كتاب الاعتكاف
 قوله أبواب الاعتكاف كذا للمستملي وسقط لغيره الا النسفي فإنه قال كتاب وثبتت له البسملة مقدمة وللمستملى مؤخرة والاعتكاف لغة لزوم الشيء وحبس النفس عليه وشرعا المقام في المسجد من شخص مخصوص على صفة مخصوصة وليس بواجب إجماعا الا على من نذره وكذا من شرع فيه فقطعه عامدا عند قوم واختلف في اشتراط الصوم له كما سيأتي في باب مفرد وانفرد سويد بن غفلة باشتراط الطهارة له

قوله تعالى البقرة

ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون

قوله باب الاعتكاف في العشر الأواخر والاعتكاف في المساجد كلها أي مشروطية المسجد له من غير تخصيص بمسجد دون مسجد قوله لقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد الآية ووجه الدلالة من الآية أنه لو صح في غير المسجد لم يختص تحريم المباشرة به لأن الجماع مناف للاعتكاف بالإجماع فعلم من ذكر المساجد أن المراد أن الاعتكاف لا يكون الا فيها ونقل بن المنذر الإجماع على أن المراد بالمباشرة في الآية الجماع وروى الطبري وغيره من طريق قتادة في سبب نزول الآية كانوا إذا اعتكفوا فخرج رجل لحاجته فلقى امرأته جامعها أن شاء فنزلت واتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف إلا محمد بن عمر بن لبابة المالكي فأجازه في كل مكان وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها وهو المكان المعد للصلاة فيه وفيه قول الشافعي قديم وفي وجه لأصحابه وللمالكية يجوز للرجال والنساء لأن التطوع في البيوت أفضل وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى اختصاصه بالمساجد التي تقام فيها الصلوات وخصه أبو يوسف بالواجب منه وأما النفل ففي كل مسجد وقال الجمهور بعمومه من كل مسجد الا لمن تلزمه الجمعة فاستحب له الشافعي في الجامع وشرطه مالك لأن الاعتكاف عندهما ينقطع بالجمعة ويجب بالشروع عند مالك وخصه طائفة من السلف كالزهري بالجامع مطلقا وأومأ إليه الشافعي في القديم وخصه حذيفة بن اليمان بالمساجد الثلاثة وعطاء بمسجد مكة والمدينة وابن المسيب بمسجد المدينة واتفقوا على أنه لا حد لاكثره واختلفوا في أقله فمن شرط فيه الصيام قال أقله يوم ومنهم من قال يصح مع شرط الصيام في دون اليوم حكاه بن قدامة وعن مالك يشترط عشرة أيام وعنه يوم أو يومان ومن لم يشترط الصوم قالوا أقله ما يطلق عليه اسم لبث ولا يشترط القعود وقيل يكفي المرور مع النية كوقوف عرفة وروى عبد الرازق عن يعلى بن أمية الصحابي أني لأمكث في المسجد الساعة وأما أمكث إلا لاعتكف واتفقوا على فساده بالجماع حتى قال الحسن والزهري من جامع فيه لزمته الكفارة وعن مجاهد يتصدق بدينارين واختلفوا في غير الجماع ففي المباشرة أقوال ثالثها أن انزل بطل وإلا فلا ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث أحدها حديث بن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه وزاد قال نافع وقد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف فيه من المسجد وزاد بن ماجة من وجه آخر عن نافع أن بن عمر كان إذا أعتكف طرح له فراشه وراء أسطوانة التوبة ثانيها حديث عائشة مثل حديث بن عمر وزاد حتى توفاه الله ثم أعتكف أزواجه من بعده فيؤخذ من الأول اشتراط المسجد له ومن الثاني أنه لم ينسخ وليس من الخصائص وأما قول بن نافع عن مالك فكرت في الاعتكاف وترك الصحابة له مع شدة أتباعهم للاثر فوقع في نفسي أنه كالوصال واراهم تركوه لشدته ولم يبلغني عن أحد من السلف أنه أعتكف الا عن أبي بكر بن عبد الرحمن اه وكأنه أراد صفة مخصوصة وإلا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة ومن كلام مالك أخذ بعض أصحابه أن الاعتكاف جائز وأنكر ذلك عليهم بن العربي وقال أنه سنة مؤكدة وكذا قال بن بطال في مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تأكده وقال أبو داود عن أحمد لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أنه مسنون

[ 1922 ] قوله عن بن شهاب زاد معمر فيه عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وخالفه الليث عن الزهري فقال عن عروة عن عائشة موصولا وعن سعيد مرسلا ثالثها حديث أبي سعيد وقد تقدمت مباحثه في الباب الذي قبله

قوله باب الحائض ترجل رأس المعتكف أي تمشطه وتدهنه

[ 1924 ] قوله يصغى الى يضم أوله أي يميل قوله وهو مجاور فى رواية أحمد والنسائي كان يأتيني وهو معتكف في المسجد فيتكىء على باب حجرتي فاغسل رأسه وسائره في المسجد وقد تقدمت فوائده في كتاب الحيض ويؤخذ منه أن المجاورة والاعتكاف واحد وفرق بينهما مالك وفي الحديث جواز التنظف والتطيب والغسل والحلق والتزين الحاقا بالترجل والجمهور على أنه لا يكره فيه الا ما يكره في المسجد وعن مالك تكره فيه الصنائع والحرف حتى طلب العلم وفي الحديث استخدام الرجل امرأته برضاها وفي إخراجه رأسه دلالة على اشتراط المسجد للاعتكاف وعلى أن من أخرج بعض بدنه من مكان حلف أن لا يخرج منه لم يحنث حتى يخرج رجليه ويعتمد عليهما

قوله باب لا يدخل أي المعتكف البيت إلا لحاجة كأنه أطلق على وفق الحديث

[ 1925 ] قوله عن عروة أي الزبير وعمرة كذا في رواية الليث جمع بينهما ورواه يونس عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة وحده ورواه مالك عنه عن عروة عن عمرة قال أبو داود وغيره لم يتابع عليه وذكر البخاري أن عبيد الله بن عمر تابع مالكا وذكر الدارقطني أن أبا أويس رواه كذلك عن الزهري واتفقوا على أن الصواب قول الليث وأن الباقين اختصروا منه ذكر عمرة وان ذكر عمرة في رواية مالك من المزيد في متصل الأسانيد وقد رواه بعضهم عن مالك فوافق الليث أخرجه النسائي أيضا وله أصل من حديث عروة عن عائشة كما سيأتي من طريق هشام عن أبيه وهو عند النسائي من طريق تميم بن سلمة عن عروة قوله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة زاد مسلم الا لحاجة الإنسان وفسرها الزهري بالبول والغائط وقد اتفقوا على استثنائهما واختلفوا في غيرهما من الحاجيات كالأكل والشرب ولو خرج لهما فتوضأ خارج المسجد لم يبطل ويلتحق بهما القىء والفصد لمن أحتاج إليه ووقع عند أبي داود من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت السنة على المعتكف عن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة الالما لا بد منه قال أبو داود غير عبد الرحمن لا يقول فيه البتة وجزم الدارقطني بان القدر الذي من حديث عائشة قولها لا يخرج إلا لحاجة وما عداه ممن دونها وروينا عن على والنخعي والحسن البصري أن شهد المعتكف جنازة أو عاد مريضا أو خرج للجمعة بطل اعتكافه وبه قال الكوفيون وابن المنذر في الجمعة وقال الثوري والشافعي وإسحاق أن شرط شيئا من ذلك في ابتداء اعتكافه لم يبطل اعتكافه بفعله وهو رواية عن أحمد

قوله باب غسل المعتكف ذكر فيه حديث عائشة أيضا وقد تقدمت مباحثه في كتاب الحيض قوله فيه فاغسله زاد النسائي من رواية حماد عن إبراهيم فاغسله بخطمي

قوله باب الاعتكاف ليلا أي بغير نهار

[ 1927 ] قوله حدثنا مسدد حدثني يحيى بن سعيد وهو القطان كذا رواه مسدد من مسند بن عمر ووافقه المقدمي وغيره عند مسلم وغيره وخالفهم يعقوب بن إبراهيم عن يحيى فقال عن بن عمر عن عمر أخرجه النسائي وكذا أخرجه أبو داود عن أحمد لكنه في المسند كما قال مسدد فالله أعلم فاختلف فيه على عبيد الله بن عمر عن نافع وعلى أيوب عن نافع وسيأتي لذلك مزيد بيان في فرض الخمس وفي غزوة حنين قوله أن عمر سأل لم يذكر مكان السؤال وسيأتي في النذر من وجه آخر أن ذلك كان بالجعرانة لما رجعوا من حنين ويستفاد منه الرد على من زعم أن اعتكاف عمر كان قبل المنع من الصيام في الليل لأن غزوة حنين متاخرة عن ذلك قوله كنت نذرت في الجاهلية زاد حفص بن غياث عن عبيد الله عند مسلم فلما أسلمت سألت وفيه رد على من زعم أن المراد بالجاهلية ما قبل فتح مكة وأنه إنما نذر في الإسلام وأصرح من ذلك ما أخرجه الدارقطني من طريق سعيد بن بشير عن عبيد الله بلفظ نذر عمر أن يعتكف في الشرك قوله أن أعتكف ليلة استدل به على جواز الاعتكاف بغير صوم لأن الليل ليس ظرفا للصوم فلو كان شرطا لآمره النبي صلى الله عليه وسلم به وتعقب بأن في رواية شعبة عن عبيد الله عند مسلم يوما بدل ليلة فجمع بن حبان وغيره بين الروايتين بأنه نذر اعتكاف يوم وليلة فمن أطلق ليلة أراد بيومها ومن أطلق يوما أراد بليلته وقد ورد الأمر بالصوم في رواية عمرو بن دينار عن بن عمر صريحا لكن إسنادها ضعيف وقد زاد فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أعتكف وصم أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عبد الله بن بديل وهو ضعيف وذكر بن عدي والدارقطني أنه تفرد بذلك عن عمرو بن دينار وروايةمن روى يوما شاذة وقد وقع في رواية سليمان بن بلال الآتية بعد أبواب فاعتكف ليلة فدل على أنه لم يزد على نذره شيئا وأن الاعتكاف لا صوم فيه وأنه لا يشترط له حد معين قوله في المسجد الحرام زاد عمرو بن دينار في روايته عند الكعبة وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بعد أبواب من لم ير عليه إذا أعتكف صوما وترجمة هذا الباب مستلزمة للثانية لأن الاعتكاف إذا ساغ ليلا بغير نهار استلزم صحته بغير صيام من غير عكس وباشتراط الصيام قال بن عمر وابن عباس أخرجه عبد الرزاق عنهما بإسناد صحيح وعن عائشة نحوه وبه قال مالك والأوزاعي والحنفية واختلف عن أحمد وإسحاق واحتج عياض بأنه صلى الله عليه وسلم لم يعتكف الا بصوم وفيه نظر لما في الباب الذي بعده أنه أعتكف في شوال كما سنذكره واحتج بعض المالكية بان الله تعالى ذكر الاعتكاف أثر الصوم فقال ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون وتعقب بأنه ليس فيها ما يدل على تلازمها ولا لكان لا صوم الا باعتكاف ولا قائل به وسنذكر بقية فوائد حديث عمر في كتاب النذور إن شاء الله تعالى وفي الحديث أيضا رد على من قال أقل الاعتكاف عشرة أيام أو أكثر من يوم وقد تقدم نقله في أول الاعتكاف وتظهر فائدة الخلاف فيمن نذر اعتكافا مبهما والله أعلم

قوله باب اعتكاف النساء أي ما حكمه وقد أطلق الشافعي كراهته لهن في المسجد الذي تصلي فيه الجماعة واحتج بحديث الباب فإنه دال على كراهة الاعتكاف للمرأة إلا في مسجد بيتها لأنها تتعرض لكثرة من يراها وقال بن عبد البر لولا أن بن عيينة زاد في الحديث أي حديث الباب انهن استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف لقطعت بان اعتكاف المرأة في مسجد الجماعة غير جائز انتهى وشرط الحنفية لصحة اعتكاف المرأة أن تكون في مسجد بيتها وفي رواية لهم أن لها الاعتكاف في المسجد مع زوجها وبه قال أحمد

[ 1928 ] قوله حدثنا يحيى هو بن سعيد الأنصاري ونسبه خلف بن هشام في روايته عن حماد بن زيد عند الإسماعيلي قوله عن عمرة في رواية الأوزاعي الآتية في أواخر الاعتكاف عن يحيى بن سعيد حدثتني عمرة بنت عبد الرحمن قوله عن عائشة في رواية أبي عوانة من طريق عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد عن عمرة حدثتني عائشة قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فكنت اضرب له خباء أي بكسر المعجمة ثم موحدة وقوله فيصلى الصبح ثم يدخله وفي رواية بن فضيل عن يحيى بن سعيد الآتية في باب الاعتكاف في شوال كان يعتكف في كل من رمضان فإذا صلى الغداة دخل واستدل بهذا على أن مبدا الاعتكاف من أول النهار وسيأتي نقل الخلاف فيه قوله فاستاذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء في رواية الأوزاعي المذكورة فاستأذنته عائشة فأذن لها وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت وفي رواية بن فضيل المذكورة فاستاذنت عائشة أن تعتكف فأذن لها فضربت قبة فسمعت بها حفصة فضربت قبة زاد في رواية عمرو بن الحارث لتعتكف معه وهذا يشعر بأنها فعلت ذلك بغير إذن لكن رواية بن عيينة عند النسائي ثم استاذنته حفصة فأذن لها وقد ظهر من رواية حماد والأوزاعي أن ذلك كان على لسان عائشة قوله فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء اخر وفي رواية بن فضيل وسمعت بها زينب فضربت قبة أخرى وفي رواية عمرو بن الحارث فلما رأته زينب ضربت معهن وكانت امرأة غيورا ولم اقف في شيء من الطرق أن زينب استأذنت وكان هذا هو أحد ما بعث على الإنكار الاتى قوله فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية في رواية مالك التي بعد هذه فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه إذا أخبية وفي رواية بن فضيل فلما انصرف من الغداة أبصر أربع قباب يعني قبة له وثلاثا للثلاثة وفي رواية الأوزاعي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه الذي بني له ليعتكف فيه ووقع في رواية أبي معاوية عند مسلم وأبي داود فأمرت زينب بخبائها فضرب وأمر غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بخبائها فضرب وهذا يقتضى تعميم الأزواج بذلك وليس كذلك وقد فسرت الأزواج في الروايات الأخرى بعائشة وحفصة وزينب فقط وبين ذلك قوله في هذه الرواية أربع قباب وفي رواية بن عيينة عند النسائي فلما صلى الصبح إذا هو بأربعة ابنيه قال لمن هذه قالوا لعائشة وحفصة وزينب قوله آلبر بهمزة استفهام ممدودة وبغير مد وآلبر بالنصب وقوله ترون بهن بضم أوله أي تظنون وفي رواية مالك آلبر تقولون بهن أي تظنون والقول يطلق على الظن قال الأعشى أما الرحيل فدون بعد غد فمتى تقول الدار تجمعنا أي تظن ووقع في رواية الأوزاعي آلبر أردن بهذا وفي رواية بن عيينة آلبر تقولون يردن بهذا والخطاب للحاضرين من الرجال وغيرهم وفي رواية بن فضيل ما حملهن على هذا آلبر انزعوها فلا أراها فنزعت وما استفهامية وآلبر في هذه الرواية مرفوع وقوله فلا أراها زعم بن التين أن الصواب حذف الألف من أراها قال لأنه مجزوم بالنهى وليس كما قال قوله فترك الاعتكاف في رواية أبي معاوية فأمر بخبائة فقوض وهو بضم القاف وتشديد الواو المكسورة بعدها ضاد معجمة أي نقض وكأنه صلى الله عليه وسلم خشي أن يكون الحامل لهن على ذلك المباهاة والتنافس الناشىء عن الغيرة حرصا على القرب منه خاصة فيخرج الاعتكاف عن موضوعه أو لما إذن لعائشة وحفصة أو لا كان ذلك خفيفا بالنسبة إلى ما يفضى إليه الأمر من توارد بقية النسوة على ذلك فيضيق المسجد على المصلين أو بالنسبة إلى أن اجتماع النسوة عنده يصيره كالجالس في بيته وربما شغلنه عن التخلى لما قصد من العبادة فيفوت مقصود الاعتكاف قوله فترك الاعتكاف ذلك الشهر ثم أعتكف عشرا من شوال في رواية الأوزاعي فرجع فلما أن أعتكف وفي رواية بن فضيل فلم يعتكف في رمضان حتى أعتكف في آخر العشر من شوال وفي رواية أبي معاوية فلم يعتكف في رمضان حتى أعتكف في العشر الأول من شوال ويجمع بينه وبين رواية بن فضيل بان المراد بقوله آخر العشر من شوال انتهاء اعتكافه قال الإسماعيلي فيه دليل على جواز الاعتكاف بغير صوم لأن أول شوال هو يوم الفطر وصومه حرام وقال غيره في اعتكافه في شوال دليل على أن النوافل المعتادة إذا فاتت تقضى استحبابا واستدل به المالكية على وجوب قضاء العمل لمن شرع فيه ثم ابطله ولا دلالة فيه لما سيأتي وقال بن المنذر وغيره في الحديث أن المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها وإنها إذا اعتكفت بغير إذن كان له أن يخرجها وأن كان بإذنه فله أن يرجع فيمنعها وعن أهل الراى إذا إذن لها الزوج ثم منعها أثم بذلك وامتنعت وعن مالك ليس له ذلك وهذا الحديث حجة عليهم وفيه جواز ضرب الاخبية في المسجد وأن الأفضل للنساء أن لا يعتكفن في المسجد وفيه جواز الخروج من الاعتكاف بعد الدخول فيه وأنه لا يلزم بالنية ولا بالشروع فيه ويستنبط منه سائر التطوعات خلافا لمن قال باللزوم وفيه أن أول الوقت الذي يدخل فيه المعتكف بعد صلاة الصبح وهو قول الأوزاعي والليث والثوري وقال الأئمة الأربعة وطائفة يدخل قبيل غروب الشمس واولوا الحديث على أنه دخل من أول الليل ولكن إنما تخلى بنفسه في المكان الذي أعده لنفسه بعد صلاة الصبح وهذا الجواب يشكل على من منع الخروج من العبادة بعد الدخول فيها وأجاب عن هذا الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل المعتكف ولا شرع في الاعتكاف وإنما هم به ثم عرض له المانع المذكور فتركه فعلى هذا فاللازم أحد الامرين أما أن يكون شرع في الاعتكاف فيدخل على جواز الخروج منه وأما أن لا يكون شرع فيدل على أن أول وقته بعد صلاة الصبح وفيه أن المسجد شرط للاعتكاف لأن النساء شرع لهن الاحتجاب في البيوت فلو لم يكن المسجد شرطا ما وقع ما ذكر من الإذن والمنع ولاكتفى لهن بالاعتكاف في مساجد بيوتهن وقال إبراهيم بن علية في قوله آلبر تردن دلالة على أنه ليس لهن الاعتكاف في المسجد إذ مفهومه أنه ليس ببر لهن وما قاله ليس بواضح وفيه شؤم الغيرة لأنها ناشئة عن الحسد المفضى إلى ترك الأفضل لأجله وفيه ترك الأفضل إذا كان فيه مصلحة وأن من خشي على عمله الرياء جاز له تركه وقطعه وفيه أن الاعتكاف لا يجب بالنية وأما قضاؤه صلى الله عليه وسلم له فعلى طريق الاستحباب لأنه كان إذا عمل عملا أثبته ولهذا لم ينقل أن نساءه اعتكفن معه في شوال وفيه أن المرأة إذا اعتكفت في المسجد استحب لها أن تجعل لها ما يسترها ويشترط أن تكون اقامتها في موضع لا يضيق على المصلين وفي الحديث بيان مرتبة عائشة في كون حفصة لم تستأذن الا بواسطتها ويحتمل أن يكون سبب ذلك كونه كان تلك الليلة في بيت عائشة

قوله باب الاخبية في المسجد ذكر فيه الحديث الماضي في الباب قبله مختصرا من طريق مالك عن يحيى بن سعيد فوقع في أكثر الروايات عن عمرة عن عائشة وسقط

[ 1929 ] قوله عن عائشة في رواية النسفي والكشميهني وكذا هو في الموطآت كلها أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق عبد الله بن يوسف شيخ البخاري فيه مرسلا أيضا وجزم أن البخارى أخرجه عن عبد الله بن يوسف موصولا قال الترمذي رواه مالك وغير واحد عن يحيى مرسلا وقال الدارقطني تابع مالكا على إرساله عبد الوهاب الثقفي ورواه إلياس عن يحيى موصولا وقال الإسماعيلي تابع مالكا أنس بن عياض وحماد بن زيد على اختلاف عنه انتهى وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق عبد الله بن نافع عن مالك موصولا فحصلنا على جماعة وصلوه وقد تقدمت مباحثه في الباب الذي قبله

قوله باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد أورد هذه الترجمة على الاستفهام لاحتمال القضية ما ترجم له لكن تقييده ذلك بباب المسجد مما لا يتأتى فيه الخلاف حتى يتوقف عن بت الحكم فيه وإنما الخلاف في الاشتغال في المسجد بغير العبادة

[ 1930 ] قوله أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عند بن حبان في رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن على بن الحسين حدثتني صفية وهي صفية بنت حي بمهملة وتحتانية مصغرا بن أخطب كان أبوها رئيس خيبر وكانت تكنى أم يحيى وسيأتي شرح تزويجها في المغازي إن شاء الله تعالى وفي تصريح على بن الحسين بأنها حدثته رد على من زعم أنها ماتت سنة ست وثلاثين أو قبل ذلك لأن عليا إنما ولد بعد ذلك سنة أربعين أو نحوها والصحيح أنها ماتت سنة خمسين وقيل بعدها وكان على بن الحسين حين سمع منها صغيرا وقد اختلف الرواة عن الزهري في وصل هذا الحديث وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى واعتمد المصنف الطريق الموصولة وحمل الطريق المرسلة على أنها عند على عن صفية فلم يجعلها علة للموصول كما صنع في طريق مالك في الباب قبله قوله أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه وفي رواية معمر الآتية في صفة إبليس فأتيته ازوره ليلا وفي رواية هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وعنده أزواجه فرحن وقال لصفية لا تعجلي حتى انصرف معك والذي يظهر أن اختصاص صفية بذلك لكون مجيئها تأخر عن رفقتها فأمرها بتأخير التوجه ليحصل لها التساوى في مدة جلوسهن عنده أو أن بيوت رفقتها كانت أقرب من منزلها فخشي النبي صلى الله عليه وسلم عليها أو كان مشغولا فأمرها بالتاخر ليفرغ من شغله ويشيعها وروى عبد الرزاق من طريق مروان بن سعيد بن المعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معتكفا في المسجد فاجتمع إليه نساؤه ثم تفرقن فقال لصفية اقلبك إلى بيتك فذهب معها حتى أدخلها بيتها وفي رواية هشام المذكورة وكان بيتها في دار أسامة زاد في رواية عبد الرزاق عن معمر وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد أي الدار التي صارت بعد ذلك لإسامة بن زيد لأن أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة بحيث تسكن فيها صفية وكانت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حوالي أبواب المسجد وبهذا يتبين صحة ترجمة المصنف قوله فتحدثت عنده ساعة زاد بن أبي عتيق عن الزهري كما سيأتي في الأدب ساعة من العشاء قوله ثم قامت تنقلب أي ترد إلى بيتها فقام معها يقلبها بفتح أوله وسكون القاف أي يردها إلى منزلها قوله حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة فى رواية بن أبي عتيق الذي عند مسكن أم سلمة والمراد بهذا بيان المكان الذي لقيه الرجلان فيه لاتيان مكان بيت صفية قوله مر رجلان من الأنصار لم اقف على تسميتهما في شيء من كتب الحديث الا أن بن العطار في شرح العمدة زعم إنهما أسيد بن حضير وعباد بن بشر ولم يذكر لذلك مستندا ووقع في رواية سفيان الآتية بعد ثلاثة أبواب فابصره رجل من الأنصار بالافراد وقال بن التين أنه وهم ثم قال يحتمل تعدد القصة قلت والأصل عدمه بل هو محمول على أن أحدهما كان تبعا للاخر أو خص أحدهما بخطاب المشافهة دون الآخر ويحتمل أن يكون الزهري كان يشك فيه فيقول تارة رجل وتارة رجلان فقد رواه سعيد بن منصور عن هشيم عن الزهري لقيه رجل أو رجلان بالشك وليس لقوله رجل مفهوم نعم رواه مسلم من وجه آخر من حديث أنس بالافراد ووجهه ما قدمته من أن أحدهما كان تبعا للاخر فحيث أفرد ذكر الأصل وحيث ثنى ذكر الصورة قوله فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية معمر فنظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم اجازا أي مضيا يقال جاز وأجاز بمعنى ويقال جاز الموضع إذا سار فيه وأجازه إذا قطعه وخلفه وفي رواية بن أبي عتيق ثم نفذا وهو بالفاء والمعجمة أي خلفاه وفي رواية معمر فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا أي في المشي وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند بن حبان فلما رأيه استحييا فرجعا فافاد سبب رجوعهما وكانهما لو استمرا ذاهبين إلى مقصدهما ما ردهما بل لما رأى إنهما تركا مقصدهما ورجعا ردهما قوله على رسلكما بكسر الراء ويجوز فتحها أي على هينتكما في المشي فليس هنا وفيه شيء محذوف تقديره أمشيا على هينتكما وفي رواية معمر فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم تعاليا وهو بفتح اللام قال الداودي أي قفا وأنكره بن التين وقد أخرجه عن معناه بغير دليل وفي رواية سفيان فلما ابصره دعاه فقال تعالى قوله إنما هي صفية بنت حي في رواية سفيان هذه صفية قوله فقالا سبحان الله يا رسول الله وكبر عليهما زاد النسائي من طريق بشر بن شعيب عن أبيه ذلك ومثله في رواية بن مسافر الآتية في الخمس وكذا للاسماعيلى من وجه آخر عن أبي اليمان شيخ البخاري فيه وفي رواية بن أبي عتيق عند المصنف في الأدب وكبر عليهما ما قال وله من طريق عبد الأعلى عن معمر فكبر ذلك عليهما وفي رواية هشيم فقال يا رسول الله هل نظن بك إلا خيرا قوله أن الشيطان يبلغ من بن آدم مبلغ القدم كذا في رواية بن مسافر وابن أبي عتيق وفي رواية معمر يجري من الإنسان مجرى الدم وكذا لابن ماجة من طريق عثمان بن عمر التيمي عن الزهري زاد عبد الأعلى فقال أني خفت أن تظنا ظنا أن الشيطان يجري الخ وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق ما أقول لكما هذا أن تكونا تظنان شرا ولكن قد علمت أن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم قوله بن آدم المراد جنس أولاد آدم فيدخل فيه الرجال والنساء كقوله يا بني آدم وقوله يا بني إسرائيل بلفظ المذكر الا أن العرف عممه فأدخل فيه النساء قوله وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا كذا في رواية بن مسافر وفي رواية معمر سوءا أو قال شيئا وعند مسلم وأبي داود وأحمد من حديث معمر شرا بمعجمة وراء بدل سوءا وفي رواية هشيم أني خفت أن يدخل عليكما شيئا والمحصل من هذه الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينسبهما إلى إنهما يظنان به سوءا لما تقرر عنده من صدق ايمانهما ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك لأنهما غير معصومين فقد يفضى بهما ذلك إلى الهلاك فبادر إلى اعلامهما حسما للمادة وتعليما لمن بعدهما إذا وقع له مثل ذلك كما قاله الشافعي رحمه الله تعالى فقد روى الحاكم أن الشافعي كان في مجلس بن عيينة فسأله عن هذا الحديث فقال الشافعي إنما قال لهما ذلك لأنه خاف عليهما الكفر أن ظنا به التهمة فبادر إلى اعلامهما نصيحة لهما قبل أن يقذف الشيطان في نفوسهما شيئا يهلكان به قلت وهو بين من الطرق التي أسلفتها وغفل البزار فطعن في حديث صفية هذا واستبعد وقوعه ولم يأت بطائل والله الموفق وقوله يبلغ أو يجري قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى اقدره على ذلك وقيل هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغوائه وكأنه لا يفارق كالدم فاشتركا في شدة الاتصال وعدم المفارقة وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه والحديث مع غيره وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة وزيارة المرأة للمعتكف وبيان شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته وارشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار قال بن دقيق العيد وهذا متأكد في حق العلماء ومن يفتدى به فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلا يوجب سوء الظن بهم وأن كان لهم فيه مخلص لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم ومن ثم قال بعض العلماء ينبغي للحاكم أن يبين للمحكوم عليه وجه الحكم إذا كان خافيا نفيا للتهمة ومن هنا يظهر خطا من يتظاهر بمظاهر السوء ويتعذر بأنه يجرب بذلك على نفسه وقد عظم البلاء بهذا الصنف والله أعلم وفيه إضافة بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليهن وفيه جواز خروج المرأة ليلا وفيه قول سبحان الله عند التعجب وقد وقعت في الحديث لتعظيم الأمر وتهويله وللحياء من ذكره كما في حديث أم سليم واستدل به لأبي يوسف ومحمد في جواز تمادى المعتكف إذا خرج من مكان اعتكافه لحاجته وأقام زمنا يسيرا زائدا عن الحاجة ما لم يستغرق أكثر اليوم ولا دلالة فيه لأنه لم يثبت أن منزل صفية كان بينه وبين المسجد فاصل زائد وقد حد بعضهم اليسير بنصف يوم وليس في الخبر ما يدل عليه

قوله باب الاعتكاف وخروج النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين أورد فيه حديث أبي سعيد وقد تقدم الكلام عليه قريبا وكأنه أراد بالترجمة تأويل ما وقع في حديث مالك من قوله فلما كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من اعتكافه صبيحتها وقد تقدم توجيه ذلك وأن المراد بقوله صبيحتها التي قبلها قال بن بطال هو مثل قوله تعالى لم يلبثوا الا عشية أو ضحاها فاضاف الضحى إلى العشية وهو قبلها وكل شيء متصل بشيء فهو مضاف إليه سواء كان قبله أو بعده

[ 1931 ] قوله اريت بضم أوله وكسر الراء وفي رواية الكشميهني رأيت بتقديم الراء وفتحها قوله نسيتها بفتح النون وللكشميهني بضمها وتثقيل السين قوله رأيت أني اسجد في رواية الكشميهني رأيت أن اسجد قال القفال معناه أنه رأى من يقول له في النوم ليلة القدر ليلة كذا وكذا وعلامتها كذا وكذا وليس معناه أنه رأى ليلة القدر نفسها ثم نسيها لأن مثل ذلك لا ينسى قلت وقد تقدم للمصنف أن جبريل هو المخبر له بذلك

قوله باب اعتكاف المستحاضة أورد فيه حديث عائشة

[ 1932 ] أعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة من أزواجه وقد تقدم الكلام عليه في كتاب الحيض وفي وهذا اللفظ رد لقول من قال يحمل على أن قوله امرأة من نسائه أي من النساء اللواتي لهن به تعلق لأنه لم ينقل أن امرأة من أزواجه صلى الله عليه وسلم استحاضت وتقدم ذكر المستحاضة في عهده والخلاف فيهن ويستدرك هنا أن تسمية هذه الزوجة وقع في رواية سعيد بن منصور عن إسماعيل وهو بن علية حدثنا خالد وهو الحذاء الذي أخرجه المصنف من طريقه فذكر الحديث وزاد فيه قال وحدثنا به خالد مرة أخرى عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضة فافاد بذلك معرفة عينها وازداد بذلك عدد المستحاضات والله أعلم

قوله باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه ذكر في حديث صفية من وجهين عن الزهري أحدهما من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر وهي موصولة والأخرى طريق هشام بن يوسف عن معمر وهي مرسلة وساقه هنا على لفظ معمر واعاده بالإسناد المذكور هنا من طريق بن مسافر في فرض الخمس على لفظه وقد بينت ما فيه من الفوائد قريبا

[ 1933 ] قوله في انفسكما هو مثل قوله في الرواية الأخرى في قلوبكما واضافة لفظ الجمع إلى المثنى كثير مسموع كقوله تعالى فقد صغت قلوبكما

قوله باب هل يدرا بفتح أوله وسكون الدال بعدها راء ثم همزة مضمومة أي يدفع وقوله عن نفسه أي بالقول والفعل وقد دل الحديث على الدفع بالقول فيلحق به الفعل وليس المعتكف بأشد في ذلك من المصلي ثم أورد المصنف فيه حديث صفية أيضا من وجهين عن الزهري أحدهما طريق بن أبي عتيق وهي موصولة وإسماعيل بن عبد الله شيخه هو بن أبي أويس وأخوه أبو بكر وسليمان هو بن بلال والإسناد كله مدنيون والأخرى طريق سفيان وهي مرسلة وساقه على لفظ سفيان واعاده بالإسناد المذكور هنا من طريق بن أبي عتيق في الأدب على لفظه وقد بينت ما فيه أيضا

[ 1934 ] قوله قلت لسفيان وهو بن عيينة القائل هو على بن عبد الله بن المديني شيخ البخاري وقوله وهل هو الا ليلا أي وهل ومع الإتيان الا في الليل وليس المراد نفى امكانه بل نفى وقوعه وقد وقع عند النسائي من طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان بن عيينة في نفس الحديث أن صفية أتت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة

قوله باب من خرج من اعتكافه عند الصبح ذكر فه حديث أبي سعيد أيضا وقد تقدم الكلام عليه مستوفى وهو محمول على أنه أراد اعتكاف الليالي دون الأيام وسبيل من أراد ذلك أن يدخل قبيل غروب الشمس ويخرج بعد طلوع الفجر فإن أراد اعتكاف الأيام خاصة فيدخل مع طلوع الفجر ويخرج بعد غروب الشمس فإن أراد اعتكاف الأيام والليالي معا فيدخل قبل غروب الشمس ويخرج بعد غروب الشمس أيضا وقد وقع في حديث الباب فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا وهو مشعر بأنهم اعتكفوا الليالي دون الأيام وحمله المهلب على نقل أثقالهم وما يحتاجون إليه من آلة الأكل والشرب والنوم إذ لا حاجة لهم بها في ذلك اليوم فإذا كان المساء خرجوا خفافا ولذلك قال نقلنا متاعنا ولم يقل خرجنا وقد تقدم في باب تحرى ليلة القدر من وجه آخر فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة ويستقبل إحدى وعشرين رجع وبذلك يجمع بين الطريقين فإن القصة واحدة والحديث واحد وهو حديث أبي سعيد

[ 1935 ] قوله حدثنا عبد الرحمن بن بشر كذا للأكثر وليس في رواية الأصيلي وكريمة قوله بن بشر وذكره النسفي وحده تعليقا فقال وعبد الرحمن حدثنا سفيان وهو بن عيينة قوله عن بن جريج في رواية الحميدي في مسنده عن سفيان حدثنا بن جريج قوله عن سليمان زاد الحميدي بن أبي مسلم قوله وحدثنا محمد بن عمرو القائل هو سفيان وهو بن عيينة وهو القائل أيضا وأظن أن بن أبي لبيد حدثنا والحاصل أن لسفيان فيه ثلاثة أشياخ حدثوه به عن أبي سلمة وقد أخرجه أحمد عن سفيان قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة وابن أبي لبيد عن أبي سلمة سمعت أبا سعيد ولم يقل وأظن ومحمد بن عمرو هو بن علقمة الليثي ولم يخرج له البخاري الا مقرونا

قوله باب الاعتكاف في شوال ذكر فيه حديث عمرة عن عائشة وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في باب اعتكاف النساء

[ 1936 ] قوله حدثنا محمد في رواية كريمة هو بن سلام قوله فإذا صلى الغداة دخل مكانه في رواية الكشميهني حل بمهملة وتشديد

قوله باب من لم ير عليه إذا أعتكف صوما ذكر فيه قصة عمر في نذره اعتكاف ليلة وقد تقدمت مباحثه في باب الاعتكاف ليلا

قوله باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم اسلم أي هل يلزمه الوفاء بذلك أم لا ذكر فيه قصة عمر أيضا وترجم له في أبواب النذر إذا نذر أو حلف لا يكلم إنسانا في الجاهلية ثم أسلم وكأنه الحق اليمين بالنذر لاشتراكهما في التعليق وفيه إشارة إلى أن النذر واليمين ينعقد في الكفر حتى يجب الوفاء بهما على من أسلم وستاتى مباحثه في كتاب النذر إن شاء الله تعالى

[ 1938 ] قوله قال أراه ليلة بضم أوله أي أظنه والقائل ذلك هو عبيد شيخ البخاري أو البخاري نفسه فقد رواه الإسماعيلي وغيره من طريق أخرى عن أبي أسامة بغير شك

قوله باب الاعتكاف في العشر الأوسط من رمضان كأنه أشار بذلك إلى أن الاعتكاف لا يختص بالعشر الأخير وأن كان الاعتكاف فيه أفضل

[ 1939 ] قوله حدثنا أبو بكر هو بن عياش وأبو حصين بفتح أوله هو عثمان بن عاصم والإسناد إلى أبي صالح كوفيون قوله يعتكف في كل رمضان عشرة أيام في رواية يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عند النسائي يعتكف العشر الأواخر من رمضان قال بن بطال مواظبته صلى الله عليه وسلم على الاعتكاف تدل على أنه من السنن المؤكدة وقد روى بن المنذر عن بن شهاب أنه كان يقول عجبا للمسلمين تركوا الاعتكاف والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتركه منذ دخل المدينة حتى قبضه الله اه وقد تقدم قول مالك أنه لم يعلم أن أحدا من السلف أعتكف الا أبا بكر بن عبد الرحمن وأن تركهم لذلك لما فيه من الشدة قوله فلما كان العام الذي قبض فيه أعتكف عشرين قيل السبب في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم علم بانقضاء أجله فأراد أن يستكثر من أعمال الخير ليبين لأمته الاجتهاد في العمل إذا بلغوا أقصى العمل ليلقوا الله على خير أحوالهم وقيل السبب فيه أن جبريل كان يعارضه بالقرآن في كل رمضان مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين فلذلك أعتكف قدر ما كان يعتكف مرتين ويؤيده أن عند بن ماجة عن هناد عن أبي بكر بن عياش في آخر حديث الباب متصلا به وكان يعرض عليه القرآن في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين وقال بن العربي يحتمل أن يكون سبب ذلك انه لما ترك الاعتكاف في العشر الأخير بسبب ما وقع من أزواجه واعتكف بدله عشرا من شوال أعتكف في العام الذي يليه عشرين ليتحقق قضاء العشر في رمضان اه وأقوى من ذلك أنه إنما أعتكف في ذلك العام عشرين لأنه كان العام الذي قبله مسافرا ويدل لذلك ما أخرجه النسائي وللفظ له وأبو داود وصححه بن حبان وغيره من حديث بن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فسافر عاما فلم يعتكف فلما كان العام المقبل أعتكف عشرين ويحتمل تعدد هذه القصة بتعدد السبب فيكون مرة بسبب ترك الاعتكاف لعذر السفر ومرة بسبب عرض القرآن مرتين وأما مطابقة الحديث للترجمة فإن الظاهر بإطلاق العشرين أنها متوالية فيتعين لذلك العشر الأواسط أو أنه حمل المطلق في هذه الرواية على المقيد في الروايات الأخرى

قوله باب من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج أورد فيه حديث عمرة عن عائشة وقد تقدمت مباحثه وفيه إشارة إلى الجزم بأنه لم يدخل في الاعتكاف ثم خرج منه بل تركه قبل الدخول فيه وهو ظاهر السياق خلافا لمن خالف فيه

قوله باب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل أورد فيه حديث عائشة من طريق معمر عن الزهري عن عروة عنها وقد تقدم الكلام عليه في أوائل الاعتكاف تنبيه الرأس مذكر اتفاقا ووهم من أنثه من الفقهاء وغيرهم خاتمة اشتملت أحاديث التراويح وليلة القدر والاعتكاف من الأحاديث المرفوعة على تسعة وثلاثين حديثا المعلق منها حديثان المكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثون حديثا والخالص منها تسعة أحاديث وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث بن عباس في ليلة القدر وحديث أبي هريرة في اعتكاف عشرين ليلة وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم أثر عمر في جمع الناس على أبي بن كعب في التراويح وهو موصول وأثر الزهري في ذلك وأثر بن عيينة في ليلة القدر وأثر بن عباس في التماس ليلة القدر ليلة أربع وعشرين والله أعلم