كتاب الوكالة
 قوله باب الدين كذا للاصيلى وكريمة وسقط الباب وترجمته من رواية أبي ذر وأبي الوقت وسقط الحديث أيضا من رواية المستملى ووقع للنسفى وابن شبويه باب بغير ترجمة وبه جزم الإسماعيلي وأما بن بطال فذكر هذا الحديث في آخر باب من تكفل عن ميت بدين وصنيعه أليق لأن الحديث لا تعلق له بترجمة جوار أبي بكر حتى يكون منها أو ثبتت باب بلا ترجمة فيكون كالفصل منها وأما من ترجم له باب الدين بعيد إذ اللائق بذلك أن يكون في كتاب القرض

[ 2176 ] قوله عن أبي سلمة عن أبي هريرة هكذا رواه عقيل وتابعه أنس وابن أخي بن شهاب وابن أبي ذئب كما أخرجه مسلم وخالفهم معمر فرواه عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر أخرجه أبو داود والترمذي قوله هل ترك لدينه فضلا أي قدرا زائدا على مؤنة تجهيزه وفي رواية الكشميهني قضاء بدل فضلا وكذا هو عند مسلم وأصحاب السنن وهو أولي بدليل قوله فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء قوله فترك دينا في رواية همام عن أبي هريرة عند مسلم فترك دينا أو ضيعه وسيأتي في تفسير سورة الأحزاب من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة بلفظ ما من مؤمن الا وأنا أولي الناس به في الدنيا والآخرة فأيما مؤمن مات فذكره وفيه ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتنى وسيأتى الكلام على هذه الزيادة التي في أوله هناك إن شاء الله تعالى والضياع بفتح المعجمة بعدها تحتانية قال الخطابي هو وصف لمن خلفه الميت بلفظ المصدر أي ترك ذوي ضياع أي لا شيء لهم وقوله كلا بفتح أوله أصله الثقل والمراد به هنا العيال قوله فلورثته في رواية مسلم فهو لورثته وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عمرة فليرثه عصبته ولمسلم من طريق الأعرج عن أبي هريرة فإلى العصبة من كان وسيأتى البحث فيه في كتاب الفرائض إن شاء الله تعالى قال العلماء كأن الذي فعله صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة على من عليه دين ليحرض الناس على قضاء الديون في حياتهم والتوصل إلى البراءة منها لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهل كانت صلاته على من عليه دين محرمة عليه أو جائزة وجهان قال النووي الصواب الجزم بجوازه مع وجود الضامن كما في حديث مسلم وحكى القرطبي أنه ربما كان يمتنع من الصلاة على من استدان دينا غير جائز وأما من استدان لأمر هو جائز فما كان يمتنع وفيه نظر لأن في حديث الباب ما يدل على التعميم حيث قال من توفي وعليه دين ولو كان الحال مختلفا لبينه نعم جاء من حديث بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمتنع من الصلاة على من عليه دين جاءه جبريل فقال إنما الظالم في الديون التي حملت في البغي والاسراف فأما المتعفف ذو العيال فأنا ضامن له اؤدى عنه فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعد ذلك من ترك ضياعا الحديث وهو ضعيف وقال الحازمي بعد أن أخرجه لا بأس به في المتابعات وليس فيه أن التفصيل المذكور كان مستمرا وإنما فيه أنه طرا بعد ذلك وأنه السبب في قوله صلى الله عليه وسلم من ترك دينا فعلى وفي صلاته صلى الله عليه وسلم على من عليه دين بعد أن فتح الله عليه الفتوح اشعار بأنه كان يقضيه من مال المصالح وقيل بل كان يقضيه من خالص نفسه وهل كان القضاء واجبا عليه أم لا وجهان وقال بن بطال قوله من ترك دينا فعلى ناسخ لترك الصلاة على من فات وعليه دين وقوله فعلى قضاؤه أي مما يفىء الله عليه من الغنائم والصدقات قال وهكذا يلزم المتولى لأمر المسلمين أن يفعله بمن مات وعليه دين فإن لم يفعل فالإثم عليه أن كان حق الميت في بيت المال يفى بقدر ما عليه من الدين وإلا فبقسطه خاتمة اشتمل كتاب الحوالة وما معه من الكفالة على أثنى عشر حديثا المعلق منها طريقان والبقية موصولة المكرر منه فيه وفيما مضى ستة أحاديث والستة الأخرى خالصة وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث سلمة بن الأكوع في الصلاة على من عليه دين وحديث بن عباس في الميراث وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم ثمانية آثار والله المستعان

قوله كتاب الوكالة بسم الله الرحمن الرحيم وكالة الشريك الشريك في القسمة وغيرها كذا لأبي ذر وقدم غيره البسملة وزاد واوا وللنسفى كتاب الوكالة ووكالة الشريك ولغيره باب بدل الواو والوكالة بفتح الواو وقد تكسر التفويض والحفظ تقول وكلت فلانا إذا استحفظته ووكلت الأمر إليه بالتخفيف إذا فوضته إليه وهي في الشرع إقامة الشخص غيره مقام نفسه مطلقا أو مقيدا قوله وقد أشرك النبي صلى الله عليه وسلم عليا في هديه ثم أمره بقسمتها هذا الكلام ملفق من حديثين عند المصنف أحدهما حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا أن يقيم على إحرامه وأشركه فىالهدى وسيأتى موصولا في الشركة ووهم من زعم من الشراح أنه مضى في الحج ثانيهما حديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه وأن يقسم بدنه كلها وقد تقدم موصولا في الحج من طريق مجاهد عن بن أبي ليلى عنه وقد ذكر هنا طرفا من الحديث موصولا في الأمر بالتصديق بجلال البدن وقد تقدم في الحج بهذا السند والمتن مع الكلام عليه ومقصوده منه هنا ظاهر فيما ترجم له في القسمة وأما قوله في الترجمة وغيرها أي وفي غير القسمة فيؤخذ بطريق الإلحاق والجلال بكسر الجيم وقد تقدم شرحها ثم أورد المصنف حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها الحديث وسيأتى شرحه في كتاب الأضاحي وشاهد الترجمة منه

[ 2178 ] قوله ضح به أنت فإنه علم به أنه كان من جملة من كان له حظ في تلك القسمة فكأنه كان شريكا لهم وهو الذي تولى القسمة بينهم وأبدى بن المنير احتمالا أن يكون صلى الله عليه وسلم وهب لكل واحد من المقسوم فيهم ما صار إليه فلا تتجه الشركة وأجاب بأنه ساق الحديث في الأضاحي من طريق أخرى بلفظ أنه قسم بينهم ضحايا قال فدل على أنه عين تلك الغنم للضحايا فوهب لهم جملتها ثم أمر عقبة بقسمتها فيصح الاستدلال به لما ترجم له قال بن بطال وكالة الشريك جائزة كما تجوز شركة الوكيل لا أعلم فيه خلافا واستدل الداودي بحديث على على جواز تفويض الأمر إلى رأى الشريك وتعقبه بن التين باحتمال أن يكون عين له من يعطيه كما عين له ما يعطيه فلا يكون فيه تفويض قوله عتود بفتح المهملة وضم المثناة وسكون الواو الصغير من المعز إذا قوي وقيل إذا أتى عليه حول وقيل إذا قدر على السفاد

قوله باب إذا وكل المسلم حربيا في دار الحرب أو في دار الإسلام جاز أي إذا كان الحربي في دار الإسلام بأمان

[ 2179 ] قوله عن صالح بن إبراهيم يأتي تصريحه بالسماع منه آخر الباب قوله كاتبت أمية بن خلف أي كتبت بيني وبينه كتابا وفي رواية الإسماعيلي عاهدت أمية بن خلف وكاتبته قوله بان يحفظني في صاغيتى الصاغية بصاد مهملة وغين معجمة خاصة بالرجل ماخوذ من صغى إليه إذا مال قال الأصمعي صاغية الرجل كل من يميل إليه ويطلق على الأهل والمال وقال بن التين رواه الداودي ظاعنتى بالظاء المشالة المعجمة والعين المهملة بعدها نون ثم فسره بأنه الشيء الذي يسفر إليه قال ولم أر هذا لغيره قوله لا أعرف الرحمن أي لا اعترف بتوحيده وزاد بن إسحاق في حديثه أن أمية بن خلف كان يسميه عبد الإله قوله حين نام الناس أي رقدوا وأراد بذلك اغتنام غفلتهم ليصون دمه قوله فقال أمية بن خلف بالنصب على الإغراء أي عليكم أمية وفي رواية أبي ذر بالرفع على أنه خبر مبتدأ مضمر أي هذا أمية قوله خلفت لهم ابنه هو على بن أمية سماه بن إسحاق في روايته في هذه القصة من وجه آخر وسيأتى مزيد بسط لهذه القصة في شرح غزوة بدر ونذكر تسمية من باشر قتل أمية ومن باشر قتل ابنه على بن أمية ومن أصاب رجل عبد الرحمن بالسيف إن شاء الله تعالى ووجه أخذ الترجمة من هذا الحديث أن عبد الرحمن بن عوف وهو مسلم في دار الإسلام فوض إلى أمية بن خلف وهو كافر في دار الحرب ما يتعلق بأموره والظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم عليه ولم ينكره قال بن المنذر توكيل المسلم حربيا مستأمنا وتوكيل الحربي المستأمن مسلما لا خلاف في جوازه قوله وكان رجلا ثقيلا أي ضخم الجثة قوله فتجللوه بالسيوف بالجيم أي غشوه كذا للاصيلى ولأبي ذر ولغيرهما بالخاء المعجمة أي ادخلوا اسيافهم خلاله حتى وصلوا إليه وطعنوه بها من تحتى من قولهم خللته بالرمح واختللته إذا طعنته به وهذا أشبه بسياق الخبر ووقع في رواية المستملى فتخلوه بلام واحدة ثقيلة قوله سمع يوسف صالحا وإبراهيم أباه كذا ثبت لأبي ذر عن المستملى وقد وقع في آخر القصة ما يدل على سماع إبراهيم من أبيه حيث قال في آخر الحديث فكان عبد الرحمن بن عوف يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه

قوله باب الوكالة في الصرف والميزان قال بن المنذر اجمعوا على أن الوكالة في الصرف جائزة حتى لو وكل رجلا يصرف له دراهم ووكل آخر يصرف له دنانير فتلاقيا وتصارفا صرفا معتبرا بشرطه جاز ذلك قوله وقد وكل عمر وابن عمر في الصرف أما أثر عمر فوصله سعيد بن منصور من طريق موسى بن أنس عن أبيه أن عمر أعطاه آنية مموهة بالذهب فقال له أذهب فبعها فباعها من يهودي بضعف وزنه فقال له عمر أردده فقال له اليهودي ازيدك فقال له عمر لا الا بوزنه وأما أثر بن عمر فوصله سعيد بن منصور أيضا من طريق الحسن بن سعد قال كانت لي عند بن عمر دراهم فأصبت عنده دنانير فأرسل معي رسولا إلى السوق فقال إذا قامت على سعر فاعرضها عليه فإن أخذها وإلا فاشتر له حقه ثم اقضه إياه وإسناد كل منهما صحيح

[ 2180 ] قوله عن عبد المجيد بن سهيل كذا للأكثر بتقديم الميم على الجيم وهو الصواب وحكى بن عبد البر أنه وقع في رواية عبد الله بن يوسف عبد الحميد بحاء مهملة قبل الميم ولم أر ذلك في شيء من نسخ البخاري عن عبد الله بن يوسف فلعله وقع كذلك في رواية غير البخاري قال وكذلك وقع ليحيى بن يحيى الليثي عن مالك وهو خطا قوله استعمل رجلا على خيبر تقدم في البيوع أنه أنصاري وأن اسمه سواد بن غزية وتقدم الكلام عليه هناك وقوله في آخره وقال في الميزان مثل ذلك أي والموزون مثل ذلك لا يباع رطل برطلين وقال الداودي أي لا يجوز التمر بالتمر الا كيلا بكيل أو وزنا بوزن وتعقبه بن التين بان التمر لا يوزن وهو عجيب فلعله الثمر بالمثلثة وفتح الميم ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة لتفويضه صلى الله عليه وسلم أمر ما يكال ويوزن إلى غيره فهو في معنى الوكيل عنه ويلتحق به الصرف قال بن بطال بيع الطعام يدا بيد مثل الصرف سواء أي في اشتراط ذلك قال ووجه أخذ الوكالة منه قوله صلى الله عليه وسلم لعامل خيبر بع الجمع بالدراهم بعد أن كان باع على غير السنة فنهاه عن بيع الربا وأذن له في البيع بطريق السنة

قوله باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت أو شيئا يفسد ذبح أو أصلح ما يخاف عليه الفساد كذا لأبي ذر والنسفى وعليه جرى الإسماعيلي ولابن شبويه فاصلح بدل أو أصلح وجواب الشرط محذوف أي جاز ونحو ذلك وفي شرح بن التين بحذف أو فصار الجواب أصلح ما يخاف عليه الفساد وأما الأصيلي فعنده أو شيئا يفسد ذبح وأصلح وقد أورد فيه حديث بن كعب بن مالك عن أبيه أنه كانت له غنم ترعى بسلع الحديث قال بن المنير ليس غرض البخاري بحديث الباب الكلام في تحليل الذبيحة أو تحريمها وإنما غرضه إسقاط الضمان عن الراعي وكذا الوكيل وقد اعترض بن التين بأن التي ذبحت كانت ملكا لصاحب الشاة وليس في الخبر أنه أراد تضمينها والذي يظهر أنه أراد رفع الحرج عمن فعل ذلك وهو أعم من التضمين

[ 2181 ] قوله أنه سمع بن كعب بن مالك جزم المزي في الأطراف بأنه عبد الله لكن روى بن وهب عن أسامة بن زيد عن بن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه طرفا من هذا الحديث فالظاهر أنه عبد الرحمن قوله قال عبيد الله هو بن عمر العمري راوي الحديث وهو موصول بالإسناد المذكور إليه قوله تابعه عبدة أي بن سليمان عن عبيد الله هو العمري المذكور بالإسناد المذكور وسيأتي موصولا في كتاب الذبائح ويأتي الكلام عليه هناك ونذكر الاختلاف فيه على نافع وعلى غيره واستدل به على تصديق المؤتمن على ما اتمن عليه ما لم يظهر دليل الخيانة وعلى أن الوكيل إذا انزى على إناث الماشية فحلا بغير إذن المالك حيث يحتاج إلى ذلك فهلكت أنه لا ضمان عليه

قوله باب بالتنوين وكالة الشاهد أي الحاضر والغائب جائزة قال بن بطال أخذ الجمهور بجواز توكيل الحاضر بالبلد بغير عذر ومنعه أبو حنيفة الا بعذر مرض أو سفر أو برضا الخصم واستثنى مالك من بينه وبين الخصم عداوة وقد بالغ الطحاوي في نصرة قول الجمهور واعتمد في الجواز حديث الباب قال وقد اتفق الصحابة على جواز توكيل الحاضر بغير شرط قال ووكالة الغائب مفتقرة إلى قبول الوكيل الوكالة باتفاق وإذا كانت مفتقرة إلى قبول فحكم الغائب والحاضر سواء قوله وكتب عبد الله بن عمرو أي بن العاص إلى قهرمانه أي خازنه القيم بأمره وهو الوكيل واللفظه فارسية قوله أن يزكى عن أهله أي زكاة الفطر ولم اقف على اسم هذا القهرمان وقد أورد فيه حديث أبي هريرة كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم جمل سن من الإبل فجاءه يتقاضاه فقال أعطوه الحديث وسيأتى شرحه في كتاب القرض وموضع الترجمة منهالوكالة الحاضر واضح وأما الغائب فيستفاد منه بطريق الأولى لأن الحاضر إذا جاز له التوكيل مع اقتداره على المباشرة بنفسه فجوازه للغائب عنه أولي لاحتياجه إليه وقال الكرماني لفظ أعطوه يتناول وكلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حضورا وغيبا

قوله باب الوكالة في قضاء الديون أورد فيه حديث أبي هريرة المذكور في الباب قبله من وجه آخر وهو ظاهر فيما ترجم به وقوله

[ 2183 ] قال أعطوه سنا مثل سنه قالوا يا رسول الله الا أمثل من سنه كذا لجميع الرواة وفيه حذف يظهر من سياق الذي قبله والتقدير فقالوا لم نجد الا أمثل الخ قال بن المنير فقه هذه الترجمة أنه ربما توهم متوهم أن قضاء الدين لما كان واجبا على الفور امتنعت الوكالة فيه لأنها تأخير من الموكل إلى الوكيل فبين أن ذلك جائز ولا يعد ذلك مطلا

قوله باب إذا وهب شيئا لوكيل أو شفيع قوم جاز يجوز في وكيل التنوين ويجوز تركه على حد قوله بين ذراعي وجبهة الأسد ووقع عند الإسماعيلي لوكيل قوم أو شفيع قوم قوله لقول النبي صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن حين سألوه المغانم فقال النبي صلى الله عليه وسلم نصيبى لكم وهو طرف من حديث أخرجه بن إسحاق في المغازي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وسيأتى بيانه في كتاب الخمس إن شاء الله تعالى وقد أورد المصنف هنا حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في قصة وفد هوازن أيضا وسيأتى شرحه في غزوة حنين من كتاب المغازي وشاهد الترجمة منه

[ 2184 ] قوله فيه وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم الحديث قال بن بطال كان الوفد رسلا من هوازن وكانوا وكلاء وشفعاء في رد سبيهم فشفعهم النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فإذا طلب الوكيل أو الشفيع لنفسه ولغيره فأعطى ذلك فحكمه حكمهم وقال الخطابي فيه أن إقرار الوكيل على موكله مقبول لأن العرفاء بمنزلة الوكلاء فيما اقيموا له من أمرهم وبهذا قال أبو يوسف وقيده أبو حنيفة ومحمد بالحاكم وقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى لا يصح إقرار الوكيل على الموكل وليس في الحديث حجة للجواز لأن العرفاء ليسوا وكلاء وإنما هم كالامراء عليهم فقبول قولهم في حقهم بمنزلة قبول قول الحاكم في حق من هو حاكم عليه والله أعلم واستدل به على القرض إلى أجل مجهول لقوله حتى نعطيه إياه من أول ما يفىء الله علينا وسيأتي البحث فيه في بابه وقال بن المنير قوله صلى الله عليه وسلم للوفد وهم الذين جاءوا شفعاء في قومهم نصيبى لكم قد يوهم أن الموهبة وقعت للوسائط وليس كذلك بل المقصود هم وجميع من تكلموا بسببه فيستفاد منه أن الأمور تنزل على المقاصد لا على الصور وأن من شفع لغيره في هبة فقال المشفوع عنده للشفيع قد وهبتك ذلك فليس للشفيع أن يتعلق بظاهر اللفظ ويخص بذلك نفسه بل الهبة للمشفوع له ويلتحق به من وكل على شراء شيء بعينه فاشتراه الوكيل ثم ادعى أنه إنما نوى نفسه فإنه لا يقبل منه ويكون المبيع للموكل انتهى وهذا قاله على مقتضى مذهبه وفي المسألة خلاف مشهور

قوله باب إذا وكل رجل رجلا أن يعطي شيئا ولم يبين كم يعطي فأعطى على ما يتعارفه الناس أي فهو جائز فيه حديث جابر في قصة بيعه الجمل وسيأتي شرحه في كتاب الشروط وشاهد الترجمة منه قوله فيه يا بلال اقضه وزده فأعطاه أربعة دنانير وزاده قيراطا فإنه لم يذكر قدر ما يعطيه عند أمره بإعطاء الزيادة فاعتمد بلال على العرف في ذلك فزاده قيراطا

[ 2185 ] قوله عن عطاء بن أبي رباح وغيره يزيد بعضهم على بعض ولم يبلغه كله رجل منهم كذا للأكثر وكذا وقع عند الإسماعيلي أي ليس جميع الحديث عند واحد منهم بعينه وإنما عند بعضهم منه ما ليس عند الآخر ووقع لبعضهم لم يبلغه كلهم رجل واحد منهم وعليه شرح بن التين وزعم أن معناه أن بين بعضهم وبين جابر فيه واسطة وعند أبي نعيم في المستخرج لم يبلغه كلهم الا رجل واحد عن جابر ومثله للحميدى في جمعه وبخط الدمياطي في نسخته من البخاري لم يبلغه بالتشديد وقال الكرماني قوله يزيد بعضهم الضمير فيه يرجع إلى الغير وفي لم يبلغه إلى الحديث أو الرسول ورجل بدل من كل قلت الضمير للحديث جزما لا للرسول لأن السند متصل ثم قال الكرماني وفي أكثر الروايات لفظه وغيره بالجر وأما رفعه فعلى الابتداء يزيد خبره ويحتمل أن يكون رجل فاعل فعل مقدر ليبلغه وعلى التقادير لا يخفى ما في هذا التركيب من التعجرف قلت إنما جاء التعجرف من عدم فهم المراد وإلا فمعنى الكلام أن بن جريج روى هذا الحديث عن عطاء وعن غير عطاء كلهم عن جابر لكنه عنده عنهم بالتوزيع روى عن كل واحد قطعه من الحديث وقوله لم يبلغه كله رجل أي لم يسقه بتمامه فهو بيان منه لصورة تحمله وهو كقول الزهري في حديث الإفك وكل حدثني طائفة من حديثها لكنه زاد عليه نفى أن يكون كل واحد منهم ساقه بتمامه فأي تعجرف في هذا والعجب من شارح ترك الرواية المشهورة التي لا قلق في تركيبها وتشاغل بتجويز شيء لم يثبت في الرواية ثم يطلق على الجميع التعجرف فهذا شارح أو جارح ووقفت من تسمية من روى بن جريج عنه هذا الحديث عن جابر على أبي الزبير وقد تقدم في الحج شيء من ذلك قوله على جمل ثفال بفتح المثلثة بعدها فاء خفيفة هو البعير البطيء السير يقال ثفال وثفيل وأما الثفال بكسر أوله فهو ما يوضع تحت الرحى لينزل عليه الدقيق وقال بن التين من ضبط الثفال الذي هو البعير بكسر أوله فقد أخطأ وقوله أربعة دنانير كذا للجميع وذكره الداودي الشارح بلفظ أربع الدنانير وقال سقطت الهاء لما دخلت الألف واللام وذلك جائز فيما دون العشرة وتعقبه بن التين بأنه قول مخترع لم يقله أحد غيره وقوله فلم يكن القيراط يفارق قراب جابر كذا لأبي ذر والنسفى بقاف قال الداودي الشارح يعني خريطته وتعقبه بن التين بان المراد قراب سيفه وأن الخريطة لا يقال لها قراب انتهى وقد وقع في رواية الأكثر جراب فهو الذي حمل الداودي على تأويله المذكور وقد زاد مسلم في آخر هذا الحديث من وجه آخر فأخذه أهل الشام يوم الحرة قال بن بطال فيه الاعتماد على العرف لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعين قدر الزيادة في قوله وزده فاعتمد بلال على العرف فاقتصر على قيراط فلو زاد مثلا دينارا لتناوله مطلق الزيادة لكن العرف يأباه كذا قال وقد ينازع في ذلك باحتمال أن يكون هذا القدر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذن في زيادته وذلك القدر الذي زيد عليه كان يكون أمره أن يزيد من يأمر له بالزيادة على كل دينار ربع قيراط فيكون عمله في ذلك بالنص لا بالعرف

قوله باب وكالة المرأة الإمام في النكاح أي توكيل المرأة والإمام بالنصب على المفعولية وأورد فيه حديث سهل بن سعد في قصة الواهبة نفسها وسيأتى الكلام عليه مستوفى في كتاب النكاح وقد تعقبه الداودي بأنه ليس فيه أنه صلى الله عليه وسلم استأذنها ولا أنها وكلته وإنما زوجها الرجل بقول الله تعالى النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم انتهى وكان المصنف أخذ ذلك من قولها قد وهبت لك نفسي ففوضت أمرها إليه وقال الذي خطبها زوجنيها فلم تنكر هي ذلك بل استمرت على الرضا فكأنها فوضت أمرها إليه ليتزوجها أو يزوجها لمن رأى ووقع في هذه الرواية أني وهبت لك من نفسي وخلت أكثر الروايات عن لفظ من فقال النووي قول الفقهاء وهبت من فلان كذا مما ينكر عليهم وتعقب بان الإنكار مردود لاحتمال أن تكون زائدة على مذهب من يرى زيادتها في الاثبات من النحاة ويحتمل أن تكون ابتدائية وهناك حذف تقديره طيبة مثلا

قوله باب إذا وكل رجلا فترك الوكيل شيئا فأجازه الموكل فهو جائز وأن اقرضه إلى أجل مسمى جاز أورد فيه حديث أبي هريرة في حفظه زكاة رمضان قال المهلب مفهوم الترجمة أن الموكل إذا لم يجز ما فعله الوكيل مما لم يأذن له فيه فهو غير جائز قال وأما قوله وأن اقرضه إلى أجل مسمى جاز أي أن إجازة الموكل أيضا قال ولا أعلم خلافا أن المؤتمن إذا اقرض شيئا من مال الوديعة وغيرها لم يجز له ذلك وكان رب المال بالخيار قال وأخذ ذلك من حديث الباب بطريق أن الطعام كان مجموعا للصدقة وكانوا يجمعونه قبل إخراجه وإخراجه كان ليلة الفطر فلما شكا السارق لأبي هريرة الحاجة تركه فكأنه أسلفه له إلى أجل وهو وقت الإخراج وقال الكرماني تؤخذ المناسبة من حيث أنه أمهله إلى أن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال

[ 2187 ] قوله وقال عثمان بن الهيثم هكذا أورد البخاري هذا الحديث هنا ولم يصرح فيه بالتحديث وزعم بن العربي أنه منقطع واعاده كذلك في صفة إبليس وفي فضائل القرآن لكن باختصار وقد وصله النسائي والإسماعيلي وأبو نعيم من طرق إلى عثمان المذكور وذكرته في تعليق التعليق من طريق عبد العزيز بن منيب وعبد العزيز بن سلام وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني وهلال بن بشر الصواف ومحمد بن غالب الذي يقال له تمتام وأقربهم لأن يكون البخاري أخذه عنه أن كان ما سمعه من بن الهيثم هلال بن بشر فإنه من شيوخه أخرج عنه في جزء القراءة خلف الإمام وله طريق أخرى عند النسائي أخرجها من رواية أبي المتوكل الناجي عن أبي هريرة ووقع مثل ذلك لمعاذ بن جبل أخرجه الطبراني وأبو بكر الروياني قوله وكلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو بإسكان الحاء المهملة بعدها مثلثة يقال حثا يحثوا وحثي يحثي وفي رواية أبي المتوكل عن أبي هريرة أنه كان على تمر الصدقة فوجد أثر كف كأنه قد أخذ منه ولابن الضريس من هذا الوجه فإذا التمر قد أخذ منه ملء كف قوله فأخذته زاد في رواية أبي المتوكل أن أبا هريرة شكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو لا فقال له أن أردت أن تأخذه فقل سبحان من سخرك لمحمد قال فقلتها فإذا أنا به قائم بين يدي فآخذته قوله لارفعنك أي لاذهبن بك اشكوك يقال رفعه إلى الحاكم إذا احضره للشكوى قوله أني محتاج وعلى عيال أي نفقة عيال أو على بمعنى لي وفي رواية أبي المتوكل فقال إنما أخذته لأهل بيت فقراء من الجن وفي رواية الإسماعيلي ولا أعود قوله ولي حاجة في رواية الكشميهني وبي حاجة قوله فرصدته أي رقبته قوله فجعل في رواية الكشميهني والمستملى فجاء في الموضعين قوله قال دعني أعلمك في رواية أبي المتوكل خل عنى قوله ينفعك الله بها في رواية أبي المتوكل إذا قلتهن لم يقربك ذكر ولا أثنى من الجن وفي رواية بن الضريس من هذا الوجه لا يقربك من الجن ذكر ولا أنثى صغير ولا كبير قوله قلت ما هن في رواية الكشميهني ما هو أي الكلام وفي رواية أبي المتوكل قلت وما هؤلاء الكلمات قوله إذا اويت إلى فراشك في رواية أبي المتوكل عند كل صباح ومساء قوله آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم حتى تختم الآية في رواية النسائي والإسماعيلي الله لا إله إلا هو الحي القيوم من أولها حتى تختمها وفي رواية بن الضريس من طريق أبي المتوكل الله لا إله إلا هو الحي القيوم وفي حديث معاذ بن جبل من الزيادة وخاتمة سورة البقرة أمن الرسول إلى آخرها وقال في أول الحديث ضم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر الصدقة فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي هو عمل الشيطان فارصده فرصدته فأقبل في صورة فيل فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب في غير صورته فدنا من التمر فجعل يلتقمه فشددت على ثيابي فتوسطته وفي رواية الروياني فآخذته فالتفت يدي على وسطه فقلت يا عدو الله وثبت إلى تمر الصدقة فآخذته وكانوا أحق به منك لارفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك وفي رواية الروياني ما أدخلك بيتي تأكل التمر قال أنا شيخ كبير فقير ذو عيال وما أتيتك الا من نصيبين ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم فلما نزلت عليه آيتان تفرقنا منها فإن خليت سبيلي علمتكهما قلت نعم قال آية الكرسي وأخر سورة البقرة من قوله أمن الرسول إلى آخرها قوله لن يزال عليك في رواية الكشميهني لم يزل ووقع عكس ذلك في فضائل القرآن والأول هو الذي وقع في صفة إبليس وهو رواية النسائي والإسماعيلي قوله من الله حافظ أي من عند الله أو من جهة أمر الله أو من بأس الله ونقمته قوله ولا يقربك بفتح الراء وضم الموحدة قوله وكانوا أي الصحابة احرص شيء على الخير فيه التفات إذ السياق يقتضى أن يقول وكنا احرص شيء على الخير ويحتمل أن يكون هذا الكلام مدرجا من كلام بعض رواته وعلى كل حال فهو مسوق للاعتذار عن تخليه سبيله بعد المرة الثالثة حرصا على تعليم ما ينفع قوله صدقك وهو كذوب في حديث معاذ بن جبل صدق الخبيث وهو كذوب وفي رواية أبي المتوكل أو ما علمت أنه كذلك قوله مذ ثلاث في رواية الكشميهني منذ ثلاث قوله ذاك شيطان كذا للجميع أي شيطان من الشياطين ووقع في فضائل القرآن ذاك الشيطان واللام فيه للعهد الذهنى وقد وقع أيضا لأبي بن كعب عند النسائي وأبي أيوب الأنصاري عند الترمذي وأبي أسيد الأنصاري عند الطبراني وزيد بن ثابت عند بن أبي الدنيا قصص في ذلك الا أنه ليس فيه ما يشبه قصة أبي هريرة الا قصة معاذ بن جبل التي ذكرتها وهو محمول على التعدد ففي حديث أبي بن كعب أنه كان له جرن فيه تمر وأنه كان يتعاهده فوجده ينقص فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم فقلت له اجنى أم أنسى قال بل جنى وفيه أنه قال له بلغنا انك تحب الصدقة واحببنا أن نصيب من طعامك قال فما الذي يجيرنا منكم قال هذه الآية آية الكرسي فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال صدق الخبيث وفي حديث أبي أيوب أنه كانت له سهوة أي بفتح المهملة وسكون الهاء وهي الصفة فيها تمر وكانت الغول تجئ فتأخذ منه فشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا رايتها فقل بسم الله أجيبى رسول الله فأخذها فحلفت أن لا تعود فذكر ذلك ثلاثا فقالت أني ذاكرة لك شيئا آية الكرسي إقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره الحديث وفي حديث أبي أسيد الساعدي أنه لما قطع تمر حائطه جعلها في غرفة وكانت الغول تخالفه فتسرق تمره وتفسده عليه فذكر نحو حديث أبي أيوب سواء وقال في آخره وأدلك على آية تقرؤها في بيتك فلا يخالف إلى أهلك وتقرؤها على إنائك فلا يكشف غطاؤه وهي آية الكرسي ثم حلت استها فضرطت الحديث وفي حديث زيد بن ثابت أنه خرج إلى حائطه فسمع جلبة فقال ما هذا قال رجل من الجن اصابتنا السنة فأردت أن أصيب من ثماركم قال له فما الذي يعيذنا منكم قال آية الكرسي قوله وهو كذوب من التتميم البليغ الغاية في الحسن لأنه أثبت له الصدق فاوهم له صفة المدح ثم استدرك ذلك بصفة المبالغة في الذم بقوله وهو كذوب وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها وتؤخذ عنه فينتفع بها وأن الشخص قد يعلم الشيء ولا يعمل به وأن الكافر قد يصدق ببعض ما يصدق به المؤمن ولا يكون بذلك مؤمنا وبأن الكذاب قد يصدق وبأن الشيطان من شأنه أن يكذب وأنه قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته وأن قوله تعالى أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها وأن من أقيم حفظ شيء سمي وكيلا وأن الجن يأكلون من طعام الإنس وإنهم يظهرون للإنس لكن بالشرط المذكور وإنهم يتكلمون بكلام الإنس وإنهم يسرقون ويخدعون وفيه فضل آية الكرسي وفضل آخر صورة البقرة وأن الجن يصيبون من الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه وفيه أن السارق لا يقطع في المجاعة ويحتمل أن يكون القدر المسروق لم يبلغ النصاب ولذلك جاز للصحابى العفو عنه قبل تبليغه إلى الشارع وفيه قبول العذر والستر على من يظن به الصدق وفيه اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيبات ووقع في حديث معاذ بن جبل أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعلمه بذلك وفيه جواز جمع زكاة الفطر قبل ليلة الفطر وتوكيل البعض لحفظها وتفرقتها

قوله باب إذا باع الوكيل شيئا فاسدا فبيعه مردود أورد فيه حديث أبي سعيد جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برنى الحديث وليس فيه تصريح بالرد بل فيه اشعار به ولعله أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرقه فعند مسلم من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد في نحو هذه القصة فقال هذا الربا فرده وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في باب من أراد شراء تمر بتمر خير منه من كتاب البيوع وفيه قول بن عبد البر أن القصة وقعت مرتين مرة لم يقع فيه الأمر بالرد وكان ذلك قبل العلم بتحريم الربا ومرة وقع فيها الأمر بالرد وذلك بعد تحريم الربا والعلم به ويدل على التعدد أن الذي تولى ذلك في إحدى القصتين سواد بن غزية عامل خيبر وفي الأخرى بلال وعند الطبري من طريق سعيد بن المسيب عن بلال قال كان عندي تمر دون فابتعت منه تمرا أجود منه الحديث وفيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الربا بعينه انطلق فرده على صاحبه وخذ تمرك وبعه بحنطة أو شعيرا ثم اشتر به من هذا التمر ثم جئنى به

[ 2188 ] قوله حدثنا إسحاق هو بن راهويه كما جزم به أبو نعيم وجزم أبو على الجياني بأنه بن منصور واحتج بان مسلما أخرج هذا الحديث بعينه عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن صالح بهذا الإسناد ولكن ليس ذلك بلازم ويؤيد كونه بن راهويه تغاير السياقين متنا واسنادا فهنا قال إسحاق أخبرنا يحيى بن صالح وعند مسلم حدثنا يحيى ومن عادة إسحاق بن راهويه التعبير عن مشايخه بالأخبار لا التحديث ووقع هنا عن يحيى وعند مسلم أنبأنا يحيى وهو بن أبي كثير وكذلك وقعت المغايرة في سياق المتن في عدة أماكن ويحتمل أن يكون أحدهما ذكره عن إسحاق بن منصور بالمعنى قوله جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برنى بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها نون ثم تحتانية مشددة ضرب من التمر معروف قيل له ذلك لأن كل تمرة تشبه البرنية وقد وقع عند أحمد مرفوعا خير تمراتكم البرني يذهب الداء ولا داء فيه قوله كان عندي في رواية الكشميهني عندنا قوله رديء بالهمزة وزن عظيم قوله لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم بالنون المضمومة ولغير أبي ذر بالتحتانية المفتوحة والعين مفتوحة أيضا وفي رواية مسلم لمطعم النبي صلى الله عليه وسلم بالميم قوله أوه أوه عين الربا عين الربا كذا فيه بالتكرار مرتين ووقع في مسلم مرة واحدة ومراده بعين الربا نفسه وقوله أوه كلمة تقال عند التوجع وهي مشددة الواو مفتوحة وقد تكسر والهاء ساكنة وربما حذفوها ويقال بسكون الواو وكسر الهاء وحكى بعضهم مد الهمزة بدل التشديد قال بن التين إنما تأوه ليكون أبلغ في الزجر وقاله أما للتألم من هذا الفعل وأما من سوء الفهم قوله فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به في رواية مسلم ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر ثم اشتره وبينهما مغايرة لأن التمر في رواية الباب المراد به التمر الردىء والضمير في به يعود إلى التمر أي بالتمر الردىء والمفعول محذوف أي اشتر به تمرا جيدا وأما رواية مسلم فالمراد بالتمر الجيد والضمير في قوله ثم اشتره للجيد وفي الحديث البحث عما يستريب به الشخص حتى ينكشف حاله وفيه النص على تحريم ربا الفضل واهتمام الإمام بأمر الدين وتعليمه لمن لا يعلمه وارشاده إلى التوصل إلى المباحات وغيرها واهتمام التابع بأمر متبوعه وانتقاء الجيد له من أنواع المطعومات وغيرها وفيه أن صفقة الربا لا تصح وقد تقدم ذلك مبسوطا في موضعه

قوله باب الوكالة في الوقف ونفقته وأن يطعم صديقا له ويأكل بالمعروف ذكر فيه قصة عمر في وقفه مختصرة غير موصولة

[ 2189 ] قوله عن عمرو هو بن دينار المكي قوله في صدقة عمر أي في روايته لها عن بن عمر كما جزم بذلك المزي في الأطراف ويوضحه رواية الإسماعيلي من طريق بن أبي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار عن بن عمر قوله غير متاثل بمثناة ثم مثلثة أي غير جامع وإنما كان بن عمر يهدى منه أخذا بالشرط المذكور وهو أن يطعم صديقه ويحتمل أن يكون إنما يطعمهم من نصيبه الذي جعل له أن يأكل منه بالمعروف فكان يوفره ليهدى لأصحابه منه قوله فكان بن عمر هو موصول بالإسناد المذكور كما هو بين في رواية الإسماعيلي قال الكرمانى قوله في صدقة عمر صدقة بالتنوين وعمر فاعل قال وهو بصورة الإرسال لأنه يعني عمرو بن دينار لم يذكر عمر قال وفي بعض الروايات بالإضافة أي قال عمرو بن دينار في وقف عمر ذلك قال وفي بعض الروايات عمرو بالواو قلت هذه الأخيرة غلط وقوله صدقة بالتنوين غلط محض وصدقة عمر بالإضافة هي التي عند جميع رواة هذا الحديث في البخاري ومعنى هذا الكلام أن سفيان بن عيينة روى عن عمرو بن دينار أنه حكى عن صدقة عمر ما ذكره واستند في ذلك إلى صنيع بن عمر فكأنه حمل ما ذكره مما فهمه من فعل بن عمر فيكون الخبر موصولا بهذا التقرير وبهذا ترجم المزي في مسند بن عمر عمرو بن دينار عن بن عمر ثم ساق هذا الحديث بهذا السند قوله لناس بين الإسماعيلي إنهم آل عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العاص قال المهلب أخذ عمر شرط وقفه من كتاب الله حيث قال في ولي اليتيم ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف والمعروف ما يتعارفه الناس بينهم

قوله باب الوكالة في الحدود أورد فيه طرفا من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في قصة العسيف مقتصرا منها على

[ 2190 ] قوله واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها وهذا القدر هو المحتاج إليه في هذه الترجمة وسيأتي هذا الحديث بتمامه والكلام عليه في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى

[ 2191 ] قوله جىء بالنعيمان بالتصغير قوله أو بن النعيمان هو شك من الراوي ووقع عند الإسماعيلي في رواية جىء بنعمان أو نعيمان فشك هل هو بالتكبير أو التصغير ويأتي مثلها للكشميهنى في كتاب الحدود وفي رواية للإسماعيلي جئت بالنعيمان بغير شك ويستفاد منه تسمية الذي احضر النعيمان وأنه النعيمان بغير شك وقد وقع عند الزبير بن بكار في النسب من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال كان بالمدينة رجل يقال له النعيمان يصيب الشراب فذكر الحديث نحوه وروى بن منده من حديث مروان بن قيس السلمي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل سكران يقال له نعيمان فأمر به فضرب الحديث وهو النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري ممن شهد بدرا وكان مزاحا قوله شاربا سيأتي في الحدود من وجه آخر وهو سكران وزاد فيه فشق عليه وسيأتى بقية الكلام عليه هناك وشاهد الترجمة منه قوله فيه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان في البيت أن يضربوه فإن الإمام لما لم يتول إقامة الحد بنفسه وولاه غيره كان ذلك بمنزلة توكيله لهم في إقامته ويؤخذ منه أن حد الخمر لا يستأتى به الا فاقة كحد الحامل لتضع الحمل

قوله باب الوكالة في البدن وتعاهدها أورد فيه حديث عائشة في فتلها القلائد وتقليد النبي صلى الله عليه وسلم لها بيديه وبعثه إياها مع أبي بكر وهو ظاهر فيما ترجم له من الوكالة في البدن وأما تعاهدها فلعله يشير به إلى ما تضمنه الحديث من مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم إياها بنفسه حتى قلدها بيديه فمن شأن أبي بكر أن يعتنى بما اعتنى به وقد سبق الكلام عليه في الحج

قوله باب إذا قال الرجل لوكيله ضعه حيث أراك الله وقال الوكيل قد سمعت ما قلت أي فوضعه حيث أراد جاز فيه حديث أنس في قصة صدقة أبي طلحة عند نزول قوله تعالى

[ 2193 ] لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وشاهد الترجمة منه قول أبي طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم أنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه ذلك وأن كان ما وضعها بنفسه بل أمره أن يضعها في الأقربين لكن الحجة فيه تقريره صلى الله عليه وسلم على ذلك ويؤخذ منه أن الوكالة لا تتم الا بالقبول لأن أبا طلحة قال ضعها حيث أراك الله فرد عليه ذلك وقال أرى أن تجعلها في الأقربين قوله أفعل يا رسول الله مضبوط في الطرق كلها بهمزة قطع على أنه فعل مستقبل وحكى الداودي فيه صيغة الأمر أي أفعل ذلك أنت يا رسول الله وتعقبه بن التين بأنه لم تثبت به الرواية وأن السياق يأباه قوله تابعه إسماعيل عن مالك يأتي موصولا في تفسير آل عمران قوله وقال روح عن مالك رابح يعني أن روح بن عبادة وافق في الرواية عن مالك في الإسناد والمتن الا في هذه اللفظة وروايته المذكورة أخرجها الإمام أحمد عنه وقد تقدم بيان الاختلاف في هذه اللفظة في باب الزكاة على الاقارب من كتاب الزكاة وتقدم هناك ضبط بيرحاء ويأتي شرح الحديث في كتاب الوقف إن شاء الله تعالى

قوله باب وكالة الأمين في الخزانة ونحوها أورد فيه حديث أبي موسى في الخازن الأمين وقد سبق مبسوطا في كتاب الزكاة وذكر له طريقا أخرى في أول الإجارة كما تقدم خاتمة اشتمل كتاب الوكالة على ستة وعشرين حديثا المعلق منها ستة والبقية موصولة المكرر منها فيه وفيما مضى اثنا عشر حديثا والبقية خالصة وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث عبد الرحمن بن عوف في قتل أمية بن خلف وحديث كعب بن مالك في الشاة المذبوحة وحديث وفد هوازن من طريقيه وحديث أبي هريرة في حفظ زكاة رمضان وحديث عقبة بن الحارث في قصة النعيمان وفيه من الآثار عن الصحابة وغيرهم ستة آثار والله أعلم