عن أبي صالح السمان قال إذا سجدت فلا تمسح الحصي فإن كل حصاة تحب أن يسجد عليها فهذا تعليل آخر والله أعلم قوله حيث يسجد أي مكان السجود وهل يتناول العضو الساجد لا يبعد ذلك وقد روى بن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال ما أحب أن لي حمر النعم وإني مسحت مكان جبيني من الحصي وقال عياض كره السلف مسح الجبهة في الصلاة قبل الانصراف قلت وقد تقدم في أواخر صفة الصلاة حكاية استدلال الحميدي لذلك بحديث أبي سعيد في رؤيته الماء والطين في جبهة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن انصرف من صلاة الصبح قوله فواحده بالنصب على إضمار فعل أي فامسح واحدة أو على النعت لمصدر محذوف ويجوز الرفع على إضمار الخبر أي فواحده تكفي أو إضمار المبتدأ أي فالمشروع واحدة ووقع في رواية الترمذي أن كنت فاعلا فمره واحدة

قوله باب بسط الثوب في الصلاة للسجود هذه الترجمة من جملة العمل اليسير في الصلاة أيضا وهو أن يتعمد إلقاء الثوب على الأرض ليسجد عليه وقد تقدم الكلام عليه في أوائل الصلاة وتقدم الخلاف في ذلك وتفرقه من فرق بين الثوب الذي هو لابسه أو غير لابسه

[ 1150 ] قوله حدثنا بشر هو بن المفضل وغالب هو القطان كما وقع في رواية أبي ذر

قوله باب ما يجوز من العمل في الصلاة أي غير ما تقدم أورد فيه حديث عائشة في نومها في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وغمزه لها إذا سجد وقد تقدم الكلام عليه في باب الصلاة على الفراش في أوائل الصلاة

[ 1152 ] قوله حدثنا محمود هو بن غيلان وشبابة بمعجمة وموحدتين الأولى خفيفه قوله أن الشيطان عرض تقدم في باب ربط الغريم في المسجد من أبواب المساجد من وجه آخر عن شعبة بلفظ أن عفريتا من الجن تفلت علي وهو ظاهر في أن المراد بالشيطان في هذه الرواية غير إبليس كبير الشياطين قوله فشد على بالمعجمه أي حمل قوله ليقطع في رواية الحموي والمستملي بحذف اللام قوله فذعته يأتي ضبطه بعد قوله فتنظروا في رواية الحموي والمستملي أو تنظروا إليه بالشك وقد تقدم بعض الكلام على هذا الحديث في الباب المذكور ويأتي الكلام على بقيته في أول بدء الخلق إن شاء الله تعالى قوله قال النضر بن شميل فذعته بالذال يعني المعجمه وتخفيف العين المهمله أي خنقته وأما فدعته بالمهملة وتشديد العين فمن قوله تعالى يوم يدعون إلى نار جهنم أي يدفعون والصواب الأول الا أنه يعني شعبة كذا قاله بتشديد العين انتهى وهذا الكلام وقع في رواية كريمة عن الكشميهني وقد أخرجه مسلم من طريق النضر بن شميل بدون هذه الزيادة وهي في كتاب غريب الحديث للنضر وهو في مروياتنا من طريق أبي داود المصاحفي عن النضر كما بينته في تعليق التعليق

قوله باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة أي ماذا يصنع قوله وقال قتادة الخ وصله عبد الرزاق عن معمر عنه بمعناه وزاد فيرى صبيا على بئر فيتخوف أن يسقط فيها قال ينصرف له

[ 1153 ] قوله كنا بالأهواز بفتح الهمزه وسكون الهاء هي بلده معروفه بين البصرة وفارس فتحت في خلافة عمر قال في المحكم ليس له واحدة من لفظه قال أبو عبيد البكري هي بلد يجمعها سبع كور فذكرها قال بن خرداذبه هي بلاد واسعه متصله بالجبل واصبهان قوله الحروريه بمهملات أي الخوارج وكان الذي يقاتلهم إذ ذاك المهلب بن أبي صفره كما في رواية عمرو بن مرزوق عن شعبة عند الإسماعيلي وذكر محمد بن قدامة الجوهري في كتابه أخبار الخوارج أن ذلك كان في سنة خمس وستين من الهجرة وكان الخوارج قد حاصروا أهل البصرة مع نافع بن الأزرق حتى قتل وقتل من أمراء البصرة جماعة إلى أن ولي عبد الله بن الزبير الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي على البصرة وولي المهلب بن أبي صفرة على قتال الخوارج وكذا ذكر المبرد في الكامل نحوه وهو يعكر على من ارخ وفاة أبي برزه سنة أربع وستين أو قبلها قوله على جرف نهر هو بضم الجيم والراء بعدها فاء وقد تسكن الراء وهو المكان الذي أكله السيل وللكشميهني بفتح المهمله وسكون الراء أي جانبه ووقع في رواية حماد بن زيد عن الأزرق في الأدب كنا على شاطئ نهر قد نضب عنه الماء أي زال وهو يقوي رواية الكشميهني وفي رواية مهدي بن ميمون عن الأزرق عن محمد بن قدامة كنت في ظل قصر مهران بالأهواز على شاطيء دجيل وعرف بهذا تسمية النهر المذكور وهو بالجيم مصغر قوله إذا رجل في رواية الحموي والكشميهني إذ جاء رجل قوله قال شعبة هو أبو برزة الأسلمي أي الرجل المصلي وظاهره أن الأزرق لم يسمه لشعبة ولكن رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة فقال في آخره فإذا هو أبو برزة الأسلمي وفي رواية عمرو بن مرزوق عند الإسماعيلي فجاء أبو برزة وفي رواية حماد في الأدب فجاء أبو برزة الأسلمي على فرس فصلى وخلاها فانطلقت فاتبعها ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الأزرق بن قيس أن أبا برزة الأسلمي مشى إلى دابته وهو في الصلاة الحديث وبين مهدي بن ميمون في روايته أن تلك الصلاة كانت صلاة العصر وفي رواية عمرو بن مرزوق عند الإسماعيلي فمضت الدابة في قبلته فانطلق فأخذها ثم رجع القهقرى قوله فجعل رجل من الخوارج يقول اللهم أفعل بهذا الشيخ في رواية الطيالسي فإذا بشيخ يصلي قد عمد إلى عنان دابته فجعله في يده فنكصت الدابة فنكص معها ومعنا رجل من الخوارج فجعل يسبه وفي رواية مهدي أنه قال الا ترى إلى هذا الحمار وفي رواية حماد فقال انظروا إلى هذا الشيخ ترك صلاته من أجل فرس قوله أو ثمانيا كذا للكشميهني وفي رواية غيره أو ثماني بغير ألف ولا تنوين وقال بن مالك في شرح التسهيل الأصل أو ثماني غزوات فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه على حاله وقد رواه عمرو بن مرزوق بلفظ سبع غزوات بغير شك قوله وشهدت تيسيره كذا في جميع الأصول وفي جميع الطرق من التيسير وحكى بن التين عن الداودي أنه وقع عنده وشهدت تستر بضم المثناة وسكون المهملة وفتح المثناة وقال معنى شهدت تستر أي فتحها وكان في زمن عمر انتهى ولم أر ذلك في شيء من الأصول ومقتضاه أن لا يبقى في القصه شائبة رفع بخلاف الرواية المحفوظه فإن فيها إشارة إلى أن ذلك كان من شان النبي صلى الله عليه وسلم تجويز مثله وزاد عمرو بن مرزوق في آخره قال فقلت للرجل ما أرى الله الا مخزيك شتمت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية مهدي بن ميمون فقلت اسكت فعل الله بك هل تدري من هذا هو أبو برزه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم اقف في شيء من الطرق على تسمية الرجل المذكور وفي هذا الحديث من الفوائد جواز حكاية الرجل مناقبه إذا أحتاج إلى ذلك ولم يكن في سياق الفخر وأشار أبو برزه بقوله ورأيت تيسيره إلى الرد على من شدد عليه في أن يترك دابته تذهب ولا يقطع صلاته وفيه حجة للفقهاء في قولهم أن كل شيء يخشى اتلافه من متاع وغيره يجوز قطع الصلاة لأجله وقوله مألفها يعني الموضع الذي الفته واعتادته وهذا بناء على غالب أمرها ومن الجائز أن لا ترجع إلى مالفها بل تتوجه إلى حيث لا يدري بمكانها فيكون فيه تضيع المال المنهي عنه تنبيه ظاهر سياق هذه القصه أن أبا برزه لم يقطع صلاته ويؤيده قوله في رواية عمرو بن مرزوق فأخذها ثم رجع القهقرى فإنه لو كان قطعها ما بالى أن يرجع مستدير القبلة وفي رجوعه القهقرى ما يشعر بان مشيه إلى قصدها ما كان كثيرا وهو مطابق لثاني حديثي الباب لأنه يدل أنه صلى الله عليه وسلم تاخر في صلاته وتقدم ولم يقطعها فهو عمل يسير ومشى قليل فليس فيه استدبار القبلة فلا يضر وفي مصنف بن أبي شيبة سئل الحسن عن رجل صلى فأشفق أن تذهب دابته قال ينصرف قيل له افيتم قال إذا ولى ظهره القبلة استانف وقد أجمع الفقهاء على أن المشي الكثير في الصلاة المفروضه يبطلها فيحمل حديث أبي برزه على القليل كما قررناه وقد تقدم أن في بعض طرقه أن الصلاة المذكورة كانت العصر قوله وإني أن كنت أن ارجع مع دابتي أحب إلي من أن ادعها قال السهيلي إني وما بعدها اسم مبتدأ وأن ارجع اسم مبدل من الاسم الأول وأحب خبر عن الثاني وخبر كان محذوف أي إني أن كنت راجعا أحب إلي وقال غيره أن كنت بفتح الهمزه وحذفت اللام وهي مع كنت بتقدير كوني وفي موضع البدل من الضمير في إني وأن الثانية بالفتح أيضا مصدريه ووقع في رواية حماد فقال أن منزلي متراخ أي متباعد فلو صليت وتركته أي الفرس لم آت أهلي إلى الليل أي لبعد المكان قوله أخبرنا عبد الله هو بن المبارك ويونس هو بن يزيد وقد تقدم ما يتعلق بالكسوف من هذا الحديث من طريق عقيل وغيره عن الزهري مستوفى وقوله

[ 1154 ] فلما قضى أي فرغ ولم يرد القضاء الذي هو ضد الأداء قوله لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته في رواية بن وهب عن يونس عند مسلم وعدتم وله في حديث جابر عرض على كل شيء تولجونه قوله لقد رأيت كذا للأكثر وللحموى والمستملى لقد رايته ولمسلم حتى لقد رأيتني وهو أوجه قوله أريد أن أخذ قطفا في حديث جابر حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي عنه والقطف بكسر أوله وذكر بن الأثير أن كثيرا يروونه بالفتح والكسر هو الصواب قوله قطفا من الجنة يعني عنقود عنب كما تقدم في الكسوف من حديث أبن عباس قوله حين رايتموني جعلت أتقدم قال الكرماني قال في جهنم حين رايتموني تأخرت لأن التقدم كاد أن يقع بخلاف التاخر فإنه قد وقع كذا قال وقد وقع التصريح بوقوع التقدم والتاخر جميعا في حديث جابر عند مسلم ولفظه لقد جيء بالنار وذلكم حين رايتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها وفيه ثم جيء بالجنة وذلكم حين رايتموني تقدمت حتى قمت في مقامي وقد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في أبواب الكسوف قوله ورأيت فيها عمرو بن لحي باللام والمهملة مصغر وسيأتي شرح حاله في أخبار الجاهلية قوله وهو الذي سيب السوائب جمع سائبه وسيأتي الكلام عليها في تفسير سورة المائدة إن شاء الله تعالى وفي هذا الحديث أن المشي القليل لا يبطل الصلاة وكذا العمل اليسير وأن النار والجنه مخلوقتان موجودتان وغير ذلك من فوائده التي تقدمت مستقصاة في صلاة الكسوف ووجه تعلق الحديث بالترجمه ظاهر من جهة جواز التقدم والتاخر اليسير لأن الذي تنفلت دابته يحتاج في حال امساكها إلى التقدم أو التاخر كما وقع لأبي برزه وقد أشرت إلى ذلك في آخر حديثه وأغرب الكرماني فقال وجه تعلقه بها أن فيه مذمه تسييب الدواب مطلقا سواء كان في الصلاة أم لا

قوله باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة وجه التسويه بينهما أنه ربما ظهر من كل منهما حرفان وهما أقل ما يتالف منه الكلام وأشار المصنف إلى أن بعض ذلك يجوز وبعضه لا يجوز فيحتمل أنه يرى التفرقه بين ما إذا حصل من كل منهما كلام مفهوم أم لا أو الفرق ما إذا كان حصول ذلك محققا ففعله يضر وإلا فلا قوله ويذكر عن عبد الله بن عمرو أي بن العاص نفخ النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده في كسوف هذا طرف من حديث أخرجه أحمد وصححه بن خزيمة والطبري وابن حبان من طريق عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام وقمنا معه الحديث بطوله وفيه وجعل ينفخ في الأرض ويبكي وهو ساجد وذلك في الركعة الثانية وإنما ذكره البخاري بصيغة التمريض لأن عطاء بن السائب مختلف في الاحتجاج به وقد اختلط في آخر عمره لكن أخرجه بن خزيمة من رواية سفيان الثوري عنه وهو ممن سمع منه قبل اختلاطه وأبوه وثقه العجلي وابن حيان وليس هو من شرط البخاري ثم أورد البخاري في الباب حديث بن عمر وحديث أنس في النهي عن البزاق في القبلة فأما حديث بن عمر فقوله فيه أن الله قبل أحدكم بكسر القاف وفتح الموحدة أي مواجهه وقد تقدم في باب حك البزاق باليد من المسجد من أبواب المساجد مع الكلام عليه وزاد في هذه الرواية فتغيظ على أهل المسجد ففيه جواز معاتبة المجموع على الأمر الذي ينكر وأن كان الفعل صدر منه من بعضهم لأجل التحذير من معاودة ذلك قوله فلا يبزقن أو قال لا يتنخمن في رواية الإسماعيلي لا يبزقن أحدكم بين يديه قوله فيه وقال بن عمر رضي الله عنهما إذا بزق أحدكم فليبزق على يساره في رواية الكشميهني عن يساره هكذا ذكره موقوفا ولم تتقدم هذه الزيادة من حديث بن عمر لكن وقع عند الإسماعيلي من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل عن حماد بن زيد بلفظ لا يبزقن أحدكم بين يديه ولكن ليبزق خلفه أو عن شماله أو تحت قدمه فساقه كله معطوفا بعضه على بعض وقد بينت رواية البخاري أن المرفوع منه انتهى الى

[ 1156 ] قوله لا يبزقن بين يديه والباقي موقوف وقد اقتصر مسلم وأبو داود وغيرهما على المرفوع منه مع أن هذا الموقوف عن بن عمر قد ثبت مثله من حديث أنس مرفوعا وقد تقدم الكلام على فوائد الحديث في الباب الذي أشرت إليه قبل وفيما بعده قال بن بطال وروى عن مالك كراهة النفخ في الصلاة ولا يقطعها كما يقطعها الكلام وهو قول أبي يوسف وأشهب وأحمد وإسحاق وفي المدونه النفخ منزلة الكلام يقطع الصلاة وعن أبي حنيفة ومحمد أن كان يسمع فهو بمنزلة الكلام وإلا فلا قال والقول الأول أولي وليس في النفخ من النطق بالهمزه والفاء أكثر مما في البصاق من النطق بالتاء والفاء قال وقد اتفقوا على جواز البصاق في الصلاة فدل على جواز النفخ فيها إذ لا فرق بينهما ولذلك ذكره البخاري معه في الترجمة انتهى كلامه ولم يذكر قول الشافعية في ذلك والمصحح عندهم أنه أن ظهر من النفخ أو التنخم أو البكاء أو الأنين أو التاوه أو التنفس أو الضحك أو التنحنح حرفان كان بطلت الصلاة وإلا فلا قال بن دقيق العيد ولقائل أن يقول لا يلزم من كون الحرفين يتالف منهما الكلام أن يكون كل حرفين كلاما وأن لم يكن كذلك فالابطال به لا يكون بالنص بل بالقياس فليراع شرطه في مساواه الفرع للأصل قال والاقرب أن ينظر إلى مواقع الإجماع والخلاف حيث لا يسمى الملفوظ به كلاما فما أجمع على الحاقه بالكلام الحق به وما لا فلا قال ومن ضعيف التعليل قولهم إبطال الصلاة بالنفخ بأنه يشبه الكلام فإنه مردود لثبوت السنة الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم نفخ في الكسوف انتهى وأجيب بان نخفه صلى الله عليه وسلم محمول على أنه لم يظهر منه شيء من الحروف ورد بما ثبت في أبي داود من حديث عبد الله بن عمرو فإن فيه ثم نفخ في آخر سجوده فقال أف أف فصرح بظهور الحرفين وفي الحديث أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال وعرضت على النار فجعلت انفخ خشية أن يغشاكم حرها والنفخ لهذا الغرض لا يقع الا بالقصد إليه فانتفى قول من حمله على الغلبة والزيادة المذكورة من رواية حماد بن سلمة عن عطاء وقد سمع منه قبل الاختلاط في قول يحيى بن معين وأبي داود والطحاوي وغيرهم وأجاب الخطابي بان أف لا تكون كلاما حتى يشدد الفاء قال والنافخ في نفخة لا يخرج الفاء صادقة من مخرجها وتعقبه بن الصلاح بأنه لا يستقيم على قول الشافعية أن الحرفين كلام مبطل افهما أو لم يفهما وأشار البيهقي إلى أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ورد بان الخصائص لا تثبت الا بدليل تنبيهان الأول نقل بن المنذر الإجماع على أن الضحك يبطل الصلاة ولم يقيده بحرف ولا حرفين وكان الفرق بين الضحك والبكاء أن الضحك يهتك حرمة الصلاة بخلاف البكاء ونحوه ومن ثم قال الحنفية وغيرهم أن كان البكاء من أجل الخوف من الله تعالى لا تبطل به الصلاة مطلقا الثاني ورد في كراهة النفخ في الصلاة حديث مرفوع أخرجه الترمذي من حديث أم سلمة قالت رأي النبي صلى الله عليه وسلم غلاما لنا يقال له أفلح إذا سجد نفخ فقال يا أفلح ترب وجهك رواه الترمذي وقال ضعيف الإسناد قلت ولو صح لم يكن فيه حجة على إبطال الصلاة بالنفخ لأنه لم يأمره بإعادة الصلاة وإنما يستفاد من قوله ترب وجهك استحباب السجود على الأرض فهو نحو النهي عن مسح الحصي وفي الباب عن أبي هريرة في الأوسط للطبراني وعن زيد بن ثابت عند البيهقي وعن أنس وبريدة عند البزار واسانيد الجميع ضعيفه جدا وثبت كراهة النفخ عن بن عباس كما رواه بن أبي شيبة والرخصه فيه عن قدامة بن عبد الله أخرجه البيهقي

قوله باب من صفق جاهلا من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته فيه سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلى حديثه الاتي بعد بابين لكنه بلفظ ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم بالتصفيح وسيأتي في آخر باب من أبواب السهو بلفظ التصفيق ومناسبته للترجمة من جهة أنه لم يأمرهم بالإعادة

قوله باب إذا قيل للمصلي تقدم أو أنتظر فانتظر فلا بأس قال الإسماعيلي كأنه ظن المخاطبه للنساء وقعت بذلك وهن في الصلاة وليس كما ظن بل هو شيء قيل لهن قبل أن يدخلن في الصلاة انتهى والجواب عن البخاري أنه لم يصرح بكون ذلك قيل لهن وهن بالصلاة بل مقصوده يحصل بقول ذلك لهن داخل الصلاة أو خارجها والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم وصاهن بنفسه أو بغيره بالانتظار المذكور قبل أن يدخلن في الصلاة ليدخلن فيها على علم ويحصل المقصود من حيث انتظارهن الذي امرن به فإن فيه انتظارهن للرجال ومن لازمه تقدم الرجال عليهن ومحصل مراد البخاري أن الانتظار أن كان شرعيا جاز وإلا فلا قال بن بطال قوله تقدم أي قبل رفيقك وقوله أنتظر أي تأخر عنه واستنبط ذلك من قوله للنساء لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا فيقتضي امتثال ذلك تقدم الرجال عليهن وتأخرن عنهم وفيه من الفقه جواز وقوع فعل الماموم بعد الإمام وجواز سبق المأمومين بعضهم بعضا في الأفعال وجواز التربص في اثناء الصلاة لحق الغير ولغير مقصود الصلاة ويستفاد منه جواز انتظار الإمام في الركوع لمن يدرك الركعة وفي التشهد لمن يدرك الجماعة وفرع بن المنير على أنه قيل ذلك للنساء داخل الصلاة فقال فيه جواز اصغاء المصلي في الصلاة لمن يخاطبه المخاطبه الخفيفه

[ 1157 ] قوله حدثنا محمد بن كثير هو العبدي البصري ولم يخرج البخاري للكوفي ولا للشامي ولا للصغاني شيئا وسفيان هو الثوري وقد تقدم الكلام على المتن في أوائل كتاب الصلاة

قوله باب لا يرد السلام في الصلاة أي باللفظ المتعارف لأنه خطاب ادمي واختلف فيما إذا رده بلفظ الدعاء كان يقول اللهم اجعل على من سلم علي السلام ثم أورد المصنف حديث عبد الله وهو بن مسعود في ذلك وقد تقدم قريبا في باب ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة ثم أورد حديث جابر وهو دال على أن الممتنع الرد باللفظ

[ 1159 ] قوله شنظير بكسر المعجمه وسكون النون بعدها ظاء معجمه مكسوره وهو علم على والد كثير وهو في اللغه السيء الخلق قوله بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة بين مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر أن ذلك كان في غزوة بني المصطلق قوله فلم يرد علي في رواية مسلم المذكورة فقال ليبيده هكذا وفي رواية له أخرى فأشار الى فيحمل قوله في حديث الباب فلم يرد علي أي باللفظ وكان جابرا لم يعرف أولا أن المراد بالإشارة الرد عليه فلذلك قال فوقع في قلبي ما الله أعلم به أي من الحزن وكأنه أبهم ذلك أشعارا بأنه لا يدخل من شدته تحت العبارة قوله وجد بفتح أوله والجيم أي غضب قوله إني ابطات في رواية الكشميهني أن ابطات بنون خفيفه قوله ثم سلمت عليه فرد علي أي بعد أن فرغ من صلاته قوله وقال ما منعني أن أرد عليك أي السلام الا إني كنت أصلي ولمسلم فرجعت وهو يصلي على راحلته ووجهه على غير القبلة وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم كراهة ابتداء السلام على المصلي لكونه ربما شغل بذلك فكره واستدعى منه الرد وهو ممنوع منه وبذلك قال جابر راوي الحديث وكرهه عطاء والشعبي ومالك في رواية بن وهب وقال في المدونه لا يكره وبه قال أحمد والجمهور وقالوا يرد إذا فرغ من الصلاة أو وهو فيها بالإشارة وسيأتي اختلافهم في الإشارة في أواخر أبواب سجود السهو

قوله باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به ذكر فيه حديث سهل بن سعد من رواية عبد العزيز عن أبي حازم وعبد العزيز هذا هو بن أبي حازم

[ 1160 ] قوله وحانت الصلاة الواو فيه حاليه وفي رواية الكشميهني وقد حانت الصلاة قوله أن شئت في رواية الحموي أن شئتم قوله من الصف في رواية الكشميهني في الصف قوله فرفع أبو بكر يده في رواية الكشميهني يديه بالتثنية وهذا موضع الترجمة ويؤخذ منه أن رفع اليدين للدعاء ونحوه في الصلاة لا يبطلها ولو كان في غير موضع الرفع لأنها هيئة استسلام وخضوع وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على ذلك قوله حيث أشرت عليك وفي رواية الكشميهني حيث أشرت إليك وقد تقدم الكلام على فوائده كما أشرت إليه قريبا

قوله باب الخصر في الصلاة بفتح المعجمه وسكون المهملة أي حكم الخصر والمراد وضع اليدين عليه في الصلاة

[ 1161 ] قوله حدثنا حماد هو بن زيد ومحمد هو بن سيرين قوله نهى بضم النون على البناء للمجهول وفاعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في رواية هشام قوله وقال هشام يعني بن حسان وأبو هلال يعني الراسبي عن بن سيرين الخ أما رواية هشام وهو بن حسان فوصلها المؤلف في الباب لكن وقع في رواية أبي ذر عن الحموي والمستملي نهى على البناء للفاعل ولم يسمه وسماه الكشميهني في روايته وقد رواه مسلم والترمذي من طريق أبي أسامة عن هشام بلفظ نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصرا وكذا رواه أبو داود من طريق محمد بن سلمة عن هشام كذلك وبلفظ عن الخصر في الصلاة وأما رواية أبي هلال فوصلها الدارقطني في الأفراد من طريق عمرو بن مرزوق عنه بلفظ عن الاختصار في الصلاة قوله نهى بالضم على البناء للمفعول وفي رواية الكشميهني نهى النبي صلى الله عليه وسلم

[ 1162 ] قوله متخصرا في رواية الكشميهني مخصرا بتشديد الصاد وللنسائي مختصرا بزيادة المثناة وللإسماعيلي من طريق سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد قال قيل لأيوب أن هشاما روى عن محمد عن أبي هريرة قال نهى عن الاختصار في الصلاة فقال إنما قال التخصر وكان سبب إنكار أيوب لفظ الاختصار لكونه يفهم معنى آخر غير التخصر كما سيأتي وقد فسره بن أبي شيبة عن أبي أسامة بالسند المذكور فقال فيه قال بن سيرين هو أن يضع يده على خاصرته وهو يصلي وبذلك جزم أبو داود ونقله الترمذي عن بعض أهل العلم وهذا هو المشهور من تفسيره وحكى الهروي في الغريبين أن المراد بالاختصار قراءة آية أو آيتين من آخر السورة وقيل أن يحذف الطمأنينه وهذان القولان وأن كان أحدهما من الاختصار ممكنا لكن رواية التخصر والخصر تاباهما وقيل الاختصار أن يحذف الآية التي فيها السجده إذا مر بها في قراءته حتى لا يسجد في الصلاة لتلاوتها حكاه الغزالي وحكى الخطابي أن معناه أن يمسك بيده مخصرة أي عصا يتوكا عليها في الصلاة وأنكر هذا بن العربي في شرح الترمذي فأبلغ ويؤيد الأول ما روى أبو داود والنسائي من طريق سعيد بن زياد قال صليت إلى جنب بن عمر فوضعت يدي على خاصرتي فلما صلى قال هذا الصلب في الصلاة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه واختلف في حكمة النهي عن ذلك فقيل لأن إبليس اهبط متخصرا أخرجه بن أبي شيبة من طريق حميد بن هلال موقوفا وقيل لأن اليهود تكثر من فعله فنهى عنه كراهة للتشبه بهم أخرجه المصنف في ذكر بني إسرائيل عن عائشة زاد بن أبي شيبة فيه في الصلاة وفي رواية له لا تشبهوا باليهود وقيل لأنه راحة أهل النار أخرجه بن أبي شيبة أيضا عن مجاهد قال وضع اليد على الحقو استراحة أهل النار وقيل لأنها صفة الراجز حين ينشد رواه سعيد بن منصور من طريق قيس بن عباد بإسناد حسن وقيل لأنه فعل المتكبرين حكاه المهلب وقيل لأنه فعل أهل المصائب حكاه الخطابي وقول عائشة أعلى ما ورد في ذلك ولا منافاة بين الجميع تنبيه وقع في نسخة الصغاني في باب الخصر في الصلاة وروى أنه استراحة أهل النار وما أظن أن قوله روى الخ الا من كلامه لامن كلام البخاري وقد ذكرت من رواه ولله الحمد والله أعلم

قوله باب تفكر الرجل الشيء في الصلاة الشيء بالنصب على المفعوليه والتقييد بالرجل لا مفهوم له لأن بقية المكلفين في حكم ذلك سواء قال المهلب التفكر أمر غالب لا يمكن الاحتراز منه في الصلاة ولا في غيرها لما جعل الله للشيطان من السبيل على الإنسان ولكن يفترق الحال في ذلك فإن كان في أمر الاخره والدين كان أخف مما يكون في أمر الدنيا قوله وقال عمر إني لاجهز جيشي وأنا في الصلاة وصله بن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أبي عثمان النهدي عنه بهذا سواء قال بن التين إنما هذا فيما يقل فيه التفكر كان يقول أجهز فلانا أقدم فلانا أخرج من العدد كذا وكذا فيأتي على ما يريد في أقل شيء من الفكرة فأما أن يتابع التفكر ويكثر حتى لا يدري كم صلى فهذا اللاهي في صلاته فيجب عليه الإعادة انتهى وليس هذا الإطلاق على وجهه وقد جاء عن عمر ما ياباه فروى بن أبي شيبة من طريق عروة بن الزبير قال قال عمر إني لأحسب جزية البحرين وأنا في الصلاة وروى صالح بن أحمد حنبل في كتاب المسائل عن أبيه من طريق همام بن الحارث أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ فلما انصرف قالوا يا أمير المؤمنين انك لم تقرأ فقال إني حدثت نفسي وأنا في الصلاة بعير جهزتها من المدينة حتى دخلت الشام ثم أعاد وأعاد القراءة ومن طريق عياض الأشعري قال صلى عمر المغرب فلم يقرأ فقال له أبو موسى انك لم تقرأ فأقبل على عبد الرحمن بن عوف فقال صدق فأعاد فلما فرغ قال لا صلاة ليست فيها قراءة إنما شغلني عير جهزتها إلى الشام فجعلت أتفكر فيها وهذا يدل على أنه إنما أعاد لترك القراءة لا لكونه كان مستغرقا في الفكرة ويؤيده ما روى الطحاوي من طريق ضمضم بن جوس عن عبد الرحمن بن حنظلة الراهب أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ في الركعة الأولى فلما كانت الثانية قرا بفاتحة الكتاب مرتين فلما فرغ وسلم سجد سجدتي السهو ورجال هذه الآثار ثقات وهي محمولة على أحوال مختلفة والاخير كأنه مذهب لعمر ولهذه المسألة التفات إلى مسألة الخشوع في الصلاة وقد تقدم البحث فيه في مكانه

[ 1163 ] قوله حدثنا روح هو بن عبادة وعمر بن سعيد هو بن أبي حسين المكي وقد تقدم هذا الحديث وشي من فوائده في أواخر صفة الصلاة وهو ظاهر فيما ترجم له لأنه صلى الله عليه وسلم تفكر في أمر التبر المذكور ثم لم يعد الصلاة

[ 1164 ] قوله عن جعفر هو بن ربيعة المصري وقد تقدم الكلام على المتن في أوائل أبواب الأذان مستوفى وشاهد الترجمة قوله حتى لا يدري كم صلى فإنه يدل على أن التفكر لا يقدح في صحة الصلاة ما لم يترك شيئا من أركانها قوله قال أبو سلمة بن عبد الرحمن إذا فعل أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو قاعد وسمعه أبو سلمة من أبي هريرة هذا التعليق طرف من الحديث الذي قبله في رواية أبي سلمة كما سيأتي في خامس ترجمة من أبواب السهو لكنه من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وربما تبادر إلى الذهن من سياق المصنف أن هذه الزيادة من رواية جعفر بن ربيعة عن أبي سلمة وليس كذلك وسيأتي في سادس ترجمه أيضا من طريق الزهري عن أبي سلمة لكن باختصار ذكر الأذان وهو من طريق هذين عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا بخلاف ما يوهمه سياقه هنا وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى هناك

[ 1165 ] قوله قال قال أبو هريرة في رواية الإسماعيلي عن أبي هريرة قوله يقول الناس أكثر أبو هريرة أخرجه البيهقي في المدخل من طريق أبي مصعب عن محمد بن إبراهيم بن دينار عن بن أبي ذئب بلفظ أن الناس قالوا قد أكثر أبو هريرة من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني كنت الزمه لشبع بطني فلقيت رجلا فقلت له بأي سوره فذكر الحديث وقال في آخره أخرجه البخاري عن أبي مصعب انتهى ولم أر هذه الطريق في صحيح البخاري وكان البيهقي تبع أطراف خلف فإنه ذكرها وقد قال بن عساكر لم اجدها ولا ذكرها أبو مسعود انتهى ثم وجدت في مناقب جعفر صدر هذا الحديث لكن قال بعد قوله لشبع بطني حين لا أكل الخمير ولا ألبس الحرير فذكر قصة جعفر بن أبي طالب فلعل البيهقي أراد هذا وكان المقبري وغيره من رواته كان يحدث به تاما تارة ومختصرا أخرى وقد وقع عند الإسماعيلي من طريق بن أبي فديك عن بن أبي ذئب في أول هذا الحديث حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين الحديث وفيه أن الناس قالوا أكثر أبو هريرة فذكره وقوله حفظت الخ تقدم في العلم مع الكلام عليه وتقدم في العلم أيضا من طريق الأعرج عن أبي هريرة أن الناس يقولون أكثر أبو هريرة والله لولا آيتان في كتاب الله تعالى ما حدثت الحديث وسيأتي في أوائل البيوع من طريق سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال إنكم تقولون أن أبا هريرة أكثر الحديث وفيه الإشارة إلى سبب إكثاره وأن المهاجرين والأنصار كانوا يشغلهم المعاش وهذا يدل على أنه كان يقول هذه المقالة إمام ما يريد أن يحدث به مما يدل على صحة اكثاره وعلى السبب في ذلك وعلى سبب استمراره على التحديث قوله فلقيت رجلا لم اقف على تسميته ولا على تسمية السوره وقوله بم بكسر الموحدة بغير ألف لأبي ذر وهو المعروف وللاكثر بإثبات الألف وهو قليل أي بأي شيء قوله البارحه أي أقرب ليلة مضت وفي هذه القصه إشارة إلى سبب اكثار أبي هريرة وشدة إتقانه وضبطه بخلاف غيره وشاهد الترجمة دلالة الحديث على عدم ضبظ ذلك الرجل كأنه اشتغل بغير أمر الصلاة حتى نسي السوره التي قرئت أو دلالته على ضبط أبي هريرة كأنه شغل فكره بأفعال الصلاة حتى ضبطها وأتقنها كذا ذكر الكرماني هذين الاحتمالين وبالاول جزم غيره والله أعلم خاتمة اشتملت أبواب العمل في الصلاة من الأحاديث المرفوعه على اثنين وثلاثين حديثا المعلق من ذلك ستة والبقية موصولة المكرر منها فيها وفيما مضى ثلاثة وعشرون حديثا والبقية خالصة ووافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي برزة في قصة انفلات دابته وحديث عبد الله بن عمرو المعلق في النفخ في السجود وحديث أبي هريرة في التخصر وحديثه في القراءة في العتمة وفيه من الآثار عن الصحابة وغيرهم ستة آثار والله أعلم