كتاب صلاة التراويح
 قوله باب فضل من قام رمضان أي قام لياليه مصليا والمراد من قيام الليل ما يحصل به مطلق القيام كما قدمناه في التهجد سواء وذكر النووي أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح يعني أنه يحصل بها المطلوب من القيام لا أن قيام رمضان لا يكون الا بها وأغرب الكرماني فقال اتفقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح

[ 1904 ] قوله عن بن شهاب في رواية بن القاسم عند النسائي عن مالك حدثني بن شهاب قوله أخبرني أبو سلمة كذا رواه عقيل وتابعه يونس وشعيب وابن أبي ذئب ومعمر وغيرهم وخالفه مالك فقال عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بدل أبي سلمة وقد صح الطريقان عند البخاري فاخرجهما على الولاء وقد أخرجه النسائي من طريق جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عنهما جميعا وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه وصحح الطريقين وحكى أن أبا همام رواه عن بن عيينة عن الزهري فخالف الجماعة فقال عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وخالفه أصحاب سفيان فقالوا عن أبي سلمة وقد رواه النسائي من طريق سعيد بن أبي هلال عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب مرسلا قوله يقول لرمضان أي لفضل رمضان أو لأجل رمضان ويحتمل أن تكون اللام بمعنى عن أي يقول عن رمضان قوله ايمانا أي تصديقا بوعد الله بالثواب عليه واحتسابا أي طلبا للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه قوله غفر له ظاهره يتناول الصغائر والكبائر وبه جزم بن المنذر وقال النووي المعروف أنه يختص بالصغائر وبه جزم إمام الحرمين وعزاه عياض لأهل السنة قال بعضهم ويجوز أن يخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة قوله ما تقدم من ذنبه زاد قتيبة عن سفيان عند النسائي وما تأخر وكذا زادها حامد بن يحيى عند قاسم بن أصبغ والحسين بن الحسن المروزي في كتاب الصيام له وهشام بن عمار في الجزء الثاني عشر من فوائده ويوسف بن يعقوب النجاحي في فوائده كلهم عن بن عيينة ووردت هذه الزيادة من طريق أبي سلمة من وجه آخر أخرجها أحمد من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وعن ثابت عن الحسن كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ووقعت هذه الزيادة من رواية مالك نفسه أخرجها أبو عبد الله الجرجاني في اماليه من طريق بحر بن نصر عن بن وهب عن مالك ويونس عن الزهري ولم يتابع بحر بن نصر على ذلك أحد من أصحاب بن وهب ولا من أصحاب مالك ولا يونس سوى ما قدمناه وقد ورد في غفران ما تقدم وما تأخر من الذنوب عدة أحاديث جمعتها في كتاب مفرد وقد استشكلت هذه الزيادة من حيث أن المغفرة تستدعى سبق شيء يغفر والمتاخر من الذنوب لم يأت فكيف يغفر والجواب عن ذلك يأتي في قوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله عز وجل أنه قال في أهل بدر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ومحصل الجواب أنه قيل أنه كناية عن حفظهم من الكبائر فلا تقع منهم كبيرة بعد ذلك وقيل أن معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة وبهذا أجاب جماعة منهم الماوردي في الكلام على حديث صيام غرفة وأنه يكفر سنتين سنة ماضية وسنة اتية

[ 1905 ] قوله قال بن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في رواية الكشميهني والأمر على ذلك أي على ترك الجماعة في التراويح ولأحمد من رواية بن أبي ذئب عن الزهري في هذا الحديث ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيام وقد ادرج بعضهم قول بن شهاب في نفس الخبر أخرجه الترمذي من طريق معمر عن بن شهاب وأما ما رواه بن وهب عن أبي هريرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الناس في رمضان يصلون في ناحية المسجد فقال ما هذا فقيل ناس يصلي بهم أبي بن كعب فقال أصابوا ونعم ما صنعوا ذكره بن عبد البر وفيه مسلم بن خالد وهو ضعيف والمحفوظ أن عمر هو الذي جمع الناس على أبي بن كعب قوله وعن بن شهاب هو موصول بالإسناد المذكور أيضا وهو في الموطأ بالإسنادين لكن فرقهما حديثين وقد ادرج بعض الرواة قصة عمر في الإسناد الأول أخرجه إسحاق في مسنده عن عبد الله بن الحارث المخزومي عن يونس عن الزهري فزاد بعد قوله وصدرا من خلافة عمر حتى جمعهم عمر على أبي بن كعب فقام بهم في رمضان فكان ذلك أول اجتماع الناس على قارىء واحد في رمضان وجزم الذهلي في علل حديث الزهري بأنه وهم من عبد الله بن الحارث والمحفوظ رواية مالك ومن تابعه وأن قصة عمر عند بن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد وهو بغير إضافة لا عن أبي سلمة

[ 1906 ] قوله اوزاع بسكون الواو بعدها زاى أي جماعة متفرقون وقوله في الرواية متفرقون تاكيد لفظى وقوله يصلي الرجل لنفسه بيان لما أجمل أو لا وحاصله أن بعضهم كان يصلي منفردا وبعضهم يصلي جماعة قيل يؤخذ منه جواز الائتمان بالمصلى وأن لم ينو الإمامة قوله أمثل قال بن التين وغيره استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وأن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم وكأن هذا هو السر في إيراد البخاري لحديث عائشة عقب حديث عمر فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم حصل الأمن من ذلك ورجح عند عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة ولان الاجتماع على واحد انشط لكثير من المصلين وإلى قول عمر جنح الجمهور وعن مالك في إحدى الروايتين وأبي يوسف وبعض الشافعية الصلاة في البيوت أفضل عملا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم أفضل صلاة المرء في بيته الا المكتوبة وهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وبالغ الطحاوي فقال أن صلاة التراويح في الجماعة واجبة على الكفاية وقال بن بطال قيام رمضان سنة لأن عمر إنما أخذه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم خشية الافتراض وعند الشافعية في أصل المسألة ثلاثة أوجه ثالثها من كان يحفظ القرآن ولا يخاف من الكسل ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه فصلاته في الجماعة والبيت سواء فمن فقد بعض ذلك فصلاته في الجماعة أفضل قوله فجمعهم على أبي بن كعب أي جعله لهم إماما وكأنه اختاره عملا بقوله صلى الله عليه وسلم يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله وسيأتي في تفسير البقرة قول عمر اقرؤنا أبي وروى سعيد بن منصور من طريق عروة أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء ورواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له من هذا الوجه فقال سليمان بن أبي حثمة بدل تميم الداري ولعل ذلك كان في وقتين قوله فخرج ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم أي إمامهم المذكور وفيه اشعار بان عمر كان لا يواظب على الصلاة معهم وكأنه كان يرى أن الصلاة في بيته ولا سيما في آخر الليل أفضل وقد روى محمد بن نصر في قيام الليل من طريق طاوس عن بن عباس قال كنت عند عمر في المسجد فسمع هيعة الناس فقال ما هذا قيل خرجوا من المسجد وذلك في رمضان فقال ما بقي من الليل أحب إلى مما مضى ومن طريق عكرمة عن بن عباس نحوه من قوله قوله قال عمر نعم البدعة في بعض الروايات نعمت البدعة بزياة تاء والبدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة والتحقيق أنها أن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة وأن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة قوله والتي ينامون عنها أفضل هذا تصريح منه بان الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله لكن ليس فيه أن الصلاة في قيام الليل فرادى أفضل من التجميع تكميل لم يقع في هذه الرواية عدد الركعات التي كان يصلي بها أبي بن كعب وقد اختلف في ذلك ففي الموطأ عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنها إحدى عشرة ورواه سعيد بن منصور من وجه آخر وزاد فيه وكانوا يقرؤون بالمائتين ويقومون على العصي من طول القيام ورواه محمد بن نصر المروزي من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن يوسف فقال ثلاث عشرة ورواه عبد الرزاق من وجه آخر عن محمد بن يوسف فقال إحدى وعشرين وروى مالك من طريق يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عشرين ركعة وهذا محمول على غير الوتر وعن يزيد بن رومان قال كان الناس يقومون في زمان عمر بثلاث وعشرين وروى محمد بن نصر من طريق عطاء قال ادركتهم في رمضان يصلون عشرين ركعة وثلاث ركعات الوتر والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها فيحث يطيل القراءة تقل الركعات وبالعكس وبذلك جزم الداودي وغيره والعدد الأول موافق لحديث عائشة المذكور بعد هذا الحديث في الباب والثاني قريب منه والاختلاف فيما زاد عن العشرين راجح إلى الاختلاف في الوتر وكأنه كان تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث وروى محمد بن نصر من طريق داود بن قيس قال أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز يعني بالمدينة يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث وقال مالك هو الأمر القديم عندنا وعن الزعفراني عن الشافعي رأيت الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين وليس في شيء من ذلك ضيق وعنه قال أن اطالوا القيام واقلوا السجود فحسن وأن أكثروا السجود واخفوا القراءة فحسن والأول أحب إلى وقال الترمذي أكثر ما قيل فيه أنها تصلي إحدى وأربعين ركعة يعني بالوتر كذا قال وقد نقل بن عبد البر عن الأسود بن يزيد تصلي أربعين ويوتر بسبع وقيل ثمان وثلاثين ذكره محمد بن نصر عن بن أيمن عن مالك وهذا يمكن رده إلى الأول بانضمام ثلاث الوتر لكن صرح في روايته بأنه يوتر بواحدة فتكون أربعين الا واحدة قال مالك وعلى هذا العمل منذ بضع ومائة سنة وعن مالك ست وأربعين وثلاث الوتر وهذا هو المشهور عنه وقد رواه بن وهب عن العمري عن نافع قال لم أدرك الناس الا وهم يصلون تسعا وثلاثين يوترون منها بثلاث وعن زرارة بن أوفى أنه كان يصلي بهم بالبصرة أربعا وثلاثين ويوتر وعن سعيد بن جبير أربعا وعشرين وقيل ست عشرة غير الوتر روى عن أبي مجلز عند محمد بن نصر وأخرج من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن يوسف عن جده السائب بن يزيد قال كنا نصلي زمن عمر في رمضان ثلاث عشرة قال بن إسحاق وهذا أثبت ما سمعت في ذلك وهو موافق لحديث عائشة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل والله أعلم

[ 1907 ] قوله حدثنا إسماعيل هو بن أبي أويس قوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى وذلك في رمضان هكذا أورده مقتصرا على شيء من أوله وشيء من آخره وقد أورده تاما في أبواب التهجد بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس فذكر الحديث إلى

[ 1908 ] قوله خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان وقد تقدم شرحه مستوفى هناك قوله خشيت أن تفرض عليكم قال بن المنير في الحاشية يؤخذ منه أن الشروع ملزم إذ لا تظهر مناسبة بين كونهم يفعلون ذلك ويفرض عليهم الا ذلك انتهى وفيه نظر لأنه يحتمل أن يكون السبب في ذلك الظهور اقتدارهم على ذلك من غير تكلف فيفرض عليهم قوله في آخر طريق عقيل فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك هذه الزيادة من قول الزهري كما بينته في الكلام على الحديث الأول قوله ما كان يزيد في رمضان الخ تقدم الكلام عليه مستوفى في أبواب التهجد وأما ما رواه بن أبي شيبة من حديث بن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر فإسناده ضعيف وقد عارضه حديث عائشة هذا الذي في الصحيحين مع كونها أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ليلا من غيرها والله أعلم

قوله باب فضل ليلة القدر وقال الله تعالى أنا أنزلناه في ليلى القدر وما إدراك ما ليلة القدر إلى آخر السورة ثبت في رواية أبي ذر قبل الباب بسملة وفي رواية غيره وقول الله عز وجل أي تفسير قول الله وساق في رواية كريمة السورة كلها ومناسبة ذلك للترجمة من جهة أن نزول القرآن في زمان بعينه يقتضى فضل ذلك الزمان والضمير في قوله إنا انزلناه للقرآن لقوله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القران ومما تضمنته السورة من فضل ليلة القدر تنزل الملائكة فيها وسيأتي في التفسير ذكر الاختلاف في سبب نزولها وغير ذلك من تفسيرها واختلف في المراد بالقدر الذي اضيفت إليه الليلة فقيل المراد به التعظيم كقوله تعالى وما قدروا الله حق قدره والمعنى أنها ذات قدر لنزول القرآن فيها أو لما يقع فيها من تنزل الملائكة أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر وقيل القدر هنا التضييق كقوله تعالى ومن قدر عليه رزقه ومعنى التضييق فيها اخفاؤها عن العلم بتعيينها أو لأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة وقيل القدر هنا بمعنى القدر بفتح الدال الذي هو مؤاخى القضاء والمعنى أنه يقدر فيها أحكام تلك السنة لقوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم وبه صدر النووي كلامه فقال قال العلماء سميت ليلة القدر لما تكتب فيها الملائكة من الاقدار لقوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم ورواه عبد الرزاق وغيره من المفسرين بأسانيد صحيحة عن مجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم وقال التوربشتى إنما جاء القدر بسكون الدال وأن كان الشائع في القدر الذي هو مؤاخى القضاء فتح الدال ليعلم أنه لم يرد به ذلك وإنما أريد به تفصيل ما جرى به القضاء وإظهاره وتحديده في تلك السنة لتحصيل ما يلقى إليهم فيها مقدارا بمقدار قوله قال بن عيينة الخ وصله محمد بن يحيى بن أبي عمر في كتاب الإيمان له من رواية أبي حاتم الرازي عنه قال حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بلفظ كل شيء في القرآن وما إدراك فقد أخبره به وكل شيء فيه وما يدرك فلم يخبره به انتهى وعزاه مغلطاي فيما قرأت بخطه لتفسير بن عيينة رواية سعيد بن عبد الرحمن عنه وقد راجعت منه نسخة بخط الحافظ الضياء فلم أجده فيه ومقصود بن عيينة أنه صلى الله عليه وسلم كان يعرف تعيين ليلة القدر وقد تعقب هذا الحصر بقوله تعالى لعله يزكى فإنها نزلت في بن أم مكتوم وقد علم صلى الله عليه وسلم بحاله وأنه ممن تزكى ونفعته الذكرى

[ 1910 ] قوله حفظناه من الزهري أيما حفظ برفع أي وما زائدة وهو مبتدأ وخبره محذوف تقديره حفظ ومن الزهري متعلق بحفظناه وروى بنصب أيما على أنه مفعول مطلق لحفظ المقدر قوله من صام رمضان تقدم في الباب قبله من رواية مالك عن الزهري بسنده بلفظ قام بدل صام وتقدم الكلام عليه وزاد بن عيينة في روايته هنا ومن قام ليلة القدر الخ قوله تابعه سليمان بن كثير عن الزهرى وصله الذهلي في الزهريات وقد تقدم شرحه في الباب قبله وسنذكر بقية الكلام على ليلة القدر قريبا

قوله باب التماس ليلة القدر في السبع الاواخر في رواية الكشميهني التمسوا بصيغة الأمر وهذه الترجمة والتي بعدها وهي تحرى ليلة القدر معقودتان لبيان ليلة القدر وقد اختلف الناس فيها على مذاهب كثيرة ساذكرها مفصلة بعد الفراغ من شرح أحاديث البابين

[ 1911 ] قوله أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم اقف على تسمية أحد من هؤلاء قوله اروا ليلة القدر اروا بضم أوله على البناء للمجهول أي قيل لهم في المنام أنها في السبع الأواخر والظاهر أن المراد به أو اخر الشهر وقيل المراد به السبع إلى أولها ليلة الثاني والعشرين واخرها ليلة الثامن والعشرين فعلى الأول لا تدخل ليلة إحدى وعشرين ولا ثلاث وعشرين وعلى الثاني تدخل الثانية فقط ولا تدخل ليلة التاسع والعشرين وقد رواه المصنف في التعبير من طريق الزهري عن سالم عن أبيه أن ناسا اروا ليلة القدر في السبع الأواخر وأن ناسا اروا أنها في العشر الأواخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم التمسوها في السبع الأواخر وكأنه صلى الله عليه وسلم نظر إلى المتفق عليه من الروايتين فأمر به وقد رواه أحمد عن بن عيينة عن الزهري بلفظ رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين أو كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر البواقي في الوتر منها ورواه أحمد من حديث على مرفوعا أن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي ولمسلم عن جبلة بن سحيم عن بن عمر بلفظ من كان يلتمسها فيلتمسها في العشر الأواخر ولمسلم من طريق عقبة بن حريث عن بن عمر التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي وهذا السياق يرجح الاحتمال الأول من تفسير السبع قوله أرى بفتحتين أي أعلم والمراد أبصر مجازا قوله رؤياكم قال عياض كذا جاء بإفراد الرؤيا والمراد مرائيكم لأنها لم تكن رؤيا واحدة وإنما أراد الجنس وقال بن التين كذا روى بتوحيد الرؤيا وهو جائز لأنها مصدر قال وافصح منه رؤاكم جمع رؤيا ليكون جمعا في مقابلة جمع قوله تواطأت بالهمزة أي توافقت وزنا ومعنى وقال بن التين روى بغير همز والصواب بالهمز وأصله أن يطأ الرجل برجله مكان وطء صاحبه وفي هذا الحديث دلالة على عظم قدر الرؤيا وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية بشرط أن لا يخالف القواعد الشرعية وسنذكر بسط القول في أحكام الرؤيا في كتاب التعبير إن شاء الله تعالى

[ 1912 ] قوله حدثنا هشام هو الدستوائي ويحيى هو بن أبي كثير ويأتي في الاعتكاف من طريق على بن المبارك عن يحيى سمعت أبا سلمة قوله سألت أبا سعيد وكان لي صديقا فقال اعتكفنا لم يذكر المسئول عنه في هذه الطريق وفي رواية على المذكورة سألت أبا سعيد هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر فقال نعم فذكر الحديث ولمسلم من طريق معمر عن يحيى تذاكرنا ليلة القدر في نفر من قريش فأتيت أبا سعيد فذكره وفي رواية همام عن يحيى في باب السجود في الماء والطين ومن صفة الصلاة انطلقت إلى أبي سعيد فقلت الا تخرج بنا إلى النخل فنتحدث فخرج فقلت حدثني ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر فافاد بيان سبب السؤال وفيه تانيس الطالب للشيخ في طلب الاختلاء به ليتمكن مما يريد من مسألته قوله اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط هكذا وقع في أكثر الروايات والمراد بالعشر الليالي وكان من حقها أن توصف بلفظ التانيث لكن وصفت بالمذكر على إرادة الوقت أو الزمان أو التقدير الثلث كأنه قال الليالي العشر التي هي الثلث الأوسط من الشهر ووقع في الموطأ العشر الوسط بضم الواو والسين جمع وسطى ويروي بفتح السين مثل كبر وكبرى ورواه الباجي في الموطأ بإسكانها على أنه جمع واسط كبازل وبزل وهذا يوافق رواية الأوسط ووقع في رواية محمد بن إبراهيم في الباب الذي يليه كان يجاور العشر التي في وسط الشهر وفي وراية مالك الآتية في أول الاعتكاف كان يعتكف والاعتكاف مجاوره مخصوصة ولمسلم من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد أعتكف العشر الأوسط من رمضان يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له فلما انقضين أمر بالبناء فقوض ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر فأمر بالبناء فأعيد وزاد في رواية عمارة بن غزية عن محمد بن إبراهيم أنه أعتكف العشر الأول ثم أعتكف العشر الأوسط ثم أعتكف العشر الأواخر ومثله في رواية همام المذكورة وزاد فيها أن جبريل أتاه في المرتين فقال له أن الذي تطلب أمامك وهو بفتح الهمزة والميم أي قدامك قال الطيبي وصف الأول والاوسط بالمفرد والاخير بالجمع إشارة إلى تصوير ليلة القدر في كل ليلة من ليالي العشر الأخير دون الأولين قوله فخرج صبيحة عشرين فخطبنا في رواية مالك المذكورة حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه وظاهره يخالف رواية الباب ومقتضاه أن خطبته وقعت في أول اليوم الحادي والعشرين وعلى هذا يكون أول ليالي اعتكافه الأخير ليلة اثنتين وعشرين وهو مغاير لقوله في آخر الحديث فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين فإنه ظاهر في أن الخطبة كانت في صبح اليوم العشرين ووقوع المطر كان في ليلة إحدى وعشرين وهو الموافق لبقية الطرق وعلى هذا فكأن قوله في رواية مالك المذكورة وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها أي من الصبح الذي قبلها ويكون في إضافة الصبح إليها تجوز وقد أطال بن دحية في تقرير أن الليلة تضاف لليوم الذي قبلها ورد على من منع ذلك ولكن لم يوافق على ذلك فقال بن حزم رواية بن أبي حازم والدراوردي يعني رواية حديث الباب مستقيمة ورواية مالك مشكلة وأشار إلى تاويلها بنحو مما ذكرته ويؤيده أن في رواية الباب الذي يليه فإذا كان حين يمسي من عشرين ليله تمضى ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه وهذا في غاية الإيضاح وأفاد بن عبد البر في الاستذكار أن الرواة عن مالك اختلفوا عليه في لفظ الحديث فقال بعد ذكر الحديث هكذا رواه يحيى بن يحيى ويحيى بن بكير والشافعي عن مالك يخرج في صبيحتها من اعتكافه ورواه بن القاسم وابن وهب والقعنبي وجماعة عن مالك فقالوا وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه قال وقد روى بن وهب وابن عبد الحكم عن مالك فقال من أعتكف أول الشهر أو وسطه فإنه يخرج إذا غابت الشمس من آخر يوم من اعتكافه ومن أعتكف في آخر الشهر فلا ينصرف إلى بيته حتى يشهد العيد قال بن عبد البر ولا خلاف في الأول وإنما الخلاف فيمن أعتكف العشر الأخير هل يخرج إذا غابت الشمس اولا يخرج حتى يصبح قال وأظن الوهم دخل من وقت خروج المعتكف قلت وهو بعيد لما قرره هو من بيان محل الاختلاف وقد وجه شيخنا الإمام البلقيني رواية الباب بان معنى قوله حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين أي حتى إذا كان المستقبل من الليالي ليلة إحدى وعشرين وقوله وهي الليلة التي يخرج الضمير يعود على الليلة الماضية ويؤيد هذا قوله من كان أعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر لأنه لا يتم ذلك الا بإدخال الليلة الأولى قوله اريت بضم أوله على البناء لغير معين وهي من الرؤيا أي أعلمت بها أو من الرؤية أي ابصرتها وإنما أرى علامتها وهو السجود في الماء والطين كما وقع في رواية همام المشار إليها بلفظ حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصديق رؤياه قوله ثم انسيتها أو نسيتها شك من الراوي هل أنساه غيره إياها أو نسيها هو من غير واسطة ومنهم من ضبط نسيتها بضم أوله والتشديد فهو بمعنى انسيتها والمراد أنه أنسى علم تعيينها في تلك السنة وسيأتي سبب النسيان في هذه القصة في حديث عبادة بن الصامت بعد باب قوله أني اسجد في رواية الكشميهني أن اسجد قوله فمن كان أعتكف معي فليرجع في رواية همام المذكورة من أعتكف مع النبي وفيه التفات قوله قزعة بفتح القاف والزاي أي قطعة من سحاب رقيقة قوله فمطرت بفتحتين في الباب الذي يليه من وجه آخر فاستهلت السماء فامطرت قوله حتى سأل سقف المسجد في رواية مالك فوكف المسجد أي قطر الماء من سقفه وكان على عريش أي مثل العريش وإلا فالعريش هو نفس سقفه والمراد أنه كان مظللا بالجريد والخوص ولم يكن محكم البناء بحيث يكن من المطر الكثير قوله يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته وفي رواية مالك على جبهته أثر الماء والطين وفي رواية بن أبي حازم في الباب الذي يليه انصرف من الصبح ووجهه ممتلئ طينا وماء وهذا يشعر بان قوله أثر الماء والطين لم يرد به محض الأثر وهو ما يبقى بعد إزالة العين وقد مضى البحث في ذلك في صفة الصلاة وفي حديث أبي سعيد من الفوائد ترك مسح جبهة المصلي والسجود على الحائل وحمله الجمهور على الأثر الخفيف لكن يعكر عليه قوله في بعض طرقه ووجهه ممتلئ طينا وماء وأجاب النووي بان الامتلاء المذكور لا يستلزم ستر جميع الجبهة وفيه جواز السجود في الطين وقد تقدم أكثر ذلك في أبواب الصلاة وفيه الأمر بطلب الأولى والارشاد إلى تحصيل الأفضل وأن النسيان جائز على النبي صلى الله عليه وسلم ولا نقص عليه في ذلك لا سيما فيما لم يؤذن له في تبليغه وقد يكون في ذلك مصلحة تتعلق بالتشريع كما في السهو في الصلاة أو بالاجتهاد في العبادة كما في هذه القصة لأن ليلة القدر لو عينت في ليلة بعينها حصل الاقتصار عليها ففاتت العبادة في غيرها وكان هذا هو المراد بقوله عسى أن يكون خيرا لكم كما سيأتي في حديث عبادة وفيه استعمال رمضان بدون شهر واستحباب الاعتكاف فيه وترجيح اعتكاف العشر الأخير وأن من الرؤيا ما يقع تعبيره مطابقا وترتب الأحكام على رؤيا الأنبياء وفي أول قصة أبي سلمة مع أبي سعيد المشي في طلب العلم وايثار المواضع الخالية للسؤال وإجابة السائل لذلك واجتناب المشقة في الاستفادة وابتداء الطالب بالسؤال وتقديم الخطبة على التعليم وتقريب البعيد في الطاعة وتسهيل المشقة فيها بحسن التلطف والتدريج إليها قيل ويستنبط منه جواز تغيير مادة البناء من الاوقاف بما هو أقوى منها وانفع

قوله باب تحرى ليلة القدر في الوتر من العشر الاواخر في هذه الترجمة إشارة إلى رجحان كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ثم في العشر الأخير منه ثم في أوتاره لا في ليلة منه بعينها وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها وقد ورد لليلة القدر علامات أكثرها لا تظهر الا بعد أن تمضى منها في صحيح مسلم عن أبي بن كعب أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها وفي رواية لأحمد من حديثه مثل الطست ونحوه لأحمد من طريق بن عون عن بن مسعود وزاد صافية ومن حديث بن عباس نحوه ولابن خزيمة من حديثه مرفوعا ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا أنها صافية بلجة كان فيها قمرا ساطعا ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد ولا يحل لكوكب يرمي به فيها ومن إماراتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل الشيطان أن يخرج معها يومئذ ولابن أبي شيبة من حديث بن مسعود أيضا أن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان الا صبيحة ليلة القدر وله من حديث جابر بن سمرة مرفوعا ليلة القدر ليلة مطر وريح ولابن خزيمة من حديث جابر مرفوعا في ليلة القدر وهي ليلة طلقة بلجة لا حارة ولا باردة تتضح كواكبها ولا يخرج شيطانها حتى يضىء فجرها ومن طريق قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة مرفوعا وأن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصي وروى بن أبي حاتم من طريق مجاهد لا يرسل فيها شيطان ولا يحدث فيها داء ومن طريق الضحاك يقبل الله التوبة فيها من كل تائب وتفتح فيها أبواب السماء وهي من غروب الشمس إلى طلوعها وذكر الطبري عن قوم أن الأشجار في تلك الليلة تسقط إلى الأرض ثم تعود إلى منابتها وأن كل شيء يسجد فيها وروى البيهقي في فضائل الأوقات من طريق الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة أنه سمعه يقول أن المياه المالحة تعذب تلك الليلة وروى بن عبد البر من طريق زهرة بن معبد نحوه قوله فيه عبادة أن يدخل في هذا الباب حديث عبادة بن الصامت وأشار إلى ما أخرجه في الباب الذي يليه بلفظ التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث الأول حديث عائشة أورده من وجهين وفصل بينهما بحديث أبي سعيد فالوجه الأول

[ 1913 ] قوله أبو سهيل عن أبيه هو نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي وليس لأبيه في الصحيح عن عائشة غير هذا الحديث والوجه الثاني

[ 1915 ] قوله حدثنا يحيى هو القطان عن هشام هو بن عروة ووقع في رواية يوسف القاضي في كتاب الصيام حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا هشام أخرجه أبو نعيم من طريقه ومن طريق مسند أحمد عن يحيى أيضا أخرجه الإسماعيلي من طريق بن زنجويه عن أحمد فأدخل بين يحيى وهشام شعبة وهو غريب وقد أخرجه الإسماعيلي من وجهين عن يحيى عن هشام بغير واسطة مصرحا فيه بالتحديث بينهما قوله كان يجاور أي يعتكف وقوله العشر التي في وسط الشهر حذف الظرف في رواية الكشميهني وقوله يمضين في رواية الكشميهني تمضى بالمثناة وحذف النون قوله فليثبت كذا للأكثر من الثبات وفي رواية فليلبث من اللبث ومعناهما متقارب قوله فابتغوها بالغين المعجمة وتقديم الموحدة الحديث الثالث حديث بن عباس أورده من أوجه قوله فبصرت بفتح الموحدة وضم المهملة وذكر العين بعد البصر تاكيد كقوله أخذت بيدي وإنما يقال ذلك في أمر مستغرب إظهارا للتعجب من حصوله قوله التمسوا كذا اقتصر على هذه اللفظة من الخبر وكأنه أحال ببقيته على الطريق التي بعدها وهي طريق عبدة عن هشام ولفظه تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وهو مشعر بأنهما متفقان الا في هذه اللفظة فقال يحيى التمسوا وقال عبدة تحروا وعلى ذلك اعتمد المزي وغيره من أصحاب الأطراف فترجموا لرواية يحيى كذلك ولكن لفظ يحيى عند أحمد وسائر من ذكرت قبل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر ويقول التمسوها في العشر الأواخر يعني ليلة القدر وبين اللفظين من التغاير ما لا يخفى

[ 1916 ] قوله حدثني محمد أخبرنا عبدة محمد هو بن سلام كما جزم به أبو نعيم في المستخرج ويحتمل أن يكون هو محمد بن المثنى فيكون الحديث عنده عن يحيى وعبدة معا فساقه البخاري عنه على لفظ أحدهما ولم يقع في شيء من طرق هشام في هذا الحديث التقيد بالوتر وكأن البخاري أشار بإدخاله في الترجمة إلى أن مطلقه يحمل على المقيد في رواية أبي سهيل الحديث الثاني حديث أبي سعيد وقد سبق الكلام عليه في الباب الذي قبله

[ 1917 ] قوله التمسوها كذا فيه بإضمار المفعول والمراد به ليلة القدر وهو مفسر بما بعده وسيأتي أنه تقدم قبل ذلك كلام يحسن معه عود الضمير وإنما وقع في هذه الرواية اختصار قوله ليلة القدر بالنصب على البدل من الضمير في قوله التمسوها ويجوز الرفع قوله في الطريق الثانية

[ 1918 ] عبد الواحد هو بن زياد وعاصم هو الأحول قوله عن أبي مجلز وعكرمة قالا قال بن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أخرجه مختصرا وقد أخرجه أحمد عن عفان والإسماعيلي من طريق محمد بن عقبة كلاهما عن عبد الواحد فزاد في أوله قصة وهي قال عمر من يعلم ليلة القدر فقال بن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وبهذا يظهر عود الضمير المبهم في رواية الباب وقد توقف الإسماعيلي في اتصال هذا الحديث لأن عكرمة وأبا مجلز ما ادركا عمر فما حضرا القصة المذكورة والجواب أن الغرض منه إنهما أخذا ذلك عن بن عباس فقد رواه معمر عن عاصم عن عكرمة عن بن عباس وسياقه ابسط من هذا كما سنذكره وأن كان موصولا عن بن عباس فهو المقصود بالأصالة فلا يضر الإرسال في قصة عمر فإنها مذكورة على طريق التبع أن لو سلمنا أنها مرسلة قوله في تسع يمضين أو في سبع يبقين كذا للأكثر بتقديم السين في الثاني وتاخيرها في الأول وبلفظ المضى في الأول والبقاء في الثاني وللكشميهني بلفظ المضى فيهما وفي رواية الإسماعيلي بتقديم السين في الموضعين وقد اعترض على تخريجه هذا الحديث من وجه آخر فإن المرفوع منه قد رواه عبد الرزاق موقوفا فروى عن معمر عن قتادة وعاصم إنهما سمعا عكرمة يقول قال بن عباس دعا عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر فاجمعوا على أنها في العشر الأواخر قال بن عباس فقلت لعمر أني لأعلم أو أظن أي ليلة هي قال عمر أي ليلة هي فقلت سابعة تمضى أو سابعة تبقى من العشر الأواخر فقال من أين علمت ذلك قلت خلق الله سبع سماوات وسبع ارضين وسبعة أيام والدهر يدور في سبع والانسان خلق من سبع وياكل من سبع ويسجد على سبع والطواف والجمار وأشياء ذكرها فقال عمر لقد فطنت الأمر ما فطنا له فعلى هذا فقد اختلف في رفع هذه الجملة ووقفها فرجع عند البخاري المرفوع فأخرجه واعرض عن الموقوف وللموقوف عن عمر طريق أخرى أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده والحاكم من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن بن عباس وأوله أن عمر كان إذا دعا الأشياخ من الصحابة قال لابن عباس لا تتكلم حتى يتكلموا فقال ذات يوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر وترا أي الوتر هي فقال رجل برأيه تاسعة سابعة خامسة ثالثة فقال لي مالك لا تتكلم يا بن عباس قلت أتكلم براى قال عن رايك أسألك قلت فذكر نحوه وفي آخره فقال عمر أعجزتم أن تكونوا مثل هذا الغلام الذي ما استوت شؤون رأسه ورواه محمد بن نصر في قيام الليل من هذا الوجه وزاد فيه وأن الله جعل النسب في سبع والصهر في سبع ثم تلا حرمت عليكم امهاتكم وفي رواية الحاكم أني لأرى القول كما قلت قوله تابعه عبد الوهاب عن أيوب هكذا وقعت هذه المتابعة عند الأكثر من رواية الفربري هنا وعند النسفي عقب طريق وهيب عن أيوب وهو الصواب واصلحها بن عساكر في نسخته كذلك وقد وصله أحمد وابن أبي عمر في مسنديهما عن عبد الوهاب وهو بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب متابعا لوهيب في إسناده ولفظه أخرجه محمد بن نصر في قيام الليل عن إسحاق بن راهويه عن عبد الوهاب مثله وزاد في آخره أو آخر ليلة قوله وعن خالد عن عكرمة عن بن عباس التمسوا في أربع وعشرين ظاهره أنه من رواية عبد الوهاب عن خالد أيضا لكن جزم المزي بان طرق خالد هذه معلقة والذي أظن أنها موصولة بالإسناد الأول وإنما حذفها أصحاب المسندات لكونها موقوفه وقد روى أحمد من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن بن عباس قال أتيت وأنا نائم فقيل لي الليلة ليلة القدر فقمت وأنا ناعس فتعلقت ببعض اطناب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يصلي قال فنظرت في تلك الليلة فإذا هي ليلة أربع وعشرين وقد استشكل هذا مع قوله في الطريق الأخرى أنها في وتر وأجيب بان الجمع ممكن بين الروايتين أن يحمل ما ورد مما ظاهره الشفع أن يكون باعتبار الابتداء بالعدد من آخر الشهر فتكون ليلة الرابع والعشرين هي السابعة ويحتمل أن يكون مراد بن عباس بقوله في أربع وعشرين أي أول ما يرجى من السبع البواقي فيوافق ما تقدم من التماسها في السبع البواقي وزعم بعض الشراح أن قوله تاسعة تبقى يلزم منه أن تكون ليلة اثنين وعشرين أن كان الشهر ثلاثين ولا تكون ليلة إحدى وعشرين الا إن كان ذلك الشهر تسعا وعشرين وما ادعاه من الحصر مردود لأنه ينبنى على المراد بقوله تبقى هل هو تبقى بالليلة المذكورة أو خارجا عنها فبناه على الأول ويجوز بناؤه على الثاني فيكون على العكس ما ذكر والذي يظهر أن في التعبير بذلك الإشارة إلى الاحتمالين فإن كان الشهر مثلا ثلاثين فالتسع معناها غير الليلة وأن كان تسعا وعشرين فالتسع بانضمامهما والله أعلم وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا وتحصل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولا كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة وقد اشتركتا في اخفاء كل منهما ليقع الجد في طلبهما والقول الأول أنها رفعت أصلا ورأسا حكاه المتولى في التتمة عن الروافض والفاكهانى في شرح العمدة عن الحنفية وكأنه خطا منه والذي حكاه السروجي أنه قول الشيعة وقد روى عبد الرزاق من طريق داود بن أبي عاصم عن عبد الله بن يحنس قلت لأبي هريرة زعموا أن ليلة القدر رفعت قال كذب من قال ذلك ومن طريق عبد الله بن شريك قال ذكر الحجاج ليلة القدر فكأنه أنكرها فأراد زر بن حبيش أن يحصبه فمنعه قومه الثاني أنها خاصة بسنة واحدة وقعت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكاه الفاكهانى أيضا الثالث أنها خاصة بهذه الأمة ولم تكن في الأمم قبلهم جزم به بن حبيب وغيره من المالكية ونقله عن الجمهور وحكاه صاحب العدة من الشافعية ورجحه وهو معترض بحديث أبي ذر عند النسائي حيث قال فيه قلت يا رسول الله اتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت قال لا بل هي باقية وعمدتهم قول مالك في الموطأ بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تقاصر اعمار أمته عن اعمار الأمم الماضية فأعطاه الله ليلة القدر وهذا يحتمل التأويل فلا يدفع التصريح في حديث أبي ذر الرابع أنها ممكنة في جميع السنة وهو قول مشهور عن الحنفية حكاه قاضيخان وأبو بكر الرازي منهم وروى مثله عن بن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم وزيف المهلب هذا القول وقال لعل صاحبه بناه على دوران الزمان لنقصان الاهلة وهو فاسد لأن ذلك لم يعتبر في صيام رمضان فلا يعتبر في غيره حتى تنقل ليلة القدر عن رمضان اه وماخذ بن مسعود كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي بن كعب أنه أراد أن لا يتكل الناس الخامس أنها مختصة برمضان ممكنة في جميع لياليه وهو قول بن عمر رواه بن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه وروى مرفوعا عنه أخرجه أبو داود وفي شرح الهداية الجزم به عن أبي حنيفة وقال به بن المنذر والمحاملي وبعض الشافعية ورجحه السبكي في شرح المنهاج وحكاه بن الحاجب رواية وقال السروجي في شرح الهداية قول أبي حنيفة انها تنتقل في جميع رمضان وقال صاحباه أنها في ليلة معينة منه مبهمة وكذا قال النسفي في المنظومة وليلة القدر بكل الشهر دائرة وعيناها فادر اه وهذا القول حكاه بن العربي عن قوم وهو السادس السابع أنها أول ليلة من رمضان حكى عن أبي رزين العقيلي الصحابي وروى بن أبي عاصم من حديث أنس قال ليلة القدر أول ليلة من رمضان قال بن أبي عاصم لا نعلم أحدا قال ذلك غيره الثامن أنها ليلة النصف من رمضان حكاه شيخنا سراج الدين بن الملقن في شرح العمدة والذي رأيت في المفهم للقرطبى حكاية أنها ليلة النصف من شعبان وكذا نقله السروجي عن صاحب الطراز فإن كانا محفوظين فهو القول التاسع ثم رأيت في شرح السروجي عن المحيط أنها في النصف الأخير العاشر أنها ليلة سبع عشرة من رمضان روى بن أبي شيبة والطبراني من حديث زيد بن أرقم قال ما أشك ولا امترى أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ليلة انزل القرآن وأخرجه أبو داود عن بن مسعود أيضا القول الحادي عشر أنها مبهمة في العشر الأوسط حكاه النووي وعزاه الطبري لعثمان بن أبي العاص والحسن البصري وقال به بعض الشافعية القول الثاني عشر أنها ليلة ثمان عشرة قرأته بخط القطب الحلبي في شرحه وذكره بن الجوزي في مشكلة القول الثالث عشر أنها ليلة تسع عشرة رواه عبد الرزاق عن على وعزاه الطبري لزيد بن ثابت وابن مسعود ووصله الطحاوي عن بن مسعود القول الرابع عشر أنها أول ليلة من العشر الأخير واليه مال الشافعي وجزم به جماعة من الشافعية ولكن قال السبكي أنه ليس مجزوما به عندهم لإنفاقهم على عدم حنث من علق يوم العشرين عتق عبده في ليلة القدر أنه لا يعتق تلك الليلة بل بانقضاء الشهر على الصحيح بناء على أنها في العشر الأخير وقيل بانقضاء السنة بناء على أنها لا تختص بالعشر الأخير بل هي في رمضان القول الخامس عشر مثل الذي قبله الا أنه أن كان الشهر تاما فهي ليلة العشرين وأن كان ناقصا فهي ليلة إحدى وعشرين وهكذا في جميع الشهر وهو قول بن حزم وزعم أنه يجمع بين الأخبار بذلك ويدل له ما رواه أحمد والطحاوي من حديث عبد الله بن أنيس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التمسوها الليلة قال وكانت تلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين فقال رجل هذه أولي بثمان بقين قال بل أولي بسبع بقين فإن هذا الشهر لا يتم القول السادس عشر أنها ليلة اثنين وعشرين وسيأتي حكايته بعد وروى أحمد من حديث عبد الله بن أنيس أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر وذلك صبيحة إحدى وعشرين فقال كم الليلة قلت ليلة اثنين وعشرين فقال هي الليلة أو القابلة القول السابع عشر أنها ليلة ثلاث وعشرين رواه مسلم عن عبد الله بن أنيس مرفوعا أريت ليلة القدر ثم نسيتها فذكر مثل حديث أبي سعيد لكنه قال فيه ليلة ثلاث وعشرين بدل إحدى وعشرين وعنه قال قلت يا رسول الله أن لي بادية أكون فيها فمرني بليلة القدر قال انزل ليلة ثلاث وعشرين وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح عن معاوية قال ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين ورواه إسحاق في مسنده من طريق أبي حازم عن رجل من بني بياضة له صحبة مرفوعا وروى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا من كان متحريها فليتحرها ليلة سابعة وكان أيوب يغتسل ليلة ثلاث وعشرين ويمس الطيب وعن بن جريج عن عبيد الله بن أبي يزيد عن بن عباس أنه كان يوقظ أهله ليلة ثلاث وعشرين وروى عبد الرزاق من طريق يونس بن سيف سمع سعد بن المسيب يقول استقام قول القوم على أنها ليلة ثلاث وعشرين ومن طريق إبراهيم عن الأسود عن عائشة ومن طريق مكحول أنه كان يراها ليلة ثلاث وعشرين القول الثامن عشر أنها ليلة أربع وعشرين كما تقدم من حديث بن عباس في هذا الباب وروى الطيالسي من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا ليلة القدر ليلة أربع وعشرين وروى ذلك عن بن مسعود وللشعبى والحسن وقتادة وحجتهم حديث وائلة أن القرآن نزل لأربع وعشرين من رمضان وروى أحمد من طريق بن لهيعة عن يزيد بن أبي الخير الصنابحي عن بلال مرفوعا التمسوا ليلة القدر ليلة أربع وعشرين وقد أخطأ بن لهيعة في رفعه فقد رواه عمرو بن الحارث عن يزيد بهذا الإسناد موقوفا بغير لفظه كما سيأتي في أو اخر المغازي بلفظ ليلة القدر أول السبع من العشر الأواخر القول التاسع عشر أنها ليلة خمس وعشرين حكاه بن العربي في العارضة وعزاه بن الجوزي في المشكل لأبي بكرة القول العشرون أنها ليلة ست وعشرين وهو قول لم أره صريحا الا أن عياضا قال ما من ليلة من ليالي العشر الأخير الا وقد قيل أنها فيه القول الحادي والعشرون أنها ليلة سبع وعشرين وهو الجادة من مذهب أحمد ورواية عن أبي حنيفة وبه جزم أبي بن كعب وحلف عليه كما أخرجه مسلم وروى مسلم أيضا من طريق أبي حازم عن أبي هريرة قال تذاكرنا ليلة القدر فقال صلى الله عليه وسلم أيكم يذكر حين طلع القمر كأنه شق جفنه قال أبو الحسن الفارسي أي ليلة سبع وعشرين فإن القمر يطلع فيها بتلك الصفة وروى الطبراني من حديث بن مسعود سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال أيكم يذكر ليلة الصهباوات قلت أنا وذلك ليلة سبع وعشرين ورواه بن أبي شيبة عن عمر وحذيفة وناس من الصحابة وفي الباب عن بن عمر عند مسلم رأى رجل ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ولأحمد من حديثه مرفوعا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ولابن المنذر من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين وعن جابر بن سمرة نحوه أخرجه الطبراني في أوسطه وعن معاوية نحوه أخرجه أبو داود وحكاه صاحب الحلية من الشافعية عن أكثر العلماء وقد تقدم استنباط بن عباس عند عمر فيه وموافقته له وزعم بن قدامة أن بن عباس استنبط ذلك من عدد كلمات السورة وقد وافق قوله فيها هي سابع كلمة بعد العشرين وهذا نقله بن حزم عن بعض المالكية وبالغ في إنكاره نقله بن عطية في تفسيره وقال أنه من ملح التفاسير وليس من متين العلم واستنبط بعضهم ذلك في جهة أخرى فقال ليلة القدر تسعة أحرف وقد اعيدت في السورة ثلاث مرات فذلك سبع وعشرون وقال صاحب الكافي من الحنفية وكذا المحيط من قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر طلقت ليلة سبع وعشرين لأن العامة تعتقد أنها ليلة القدر القول الثاني والعشرون أنها ليلة ثمان وعشرين وقد تقدم توجيهه قبل بقول القول الثالث والعشرون أنها ليلة تسع وعشرين حكاه بن العربي القول الرابع والعشرون أنها ليلة ثلاثين حكاه عياض والسروجى في شرح الهداية ورواه محمد بن نصر والطبري عن معاوية وأحمد من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة القول الخامس والعشرون أنها في اوتار العشر الأخير وعليه يدل حديث عائشة وغيرها في هذا الباب وهو أرجح الأقوال وصار إليه أبو ثور والمزنى وابن خزيمة وجماعة من علماء المذاهب القول السادس والعشرون مثله بزيادة الليلة الأخيرة رواه الترمذي من حديث أبي بكرة وأحمد من حديث عبادة بن الصامت القول السابع والعشرون تنتقل في العشر الأخير كله قاله أبو قلابة ونص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق وزعم الماوردي أنه متفق عليه وكأنه أخذه من حديث بن عباس أن الصحابة اتفقوا على أنها في العشر الأخير ثم اختلفوا في تعيينها منه كما تقدم ويؤيد كونها في العشر الأخير حديث أبي سعيد الصحيح أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما أعتكف العشر الأوسط أن الذي تطلب أمامك وقد تقدم ذكره قريبا وتقدم ذكر اعتكافه صلى الله عليه وسلم العشر الأخير في طلب ليلة القدر واعتكاف أزواجه بعده والاجتهاد فيه كما في الباب الذي بعده واختلف القائلون به فمنهم من قال هي فيه محتملة على حد سواء نقله الرافعي عن مالك وضعفه بن الحاجب ومنهم من قال بعض لياليه أرجى من بعض فقال الشافعي ارجاه ليلة إحدى وعشرين وهو القول الثامن والعشرون وقيل ارجاه ليلة ثلاث وعشرين وهو القول التاسع والعشرون وقيل ارجاه ليلة سبع وعشرين وهو القول الثلاثون القول الحادي والثلاثون أنها تنتقل في السبع الأواخر وقد تقدم بيان المراد منه في حديث بن عمر هل المراد ليالي السبع من آخر الشهر أو آخر سبعة تعد من الشهر ويخرج من ذلك القول الثاني والثلاثون القول الثالث والثلاثون أنها تنتقل في النصف الأخير ذكره صاحب المحيط عن أبي يوسف ومحمد وحكاه إمام الحرمين عن صاحب التقريب القول الرابع والثلاثون أنها ليلة ست عشرة أو سبع عشرة رواه الحارث بن أبي أسامة من حديث عبد الله بن الزبير القول الخامس والثلاثون أنها ليلة سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين رواه سعيد بن منصور من حديث أنس بإسناد ضعيف القول السادس والثلاثون أنها في أول ليلة من رمضان أو آخر ليلة رواه بن أبي عاصم من حديث أنس بإسناد ضعيف القول السابع والثلاثون أنها أول ليلة أو تاسع ليلة أو سابع عشرة أو إحدى وعشرين أو آخر ليلة رواه بن مردويه في تفسيره عن أنس بإسناد ضعيف القول الثامن والثلاثون أنها ليلة تسع عشرة أو إحدى عشرة أو ثلاث وعشرين رواه أبو داود من حديث بن مسعود بإسناد فيه مقال وعبد الرزاق من حديث على بإسناد منقطع وسعيد بن منصور من حديث عائشة بإسناد منقطع أيضا القول التاسع والثلاثون ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين وهو ماخوذ من حديث بن عباس في الباب حيث قال سبع يبقين أو سبع يمضين ولأحمد من حديث النعمان بن بشير سابعة تمضى أو سابعة تبقى قال النعمان فنحن نقول ليلة سبع وعشرين وأنتم تقولون ليلة ثلاث وعشرين القول الأربعون ليلة إحدى و عشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين كما سيأتي في الباب الذي بعده من حديث عبادة بن الصامت ولأبي داود من حديثه بلفظ تاسعة تبقى سابعة تبقى خامسة تبقى قال مالك في المدونة قوله تاسعة تبقى ليلة إحدى وعشرين الخ القول الحادي والأربعون أنها منحصرة في السبع الأواخر من رمضان لحديث بن عمر في الباب الذي قبله القول الثاني والأربعون أنها ليلة اثنتين وعشرين أو ثلاث وعشرين لحديث عبد الله بن أنيس عند أحمد القول الثالث والأربعون أنها في اشفاع العشر الوسط والعشر الأخير قرأته بخط مغلطاي القول الرابع والأربعون أنها ليلة الثالثة من العشر الأخير أو الخامسة منه رواه أحمد من حديث معاذ بن جبل والفرق بينه وبين ما تقدم أن الثالثة تحتمل ليلة ثلاث وعشرين وتحتمل ليلة سبع وعشرين فتنحل إلى أنها ليلة ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين وبهذا يتغاير هذا القول مما مضى القول الخامس والأربعون أنها في سبع أو ثمان من أول النصف الثاني روى الطحاوي من طريق عطية بن عبد الله بن أنيس عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال تحرها في النصف الأخير ثم عاد فسأله فقال إلى ثلاث وعشرين قال وكان عبد الله يحيى ليلة ست عشرة إلى ليلة ثلاث وعشرين ثم يقصر القول السادس والأربعون أنها في أول ليلة أو آخر ليلة أو الوتر من الليل أخرجه أبو داود في كتاب المراسيل عن مسلم بن إبراهيم عن أبي خلدة عن أبي العالية أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فقال له متى ليلة القدر فقال اطلبوها في أول ليلة وأخر ليلة والوتر من الليل وهذا مرسل رجاله ثقات وجميع هذه الأقوال التي حكيناها بعد الثالث فهلم جر متفقة على إمكان حصولها والحث على التماسها وقال بن العربي الصحيح أنها لا تعلم وهذا يصلح أن يكون قولا آخر وأنكر هذا القول النووي وقال قد تظاهرت الأحاديث بامكان العلم بها وأخبر به جماعة من الصالحين فلا معنى لانكار ذلك ونقل الطحاوي عن أبي يوسف قولا جوز فيه أنه يرى أنها ليلة أربع وعشرين أو سبع وعشرين فإن ثبت ذلك عنه فهو قول آخر هذا آخر ما وقفت عليه من الأقوال بعضها يمكن رده إلى بعض وأن كان ظاهرها التغاير وارجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير وإنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب وارجاها اوتار العشر وارجى اوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين على ما في حديث أبي سعيد وعبد الله بن أنيس وارجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين وقد تقدمت أدلة ذلك قال العلماء الحكمة في اخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد فى التماسها بخلاف مالوا عينت لها ليلة لاقتصر عليها كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة وهذه الحكمة مطردة عند من يقول أنها في جميع السنة وفي جميع رمضان أو في جميع العشر الأخير أو في أوتاره خاصة الا أن الأول ثم الثاني أليق به واختلفوا هل لها علامة تظهر لمن وفقت له أم لا فقيل يرى كل شيء ساجدا وقيل الأنوار في كل مكان ساطعة حتى في المواضع المظلمة وقيل يسمع سلاما أو خطابا من الملائكة وقيل علامتها استجابة دعاء من وفقت له واختار الطبري أن جميع ذلك غير لازم وأنه لا يشترط لحصولها رؤية شيء ولا سماعه واختلفوا أيضا هل يحصل الثواب المرتب عليها لمن اتفق له أنه قامها وأن لم يظهر له شيء أو يتوقف ذلك على كشفها له وإلى الأول ذهب الطبري والمهلب وابن العربي وجماعة وإلى الثاني ذهب الأكثر ويدل له ما وقع عند مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ من يقم ليلة القدر فيوافقها وفي حديث عبادة عند أحمد من قامها إيمانا واحتسابا ثم وفقت له قال النووي معنى يوافقها أي يعلم أنها ليلة القدر فيوافقها ويحتمل أن يكون المراد يوافقها في نفس الأمر وأن لم يعلم هو ذلك وفي حديث زر بن حبيش عن بن مسعود قال من يقم الحول يصب ليلة القدر وهو محتمل للقولين أيضا وقال النووي أيضا في حديث من قام رمضان وفي حديث من قام ليلة القدر معناه من قامه ولو لم يوافق ليلة القدر حصل له ذلك ومن قام ليلة القدر فوافقها حصل له وهو جار على ما اختاره من تفسير الموافقة بالعلم بها و هو الذي يترجح في نظرى ولا أنكر حصول الثواب الجزيل لمن قام لابتغاء ليلة القدر وأن لم يعلم بها ولو لم توافق له وإنما الكلام على حصول الثواب المعين الموعود به وفرعوا على القول باشتراط العلم بها أنه يختص بها شخص دون شخص فيكشف لواحد ولا يكشف لأخر ولو كانا معا في بيت واحد وقال الطبري في اخفاء ليلة القدر دليل على كذب من زعم أنه يظهر في تلك الليلة للعيون ما لا يظهر في سائر السنة إذ لو كان ذلك حقا لم يخف على كل من قام ليالي السنة فضلا عن ليالي رمضان وتعقبه بن المنير في الحاشية بأنه لا ينبغي إطلاق القول بالتكذيب لذلك بل يجوز أن يكون ذلك على سبيل الكرامة لمن شاء الله من عباده فيختص بها قوم دون قوم والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحصر العلامة ولم ينف الكرامة وقد كانت العلامة في السنة التي حكاها أبو سعيد نزول المطر ونحن نرى كثيرا من السنين ينقضي رمضان دون مطر مع اعتقادنا أنه لا يخلو رمضان من ليلة القدر قال ومع ذلك فلا نعتقد أن ليلة القدر لا ينالها الا من رأى الخوارق بل فضل الله واسع ورب قائم تلك الليلة لم يحصل منها إلى على العبادة من غير رؤية خارق وأخر رأى الخارق من غير عبادة والذي حصل على العبادة أفضل والعبرة إنما هي بالاستقامة فإنه تستحيل أن تكون الا كرامة بخلاف الخارق فقد يقع كرامة وقد يقع فتنة والله أعلم وفي هذه الأحاديث رد لقول أبي الحسن الحولي المغربي أنه اعتبر ليلة القدر فلم تفته طول عمره وإنها تكون دائما ليلة الأحد فإن كان أول الشهر ليلة الأحد كانت ليلة تسع وعشرين وهلم جر ولزم من ذلك أن تكون في ليلتين من العشر الوسط لضرورة أن اوتار العشر خمسة وعارضه بعض من تأخر عنه فقال أنها تكون دائما ليلة الجمعة وذكر نحو قول أبي الحسن وكلاهما لا أصل له بل هو مخالف لاجماع الصحابة في عهد عمر كما تقدم وهذا كاف في الرد وبالله التوفيق تنبيه وقعت هنا في نسخة الصغائى زيادة ساذكرها في آخر الباب الذي يلي هذا بعد باب آخر إن شاء الله تعالى

قوله باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحى الناس أي بسبب تلاحى الناس وقيد الرفع بمعرفة إشارة إلى أنها لم ترفع أصلا وراسا قال الزين بن المنير يستفاد هذا التقييد من قوله التمسوها بعد أخبارهم بأنها وقعت ومن كون أن وقوع التلاحى في تلك الليلة لا يستلزم وقوعه فيما بعد ذلك ومن قوله فعسى أن يكون خيرا فإن وجه الخيرية من جهة أن خفاءها يستدعى قيام كل الشهر أو العشر بخلاف ما لو بقيت معرفة تعيينها

[ 1919 ] قوله عن أنس عن عبادة بن الصامت كذا رواه أكثر أصحاب حميد عن أنس ورواه مالك فقال عن حميد عن أنس قال خرج علينا ولم يقل عن عبادة قال بن عبد البر والصواب اثبات عبادة وأن الحديث من مسنده قوله فتلاحى بالمهملة أي وقعت بينهما ملاحاة وهي المخاصمة والمنازعة والمشاتمة والاسم اللحاء بالكسر والمد وفي رواية أبي نضرة عن أبي سعيد عند مسلم فجاء رجلان يختصمان معهما الشيطان ونحوه في حديث القلتان عند بن إسحاق وزاد أنه لقيهما عند سدة المسجد فحجز بينهما فاتفقت هذه الأحاديث على سبب النسيان وروى مسلم أيضا من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أريت ليلة القدر ثم ايقظنى بعض أهل فنسيتها وهذا سبب آخر فأما أن يحمل على التعدد بأن تكون الرؤيا في حديث أبي هريرة مناما فيكون سبب النسيان الايقاظ وأن تكون الرؤية في حديث غيره في اليقظة فيكون سبب النسيان ما ذكر من المخاصمة أو يحمل على اتحاد القصة ويكون النسيان وقع مرتين عن سببين ويحتمل أن يكون المعنى ايقظنى بعض أهلي فسمعت تلاحى الرجلين فقمت لأحجز بينهما فنسيتها للاشتغال بهما وقد روى عبد الرزاق من مرسل سعيد بن المسيب أنه صلى الله عليه وسلم قال الا أخبركم بليلة القدر قالوا بلى فسكت ساعة ثم قال لقد قلت لكم وأنا أعلمها ثم انسيتها فلم يذكر سبب النسيان وهو مما يقوي الحمل على التعدد قوله رجلان قيل هما عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك ذكره بن دحية ولم يذكر له مستندا قوله لأخبركم بليلة القدر أي بتعيين ليلة القدر قوله فرفعت أي من قلبي فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين وقيل المعنى فرفعت بركتها في تلك السنة وقيل التاء في رفعت للملائكة لا لليلة وقال الطيبي قال بعضهم رفعت أي معرفتها والحامل له على ذلك أن رفعها مسبوق بوقوعها فإذا وقعت لم يكن لرفعها معنى قال ويمكن أن يقال المراد برفعها أنها شرعت أن تقع فلما تخاصما رفعت بعد فنزل الشروع منزلة الوقوع وإذا تقرر أن الذي ارتفع علم تعيينها تلك السنة فهل أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بتعيينها فيه احتمال وقد تقدم قول بن عيينة في أول الكلام على ليلة القدر أنه أعلم وروى محمد بن نصر من طريق واهب المغافري أنه سأل زينب بنت أم سلمة هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ليلة القدر فقالت لا لو علمها لما أقام الناس غيرها الله اه وهذا قالته احتمالا وليس بلازم لاحتمال أن يكون التعبد وقع بذلك أيضا فيحصل الاجتهاد في جميع العشر كما تقدم واستنبط السبكي الكبير في الحلبيات من هذه القصة استحباب كتمان ليلة القدر لمن راها قال ووجه الدلالة أن الله قدر لنبيه أنه لم يخبر بها والخير كله فيما قدر له فيستحب أتباعه في ذلك وذكر في شرح المنهاج ذلك عن الحاوى قال والحكمة فيه أنها كرامة والكرامة ينبغي كتمانها بلا خلاف بين أهل الطريق من جهة رؤية النفس فلا يأمن السلب ومن جهة أن لا يأمن الرياء ومن جهة الأدب فلا يتشاغل عن الشكر لله بالنظر إليها وذكرها للناس ومن جهة أنه لا يأمن الحسد فيوقع غيره في المحذور ويستأنس له بقول يعقوب عليه السلام يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك الآية قوله فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة يحتمل أن يريد بالتاسعة تاسع ليلة من العشر الأخير فتكون ليلة تسع وعشرين ويحتمل أن يريد بها تاسع ليلة تبقى من الشهر فتكون ليلة إحدى أو اثنين بحسب تمام الشهر ونقصانه ويرجح الأول قوله في رواية إسماعيل بن جعفر عن حميد الماضية في كتاب الإيمان بلفظ التمسوها في التسع والسبع والخمس أي في تسع وعشرين وسبع وعشرين وخمس وعشرين وفي رواية لأحمد في تاسعة تبقى والله أعلم

قوله باب العمل في العشر الأواخر من رمضان وفي رواية المستملى في رمضان

[ 1920 ] قوله عن أبي يعفور بفتح التحتانية وسكون المهملة وضم الفاء ولأحمد عن سفيان عن أبي عبيد بن نسطاس وهو أبو يعفور المذكور واسمه عبد الرحمن وهو كوفي تابعي صغير ولهم أبو يعفور آخر تابعي كبير اسمه وقدان قوله إذا دخل العشر أي الأخير وصرح به في حديث على عند بن أبي شيبة والبيهقي من طريق عاصم بن ضمرة عنه قوله شد مئزره أي اعتزال النساء وبذلك جزم عبد الرزاق عن الثوري واستشهد بقول الشاعر قوم إذا حاربوا شدوا مأزرهم عن النساء ولو باتت باطهار وذكر بن أبي شيبة عن أبي بكر بن عياش نحوه وقال الخطابي يحتمل أن يريد به الجد في العبادة كما يقال شددت لهذا الأمر مئزرى أي تشمرت له ويحتمل أن يراد التشمير والاعتزال معا ويحتمل أن يراد الحقيقة والمجاز كمن يقول طويل النجاد لطويل القامة وهو طويل النجاد حقيقة فيكون المراد شد مئزره حقيقة فلم يحله واعتزل النساء وشمر للعبادة قلت وقد وقع في رواية عاصم بن ضمرة المذكورة شد مئزره واعتزل النساء فعطفه بالواو فيتقوى الاحتمال الأول قوله واحيى ليله أي سهره فأحياه بالطاعة واحيى نفسه بسهره فيه لأن النوم أخو الموت واضافه إلى الليل اتساعا لأن القائم إذا حيي باليقظة احيى ليله بحياته وهو نحو قوله لا تجعلوا بيوتكم قبورا أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور قوله وايقظ أهله أي للصلاة وروى الترمذي ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت أم سلمة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام الا أقامه قال القرطبي ذهب بعضهم إلى أن اعتزال النساء كان بالاعتكاف وفيه نظر لقوله فيه وأيقظ أهله فإنه يشعر بأنه كان معهم في البيت فلو كان معتكفا لكان في المسجد ولم يكن معه أحد وفيه نظر فقد تقدم حديث اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه وعلى تقدير أنه لم يعتكف أحد منهم فيحتمل أن يوقظهن من موضعه وأن يوقظهن عند ما يدخل البيت لحاجته تنبيه وقع في نسخة الصغائى قبل هذا الباب في آخر باب تحرى ليلة القدر ما نصه قال أبو عبد الله قال أبو نعيم كان هبيرة مع المختار يجهز على القتلى قال أبو عبد الله فلم أخرج حديث هبيرة عن على لهذا ولم أخرج حديث الحسن بن عبيد الله لأن عامة حديثه مضطرب انتهى وأراد بحديث هبيرة ما أخرجه أحمد والترمذي من طريق أبي إسحاق السبيعي عن هبيرة بن يريم وهو بفتح الياء والمثناة من تحت بوزن عظيم عن على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأخير من رمضان وأخرجه أحمد وابن أبي شيبة وأبو يعلى من طرق متعددة عن أبي إسحاق وقال الترمذي حسن صحيح وأراد بحديث الحسن بن عبيد الله ما أخرجه مسلم والترمذي أيضا والنسائي وابن ماجة من رواية عبد الواحد بن زياد عنه عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها قال الترمذي بعد تخريجه حسن غريب وأما قول أبي نعيم في هبيرة فمعناه أنه كان ممن أعان المختار وهو بن أبي عبيد الثقفي لما غلب على الكوفة في خلافة عبد الله بن الزبير ودعا إلى الطلب بدم الحسين بن علي فاطاعه أهل الكوفة ممن كان يوالي أهل البيت فقتل المختار في الحرب وغيرها ممن اتهم بقتل الحسين خلائق كثيرة وكأن من وثق هبيرة لم يؤثر ذلك فيه عنده قدحا لأنه كان متأولا ولذلك صحح الترمذي حديثه وممن وثق هبيرة ومعنى قوله يجهز وهو بضم أوله وجيم وزاى يكمل القتل وأما الحسن بن عبيد الله فهو كوفي نخعي قدم يحيى القطان عليه الحسن بن عمرو وقال بن معين ثقة صالح ووثقه أبو حاتم والنسائي وغيرهما وقال الدارقطني ليس بقوي ولا يقاس بالأعمش انتهى وقد تفرد بهذا الحديث عن إبراهيم وتفرد به عبد الواحد بن زياد عن الحسن ولذلك استغربه الترمذي وأما مسلم فصحح حديثه لشواهده على عادته وتجنب حديث على للمعنى الذي ذكره البخاري أو لغيره واستغنى البخاري عن الحديثين بما أخرجه في هذا الباب من طريق مسروق عن عائشة وعلى هذا فمحل الكلام المذكور أن يكون عقب حديث مسروق في هذا الباب لأقبله وكان ذلك من بعض النساخ والله أعلم وفي الحديث الحرص على مداومة القيام في العشر الأخير إشارة إلى الحث على تجويد الخاتمة ختم الله لنا بخير أمين