كتاب المزارعة | قوله بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المزارعة باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه وقول الله تعالى أفرأيتم ما تحرثون الآية كذا للنسفي والكشميهني إلا أنهما أخرا البسملة وزاد النسفي باب ما جاء في الحرث والمزارعة وفضل الزرع الخ وعليه شرح بن بطال ومثله للأصيلي وكريمة إلا أنهما حذفا لفظ كتاب المزارعة وللمستملى كتاب الحرث وقدم الحموي البسملة وقال في الحرث بدل كتاب الحرث ولا شك أن الآية تدل على إباحة الزرع من جهة الامتنان به والحديث يدل على فضله بالقيد الذي ذكره المصنف وقال بن المنير أشار البخاري إلى إباحة الزرع وأن من نهى عنه كما ورد عن عمر فمحله ما إذا شغل الحرث عن الحرب ونحوه من الأمور المطلوبة وعلى ذلك يحمل حديث أبي أمامة المذكور في الباب الذي بعده والمزارعة مفاعلة من الزرع وسيأتي القول فيها بعد أبواب [ 2195 ] قوله حدثنا قتيبة ألخ أخرج هذا الحديث عن شيخين حدثه به كل منهما عن أبي عوانة ولم أر في سياقهما اختلافا وكأنه قصد أنه سمعه من كل منهما وحده فلذلك لم يجمعهما قوله ما من مسلم أخرج الكافر لأنه رتب على ذلك كون ما أكل منه يكون له صدقة والمراد بالصدقة الثواب في الآخرة وذلك يختص بالمسلم نعم ما أكل من زرع الكافر يثاب عليه في الدنيا كما ثبت من حديث أنس عند مسلم وأما من قال أنه يخفف عنه بذلك من عذاب الآخرة فيحتاج إلى دليل ولا يعد أن يقع ذلك لمن لم يرزق في الدنيا وفقد العافية قوله أو يزرع أو للتنويع لأن الزرع غير الغرس قوله وقال مسلم كذا للنسفي وجماعة ولأبي ذر والأصيلي وكريمة وقال لنا مسلم وهو بن إبراهيم وأبان هو بن يزيد العطار والبخاري لا يخرج له إلا استشهادا ولم أر له في كتابه شيئا موصولا إلا هذا ونظيره عنده حماد بن سلمة فإنه لا يخرج له إلا استشهادا ووقع عنده في الرقاق قال لنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سلمة وهذه الصيغة هي قال لنا يستعملها البخاري على ما استقرأ من كتابه في الاستشهادات غالبا وربما استعملها في الموقوفات ثم إنه ذكر هنا إسناد أبان ولم يسق متنه لأن غرضه منه التصريح بالتحديث من قتادة عن أنس وقد أخرجه مسلم عن عبد بن حميد عن مسلم بن إبراهيم المذكور بلفظ ان نبي الله صلى الله عليه وسلم رأى نخلا لأم مبشر امرأة من الأنصار فقال من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر فقالوا مسلم قال بنحو حديثهم كذا عند مسلم فأحال به على ما قاله وقد بينه أبو نعيم في المستخرج من وجه آخر عن مسلم بن إبراهيم وباقيه فقال لا يغرس مسلم غرسا فيأكل منه إنسان أو طير أو دابة إلا كان له صدقة وأخرج مسلم هذا الحديث عن جابر من طرق منها بلفظ سبع بدل بهيمة وفيها الا كان له صدقة فيها أجر ومنها أم مبشر أو أم معبد على الشك وفي أخرى أم معبد بغير شك وفي أخرى امرأة زيد بن حارثة وهي واحدة لها كنيتان وقيل اسمها خليدة وفي أخرى عن جابر عن أم مبشر جعله من مسندها وفي الحديث فضل الغرس والزرع والحض على عمارة الأرض ويستنبط منه اتخاذ الضيعة والقيام عليها وفيه فساد قول من أنكر ذلك من المتزهدة وحمل ما ورد من التنفير عن ذلك على ما إذا شغل عن أمر الدين فمنه حديث بن مسعود مرفوعا لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا الحديث قال القرطبي يجمع بينه وبين حديث الباب بحمله على الاستكثار والاشتغال به عن أمر الدين وحمل حديث الباب على اتخاذها للكفاف أو لنفع المسلمين بها وتحصيل ثوابها وفي رواية لمسلم إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة ومقتضاه أن أجر ذلك يستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولا منه ولو مات زارعه أو غارسه ولو انتقل ملكه إلى غيره وظاهر الحديث أن الأجر يحصل لمتعاطي الزرع أو الغرس ولو كان ملكه لغيره لأنه أضافه إلى أم مبشر ثم سألها عمن غرسه قال الطيبي نكر مسلما وأوقعه في سياق النفي وزاد من الاستغراقية وعم الحيوان ليدل على سبيل الكناية على أن أي مسلم كان حرا أو عبدا مطيعا أو عاصيا يعمل أي عمل من المباح ينتفع بما عمله أي حيوان كان يرجع نفعه إليه ويثاب عليه وفيه جواز نسبة الزرع إلى الآدمي وقد ورد في المنع منه حديث غير قوي أخرجه بن أبي حاتم من حديث أبي هريرة مرفوعا لا يقل أحدكم زرعت ولكن ليقل حرثت ألم تسمع لقول الله تعالى أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ورجاله ثقات إلا أن مسلم بن أبي مسلم الجرمي قال فيه بن حبان ربما أخطأ وروى عبد بن حميد من طريق أبي عبد الرحمن السلمي بمثله من قوله غير مرفوع واستنبط منه المهلب أن من زرع في أرض غيره كان الزرع للزارع وعليه لرب الأرض أجرة مثلها وفي أخذ هذا الحكم من هذا الحديث بعد وقد تقدم الكلام على أفضل المكاسب في كتاب البيوع والله الموفق قوله باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع أو مجاوزة الحد الذي أمر به هكذا للأصيلى وكريمة ولابن شبويه أو تجاوز وللنسفي وأبي ذر جاوز والمراد بالحد ما شرع أعم من أن يكون واجبا أو مندوبا [ 2196 ] قوله حدثنا عبد الله بن سالم هو الحمصي يكنى أبا يوسف وليس به ولا لشيخه في هذا الصحيح غير هذا الحديث والألهاني بفتح الهمزة ورجال الإسناد كلهم شاميون وكلهم حمصيون إلا شيخ البخاري قوله عن أبي أمامة في رواية أبي نعيم في المستخرج سمعت أبا أمامة قوله سكة بكسر المهملة هي الحديدة التي تحرث بها الأرض قوله إلا أدخله الله الذل في رواية الكشميهني إلا دخله الذل وفي رواية أبي نعيم المذكورة إلا أدخلوا على أنفسهم ذلا لا يخرج عنهم إلى يوم القيامة والمراد بذلك ما يلزمهم من حقوق الأرض التي تطالبهم بها الولاة وكان العمل في الاراضى أول ما افتتحت على أهل الذمة فكان الصحابة يكرهون تعاطي ذلك قال بن التين هذا من إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات لأن المشاهد الآن أن أكثر الظلم إنما هو على أهل الحرث وقد أشار البخاري بالترجمة إلى الجمع بين حديث أبي أمامة والحديث الماضي في فضل الزرع والغرس وذلك بأحد أمرين أما أن يحمل ما ورد من الذم على عاقبة ذلك ومحله ما إذا اشتغل به فضيع بسببه ما أمر بحفظه وأما أن يحمل على ما إذا لم يضيع إلا أنه جاوز الحد فيه والذي يظهر أن كلام أبي أمامة محمول على من يتعاطى ذلك بنفسه أما من له عمال يعملون له وأدخل داره الآلة المذكورة لتحفظ لهم فليس مرادا ويمكن الحمل على عمومه فإن الذل شامل لكل من أدخل على نفسه ما يستلزم مطالبة آخر له ولا سيما إذ كان المطالب من الولاة وعن الداودي هذا لمن يقرب من العدو فإنه إذا اشتغل بالحرث لا يشتغل بالفروسية فيتأسد عليه العدو فحقهم أن يشتغلوا بالفروسية وعلى غيرهم امدادهم بما يحتاجون إليه قوله قال أبو عبد الله اسم أبي أمامة صدى بن عجلان الخ كذا وقع المستملى وحده قلت وليس لأبي أمامة في البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر في الأطعمة وله حديث آخر في الجهاد من قوله يدخل في حكم المرفوع والله أعلم قوله باب اقتناء الكلب للحرث الاقتناء بالقاف افتعال من القنية بالكسر وهي الاتخاذ قال بن المنير أراد البخاري إباحة الحرث بدليل إباحة اقتناء الكلاب المنهي عن اتخاذها لأجل الحرث فإذا رخص من أجل الحرث في الممنوع من اتخاذه كان أقل درجاته أن يكون مباحا [ 2197 ] قوله عن أبي سلمة عن أبي هريرة في رواية مسلم من طريق الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة حدثني أبو هريرة قوله من أمسك كلبا في رواية سفيان بن أبي زهير ثاني حديثي الباب من أقتنى كلبا وهو مطابق للترجمة ومفسر للإمساك الذي هو في هذه الرواية ورواه أحمد ومسلم من طريق الزهري عن أبي سلمة بلفظ من أتخذ كلبا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية وأخرجه مسلم والنسائي من وجه آخر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بلفظ من اقتنى كلبا ليس كلب صيد ولا ماشية ولا أرض فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان فأما زيادة الزرع فقد أنكرها بن عمر ففي مسلم من طريق عمرو بن دينار عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب غنم فقيل لابن عمر أن أبا هريرة يقول أو كلب زرع فقال بن عمر أن لأبي هريرة زرعا ويقال أن بن عمر أراد بذلك الإشارة إلى تثبيت رواية أبي هريرة وأن سبب حفظه لهذه الزيادة دونه أنه كان صاحب زرع دونه ومن كان مشتغلا بشيء أحتاج إلى تعرف أحكامه وقد روى مسلم أيضا من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا من اقتنى كلبا الحديث قال سالم وكان أبو هريرة يقول أو كلب حرث وكان صاحب حرث وأصله للبخاري في الصيد دون الزيادة وقد وافق أبا هريرة على ذكر الزرع سفيان بن أبي زهير كما تراه في هذا الباب وعبد الله بن مغفل وهو عند مسلم في حديث أوله أمر بقتل الكلاب ورخص في كلب الغنم والصيد والزرع قوله أو ماشية أو للتنويع لا للترديد قوله وقال بن سيرين وأبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا كلب غنم أو حرث أو صيد أما رواية بن سيرين فلم أقف عليها بعد التتبع الطويل أما رواية أبي صالح فوصلها أبو الشيخ عبد الله بن محمد الأصبهاني في كتاب الترغيب له من طريق الأعمش عن أبي صالح ومن طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ من اقتنى كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو حرث فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراطا لم يقل سهيل أو حرث قوله وقال أبو حازم عن أبي هريرة كلب ماشية أو صيد وصلها أبو الشيخ أيضا من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن أبي حازم بلفظ أيما أهل دار ربطوا كلبا ليس بكلب صيد ولا ماشية نقص من أجرهم كل يوم قيراطان قال بن عبد البر في هذا الحديث إباحة اتخاذ الكلاب للصيد والماشية وكذلك الزرع لأنها زيادة حافظ وكراهة اتخاذها لغير ذلك إلا أنه يدخل في معنى الصيد وغيره مما ذكر اتخاذها لجلب المنافع ودفع المضار قياسا فتمحض كراهة اتخاذها لغير حاجة لما فيه من ترويع الناس وامتناع دخول الملائكة للبيت الذي هم فيه وفي قوله نقص من عمله أي من أجر عمله ما يشير إلى أن اتخاذها ليس بمحرم لأن ما كان اتخاذه محرما أمتنع اتخاذه على كل حال سواء نقص الأجر أو لم ينقص فدل ذلك على أن اتخاذها مكروه لا حرام قال ووجه الحديث عندي أن المعاني المتعبد بها في الكلاب من غسل الإناء سبعا لا يكاد يقوم بها المكلف ولا يتحفظ منها فربما دخل عليه باتخاذها ما ينقص أجره من ذلك ويروي أن المنصور سأل عمرو بن عبيد عن سبب هذا الحديث فلم يعرفه فقال المنصور لأنه ينبح الضيف ويروع السائل [ 2198 ] قوله عن يزيد بن خصيفة بالمعجمة ثم المهملة ثم الفاء مصغر و السائب بن يزيد صحابي صغير مشهور ورجال الإسناد كلهم مدنيون بالأصالة إلا شيخ البخاري وقد أقام بالمدينة مدة وفيه رواية صحابي عن صحابي قوله من أزد شنوءة بفتح المعجمة وضم النون بعدها واو ساكنة ثم همزة مفتوحة وهي قبيلة مشهورة نسبوا إلى شنوءة واسمه الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن النضر بن الأزد قوله قلت أنت سمعت هذا فيه التثبت في الحديث وفي قوله أي ورب هذا المسجد القسم للتوكيد وإن كان السامع مصدقا قوله باب استعمال البقر للحراثة أورد فيه حديث أبي هريرة في قول البقرة لم أخلق لهذا إنما خلقت للحراثة وسيأتي الكلام عليه في المناقب فإن سياقه هناك أتم من سياقه هنا وفيه سبب [ 2199 ] قوله صلى الله عليه وسلم آمنت بذلك وهو حيث تعجب الناس من ذلك ويأتي هناك أيضا الكلام على اختلافهم في قوله يوم السبع وهل هي بضم الموحدة أو إسكانها وما معناها قال بن بطال في هذا الحديث حجة على من منع أكل الخيل مستدلا بقوله تعالى لتركبوها فإنه لو كان ذلك دالا على منع أكلها لدل هذا الخبر على منع أكل البقر لقوله في هذا الحديث إنما خلقت للحرث وقد اتفقوا على جواز أكلها فدل على أن المراد بالعموم المستفاد من جهة الامتنان في قوله لتركبوها والمستفاد من صيغة إنما في قوله إنما خلقت للحرث عموم مخصوص قوله باب إذا قال اكفني مؤنة النخل وغيره أي كالعنب وتشركني في الثمر أي تكون الثمرة بيننا ويجوز في تشركني فتح أوله وثالثه وضم أوله وكسر ثالثه بخلاف قوله ونشرككم فإنه بفتح أوله وثالثه حسب [ 2200 ] قوله قالت الأنصار أي حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وسيأتي في الهبة من حديث أنس قال لما قدم المهاجرون المدينة قاسمهم الأنصار على أن يعطوهم ثمار أموالهم ويكفوهم المؤنة والعمل الحديث قوله النخيل في رواية الكشميهني النخل والنخيل جمع نخل كالعبيد جمع عبد وهو جمع نادر قوله المؤنة أي العمل في البساتين من سقيها والقيام عليها قال المهلب إنما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم لا لأنه علم أن الفتوح ستفتح عليهم فكره أن يخرج شيء من عقار الأنصار عنهم فلما فهم الأنصار ذلك جمعوا بين المصلحتين امتثال ما أمرهم به وتعجيل مواساة إخوانهم المهاجرين فسألوهم أن يساعدوهم في العمل ويشركوهم في الثمر قال وهذه هي المساقاة بعينها وتعقبه بن التين بأن المهاجرين كانوا ملكوا من الأنصار نصيبا من الأرض والمال باشتراط النبي صلى الله عليه وسلم على الأنصار مواساة المهاجرين ليلة العقبة قال فليس ذلك من المساقة في شيء وما ادعاه مردود لأنه شيء لم يقم عليه دليلا ولا يلزم من اشتراط المواساة ثبوت الاشتراك في الأرض ولو ثبت بمجرد ذلك لم يبق لسؤالهم لذلك ورده عليهم معنى وهذا واضح بحمد الله تعالى قوله باب قطع الشجر والنخل أي للحاجة والمصلحة إذا تعينت طريقا في نكاية العدو ونحو ذلك وخالف في ذلك بعض أهل العلم فقالوا لا يجوز قطع الشجر المثمر أصلا وحملوا ما ورد من ذلك إما على غير المثمر وإما على أن الشجر الذي قطع في قصة بني النضير كان في الموضع الذي يقع فيه القتال وهو قول الأوزاعي والليث وأبي ثور قوله وقال أنس أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنخل فقطع هو طرف من حديث بناء المسجد النبوي وقد تقدم موصولا في المساجد ويأتي الكلام عليه في أول الهجرة وهو شاهد للجواز لأجل الحاجة ثم ذكر المصنف حديث بن عمر في تحريق نخل بني النضير وهو شاهد للجواز لأجل نكاية العدو وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب المغازي بين بدر وأحد وفي كتاب تفسير سورة الحشر و [ 2201 ] البويرة بضم الموحدة مصغر موضع معروف و سراة بفتح المهملة و مستطير أي منتشر وأورد القابسي المذكور مخروما بحذف الواو من أوله قوله باب كذا للجميع بغير ترجمة وهو بمنزلة الفصل من الباب الذي قبله وأورد فيه حديث رافع بن خديج كنا نكري الأرض بالناحية منها وسيأتي الكلام عليه مستوفى بعد أربعة أبواب وقد استنكر بن بطال دخوله في هذا الباب قال وسألت المهلب عنه فقال يمكن أن يؤخذ من جهة أنه من اكترى أرضا ليزرع فيها ويغرس فانقضت المدة فقال له صاحب الأرض اقلع شجرك عن أرضي كان له ذلك فيدخل بهذه الطريق في إباحة قطع الشجر وقال بن المنير الذي يظهر أن غرضه الإشارة به إلى أن القطع الجائز هو المسبب للمصلحة نكاية الكفار أو الانتفاع بالخشب أو نحوه والمنكر هو الذي عن العبث والافساد ووجه أخذه من حديث رافع بن خديج أن الشارع نهى عن المخاطرة في كراء الأرض إبقاء على منفعتها من الضياع مجانا في عواقب المخاطرة فإذا كان ينهى عن تضييع منفعتها وهي غير محققة ولا مشخصة فلأن ينهى عن تضييع عينها بقطع أشجارها عبثا أجدر وأولى [ 2202 ] قوله نكري بضم أوله من الرباعي وقوله لسيد الأرض أي مالكها وقوله بالناحية منها مسمى ذكره على إرادة البعض أو باعتبار الزرع وقوله فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض ومما يصاب الأرض ويسلم ذلك وقع في رواية الكشميهني فمهما في الموضعين والأول أولى ومعناه فكثيرا ما يصاب وقد تقدم توجيهه في الكلام على قوله وكان مما يحرك شفتيه في بدء الوحي من كلام بن مالك وزاد الكرمائي هنا يحتمل أن تكون مما بمعنى ربما لأن حروف الجر تتناوب ولا سيما من التبعيضية تناسب رب التقليلية وعلى هذا لا يحتاج أن يقال إن لفظ ذلك من باب وضع المظهر موضع المضمر قوله فأما الذهب والورق في رواية الكشميهني والفضة بدل الورق وقوله فلم يكن يومئذ أي يكرى بهما ولم يرد نفي وجودهما ولم يتعرض في هذه الرواية لحكم المسألة وسيأتي بيانه بعد عشرة أبواب إن شاء الله تعالى قوله باب المزارعة بالشطر ونحوه راعي المصنف لفظ الشطر لوروده في الحديث وألحق غيره لتساويهما في المعنى ولولا مراعاة لفظ الحديث لكان قوله المزارعة بالجزء أخصر وأبين قوله وقال قيس بن مسلم هو الكوفي عن أبي جعفر هو محمد بن علي بن الحسين الباقر قوله ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع والواو عاطفة على الفعل لا على المجرور أي يزرعون على الثلث ويزرعون على الربع أو الواو بمعنى أو وهذا الأثر وصله عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري قال أخبرنا قيس بن مسلم به وحكى بن التين أن القابسي أنكر هذا وقال كيف يروي قيس بن مسلم هذا عن أبي جعفر وقيس كوفي وأبو جعفر مدني ولا يرويه عن أبي جعفر أحد من المدنيين وهو تعجب من غير عجب وكم من ثقة تفرد بما لم يشاركه فيه ثقة آخر وإذا كان الثقة حافظا لم يضره الانفراد والواقع أن قيسا لم ينفرد به فقد وافقه غيره في بعض معناه كما سيأتي قريبا ثم حكى بن التين عن القابسي أغرب من ذلك فقال إنما ذكر البخاري هذه الآثار في هذا الباب ليعلم أنه لم يصح في المزارعة على الجزء حديث مسند وكأنه غفل عن آخر حديث في الباب وهو حديث بن عمر في ذلك وهو معتمد من قال بالجواز والحق أن البخاري إنما أراد بسياق هذه الآثار الإشارة إلى أن الصحابة لم ينقل عنهم خلاف في الجواز خصوصا أهل المدينة فيلزم من يقدم عملهم على الأخبار المرفوعة أن يقولوا بالجواز على قاعدتهم قوله وزارع علي وابن مسعود وسعد بن مالك وعمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وآل أبي بكر وآل عمر وآل علي وابن سيرين أما أثر على فوصله بن أبي شيبة من طريق عمرو بن صليع عنه أنه لم ير بأسا بالمزارعة على النصف وأما أثر بن مسعود وسعد بن مالك وهو سعد بن أبي وقاص فوصلهما بن أبي شيبة أيضا من طريق موسى بن طلحة قال كان سعد بن مالك وابن مسعود يزارعان بالثلث والربع ووصله سعيد بن منصور من هذا الوجه بلفظ أن عثمان بن عفان أقطع خمسة من الصحابة الزبير وسعدا وابن مسعود وخبابا وأسامة بن زيد قال فرأيت جاري بن مسعود وسعدا يعطيان أرضيهما بالثلث وأما أثر عمر بن عبد العزيز فوصله بن أبي شيبة من طريق خالد الحذاء أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطاة أن يزارع بالثلث والربع وروينا في الخراج ليحيى بن آدم بإسناده إلى عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عامله انظر ما قبلكم من أرض فأعطوها بالمزارعة على النصف وإلا فعلى الثلث حتى تبلغ العشر فإن لم يزرعها أحد فامنحها وإلا فأنفق عليها من مال المسلمين ولا تبيرن قبلك أرضا وأما أثر القاسم بن محمد فوصله عبد الرزاق قال سمعت هشاما يحدث أن بن سيرين أرسله إلى القاسم بن محمد ليسأله عن رجل قال لآخر اعمل في حائطي هذا ولك الثلث والربع قال لا بأس قال فرجعت إلى بن سيرين فأخبرته فقال هذا أحسن ما يصنع في الأرض وروى النسائي من طريق بن عون قال كان محمد يعني بن سيرين يقول الأرض عندي مثل المال المضاربة فما صلح في المال المضاربة صلح في الأرض وما لم يصلح في المال المضاربة لم يصلح في الأرض قال وكان لا يرى بأسا أن يدفع أرضه إلى الأكار على أن يعمل فيها بنفسه وولده وأعوانه وبقره ولا ينفق شيئا وتكون النفقة كلها من رب الأرض وأما أثر عروة وهو بن الزبير فوصله بن أبي شيبة أيضا وأما أثر أبي بكر ومن ذكر معهم فروى بن أبي شيبة وعبد الرزاق من طريق أخرى إلى أبي جعفر الباقر أنه سئل عن المزارعة بالثلث والربع فقال إني إن نظرت في آل أبي بكر وآل عمر وآل على وجدتهم يفعلون ذلك وأما أثر بن سيرين فتقدم مع القاسم بن محمد وروى سعيد بن منصور من وجه آخر عنه أنه كان لا يرى بأسا أن يجعل الرجل للرجل طائفة من زرعة أو حرثه على أن يكفيه مؤنتها والقيام عليها قوله وقال عبد الرحمن بن الأسود كنت أشارك عبد الرحمن بن يزيد في الزرع وصله بن أبي شيبة وزاد فيه وأحمله إلى علقمة والأسود فلو رأيا به بأسا لنهياني عنه وروى النسائي من طريق أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود قال كان عماي يزارعان بالثلث والربع وأنا شريكهما وعلقمة والأسود يعلمان فلا يغيران قوله وعامل عمر الناس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا وصله بن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد أن عمر أجلى أهل نجران واليهود والنصارى واشترى بياض أرضهم وكرومهم فعامل عمر الناس إن هم جاءوا بالبقر والحديد من عندهم فلهم الثلثان ولعمر الثلث وإن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر وعاملهم في النخل على أن لهم الخمس وله الباقي وعاملهم في الكرم على أن لهم الثلث وله الثلثان وهذا مرسل وأخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن أبي حكيم عن عمر بن عبد العزيز قال لما استخلف عمر أجلى أهل نجران وأهل فدك وتيماء وأهل خيبر واشترى عقارهم وأموالهم واستعمل يعلى بن منية فأعطى البياض يعني بياض الأرض على إن كان البذر والبقر والحديد من عمر فلهم الثلث ولعمر الثلثان وأن كان منهم فلهم الشطر وله الشطر وأعطى النخل والعنب على أن لعمر الثلثين ولهم الثلث وهذا مرسل أيضا فيتقوى أحدهما بالآخر وقد أخرجه الطحاوي من هذا الوجه بلفظ أن عمر بن الخطاب بعث يعلى بن منية إلى اليمن فأمره أن يعطيهم الأرض البيضاء فذكر مثله سواء وكأن المصنف أبهم المقدار بقوله فلهم كذا لهذا الاختلاف لأن غرضه منه أن عمر أجاز المعاملة بالجزء وقد استشكل هذا الصنيع بأنه يقتضى جواز بيعين في بيعة لأن ظاهره وقوع العقد على إحدى الصورتين من غير تعيين ويحتمل أن يراد بذلك التنويع والتخيير قبل العقد ثم يقع العقد على أحد الأمرين أو أنه كان يرى ذلك جعالة فلا يضره نعم في إيراد المصنف هذا الأثر وغيره في هذه الترجمة ما يقتضى أنه يرى أن المزارعة والمخابرة بمعنى واحد وهو وجه للشافعية والوجه الآخر أنهما مختلفا المعنى فالمزارعة العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من المالك والمخابرة مثلها لكن البذر من العامل وقد أجازهما أحمد في رواية ومن الشافعية بن خزيمة وابن المنذر والخطابي وقال بن سريج بجواز المزارعة وسكت عن المخابرة وعكسه الجوري من الشافعية وهو المشهور عن أحمد وقال الباقون لا يجوز واحد منهما وحملوا الآثار الواردة في ذلك على المساقاة وسيأتي قوله وقال الحسن لا بأس أن تكون الأرض لأحدهما فينتفعان جميعا فما خرج فهو بينهما ورأى ذلك الزهري وقال الحسن لا بأس أن يجتنى القطن على النصف وأما قول الحسن فوصله سعيد بن منصور بنحوه وأما قول الزهري فوصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة بنحوه قال بن التين قول الحسن في القطن يوافق قول مالك وأجاز أيضا أن يقول ما جنيت فلك نصفه ومنعه بعض أصحابه ويمكن أن يكون الحسن أراد أنه جعالة قوله وقال إبراهيم وابن سيرين وعطاء والحكم والزهري وقتادة لا بأس أن يعطي الثوب بالثلث أو الربع ونحوه أي لا بأس أن يعطي للنساج الغزل ينسجه ويكون ثلث المنسوج له والباقي لمالك الغزل وأطلق الثوب عليه بطريق المجاز وأما قول إبراهيم فوصله أبو بكر الأثرم من طريق الحكم أنه سأل إبراهيم عن الحواك يعطي الثوب على الثلث والربع فقال لا بأس بذلك وأما قول بن سيرين فوصله بن أبي شيبة من طريق بن عون سألت محمد أهو بن سيرين عن الرجل يدفع إلى النساج الثوب بالثلث أو الربع أو بما تراضيا عليه فقال لا أعلم به بأسا وأما قول عطاء والحكم فوصلهما بن أبي شيبة وأما قول الزهري فوصله بن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن معمر عنه قال لا بأس أن يدفعه إليه بالثلث وأما قول قتادة فوصله بن أبي شيبة بلفظ أنه كان لا يرى بأسا أن يدفع الثوب إلى النساج بالثلث قوله وقال معمر لا بأس أن تكري الماشية على الثلث أو الربع إلى أجل مسمى وصله عبد الرزاق عنه بهذا [ 2203 ] قوله عن عبيد الله هو بن عمر العمري قوله بشطر ما يخرج منها هذا الحديث هو عمدة من أجاز المزارعة والمخابرة لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لذلك واستمراره على عهد أبي بكر إلى أن أجلاهم عمر كما سيأتي بعد أبواب واستدل به على جواز المساقاة في النخل والكرم وجميع الشجر الذي من شأنه أن يثمر بجزء معلوم يجعل للعامل من الثمرة وبه قال الجمهور وخصه الشافعي في الجديد بالنخل والكرم وألحق المقل بالنخل لشبهه به وخصه داود بالنخل وقال أبو حنيفة وزفر لا يجوز بحال لأنها إجارة بثمرة معدومة أو مجهولة وأجاب من جوزه بأنه عقد على عمل في المال ببعض نمائه فهو كالمضاربة لأن المضارب يعمل في المال بجزء من نمائه وهو معدوم ومجهول وقد صح عقد الإجارة مع أن المنافع معدومة فكذلك هنا وأيضا فالقياس في إبطال نص أو إجماع مردود وأجاب بعضهم من قصة خيبر بأنها فتحت صلحا وأقروا على أن الأرض ملكهم بشرط أن يعطو نصف الثمرة فكان ذلك يؤخذ بحق الجزية فلا يدل على جواز المساقاة وتعقب بأن معظم خيبر فتح عنوة كما سيأتي في المغازي وبأن كثيرا منها قسم بين الغانمين كما سيأتي وبأن عمر أجلاهم منها فلو كانت الأرض ملكهم ما أجلاهم عنها واستدل من أجازه في جميع الثمر بأن في بعض طرق حديث الباب بشطر ما يخرج منها من نخل وشجر وفي رواية حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر في حديث الباب على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشجر وهو عند البيهقي من هذا الوجه واستدل بقوله على شطر ما يخرج منها لجواز المساقاة بجزء معلوم لا مجهول واستدل به على جواز إخراج البذر من العامل أو المالك لعدم تقييده في الحديث بشيء من ذلك واحتج من منع بأن العامل حينئذ كأنه باع البذر من صاحب الأرض بمجهول من الطعام نسيئة وهو لا يجوز وأجاب من أجازه بأنه مستثنى من النهي عن بيع الطعام بالطعام نسيئة جمعا بين الحديثين وهو أولى من إلغاء أحدهما قوله فكان يعطي أزواجه مائة وسق ثمانون وسق تمر وعشرون وسق شعير كذا للأكثر بالرفع على القطع والتقدير منها ثمانون ومنها عشرون وللكشميهني ثمانين وعشرين على البدل وإنما كان عمر يعطيهن ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قال ما تركت بعد نفقة نسائي فهو صدقة وسيأتي في بابه قوله وقسم عمر أي خيبر صرح بذلك أحمد في روايته عن بن نمير عن عبيد الله بن عمر وسيأتي بعد أبواب من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن عمر أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز وسيأتي ذكر السبب في ذلك في كتاب الشروط إن شاء الله تعالى قوله باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة ذكر فيه حديث بن عمر المذكور في الباب قبله من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد الله مختصرا وقد سبق ما فيه قال بن التين قوله إذا لم يشترط السنين ليس بواضح من الخبر الذي ساقه كذا قال ووجه ما ترجم به الإشارة إلى أنه لم يقع في شيء من طرق هذا الحديث مقيدا بسنين معلومة وقد ترجم له بعد أبواب إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله ولم يذكر أجلا معلوما فهما على تراضيهما وساق الحديث وفيه قوله صلى الله عليه وسلم نقركم ما شئنا وهو ظاهر فيما ترجم له وفيه دليل على جواز دفع النخل مساقاة والأرض مزارعة من غير ذكر سنين معلومة فيكون للمالك أن يخرج العامل متى شاء وقد أجاز ذلك من أجاز المخابرة والمزارعة وقال أبو ثور إذا أطلقا على سنة واحدة وعن مالك إذا قال ساقيتك كل سنة بكذا جاز ولو لم يذكر أمدا وحمل قصة خيبر على ذلك واتفقوا على أن الكرى لا يجوز الا بأجل معلوم وهو من العقود اللازمة قوله باب كذا للجميع بغير ترجمة وهو بمنزلة الفصل من الباب الذي قبله وقد أورد فيه حديث بن عباس في جواز أخذ أجرة الأرض ووجه دخوله في الباب الذي قبله أنه لما جازت المزارعة على أن للعامل جزءا معلوما فجواز أخذ الأجرة المعينة عليها من باب الأولى [ 2205 ] قوله حدثنا سفيان قال عمرو هو بن دينار وفي رواية الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة وغيره عن سفيان حدثنا عمرو بن دينار قوله لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه أما المخابرة فتقدم تفسيرها قبل بباب وإدخال البخاري هذا الحديث في هذا الباب مشعر بأنه ممن يرى أن المزارعة والمخابرة بمعنى وقد رواه الترمذي من وجه آخر عن عمرو بن دينار بلفظ لو تركت المزارعة ويقوى ذلك قول بن الأعرابي اللغوي أن أصل المخابرة معاملة أهل خيبر فاستعمل ذلك حتى صار إذا قيل خابرهم عرف أنه عاملهم نظير معاملة أهل خيبر وأما قول عمرو بن دينار لطاوس يزعمون فكأنه أشار بذلك إلى حديث رافع بن خديج في ذلك وقد روى مسلم والنسائي من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار وقال كان طاوس يكره أن يؤجر أرضه بالذهب والفضة ولا يرى بالثلث والربع بأسا فقال له مجاهد اذهب إلى بن رافع بن خديج فأسمع حديثه عن أبيه فقال لو أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه لم أفعله ولكن حدثني من هو أعلم منه بن عباس فذكره وللنسائي أيضا من طريق عبد الكريم عن مجاهد قال أخذت بيد طاوس فأدخلته إلى بن رافع بن خديج فحدثه عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض فأبى طاوس وقال سمعت بن عباس لا يرى بذلك بأسا وأما قوله لو تركت المخابرة فجواب لو محذوف أو هي للتمني قوله وأعينهم كذا للأكثر بالعين المهملة المكسورة من الإعانة وللكشميهني وأغنيهم بالغين المعجمة من الغني والأول هو الصواب وكذا ثبت في رواية بن ماجة وغيره من هذا الوجه قوله وأن أعلمهم أخبرني يعني بن عباس سيأتي بعد أبواب من طريق سفيان وهو الثوري عن عمرو بن دينار عن طاوس قال قال بن عباس وكذلك أخرجه أبو داود من هذا الوجه قوله لم ينه عنه أي عن إعطاء الأرض بجزء مما يخرج منها ولم يرد بن عباس بذلك نفي الرواية المثبتة للنهي مطلقا وإنما أراد أن النهي الوارد عنه ليس على حقيقته وإنما هو على الأولوية وقيل المراد أنه لم ينه عن العقد الصحيح وإنما نهى عن الشرط الفاسد لكن قد وقع في رواية الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم المزارعة وهي تقوى ما أولته قوله أن يمنح بفتح الهمزة والحاء على أنها تعليلية وبكسر الهمزة وسكون الحاء على أنها شرطية والأول أشهر وقوله خرجا أي أجرة زاد بن ماجة والإسماعيلي من هذا الوجه عن طاوس وأن معاذ بن جبل أقر الناس عليها عندنا يعني باليمن وكأن البخاري حذف هذه الجملة الأخيرة لما فيها من الانقطاع بين طاوس ومعاذ وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث بعد سبعة أبواب إن شاء الله تعالى قوله باب المزارعة مع اليهود أورد فيه حديث بن عمر المذكور قبل بباب وعبد الله المذكور في الإسناد هو بن المبارك وعبيد الله بالتصغير هو بن عمر العمري وقد تقدم ما فيه وأراد بهذا الإشارة إلى أنه لا فرق في جواز هذه المعاملة بين المسلمين وأهل الذمة قوله باب ما يكره من الشروط في المزارعة أورد فيه حديث رافع بن خديج وسيأتي البحث فيه بعد خمسة أبواب وأشار بهذه الترجمة إلى حمل النهي في حديث رافع على ما إذا تضمن العقد شرطا فيه جهالة أو يؤدي إلى غرر وقوله [ 2207 ] فيه حقلا هو بفتح المهملة وسكون القاف وأصل الحقل القراح الطيب وقيل الزرع إذا تشعب ورقه من قبل أن يغلظ سوقة ثم أطلق على الزرع واشتق منه المحاقلة فأطلق على المزارعة وقوله ذه بكسر المعجمة وسكون الهاء إشارة إلى القطعة قوله باب إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم وكان في ذلك صلاح لهم أي لمن يكون الزرع أورد فيه حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار وسيأتي القول في شرحه في أحاديث الأنبياء والمقصود منه هنا قول أحد الثلاثة فعرضت عليه أي على الأجير حقه فرغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعاتها فإن الظاهر أنه عين له أجرته فلما تركها بعد أن تعينت له ثم تصرف فيها المستأجر بعينها صارت من ضمانه قال بن المنير مطابقة الترجمة أنه قد عين له حقه ومكنه منه فبرئت ذمته بذلك فلما تركه وضع المستأجر يده عليه وضعا مستأنفا ثم تصرف فيه بطريق الإصلاح لا بطريق التضييع فاغتفر ذلك ولم يعد تعديا ولذلك توسل به إلى الله عز وجل وجعله من أفضل أعماله وأقر على ذلك ووقعت له الإجابة ومع ذلك فلو هلك الفرق لكان ضامنا له إذ لم يؤذن له في التصرف فيه فمقصود الترجمة إنما هو خلاص الزارع من المعصية بهذا القصد ولا يلزم من ذلك رفع الضمان ويحتمل أن يقال إن توسله بذلك إنما كان لكونه أعطى الحق الذي عليه مضاعفا لا بتصرفه كما أن الجلوس بين رجلي المرأة معصية لكن التوسل لم يكن إلا بترك الزنا والمسامحة بالمال ونحوه وقد تقدم شيء من هذا في أواخر البيوع في ترجمة من اشترى لغيره بغير إذنه فرضي وقوله في هذه الرواية فرق أرز تقدم في البيوع بلفظ فرق من ذرة فيجمع بينهما بأن الفرق كان من الصنفين وأنهما لما كانا حبين متقاربين أطلق أحدهما على الآخر والأول أقرب وقوله فأبت حتى آتيها بمائة دينار في رواية الكشميهني فأبت على قوله فبغيت بالموحدة ثم المعجمة أي طلب وأكثر ما يستعمل في الشر وقوله [ 2208 ] فوجدتهما ناما في رواية الكشميهني نائمين وقوله ورعاتها في رواية الكشميهني وراعيها على الإفراد تنبيه وقع في كلام الأول اللهم إنه والثاني اللهم أنها والثالث إني وهو من التفنن والهاء في الأول ضمير الشأن وفي الثاني للقصة وناسب ذلك أن القصة في امرأة قوله وقال إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن نافع فسعيت يعني أن إسماعيل المذكور رواه عن نافع كما رواه عمه موسى بن عقبة إلا أنه خالفه في هذه اللفظة وهي قوله فبغيت فقالها فسعيت بالسين والعين المهملتين وهذا التعليق عن إسماعيل هذا وصله المؤلف في كتاب الأدب في باب إجابة دعاء من بر والديه وفيه هذه اللفظة قال الجياني وقع في رواية لأبي ذر وقال إسماعيل عن بن عقبة وهو وهم والصواب إسماعيل بن عقبة وهو بن إبراهيم بن عقبة بن أخي موسى قوله باب أوقاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم ذكر فيه طرفا من حديث عمر في وقف أرض خيبر وذكر قول عمر لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها وأخذ المصنف صدر الترجمة من الحديث الأول ظاهر ويؤخذ أيضا من الحديث الثاني لأن بقية الكلام محذوف تقديره لكن النظر لآخر المسلمين يقتضي أن أقسمها بل أجعلها وقفا على المسلمين وقد صنع ذلك عمر في أرض السواد وأما قوله وأرض الخراج الخ فيؤخذ من الحديث الثاني فإن عمر لما وقف السواد ضرب على من به من أهل الذمة الخراج فزارعهم وعاملهم فبهذا يظهر مراده من هذه الترجمة ودخولها في أبواب المزارعة وقال بن بطال معنى هذه الترجمة أن الصحابة كانوا يزارعون أوقاف النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته على ما كان عامل عليه يهود خيبر وقوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر الخ قال بن التين ذكر الداودي أن هذا اللفظ غير محفوظ وإنما أمره أن يتصدق بثمره ويوقف أصله قلت وهذا الذي رده هو معنى ما ذكره البخاري وقد وصل البخاري اللفظ الذي علقه هنا في كتاب الوصايا من طريق صخر بن جويرية عن نافع عن بن عمر قال تصدق عمر بمال له فذكر الحديث وفيه تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق ثمره [ 2209 ] قوله أخبرنا عبد الرحمن هو بن المهدي قوله عن مالك وقع للإسماعيلي من طريق عن عبد الرحمن بن مهدي حدثنا مالك قوله قال عمر في رواية عبد الله بن إدريس عن مالك عند الإسماعيلي سمعت عمر يقول قوله ما فتحت بضم الفاء على البناء للمجهول و قرية بالرفع وبفتح الفاء ونصب قرية على المفعولية قوله الا قسمتها زاد بن إدريس في روايته ما افتتح المسلمون قرية من قرى الكفار إلا قسمتها سهمانا قوله كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر زاد بن إدريس في روايته لكن أردت أن تكون جزية تجري عليهم وسيأتي الكلام على هذه اللفظة في غزوة خيبر من كتاب المغازي وروى البيهقي من وجه آخر عن بن وهب عن مالك في هذه القصة سبب قول عمر هذا ولفظه لما فتح عمر الشام قام إليه بلال فقال لتقسمنها أو لنضاربن عليها بالسيف فقال عمر فذكره قال بن التين تأول عمر قول الله تعالى والذين جاءوا من بعدهم فرأى أن للآخرين أسوة بالاولين فخشي لو قسم ما يفتح أن تكمل الفتوح فلا يبقى لمن يجيء بعد ذلك حظ في الخراج فرأى أن توقف الأرض المفتوحة عنوة ويضرب عليها خراجا يدوم نفعه للمسلمين وقد اختلف نظر العلماء في قسمة الأرض المفتوحة عنوة على قولين شهيرين كذا قال وفي المسألة أقوال أشهرها ثلاثة فعن مالك تصير وقفا بنفس الفتح وعن أبي حنيفة والثوري يتخير الإمام بين قسمتها ووقفيتها وعن الشافعي يلزمه قسمتها إلا أن يرضى بوقفيتها من غنمها وسيأتي بقية الكلام عليه في أواخر الجهاد إن شاء الله تعالى قوله باب من أحيا أرضا مواتا بفتح الميم والواو الخفيفة قال القزاز الموات الأرض التي لم تعمر شبهت العمارة بالحياة وتعطيلها بفقد الحياة واحياء الموات أن يعمد الشخص لأرض لا يعلم تقدم ملك عليها لأحد فيحيها بالسقي أو الزرع أو الغرس أو البناء فتصير بذلك ملكه سواء كانت فيما قرب من العمران أم بعد سواء أذن له الإمام في ذلك أم لم يأذن وهذا قول الجمهور وعن أبي حنيفة لا بد من إذن الإمام مطلقا وعن مالك فيما قرب وضابط القرب ما بأهل العمران إليه حاجة من رعي ونحوه واحتج الطحاوي للجمهور مع حديث الباب بالقياس على ماء البحر والنهر وما يصاد من طير وحيوان فإنهم اتفقوا على أن من أخذه أو صاده يملكه سواء قرب أم بعد سواء أذن الإمام أو لم يأذن قوله ورأى علي ذلك في أرض الخراب بالكوفة كذا وقع للأكثر وفي رواية النسفي في أرض الكوفة مواتا قوله وقال عمر من أحيا أرضا ميتة فهي له وصله مالك في الموطأ عن بن شهاب عن سالم عن أبيه مثله وروينا في الخراج ليحيى بن آدم سبب ذلك فقال حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال كان الناس يتحجرون يعني الأرض على عهد عمر فقال من أحيا أرضا فهي له قال يحيى كأنه لم يجعلها له بمجرد التحجير حتى يحييها قوله ويروي عن عمر بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم أي مثل حديث عمر هذا قوله وقال فيه في غير حق مسلم وليس لعرق ظالم حق وصله إسحاق بن راهويه قال أخبرنا أبو عامر العقدي عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف حدثني أبي أن أباه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أحيا أرضا مواتا من غير أن يكون فيها حق مسلم فهي له وليس لعرق ظالم حق وهو عند الطبراني ثم البيهقي وكثير هذا ضعيف وليس لجده عمرو بن عوف في البخاري سوى هذا الحديث وهو غير عمرو بن عوف الأنصاري البدري الآتي حديثه في الجزية وغيرها وليس له أيضا عنده غيره ووقع في بعض الروايات وقال عمر وابن عوف على أن الواو عاطفة وعمر بضم العين وهو تصحيف وشرحه الكرماني ثم قال فعلى هذا يكون ذكر عمر مكررا وأجاب بأن فيه فوائد كونه تعليقا بالجزم والآخر بالتمريض وكونه بزيادة والآخر بدونها وكونه مرفوعا والأول موقوف ثم قال والصحيح أنه عمرو بفتح العين قلت فضاع ما تكلفه من التوجيه ولحديث عمرو بن عوف المعلق شاهد قوي أخرجه أبو داود من حديث سعيد بن زيد وله من طريق بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه مثله مرسلا وزاد قال عروة فلقد خبرني الذي حدثني بهذا الحديث أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها وفي الباب عن عائشة أخرجه أبو داود الطيالسي وعن سمرة عند أبي داود والبيهقي وعن عبادة وعبد الله بن عمرو عند الطبراني وعن أبي أسيد عند يحيى بن آدم في كتاب الخراج وفي أسانيدها مقال لكن يتقوى بعضها ببعض قوله لعرق ظالم في رواية الأكثر بتنوين عرق وظالم نعت له وهو راجع إلى صاحب العرق أي ليس لذي عرق ظالم أو إلى العرق أي ليس لعرق ذي ظلم ويروي بالإضافة ويكون الظالم صاحب العرق فيكون المراد بالعرق الأرض وبالاول جزم مالك والشافعي والازهري وابن فارس وغيرهم وبالغ الخطابي فغلط رواية الإضافة قال ربيعة العرق الظالم يكون ظاهرا ويكون باطنا فالباطن ما احتفره الرجل من الآبار أو استخرجه من المعادن والظاهر ما بناه أو غرسه وقال غيره الظالم من غرس أو زرع أو بني أو حفر في أرض غيره بغير حق ولا شبهة قوله ويروي فيه أي في الباب أو الحكم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصله أحمد قال حدثنا عباد بن عباد حدثنا هشام عن عروة عن وهب بن كيسان عن جابر فذكره ولفظ من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر وما أكلت العوافي منها فهو له صدقة وأخرجه الترمذي من وجه آخر عن هشام بلفظ من أحيا أرضا ميتة فهي له وصححه وقد اختلف فيه على هشام فرواه عنه عباد هكذا ورواه يحيى القطان وأبو ضمرة وغيرهما عنه عن أبي رافع عن جابر ورواه أيوب عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد ورواه عبد الله بن إدريس عن هشام عن أبيه مرسلا واختلف فيه على عروة فرواه أيوب عن هشام موصولا وخالفه أبو الأسود فقال عن عروة عن عائشة كما في هذا الباب ورواه يحيى بن عروة عن أبيه مرسلا كما ذكرته من سنن أبي داود ولعل هذا هو السر في ترك جزم البخاري به تنبيه استنبط بن حبان من هذه الزيادة التي في حديث جابر وهي قوله فله فيها أجر أن الذمي لا يملك الموات بالإحياء واحتج بأن الكافر لا أجر له وتعقبه المحب الطبري بأن الكافر إذا تصدق يثاب عليه في الدنيا كما ورد به الحديث فيحمل الأجر في حقه على ثواب الدنيا وفي حق المسلم على ما هو أعم من ذلك وما قاله محتمل إلا أن الذي قاله بن حبان أسعد بظاهر الحديث ولا يتبادر إلى الفهم من إطلاق الأجر إلا الأخروي [ 2210 ] قوله عن عبيد الله بن أبي جعفر هو المصري ومحمد بن عبد الرحمن شيخه هو أبو الأسود يتيم عروة ونصف الإسناد الأعلى مدنيون ونصفه الآخر مصريون قوله من أعمر بفتح الهمزة والميم من الرباعي قال عياض كذا وقع والصواب عمر ثلاثيا قال الله تعالى وعمروها أكثر مما عمروها إلا أن يريد أنه جعل فيها عمارا قال بن بطال ويمكن أن يكون أصله من اعتمر أرضا أي اتخذها وسقطت التاء من الأصل وقال غيره قد سمع فيه الرباعي يقال أعمر الله بك منزلك فالمراد من أعمر أرضا بالإحياء فهو أحق به من غيره وحذف متعلق أحق للعلم به ووقع في رواية أبي ذر من أعمر بضم الهمزة أي أعمره غيره وكأن المراد بالغير الإمام وذكره الحميدي في جمعه بلفظ من عمر من الثلاثي وكذا هو عند الإسماعيلي من وجه آخر عن يحيى بن بكير شيخ البخاري فيه قوله فهو أحق زاد الإسماعيلي فهو أحق بها أي من غيره قوله قال عروة هو موصول بالإسناد المذكور إلى عروة ولكن عروة عن عمر مرسلا لأنه ولد في آخر خلافة عمر قاله خليفة وهو قضية قول بن أبي خيثمة أنه كان يوم الجمل بن ثلاث عشرة سنة لأن الجمل كان سنة ست وثلاثين وقتل عمر كان سنة ثلاث وعشرين وروى أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال رددت يوم الجمل استصغرت قوله قضى به عمر في خلافته قد تقدم في أول الباب موصولا إلى عمر وروينا في كتاب الخراج ليحيى بن آدم من طريق محمد بن عبيد الله الثقفي قال كتب عمر بن الخطاب من أحيا مواتا من الأرض فهو أحق به وروى من وجه آخر عن عمرو بن شعيب أو غيره أن عمر قال من عطل أرضا ثلاث سنين لم يعمرها فجاء غيره فعمرها فهي له وكأن مراده بالتعطيل أن يتحجرها ولا يحوطها ببناء ولا غيره وأخرج الطحاوي الطريق الأولى أتم منه بالسند إلى الثقفي المذكور قال خرج رجل من أهل البصرة يقال له أبو عبد الله إلى عمر فقال أن بأرض البصرة أرضا لا تضر بأحد من المسلمين وليست بأرض خراج فإن شئت أن تقطعنيها أتخذها قضبا وزيتونا فكتب عمر إلى أبي موسى أن كانت كذلك فأقطعها إياه قوله باب كذا فيه بغير ترجمة وهو كالفصل من الباب الذي قبله وقد أورد فيه حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أرى وهو في معرسه بذي الحليفة انك ببطحاء مباركة وحديث عمر مرفوعا أتاني آت من ربي أن صل في هذا الوادي المبارك وقد تقدم الكلام على هذين الحديثين في الحج مستوفى ولكن أشكل تعلقهما بالترجمة فقال المهلب حاول البخاري جعل موضع معرس النبي صلى الله عليه وسلم موقوفا أو متملكا له لصلاته فيه ونزوله به وذلك لا يقوم على ساق لأنه قد ينزل في غير ملكه ويصلي فيه فلا يصير بذلك ملكه كما صلى في دار عتبان بن مالك وغيره وأجاب بن بطال بأن البخاري أراد أن المعرس نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بنزوله فيه ولم يرد أنه يصير بذلك ملكه ونفى بن المنير وغيره أن يكون البخاري أراد ما ادعاه المهلب وإنما أراد التنبيه على أن البطحاء التي وقع فيها التعريس والأمر بالصلاة فيها لا تدخل في الموات الذي يحيا ويملك إذ لم يقع فيها تحويط ونحوه من وجوه الأحياء أو أراد أنها تلحق بحكم الإحياء لما ثبت لها من خصوصية التصرف فيها بذلك فصارت كأنها أرصدت للمسلمين كمنى مثلا فليس لأحد أن يبني فيها ويتحجرها لتعلق حق المسلمين بها عموما قلت وحاصله أن الوادي المذكور وأن كان من جنس الموات لكن مكان التعريس منه مستثنى لكونه من الحقوق العامة فلا يصح احتجاره لأحد ولو عمل فيه بشروط الأحياء ولا يختص ذلك بالبقعة التي نزل بها النبي صلى الله عليه وسلم بل كل ما وجد من ذلك فهو في معناه تنبيه المعرس بمهملات وفتح الراء موضع التعريس وهو نزول آخر الليل للراحة قوله باب إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله ولم يذكر أجلا معلوما فهما على تراضيهما أورد فيه حديث بن عمر في معاملة يهود خيبر أورده موصولا من طريق الفضيل بن سليمان ومعلقا من طريق بن جريج كلاهما عن موسى بن عقبة وساقه على لفظ الرواية المعلقة وقد وصل مسلم طريق بن جريج وأخرجها أحمد عن عبد الرزاق عنه بتمامها وسيأتي لفظ فضيل بن سليمان في كتاب الخمس [ 2213 ] قوله أن عمر أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز سيأتي سبب ذلك موصولا في كتاب الشروط قال الهروي جلى القوم عن مواطنهم وأجلى بمعنى واحد والاسم الجلاء والاجلاء وأرض الحجاز هي ما يفصل بين نجد وتهامة قال الواقدي ما بين وجرة وغمس الطائف نجد وما كان وراء وجرة إلى البحر تهامة ووقع هنا للكرمائي تفسير الحجاز بما فسروا به جزيرة العرب الآتي في باب هل يستشفع بأهل الذمة في كتاب الجهاد وهو خطأ قوله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ هو موصول لابن عمر قوله وكانت الأرض لما ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين في رواية فضيل بن سليمان الآتية وكانت الأرض لما ظهر عليها لليهود وللرسول وللمسلمين قال المهلب يجمع بين الروايتين بأن تحمل رواية بن جريج على الحال التي آل إليها الأمر بعد الصلح ورواية فضيل على الحال التي كانت قبله وذلك أن خيبر فتح بعضها صلحا وبعضها عنوة فالذي فتح عنوة كان جميعه لله ولرسوله وللمسلمين والذي فتح صلحا كا لليهود ثم صار للمسلمين بعقد الصلح وسيأتي بيان ذلك في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى وقوله في رواية بن جريج ليقرهم بها أن يكفوا عملها وقع عند أحمد عن عبد الرزاق أن يقرهم بها على أن يكفوا وهو أوضح ونحوه رواية بن سليمان الآتية وقوله فيها فقروا بفتح القاف أي سكنوا وتيماء بفتح المثناه وسكون التحتانية والمد وأريحاء بفتح الهمزة وكسر الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة وبالمد أيضا هما موضعان مشهوران بقرب بلاد طيء على البحر في أول طريق الشام من المدينة وقد ذكر البلاذري في الفتوح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غلب على وادي القرى بلغ ذلك أهل تيماء فصالحوه على الجزية وأقرهم ببلدهم قوله باب ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يواسي بعضهم بعضا في الزراعة والثمر المراد بالمواساة المشاركة في المال بغير مقابل [ 2214 ] قوله أخبرنا عبد الله هو بن المبارك قوله عن أبي النجاشي بفتح النون وتخفيف الجيم وبعد الألف معجمة ثم ياء ثقيلة تابعي ثقة اسمه عطاء بن صهيب وقد روى الأوزاعي أيضا في ثاني أحاديث الباب معنى الحديث عن عطاء عن جابر وهو عطاء بن أبي رباح فكان الحديث عنده عن كل منهما بسنده ووقع في رواية بن ماجة من وجه آخر إلى الأوزاعي حدثني أبو النجاشي وقوله سمعت رافع بن خديج أخرجه البيهقي من وجه آخر عن الأوزاعي حدثني أبو النجاشي قال صحبت رافع بن خديج ست سنين وروى عكرمة بن عمار هذا الحديث عن أبي النجاشي عن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل عن عمه ظهير ذكر مسلم وسيأتي من رواية حنظلة بن قيس عن رافع حدثني عماى وهو مما يقوي رواية الأوزاعي قوله عن عمه ظهير بالظاء المعجمة مصغرا قوله لقد نهانا قد ذكر في آخر الحديث صيغة النهي وهي قوله لا تفعلوا وبها يعرف المراد بالأمر الرافق وقوله رافقا أي ذا رفق قوله بمحاقلكم أي بمزارعكم والحقل الزرع وقيل ما دام أخضر والمحاقلة المزارعة بجزء مما يخرج وقيل هو بيع الزرع بالحنطة وقيل غير ذلك كما تقدم قوله على الربيع بفتح الراء وكسر الموحدة وهي موافقة للرواية الأخيرة وهي قوله على الأربعاء فإن الأربعاء جمع ربيع وهو النهر الصغير وفي رواية المستملي الربيع بالتصغير ووقع الكشميهني على الربع بضمتين وهي موافقة لحديث جابر المذكور بعد لكن المشهور في حديث رفع الأول والمعنى أنهم كانوا يكرون الأرض ويشترطون لأنفسهم ما ينبت على الأنهار قوله وعلى الاوسق الواو بمعنى أو قوله ازرعوها أو ازرعوها الأول بكسر الألف وهي ألف وصل والراء مفتوحة والثاني بألف قطع والراء مكسورة وأو للتخيير لا للشك والمراد ازرعوها أنتم أو أعطوها لغيركم يزرعها بغير أجرة وهو الموافق لقوله في حديث جابر أو ليمنحها أو أمسكوها أي اتركوها معطلة وقوله سمعا وطاعة بالنصب ويجوز الرفع وقوله أو اتركوها أي بغير زرع وسيأتي البحث في ذلك في هذا الباب تنبيه وقع للإسماعيلي عن جابر إيراد حديث ظهير بن رافع في آخر الباب الذي قبله ثم اعترض بأنه لا يدخل في هذا الباب والذي وقع عند الجمهور إيراده في هذا الباب [ 2215 ] قوله عن عطاء في رواية بن ماجة من وجه آخر عن الأوزاعي حدثني عطاء سمعت جابرا قوله كانوا أي الصحابة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم قوله بالثلث والربع والنصف الواو في الموضعين بمعنى أو أشار إليه التيمي وقد تقدم له توجيه آخر في باب المزارعة بالشطر قوله وليمنحها أي يجعلها منيحة أي عطية والنون في يمنحها مفتوحة ويجوز كسرها وقد رواه مسلم من طريق مطر الوراق عن عطاء عن جابر بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض ومن وجه آخر عن مطر بلفظ من كانت له أرض فليزرعها فإن عجز عنها فليمنحها أخاه المسلم ولا يؤاجرها ورواية الأوزاعي التي اقتصر عليها المصنف مفسرة للمراد لذكرها للسبب الحامل على النهي قوله فإن لم يفعل فليمسك أرضه أي فلا يمنحها ولا يكريها وقد استشكل بأن في إمساكها بغير زراعة تضييعا لمنفعتها فيكون من إضاعة المال وقد ثبت النهي عنها وأجيب بحمل النهي عن إضاعة عين المال أو منفعة لا تخلف لأن الأرض إذا تركت بغير زرع لم تتعطل منفعتها فإنها قد تنبت من الكلأ والحطب والحشيش ما ينفع في الرعي وغيره وعلى تقدير أن لا يحصل ذلك فقد يكون تأخير الزرع عن الأرض اصلاحا لها فتخلف في السنة التي تليها ما لعله فات في سنة الترك وهذا كله أن حمل النهي عن الكراء على عمومه فأما لو حمل الكراء على ما كان مألوفا لهم من الكراء بجزء مما يخرج منها ولا سيما إذا كان غير معلوم فلا يستلزم ذلك تعطيل الانتفاع بها في الزراعة بل يكريها بالذهب أو الفضة كما تقرر ذلك والله أعلم [ 2216 ] قوله وقال الربيع بن نافع أبو توبة بفتح المثناة وسكون الواو بعدها موحدة هو الحلبي ثقة ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الطلاق وقد وصل مسلم حديث الباب عن الحسن بن علي الحلواني عن أبي توبة وشيخه معاوية هو بن سلام بتشديد اللآم ويحيى هو بن أبي كثير وقد اختلف عليه في إسناده وكذا على شيخه أبي سلمة وقد أطنب النسائي في جمع طرقه [ 2217 ] قوله عن عمرو هو بن دينار قوله ذكرته أي حديث رافع بن خديج لطاوس أي كما تقدم وقد مضى شرحه بعد أبواب وقوله لم ينه عنه أي لم يحرمه وبها صرح الترمذي في روايته وقوله إن يمنح بكسر الهمزة من إن على أنها شرطية ولغير أبي ذر بفتحها وهو المشهور وفي رواية الترمذي ولكن أراد أن يرفق بعضهم ببعض قوله أن بن عمر كان يكري بضم أوله من الرباعي يقال أكرى أرضه يكريها [ 2218 ] قوله وصدرا من إمارة معاوية أي خلافته وإنما لم يذكر بن عمر خلافة علي لأنه لم يبايعه لوقوع الاختلاف عليه كما هو مشهور في صحيح الأخبار وكان رأى أنه لا يبايع لمن لم يجتمع عليه الناس ولهذا لم يبايع أيضا لابن الزبير ولا لعبد الملك في حال اختلافهما وبايع ليزيد بن معاوية ثم لعبد الملك بن مروان بعد قتل بن الزبير ولعل في تلك المدة أعني مدة خلافة علي لم يؤاجر أرضه فلم يذكرها لذلك وزاد مسلم في روايته حتى إذا كان في آخر خلافة معاوية وكان آخر خلافة معاوية في سنة ستين من الهجرة ووقع في رواية أحمد عن إسماعيل عن أيوب بهذا الإسناد نحو هذا السياق وزاد فيه فتركها بن عمر وكان لا يكريها فإذا سئل يقول زعم رافع بن خديج فذكره قوله ثم حدث عن رافع بضم أوله على ما لم يسم فاعله للأكثر وللكشميهني بفتح أوله وحذف عن ولابن ماجة عن نافع عن بن عمر أنه كان يكري أرضه فأتاه إنسان فأخبره عن رافع فذكره وزاد وقد استظهر البخاري لحديث رافع بحديث جابر وأبي هريرة رادا على من زعم أن حديث رافع فرد وأنه مضطرب وأشار إلى صحة الطريقين عنه حيث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأشار إلى أن روايته بغير واسطة مقتصرة على النهي عن كراء الأرض وروايته عن عمه مفسرة للمراد وهو ما بينه بن عباس في روايته من إرادة الرفق والتفضيل وأن النهي عن ذلك ليس للتحريم وسأذكر مزيدا لذلك في الباب الذي بعده [ 2219 ] قوله قد كنت أعلم أن الأرض تكري ثم خشي عبد الله هكذا أورده مختصرا وقد أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق شعيب بن الليث عن أبيه مطولا وأوله أن عبد الله كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج ينهى عن كراء الأرض فلقيه فقال يا بن خديج ما هذا قال سمعت عمي وكانا قد شهدا بدرا يحدثان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض فقال عبد الله قد كنت أعلم فذكره قوله باب كراء الأرض بالذهب والفضة كأنه أراد بهذه الترجمة الإشارة إلى أن النهي الوارد عن كراء الأرض محمول على ما إذا أكريت بشيء مجهول وهو قول الجمهور أو بشيء مما يخرج منها ولو كان معلوما وليس المراد النهي عن كرائها بالذهب أو الفضة وبالغ ربيعة فقال لا يجوز كراؤها إلا بالذهب أو الفضة وخالف في ذلك طاوس وطائفة قليلة فقالوا لا يجوز كراء الأرض مطلقا وذهب إليه بن حزم وقواه واحتج له بالأحاديث المطلقة في ذلك وحديث الباب دال على ما ذهب إليه الجمهور وقد أطلق بن المنذر أن الصحابة أجمعوا على جواز كراء الأرض بالذهب والفضة ونقل بن بطال اتفاق فقهاء الأمصار عليه وقد روى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص قال كان أصحاب المزارع يكرونها بما يكون على المساقي من الزرع فاختصموا في ذلك فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكروا بذلك وقال أكروا بالذهب والفضة ورجاله ثقات إلا أن محمد بن عكرمة المخزومي لم يرو عنه إلا إبراهيم بن سعد وأما ما رواه الترمذي من طريق مجاهد عن رافع بن خديج في النهي عن كراء الأرض ببعض خراجها أو بدراهم فقد أعله النسائي بأن مجاهدا لم يسمعه من رافع قلت ورواية أبو بكر بن عياش في حفظه مقال وقد رواه أبو عوانة وهو أحفظ منه عن شيخه فيه فلم يذكر الدراهم وقد روى مسلم من طريق سليمان بن يسار عن رافع بن خديج في حديثه ولم يكن يومئذ ذهب ولا فضة قوله وقال بن عباس الخ وصله الثوري في جامعه قال أخبرني عبد الكريم هو الجزري عن سعيد بن جبير عنه ولفظه أن أمثل ما أنتم صانعون أن تستأجروا الأرض البيضاء ليس فيها شجر يعني من السنة إلى السنة وإسناده صحيح وأخرجه البيهقي من طريق عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان به [ 2220 ] قوله عن حنظلة في رواية الأوزاعي عن مسلم عن ربيعة حدثني حنظلة لكن ليس عنده ذكر عمي رافع وفي الإسناد تابعي عن مثله وصحابي عن مثله قوله حدثني عماي هما ظهير بن رافع وقد تقدم حديثه في الباب قبله والآخر قال الكلاباذي لم أقف على اسمه وذكر غيره أن اسمه مظهر وهو بضم الميم وفتح الظاء وتشديد الهاء المكسورة وضبطه عبد الغني وابن ماكولا هكذا زعم بعض من صنف في المبهمات ورأيت في الصحابة لأبي القاسم البغوي ولأبي علي بن السكن من طريق سعيد بن أبي عروبة عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج أن بعض عمومته قال سعيد زعم قتادة أن اسمه مهير فذكر الحديث فهذا أولى أن يعتمد وهو بوزن أخيه ظهير كلاهما بالتصغير قوله يستثنيه من الاستثناء كأنه يشير إلى استثناء الثلث أو الربع ليوافق الرواية الأخرى قوله فقال رافع ليس بها بأس بالدينار والدرهم يحتمل أن يكون ذلك قاله رافع باجتهاده ويحتمل أن يكون علم ذلك بطريق التنصيص على جوازه أو علم أن النهي عن كراء الأرض ليس على إطلاقه بل بما إذا كان بشيء مجهول ونحو ذلك فاستنبط من ذلك جواز الكراء بالذهب والفضة ويرجح كونه مرفوعا ما أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح من طريق سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة وقال إنما يزرع ثلاثة رجل له أرض ورجل منح أرضا ورجل اكترى أرضا بذهب أو فضة لكن بين النسائي من وجه آخر أن المرفوع منه النهي عن المحاقلة والمزابنة وأن بقيته مدرج من كلام سعيد بن المسيب وقد رواه مالك في الموطأ والشافعي عنه عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب قوله وقال الليث وكان الذي نهى من ذلك كذا للأكثر عن الليث وهو موصول بالإسناد الأول إلى الليث ووقع عند أبي ذر هنا قال أبو عبد الله يعني المصنف من ههنا قال الليث أراه وسقط هذا النقل عن الليث عند النسفي وابن شبويه وكذا وقع في مصابيح البغوي فصار مدرجا عندهما في نفس الحديث والمعتمد في ذلك على رواية الأكثر ولم يذكر النسفي ولا الإسماعيلي في روايتهما لهذا الحديث من طريق الليث هذه الزيادة وقد قال التوربشتي شارح المصابيح لم يظهر لي هل هذه الزيادة من قول بعض الرواة أو من قول البخاري وقال البيضاوي الظاهر أنها من كلام رافع اه وقد تبين برواية أكثر الطرق في البخاري أنها من كلام الليث وقوله ذوو الفهم في رواية النسفي وابن شبويه ذو الفهم بلفظ المفرد لإرادة الجنس وقالا لم يجزء وقوله المخاطرة أي الأشراف على الهلاك وكلام الليث هذا موافق لما عليه الجمهور من حمل النهي عن كراء الأرض على الوجه المفضي إلى الغرر والجهالة لا عن كرائها مطلقا حتى بالذهب والفضة ثم اختلف الجمهور في جواز كرائها بجزء مما يخرج منها فمن قال بالجواز حمل أحاديث النهي على التنزيه وعليه يدل قول بن عباس الماضي في الباب الذي قبله حيث قال ولكن أراد أن يرفق بعضهم ببعض ومن لم يجز اجارتها بجزء مما يخرج منها قال النهي عن كرائها محمول على ما إذا اشترط صاحب الأرض ناحية منها أو شرط ما ينبت على النهر لصاحب الأرض لما في كل ذلك من الغرر والجهالة وقال مالك النهي محمول على ما إذا وقع كراؤها بالطعام أو التمر لئلا يصير من بيع الطعام بالطعام قال بن المنذر ينبغي أن يحمل ما قاله مالك على ما إذا كان المكرى به من الطعام جزءا مما يخرج منها فأما إذا اكتراها بطعام معلوم في ذمة المكترى أو بطعام حاضر يقبضه المالك فلا مانع من الجواز والله أعلم قوله باب كذا للجميع بغير ترجمة وهو كالفصل من الباب الذي قبله ولم يذكر بن بطال لفظ باب وكأن مناسبته له من قول الرجل فإنهم أصحاب زرع قال بن المنير وجهه أنه نبه به على أن أحاديث النهي عن كراء الأرض إنما هي على التنزيه لا على الإيجاب لأن العادة فيما يحرص عليه بن آدم أنه يحب استمرار الانتفاع به وبقاء حرص هذا الرجل على الزرع حتى في الجنة دليل على أنه مات على ذلك ولو كان يعتقد تحريم كراء الأرض لفطم نفسه عن الحرص عليها حتى لا يثبت هذا القدر في ذهنه هذا الثبوت [ 2221 ] قوله عن هلال بن علي هو المعروف بابن أسامة والإسناد العالي كلهم مدنيون إلا شيخ البخاري وقد ساقه على لفظ الإسناد الثاني وساقه في كتاب التوحيد على لفظ محمد بن سنان قوله وعنده رجل من أهل البادية لم أقف على اسمه قوله استأذن ربه في الزرع أي في أن يباشر الزراعة قوله فقال له ألست فيما شئت في رواية محمد بن سنان أو لست بزيادة واو قوله فبذر أي ألقى البذر فنبت في الحال وفي السياق حذف تقديره فأذن له فبذر فبادر في رواية محمد بن سنان فأسرع فتبادر قوله الطرف بفتح الطاء وسكون الراء امتداد لحظ الإنسان إلى أقصى ما يراه ويطلق أيضا على حركة جفن العين وكأنه المراد هنا قوله واستحصاده زاد في التوحيد وتكويره أي جمعه وأصل الكور الجماعة الكثيرة من الإبل والمراد أنه لما بذر لم يكن بين ذلك وبين استواء الزرع ونجاز أمره كله من القلع والحصد والتذرية والجمع والتكويم إلا قدر لمحة البصر وقوله دونك بالنصب على الإغراء أي خذه قوله لا يشبعك شيء في رواية محمد بن سنان لا يسعك بفتح أوله والمهملة وضم العين وهو متحد المعنى قوله فقال الأعرابي بفتح الهمزة أي ذلك الرجل الذي من أهل البادية وفي هذا الحديث من الفوائد أن كل ما اشتهي في الجنة من أمور الدنيا ممكن فيها قاله المهلب وفيه وصف الناس بغالب عاداتهم قاله بن بطال وفيه أن النفوس جبلت على الاستكثار من الدنيا وفيه إشارة إلى فضل القناعة وذم الشره وفيه الإخبار عن الأمر المحقق الآتي بلفظ الماضي قوله باب ما جاء في الغرس ذكر فيه حديث سهل بن سعد أن كنا لنفرح بيوم الجمعة الحديث وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الجمعة وغرضه منه هنا [ 2222 ] قوله كنا نغرسه في أربعائنا وقد تقدم تفسير الأربعاء والسلق بكسر السين وقوله لا أعلم إلا أنه قال ليس فيه شحم ولا ودك الودك بفتحتين دسم اللحم وهو من قول يعقوب وحديث أبي هريرة [ 2223 ] يقولون إن أبا هريرة يكثر أي رواية الحديث قوله والله الموعد بفتح الميم وفيه حذف تقديره وعند الله الموعد لأن الموعد إما مصدر وإما ظرف زمان أو ظرف مكان وكل ذلك لا يخبر به عن الله تعالى ومراده أن الله تعالى يحاسبني إن تعمدت كذبا ويحاسب من ظن بن ظن السوء وقد تقدم الكلام على بقية الحديث مستوفى في كتاب العلم ويأتي منه شيء في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى وغرضه منه هنا قوله وأن اخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم فإن المراد بالعمل الشغل في الأراضي بالزراعة والغرس والله أعلم خاتمة اشتمل كتاب المزارعة وما أضيف إليه من أحياء الموات وغيره من الأحاديث المرفوعة على أربعين حديثا المعلق منها تسعة والبقية موصولة المكرر منها فيه وفيما مضى اثنان وعشرون حديثا والخالص ثمانية عشر حديثا وافقه مسلم على جميعها سوى حديث أبي أمامة في آلة الحرث وحديث أبي هريرة في سؤال الأنصار القسمة وحديث عمر لولا آخر المسلمين وحديث عمرو بن عوف وجابر وعائشة في إحياء الموات وحديث أبي هريرة أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين تسعة وثلاثون أثرا والله سبحانه وتعالى أعلم | |