أبواب فضائل المدينة
 قوله بسم الله الرحمن الرحيم فضائل المدينة باب حرم المدينة كذا لأبي ذر عن الحموي وسقط للباقين سوى قوله باب حرم المدينة وفي رواية أبي على الشبوي باب ما جاء في حرم المدينة والمدينة علم على البلدة المعروفة التي هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم ودفن بها قال الله تعالى يقولون لئن رجعنا إلى المدينة فإذا أطلقت تبادر إلى الفهم أنها المراد وإذا أريد غيرها بلفطة المدينة فلا بد من قيد فهي كالنجم للثريا وكان اسمها قبل ذلك يثرب قال الله تعالى وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب ويثرب اسم لموضع منها سميت كلها به قيل سميت بيثرب بن قانية من ولد إرم بن سام بن نوح لأنه أول من نزلها حكاه أبو عبيد البكري وقيل غير ذلك ثم سماها النبي صلى الله عليه وسلم طيبة وطابة كما سيأتي في باب مفرد وكان سكانها العماليق ثم نزلها طائفة من بني إسرائيل قيل ارسلهم موسى عليه السلام كما أخرجه الزبير بن بكار في أخبار المدينة بسند ضعيف ثم نزلها الأوس والخزرج لما تفرق أهل سبأ بسبب سيل العرم وسيأتي إيضاح ذلك في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى ثم ذكر المصنف هنا أربعة أحاديث الأول حديث أنس

[ 1768 ] قوله عن أنس في رواية عبد الواحد عن عاصم قلت لأنس وسيأتى في الاعتصام وليزيد بن هارون عن عاصم سألت أنسا أخرجه مسلم قوله المدينة حرم من كذا إلى كذا هكذا جاء مبهما وسيأتى في حديث على رابع أحاديث الباب ما بين عائر إلى كذا فعين الأول وهو بمهملة وزن فاعل وذكره في الجزية وغيرها بلفظ عير بسكون التحتانية وهو جبل بالمدينة كما سنوضحه واتفقت روايات البخاري كلها على إبهام الثاني ووقع عند مسلم إلى ثور فقيل أن البخاري ابهمه عمدا لما وقع عنده أنه وهم وقال صاحب المشارق والمطالع أكثر رواة البخاري ذكروا عيرا وأما ثور فمنهم من كنى عنه بكذا ومنهم من ترك مكانه بياضا والأصل في هذا التوقف قول مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور وأثبت غيره عيرا ووافقه على إنكار ثور قال أبو عبيد قوله ما بين عير إلى ثور هذه رواية أهل العراق وأما أهل المدينة فلا يعرفون جبلا عندهم يقال له ثور وإنما ثور بمكة ونرى أن أصل الحديث ما بين عير إلى أحد قلت وقد وقع ذلك في حديث عبد الله بن سلام عند أحمد والطبراني وقال عياض لا معنى لانكار عير بالمدينة فإنه معروف وقد جاء ذكره في اشعارهم وأنشد أبو عبيد البكري في ذلك عدة شواهد منها قول الأحوص المدني الشاعر المشهور فقلت لعمرو تلك يا عمرو ناره تشب قفا عير فهل أنت ناظر وقال بن السيد في المثلث عير اسم جبل بقرب المدينة معروف وروى الزبير في أخبار المدينة عن عيسى بن موسى قال قال سعيد بن عمرو لبشر بن السائب أتدري لم سكنا العقبة قال لا قال لأنا قتلنا منكم قتيلا في الجاهلية فأخرجنا إليها فقال وددت لو أنكم قتلتم منا آخر وسكنتم وراء عير يعني جبلا كذا في نفس الخبر وقد سلك العلماء في إنكار مصعب الزبيري لعير وثور مسالك ما منها تقدم ومنها قول بن قدامة يحتمل أن يكون المراد مقدار ما بين عير وثور لا إنهما يعينهما في المدينة أو سمى النبي صلى الله عليه وسلم الجبلين اللذين بطرفى المدينة عيرا وثورا ارتجالا وحكى بن الأثير كلام أبي عبيد مختصرا ثم قال وقيل أن عيرا جبل بمكة فيكون المراد أحرم من المدينة مقدار ما بين عير وثور بمكة على حذف المضاف ووصف المصدر المحذوف وقال النووي يحتمل أن يكون ثور كان اسم جبل هناك إما أحد وإما غيره وقال المحب الطبري في الأحكام بعد حكاية كلام أبي عبيد ومن تبعه قد أخبرني الثقة العالم أبو محمد عبد السلام البصري أن حذاء أحد عن يساره جانحا إلى ورائه جبل صغير يقال له ثور وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب أي العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور وتواردوا على ذلك قال فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وعدم بحثهم عنه قال وهذه فائدة جليلة انتهى وقرأت بخط شيخ شيوخنا القطب الحلبي في شرحه حكى لنا شيخنا الإمام أبو محمد عبد السلام بن مزروع البصري أنه خرج رسولا إلى العراق فلما رجع إلى المدينة كان معه دليل وكان يذكر له الأماكن والجبال قال فلما وصلنا إلى أحد إذا بقربه جبل صغير فسألته عنه فقال هذا يسمى ثورا قال فعلمت صحة الرواية قلت وكأن هذا كان مبدأ سؤاله عن ذلك وذكر شيخنا أبو بكر بن حسين المراغي نزيل المدينة في مختصره لأخبار المدينة أن خلف أهل المدينة ينقلون عن سلفهم أن خلف أحد من جهة الشمال جبلا صغيرا إلى الحمرة بتدوير يسمى ثورا قال وقد تحققته بالمشاهدة وأما قول بن التين أن البخاري أبهم اسم الجبل عمدا لأنه غلط فهو غلط منه بل إبهامه من بعض رواته فقد أخرجه في الجزية فسماه والله أعلم ومما يدل على أن المراد بقوله في حديث أنس من كذا إلى كذا جبلان ما وقع عند مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس مرفوعا اللهم إني أحرم ما بين جبليها لكن عند المصنف في الجهاد وغيره من طريق محمد بن جعفر ويعقوب بن عبد الرحمن ومالك كلهم عن عمرو بلفظ ما بين لابيتها وكذا في حديث أبي هريرة ثالث أحاديث الباب وسيأتى بعد أبواب من وجه آخر وكذا في حديث رافع بن خديج وأبي سعيد وسعد وجابر وكلها عند مسلم وكذا رواه أحمد من حديث عبادة الزرقي والبهيقي من حديث عبد الرحمن بن عوف والطبراني من حديث بن اليسر وأبي حسين وكعب بن مالك كلهم بلفظ ما بين لابتيها واللابتان جمع لابة بتخفيف الموحدة وهي الحرة وهي الحجارة السود وقد تكرر ذكرها في الحديث ووقع في حديث جابر عند أحمد وأنا أحرم المدينة ما بين حريتها فادعى بعض الحنفية أن الحديث مضطرب لأنه وقع في رواية ما بين جبليها وفي رواية ما بين لابتيها وفي رواية مأزميها وتعقب بان الجمع بينهما واضح وبمثل هذا لا ترد الأحاديث الصحيحة فإن الجمع لو تعذر أمكن الترجيح ولا شك أن رواية ما بين لابتيها أرجح لتوارد الرواة عليها ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل لابة جبل أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة الشرق والغرب وتسمية الجبلين في رواية أخرى لا تضر وأما رواية مأزميها فهي في بعض طرق حديث أبي سعيد والمأزم بكسر الزاي المضيق بين الجبلين وقد يطلق على الجبل نفسه واحتج الطحاوي بحديث أنس في قصة أبي عمير ما فعل النغير قال لو كان صيدها حراما ما جاز حبس الطير وأجيب باحتمال أن يكون من صيد الحل قال أحمد من صاد من الحل ثم أدخله المدينة لم يلزمه إرساله لحديث أبي عمير وهذا قول الجمهور لكن لا يرد ذلك على الحنفية لأن صيد الحل عندهم إذا دخل الحرم كان له حكم الحرم ويحتمل أن تكون قصة أبي عمير كانت قبل التحريم واحتج بعضهم بحديث أنس في قصة قطع النخل لبناء المسجد ولو كان قطع شجرها حراما ما فعله صلى الله عليه وسلم وتعقب بان ذلك كان في أول الهجرة كما سيأتي واضحا في أول المغازي وحديث تحريم الدينة كان بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من خيبر كما سيأتي في حديث عمرو بن أبي عمرو عن أنس في الجهاد وفي غزوة أحد من المغازي واضحا وقال الطحاوي يحتمل أن يكون سبب النهى عن صيد المدينة وقطع شجرها كون الهجرة كانت إليها فكان بقاء الصيد والشجر مما يزيد في زينتها ويدعو إلى ألفتها كما روى بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هدم آطام المدينة فإنها من زينة المدينة فلما انقطعت الهجرة زال ذلك وما قاله ليس بواضح لأن النسخ لا يثبت الا بدليل وقد ثبت على الفتوى بتحريمها سعد وزيد بن ثابت وأبو سعيد وغيرهم كما أخرجه مسلم وقال بن قدامة يحرم صيد المدينة وقطع شجرها وبه قال مالك والشافعي وأكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة لا يحرم ثم من فعل مما حرم عليه فيه شيئا أثم ولا جزاء عليه في رواية لأحمد وهو قول مالك والشافعي في الجديد وأكثر أهل العلم وفي رواية لأحمد وهو قول الشافعي في القديم وابن أبي ذئب واختاره بن المنذر وابن نافع من أصحاب مالك وقال القاضي عبد الوهاب أنه الاقيس واختاره جماعة بعدهم فيه الجزاء وهو كما في حرم مكة وقيل الجزاء في حرم المدينة أخذ السلب لحديث صححه مسلم عن سعد بن أبي وقاص وفي رواية لأبي داود من وجد أحدا يصيد في حرم المدينة فليسلبه قال القاضي عياض لم يقل بهذا بعد الصحابة الا الشافعي في القديم قلت واختاره جماعة معه وبعده لصحة الخبر فيه ولمن قال به اختلاف في كيفيته ومصرفه والذي دل عليه صنيع سعد عند مسلم وغيره أنه كسلب القتيل وأنه للسالب لكنه لا يخمس وأغرب بعض الحنفية فادعى الإجماع على ترك الأخذ بحديث السلب ثم استدل بذلك على نسخ أحاديث تحريم المدينة ودعوى الإجماع مردودة فبطل ما ترتب عليها قال بن عبد البر لو صح حديث سعد لم يكن في نسخ أخذ السلب ما يسقط الأحاديث الصحيحة ويجوز أخذ العلف لحديث أبي سعيد في مسلم ولا يخبط فيها شجرة الا لعلف ولأبي داود من طريق أبي حسان عن على نحوه وقال المهلب في حديث أنس دلالة على أن المنهي عنه في الحديث الماضي مقصور على القطع الذي يحصل به الافساد فأما من يقصد الإصلاح كمن يغرس بستانا مثلا فلا يمتنع عليه قطع ما كان بتلك الأرض من شجر يضر بقاؤه قال وقيل بل فيه دلالة على أن النهى إنما يتوجه إلى ما انبته الله من الشجر مما لا صنع الآدمي فيه كما حمل عليه النهى عن قطع شجر مكة وعلى هذا يحمل قطعه صلى الله عليه وسلم النخل وجعله قبلة المسجد ولا يلزم منه النسخ المذكور قوله لا يقطع شجرها في رواية يزيد بن هارون لا يختلى خلاها وفي حديث جابر عند مسلم لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها ونحوه عنده عن سعد قوله من أحدث فيها حدثا زاد شعبة وحماد بن سلمة عن عاصم عند أبي عوانة أو آوى محدثا وهذه الزيادة صحيحة إلا أن عاصما لم يسمعها من أنس كما سيأتي بيان ذلك في كتاب الاعتصام قوله فعليه لعنه الله فيه جواز لعن أهل المعاصي والفساد لكن لا دلالة فيه على لعن الفاسق المعين وفيه أن المحدث والمؤوى للمحدث في الإثم سواء والمراد بالحدث والمحدث الظلم والظالم على ما قيل أو ما هو أعم من ذلك قال عياض واستدل بهذا على أن الحدث في المدينة من الكبائر والمراد بلعنة الملائكة والناس المبالغة في الابعاد عن رحمة الله قال والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه في أول الأمر وليس هو كلعن الكافر الحديث الثاني حديث أنس في بناء المسجد أورد منه طرفا وقد مضى في الصلاة وسيأتى بتمامه في أول المغازي إن شاء الله تعالى وقد بينت المراد بإيراده هنا في الكلام على الحديث الأول وهو أن ذلك كان قبل التحريم والله أعلم الحديث الثالث

[ 1770 ] قوله حدثنا إسماعيل بن عبد الله هو بن أبي أويس وأخوه اسمه عبد الحميد وسليمان وهو بن بلال وقد سمع إسماعيل منه وروى كثيرا عن أخيه عنه والإسناد كله مدنيون قوله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال الإسماعيلي رواه جماعة عن عبيد الله هكذا وقال عبدة بن سليمان عن عبيد الله عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة زاد فيه عن أبيه قوله حرم ما بين لابتي المدينة كذا للأكثر بضم أول حرم على البناء لما لم يسم فاعله وفي رواية المستملى حرم بفتحتين على أنه خبر مقدم وما بين لابتي المدينة المبتدأ ويؤيد الأول ما رواه أحمد عن محمد بن عبيد عن عبيد الله بن عمر في هذا الحديث بلفظ أن الله عز وجل حرم على لساني ما بين لابتي المدينة ونحوه وللاسماعيلى من طريق أنس بن عياض عن عبيد الله وقد تقدم القول في اللابتين في الحديث الأول وزاد مسلم في بعض طرقه وجعل اثنى عشر ميلا حول المدينة حمى وروى أبو داود من حديث عدي بن زيد قال حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ناحية من المدينة بريدا بريدا لا يخبط شجره ولا يعضد الا ما يساق به الجمل قوله وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بني حارثة في رواية الإسماعيلي ثم جاء بني حارثة وهم في سند الحرة أي في الجانب المرتفع منها وبنو حارثة بمهملة ومثلثة بطن مشهور من الأوس وهو حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس وكان بنو حارثة في الجاهلية وبنو عبد الأشهل في دار واحدة ثم وقعت بينهم الحرب فانهزمت بنو حارثة إلى خيبر فسكنوها ثم اصطلحوا فرجع بنو حارثة فلم ينزلوا في دار بني عبد الأشهل وسكنوا في دارهم هذه وهي غربى مشهد حمزة قوله بل أنتم قيه زاد الإسماعيلي بل أنتم فيه أعادها تأكيدا وفي هذا الحديث جواز الجزم بما يغلب على الظن وإذا تبين أن اليقين على خلافه رجع عنه الحديث الرابع

[ 1771 ] قوله حدثنا عبد الرحمن هو بن مهدي وسفيان هو الثوري قوله عن أبيه هو يزيد بن شريك بن طارق التيمي وفي الإسناد ثلاثة من التابعين كوفيون في نسق وهذه رواية أكثر أصحاب الأعمش عنه وخالفهم شعبة فرواه عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي أخرجه أحمد والنسائي قال الدارقطني في العلل والصواب رواية الثوري ومن تبعه قوله ما عندنا شيء أي مكتوب وإلا فكان عندهم أشياء من السنة سوى الكتاب أو المنفى شيء اختصوا به عن الناس وسبب قول على هذا يظهر مما أخرجه أحمد من طريق قتادة عن أبي حسان الأعرج أن عليا كان يأمر بالأمر فيقال له قد فعلناه فيقول صدق الله ورسوله فقال له الأشتر أن هذا الذي تقول أهو شيء عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما عهد إلى شيئا خاصة دون الناس الا شيئا سمعته منه فهو في صحيفة في قراب سيفى فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة فإذا فيها فذكر الحديث وزاد فيه المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم الا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده وقال فيه أن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين حريتها وحماها كله لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها ولا يقطع منها شجرة الا أن يعلف رجل بعيره ولا يحمل فيها السلاح لقتال والباقي نحوه أخرجه الدارقطني من وجه آخر عن قتادة عن أبي حسان عن الاشتراك عن على ولأحمد وأبي داود والنسائي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد قال انطلقت أنا والأشتر إلى على فقلنا هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس عامة قال لا الا ما في كتابي هذا قال وكتاب في قراب سيفه فإذا فيه المؤمنون تتكافأ دماؤهم فذكر مثل ما تقدم إلى قوله في عهده من أحدث حدثا إلى قوله أجمعين ولم يذكر بقية الحديث ولمسلم من طريق أبي الطفيل كنت عند على فأتاه رجل فقال ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إليك فغضب ثم قال ما كان يسر إلى شيئا يكتمه عن الناس غير أنه حدثني بكلمات أربع وفي رواية له ما خصنا بشيء لم يعم به الناس كافة الا ما كان في قراب سيفى هذا فأخرج صحيفة مكتوبا فيها لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من سرق منار الأرض ولعن الله من لعن والده ولعن الله من آوى محدثا وقد تقدم في كتاب العلم من طريق أبي جحيفة قلت لعلي هل عندكم كتاب قال لا الا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة قال قلت وما في هذه الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر والجمع بين هذه الأخبار أن الصحيفة المذكورة كانت مشتملة على مجموع ما ذكر فنقل كل راو بعضها وأتمها سياقا طريق أبي حسان كما ترى والله أعلم قوله المدينة حرم كذا أورده مختصرا وسيأتى في الجزية بزيادة في أوله قال فيها الجراحات واسنان الإبل قوله من أحدث فيها حدثا يقيد به مطلق ما تقدم في رواية قيس بن عباد وأن ذلك يختص بالمدينة لفضلها وشرفها قوله لا يقبل منه صرف ولا عدل بفتح أولهما واختلف في تفسيرهما فعند الجمهور الصرف الفريضة والعدل النافلة ورواه بن خزيمة بإسناد صحيح عن الثوري وعن الحسن البصري بالعكس وعن الأصمعي الصرف التوبة والعدل الفدية وعن يونس مثله لكن قال الصرف الاكتساب وعن أبي عبيدة مثله لكن قال العدل الحيلة وقيل المثل وقيل الصرف الدية والعدل الزيادة عليها وقيل بالعكس وحكى صاحب المحكم الصرف الوزن والعدل الكيل وقيل الصرف القيمة والعدل الاستقامة وقيل الصرف الدية والعدل البديل وقيل الصرف الشفاعة والعدل الفدية لأنها تعادل الدية وبهذا الأخير جزم البيضاوي وقيل الصرف الرشوة والعدل الكفيل قاله أبان بن ثعلب وأنشد لا تقبل الصرف وهاتوا عدلا فحصلنا على أكثر من عشرة أقوال وقد وقع في آخر الحديث في رواية المستملى قال أبو عبد الله عدل فداء وهذا موافق لتفسير الأصمعي والله أعلم قال عياض معناه لا يقبل قبول رضا وأن قبل قبول جزاء وقيل يكون القبول هنا بمعنى تكفير الذنب بهما وقد يكون معنى الفدية أنه لا يجد يوم القيامة فدى يفتدى به بخلاف غيره من المذنبين بأن يفديه من النار بيهودي أو نصراني كما رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري وفي الحديث رد لما تدعيه الشيعة بأنه كان عند على وآل بيته من النبي صلى الله عليه وسلم أمور كثيرة أعلمه بها سرا تشتمل على كثير من قواعد الدين وامور الامارة وفيه جواز كتابة العلم قوله ذمة المسلمين واحدة أي امانهم صحيح فإذا أمن الكافر واحد منهم حرم على غيره التعرض له وللأمان شروط معروفة وقال البيضاوي الذمة العهد سمي بها لأنه يذم متعاطيها على اضاعتها وقوله يسعى بها أي يتولاها ويذهب ويجيء والمعنى أن ذمة المسلمين سواء صدرت من واحد أو أكثر شريف أو وضيع فإذا أمن أحد من المسلمين كافرا وأعطاه ذمة لم يكن لأحد نقضه فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحر والعبد لأن المسلمين كنفس واحدة وسيأتى البحث في ذلك في كتاب الجزية والموادعة وقوله فمن اخفر بالخاء المعجمة والفاء أي نقض العهد يقال خفرته بغير ألف امنته واخفرته نقضت عهده قوله ومن يتولى قوما بغير إذن مواليه لم يجعل الإذن شرطا لجواز الادعاء وإنما هو لتأكيد التحريم لأنه إذا استأذنهم في ذلك منعوه وحالوا بينه وبين ذلك قاله الخطابي وغيره ويحتمل أن يكون كنى بذلك عن بيعه فإذا وقع بيعه جاز له الانتماء إلى مولاه الثاني وهو غير مولاه الأول أو المراد موالاة الحلف فإذا أراد الانتقال عنه لا ينتقل الا بإذن وقال البيضاوي الظاهر أنه أراد به ولاء العتق لعطفه على قوله من ادعى إلى غير أبيه والجمع بينهما بالوعيد فإن العتق من حيث أنه لحمة كلحمة النسب فإذا نسب إلى غير من هو له كان كالداعى الذي تبرا عمن هو منه وألحق نفسه بغيره فيستحق به الدعاء عليه بالطرد والابعاد عن الرحمة ثم أجاب عن الإذن بنحو ما تقدم وقال ليس هو التقييد وإنما هو للتنبيه على ما هو المانع وهو إبطال حق مواليه فأورد الكلام على ما هو الغالب وسيأتى البحث في ذلك في كتاب الفرائض إن شاء الله تعالى تنبيه رتب المصنف أحاديث الباب ترتيبا حسنا ففي حديث أنس التصريح بكون المدينة حرما وفي حديثه الثاني تخصيص النهى عن قطع الشجر بما لا ينبته الآدميون وفي حديث أبي هريرة بيان ما أجمل من حد حرمها في حديث أنس حيث قال كذا وكذا فبين في هذا أنه ما بين الحرتين وفي حديث على زيادة تأكيد التحريم وبيان حد الحرم أيضا

قوله باب فضل المدينة وإنها تنفى الناس أي الشرار منهم وراعى في الترجمة لفظ الحديث وقرينة إرادة الشرار من الناس ظاهرة من التشبيه الواقع في الحديث والمراد بالنفى الإخراج ولو كانت الرواية تنقى بالقاف لحمل لفظ الناس على عمومه وقد ترجم المصنف بعد أبواب المدينة تنفى الخبث

[ 1772 ] قوله عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري وشيخه أبو الحباب بضم المهملة وبالموحدتين الأولى خفيفة والإسناد كله مدنيون الا شيخ البخاري قال بن عبد البر اتفق الرواة عن مالك على إسناده الا إسحاق بن عيسى الطباع فقال عن مالك عن يحيى عن سعيد بن المسيب بدل سعيد بن يسار وهو خطأ قلت وتابعه أحمد بن عمر عن خالد السلمي عن مالك وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك وقال هذا وهم والصواب عن يحيى عن سعيد بن يسار قوله أمرت بقرية أي أمرني بالهجرة إليها أو سكناها فالأول محمول على أنه قاله بمكة والثاني على أنه قاله بالمدينة قوله تأكل القرى أي تغلبهم وكنى بالأكل عن الغلبة لأن الآكل غالب على المأكول ووقع في موطأ بن وهب قلت لمالك ما تأكل القرى قال تفتح القرى وبسطه بن بطال فقال معنى يفتح أهلها القرى فيأكلون أموالهم ويسبون ذراريهم قال وهذا من فصيح الكلام تقول العرب أكلنا بلد كذا إذا ظهروا عليها وسبقه الخطابي إلى معناه ذلك أيضا وقال النووي ذكروا في معناه وجهين أحدهما هذا والآخر أن أكلها وميرتها من القرى المفتتحة واليها تساق غنائمها وقال بن المنير في الحاشية يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبة فضلها على فضل غيرها ومعناه أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكاد تكون عدما قلت والذي ذكره احتمالا ذكره القاضي عبد الوهاب فقال لا معنى لقوله تأكل القرى الا رجوع فضلها عليها وزيادتها على غيرها كذا قال ودعوى الحصر مردودة لما مضى ثم قال بن المنير وقد سميت مكة أم القرى قال والمذكور للمدينة أبلغ منه لأن الأمومة لا تنمحى إذا وجدت ما هي له أم لكن يكون حق الأم أظهر وفضلها أكثر قوله يقولون يثرب وهي المدينة أي أن بعض المنافقين يسميها يثرب واسمها الذي يليق بها المدينة وفهم بعض العلماء من هذا كراهة تسمية المدينة يثرب وقالوا ما وقع في القرآن إنما هو حكاية عن قول غير المؤمنين وروى أحمد من حديث البراء بن عازب رفعه من سمي المدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة هي طابة وروى عمر بن شبة من حديث أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقال للمدينة يثرب ولهذا قال عيسى بن دينار من المالكية من سمى المدينة يثرب كتبت عليه خطيئة قال وسبب هذه الكراهية لأن يثرب أما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة أو من الثرب وهو الفساد وكلاهما مستقبح وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح وذكر أبو إسحاق الزجاج في مختصره وأبو عبيد البكري في معجم ما استعجم أنها سميت يثرب باسم يثرب بن قانية بن مهلايل بن عيل بن عيص بن إرم بن سام بن نوح لأنه أول من سكنها بعد العرب ونزل أخوه خيبور خيبر فسميت به وسقط بعض الأسماء من كلام البكري قوله تنفى الناس قال عياض وكأن هذا مختص بزمنه لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه بها الا من ثبت ايمانه وقال النووي ليس هذا بظاهر لأن عند مسلم لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد وهذا والله أعلم زمن الدجال انتهى ويحتمل أن يكون المراد كلا الزمانين وكان الأمر في حياته صلى الله عليه وسلم كذلك للسبب المذكور ويؤيده قصة الأعرابي الآتية بعد أبواب فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر في هذا الحديث معللا به خروج الأعرابي وسؤاله الاقالة عن البيعة ثم يكون ذلك أيضا في آخر الزمان عندما ينزل بها الدجال فترجف بأهلها فلا يبقى منافق ولا كافر الا خرج إليه كما سيأتي بعد أبواب أيضا وأما ما بين ذلك فلا قوله كما ينفى الكير بكسر الكاف وسكون التحتانية وفيه لغة أخرى كور بضم الكاف والمشهور بين الناس أنه الزق الذي ينفخ فيه لكن أكثر أهل اللغة على أن المراد بالكير حانوت الحداد والصائغ قال بن التين وقيل الكير هو الزق والحانوت هو الكور وقال صاحب المحكم الكير الزق الذي ينفخ فيه الحداد ويؤيد الأول ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة بإسناد له أبي مودود قال رأى عمر بن الخطاب كير حداد في السوق فضربه برجله حتى هدمه والخبث بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة أي وسخه الذي تخرجه النار والمراد أنها لا تترك فيها من في قلبه دغل بل تميزه عن القلوب الصادقة وتخرجه كما يميز الحداد رديء الحديد من جيده ونسبه التميير الكير لكونه السبب الأكبر في اشتعال النار التي يقع التمييز بها واستدل بهذا الحديث على أن المدينة أفضل البلاد قال الهلب لأن المدينة هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الإسلام فصار الجميع في صحائف أهلها ولأنها تنفى الخبث وأجيب عن الأول بأن أهل المدينة الذين فتحوا مكة معظمهم من أهل مكة فالفضل ثابت للفريقين ولا يلزم من ذلك تفضيل إحدى البقعتين وعن الثاني بأن ذلك إنما هو في خاص من الناس ومن الزمان بدليل قوله تعالى ومن أهل المدينة مردوا على النفاق والمنافق خبيث بلا شك وقد خرج من المدينة بعد النبي صلى الله عليه وسلم معاذ وأبو عبيدة وابن مسعود وطائفة ثم على وطلحة والزبير وعمار وآخرون وهم من أطيب الخلق فدل على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس ووقت دون وقت قال بن حزم لو فتحت بلد من بلد فثبت بذلك الفضل للاولى للزم أن تكون البصرة أفضل من خراسان وسجستان وغيرهما مما فتح من جهة البصرة وليس كذلك وسيأتى مزيد لهذا في كتاب الاعتصام

قوله باب المدينة طابة أي من أسمائها إذ ليس في الحديث أنها لا تسمى بغير ذلك وذكر فيه طرفا من حديث أبي حميد الساعدي وقد مضى مطولا في أواخر الزكاة ووقع في بعض طرقه طابة وفي بعضها طيبة وروى مسلم من حديث جابر بن سمرة مرفوعا أن الله سمى المدينة طابة ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن سماك بلفظ كانوا يسمون المدينة يثرب فسماها النبي صلى الله عليه وسلم طابة وأخرجها أبو عوانة والطاب والطيب لغتان بمعنى واشتقاقهما من الشيء الطيب وقيل لطهارة تربتها وقيل لطيبها لساكنها وقيل من طيب العيش بها وقال بعض أهل العلم وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية لأن من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها وقرأت بخط أبي على الصدفي في هامش نسخته من صحيح البخاري بخطه قال الحافظ أمر المدينة في طيب ترابها وهوائها يجده من أقام بها ويجد لطيبها أقوى رائحة ويتضاعف طيبها فيها عن غيرها من البلاد وكذلك العود وسائر أنواع الطيب وللمدينة أسماء غير ما ذكر منها ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة من رواية زيد بن أسلم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وطابة وطيبة والمطيبة والمسكينة والدار وجابرة ومجبورة ومنيرة ويثرب ومن طريق محمد بن أبي يحيى قال لم أزل أسمع أن للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وطيبة وطابة والمطيبة والمسكينة والمدرى والجابرة والمجبورة والمحببة والمحبوبة ورواه الزبير في أخبار المدينة من طريق بن أبي يحيى مثله وزاد والقاصمة ومن طريق أبي سهل بن مالك وعن كعب الأحبار قال نجد في كتاب الله الذي أنزل على موسى أن الله قال للمدينة يا طيبة ويا طابة ويا مسكينة لا تقبلى الكنوز أرفع أجاجيرك على القرى وروى الزبير في أخبار المدينة من حديث عبد الله بن جعفر قال سمى الله المدينة الدار والإيمان ومن طريق عبد العزيز الدراوردى قال بلغني أن لها أربعين اسما

قوله باب لابتي المدينة ذكر فيه حديث أبي هريرة لو رأيت الظباء ترتع أي تسعى أو ترعى بالمدينة ما ذعرتها أي ما قصدت أخذها فاخفتها بذلك وكنى بذلك عن عدم صيدها واستدل أبو هريرة بقوله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها أي المدينة حرام لأن المراد بذلك المدينة لأنها بين لابتين شرقية وغربية ولها لابتان أيضا من الجانبين الآخرين إلا أنهما يرجعان إلى الأولين لاتصالهما بهما والحاصل أن جميع دورها كلها داخل ذلك وقد تقدم شرح الحديث في الباب الأول وقوله ترتع أي ترعى وقيل تنبسط وفي قول أبي هريرة هذا إشارة إلى قوله في الحديث الماضي لا ينفر صيدها ونقل بن خزيمة على أن الإجزاء في صيد المدينة بخلاف صيد مكة

قوله باب من رغب عن المدينة أي فهو مذموم أو باب حكم من رغب عنها

[ 1775 ] قوله يتركون المدينة كذا للأكثر بتاء الحطاب والمراد بذلك غير المخاطبين لكنهم من أهل البلد أو من نسل المخاطبين أو من نوعهم وروى يتركون بتحتانية ورجحه القرطبي قوله على خير ما كانت أي على أحسن حال كانت عليه من قبل قال القرطبي تبعا لعياض وقد وجد ذلك حيث صارت معدن الخلافة ومقصد الناس وملجأهم وحملت إليها خيرات الأرض وصارت من أعمر البلاد فلما انتقلت الخلافة عنها إلى الشام ثم إلى العراق وتغلبت عليها الأعراب تعاورتها الفتن وخلت من أهلها فقصدتها عوافى الطير والسباع والعوافي جمع عافية وهي التي تطلب أقواتها ويقال للذكر عاف قال بن الجوزي اجتمع في العوافى شيآن أحدهما أنها طالبة لأقواتها من قولك عفوت فلانا أعفوه فأنا عاف والجمع عفاة أي أتيت أطلب معروفه والثاني من العفاء وهو الموضع الخالي الذي لا أنيس به فإن الطير والوحش تقصده لأمنها على نفسها فيه وقال النووي المختار أن هذا الترك يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة ويؤيده قصة الراعيين فقد وقع عند مسلم بلفظ ثم يحشر راعيان وفي البخاري أنهما آخر من يحشر قلت ويؤيده ما روى مالك عن بن حماس بمهملتين وتخفيف عن عمه عن أبي هريرة رفعه لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الذئب فيعوي على بعض سواري المسجد أو على المنبر قالوا فلمن تكون ثمارها قال للعوافى الطير والسباع أخرجه معن بن عيسى في الموطأ عن مالك ورواه جماعة من الثقات خارج الموطأ ويشهد له أيضا مار روى أحمد والحاكم وغيرهما من حديث محجن بن الأدرع الأسلمي قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة ثم لقيني وأنا خارج من بعض طرق المدينة فأخذ بيدي حتى أتينا أحدا ثم أقبل على المدينة فقال ويل أمها قرية يوم يدعها أهلها كأينع ما يكون قلت يا رسول الله من يأكل ثمرها قال عافية الطير والسباع وروى عمر بن شبة بإسناد صحيح عن عوف بن مالك قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ثم نظر إلينا فقال أما والله ليدعنها أهلها مذللة أربعين عاما للعوافي أتدرون ما العوافى الطير والسباع قلت وهذا لم يقع قطعا وقال المهلب في هذا الحديث أن المدينة تسكن إلى يوم القيامة وإن خلت في بعض الأوقات لقصد الراعيين بغنمهما إلى المدينة قوله وآخر من يحشر راعيان من مزينة هذا يحتمل أن يكون حديثا آخر مستقلا لا تعلق له بالذي قبله ويحتمل أن يكون من تتمة الحديث الذي قبله وعلى هذين الاحتمالين يترتب الاختلاف الذي حكيته عن القرطبي والنووي والثاني أظهر كما قال النووي قوله ينعقان بكسر المهملة بعدها قاف النعيق زجر الغنم يقال نعق ينعق بكسر العين وفتحها نعيقا ونعاقا ونعقانا إذا صاح بالغنم وأغرب الداودي فقال معناه يطلب الكلأ وكأنه فسره بالمقصود من الزجر لأنه يزجرها عن المرعى الوبيل إلى المرعى الوسيم قوله فيجدانها وحوشا أو يجدانها ذات وحش أو يجدان أهلها قد صاروا وحوشا وهذا على أن الرواية بفتح الواو أي يجدانها خالية وفي رواية مسلم فيجدانها وحشا أي خالية ليس بها أحد والوحش من الأرض الخلاء أو كثرة الوحش لما خلت من سكانها قال النووي صحيح أن معناه يجدانها ذات وحوش قال وقد يكون وحشا بمعنى وحوش وأصل الوحش كل شيء توحش من الحيوان وجمعه وحوش وقد يعبر بواحدة عن جمعه وحكى عن بن المرابط أن معناه أن غنم الراعيين المذكورين تصير وحوشا إما بان تنقلب ذاتها وإما أن تتوحش وتنفر منها وعلى هذا فالضمير في يجدانها يعود على الغنم والظاهر خلافه قال النووي الصواب الأول وقال القرطبي القدرة صالحة لذلك انتهى ويؤيده أن في بقية الحديث إنهما يخران على وجوههما إذا وصلا إلى ثنية الوداع وذلك قبل دخولهما المدينة بلا شك فيدل على أنهما وجدا التوحش المذكور قبل دخول المدينة فيقوى أن الضمير يعود على غنمهما وكان ذلك من علامات قيام الساعة ويوضح هذا رواية عمر بن شبة في أخبار المدينة من طريق عطاء بن السائب عن رجل من أشجع عن أبي هريرة موقوفا قال آخر من يحشر رجلان رجل من مزينة وآخر من جهينة فيقولان أين الناس فيأتيان المدينة فلا يريان إلا الثعالب فينزل إليهما ملكان فيسحبانهما على وجوههما حتى يلحقاهما بالناس قوله وآخر من يحشر في رواية مسلم من طريق عقيل عن الزهري ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة لم يذكر في الحديث حشرهما وإنما ذكر مقدمته لأن الحشر إنما يقع بعد الموت فذكر سبب موتهما والحشر يعقبه وقوله على هذا خرا على وجوههما أي سقطا ميتين أو المراد بقوله خرا على وجوههما أي سقطا بمن اسقطهما وهو الملك كما تقدم في رواية عمر بن شبة وفي رواية للعقيلي أنهما كانا ينزلان بجبل ورقان وله من حديث حذيفة بن أسيد أنهما يفقدان الناس فيقولان ننطلق إلى بني فلان فيأتيانهم فلا يجدان أحدا فيقولان ننطلق إلى المدينة فينطلقان فلا يجدان بها أحدا فينطلقان إلى البقيع فلا يريان إلا السباع والثعالب وهذا يوضح أحد الاحتمالات المتقدمة وقد روى بن حبان من طريق عروة عن أبي هريرة رفعه آخر قرية في الإسلام خرابا المدينة وهو يناسب كون آخر من يحشر يكون منها تنبيه أنكر بن عمر على أبي هريرة تعبيره في هذا الحديث بقوله خير ما كانت وقال إن الصواب أعمر ما كانت أخرج ذلك عمر بن شبة في أخبار المدينة من طريق مساحيق بن عمرو أنه كان جالسا عند بن عمر فجاء أبو هريرة فقال له لم ترد على حديثي فوالله لقد كنت أنا وأنت في بيت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منها أهلها خير ما كنت فقال بن عمر أجل ولكن لم يقل خير ما كانت إنما قال أعمر ما كانت ولو قال خير ما كانت لكان ذلك وهو حي وأصحابه فقال أبو هريرة صدقت والذي نفسي بيده وروى مسلم من حديث حذيفة أنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمن يخرج أهل المدينة من المدينة ولعمر بن شبة من حديث أبي هريرة قيل يا أبا هريرة من يخرجهم قال أمراء السوء قوله عن أبيه هو عروة بن الزبير وعبد الله بن الزبير أخوه وفي الإسناد صحابي عن صحابي وتابعى عن تابعي لأن هشاما قد لقي بعض الصحابة

[ 1776 ] قوله عن سفيان بن أبي زهير كذا للأكثر ورواه حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه كذلك وقال في آخره قال عروة ثم لقيت سفيان بن أبي زهير عند موته فأخبرني بهذا الحديث وذكر على بن المديني أنه اختلف فيه على هشام اختلافا آخر فقال وهيب وجماعة كما قال مالك وقال بن عيينة عن هشام بسنده عن سفيان بن الغوث وقال أبو معاوية عن هشام بسنده عن سفيان بن عبد الله الثقفي قلت قد رواه الحميدي عن سفيان على الصواب ورواه أبو خيثمة عن جرير فقال سفيان بن أبي قلابة كأنه عرف خطأ جرير فكنى عنه واسم أبي زهير القرد بفتح القاف وكسر الراء بعدها مهملة وقيل نمير وهو الشنوئى من أزد شنوءه بفتح المعجمة وضم النون وبعد الواو همزة مفتوحة وفي النسب كذلك وقيل بفتح النون بعدها همزة مكسورة بلا واو وشنوءة هو عبد الله بن كعب بن مالك بن نضر بن الأزد وسمي شنوءة لشنآن كان بينه وبين قومه قوله تفتح اليمن قال بن عبد البر وغيره افتتحت اليمن في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وفي أيام أبي بكر وافتتحت الشام بعدها والعراق بعدها وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد وقع على وفق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ترتيبه ووقع تفرق الناس في البلاد لما فيها من السعة والرخاء ولو صبروا على الإقامة بالمدينة لكان خيرا لهم وفي هذا الحديث فضل المدينة على البلاد المذكورة وهو أمر مجمع عليه وفيه دليل على أن بعض البقاع أفضل من بعض ولم يختلف العلماء في أن المدينة فضلا على غيرها وإنما اختلفوا في الأفضلية بينها وبين مكة قوله يبسون بفتح أوله وضم الموحدة وبكسرها من بس يبس قال بن عبد البر في رواية يحيى بن يحيى بكسر الموحدة وقيل أن بن القاسم رواه بضمها قال أبو عبيد معناه يسوقون دوابهم والبس سوق الإبل تقول بس بس عند السوق وإرادة السرعة وقال الداودي معناه يزجرون دوابهم فيبسون ما يطؤونه من الأرض من شدة السير فيصير غبارا قال تعالى وبست الجبال بسا أي سألت سيلا وقيل معناه سارت سيرا وقال بن القاسم ألبس المبالغة في الفت ومنه قيل للدقيق المصنوع بالدهن بسيس وأنكر ذلك النووي وقال أنه ضعيف أو باطل وقال بن عبد البر وقيل معنى يبسون يسالون عن البلاد ويستقرئون اخبارها ليسيروا إليها قال وهذا لا يكاد يعرفه أهل اللغة وقيل معناه يزينون لأهلهم البلاد التي تفتح ويدعونهم إلى سكناها فيتحملون بسبب ذلك من المدينة راحلين إليها ويشهد لهذا حديث أبي هريرة عند مسلم يأتي على الناس زمان يدعو الرجل بن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وعلى هذا فالذين يتحملون غير الذين يبسون كان الذي حضر الفتح أعجبه حسن البلد ورخاؤها فدعا قريبه إلى المجيء إليها لذلك فيتحمل المدعو بأهله وأتباعه قال بن عبد البر وروى يبسون بضم أوله وكسر ثانيه من الرباعي من ابس ابساسا ومعناه يزينون لأهلهم البلد التي يقصدونها واصل الابساس للتي تحلب حتى تدر باللبن وهو أن يجري يده على وجهها وصفحة عنقها كأنه يزين لها ذلك ويحسنه لها وإلى هذا ذهب بن وهب وكذا رواه بن حبيب عن مطرف عن مالك يبسون من الرباعي وفسره بنحو ما ذكرنا وأنكر الأول غاية الإنكار وقال النووي الصواب أن معناه الأخبار عمن خرج من المدينة متحملا بأهله بأسا في سيره مسرعا إلى الرخاء والأمصار المفتتحة قلت ويؤيده رواية بن خزيمة من طريق أبي معاوية عن هشام عن عروة في هذا الحديث بلفظ تفتح الشام فيخرج الناس من المدينة إليها يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ويوضح ذلك ما روى أحمد من حديث جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليأتين على أهل المدينة زمان ينطلق الناس منها إلى الأرياف يلتمسون الرخاء فيجدون رخاء ثم يأتون فيتحملون بأهليهم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وفي إسناده بن لهيعة ولا بأس به في المتابعات وهو يوضح ما قلناه والله أعلم وروى أحمد في أول حديث سفيان هذا قصة أخرجها من طريق بشر بن سعيد أنه سمع في مجلس الليثيين يذكرون أن سفيان بن أبي زهير أخبرهم أن فرسه أعيت بالعقيق وهو في بعث بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليه يستحمله فخرج معه يبتغى له بعيرا فلم يجده الا عند أبي جهم به حذيفة العدوي فسامه له فقال له أبو جهم لا ابيعكها يا رسول الله ولكن خذه فاحمل عليه من شئت ثم خرج حتى إذا بلغ بئر إهاب قال يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان ويوشك الشام أن يفتح فيأتيه رجال من أهل هذا البلد فيعجبهم ريعه ورخاؤه والمدينة خير لهم الحديث قوله لو كانوا يعلمون أي بفضلها من الصلاة في المسجد النبوي وثواب الإقامة فيها وغير ذلك ويحتمل أن يكون لو بمعنى ليت فلا يحتاج إلى تقدير وعلى الوجهين ففيه تجهيل لمن فارقها وأثر غيرها قالوا والمراد به الخارجون من المدينة رغبة عنها كارهين لها وأما من خرج لحاجة أو تجارة أو جهاد أو نحو ذلك فليس بداخل في معنى الحديث قال الطيبي الذي يقتضيه هذا المقام أن ينزل ما لا يعلمون منزلة اللازم لتنتفى عنهم المعرفة بالكلية ولو ذهب مع ذلك إلى التمنى لكان أبلغ لأن التمنى طلب ما لا يمكن حصوله أي ليتهم كانوا من أهل العلم تغليظا وتشديدا وقال البيضاوي المعنى أنه يفتح اليمن فيعجب قوما بلادها وعيش أهلها فيحملهم ذلك على المهاجرة إليها بأنفسهم واهليهم حتى يخرجوا من المدينة والحال أن الإقامة في المدينة خير لهم لأنها حرم الرسول وجواره ومهبط الوحي ومنزل البركات لو كانوا يعلمون ما في الإقامة بها من الفوائد الدينية بالعوائد الاخروية التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها وقواه الطيبي لتنكير قوم ووصفهم بكونهم يبسون ثم توكيده بقوله لو كانوا يعلمون لأنه يشعر بأنهم ممن ركن إلى الحظوظ البهيمية والحطام الفاني واعرضوا عن الإقامة في جوار الرسول ولذلك كرر قوما ووصفه في كل قرينة بقوله يبسون استحضار لتلك الهيئة القبيحة والله أعلم

قوله باب الإيمان يارز بفتح أوله وسكون الهمزة وكسر الراء وقد تضم بعدها زاى وحكى بن التين عن بعضهم فتح الراء وقال أن الكسر هو الصواب وحكى أبو الحسن بن سراج ضم الراء وحكى القابسي الفتح ومعناه ينضم ويجتمع

[ 1777 ] قوله حدثني عبيد الله هو بن عمر العمري قوله عن خبيب بالمعجمة مصغرا وكذا رواه أكثر أصحاب عبيد الله وخبيب هو خال عبيد الله المذكور وقد روى عنه بهذا الإسناد عدة أحاديث وفي رواية يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أخرجه بن حبان والبزار وقال البزار أن يحيى بن سليم أخطأ فيه وهو كما قال وهو ضعيف في عبيد الله بن عمر قوله عن حفص بن عاصم أي بن عمر بن الخطاب قوله كما تأزر الحية إلى جحرها أي أنها كما تنتشر من جحرها في طلب ما تعيش به فإذا راعها شيء رجعت إلى جحرها كذلك الإيمان انتشر في المدينة وكل مؤمن له من نفسه سائق إلى المدينة لمحبته في النبي صلى الله عليه وسلم فيشمل ذلك جميع الأزمنة لأنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم للتعلم منه وفي زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم للاقتداء بهديهم ومن بعد ذلك لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده والتبرك بمشاهدة اثاره واثار أصحابه وقال الداودي كان هذا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان منهم والذين يلونهم والذين يلونهم خاصة وقال القرطبي فيه تنبيه على صحة مذهب أهل المدينة وسلامتهم من البدع وأن عملهم حجة كما رواه مالك اه وهذا أن سلم اختص بعصر النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وأما بعد ظهور الفتن وانتشار الصحابة في البلاد ولا سيما في أو اخر المائة الثانية وهلم جر فهو بالمشاهدة بخلاف ذلك

قوله باب إثم من كاد أهل المدينة أي أراد بأهلها سوءا والكيد المكر والحيلة في المساءة

[ 1778 ] قوله أخبرنا الفضل هو بن موسى والجعيد هو بن عبد الرحمن وعائشة بنت سعد أي بن أبي وقاص قالت سمعت سعدا تعني أباها قوله الا انماع أي ذاب وفي رواية مسلم من طريق أبي عبد الله القراظ عن أبي هريرة وسعد جميعا فذكر حديثا فيه من أراد أهلها بسوء اذابه الله كما يذوب الملح في الماء وفي هذه الطريق تعقب على القطب الحلبي حيث زعم أن هذا الحديث من افراد البخاري نعم في افراد مسلم من طريق عامر بن سعد عن أبيه في اثناء حديث ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء الا اذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء قال عياض هذه الزيادة تدفع اشكال الأحاديث الآخر وتوضح أن هذا حكمه في الآخرة ويحتمل أن يكون المراد من ارادها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بسوء اضمحل أمره كما يضمحل الرصاص في النار فيكون في اللفظ تقديم وتأخير ويؤيده قوله أو ذوب الملح في الماء ويحتمل أن يكون المراد لمن ارادها في الدنيا بسوء وأنه لا يمهل بل يذهب سلطانه عن قرب كما وقع لمسلم بن عقبة وغيره فإنه عوجل عن قرب وكذلك الذي أرسله قال ويحتمل أن يكون المراد من كادها اغتيالا وطلبا لغرتها في غفلة فلا يتم له أمر بخلاف من أتى ذلك جهارا كما استباحها مسلم بن عقبة وغيره وروى السنائى من حديث السائب بن خلاد رفعه من أخاف أهل المدينة ظالما لهم أخافه الله وكانت عليه لعنة الله الحديث ولابن حبان نحوه من حديث جابر

قوله باب آطام المدينة بالمد جمع اطم بضمتين وهي الحصون التي تبنى بالحجارة وقيل هو كل بيت مربع مسطح والآطام جمع قلة وجمع الكثرة اطؤم والواحدة اطمة كاكمة وقد ذكر الزبير بن بكار في أخبار المدينة ما كان بها من الاطام قبل حلول الأوس والخزرج بها ثم ما كان بها بعد حلولهم وأطال في ذلك

[ 1779 ] قوله أشرف أي نظر من مكان مرتفع قوله مواقع أي مواضع السقوط و خلال أي نواحيها شبه سقوط الفتن وكثرتها بسقوط القطر في الكثرة والعموم وهذا من علامات النبوة لاخباره بما سيكون وقد ظهر مصداق ذلك من قتل عثمان وهلم جر ولا سيما يوم الحرة والرؤية المذكورة يحتمل أن تكون بمعنى العلم أو رؤية العين بان تكون الفتن مثلت له حتى راها كما مثلت له الجنة والنار في القبلة حتى راهما وهو يصلي قوله تابعه معمر وسليمان بن كثير أما رواية معمر فوصلها المؤلف في الفتن وأما متابعة سليمان بن كثير فوصلها المؤلف في بر الوالدين له خارج الصحيح وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الفتن

قوله باب لا يدخل الدجال المدينة أورد فيه أربعة أحاديث الأول حديث أبي بكرة وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الفتن

[ 1780 ] قوله عن جده هو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قوله على كل باب في رواية الكشميهني لكل باب الثاني حديث أبي هريرة

[ 1781 ] قوله إلى أنقاب المدينة جمع نقب بفتح النون والقاف بعدها موحدة ووقع في حديث أنس وأبي سعيد اللذين بعده على نقابها جمع نقب بالسكون وهما بمعنى قال بن وهب المراد بها المداخل وقيل الأبواب واصل النقب الطريق بين الجبلين وقيل الانقاب الطرق التي يسلكها الناس ومنه قوله تعالى فنقبوا في البلاد قوله لا يدخلها الطاعون ولا الدجال سيأتي في الطب بيان من زاد في هذا الحديث مكة الثالث حديث أنس قوله حدثنا أبو عمرو هو الأوزاعي وإسحاق هو بن عبد الله بن أبي طلحة قوله ليس من بلد الا سيطؤه الدجال هو على ظاهره وعمومه عند الجمهور وشذ بن حزم فقال المراد الا يدخله بعثه وجنوده وكأنه استبعد إمكان دخول الدجال جميع البلاد لقصر مدته وغفل عما ثبت في صحيح مسلم أن بعض أيامه يكون قدر السنة قوله ثم ترجف المدينة أي يحصل لها زلزلة بعد أخرى ثم ثالثة حتى يخرج منها من ليس مخلصا في ايمانه ويبقى بها المؤمن الخالص فلا يسلط عليه الدجال ولا يعارض هذا ما في حديث أبي بكرة الماضي أنه لا يدخل المدينة رعب الدجال لأن المراد بالرعب ما يحدث من الفزع من ذكره والخوف من عتوه لا الرجفة التي تقع بالزلزلة لاخراج من ليس بمخلص وحمل بعض العلماء الحديث الذي فيه أنها تنفى الخبث على هذه الحالة دون غيرها وقد تقدم أن الصحيح في معناه أنه خاص بناس وبزمان فلا مانع أن يكون هذا الزمان هو المراد ولا يلزم من كونه مرادا نفى غيره الحديث الرابع حديث أبي سعيد

[ 1783 ] قوله بعض السباخ بكسر المهملة وبالموحدة الخفيفة وآخره معجمة وسيأتي الكلام عليه أيضا في الفتن وحاصل ما في هذه الأحاديث إعلامه صلى الله عليه وسلم أن الدجال لا يدخل المدينة ولا الرعب منه كما مضى

قوله باب بالتنوين المدينة تنفي الخبث أي بإخراجه وإظهاره

[ 1784 ] قوله حدثنا عمرو بن عباس بالموحدة والمهملة وعبد الرحمن هو بن مهدي وسفيان هو الثوري قوله عن جابر وقع في الأحكام من وجه آخر عن بن المنكدر قال سمعت جابرا قوله جاء أعرابي لم اقف على اسمه الا أن الزمخشري ذكر في ربيع الأبرار أنه قيس بن أبي حازم وهو مشكل لأنه تابعي كبير مشهور صرحوا بأنه هاجر فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قد مات فإن كان محفوظا فلعله آخر وافق اسمه واسم أبيه وفي الذيل لأبي موسى في الصحابة قيس بن أبي حازم المنقري فيحتمل أن يكون هو هذا قوله فبايعه على الإسلام فجاء من الغد محموما فقال اقلنى ظاهره أنه سأل الإقامة من الإسلام وبه جزم عياض وقال غيره إنما استقاله من الهجرة وإلا لكان قتله على الردة وسيأتي الكلام على هذا الحديث مستوفى في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى قوله ثلاث مرار يتعلق باقلنى ويقال معا قوله تنفى خبثها تقدم الكلام عليه في أوائل المدينة قوله وتنصع بفتح أوله وسكون النون وبالمهملتين من النصوع وهو الخلوص والمعنى أنها إذا نفت الخبث تمير الطيب واستقر فيها وأما قوله طيبها فضبطه الأكثر بالنصب على المفعولية وفي رواية الكشميهني بالتحتانية أوله ورفع طيبها على الفاعلية وطيبها للجميع بالتشديد وضبطه القزاز بكسر أوله والتخفيف ثم استشكله فقال لم أر للنصوع في الطيب ذكرا وإنما الكلام يتضوع بالضاد المعجمة وزيادة الواو الثقيلة قال ويروي وتنضخ بمعجمتين وأغرب الزمخشري في الفائق فضبطه بموحدة وضاد معجمة وعين وقال هو من ابضعه بضاعة إذا دفعها إليه يعني أن المدينة تعطى طيبها لمن سكنها وتعقبه الصغاني بأنه خالف جميع الرواة في ذلك وقال بن الأثير المشهور بالنون والصاد المهملة

[ 1975 ] قوله عن عبد الله بن يزيد هو الخطمي وفي الإسناد صحابيان انصاريان في نسق واحد قوله رجع ناس من أصحابه هم عبد الله بن أبي ومن تبعه وسيأتي الكلام عليه في تفسير سورة النساء والغرض منه هنا بيان ابتداء قوله تنفى الرجال وأنه كان في أحد قوله الرجال كذا للأكثر وللكشميهني الدجال بالدال وتشديد الجيم وهو تصحيف ووقع في غزوة أحد تنفى الذنوب وفي تفسير النساء تنفى الخبث وأخرجه في هذه المواضع كلها من طريق شعبة وقد أخرجه مسلم والترمذي والنسائي من طريق غندر عن شعبة باللفظ الذي أخرجه في التفسير من طريق غندر وغندر أثبت الناس في شعبة وروايته توافق رواية حديث جابر الذي قبله حيث قال فيه تنفى خبثها وكذا أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ تخرج الخبث ومضى في أول فضائل المدينة من وجه آخر عن أبي هريرة تنفى الناس والرواية التي هنا بلفظ تنفى الرجال لا تنافى الرواية بلفظ الخبث بل هي مفسرة للرواية المشهورة بخلاف تنفى الذنوب ويحتمل أن يكون فيه حذف تقديره أهل الذنوب فيلتئم مع باقي الروايات

قوله باب كذا للأكثر بلا ترجمة وسقط من رواية أبي ذر فأشكل وعلى تقدير ثبوته فلا بد له من تعلق بالذي قبله لأنه بمنزلة الفصل من الباب وقد أورد فيه حديثين لأنس ووجه تعلق الأول منهما بترجمة نفى الخبث أن قضية الدعاء بتضعيف البركة وتكثيرها تقليل ما يضادها فيناسب ذلك نفى الخبث ووجه تعلق الثاني أن قضية حب الرسول للمدينة أن تكون بالغة في طيب ذاتها وأهلها فيناسب ذلك أيضا وقد تقدم الكلام على الثاني في أواخر أبواب العمرة وأما الأول فقوله فيه حدثنا أبي هو جرير بن حازم ويونس هو بن يزيد

[ 1786 ] قوله اجعل بالمدينة ضعفى ما جعلت بمكة من البركة أي من بركة الدنيا بقرينة قوله في الحديث الآخر اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا ويحتمل أن يريد ما هو أعلم من ذلك لكن يستثنى من ذلك ما خرج بدليل كتضعيف الصلاة بمكة على المدينة واستدل به عن تفضيل المدينة على مكة وهو ظاهر من هذه الجهة لكن لا يلزم من حصول أفضلية المفضول في شيء من الأشياء ثبوت الأفضلية له على الإطلاق وأما من ناقض ذلك بأنه يلزم أن يكون الشام واليمن أفضل من مكة لقوله في الحديث الآخر اللهم بارك لنا في شامنا وأعادها ثلاثا فقد تعقب بان التاكيد لا يستلزم التكثير المصرح به في حديث الباب وقال بن حزم لا حجة في حديث الباب لهم لأن تكثير البركة بها لا يستلزم الفضل في أمور الآخرة ورده عياض بان البركة أعم من أن تكون في أمور الدين أو الدنيا لأنا بمعنى النماء والزيادة فأما من الأمور الدينية فلما يتعلق بها من حق الله تعالى من الزكاة والكفارات ولا سيما في وقوع البركة في الصاع والمد وقال النووي الظاهر أن البركة حصلت في نفس المكيل بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها وهذا أمر محسوس عند من سكنها وقال القرطبي إذا وجدت البركة فيها في وقت حصلت إجابة الدعوة ولا يستلزم دوامها في كل حين ولكل شخص والله أعلم قوله تابعه عثمان بن عمر عن يونس أي تابع جرير بن حازم في روايته لهذا الحديث عن يونس بن يزيد عن الزهري عثمان بن عمر بن فارس فرواه عن يونس بن يزيد ورواية عثمان بن عمر موصولة في كتاب علل حديث الزهري جمع محمد بن يحيى الذهلي كذا وجدته بخط بعض المصنفين ولم اقف عليه في كتاب الذهلي وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي فأخرجه من طريق عبد الله بن وهب ومن طريق شبيب بن سعيد وعلقمة من طريق عنبسة بن خالد كلهم عن يونس بن يزيد وساق رواية وهب بن جرير فقال حدثنا أبو يعلى حدثنا زهير أبو خيثمة وقاسم بن أبي شيبة كلاهما عن وهب بن جرير وصرح في رواية زهير عن وهب بسماع جرير له من يونس ثم قال قاسم بن أبي شيبة ليس من شرط هذا الكتاب ونقل مغلطاي كلام الإسماعيلي هذا وتبعه شيخنا بن الملقن وقال في آخره قال الإسماعيلي أبو شيبة ليس من شرط هذا الكتاب وهو سهو كأنه أراد أن يكتب قاسم بن أبي شيبة فقال وأبو شيبة ثم قال مغلطاي وقال الإسماعيلي قال الحسن عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره وقال يعني المدينة وهذا نظر من لم يطلع على حقيقة الحال فيه إذ الإسماعيلي ذكر رواية الحسن عن أنس لهذا الحديث متابعة لرواية يونس عن الزهري عن أنس كما ذكر رواية بن وهب وشبيب بن سعيد متابعة لجرير بن حازم عن يونس وليس كذلك وإنما أورد الإسماعيلي طريق شبيب بن سعيد فقال أخبرني الحسن يعني بن سفيان حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد حدثنا أبي عن يونس عن الزهري ثم تحول الإسماعيلي إلى طريق بن وهب قال بن وهب حدثنا يونس عن بن شهاب حدثني أنس وساق الحديث على لفظه ثم قال بعد فراغه وقال الحسن عن أنس ومراده أن رواية بن وهب فيها تصريح بن شهاب وهو الزهري أن أنسا حدثه بخلاف رواية شبيب بن سعيد التي أخرجها من طريق الحسن بن سفيان فإنه قال فيها عن أنس

قوله باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة ذكر فيه حديث أنس في قصة بني سلمة وقد تقدم الكلام عليه في باب احتساب الآثار في أوائل صلاة الجماعة تنبيه ترجم البخاري بالتعليلين فترجم في الصلاة باحتساب الآثار لقوله صلى الله عليه وسلم مكانكم تكتب لكم اثاركم وترجم هنا بما ترى لقول الراوي فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة وكأنه صلى الله عليه وسلم اقتصر في مخاطبتهم على التعليل المتعلق بهم لكونه ادعى لهم إلى الموافقة قوله فيه الا تحتسبون كذا للأكثر وفي رواية الا تحتسبوا وحذف نون الرفع في مثل هذا لغة مشهورة

قوله باب كذا في جميع النسخ بلا ترجمة وهو مشتمل على حديثين وأثر ولكل منهما تعلق بالترجمة التي قبله فحديث ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة فيه إشارة إلى الترغيب في سكنى المدينة وحديث عائشة في قصة وعك أبي بكر وبلال فيه دعاؤه صلى الله عليه وسلم للمدينة بقوله اللهم صححها وفي ذلك إشارة إلى الترغيب في سكناها أيضا وأثر عمر في دعائه بان تكون وفاته بها ظاهر في ذلك وفي كل ذلك مناسبة لكراهته صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة أي تصير خالية فأما الحديث الأول في المنبر فقوله ما بين بيتي ومنبري كذا للأكثر ووقع في رواية بن عساكر وحده قبري بدل بيتي وهو خطا فقد تقدم هذا الحديث في كتاب الصلاة قبيل الجنائز بهذا الإسناد بلفظ بيتي وكذلك هو في مسند مسدد شيخ البخاري فيه نعم وقع في حديث سعد بن أبي وقاص عند البزار بسند رجاله ثقات وعند الطبراني من حديث بن عمر بلفظ القبر فعلى هذا المراد بالبيت في

[ 1789 ] قوله بيتي أحد بيوته لاكلها وهو بيت عائشة الذي صار فيه قبره وقد ورد الحديث بلفظ ما بين المنبر وبيت عائشة روضة من رياض الجنة أخرجه الطبراني في الأوسط قوله روضة من رياض الجنة أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل في ملازمة حلق الذكر لا سيما في عهده صلى الله عليه وسلم فيكون تشبيها بغير أداة أو المعنى أن العبادة فيها تؤدى إلى الجنة فيكون مجازا أو هو على ظاهره وان المراد انه روضة حقيقية بان ينتقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة الى الجنة هذا محصل ما أوله العلماء في هذا الحديث وهي على ترتيبها هذا في القوة وأما قوله ومنبري على حوضي أي ينقل يوم القيامة فينصب على الحوض وقال الأكثر المراد منبره بعينه الذي قال هذه المقالة وهو فوقه وقيل المراد المنبر الذي يوضع له يوم القيامة والأول أظهر ويؤيده حديث أبي سعيد المتقدم وقد رواه الطبراني في الكبير من حديث أبي واقد الليثي رفعه أن قوائم منبري رواتب في الجنة وقيل معناه أن قصد منبره والحضور عنده لملازمة الأعمال الصالحة يورد صاحبه إلى الحوض ويقتضى شربه منه والله أعلم ونقل بن زبالة أن ذرع ما بين المنبر والبيت الذي فيه القبر الآن ثلاث وخمسون ذراعا وقيل أربع وخمسون وسدس وقيل خمسون الا ثلثي ذراع وهو الآن كذلك فكأنه نقص لما أدخل من الحجرة في الجدار واستدل به على أن المدينة أفضل من مكة لأنه أثبت أن الأرض التي بين البيت والمنبر من الجنة وقد قال في الحديث الآخر لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها وتعقبه بن حزم بان قوله أنها من الجنة مجازا إذ لو كانت حقيقة لكانت كما وصف الله الجنة أن لك الا تجوع فيها ولا تعرى وإنما المراد أن الصلاة فيها تؤدى إلى الجنة كما يقال في اليوم الطيب هذا من أيام الجنة وكما قال صلى الله عليه وسلم الجنة تحت ظلال السيوف قال ثم لو ثبت أنه على الحقيقة لما كان الفضل الا لتلك البقعة خاصة فإن قيل أن ما قرب منها أفضل مما بعد لزمهم أن يقولوا إن الجحفة أفضل من مكة ولا قائل به وأما حديث عائشة فقوله وعك بضم أوله أي أصابه الوعك وهو الحمى وقيل مغث الحمى وسيأتي شرح هذا الحديث مستوفى في كتاب المغازي أول الهجرة إن شاء الله تعالى

[ 1790 ] قوله قالت يعني عائشة والقائل عروة فهو متصل قوله وهي أوبأ بالهمز بوزن أفعل من الوباء والوباء مقصور بهمز وبغير همز هو المرض العام ولا يعارض قدومهم عليها وهي بهذه الصفة نهيه صلى الله عليه وسلم عن القدوم على الطاعون لأن ذلك كان قبل النهى أو أن النهى يختص بالطاعون ونحوه من الموت الذريع لا المرض ولو عم قوله قالت فكان بطحان يعني وادي المدينة وقولها يجري نجلا تعني ماء اجنا هو من تفسير الراوي عنها وغرضها بذلك بيان السبب في كثرة الوباء بالمدينة لأن الماء الذي هذه صفته يحدث عنده المرض وقيل النجل النز بنون وزاى يقال استنجل الوادي إذا ظهر نزوزه ونجلا بفتح النون وسكون الجيم وقد تفتح حكاه بن التين وقال بن فارس النجل بفتحتين سعة العين وليس هو المراد هنا وقال بن السكيت النجل العين حيث تظهر وينبع عين الماء وقال الحربي نجلا أي واسعا ومنه عين نجلاء أي واسعة وقيل هو الغدير الذي لا يزال فيه الماء قوله تعني ماء اجنا بفتح الهمزة وكسر الجيم بعدها نون أي متغيرا قال عياض هو خطا ممن فسره فليس المراد هنا الماء المتغير قلت وليس كما قال فإن عائشة قالت ذلك في مقام التعليل لكون المدينة كانت وبيئة ولا شك أن النجل إذا فسر بكونه الماء الحاصل من النز فهو بصدد أن يتغير وإذا تغير كان استعماله مما يحدث الوباء في العادة وأما أثر عمر فذكر بن سعد سبب دعائه بذلك وهو ما أخرجه بإسناد صحيح عن عوف بن مالك أنه رأى رؤيا فيها أن عمر شهيد مستشهد فقال لما قصها عليه أني لي بالشهادة وأنا بين ظهراني جزيرة العرب لست أغزو والناس حولي ثم قال بلى يأتي بها الله إن شاء

[ 1791 ] قوله وقال بن زريع عن روح بن القاسم وصله الإسماعيلي عن إبراهيم بن هاشم عن أمية بن بسطام عن يزيد بن زريع به ولفظه عن حفصة قالت سمعت عمر يقول اللهم قتلا في سبيلك ووفاة ببلد نبيك قالت فقلت وأني يكون هذا قال يأتي به الله إذا شاء قوله وقال هشام بن سعد عن زيد عن أبيه أسلم وصله بن سعد عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عنه ولفظه عن حفصة أنها سمعت أباها يقول فذكر مثله وفي آخره إن الله يأتي بأمره إن شاء الله وأراد البخاري بهذين التعليقين بيان الاختلاف فيه على زيد بن أسلم فاتفق هشام بن سعد وسعيد بن أبي هلال على أنه عن زيد عن أبيه أسلم عن عمر وقد تابعهما حفص بن ميسرة عن زيد عند عمر بن شبة وانفرد روح بن القاسم عن زيد بقوله عن أمه وقد رواه بن سعد عن معن بن عيسى عن مالك عن زيد بن أسلم أن عمر فذكره مرسلا وللحديث طريق أخرى أخرجها البخاري في تاريخه من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله القارئ عن جده عن أبيه محمد عن أبيه عبد الله أنه سمع عمر يقول ذلك وطريق أخرى أخرجها عمر بن شبة من طريق عبد الله بن دينار عن بن عمر عن عمر إسنادها صحيح ومن وجه آخر منقطع وزاد فكان الناس يتعجبون من ذلك ولا يدرون ما وجهه حتى طعن أبو لؤلؤة عمر رضي الله عنه تنبيه تقدم ما يتعلق بفضل الصلاة في المسجد النبوي ومسجد قباء والمسجد الأقصى في أبواب في أواخر كتاب الصلاة خاتمة اشتمل ذكر المدينة على ستة وعشرين حديثا المعلق منها أربعة والمكرر منها فيه وفيما مضى تسعة والخالص سبعة عشر وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي هريرة في ذكر بني حارثة وحديث أبي بكرة في ذكر الدجال وفيه من الآثار أثر واحد وهو أثر عمر الذي ختم به فأخرجه موصولا ومعلقا وفيه إشارة إلى حسن الختام فنسأل الله تعالى أن يختم لنا بالحسنى وأن يعين على ختم هذا الشرح ويرفعنا به إلى المحل الاسني إنه على كل شيء قدير