كتاب السلم
 قوله بسم الله الرحمن الرحيم كتاب السلم باب السلم في كيل معلوم كذا في رواية المستملي والبسملة متقدمة عنده ومتوسطة في رواية الكشميهني بين كتاب وباب وحذف النسفي كتاب السلم وأثبت الباب وأخر البسملة عنه والسلم بفتحتين السلف وزنا ومعنى وذكر الماوردي أن السلف لغة أهل العراق والسلم لغة أهل الحجاز وقيل السلف تقديم رأس المال والسلم تسليمه في المجلس فالسلف أعم والسلم شرعا بيع موصوف في الذمة ومن قيده بلفظ السلم زاده في الحد ومن زاد فيه ببدل يعطى عاجلا فيه نظر لأنه ليس داخلا في حقيقته واتفق العلماء على مشروعيته إلا ما حكى عن بن المسيب واختلفوا في بعض شروطه واتفقوا على أنه يشترط له ما يشترط للبيع وعلى تسليم رأس المال في المجلس واختلفوا هل هو عقد غرر جوز للحاجة أم لا وقول المصنف باب السلم في كيل معلوم أي فيما يكال واشتراط تعيين الكيل فيما يسلم فيه من المكيل متفق عليه من أجل اختلاف المكاييل إلا أن لا يكون في البلد سوى كيل واحد فإنه ينصرف اليه عند الإطلاق ثم أورد حديث بن عباس مرفوعا من أسلف في شيء الحديث من طريق بن علية وفي الباب الذي بعده من طريق بن عيينة كلاهما عن بن أبي نجيح وذكره بعد من طرق أخرى عنه ومداره على عبد الله بن كثير وقد اختلف فيه فجزم القابسي وعبد الغني والمزي بأنه المكي القاري المشهور وجزم الكلاباذي وابن طاهر والدمياطي بأنه بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي وكلاهما ثقة والأول أرجح فإنه مقتضى صنيع المصنف في تاريخه وأبو المنهال شيخه هو عبد الرحمن بن مطعم الذي تقدمت روايته قريبا عن البراء وزيد بن أرقم

[ 2124 ] قوله عامين أو ثلاثة شك إسماعيل يعني بن علية ولم يشك سفيان فقال وهم يسلفون في التمر السنتين والثلاث وقوله عامين وقوله السنتين منصوب إما على نزع الخافض أو على المصدر قوله من سلف في تمر كذا لابن علية بالتشديد وفي رواية بن عيينة من أسلف في شيء وهي أشمل وقوله ووزن معلوم الواو بمعنى أو والمراد اعتبار الكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن قوله حدثنا محمد أخبرنا إسماعيل هو بن علية واختلف في محمد فقال الجياني لم أره منسوبا وعندي أنه بن سلام وبه جزم الكلاباذي زاد السفيانان الى أجل معلوم وسيأتي البحث فيه في بابه

قوله باب السلم في وزن معلوم أي فيما يوزن وكأنه يذهب إلى أن ما يوزن لا يسلم فيه مكيلا وبالعكس وهو أحد الوجهين والأصح عند الشافعية الجواز وحمله إمام الحرمين على ما يعد الكيل في مثله ضابطا واتفقوا على اشتراط تعيين الكيل فيما يسلم فيه من المكيل كصاع الحجاز وقفيز العراق وأردب مصر بل مكاييل هذه البلاد في نفسها مختلفة فإذا أطلق صرف الى الأغلب وأورد فيه حديثين أحدهما حديث بن عباس الماضي في الباب قبله ذكره عن ثلاثة من مشايخه حدثوه به عن بن عيينة قال في الأولى من أسلف في شيء ففي كيل معلوم الحديث وقال في الثانية من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم ولم يذكر الوزن وذكره في الثالثة وصرح في الطريق الأولى بالأخبار بين بن عيينة وابن أبي نجيح وقوله في شيء اخذ منه جواز السلم في الحيوان إلحاقا للعدد بالكيل والمخالف فيه الحنفية وسيأتي القول بصحته عن الحسن بعد ثلاثة أبواب ثانيهما حديث بن أبي أوفي

[ 2127 ] قوله عن بن أبي المجالد كذا أبهمه أبو الوليد عن شعبة وسماه غيره عنه محمد بن أبي المجالد ومنهم من أورده على الشك محمدا وعبد الله وذكر البخاري الروايات الثلاث وأورده النسائي من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة عن عبد الله وقال مرة محمد وقد أخرجه البخاري في الباب الذي يليه من رواية عبد الواحد بن زياد وجماعة عن أبي إسحاق الشيباني فقال عن محمد بن أبي المجالد ولم يشك في اسمه وكذلك ذكره البخاري في تاريخه في المحمدين وجزم أبو داود بأن اسمه عبد الله وكذا قال بن حبان ووصفه بأنه كان صهر مجاهد وبأنه كوفي ثقة وكان مولى عبد الله بن أبي أوفي ووثقه أيضا يحيى بن معين وغيره وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد قوله اختلف عبد الله بن شداد أي بن الهاد الليثي وهو من صغار الصحابة وأبو بردة أي بن أبي موسى الأشعري قوله في السلف أي هل يجوز السلم الى من ليس عنده المسلم فيه في تلك الحالة أم لا وقد ترجم له كذلك في الباب الذي يليه قوله وسألت بن أبزى هو عبد الرحمن الخزاعي أحد صغار الصحابة ولأبيه أبزى صحبة على الراجح وهو بالموحدة والزاي وزن أعلى ووجه إيراد هذا الحديث في باب السلم في وزن معلوم الإشارة إلى ما في بعض طرقه وهو في الباب الذي يليه بلفظ فنسلفهم في الحنطة والشعير والزيت لأن الزيت من جنس ما يوزن قال بن بطال أجمعوا على أنه إن كان في السلم ما يكال أو يوزن فلا بد فيه من ذكر الكيل المعلوم والوزن المعلوم فإن كان فيما لا يكال ولا يوزن فلا بد فيه من عدد معلوم قلت أو ذرع معلوم والعدد والذرع ملحق بالكيل والوزن للجامع بينهما وهو عدم الجهالة بالمقدار ويجري في الذرع ما تقدم شرطه في الكيل والوزن من تعيين الذراع لأجل اختلافه في الأماكن وأجمعوا على أنه لا بد من معرفة صفة الشيء المسلم فيه صفة تميزه عن غيره وكأنه لم يذكر في الحديث لأنهم كانوا يعملون به وإنما تعرض لذكر ما كانوا يهملونه

قوله باب السلم إلى من ليس عنده أصل أي مما أسلم فيه وقيل المراد بالأصل أصل الشيء الذي يسلم فيه فأصل الحب مثلا الزرع وأصل الثمر مثلا الشجر والغرض من الترجمة أن ذلك لا يشترط وأورد المصنف حديث بن أبي أوفي من طريق الشيباني فأورده أولا من طريق عبد الواحد وهو بن زياد عنه فذكر الحنطة والشعير والزيت ومن طريق خالد عن الشيباني ولم يذكر الزيت ومن طريق جرير عن الشيباني فقال الزبيب بدل الزيت ومن طريق سفيان عن الشيباني فقال وذكره بعد ثلاثة أبواب من وجه آخر عن سفيان كذلك

[ 2128 ] قوله نبيط أهل الشام في رواية سفيان أنباط من أنباط الشام وهم قوم من العرب دخلوا في العجم والروم واختلطت أنسابهم وفسدت ألسنتهم وكان الذين اختلطوا بالعجم منهم ينزلون البطائح بين العراقين والذين اختلطوا بالروم ينزلون في بوادي الشام ويقال لهم النبط بفتحتين والنبيط بفتح أوله وكسر ثانيه وزيادة تحتانية والانباط قيل سموا بذلك لمعرفتهم بأنباط الماء أي استخراجه لكثرة معالجتهم الفلاحة قوله قلت إلى من كان أصله عنده أي المسلم فيه وسيأتي من طريق سفيان بلفظ قلت أكان لهم زرع أو لم يكن لهم قوله ما كنا نسألهم عن ذلك كأنه استفاد الحكم من عدم الاستفصال وتقرير النبي صلى لله عليه وسلم على ذلك

[ 2129 ] قوله وقال عبد الله بن الوليد هو العدني وسفيان هو الثوري وطريقه موصولة في جامع سفيان من طريق علي بن الحسن الهلالي عن عبد الله بن الوليد المذكور واستدل بهذا الحديث على صحة السلم إذا لم يذكر مكان القبض وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور وبه قال مالك وزاد ويقبضه في مكان السلم فإن اختلفا فالقول قول البائع وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي لا يجوز السلم فيما له حمل ومؤنة إلا أن يشترط في تسليمه مكانا معلوما واستدل به على جواز السلم فيما ليس موجودا في وقت السلم إذا أمكن وجوده في وقت حلول السلم وهو قول الجمهور ولا يضر انقطاعه قبل المحل وبعده عندهم وقال أبو حنيفة لا يصح فيما ينقطع قبله ولو أسلم فيما يعم فانقطع في محله لم ينفسخ البيع عند الجمهور وفي وجه للشافعية ينفسخ واستدل به على جواز التفرق في السلم قبل القبض لكونه لم يذكر في الحديث وهو قول مالك إن كان بغير شرط وقال الشافعي والكوفيون يفسد بالافتراق قبل القبض لأنه يصير من باب بيع الدين بالدين وفي حديث بن أبي أوفي جواز مبايعة أهل الذمة والسلم إليهم ورجوع المختلفين عند التنازع الى السنة والاحتجاج بتقرير النبي صلى الله عليه وسلم وأن السنة إذا وردت بتقرير حكم كان أصلا برأسه لا يضره مخالفة أصل آخر ثم أورد المصنف في الباب حديث بن عباس الآتي في الباب الذي يليه وزعم بن بطال أنه غلط من الناسخ وأنه لا مدخل له في هذا الباب إذ لا ذكر للسلم فيه وغفل عما وقع في السياق من قول الراوي إنه سأل بن عباس عن السلم في النخل وأجاب بن المنير أن الحكم مأخوذ بطريق المفهوم وذلك أن بن عباس لما سئل عن السلم مع من له نخل في ذلك النخل رأى أن ذلك من قبيل بيع الثمار قبل بدو الصلاح فإذا كان السلم في النخل المعين لا يجوز تعين جوازه في غير المعين للأمن فيه من غائلة الاعتماد على ذلك النخل بعينه لئلا يدخل في باب بيع الثمار قبل بدو الصلاح ويحتمل أن يريد بالسلم معناه اللغوي أي السلف لما كانت الثمرة قبل بدو صلاحها فكأنها موصوفة في الذمة

[ 2130 ] قوله أخبرنا عمرو في رواية مسلم عمرو بن مرة وكذلك أخرجه الإسماعيلي من طرق عن شعبة قوله فقال رجل ما يوزن لم أقف على اسمه وزعم الكرماني أنه أبو البختري نفسه لقوله في بعض طرقه فقال له الرجل بالتعريف قوله فقال له رجل إلى جانبه لم أقف على اسمه وقوله حتى يحرز بتقديم الراء على الزاي أي يحفظ ويصان وفي رواية الكشميهني بتقدمي الزاي على الراء أي يوزن أو يخرص وفائدة ذلك معرفة كمية حقوق الفقراء قبل أن يتصرف فيه المالك وصوب عياض الأول ولكن الثاني أليق بذكر الوزن ورأيته في رواية النسفي حتى يحرر براءين الأولى ثقيلة ولكنه رواه بالشك قوله وقال معاذ حدثنا شعبة وصله الإسماعيلي عن يحيى بن محمد عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه به

قوله باب السلم في النخل أي في ثمر النخل

[ 2131 ] قوله فقال أي بن عمر نهى عن بيع النخل حتى يصلح أي نهى عن بيع ثمر النخل واتفقت الروايات في هذا الموضع على أنه نهى على البناء للمجهول واختلف في الرواية الثانية وهي رواية غندر فعند أبي ذر وأبي الوقت فقال نهى عمر عن بيع الثمر الحديث وفي رواية غيرهما نهى النبي صلى الله عليه وسلم واقتصر مسلم على حديث بن عباس قوله وعن بيع الورق أي بالذهب كما في الرواية الثانية قوله نساء بفتح النون والمهملة والمد أي تأخيرا تقول نسأت الدين أي أخرته نساء أي تأخيرا وسيأتي البحث في اشتراط الأجل في السلم في الباب الذي يليه وحديث بن عمر إن صح فمحمول على السلم الحال عند من يقول به أو ما قرب أجله واستدل به على جواز السلم في النخل المعين من البستان المعين لكن بعد بدو صلاحه وهو قول المالكية وقد روى أبو داود وابن ماجة من طريق النجراني عن بن عمر قال لا يسلم في نخل قبل أن يطلع فإن رجلا أسلم في حديقة نخل قبل أن تطلع فلم تطلع ذلك العام شيئا فقال المشتري هو لي حتى تطلع وقال البائع إنما بعتك هذه السنة فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اردد عليه ما أخذت منه ولا تسلموا في نخل حتى يبدو صلاحه وهذا الحديث فيه ضعف ونقل بن المنذر اتفاق الأكثر على منع السلم في بستان معين لأنه غرر وقد حمل الأكثر الحديث المذكور على السلم الحال وقد روى بن حبان والحاكم والبيهقي من حديث عبد الله بن سلام في قصة إسلام زيد بن سعنة بفتح السين المهملة وسكون العين المهملة بعدها نون أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك أن تبيعني تمرا معلوما إلى أجل معلوم من حائط بني فلان قال لا أبعك من حائط مسمى بل أبيعك أو سقا مسماة إلى أجل مسمى

قوله باب الكفيل في السلم أورد فيه حديث عائشة اشترى النبي صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي نسيئة ورهنه درعا من حديث ثم ترجم له باب الرهن في السلم وهو ظاهر فيه وأما الكفيل فقال الإسماعيلي ليس في هذا الحديث ما ترجم به ولعله أراد إلحاق الكفيل بالرهن لأنه حق ثبت الرهن به فيجوز أخذ الكفيل فيه قلت هذا الاستنباط بعينه سبق إليه إبراهيم النخعي راوي الحديث وإلى ذلك أشار البخاري في الترجمة فسيأتي في الرهن عن مسدد عن عبد الواحد عن الأعمش قال تذاكرنا عند إبراهيم الرهن والكفيل في السلف فذكر إبراهيم هذا الحديث فوضح أنه هو المستنبط لذلك وأن البخاري أشار بالترجمة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث على عادته وفي الحديث الرد على من قال إن الرهن في السلم لا يجوز وقد أخرج الإسماعيلي من طريق بن نمير عن الأعمش أن رجلا قال لإبراهيم النخعي أن سعيد بن جبير يقول إن الرهن في السلم هو الربا المضمون فرد عليه إبراهيم بهذا الحديث وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الرهن إن شاء الله تعالى قال الموفق رويت كراهة ذلك عن بن عمر والحسن والأوزاعي وإحدى الروايتين عن أحمد ورخص فيه الباقون والحجة فيه قوله تعالى إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه إلى أن قال فرهن مقبوضة واللفظ عام فيدخل السلم في عمومه لأنه أحد نوعي البيع واستدل لأحمد بما رواه أبو داود من حديث أبي سعيد من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره وجه الدلالة منه أنه لا يأمن هلاك الرهن في يده بعدوان فيصير مستوفيا لحقه من غير المسلم فيه وروى الدارقطني من حديث بن عمر رفعه من أسلف في شيء فلا يشترط على صاحبه غير قضائه وإسناده ضعيف ولو صح فهو محمول على شرط ينافي مقتضى العقد والله أعلم

قوله باب السلم إلى أجل معلوم يشير إلى الرد على من أجاز السلم الحال وهو قول الشافعية وذهب الأكثر إلى المنع وحمل من أجاز الأمر في قوله إلى أجل معلوم على العلم بالأجل فقط فالتقدير عندهم من أسلم إلى أجل فليسلم إلى أجل معلوم لا مجهول وأما السلم لا إلى أجل فجوازه بطريق الأولى لأنه إذا جاز مع الأجل وفيه الغرر فمع الحال أولى لكونه أبعد عن الغرر وتعقب بالكتابة وأجيب بالفرق لأن الأجل في الكتابة شرع لعدم قدرة العبد غالبا قوله وبه قال بن عباس أي باختصاص السلم بالاجل وقوله وأبو سعيد هو الخدري والحسن أي البصري والأسود أي بن يزيد النخعي فأما قول بن عباس فوصله الشافعي من طريق أبي حسان الأعرج عن بن عباس قال أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه ثم قرأ يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وأخرجه الحاكم من هذا الوجه وصححه وروى بن أبي شيبة من وجه آخر عن عكرمة عن بن عباس قال لا يسلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد واضرب أجلا ومن طريق سالم بن أبي الجعد عن بن عباس بلفظ آخر سيأتي وأما قول أبي سعيد فوصله عبد الرزاق من طريق نبيح بنون وموحدة ومهملة مصغر وهو العنزي بفتح المهملة والنون ثم الزاي الكوفي عن أبي سعيد الخدري قال السلم بما يقوم به السعر ربا ولكن أسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم وأما قول الحسن فوصله سعيد بن منصور من طريق يونس بن عبيد عنه أنه كان لا يرى بأسا بالسلف في الحيوان إذا كان شيئا معلوما إلى أجل معلوم وأما قول الأسود فوصله بن أبي شيبة من طريق الثوري عن أبي إسحاق عنه قال سألته عن السلم في الطعام فقال لا بأس به كيل معلوم إلى أجل معلوم ومن طريق سالم بن أبي الجعد عن بن عباس قال إذا سميت في السلم قفيزا وأجلا فلا بأس وعن شريك عن أبي إسحاق عن الأسود مثله واستدل يقول بن عباس الماضي لا تسلف إلى العطاء لاشتراط تعيين وقت الأجل بشيء لا يختلف فإن زمن الحصاد يختلف ولو بيوم وكذلك خروج العطاء ومثله قدوم الحاج وأجاز ذلك مالك ووافقه أبو ثور واختار بن خزيمة من الشافعية تأقيته إلى الميسرة واحتج بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي ابعث لي ثوبين إلى الميسرة أخرجه النسائي وطعن بن المنذر في صحته بما وهم فيه الحق أنه لا دلالاة فيه على المطلوب لأنه ليس في الحديث إلا مجرد الاستدعاء فلا يمتنع أنه إذا وقع العقد قيد بشروطه ولذلك لم يصف الثوبين قوله وقال بن عمر لا بأس في الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل معلوم ما لم يكن ذلك في زرع لم يبد صلاحه وصله مالك في الموطأ عن نافع عنه قال لا بأس أن يسلف الرجل في الطعام الموصوف فذكر مثله وزاد أو ثمرة لم يبد صلاحها وأخرجه بن أبي شيبة من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع نحوه وقد مضى حديث بن عمر في ذلك مرفوعا في الباب الذي قبله ثم أورد المصنف حديث بن عباس المذكور في أول أبواب السلم

[ 2135 ] قوله وقال عبد الله بن الوليد حدثنا سفيان حدثنا بن أبي نجيح هو موصول في جامع سفيان من طريق عبد الله بن الوليد المذكور وهو العدني عنه وأراد المصنف بهذا التعليق بيان التحديث لأن الذي قبله مذكور بالعنعنة ثم أورد حديث بن أبي أوفى وبأن أبزي وقد تقدم الكلام عليه مستوفي عن قريب

قوله باب السلم إلى أن تنتج الناقة أورد فيه حديث بن عمر في النهي عن بيع حبل الحبلة وقد تقدمت مباحثه في كتاب البيوع ويؤخذ منه ترك جواز السلم إلى أجل غير معلوم ولو أسند إلى شيء يعرف بالعادة خلافا لمالك ورواية عن أحمد خاتمة اشتمل كتاب السلم على أحد وثلاثين حديثا المعلق منها أربعة والبقية موصولة الخالص منها خمسة أحاديث والبقية مكررة وافقه مسلم على تخريج حديثي بن عباس خاصة وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين ستة آثار