أبواب العمرة
 قوله بسم الله الرحمن الرحيم أبواب العمرة باب وجوب العمرة وفضلها سقطت البسملة لأبي ذر وثبتت الترجمة هكذا في روايته عن المستملي وسقط عنده من غيره أبواب العمرة وثبت لأبي نعيم في المستخرج كتاب العمرة وللأصيلي وكريمة باب العمرة وفضلها حسب والعمرة في اللغة الزيارة وقيل أنها مشثقة من عمارة المسجد الحرام وجزم المصنف بوجوب العمرة وهو متابع في ذلك للمشهور عن الشافعي وأحمد وغيرهما من أهل الأثر والمشهور عن المالكية أن العمرة تطوع وهو قول الحنفية واستدلوا بما رواه الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر أتى أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي فقال لا وإن تعتمر خير لك أخرجه الترمذي والحجاج ضعيف وقد روى بن لهيعة عن عطاء عن جابر مرفوعا الحج والعمرة فريضتان أخرجه بن عدي وابن لهيعة ضعيف ولا يثبت في هذا الباب عن جابر شيء بل روى بن الجهم المالكي بإسناد حسن عن جابر ليس مسلم إلا عليه عمرة موقوف على جابر واستدل الأولون بما ذكر في هذا الباب وبقول صبي بن معبد لعمر رأيت الحج والعمرة مكتوبين علي فأهللت بهما فقال له هديت لسنة نبيك أخرجه أبو داود وروى بن خزيمة وغيره في حديث عمر سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام فوقع فيه وإن تحج وتعتمر وإسناده قد أخرجه مسلم لكن لم يسق لفظه وبأحاديث أخر غير ما ذكر وبقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله أي أقيموها وزعم الطحاوي أن معنى قول بن عمر العمرة واجبة أي وجوب كفاية ولا يخفى بعده مع اللفظ الوارد عن بن عمر كما سنذكره وذهب بن عباس وعطاء وأحمد إلى أن العمرة لا تجب على أهل مكة وإن وجبت على غيرهم قوله وقال بن عمر هذا التعليق وصله بن خزيمة والدارقطني والحاكم من طريق بن جريج أخبرني نافع أن بن عمر كان يقول ليس من خلق الله أحد إلا عليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع سبيلا فمن زاد شيئا فهو خير وتطوع وقال سعيد بن أبي عروبة في المناسك عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال الحج والعمرة فريضتان قوله وقال بن عباس هذا التعليق وصله الشافعي وسعيد بن منصور كلاهما عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمعت طاوسا يقول سمعت بن عباس يقول والله أنها لقرينتها في كتاب الله وأتموا الحج والعمرة لله وللحاكم من طريق عطاء عن بن عباس الحج والعمرة فريضتان وإسناده ضعيف والضمير في قوله لقرينتها للفريضة وكان أصل الكلام أن يقول لقرينته لأن المراد الحج

[ 1683 ] قوله عن سمي قال بن عبد البر تفرد سمي بهذا الحديث واحتاج إليه الناس فيه فرواه عنه مالك والسفيانان وغيرهما حتى أن سهيل بن أبي صالح حدث به عن سمي عن أبي صالح فكأن سهيلا لم يسمعه من أبيه وتحقق بذلك تفرد سمي به فهو من غرائب الصحيح قوله العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما أشار بن عبد البر إلى أن المراد تكفير الصغائر دون الكبائر قال وذهب بعض العلماء من عصرنا إلى تعميم ذلك ثم بالغ في الإنكار عليه وقد تقدم التنبيه على الصواب في ذلك أوائل مواقيت الصلاة واستشكل بعضهم كون العمرة كفارة مع أن اجتناب الكبائر يكفر فماذا تكفر العمرة والجواب أن تكفير العمرة مقيد بزمنها وتكفير الاجتناب عام لجميع عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية وأما مناسبة الحديث لأحد شقي الترجمة وهو وجوب العمرة فمشكل بخلاف الشق الآخر وهو فضلها فإنه واضح وكأن المصنف والله أعلم أشار إلى ما ورد في بعض طرق الحديث المذكور وهو ما أخرجه الترمذي وغيره من حديث بن مسعود مرفوعا تابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة فإن ظاهره التسوية بين أصل الحج والعمرة فيوافق قول بن عباس أنها لقرينتها في كتاب الله وأما إذا اتصف الحج بكونه مبرورا فذلك قدر زائد وقد تقدم الكلام على المراد به في أوائل الحج ووقع عند أحمد وغيره من حديث جابر مرفوعا الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة قيل يا رسول الله ما بر الحج قال إطعام الطعام وإفشاء السلام ففي هذا تفسير المراد بالبر في الحج ويستفاد من حديث بن مسعود المذكور المراد بالتكفير المبهم في حديث أبي هريرة وفي حديث الباب دلالة على استحباب الاستكثار من الاعتمار خلافا لقول من قال يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة كالمالكية ولمن قال مرة في الشهر من غيرهم واستدل لهم بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا من سنة إلى سنة وأفعاله على الوجوب أو الندب وتعقب بأن المندوب لم ينحصر في أفعاله فقد كان يترك الشيء وهو يستحب فعله لرفع المشقة عن أمته وقد ندب إلى ذلك بلفظه فثبت الاستحباب من غير تقييد واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبسا بأعمال الحج إلا ما نقل عن الحنفية أنه يكره في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ونقل الأثرم عن أحمد إذا أعتمر فلا بد أن يحلق أو يقصر فلا يعتمر بعد ذلك إلى عشرة أيام ليمكن حلق الرأس فيها قال بن قدامة هذا يدل على كراهة الاعتمار عنده في دون عشرة أيام وقال بن التين قوله العمرة إلى العمرة يحتمل أن تكون إلى بمعنى مع فيكون التقدير العمرة مع العمرة مكفرة لما بينهما وفي الحديث أيضا إشارة إلى جواز الاعتمار قبل الحج وهو من حديث بن مسعود الذي أشرنا إليه عند الترمذي وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي يليه

قوله باب من اعتمر قبل الحج أي هل تجزئه العمرة أم لا

[ 1684 ] قوله حدثنا أحمد بن محمد هو المروزي وعبد الله هو بن المبارك قوله أن عكرمة بن خالد هو المخزومي قوله سأل هذا السياق يقتضي أن هذا الإسناد مرسل لأن بن جريج لم يدرك زمان ساؤل عكرمة لابن عمر ولهذا استظهر البخاري بالتعليق عن بن إسحاق المصرح بالاتصال ثم بالإسناد الآخر عن بن جريج فهو يرفع هذا الاشكال المذكور حيث قال عن بن جريج قال قال عكرمة فإن قيل أن بن جريج ربما دلس فالجواب أن بن خزيمة أخرجه من طريق محمد بن بكر عن بن جريج قال قال عكرمة بن خالد فذكره قوله لا بأس زاد أحمد وابن خزيمة فقال لا بأس على أحد أن يعتمر قبل أن يحج قوله قال عكرمة هو بن خالد بالإسناد المذكور قوله وقال إبراهيم بن سعد الخ وصله أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد بالإسناد المذكور ولفظه حدثنا عكرمة بن خالد بن العاصي المخزومي قال قدمت المدينة في نفر من أهل مكة فلقيت عبد الله بن عمر فقلت إنا لم نحج قط أفنعتمر من المدينة قال نعم وما يمنعكم من ذلك فقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمره كلها قبل حجه قال فاعتمرنا قال بن بطال هذا يدل على أن فرض الحج كان قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل اعتماره ويتفرع عليه هل الحج على الفور أو التراخي وهذا يدل على أنه على التراخي قال وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة دال على ذلك انتهى وقد نوزع في ذلك إذ لا يلزم من صحة تقديم أحد النسكين على الآخر نفي الفورية فيه وقد تقدم في أول الحج ثقل الخلاف في ابتداء فرض الحج وسيأتي الكلام على عدة عمر النبي صلى الله عليه وسلم في الباب الذي يليه ومن الصريح في الترجمة الأثر المذكور في آخر الباب الذي يليه عن مسروق وعطاء ومجاهد قالوا اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج وحديث البراء في ذلك أيضا

قوله باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أورد فيه حديث عائشة وابن عمر في أنه اعتمر أربعا وكذا حديث أنس وختم بحديث البراء أنه اعتمر مرتين والجمع بينه وبين أحاديثهم أنه لم يعد العمرة التي قرنها بحجته لأن حديثه مقيد بكون ذلك وقع في ذي القعدة والتي في حجته كانت في ذي الحجة وكأنه لم يعد أيضا التي صد عنها وإن كانت وقعت في ذي القعدة أو عدها ولم يعد عمرة الجعرانة لخفائها عليه كما خفيت على غيره كما ذكر ذلك محرش الكعبي فيما أخرجه الترمذي وروى يونس بن بكير في زيادات المغازي وعبد الرزاق جميعا عن عمر بن ذر عن مجاهد عن أبي هريرة قال اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر في ذي القعدة وهو موافق لحديث عائشة وابن عمر وزاد عليه تعيين الشهر لكن روى سعيد بن منصور عن الدراوردي عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عمر عمرتين في ذي القعدة وعمرة في شوال إسناده قوي وقد رواه بن مالك عن هشام عن أبيه مرسلا لكن قولها في شوال مغاير لقول غيرها في ذي القعدة ويجمع بينهما بأن يكون ذلك وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة ويؤيده ما رواه بن ماجة بإسناد صحيح عن مجاهد عن عائشة لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة

[ 1685 ] قوله حدثنا جرير هو بن عبد الحميد ومنصور هو بن المعتمر قوله المسجد يعني مسجد المدينة النبوية قوله جالس إلى حجرة عائشة في رواية مفضل عن منصور عن أحمد فإذا بن عمر مستند إلى حجرة عائشة قوله وإذا أناس في رواية الكشميهني فإذا ناس بغير ألف قوله فقال بدعة تقدم الكلام على ذلك والبحث فيه في أبواب التطوع قوله ثم قال له يعني عروة وصرح به مسلم في روايته عن إسحاق بن راهويه عن جرير قوله قال أربع كذا للأكثر ولأبي ذر قال أربعا أي اعتمر أربعا قال بن مالك الأكثر في جواب الاستفهام مطابقة اللفظ والمعنى وقد يكتفى بالمعنى فمن الأول قوله تعالى قال هي عصاي في جواب وما تلك بيمينك يا موسى ومن الثاني قوله عليه الصلاة والسلام أربعين في جواب قولهم كم يلبث فأضمر يلبث ونصب به أربعين ولو قصد تكميل المطابقة لقال أربعون لأن الاسم المستفهم به في موضع الرفع فظهر بهذا أن النصب والرفع جائزان في مثل قوله أربع إلا أن النصب أقيس وأكثر نظائر قوله إحداهن في رجب كذا وقع في رواية منصور عن مجاهد وخالفه أبو إسحاق فرواه عن مجاهد عن بن عمر قال اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم مرتين فبلغ ذلك عائشة فقالت اعتمر أربع عمر أخرجه أحمد وأبو داود فاختلفا جعل منصور الاختلاف في شهر العمرة وأبو إسحاق الاختلاف في عدد الاعتمار ويمكن تعدد السؤال بأن يكون بن عمر سئل أولا عن العدد فأجاب فردت عليه عائشة فرجع إليها فسئل مرة ثانية فأجاب بموافقتها ثم سئل عن الشهر فأجاب بما في ظنه وقد أخرج أحمد من طريق الأعمش عن مجاهد قال سأل عروة بن الزبير بن عمر في أي شهر اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قال في رجب قوله فكرهنا أن نرد عليه زاد إسحاق في روايته ونكذبه قوله وسمعنا استنان عائشة أي حس مرور السواك على أسنانها وفي رواية عطاء عن عروة عند مسلم وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن قوله عمرات يجوز في ميمها الحركات الثلاث قوله يا أماه كذا للأكثر بسكون الهاء ولأبي ذر يا أمه بسكون الهاء أيضا بغير ألف وقول عروة لهذا بالمعنى الأخص لكونها خالته وبالمعنى الأعم لكونها أم المؤمنين قوله يرحم الله أبا عبد الرحمن هو عبد الله بن عمر ذكرته بكنيته تعظيما له ودعت له إشارة إلى أنه نسي وقولها ما اعتمر أي رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلا وهو أي بن عمر شاهده أي حاضر معه وقالت ذلك مبالغة في نسبته إلى النسيان ولم تنكر عائشة على بن عمر إلا قوله إحداهن في رجب قوله وما اعتمر في رجب قط زاد عطاء عن عروة عند مسلم في آخره قال وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت

[ 1686 ] قوله عن عروة بن الزبير سألت عائشة كذا أورد مختصرا وأخرجه مسلم من هذا الوجه مطولا ذكر فيه قصة بن عمر وسؤاله له نحو ما رواه مجاهد إلا أنه لم يقل فيه كم اعتمر وقد أشرت إلى ما فيه من فائدة زائدة وأغرب الإسماعيلي فقال هذا الحديث لا يدخل في باب كم اعتمر وإنما يدخل في باب متى اعتمر اه وجوابه أن غرض البخاري الطريق الأولى وإنما أورد هذه لينبه على الخلاف في السياق

[ 1687 ] قوله وعمرة الجعرانة إذ قسم غنيمة أراه حنين كذا وقع هنا بنصب غنيمة بغير تنوين وكأن الراوي طرأ عليه شك فأدخل بين المضاف والمضاف إليه لفظ أراه وهو بضم الهمزة أي أظنه وقد رواه مسلم عن هدبة عن همام بغير شك فقال حيث قسم غنائم حنين وسقط من رواية حسان هذه العمرة الرابعة ولهذا استظهر المصنف بطريق أبي الوليد التي ذكرها في آخر الحديث وهو

[ 1688 ] قوله وعمرة مع حجته وكذا أخرجه مسلم من طريق عبد الصمد عن هشام فتبين بهذا أن التقصير فيه من حسان شيخ البخاري وقال الكرماني العمرة الرابعة في هذا الحديث داخلة في ضمن الحج لأنه صلى الله عليه وسلم إما أن يكون قارنا أو متمتعا فالعمرة حاصلة أو مفردا لكن أفضل أنواع الأفراد لا بد فيه من العمرة في تلك السنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك الأفضل انتهى وليس ما ادعى أنه الأفضل متفقا عليه بين العلماء فكيف ينسب فعل ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحتج به إذا نسب لأحد فعله على ما يختار بعض المجتهدين رجحانه قوله في رواية أبي الوليد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث ردوه ومن القابل عمرة الحديبية قال بن التين هذا أراه وهما لأن التي ردوه فيها هي عمرة الحديبية وأما التي من قابل فلم يردوه منها قلت لا وهم في ذلك لأن كلا منهما كان من الحديبية ويحتمل أن يكون قوله عمرة الحديبية يتعلق بقوله حيث ردوه قوله حدثنا هدبة حدثنا همام وقال اعتمر أي بالإسناد المذكور وهو عن قتادة أن أنس بن مالك أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته الحديث كذا ساقه مسلم عن هداب بن خالد وهو هدبة المذكور وقوله إلا التي مع حجته استشكل بن التين هذا الاستثناء فقال هو كلام زائد والصواب أربع عمر في ذي القعدة عمرة من الحديبية الحديث قال وقد عد التي مع حجته في الحديث فكيف يستثنيها أولا وأجاب عياض بأن الرواية صواب وكأنه قال في ذي القعدة منها ثلاث والرابعة عمرته في حجته أو المعنى كلها في ذي القعدة إلا التي اعتمر في حجته لأن التي في حجته كانت في ذي الحجة

[ 1689 ] قوله شريح بن مسلمة بمعجمة أوله ومهملة آخره وإبراهيم بن يوسف أي بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ورجال هذا الحديث كلهم كوفيون إلا عطاء ومجاهدا وقد سبق الكلام عليه وتقدم الكلام على الخلاف فيما كان صلى الله عليه وسلم به محرما في حجته والجمع بين ما اختلف فيه من ذلك فأغنى عن إعادته والمشهور عن عائشة أنه كان مفردا وحديثه هذا يشعر بأنه كان قارنا وكذا بن عمر أنكر على أنس كونه كان قارنا مع أن حديثه هذا يدل على أنه كان قارنا لأنه لم ينقل أنه اعتمر بعد حجته فلم يبق إلا أنه اعتمر مع حجته ولم يكن متمتعا لأنه اعتذر عن ذلك بكونه ساق الهدي واحتاج بن بطال إلى تأويل ما وقع عن عائشة وابن عمر هنا فقال إنما تجوز نسبة العمرة الرابعة إليه باعتبار أنه أمر الناس بها وعملت بحضرته لا أنه صلى الله عليه وسلم اعتمرها بنفسه ومن تأمل ما تقدم من الجمع استغنى عن هذا التأويل المتعسف وقال بن التين في عدهم عمرة الحديبية التي صد عنها ما يدل على أنها عمرة تامة وفيه إشارة إلى صحة قول الجمهور إنه لا يجب القضاء على من صد عن البيت خلافا للحنفية ولو كانت عمرة القضية بدلا عن عمرة الحديبية لكانتا واحدة وإنما سميت عمرة القضية والقضاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاضى قريشا فيها لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها إذ لو كان كذلك لكانتا عمرة واحدة وفيه دلالة على جواز الاعتمار في أشهر الحج بخلاف ما كان عليه المشركون وفي هذا الحديث أن الصحابي الجليل المكثر الشديد الملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم قد يخفى عليه بعض أحواله وقد يدخله الوهم والنسيان لكونه غير معصوم وفيه رد بعض العلماء على بعض وحسن الأدب في الرد وحسن التلطف في استكشاف الصواب إذا ظن السامع خطأ المحدث وقال النووي سكوت بن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك وقال القرطبي عدم إنكاره على عائشة يدل على أنه كان على وهم وأنه رجع لقولها وقد تعسف من قال أن بن عمر أراد بقوله اعتمر في رجب عمرة قبل هجرته لأنه وإن كان محتملا لكن قول عائشة ما اعتمر في رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه لكلامه ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها لو كانت قبل الهجرة فما الذي كان يمنعه أن يفصح بمراده فيرجع الإشكال وأيضا فإن قول هذا القائل لأن قريشا كانوا يعتمرون في رجب يحتاج إلى نقل وعلى تقديره فمن أين له أنه صلى الله عليه وسلم وافقهم وهب أنه وافقهم فكيف اقتصر على مرة

قوله باب عمرة في رمضان كذا في جميع النسخ ولم يصرح في الترجمة بفضيلة ولا غيرها ولعله أشار إلى ما روي عن عائشة قالت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت الحديث أخرجه الدارقطني من طريق العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد عن أبيه عنها وقال إن إسناده حسن وقال صاحب الهدي أنه غلط لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قلت ويمكن حمله على أن قولها في رمضان متعلق بقولها خرجت ويكون المراد سفر فتح مكة فإنه كان في رمضان واعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة من الجعرانة لكن في ذي القعدة كما تقدم بيانه قريبا وقد رواه الدارقطني بإسناد آخر إلى العلاء بن زهير فلم يقل في الإسناد عن أبيه ولا قال فيه في رمضان

[ 1690 ] قوله حدثنا يحيى هو القطان وقوله عن عطاء في رواية مسلم عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد عن بن جريج أخبرني عطاء قوله لامرأة من الأنصار سماها بن عباس فنسيت اسمها القائل نسيت اسمها بن جريج بخلاف ما يتبادر إلى الذهن من أن القائل عطاء وإنما قلت ذلك لأن المصنف أخرج الحديث في باب حج النساء من طريق حبيب المعلم عن عطاء فسماها ولفظه لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية ما منعك من الحج الحديث ويحتمل أن عطاء كان ناسيا لاسمها لما حدث به بن جريج وذاكرا له لما حدث به حبيبا وقد خالفه يعقوب بن عطاء فرواه عن أبيه عن بن عباس قال جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت حج أبو طلحة وابنه وتركاني فقال يا أم سليم عمرة في رمضان تعدل حجة معي أخرجه بن حبان وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء أخرجه بن أبي شيبة وتابعهما معقل الجزري لكن خالف في الإسناد قال عن عطاء عن أم سليم فذكر الحديث دون القصة فهؤلاء ثلاثة يبعد أن يتفقوا على الخطأ فلعل حبيبا لم يحفظ اسمها كما ينبغي لكن رواه أحمد بن منيع في مسنده بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن امرأة من الأنصار يقال لها أم سنان أنها أرادت الحج فذكر الحديث نحوه دون ذكر قصة زوجها وقد اختلف في صحابيه على عطاء اختلافا آخر يأتي ذكره في باب حج النساء وقد وقع شبيه بهذه القصة لأم معقل أخرجه النسائي من طريق معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن امرأة من بني أسد يقال لها أم معقل قالت أردت الحج فاعتل بعيري فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اعتمري في شهر رمضان فإن عمرة في رمضان تعدل حجة وقد اختلف في إسناده فرواه مالك عن سمي عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال جاءت امرأة فذكره مرسلا وأبهمها ورواه النسائي أيضا من طريق عمارة بن عمير وغيره عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي معقل ورواه أبو داود من طريق إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن رسول مروان عن أم معقل والذي يظهر لي أنهما قصتان وقعتا لامرأتين فعند أبي داود من طريق عيسى بن معقل عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل قالت لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله وأصابنا مرض فهلك أبو معقل فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجته جئت فقال ما منعك أن تحجي معنا فذكرت ذلك له قال فهلا حججت عليه فإن الحج في سبيل الله فأما إذا فاتك فاعتمري في رمضان فإنها كحجة ووقعت لأم طليق قصة مثل هذه أخرجها أبو علي بن السكن وابن منده في الصحابة والدولابي في الكنى من طريق طلق بن حبيب إن أبا طليق حدثه أن امرأته قالت له وله جمل وناقة أعطني جملك أحج عليه قال جملي حبيس في سبيل الله قالت إنه في سبيل الله أن أحج عليه فذكر الحديث وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت أم طليق وفيه ما يعدل الحج قال عمرة في رمضان وزعم بن عبد البر أن أم معقل هي أم طليق لها كنيتان وفيه نظر لأن أبا معقل مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبا طليق عاش حتى سمع منه طلق بن حبيب وهو من صغار التابعين فدل على تغاير المرأتين ويدل عليه تغاير السياقين أيضا ولا معدل عن تفسير المبهمة في حديث بن عباس بأنها أم سنان أو أم سليم لما في القصة التي في حديث بن عباس من التغاير للقصة التي في حديث غيره ولقوله في حديث بن عباس أنها أنصارية وأما أم معقل فإنها أسدية ووقعت لأم الهيثم أيضا والله أعلم قوله أن تحجي في رواية كريمة والأصيلي أن تحجين بزيادة النون وهي لغة قوله ناضح بضاد معجمة ثم مهملة أي بعير قال بن بطال الناضح البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقى عليه لكن المراد به هنا البعير لتصريحه في رواية بكر بن عبد الله المزني عن بن عباس في رواية أبي داود بكونه جملا وفي رواية حبيب المذكورة وكان لنا ناضحان وهي أبين وفي رواية مسلم من طريق حبيب كانا لأبي فلان زوجها قوله وابنه إن كانت هي أم سنان فيحتمل أن يكون اسم ابنها سنانا وإن كانت هي أم سليم فلم يكن لها يومئذ بن يمكن أن يحج سوى أنس وعلى هذا فنسبته إلى أبي طلحة بكونه ابنه مجازا قوله ننضح عليه بكسر الضاد قوله فإذا كان رمضان بالرفع وكان تامة وفي رواية الكشميهني فإذا كان في رمضان قوله فإن عمرة في رمضان حجة وفي رواية مسلم فإن عمرة فيه تعدل حجة ولعل هذا هو السبب في قول المصنف أو نحوا مما قال قال بن خزيمة في هذا الحديث أن الشيء يشبه الشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها لأن العمرة لا يقضي فيها فرض الحج ولا النذر وقال بن بطال فيه دليل على أن الحج الذي ندبها إليه كان تطوعا لإجماع الأمة على أن العمرة لا تجزئ عن حجة الفريضة وتعقبه بن المنير بأن الحجة المذكورة هي حجة الوداع قال وكانت أول حجة أقيمت في الإسلام فرضا لأن حج أبي بكر كان إنذارا قال فعلى هذا يستحيل أن تكون تلك المرأة كانت قامت بوظيفة الحج قلت وما قاله غير مسلم إذ لا مانع أن تكون حجت مع أبي بكر وسقط عنها الفرض بذلك لكنه بني على أن الحج إنما فرض في السنة العاشرة حتى يسلم مما يرد على مذهبه من القول بأن الحج على الفور وعلى ما قاله بن خزيمة فلا يحتاج إلى شيء مما بحثه بن بطال فالحاصل أنه أعلمها أن العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض للإجماع على أن الإعتمار لا يجزئ عن حج الفرض ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أن معنى الحديث نظير ما جاء أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وقال بن العربي حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها وقال بن الجوزي فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وبخلوص القصد وقال غيره يحتمل أن يكون المراد عمرة فريضة في رمضان كحجة فريضة وعمرة نافلة في رمضان كحجة نافلة وقال بن التين قوله كحجة يحتمل أن يكون على بابه ويحتمل أن يكون لبركة رمضان ويحتمل أن يكون مخصوصا بهذه المرأة قلت الثالث قال به بعض المتقدمين ففي رواية أحمد بن منيع المذكورة قال سعيد بن جبير ولا نعلم هذا إلا لهذه المرأة وحدها ووقع عند أبي داود من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل في آخر حديثها قال فكانت تقول الحج حجة والعمرة عمرة وقد قال هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لي فما أدري إلي خاصة تعني أو للناس عامة انتهى والظاهر حمله على العموم كما تقدم والسبب في التوقف استشكال ظاهره وقد صح جوابه والله أعلم فصل لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا في أشهر الحج كما تقدم وقد ثبت فضل العمرة في رمضان بحديث الباب فأيهما أفضل الذي يظهر أن العمرة في رمضان لغير النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأما في حقه فما صنعه هو أفضل لأن فعله لبيان جواز ما كان أهل الجاهلية يمنعونه فأراد الرد عليهم بالقول والفعل وهو لو كان مكروها لغيره لكان في حقه أفضل والله أعلم وقال صاحب الهدي يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يشتغل في رمضان من العبادة بما هو أهم من العمرة وخشي من المشقة على أمته إذ لو اعتمر في رمضان لبادروا إلى ذلك مع ما هم عليه من المشقة في الجمع بين العمرة والصوم وقد كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته وخوفا من المشقة عليهم

قوله باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها الحصبة بالمهملتين وموحدة وزن الضربة والمراد بها ليلة المبيت بالمحصب وقد سبق الكلام على التحصيب في أواخر أبواب الحج وأورد المصنف في حديث عائشة وفيه فلما كان ليلة الحصبة أرسل معي عبد الرحمن إلى التنعيم قال بن بطال فقه هذا الباب أن الحاج يجوز له أن يعتمر إذا تم حجه بعد انقضاء أيام التشريق وليلة الحصبة هي ليلة النفر الأخير لأنها آخر أيام الرمي واختلف السلف في العمرة أيام الحج فروى عبد الرزاق بإسناده عن مجاهد قال سئل عمر وعلي وعائشة عن العمرة ليلة الحصبة فقال عمر هي خير من لا شيء وقال علي نحوه وقالت عائشة العمرة على قدر النفقة انتهى وأشارت بذلك إلى أن الخروج لقصد العمرة من البلد إلى مكة أفضل من الخروج من مكة إلى أدنى الحل وسيأتي تقرير ذلك بعد بابين وسيأتي الكلام على الحديث بعد باب ومحمد شيخ البخاري فيه هو بن سلام

قوله باب عمرة التنعيم يعني هل تتعين لمن كان بمكة أم لا وإذا لم تتعين هل لها فضل على الاعتمار من غيرها من جهات الحل أو لا قال صاحب الهدي لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر مدة إقامته بمكة قبل الهجرة ولا اعتمر بعد الهجرة إلا داخلا إلى مكة ولم يعتمر قط خارجا من مكة إلى الحل ثم يدخل مكة بعمرة كما يفعل الناس اليوم ولا ثبت عن أحد من الصحابة أنه فعل ذلك في حياته إلا عائشة وحدها انتهى وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته واختلف السلف في جواز الاعتمار في السنة أكثر من مرة فكرهه مالك وخالفه مطرف وطائفة من أتباعه وهو قول الجمهور واستثنى أبو حنيفة يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ووافقه أبو يوسف إلا في يوم عرفة واستثنى الشافعي البائت بمنى لرمي أيام التشريق وفيه وجه اختاره بعض الشافعية فقال بالجواز مطلقا كقول الجمهور والله أعلم واختلفوا أيضا هل يتعين التنعيم لمن اعتمر من مكة فروى الفاكهي وغيره من طريق محمد بن سيرين قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل مكة التنعيم ومن طريق عطاء قال من أراد العمرة ممن هو من أهل مكة أو غيرها فليخرج إلى التنعيم أو إلى الجعرانة فليحرم منها وأفضل ذلك أن يأتي وقتا أي ميقاتا من مواقيت الحج قال الطحاوي ذهب قوم إلى أنه لا ميقات للعمرة لمن كان بمكة إلا التنعيم ولا ينبغي مجاوزته كما لا ينبغي مجاوزة المواقيت التي للحج وخالفهم آخرون فقالوا ميقات العمرة الحل وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بالاحرام من التنعيم لأنه كان أقرب الحل من مكة ثم روي من طريق بن أبي مليكة عن عائشة في حديثها قالت وكان أدنانا من الحرم التنعيم فاعتمرت منه قال فثبت بذلك أن ميقات مكة للعمرة الحل وأن التنعيم وغيره في ذلك سواء

[ 1692 ] قوله عن عمرو هو بن دينار قوله سمع عمرو بن أوس يعني أنه سمع ولفظ أنه مما يحذف من الإسناد خطأ في الغالب كما تحذف إحدى لفظتي قال وقد بين سفيان سماعه له من عمرو بن دينار في آخره ووقع عند الحميدي عن سفيان حدثنا عمرو بن دينار قال سفيان هذا مما يعجب شعبة يعني التصريح بالإخبار في جميع الإسناد قوله ويعمرها من التنعيم معطوف على قوله أمره أن يردف وهذا يدل على أن إعمارها من التنعيم كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصرح منه ما أخرجه أبو داود من طريق حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا عبد الرحمن أردف أختك عائشة فأعمرها من التنعيم الحديث ونحوه رواية مالك السابقة في أوائل الحج عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن إلى التنعيم ورواية الأسود عن عائشة السابقة في أواخر الحج قال فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم وسيأتي بعد باب من وجه آخر عن الأسود والقاسم جميعا عنها بلفظ فاخرجي إلى التنعيم وهو صريح بأن ذلك كان عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم وكل ذلك يفسر قوله في رواية القاسم عنها السابقة في أوائل الحج حيث أورده بلفظ أخرج بأختك من الحرم وأما ما رواه أحمد من طريق بن أبي مليكة عنها في هذا الحديث قال ثم أرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فقال احملها خلفك حتى تخرج من الحرم فوالله ما قال فتخرجها إلى الجعرانة ولا إلى التنعيم فهي رواية ضعيفة لضعف أبي عامر الخراز الراوي له عن بن أبي مليكة ويحتمل أن يكون قوله فوالله الخ من كلام من دون عائشة قاله متمسكا بإطلاق قوله فأخرجها من الحرم لكن الروايات المقيدة بالتنعيم مقدمة على المطلقة فهو أولى ولا سيما مع صحة أسانيدها والله أعلم فائدة زاد أبو داود في روايته بعد قوله إلى التنعيم فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم فإنها عمرة متقبلة وزاد أحمد في رواية له وذلك ليلة الصدر وهو بفتح المهملة والدال أي الرجوع من منى وفي قوله فإذا هبطت بها إشارة إلى المكان الذي أحرمت منه عائشة والتنعيم بفتح المثناة وسكون النون وكسر المهملة مكان معروف خارج مكة وهو على أربعة أميال من مكة إلى جهة المدينة كما نقله الفاكهي وقال المحب الطبري التنعيم أبعد من أدنى الحل إلى مكة بقليل وليس بطرف الحل بل بينهما نحو من ميل ومن أطلق عليه أدنى الحل فقد تجوز قلت أو أراد بالنسبة إلى بقية الجهات وروى الفاكهي من طريق عبيد بن عمير قال إنما سمي التنعيم لأن الجبل الذي عن يمين الداخل يقال له ناعم والذي عن اليسار يقال له منعم والوادي نعمان وروى الأزرقي من طريق بن جريج قال رأيت عطاء يصف الموضع الذي اعتمرت منه عائشة قال فأشار إلى الموضع الذي ابتنى فيه محمد بن علي بن شافع المسجد الذي وراء الأكمة وهو المسجد الخرب ونقل الفاكهي عن بن جريج وغيره أن ثم مسجدين يزعم أهل مكة أن الخرب الأدنى من الحرم هو الذي اعتمرت منه عائشة وقيل هو المسجد الأبعد على الأكمة الحمراء ورجحه المحب الطبري وقال الفاكهي لا أعلم إلا أني سمعت بن أبي عمر يذكر عن أشياخه أن الأول هو الصحيح عندهم وفي هذا الحديث جواز الخلوة بالمحارم سفرا وحضرا وإرداف المحرم محرمه معه واستدل به على تعين الخروج إلى الحل لمن أراد العمرة ممن كان بمكة وهو أحد قولي العلماء والثاني تصح العمرة ويجب عليه دم لترك الميقات وليس في حديث الباب ما يدفع ذلك واستدل به على أن أفضل جهات الحل التنعيم ويعقب بأن إحرام عائشة من التنعيم إنما وقع لكونه أقرب جهة الحل إلى الحرام لا أنه الأفضل وسيأتي إيضاح هذا في باب أجر العمرة على قدر التعب

[ 1693 ] قوله عن عطاء هو بن أبي رباح قوله وليس مع أحد منهم هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة هذا مخالف لما رواه أحمد ومسلم وغيرهما من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن الهدي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسار وسيأتي بعد بابين للمصنف من طريق أفلح عن القاسم بلفظ ورجال من أصحابه ذوي قوة ويجمع بينهما بأن كلا منهما ذكر من اطلع عليه وقد روى مسلم أيضا من طريق مسلم القرى وهو بضم القاف وتشديد الراء عن بن عباس في هذا الحديث وكان طلحة ممن ساق الهدي فلم يحل وهذا شاهد لحديث جابر في ذكر طلحة في ذلك وشاهد لحديث عائشة في أن طلحة لم ينفرد بذلك وداخل في قولها وذوي اليسار ولمسلم من حديث أسماء بنت أبي بكر أن الزبير كان ممن كان معه الهدي قوله وكان على قدم من اليمن في رواية بن جريج عن عطاء عند مسلم من سعايته وسيأتي بيان ذلك في أواخر المغازي قوله بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية بن جريج عن عطاء عن جابر وعن أبي جريج عن طاوس عن بن عباس في هذا الحديث عند المصنف في الشركة فقال أحدهما يقول لبيك بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الآخر يقول لبيك بحجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يقيم على إحرامه وأشركه في الهدي وقد تقدم بيان ذلك في باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم في أوائل الحج قوله وأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لأصحابه أن يجعلوها عمرة زاد بن جريج عن عطاء فيه وأصيبوا النساء قال عطاء ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم يعني إتيان النساء لأن من لازم الإحلال إباحة إتيان النساء وقد تقدم شرح ذلك في آخر باب التمتع والقرآن قوله وأن عائشة حاضت في رواية عائشة نفسها كما تقدم أن حيضها كان بسرف قبل دخولهم مكة وفي رواية أبي الزبير عن جابر عند مسلم أن دخول النبي صلى الله عليه وسلم عليها وشكواها ذلك له كان يوم التروية ووقع عند مسلم من طريق مجاهد عن عائشة أن طهرها كان بعرفة وفي رواية القاسم عنها وطهرت صبيحة ليلة عرفة حتى قدمنا منى وله من طريقه فخرجت من حجتي حتى نزلنا منى فتطهرت ثم طفنا بالبيت الحديث واتفقت الروايات كلها حتى أنها طافت طواف الإفاضة من يوم النحر واقتصر النووي في شرح مسلم على النقل عن أبي محمد بن حزم أن عائشة حاضت يوم السبت ثالث ذي الحجة وطهرت يوم السبت عاشره يوم النحر وإنما أخذه بن حزم من هذه الروايات التي في مسلم ويجمع بين قول مجاهد وقول القاسم أنها رأت الطهر وهي بعرفة ولم تتهيأ للإغتسال إلا بعد أن نزلت منى أو انقطع الدم عنها بعرفة وما رأت الطهر إلا بعد أن نزلت منى وهذا أولى والله أعلم قوله وأنطلق بالحج تمسك به من قال أن عائشة لما حاضت تركت عمرتها واقتصرت على الحج وقد تقدم البحث فيه في باب التمتع والقرآن قوله وأن سراقة لقي النبي صلى الله عليه وسلم بالعقبة وهو يرميها يعني وهو يرمي جمرة العقبة وفي رواية يزيد بن زريع عن حبيب المعلم عند المصنف في كتاب التمني وهو يرمي جمرة العقبة هذا فيه بيان المكان الذي سأل فيه سراقة عن ذلك ورواية مسلم من طريق بن جريج عن عطاء عن جابر كذلك وسياق مسلم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر يقتضي أنه قال له ذلك لما أمر أصحابه أن يجعلوا حجهم عمرة وبذلك تمسك من قال إن سؤاله كان عن فسخ الحج عن العمرة ويحتمل أن يكون السؤال وقع عن الأمرين لتعدد المكانين قوله ألكم هذه خاصة يا رسول الله قال لا بل للأبد في رواية يزيد بن زريع ألنا هذه خاصة وفي رواية جعفر عند مسلم فقام سراقة فقال يا رسول الله ألعامنا هذه أم للأبد فشبك أصابعه واحدة في الأخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل للأبد أبدا قال النووي معناه عند الجمهور أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إبطالا لما كان عليه الجاهلية وقيل معناه جواز القرآن أي دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج وقيل معناه سقط وجوب العمرة وهذا ضعيف لأنه يقتضي النسخ بغير دليل وقيل معناه جواز فسخ الحج إلى العمرة قال وهو ضعيف وتعقب بأن سياق السؤال يقوي هذا التأويل بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ والجواب وقع عما هو أعم من ذلك حتى يتناول التأويلات المذكورة إلا الثالث والله أعلم

قوله باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي كأنه يشير بذلك إلى أن اللازم من قول من قال أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله كما هو منقول في رواية عن مالك وعن الشافعي أيضا ومن أطلق أن التمتع هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج كما نقل بن عبد البر فيه الإتفاق فقال لا خلاف بين العلماء أن التمتع المراد بقول الله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج أن من أحرم بالعمرة في ذي الحجة بعد الحج فعليه الهدي وحديث الباب دال على خلافه لكن القائل بأن ذا الحجة كله من أشهر الحج يقول أن التمتع هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج قبل الحج فلا يلزمهم ذلك

[ 1694 ] قوله خرجنا موافين لهلال ذي الحجة أي قرب طلوعه وقد تقدم أنها قالت خرجنا لخمس بقين من ذي القعدة والخمس قريبة من آخر الشهر فوافاهم الهلال وهم في الطريق لأنهم دخلوا مكة في الرابع من ذي الحجة قوله لأهللت بعمرة في رواية السرخسي لأحللت بالحاء المهملة أي من الحج قوله أرسل معي عبد الرحمن إلى التنعيم فأردفها فيه التفات لأن السياق يقتضي أن يقول فأردفني قوله مكان عمرتها تقدم توجيهه وأن المراد مكان عمرتها التي أرادت أن تكون منفردة عن الحج قال عياض وغيره الصواب في الجمع بين الروايات المختلفة عن عائشة أنها أحرمت بالحج كما هو ظاهر رواية القاسم وغيره عنها ثم فسخته إلى العمرة لما فسخ الصحابة وعلى هذا يتنزل قول عروة عنها أحرمت بعمرة فلما حاضت وتعذر عليها التحلل من العمرة لأجل الحيض وجاء وقت الخروج إلى الحج أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة واستمرت إلى أن تحللت وعليه يدل قوله لها في رواية طاوس عنها عند مسلم طوافك يسعك لحجك وعمرتك وأما قوله لها هذه مكان عمرتك فمعناه العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل منها بمكة ثم أنشئوا الحج منفردا فعلى هذا فقد حصل لعائشة عمرتان وكذا قولها يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج أي يرجعون بحج ونفرد وعمرة منفردة وأما قوله في هذا الحديث فقضى الله حجها وعمرتها ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم فظاهره أن ذلك من قول عائشة وكذا أخرجه مسلم وابن ماجة من رواية عبدة بن سليمان ومسلم من طريق بن نمير والإسماعيلي من طريق علي بن مسهر وغيره لكن قد تقدم الحديث في الحيض من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة الخ فقال في آخره قال هشام ولم يكن في شيء من ذلك الخ فتبين أنه في رواية يحيى القطان ومن وافقه مدرج وكذا أخرجه أبو داود من طريق وهيب والحمادين عن هشام ووقع في الحديث موضع آخر مدرج وهو قوله قبل ذلك فقضى الله حجها وعمرتها فقد بين أحمد في روايته عن وكيع عن هشام أنه من قول عروة وبينه مسلم عن أبي كريب عن وكيع بيانا شافيا فإنه أخرجه عقب رواية عبدة عن هشام وقال فيه فساق الحديث بنحوه وقال في آخره قال عروة فقضى الله حجها وعمرتها قال هشام ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة وساقه الجوزقي من طريق مسلم بهذا الإسناد بتمامه بغير حوالة ورواه بن جريج عن هشام فلم يذكر الزيادة أخرجه أبو عوانة وكذا أخرجه الشيخان من طريق الزهري وأبي الأسود عن عروة بدون الزيادة قال بن بطال قوله فقضى الله حجها وعمرتها إلى آخر الحديث ليس من قول عائشة وإنما هو من كلام هشام بن عروة حدث به هكذا في العراق فوهم فيه فظهر بذلك أن لا دليل فيه لمن قال إن عائشة لم تكن قارنة حيث قال لو كانت قارنة لوجب عليها الهدي للقرآن وحمل قوله لها أرفضي عمرتك على ظاهره لكن طريق الجمع بين مختلف الأحاديث تقتضي ما قررناه وقد ثبت عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر كما تقدم وروى مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى عنها فيحمل على أنه صلى الله عليه وسلم أهدى عنها من غير أن يأمرها بذلك ولا أعلمها به قال القرطبي أشكل ظاهر هذا الحديث ولم يكن في ذلك هدي على جماعة حتى قال عياض لم تكن عائشة قارنة ولا متمتعة وإنما أحرمت بالحج ثم نوت فسخه إلى عمرة فمنعها من ذلك حيضها فرجعت إلى الحج فأكملته ثم أحرمت عمرة مبتدأة فلم يجب عليها هدي قال وكأن عياضا لم يسمع قولها كنت ممن أهل بعمرة ولا قوله صلى الله عليه وسلم لها طوافك يسعك لحجك وعمرتك والجواب عن ذلك أن هذا الكلام مدرج من قول هشام كأنه نفى ذلك بحسب علمه ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر ويحتمل أن يكون قوله لم يكن في ذلك هدي أي لم تتكلف له بل قام به عنها انتهى وقال بن خزيمة معنى قوله لم يكن في شيء من ذلك هدي أي في تركها لعمل العمرة الأولى وإدراجها لها في الحج ولا في عمرتها التي اعتمرتها من التنعيم أيضا وهذا تأويل حسن والله أعلم

قوله باب أجر العمرة على قدر النصب بفتح النون والمهملة أي التعب

[ 1695 ] قوله وعن بن عون هو معطوف على الإسناد المذكور وقد بينه أحمد ومسلم من رواية بن علية عن بن عون بالإسنادين وقال فيه يحدثان ذلك عن أم المؤمنين ولم يسمها قال فيه لا أعرف حديث ذا من حديث ذا وظهر بحديث يزيد بن زريع أنها عائشة وأنهما رويا ذلك عنها بخلاف سياق يزيد قوله يصدر الناس أي يرجعون قوله بمكان كذا وكذا في رواية إسماعيل بحبل كذا وضبطه في صحيح مسلم وغيره بالجيم وفتح الموحدة لكن أخرجه الإسماعيلي من طريق حسين بن حسن عن بن عون وضبطه بالحاء المهملة يعني وإسكان الموحدة والمكان المبهم هنا هو الأبطح كما تبين في غير هذا الطريق قوله على قدر نفقتك أو نصبك قال الكرماني أو إما للتنويع في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإما شك من الراوي والمعنى أن الثواب في العبادة يكثر بكثرة النصب أو النفقة والمراد النصب الذي لا يذمه الشرع وكذا النفقة قاله النووي انتهى ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق أحمد بن منيع عن إسماعيل على قدر نصبك أو على قدر تعبك وهذا يؤيد أنه من شك الراوي وفي روايته من طريق حسين بن حسن على قدر نفقتك أو نصبك أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجه الدارقطني والحاكم من طريق هشام عن بن عون بلفظ أن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك بواو العطف وهذا يؤيد الاحتمال الأول وقوله في رواية بن علية لا أعرف حديث ذا من حديث ذا قد أخرج الدارقطني والحاكم من وجه آخر ما يدل على أن السياق الذي هنا للقاسم فإنهما أخرجا من طريق سفيان وهو الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها في عمرتها إنما أجرك في عمرتك على قدر نفقتك واستدل به على أن الاعتمار لمن كان بمكة من جهة الحل القريبة أقل أجرا من الاعتمار من جهة الحل البعيدة وهو ظاهر هذا الحديث وقال الشافعي في الإملاء أفضل بقاع الحل للاعتمار الجعرانة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم منها ثم التنعيم لأنه أذن لعائشة منها قال وإذا تنحى عن هذين الموضعين فأين أبعد حتى يكون أكثر لسفره كان أحب إلي وحكى الموفق في المغني عن أحمد أن المكي كلما تباعد في العمرة كان أعظم لأجره وقال الحنفية أفضل بقاع الحل للاعتمار التنعيم ووافقهم بعض الشافعية والحنابلة ووجهه ما قدمناه أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة إلى الحل ليحرم بالعمرة غير عائشة وأما اعتماره صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فكان حين رجع من الطائف مجتازا إلى المدينة ولكن لا يلزم من ذلك تعين التنعيم للفضل لما دل عليه هذا الخبر أن الفضل في زيادة التعب والنفقة وإنما يكون التنعيم أفضل من جهة أخرى تساويه إلى الحل لا من جهة أبعد منه والله أعلم وقال النووي ظاهر الحديث أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة وهو كما قال لكن ليس ذلك بمطرد فقد يكون بعض العبادة أخف من بعض وهو أكثر فضلا وثوابا بالنسبة إلى الزمان كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليال من رمضان غيرها وبالنسبة للمكان كالصلاة ركعتين في المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره وبالنسبة إلى شرف العبادة المالية والبدنية كصلاة الفريضة بالنسبة إلى أكثر من عدد ركعاتها أو أطول من قراءتها ونحو ذلك من صلاة النافلة وكدرهم من الزكاة بالنسبة إلى أكثر منه من التطوع أشار إلى ذلك بن عبد السلام في القواعد قال وقد كانت الصلاة قرة عين النبي صلى الله عليه وسلم وهي شاقة على غيره وليست صلاة غيره مع مشقتها مساوية لصلاته مطلقا والله أعلم

قوله باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع أورد فيه حديث عائشة في عمرتها من التنعيم وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن أخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة ثم أفرغا من طوافكما الحديث قال بن بطال لا خلاف بين العلماء أن المعتمر إذا طاف فخرج إلى بلده أنه يجزئه من طواف الوداع كما فعلت عائشة انتهى وكأن البخاري لما لم يكن في حديث عائشة التصريح بأنها ما طافت للوداع بعد طواف العمرة لم يبت الحكم في الترجمة وأيضا فإن قياس من يقول إن إحدى العبادتين لا تندرج في الأخرى أن يقول بمثل ذلك هنا ويستفاد من قصة عائشة أن السعي إذا وقع بعد طواف الركن إن قلنا إن طواف الركن يغني عن طواف الوداع أن تخلل السعي بين الطواف والخروج لا يقطع أجزاء الطواف المذكور عن الركن والوداع معا قوله في الحديث فنزلنا بسرف في رواية أبي ذر وأبي الوقت سرف بحذف الباء وكذا لمسلم من طريق إسحاق بن عيسى بن الطباع عن أفلح قوله لأصحابه من لم يكن معه هدي ظاهره أن أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بفسخ الحج إلى العمرة كان بسرف قبل دخولهم مكة والمعروف في غير هذه الرواية أن قوله لهم ذلك بعد دخول مكة ويحتمل التعدد قوله قلت لاأصلي كنت بذلك عن الحيض وهي من لطيف الكنايات قوله كتب عليك كذا للأكثر على البناء لما لم يسم فاعله ولأبي ذر كتب الله عليك وكذا لمسلم قوله فكوني في حجتك في رواية أبي ذر في حجك وكذا لمسلم قوله حتى نفرنا من منى فنزلنا المحصب في هذا السياق اختصار بينته رواية مسلم بلفظ حتى نزلنا منى فتطهرت ثم طفت بالبيت فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب قوله فدعا عبد الرحمن في رواية مسلم عبد الرحمن بن أبي بكر قوله أخرج بأختك الحرم في رواية الكشميهني من الحرم وهي أوضح وكذا لمسلم قوله فأتينا في جوف الليل في رواية الإسماعيلي من آخر الليل وهي أوفق لبقية الروايات وظاهرها أنها أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم قبل أبواب أنها قالت فلقيته وأنا منهبطة وهو مصعد أو العكس والجمع بينهما واضح كما سيأتي قوله فارتحل الناس ومن طاف بالبيت هو من عطف الخاص على العام لأن الناس أعم من الطائفين ولعلها أرادت بالناس من لم يطف طواف الوداع ويحتمل أن يكون الموصول صفة الناس من باب توسط العاطف بين الصفة والموصوف كقوله تعالى إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض وقد أجاز سيبويه نحو مررت بزيد وصاحبك إذا أراد بالصاحب زيدا المذكور وهذا كله بناء على صحة هذا السياق والذي يغلب عندي أنه وقع فيه تحريف والصواب فارتحل الناس ثم طاف بالبيت الخ وكذا وقع عند أبي داود من طريق أبي بكر الحنفي عن أفلح بلفظ فأذن في أصحابه بالرحيل فارتحل فمر بالبيت قبل صلاة الصبح فطاف به حين خرج ثم انصرف متوجها إلى المدينة وفي رواية مسلم فأذن في أصحابه بالرحيل فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة وقد أخرجه البخاري من هذا الوجه بلفظ فارتحل الناس فمر متوجها إلى المدينة أخرجه في باب الحج أشهر معلومات قال عياض قوله في رواية القاسم يعني هذه فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله فقال فهل فرغت قلت نعم فأذن بالرحيل وفي رواية الأسود عن عائشة يعني التي مضت في باب إذا حاضتت بعد ما أفاضت فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مصعد من مكة وأنا منهبطه أو أنا مصعدة وهو منهبط منها وفي رواية صفية عنها يعني عند مسلم فأقبلنا حتى أتيناه وهو بالحصبة وهذا موافق لرواية القاسم وهما موافقان لحديث أنس يعني الذي مضى في باب طواف الوداع أنه صلى الله عليه وسلم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به قال وفي حديث الباب من الإشكال قوله فمر بالبيت فطاف به بعد أن قال لعائشة أفرغت قالت نعم مع قولها في الرواية الأخرى أنه توجه لطواف الوداع وهي راجعة إلى المنزل الذي كان به قال فيحتمل أنه أعاد طواف الوداع لأن منزله كان بالأبطح وهو بأعلى مكة وخروجه من مكة إنما كان من أسفلها فكأنه لما توجه طالبا للمدينة اجتاز بالمسجد ليخرج من أسفل مكة فكرر الطواف ليكون آخر عهده بالبيت انتهى والقاضي في هذا معذور لأنه لم يشاهد تلك الأماكن فظن أن الذي يقصد الخروج إلى المدينة من أسفل مكة يتحتم عليه المرور بالمسجد وليس كذلك كما شاهده من عاينه بل الراحل من منزله بالأبطح يمر مجتازا من ظاهر مكة إلى حيث مقصده من جهة المدينة ولا يحتاج إلى المرور بالمسجد ولا يدخل إلى البلد أصلا قال عياض وقد وقع في رواية الأصيلي في البخاري فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن طاف بالبيت قال فلم يذكر أنه أعاد الطواف فيحتمل أن طوافه هو طواف الوداع وأن لقاءه لعائشة كان حين انتقل من المحصب كما عند عبد الرزاق أنه كره أن يقتدي الناس بإناخته بالبطحاء فرحل حتى أناخ على ظهر العقبة أو من ورائها ينتظرها قال فيحتمل أن يكون لقاؤه لها كان في هذا الرحيل وأنه المكان الذي عنته في رواية الأسود بقوله لها موعدك بمكان كذا وكذا ثم طاف بعد ذلك طواف الوداع انتهى وهذا التأويل حسن وهو يقتضي أن الرواية التي عزاها للأصيلي مسكوت عن ذكر طواف الوداع فيها وقد بينا أن الصواب فيها فمر بالبيت فطاف به بدل قوله ومن طاف بالبيت ثم في عزو عياض ذلك إلى الأصيلي وحده نظر فإن كل الروايات التي وقفنا عليها في ذلك سواء حتى رواية إبراهيم بن معقل النسفي عن البخاري والله أعلم قوله موجها بضم الميم وفتح الواو وتشديد الجيم وفي رواية بن عساكر متوجها بزيادة تاء وبكسر الجيم وقد تقدمت مباحث هذا الحديث قريبا

قوله باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج في رواية المستملي يفعل في العمرة وللكشميهني ما يفعل في الحج أي من التروك لا من الأفعال أو المراد بعض الأفعال لا كلها والأول أرجح لما يدل عليه سياق حديث يعلى بن أمية وقد تقدم تقريره في أوائل الحج مع مباحثه

[ 1697 ] قوله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي فأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم لم أقف في شيء من الروايات على بيان المنزل حينئذ من القرآن وقد استدل به جماعة من العلماء على أن من الوحي ما لا يتلى لكن وقع عند الطبراني في الأوسط من طريق أخرى أن المنزل حينئذ قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ووجه الدلالة منه على المطلوب عموم الأمر بالإتمام فإنه يتناول الهيآت والصفات والله أعلم قوله وأنق الصفرة بفتح الهمزة وسكون النون ووقع للمستملي هنا بهمزة وصل ومثناة مشددة من التقوى قال صاحب المطالع وهي أوجه وإن رجعا إلى معنى واحد ووقع لابن السكن اغسل أثر الخلوق وأثر الصفرة والأول هو المشهور ثم ذكر المصنف في الباب حديث عائشة في قوله تعالى

[ 1698 ] إن الصفا والمروة من شعائر الله ووجه الدلالة منه اشتراك الحج والعمرة في مشروعية السعي بين الصفا والمروة لقوله تعالى فمن حج البيت أو اعتمر وقد تقدمت مباحثه مستوفاة في باب وجوب الصفا والمروة في أثناء الحج وقوله أن لا يطوف بهما في رواية الكشميهني بينهما قوله زاد سفيان وأبو معاوية عن هشام يعني عن أبيه عن عائشة قوله ما أتم الله حج امرئ الخ أما رواية سفيان فوصلها الطبري من طريق وكيع عنه عن هشام فذكر الموقوف فقط وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن عائشة موقوفا أيضا وأما رواية أبي معاوية فوصلها مسلم وقد تقدم الكلام على ما فيها من فائدة وبحث في الباب المشار إليه

قوله باب متى يحل المعتمر أشار بهذه الترجمة إلى مذهب بن عباس وقد تقدم القول فيه قال بن بطال لا أعلم خلافا بين أئمة الفتوى أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى إلا ما شذ به بن عباس فقال يحل من العمرة بالطواف ووافقه إسحاق بن راهويه ونقل عياض عن بعض أهل العلم أن بعض الناس ذهب إلى أن المعتمر إذا دخل الحرم حل وإن لم يطف ولم يسع وله أن يفعل كل ما حرم على المحرم ويكون الطواف والسعي في حقه كالرمي والمبيت في حق الحاج وهذا من شذوذ المذاهب وغرائبها وغفل القطب الحلبي فقال فيمن استلم الركن في ابتداء الطواف وأحل حينئذ إنه لا يحصل له التحلل بالإجماع

[ 1699 ] قوله وقال عطاء عن جابر الخ هو طرف من حديث تقدم موصولا في باب عمرة التنعيم وبين المصنف بحديث عمرو بن دينار بن جابر وهو ثالث أحاديث الباب أن المراد بقوله في هذه الرواية يطوفوا أي بالبيت وبين الصفا والمروة لجزم جابر بأنه لا يحل له أن يقرب امرأته حتى يطوف بين الصفا والمروة ثم ذكر المصنف في الباب أحاديث أولها حديث بن أبي أوفى وهو مشتمل على ثلاثة أحاديث قوله حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن جرير إسحاق هو بن راهويه وقد أورده في مسنده بلفظ أخبرنا جرير وهو بن عبد الحميد وإسماعيل هو بن أبي خالد وسيأتي الكلام على حديث عبد الله بن أبي أوفى في المغازي وعلى ما يتعلق بخديجة في مناقبها إن شاء الله تعالى وتقدم الكلام على قوله أدخل الكعبة في باب من لم يدخل الكعبة في أثناء الحج وقوله لا في جواب أدخل الكعبة معناه أنه لم يدخلها في تلك العمرة الثاني حديث عمرو بن دينار عن بن عمر مرفوعا وعن جابر موقوفا

[ 1700 ] قوله عن عمرو بن دينار تقدم هذا الحديث بهذا الإسناد عن الحميدي في كتاب الصلاة في أبواب القبلة بلفظ حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو بن دينار فعبر بالحديث هناك والعنعنة هنا وساق الإسناد والمتن جميعا بغير زيادة ووقوع مثل هذا نادر جدا قوله عن رجل طاف بالبيت في عمرة في رواية أبي ذر عن رجل طاف في عمرته وقد تقدم بعض الكلام على هذا الحديث في الصلاة وأن بن عمر أشار الى الاتباع وأن جابرا أفتاهم بالحكم وهم قول الجمهور إلا ما روي عن بن عباس أنه يحل من جميع ما حرم عليه بمجرد الطواف ووقع عند النسائي من طريق غندر عن شعبة عن عمرو بن دينار أنه قال وهو سنة وكذا أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر وهو غندر به قوله أيأتي امرأته أي يجامعها والمراد هل حصل له التحلل من الإحرام قبل السعي أم لا وقوله لا يقربنها بنون التأكيد المراد نهي المباشرة بالجماع ومقدماته لا مجرد القرب منها قوله وطاف بين الصفا والمروة أي سعى وإطلاق الطواف على السعي إما للمشاكلة وإما لكونه نوعا من الطواف ولوقوعه في مصاحبة طواف البيت قوله أسوة بكسر الهمزة ويجوز ضمها قوله وسألنا جابرا القائل هو عمرو بن دينار وقد تقدم هذا الحديث في باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام من طريق شعبة وفي باب السعي من طريق بن جريج كلاهما عن عمرو بن دينار عن بن عمر بالحديث دون السؤالين لابن عمر ولجابر وفي الحديث أن السعي واجب في العمرة وكذا صلاة ركعتي الطواف وفي تعيينهما خلف المقام خلف سبق في بابه المشار إليه ونقل بن المنذر الاتفاق على جوازهما في أي موضع شاء الطائف إلا أن مالكا كرههما في الحجر ونقل بعض أصحابنا عن الثوري أنه كان يعينهما خلف المقام الثالث حديث أبي موسى في إهلاله كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم وشاهد الترجمة منه

[ 1701 ] قوله طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم أحل فإنه يقتضي تأخير الإحلال عن السعي وقد تقدم الكلام عليه مستوفي في باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قوله يأمرنا بالتمام في رواية الكشميهني يأمر قوله حتى يبلغ في رواية الكشميهني بلغ بلفظ الفعل الماضي وقوله في أوله أحججت أي هل أحرمت بالحج أو نويت الحج وهذا كقوله له بعد ذلك بما أهللت أي بما أحرمت أي بحج أو عمرة الرابع حديث أسماء بنت أبي بكر

[ 1702 ] قوله حدثنا أحمد كذا للأكثر غير منسوب وفي رواية كريمة حدثنا أحمد بن عيسى وفي رواية أبي ذر حدثنا أحمد بن صالح وقد أخرجه مسلم عن أحمد بن عيسى عن بن وهب قوله أخبرنا عمرو هو بن الحارث وعبد الله مولى أسماء تقدم له حديث عنها غير هذا في باب من قدم ضعفة أهله وليس له عنده غيرهما وهذا الإسناد نصفه مصريون ونصفه مدنيون قوله بالحجون بفتح المهملة وضم الجيم الخفيفة جبل معروف بمكة وقد تكرر ذكره في الأشعار وعنده المقبرة المعروفة بالمعلى على يسار الداخل إلى مكة ويمين الخارج منها إلى منى وهذا الذي ذكرنا محصل ما قاله الأزرقي والفاكهي وغيرهما من العلماء وأغرب السهيلي فقال الحجون على فرسخ وثلث من مكة وهو غلط واضح فقد قال أبو عبيد البكري الحجون الجبل المشرف بحذاء المسجد الذي يلي شعب الجرارين وقال أبو علي القالي الحجون ثنية المدنيين أي من قدم من المدينة وهي مقبرة أهل مكة عن شعب الجرارين انتهى ويدل على غلط السهيلي قول الشاعر سنبكيك ما أرسى ثبير مكانه وما دام جارا للحجون المحصب وقد تقدم ذكر المحصب وحده وأنه خارج مكة وروى الواقدي عن أشياخه أن قصي بن كلاب لما مات دفن بالحجون فتدافن الناس بعده وأنشد الزبير لبعض أهل مكة كم بالحجون وبينه من سيد بالشعب بين دكادك وأكام والجرارين التي تقدم جمع جرار بجيم وراء ثقيلة ذكرها الرضى الشاطبي وكتب على الراء صح صح وذكر الأزرقي أنه شعب أبي دب رجل من بني عامر قلت قد جهل هذا الشعب الآن إلا أن بين سور مكة الآن وبين الجبل المذكور مكانا يشبه الشعب فلعله هو قوله ونحن يومئذ خفاف زاد مسلم في روايته خفاف الحقائب والحقائب جمع حقيبة بفتح المهملة وبالقاف وبالموحدة وهي ما احتقبه الراكب خلفه من حوائجه في موضع الرديف قوله فاعتمرت أنا وأختي أي بعد أن فسخوا الحج إلى العمرة ففي رواية صفية بنت شيبة عن أسماء قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج فقال من كان معه هدي فليقم على إحرامه ومن لم يكن معه هدي فليحل فلم يكن معي هدي فأحللت وكان مع الزبير هدي فلم يحل انتهى وهذا مغاير لذكرها الزبير مع من أحل في رواية عبد الله مولى أسماء فإن قضية رواية صفية عن أسماء أنه لم يحل لكونه ممن ساق الهدي فإن جمع بينهما بأن القصة المذكورة وقعت لها مع الزبير في غير حجة الوداع كما أشار إليه النووي على بعده وإلا فقد رجح عند البخاري رواية عبد الله مولى أسماء فاقتصر على إخراجها دون رواية صفية بنت شيبة وأخرجهما مسلم مع ما فيهما من الاختلاف ويقوي صنيع البخاري ما تقدم في باب الطواف على وضوء من طريق محمد بن عبد الرحمن وهو أبو الأسود المذكور في هذا الإسناد قال سألت عروة بن الزبير فذكر حديثا وفي آخره وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة فلما مسحوا الركن حلوا والقائل أخبرتني عروة المذكور وأمه هي أسماء بنت أبي بكر وهذا موافق لرواية عبد الله مولى أسماء عنها وفيه إشكال آخر وهو ذكرها لعائشة فيمن طاف والواقع أنها كانت حينئذ حائضا وكنت أولته هناك على أن المراد أن تلك العمرة كانت في وقت آخر بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكن سياق رواية هذا الباب تأباه فإنه ظاهر في أن المقصود العمرة التي وقعت لهم في حجة الوداع والقول فيما وقع من ذلك في حق الزبير كالقول في حق عائشة سواء وقد قال عياض في الكلام عليه ليس هو على عمومه فإن المراد من عدا عائشة لأن الطرق الصحيحة فيها أنها حاضت فلم تطف بالبيت ولا تحللت من عمرتها قال وقيل لعل عائشة أشارت إلى عمرتها التي فعلتها من التنعيم ثم حكى التأويل السابق وأنها أرادت عمرة أخرى في غير التي في حجة الوداع وخطأه ولم يعرج على ما يتعلق بالزبير من ذلك قوله وفلان وفلان كأنها سمت بعض من عرفته ممن لم يسق الهدي ولم أقف على تعيينهم فقد تقدم من حديث عائشة أن أكثر الصحابة كانوا كذلك قوله فما مسحنا البيت أي طفنا بالبيت فاستلمنا الركن وقد تقدم في باب الطواف على غير وضوء من حديث عائشة بلفظ مسحنا الركن وساغ هذا المجاز لأن كل من طاف بالبيت يمسح الركن فصار يطلق على الطواف كما قال عمر بن أبي ربيعة ولما قضينا من منى كل حاجة ومسح بالأركان من هو ماسح أي طاف من هو طائف قال عياض ويحتمل أن يكون معنى مسحوا طافوا وسعوا وحذف السعي اختصارا لما كان منوطا بالطواف قال ولا حجة في هذا الحديث لمن لم يوجب السعي لأن أسماء أخبرت أن ذلك كان في حجة الوداع وقد جاء مفسرا من طرق أخرى صحيحة أنهم طافوا معه وسعوا فيحمل ما أجمل على ما بين والله أعلم واستدل به على أن الحلق أو التقصير استباحة محظور لقولها إنهم أحلوا بعد الطواف ولم يذكر الحلق وأجاب من قال بأنه نسك بأنها سكتت عنه ولا يلزم من ذلك ترك فعله فإن القصة واحدة وقد ثبت الأمر بالتقصير في عدة أحاديث منها حديث جابر المصدر بذكره واختلفوا فيمن جامع قبل أن يقصر بعدأن طاف وسعى فقال الأكثر عليه الهدي وقال عطاء لا شيء عليه وقال الشافعي تفسد عمرته وعليه المضي في فاسدها وقضاؤها واستدل به الطبري على أن من ترك التقصير حتى يخرج من الحرم لا شيء عليه بخلاف من قال عليه دم

قوله باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو أورد المصنف هنا تراجم تتعلق بآداب الراجع من السفر لتعلق ذلك بالحاج والمعتمر وهذا في حق المعتمر الآفاقي وقد ترجم لحديث الباب حديث نافع عن بن عمر في الدعوات ما يقول إذا أراد سفرا أو رجع ويأتي الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله تعالى

قوله باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة اشتملت هذه الترجمة على حكمين وأورد فيها حديث بن عباس لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم استقبله أغيلمة بني عبد المطلب أي صبيانهم ودلالة حديث الباب على الثاني ظاهرة وقد أفردها بالذكر قبيل كتاب الأدب وأورد فيها هذا الحديث بعينه ويأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى وبيان أسماء من حمله من بني عبد المطلب وقوله

[ 1704 ] أغيلمة تصغير غلمة بكسر الغين المعجمة وغلمة جمع غلام وأما الحكم الأول فأخذه من حديث الباب من طريق العموم لأن قدومه صلى الله عليه وسلم مكة أعم من أن يكون في حج أو عمرة أو غزو وقوله القادمين صفة للحاج لأنه يقال للمفرد وللجمع وكون الترجمة لتلقي القادم من الحج والحديث دال على تلقي القادم للحج ليس بينهما تخالف لاتفاقهما من حيث المعنى والله أعلم

قوله باب القدوم بالغداة أورد فيه حديث بن عمر في خروجه صلى الله عليه وسلم إلى مكة من طريق الشجرة ومبيته بذي الحليفة إذا رجع وفيه ما ترجم له وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في أوائل الحج

قوله باب الدخول بالعشي قال الجوهري العشية من صلاة المغرب إلى العتمة وقيل هي من حين الزوال قلت والمراد هنا الأول وكأنه عقب الترجمة الأولى بهذه ليبين أن الدخول في الغداة لايتعين وإنما المنهي عنه الدخول ليلا وقد بين علة ذلك في حديث جابر حيث قال لتمتشط الشعثة الحديث وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب النكاح

قوله باب لا يطرق أهله أي لا يدخل عليهم ليلا إذا قدم من سفر يقال طرق يطرق بضم الراء وأما

[ 1707 ] قوله في حديث جابر في الباب الذي بعده أن يطرق أهله ليلا فللتأكيد لأجل رفع المجاز لاستعمال طرق في النهار وقد حكى بن فارس طرق بالنهار وهو مجاز قوله إذا بلغ المدينة في رواية السرخسي إذا دخل والمراد بالمدينة البلد الذي يقصد دخولها والحكمة في هذا النهي مبينة في حديث جابر المذكور في الباب حيث أورده مطولا في أبواب عشرة النساء من كتاب النكاح ويأتي الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله تعالى

قوله باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة قال الإسماعيلي قوله أسرع ناقته ليس بصحيح والصواب أسرع بناقته يعني أنه لا يعتدى بنفسه وإنما يتعدى بالباء وفيما قاله نظر فقد حكى صاحب المحكم أن أسرع يتعدى بنفسه ويتعدى بحرف الجر وقال الكرماني قول البخاري أسرع ناقته أصله أسرع بناقته فنصب بنزع الخافض

[ 1708 ] قوله محمد بن جعفر أي بن أبي كثير المدني أخو إسماعيل قوله فأبصر درجات بفتح المهملة والراء بعدها جيم جمع درجة كذا للأكثر والمراد طرقها المرتفعة وللمستملي دوحات بفتح المهملة وسكون الواو بعدها مهملة جمع دوحة وهي الشجرة العظيمة وفي رواية إسماعيل عن جعفر عن حميد جدرات بضم الجيم والدال كما وقع في هذا الباب وهو جمع جدر بضمتين جمع جدار وقد رواه الإسماعيلي من هذا الوجه بلفظ جدران بسكون الدال وآخره نون جمع جدار وله من رواية أبي ضمرة عن حميد بلفظ جدر قال صاحب المطالع جدرات أرجح من دوحات ومن درجات قلت وهي رواية الترمذي من طريق إسماعيل بن جعفر أيضا قوله أوضع أي أسرع السير قوله زاد الحارث بن عمير عن حميد يعني عن أنس من حبها وهو يتعلق بقوله حركها أي حرك دابته بسبب حبه المدينة ثم قال المصنف حدثنا قتيبة حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر عن حميد عن أنس قال جدرات تابعه الحارث بن عمير يعني في قوله جدرات ورواية الحارث بن عمير هذه وصلها الإمام أحمد قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثنا الحارث بن عمير عن حميد الطويل عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات المدينة أوضع ناقته وأن كان على دابة حركها من حبها وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق خالد بن مخلد عن محمد بن جعفر بن أبي كثير والحارث بن عمير جميعا عن حميد وقد أورد المصنف طريق قتيبة المذكورة في فضائل المدينة بلفظ الحارث بن عمير إلا أنه قال راحلته بدل ناقته ووقع في نسخة الصغاني وزاد الحارث بن عمير وغيره عن حميد وقد نبهت على من رواه كذلك موافقا للحارث بن عمير في الزيادة المذكورة وفي الحديث دلالة على فضل المدينة وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه

قوله باب قول الله تعالى وأتوا البيوت من أبوابها أي بيان نزول هذه الآية

[ 1709 ] قوله عن أبي إسحاق هو السبيعي قوله كانت الأنصار إذا حجوا فجاءوا هذا ظاهر في اختصاص ذلك بالأنصار لكن سيأتي في حديث جابر أن سائر العرب كانوا كذلك إلا قريشا ورواه عبد بن حميد من مرسل قتادة كما قال البراء وكذلك أخرجه الطبري من مرسل الربيع بن أنس نحوه قوله إذا حجوا سيأتي في تفسير البقرة من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق بلفظ إذا أحرموا في الجاهلية قوله فجاء رجل من الأنصار هو قطبة بضم القاف وإسكان المهملة بعدها موحدة بن عامر بن حديدة بمهملات وزن كبيرة الأنصاري الخزرجي السلمي كما أخرجه بن خزيمة والحاكم في صحيحيهما من طريق عمار بن زريق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال كانت قريش تدعي الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من الأبواب فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان فخرج من بابه فخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا يا رسول الله إن قطبة رجل فاجر فإنه خرج معك من الباب فقال ما حملك على ذلك فقال رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت قال أني أحمسي قال فإن ديني دينك فأنزل الله الآية وهذا الإسناد وإن كان على شرط مسلم لكن اختلف في وصله على الأعمش عن أبي سفيان فرواه عبد بن حميد عنه فلم يذكر جابرا أخرجه تقي وأبو الشيخ في تفسيرهما من طريقه وكذا سماه الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن بن عباس وكذا ذكر مقاتل بن سليمان في تفسيره وجزم البغوي وغيره من المفسرين بأن هذا الرجل يقال له رفاعة بن تابوت واعتمدوا في ذلك على ما أخرجه عبد بن حميد وابن جرير من طريق داود بن أبي هند عن قيس بن جبير النهشلي قال كانوا إذا أحرموا لم يأتوا بيتا من قبل بابه ولكن من ظهره وكانت الحمس تفعله فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا فاتبعه رجل يقال له رفاعة بن تابوت ولم يكن من الحمس فذكر القصة وهذا مرسل والذي قبله أقوى إسنادا فيجوز أن يحمل على التعدد في القصة إلا أن في هذا المرسل نظرا من وجه آخر لأن رفاعة بن تابوت معدود في المنافقين وهو الذي هبت الريح العظيمة لموته كما وقع مبهما في صحيح مسلم ومفسرا في غيره من حديث جابر فإن لم يحمل على أنهما رجلان توافق اسمهما واسم أبويهما وإلا فكونه قطبة بن عامر أولى ويؤيده أن في مرسل الزهري عند الطبري فدخل رجل من الأنصار من بني سلمة وقطبة من بني سلمة بخلاف رفاعة ويدل على التعدد اختلاف القول في الإنكار على الداخل فإن في حديث جابر فقالوا إن قطبة رجل فاجر وفي مرسل قيس بن جبير فقالوا يا رسول الله نافق رفاعة لكن ليس بممتنع أن يتعدد القائلون في القصة الواحدة وقد وقع في حديث بن عباس عند بن جريج أن القصة وقعت أول ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وفي إسناده ضعف وفي مرسل الزهري أن ذلك وقع في عمرة الحديبية وفي مرسل السدي عند الطبري أيضا أن ذلك وقع في حجة الوداع وكأنه أخذه من قوله كانوا إذا حجوا لكن وقع في رواية الطبري كانوا إذا أحرموا فهذا يتناول الحج والعمرة والأقرب ما قال الزهري وبين الزهري السبب في صنيعهم ذلك فقال كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شيء فكان الرجل إذا أهل فبدت له حاجة في بيته لم يدخل من الباب من أجل السقف أن يحول بينه وبين السماء واتفقت الروايات على نزول الآية في سبب الإحرام إلا ما أخرجه عبد بن حميد بإسناد صحيح عن الحسن قال كان الرجل من الجاهلية يهم بالشيء يصنعه فيحبس عن ذلك فلا يأتي بيتا من قبل بابه حتى يأتي الذي كان هم به فجعل ذلك من باب الطيرة وغيره جعل ذلك بسبب الإحرام وخالفهم محمد بن كعب القرظي فقال كان الرجل إذا أعتكف لم يدخل منزله من باب البيت فنزلت أخرجه بن أبي حاتم بإسناد ضعيف وأغرب الزجاج في معانيه فجزم بأن سبب نزولها ما روي عن الحسن لكن ما في الصحيح أصح والله أعلم واتفقت الروايات على أن الحمس كانوا لا يفعلون ذلك بخلاف غيرهم وعكس ذلك مجاهد فقال كان المشركون إذا أحرم الرجل منهم ثقب كوة في ظهر بيته فدخل منها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ومعه رجل من المشركين فدخل من الباب وذهب المشرك ليدخل من الكوة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنك فقال أني أحمسي فقال وأنا أحمسي فنزلت أخرجه الطبري

قوله باب السفر قطعة من العذاب قال بن المنير أشار البخاري بإيراد هذه الترجمة في أواخر أبواب الحج والعمرة أن الإقامة في الأهل أفضل من المجاهدة انتهى وفيه نظر لا يخفى لكن يحتمل أن يكون المصنف أشار بإيراده في الحج إلى حديث عائشة بلفظ إذا قضى أحدكم حجه فليعجل إلى أهله وسيأتي بيان من أخرجه

[ 1710 ] قوله عن سمي كذا لأكثر الرواة عن مالك وكذا هو في الموطأ وصرح يحيى بن يحيى النيسابوري عن مالك بتحديث سمي له به وشذ خالد بن مخلد عن مالك فقال عن سهيل بدل سمي أخرجه بن عدي وذكر الدارقطني أن بن الماجشون رواه عن مالك عن سهيل أيضا فتابع خالد بن مخلد لكن قال الدارقطني أن أبا علقمة القروي تفرد به عن بن الماجشون وأنه وهم فيه ورواه الطبراني عن أحمد عن بشير الطيالسي عن محمد بن جعفر الوركاني عن مالك عن سهيل وخالفه موسى بن هارون فرواه عن الوركاني عن مالك عن سمي قال الدارقطني حدثنا به دعلج عن موسى قال والوهم في هذا من الطبراني أو من شيخه وسمي هو المحفوظ في رواية مالك قاله بن عدي وأخرجه الدارقطني وغيرهما ولم يروه عن سمي غير مالك قاله بن عبد البر ثم أسند عن عبد الملك بن الماجشون قال قال مالك ما لأهل العراق يسألونني عن حديث السفر قطعة من العذاب فقيل له لم يروه عن سمي أحد غيرك فقال لو عرفت ما حدثت به وكان مالك ربما أرسله لذلك ورواه عتيق بن يعقوب عن مالك عن أبي النضر عن أبي صالح ووهم فيه أيضا على مالك أخرجه الطبراني والدارقطني ورواه رواد بن الجراح عن مالك فزاد فيه إسنادا آخر فقال عن ربيعة عن القاسم عن عائشة وعن سمي بإسناده فذكره قال الدارقطني أخطأ فيه رواد بن الجراح وأخرجه بن عبد البر من طريق أبي مصعب عن عبد العزيز الدراوردي عن سهيل عن أبيه وهذا يدل على أن له في حديث سهيل أصلا وأن سميا لم ينفرد به وقد أخرجه أحمد في مسنده من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة وأخرجه بن عدي من طريق جمهان عن أبي هريرة أيضا فلم ينفرد به أبو صالح وأخرجه الدارقطني والحاكم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بإسناد جيد فلم ينفرد به أبو هريرة بل في الباب عن بن عباس وابن عمر وأبي سعيد وجابر عند بن عدي بأسانيد ضعيفة قوله السفر قطعة من العذاب أي جزء منه والمراد بالعذاب الألم الناشىء عن المشقة لما يحصل في الركوب والمشي من ترك المألوف قوله يمنع أحدكم كأنه فصله عما قبله بيانا لذلك بطريق الإستئناف كالجواب لمن قال كان كذلك فقال يمنع أحدكم نومه الخ أي وجه التشبيه الإشتمال على المشقة وقد ورد التعليل في رواية سعيد المقبري ولفظه السفر قطعة من العذاب لأن الرجل يشتغل فيه عن صلاته وصيامه فذكر الحديث والمراد بالمنع في الأشياء المذكورة منع كمالها لا أصلها وقد وقع عند الطبراني بلفظ لا يهنأ أحدكم بنومه ولا طعامه ولا شرابه وفي حديث بن عمر عند بن عدي وأنه ليس له دواء إلا سرعة السير قوله نهمته بفتح النون وسكون الهاء أي حاجته من وجهه أي من مقصده وبيانه في حديث بن عدي بلفظ إذا قضى أحدكم وطره من سفره وفي رواية رواد بن الجراح فإذا فرغ أحدكم من حاجته قوله فليعجل إلى أهله في رواية عتيق وسعيد المقبري فليعجل الرجوع إلى أهله وفي رواية أبي مصعب فليعجل الكرة إلى أهله وفي حديث عائشة فليعجل الرحلة إلى أهله فإنه أعظم لأجره قال بن عبد البر زاد فيه بعض الضعفاء عن مالك وليتخذ لأهله هدية وإن لم يجد إلا حجرا يعني حجر الزناد قال وهي زيادة منكرة وفي الحديث كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة واستحباب استعجال الرجوع ولا سيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة ولما في الإقامة في الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا ولما في الإقامة من تحصيل الجماعات والقوة على والعبادة قال بن بطال ولا تعارض بين هذا الحديث وحديث بن عمر مرفوعا سافروا تصحوا فإنه لا يلزم من الصحة بالسفر لما فيه من الرياضة أن لا يكون قطعة من العذاب لما فيه من المشقة فصار كالدواء المر المعقب للصحة وإن كان في تناوله الكراهة واستنبط منه الخطابي تغريب الزاني لأنه قد أمر بتعذيبه والسفر من جملة العذاب ولا يخفى ما فيه لطيفة وسئل إمام الحرمين حين جلس موضع أبيه لم كان السفر قطعة من العذاب فأجاب على الفور لأن فيه فراق الأحباب

قوله باب المسافر إذا جد به السير ويعجل إلى أهله أي ماذا يصنع كذا ثبتت الواو في رواية الكشميهني وهي رواية النسفي وأورد المصنف فيه قصة بن عمر حين بلغه عن صفية شدة الوجع فأسرع السير وقد تقدم الكلام عليه في أبواب تقصير الصلاة وسيأتي من هذا الوجه في أبواب الجهاد وبالله التوفيق خاتمة اشتملت أبواب العمرة وما في آخرها من آداب الرجوع من السفر من الأحاديث المرفوعة على أربعين حديثا المعلق منها أربعة والبقية موصولة المكرر منها فيها وفيما مضى أحد وعشرون حديثا وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث بن عمر في الاعتمار قبل الحج وحديث البراء فيه وحديث عائشة العمرة على قدر النصب وحديث بن عباس في إرداف اثنين وفيه من الموقوفات خمسة آثار منها ثلاثة موصولة في ضمن حديث البراء والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب