كتاب المساقاة (الشرب)
 قوله بسم الله الرحمن الرحيم في الشرب وقول الله عز وجل وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون وقوله جل ذكره أفرأيتم الماء الذي تشربون إلى قوله فلولا تشكرون كذا لأبي ذر وزاد غيره في أوله كتاب المساقاة ولا وجه له فإن التراجم التي فيه غالبها تتعلق باحياء الموات ووقع في شرح بن بطال كتاب المياه وأثبت النسفي باب خاصة وساق عن أبي ذر الآيتين والشرب بكسر المعجمة والمراد به الحكم في قسمة الماء قاله عياض وقال ضبطه الاصبلي بالضم والأول أولى وقال بن المنير من ضبطه بالضم أراد المصدر وقال غيره المصدر مثلث وقرىء فشاربون شرب الهيم مثلثا والشرب في الأصل بالكسر النصيب والحظ من الماء تقول كم شرب أرضكم وفي المثل آخرها شربا أقلها شربا قال بن بطال معنى قوله وجعلنا من الماء كل شيء حي أراد الحيوان الذي يعيش بالماء وقيل أراد بالماء النطفة ومن قرأ وجعلنا من الماء كل شيء حيا دخل فيه الجماد أيضا لأن حياتها هو خضرتها وهي لا تكون إلا بالماء قلت وهذا المعنى أيضا يخرج من القراءة المشهورة ويخرج من تفسير قتادة حيث قال كل شيء حي فمن الماء خلق أخرجه الطبري عنه وروى بن أبي حاتم عن أبي العالية أن المراد بالماء النطفة وروى أحمد من طريق أبي ميمونة عن أبي هريرة وقلت يا رسول الله أخبرني عن كل شيء قال كل شيء خلق من الماء إسناده صحيح قوله أجاجا منصبا هو في رواية المستملي وحده وهو تفسير بن عباس ومجاهد وقتادة أخرجه الطبري عنهم قوله المزن السحاب هو تفسير مجاهد وقتادة أخرجه الطبري عنهما وقال غيرهما المزن السحاب الأبيض واحدة مزنة قوله والاجاج المر هو تفسير أبي عبيدة في معاني القرآن وأخرجه بن أبي حاتم عن قتادة مثله وقيل هو الشديد الملوحة أو المرارة وقيل المالح وقيل الحار حكاه بن فارس قوله فراتا عذبا هو في رواية المستملي وحده وهو منتزع من قوله تعالى في السورة الأخرى هذا عذب فرات وروى بن أبي حاتم عن السدي قال العذب الفرات الحلو

قوله باب من رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة مقسوما كان أو غير مقسوم كذا لأبي ذر وللنسفي ومن رأى الخ جعله من الباب الذي قبله ولغيرهما باب في الشرب ومن رأى وأراد المصنف بالترجمة الرد على من قال إن الماء لا يملك قوله وقال عثمان أي بن عفان قال النبي صلى الله عليه وسلم من يشتري بئر رومة فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين سقط هذا التعليق من رواية النسفي وقد وصله الترمذي والنسائي وابن خزيمة من طريق ثمامة بن حزن بفتح المهملة وسكون الزاي القشيري قال شهدت الدار حيث أشرف عليهم عثمان فقال أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال من يشتري بئر رومة يجعل دلوه فيها كدلاء المسلمين بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب ما لي قالوا اللهم نعم الحديث بطوله وقد أخرجه المصنف في كتاب الوقف بغير هذا السياق وليس فيه ذكر الدلو والذي ذكره هنا مطابق للترجمة ويأتي الكلام على شرحه هناك إن شاء الله تعالى قال بن بطال في حديث عثمان أنه يجوز للواقف أن ينتفع بوقفه إذا شرط ذلك قال فلو حبس بئرا على من يشرب منها فله أن يشرب منها وإن لم يشترط ذلك لأنه داخل في جملة من يشرب ثم فرق بفرق غير قوي وسيأتي البحث في هذه المسألة في باب هل ينتفع الواقف بوقفه في كتاب الوقف إن شاء الله تعالى ثم ذكر المصنف في الباب حديثي سهل وأنس في شرب النبي صلى الله عليه وسلم وتقديمه الأيمن فالأيمن وسيأتي الكلام عليهما في كتاب الأشربة ومناسبتهما لما ترجم له من جهة مشروعية قسمة الماء لأن اختصاص الذي على اليمن بالبداءة به دال على ذلك وقال بن المنير مراده أن الماء يملك ولهذا استأذن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الشركاء فيه ورتب قسمته يمنة ويسرة ولو كان باقيا على إباحته لم يدخله ملك لكن حديث سهل ليس فيه بيان أن القدح كان فيه ماء بل جاء مفسرا في كتاب الأشربة بأنه كان لبنا والجواب أنه أورده ليبين أن الأمر جرى في قسمة الماء الذي شيب به اللبن كما جاء في حديث أنس مجرى اللبن الخالص الذي في حديث سهل فدل على أنه لا فرق بين اللبن والماء فيحصل به الرد على من قال إن الماء لا يملك وقوله

[ 2224 ] في حديث سهل حدثنا أبو غسان هو محمد بن مطرف المدني والإسناد مصريون إلا شيخه وقوله وعن يمينه غلام هو الفضل بن عباس حكاه بن بطال وقيل أخوه عبد الله حكاه بن التين وهو الصواب كما سيأتي وقوله

[ 2225 ] في حديث أنس وعن يمينه أعرابي قيل إن الأعرابي خالد بن الوليد حكاه بن التين وتعقب بأن مثله لا يقال له أعرابي وكأن الحامل له على ذلك أنه رأى في حديث بن عباس الذي أخرجه الترمذي قال دخلت أنا وخالد بن الوليد على ميمونة فجاءتنا بإناء من لبن فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على يمينه وخالد على شماله فقال لي الشربة لك فإن شئت آثرت بها خالدا فقلت ما كنت أوثر على سؤرك أحدا فظن أن القصة واحدة وليس كذلك فإن هذه القصة في بيت ميمونة وقصة أنس في دار أنس فافترقا نعم يصلح أن يعد خالد من الأشياخ المذكورين في حديث سهل بن سعد والغلام هو بن عباس ويقويه قوله في حديث سهل أيضا ما كنت أوثر بفضلي منك أحدا ولم يقع ذلك في حديث أنس وليس في حديث بن عباس ما يمنع أن يكون مع خالد بن الوليد في بيت ميمونة غيره بل قد روى بن أبي حازم عن أبيه في حديث سهل بن سعد ذكر أبي بكر الصديق فيمن كان على يساره صلى الله عليه وسلم ذكره بن عبد البر وخطأه قال بن الجوزي إنما استأذن الغلام ولم يستأذن الأعرابي لأن الأعرابي لم يكن له علم بالشريعة فاستألفه بترك استئذانه بخلاف الغلام قوله في حديث أنس فقال عمر أعط أبا بكر كذا لجميع أصحاب الزهري وشذ معمر فيما رواه وهيب عنه فقال عبد الرحمن بن عوف بدل عمر أخرجه الإسماعيلي والأول هو الصحيح ومعمر لما حدث بالبصرة حدث من حفظه فوهم في أشياء فكان هذا منها ويحتمل أن يكون محفوظا بأن يكون كل من عمر وعبد الرحمن قال ذلك لتوفير دواعي الصحابة على تعظيم أبي بكر تنبيه ألحق بعضهم بتقديم الأيمن في المشروب تقديمه في المأكول ونسب لمالك وقال بن عبد البر لا يصح عنه

قوله باب من قال إن صاحب الماء أحق الماء حتى يروي قال بن بطال لا خلاف بين العلماء أن صاحب الماء أحق بمائه حتى يروي قلت وما نفاه من الخلاف هو على القول بأن الماء يملك وكأن الذين ذهبوا إلى أنه يملك وهم الجمهور هم الذين لا خلاف عندهم في ذلك

[ 2226 ] قوله لا يمنع بضم أوله على البناء للمجهول وبالرفع على أنه خبر والمراد به مع ذلك النهي وذكر عياض أنه في رواية أبي ذر بالجزم بلفظ النهي وكأن السر في إيراد البخاري الطريق الثانية كونها وردت بصريح النهي وهو لا تمنعوا والمراد بالفضل ما زاد على الحاجة ولأحمد من طريق عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة لا يمنع فضل ماء بعد أن يستغنى عنه وهو محمول عند الجمهور على ماء البئر المحفورة في الأرض المملوكة وكذلك في الموات إذا كان بقصد التملك والصحيح عند الشافعية ونص عليه في القديم وحرملة أن الحافر يملك ماءها وأما البئر المحفورة في الموات لقصد الارتفاق لا التملك فإن الحافر لا يملك ماءها بل يكون أحق به إلى أن يرتحل وفي الصورتين يجب عليه بذل ما يفضل عن حاجته والمراد حاجة نفسه وعياله وزرعه وماشيته هذا هو الصحيح عند الشافعية وخص المالكية هذا الحكم بالموات وقالوا في البئر التي في الملك لا يجب عليه بذل فضلها وأما الماء المحرز في الإناء فلا يجب بذل فضله لغير المضطر على الصحيح قوله فضل الماء فيه جواز بيع الماء لأن المنهي عنه منع الفضل لا منع الأصل وفيه أن محل النهي ما إذا لم يجد المأمور بالبذل له ماء غيره والمراد تمكين أصحاب الماشية من الماء ولم يقل أحد إنه يجب على صاحب الماء مباشرة سقي ماشية غيره مع قدرة المالك قوله ليمنع به الكلأ بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصور هو النبات رطبه ويابسه والمعنى أن يكون حول البئر كلأ ليس عنده ماء غيره ولا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا تمكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعي فيستلزم منعهم من الماء منعهم من الرعي وإلى هذا التفسير ذهب الجمهور وعلى هذا يختص البذل بمن له ماشية ويلتحق به الرعاة إذا احتاجوا إلى الشرب لأنهم إذا منعوا من الشرب امتنعوا من الرعي هناك ويحتمل أن يقال يمكنهم حمل الماء لأنفسهم لقلة ما يحتاجون إليه منه بخلاف البهائم والصحيح الأول ويلتحق بذلك الزرع عند مالك والصحيح عند الشافعية وبه قال الحنفية الاختصاص بالماشية وفرق الشافعي فيما حكاه المزني عنه بين المواشي والزرع بأن الماشية ذات أرواح يخشى من عطشها موتها بخلاف الزرع وبهذا أجاب النووي وغيره واستدل لمالك بحديث جابر عند مسلم نهى عن بيع فضل الماء لكنه مطلق فيحمل على المقيد في حديث أبي هريرة وعلى هذا لو لم يكن هناك كلأ يرعى فلا مانع من المنع لانتفاء العلة قال الخطابي والنهي عند الجمهور للتنزيه فيحتاج إلى دليل يوجب صرفه عن ظاهره وظاهر الحديث أيضا وجوب بذله مجانا وبه قال الجمهور وقيل لصاحبه طلب القيمة من المحتاج إليه كما في إطعام المضطر وتعقب بأنه يلزم منه جواز المنع حالة امتناع المحتاج من بذل القيمة ورد بمنع الملازمة فيجوز أن يقال يجب عليه البذل وتترتب له القيمة في ذمة المبذول له حتى يكون له أخذ القيمة منه متى أمكن ذلك نعم في رواية لمسلم من طريق هلال بن أبي ميمونة عن أبي سلمة عن أبي هريرة لا يباع فضل الماء فلو وجب له العوض لجاز له البيع والله أعلم واستدل بن حبيب من المالكية على أن البئر إذا كانت بين مالكين فيها ماء فاستغنى أحدهما في نوبته كان للآخر أن يسقى منها لأنه ماء فضل عن حاجة صاحبه وعموم الحديث يشهد له وأن خالفه الجمهور واستدل به بعض المالكية للقول بسد الذرائع لأنه نهى عن منع الماء لئلا يتذرع به إلى منع الكلأ لكن ورد التصريح في بعض طرق حديث الباب بالنهي عن منع الكلأ صححه بن حبان من رواية أبي سعيد مولى بني غفار عن أبي هريرة بلفظ لا تمنعوا فضل الماء ولا تمنعوا الكلأ فيهزل المال وتجوع العيال والمراد بالكلأ هنا النابت في الموات فإن الناس فيه سواء وروى بن ماجة من طريق سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا ثلاثة لا يمنعن الماء والكلأ والنار وإسناده صحيح قال الخطابي معناه الكلأ ينبت في موات الأرض والماء الذي يجري في المواضع التي لا تختص بأحد قيل والمراد بالنار الحجارة التي تورى النار وقال غيره المراد النار حقيقة والمعنى لا يمنع من يستصبح منها مصباحا أو يدني منها ما يشعله منها وقيل المراد ما إذا أضرم نارا في حطب مباح بالصحراء فليس به منع من ينتفع بها بخلاف ما إذا أضرم في حطب يملكه نارا فله المنع

قوله باب من حفر بئرا في ملكه لم يضمن ذكر فيه حديث أبي هريرة البئر جبار بضم الجيم وتخفيف الموحدة أي هدر قال بن المنير الحديث مطلق والترجمة مقيدة بالملك وهي إحدى صور المطلق وأقعدها سقوط الضمان لأنه إذا لم يضمن إذا حفر في غير ملكه فالذي يحفر في ملكه أحرى بعدم الضمان اه وإلى التفرقة بين الحفر في ملكه وغيره ذهب الجمهور وخالف الكوفيون وسيأتي تفصيل ذلك مع بقية شرح الحديث في كتاب الديات إن شاء الله تعالى ومحمود شيخه في هذا الحديث هو بن غيلان وعبيد الله شيخ محمود هو بن موسى وهو من شيوخ البخاري وربما أخرج عنه بواسطة كهذا

قوله باب الخصومة في البئر والقضاء فيها ذكر فيه حديث الأشعث كانت لي بئر في أرض بن عم لي يعني فتخاصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أورده مختصرا وسيأتي بتمامه في التفسير وفي الأيمان والنذور وغير موضع واسم بن عمه معدان بن الأسود بن معد يكرب الكندي ولقبه الجفشيش بوزن فعليل مفتوح الأول واختلف في ضبط هذا الأول على ثلاثة أقوال أشهرها بالجيم والشين معجمة في الموضعين وقوله

[ 2229 ] في الحديث كانت لي بئر في أرض زعم الإسماعيلي أن أبا حمزة تفرد بذكر البئر عن الأعمش قال ولا أعلم فيمن رواه عن الأعمش إلا قال في أرض قال والاكثرون أولى بالحفظ من أبي حمزة اه وذكر البئر ثابت عند البخاري في غير رواية أبي حمزة كما سيأتي مع بقية الكلام على الحديث في كتاب الأيمان والنذور ونذكر في التفسير الخلاف في سبب نزول الآية المذكورة إن شاء الله تعالى وقوله شهودك أو يمينه بالنصب فيهما أي أحضر شهودك أو أطلب يمينه وقوله إذن يحلف بالنصب قال السهيلي لا غير وحكى بن خروف جواز الرفع في مثل هذا

قوله باب إثم من يمنع بن السبيل من الماء أي الفاضل عن حاجته ويدل عليه

[ 2230 ] قوله في حديث الباب رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من بن السبيل قال بن بطال فيه دلالة على أن صاحب البئر أولى من بن السبيل عند الحاجة فإذا أخذ حاجته لم يجز له منع بن السبيل اه وقد ترجم المصنف بذلك بعد أربعة أبواب من رأى أن صاحب الحوض أحق بمائه ويأتي الكلام على شرح هذا الحديث في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى وقوله في هذه الرواية ورجل بايع إمامه في رواية الكشميهني إماما

قوله باب سكر الأنهار السكر بفتح المهملة سكون الكاف السد والغلق مصدر سكرت النهر إذا سددته وقال بن دريد أصله من سكرت الريح إذا سكن هبوبها

[ 2231 ] قوله عن عروة سيأتي بعد باب من رواية بن جريج عن بن شهاب عن عروة أنه حدثه قوله عن عبد الله بن الزبير أنه حدثه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير هذا هو المشهور من رواية الليث بن سعد عن بن شهاب وقد رواه بن وهب عن الليث ويونس جميعا عن بن شهاب أن عروة حدثه عن أخيه عبد الله بن الزبير عن الزبير بن العوام أخرجه النسائي وابن الجارود والإسماعيلي وكأن بن وهب حمل رواية الليث على رواية يونس وإلا فرواية الليث ليس فيها ذكر الزبير والله أعلم وأخرجه المصنف في الصلح من طريق شعيب عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن الزبير بغير ذكر عبد الله وقد أخرجه المصنف في الباب الذي يليه من طريق معمر عن بن شهاب عن عروة مرسلا وأعاده في التفسير من وجه آخر عن معمر وكذا أخرجه الطبري من طريق عبد الرحمن بن إسحاق حدثنا بن شهاب وأخرجه المصنف بعد باب من رواية بن جريج كذلك بالإرسال لكن أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن بن جريج كرواية شعيب التي ليس فيها عن عبد الله وذكر الدارقطني في العلل أن بن أبي عتيق وعمر بن سعد وفقا شعيبا وابن جريج على قولهما عروة عن الزبير قال وكذلك قال أحمد بن صالح وحرملة عن بن وهب قال وكذلك قال شبيب بن سعيد عن يونس قال وهو المحفوظ قلت وإنما صححه البخاري مع هذا الاختلاف اعتمادا على صحة سماع عروة من أبيه وعلى صحة سماع عبد الله بن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم فكيفما دار فهو على ثقة ثم الحديث ثم الحديث ورد في شيء يتعلق بالزبير فداعية ولده متوفرة على ضبطه وقد وافقه مسلم على تصحيح طريق الليث التي ليس فيها ذكر الزبير وزعم الحميدي في جمعه أن الشيخين أخرجاه من طريق عروة عن أخيه عبد الله عن أبيه وليس كما قال فإنه بهذا السياق في رواية يونس المذكورة ولم يخرجها من أصحاب الكتب الستة إلا النسائي وأشار إليها الترمذي خاصة وقد جاءت هذه القصة من وجه آخر أخرجها الطبري والطبراني من حديث أم سلمة وهي عند الزهري أيضا من مرسل سعيد بن المسيب كما سيأتي بيانه قوله أن رجلا من الأنصار زاد في رواية شعيب قد شهد بدرا وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند الطبري في هذا الحديث أنه من بني أمية بن زيد وهم بطن من الأوس ووقع في رواية يزيد بن خالد عن الليث عن الزهري عند بن المقري في معجمه في هذا الحديث أن اسمه حميد قال أبو موسى المديني في ذيل الصحابة لهذا الحديث طرق لا أعلم في شيء منها ذكر حميد إلا في هذا الطريق اه وليس في البدريين من الأنصار من اسمه حميد وحكى بن بشكوال في مبهماته عن شيخه أبي الحسن بن مغيث أنه ثابت بن قيس بن شماس قال ولم يأت على ذلك بشاهد قلت وليس ثابت بدريا وحكى الواحدي أنه ثعلبة بن حاطب الأنصاري الذي نزل فيه قوله تعالى ومنهم من عاهد الله ولم يذكر مستنده وليس بدريا أيضا نعم ذكر بن إسحاق في البدريين ثعلبة بن حاطب وهو من بني أمية بن زيد وهو عندي غير الذي قبله لأن هذا ذكر بن الكلبي أنه استشهد بأحد وذاك عاش إلى خلافة عثمان وحكى الواحدي أيضا وشيخه الثعلبي والمهدوي أنه حاطب بن أبي بلتعة وتعقب بأن حاطبا وإن كان بدريا لكنه من المهاجرين لكن مستند ذلك ما أخرجه بن أبي حاتم من طريق سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الآية قال نزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء الحديث وإسناده قوي مع إرساله فإن كان سعيد بن المسيب سمعه من الزبير فيكون موصولا وعلى هذا فيؤول قوله من الأنصار على إرادة المعنى الأعم كما وقع ذلك في حق غير واحد كعبد الله بن حذافة وأما قول الكرماني بأن حاطبا كان حليفا للأنصار ففيه نظر وأما قوله من بني أمية بن زيد فلعله كان مسكنه هناك كعمر كما تقدم في العلم وذكر الثعلبي بغير سند أن الزبير وحاطبا لما خرجا مرا بالمقداد قال لمن كان القضاء فقال حاطب قضى لابن عمته ولوى شدقه ففطن له يهودي فقال قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ويتهمونه وفي صحة هذا نظر ويترشح بأن حاطبا كان حليفا لآل الزبير بن العوام من بني أسد وكأنه كان مجاورا للزبير والله أعلم وأما قول الداودي وأبي إسحاق الزجاج وغيرهما أن خصم الزبير كان منافقا فقد وجهه القرطبي بأن قول من قال إنه كان من الأنصار يعني نسبا لا دينا قال وهذا هو الظاهر من حاله ويحتمل أنه لم يكن منافقا ولكن أصدر ذلك منه بادرة النفس كما وقع لغيره ممن صحت توبته وقوى هذا شارح المصابيح التوربشتي ووهى ما عداه وقال لم تجر عادة السلف بوصف المنافقين بصفة النصرة التي هي المدح ولو شاركهم في النسب قال بل هي زلة من الشيطان تمكن به منها عند الغضب وليس ذلك بمستنكر من غير المعصوم في تلك الحالة اه وقد قال الداودي بعد جزمه بأنه كان منافقا وقيل كان بدريا فإن صح فقد وقع ذلك قبل شهودها لانتفاء النفاق عمن شهدها اه وقد عرفت أنه لا ملازمة بين صدور هذه القضية منه وبين النفاق وقال بن التين أن كان بدريا فمعنى قوله لا يؤمنون لا يستكملون الإيمان والله أعلم قوله خاصم الزبير في رواية معمر خاصم الزبير رجلا المخاصمة مفاعلة من الجانبين فكل منهما مخاصم للآخر قوله في شراج الحرة بكسر المعجمة وبالجيم جمع شرج بفتح أوله وسكون الراء مثل بحر وبحار ويجمع على شروج أيضا وحكى بن دريد شرج بفتح الراء وحكى القرطبي شرجة والمراد بها هنا مسيل الماء وإنما أضيفت إلى الحرة لكونها فيها والحرة موضع معروف بالمدينة تقدم ذكرها وهي في خمسة مواضع المشهور منها اثنتان حرة وأقم وحرة ليلى وقال الداودي هو نهر عند الحرة بالمدينة فأغرب وليس بالمدينة نهر قال أبو عبيد كان بالمدينة واديان يسيلان بماء المطر فيتنافس الناس فيه فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعلى فالأعلى قوله التي يسقون بها النخيل في رواية شعيب كانا يسقيان بها كلاهما قوله فقال الأنصاري يعني للزبير سرح فعل أمر من التسريح أي أطلقه وإنما قال له ذلك لأن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري فيحبسه لإكمال سقي أرضه ثم يرسله إلى أرض جاره فالتمس منه الأنصاري تعجيل ذلك فامتنع قوله أسق يا زبير بهمزة وصل من الثلاثي وحكى بن التين أنه يهمزة قطع من الرباعي تقول سقى وأسقى زاد بن جريج في روايته كما سيأتي بعد باب فأمره بالمعروف وهي جملة معترضة من كلام الراوي وقد أوضحه شعيب في روايته حيث قال في آخره وكان قد أشار على الزبير برأي فيه سعة له وللانصاري وضبطه الكرماني فأمره هنا بكسر الميم وتشديد الراء على أنه فعل أمر من الامرار وهو محتمل قوله أن كان بن عمتك بفتح همزة أن وهي للتعليل كأنه قال حكمت له بالتقديم لأجل أنه بن عمتك وكانت أم الزبير صفية بنت عبد المطلب وقال البيضاوي يحذف حرف الجر من أن كثيرا تخفيفا والتقدير لأن كان أو بأن كان ونحوه أن كان ذا مال وبنين أي لا تطعه لأجل ذلك وحكى القرطبي تبعا لعياض أن همزة أن ممدودة قال لأنه استفهام على جهة إنكار قلت ولم يقع لنا في الرواية مد لكن يجوز حذف همزة الاستفهام وحكى الكرماني إن كان بكسر الهمزة على أنها شرطية والجواب محذوف ولا أعرف هذه الرواية نعم وقع في رواية عبد الرحمن بن إسحاق فقال اعدل يا رسول الله وان كان بن عمتك والظاهر أن هذه بالكسر وابن بالنصب على الخبرية ووقع في رواية معمر في الباب الذي يليه أنه بن عمتك قال بن مالك يجوز في أنه بفتح الهمزة وكسرها لأنها وقعت بعد كلام تام معلل بمضمون ما صدر بها فإذا كسرت قدر ما قبلها بالفاء وإذا فتحت قدر ما قبلها اللام وبعضهم يقدر بعد الكلام المصدر بالمكسورة مثل ما قبلها مقرونا بالفاء فيقول في قوله مثلا اضربه انه مسيء اضربه انه مسيء فاضربه ومن شواهده ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ولم يقرأ هنا إلا بالكسر وإن جاز الفتح في العربية وقد ثبت الوجهان في قوله تعالى إنا كنا من قبل ندعوه أنه هو البر الرحيم قرأ نافع والكسائي أنه بالفتح والباقون بالكسر قوله فتلون أي تغير وهو كناية عن الغضب زاد عبد الرحمن بن إسحاق في روايته حتى عرفنا أن قد ساءه ما قال قوله حتى يرجع إلى الجدر أي يصير إليه والجدر بفتح الجيم وسكون الدال المهملة هو المسناة وهو ما وضع بين شربات النخل كالجدار وقيل المراد الحواجز التي تحبس الماء وجزم به السهيلي ويروي الجدر بضم الدال حكاه أبو موسى وهو جمع جدار وقال بن التين ضبط في أكثر الروايات بفتح الدال وفي بعضها بالسكون وهو الذي في اللغة وهو أصل الحائط وقال القرطبي لم يقع في الرواية إلا بالسكون والمعنى أن يصل الماء إلى أصول النخل قال ويروي بكسر الجيم وهو الجدار والمراد به جدران الشربات التي في أصول النخل فإنها ترفع حتى تصير تشبه الجدار والشربات بمعجمة وفتحات هي الحفر التي تحفر في أصول النخل وحكى الخطابي الجذر بسكون الذال المعجمة وهو جذر الحساب والمعنى حتى يبلغ تمام الشرب قال الكرماني المراد بقوله أمسك أي أمسك نفسك عن السقي ولوكان المراد أمسك الماء لقال بعد ذلك أرسل الماء إلى جارك قلت قد قالها في هذا الباب كما سيأتي في رواية معمر في التفسير حيث قال ثم أرسل الماء إلى جارك وصرح في رواية شعيب أيضا بقوله أحبس الماء والحاصل أن أمره بإرسال الماء كان قبل اعتراض الأنصاري وأمره بحبسه كان بعد ذلك قوله فقال الزبير والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم زاد في رواية شعيب إلى قوله تسليما ووقع في رواية بن جريج الآتية فقال الزبير والله إن هذه الآية أنزلت في ذلك وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق ونزلت فلا وربك الآية والراجح رواية الأكثر وأن الزبير كان يجزم بذلك لكن وقع في رواية أم سلمة عند الطبري والطبراني الجزم بذلك وأنها نزلت في قصة الزبير وخصمه وكذا في مرسل سعيد بن المسيب الذي تقدمت الإشارة إليه وجزم مجاهد والشعبي بأن الآية إنما نزلت فيمن نزلت فيه الآية التي قبلها وهي قوله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآية فروى إسحاق بن راهويه في تفسيره بإسناد صحيح عن الشعبي قال كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه على علم أنه لا يقبل الرشوة ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم لأنه علم أنهم يأخذونها فانزل الله هذه الآيات إلى قوله ويسلموا تسليما وأخرجه بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد نحوه وروى الطبري بإسناد صحيح عن بن عباس أن حاكم اليهود يومئذ كان أبا برزة الأسلي قبل أن يسلم ويصحب وروى بإسناد لآخر صحيح إلى مجاهد أنه كعب بن الأشرف وقد روى الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن بن عباس قال نزلت هذه الآية في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة فقال اليهودي انطلق بنا إلى محمد وقال المنافق بل نأتي كعب بن الأشرف فذكر القصة وفيه أن عمر قتل المنافق وأن ذلك سبب نزول هذه الآيات وتسمية عمر الفاروق وهذا الإسناد وأن كان ضعيفا لكن تقوى بطريق مجاهد ولا يضره الاختلاف لإمكان التعدد وأفاد الواحدي بإسناد صحيح عن سعيد عن قتادة أن اسم الأنصاري المذكور قيس ورجح الطبري في تفسيره وعزاه إلى أهل التأويل في تهذيبه أن سبب نزولها هذه القصة ليتسق نظام الآيات كلها في سبب واحد قال ولم يعرض بينها ما يقتضي خلاف ذلك ثم قال ولا مانع أن تكون قصة الزبير وخصمه وقعت في أثناء ذلك فيتناولها عموم الآية والله أعلم قوله قال محمد بن العباس قال أبو عبد الله ليس أحد يذكر عروة عن عبد الله إلا الليث فقط هكذا وقع في رواية أبي ذر عن الحموي وحده عن الفربري وهو القائل قال محمد بن العباس ومحمد بن العباس هو السلمي الأصبهاني وهو من أقران البخاري وتأخر بعده مات سنة ست وستين وأبو عبد الله هو البخاري المصنف وهو مصرح بتفرد الليث بذكر عبد الله بن الزبير في إسناده فإن أراد مطلقا ورد عليه ما أخرجه النسائي وغيره من طريق بن وهب عن الليث ويونس جميعا عن الزهري وأن أراد بقيد أنه لم يقل فيه عن أبيه بل جعله من مسند عبد الله بن الزبير فمسلم فإن رواية بن وهب فيها عن عبد الله عن أبيه كما تقدم بيانه في أول الباب وقد نقل الترمذي عن البخاري أن بن وهب روى عن الليث ويونس نحو رواية قتيبة عن الليث

قوله باب شرب الأعلى قبل الأسفل في رواية الحموي والكشميهني قبل السفلى والأول أولى وكأنه يشير إلى ما وقع في مرسل سعيد بن المسيب في هذه القصة فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل قال العلماء الشرب من نهر أو مسيل غير مملوك يقدم الأعلى فالأعلى ولا حق للأسفل حتى يستغني الأعلى وحده أن يغطى الماء الأرض حتى لا تشربه ويرجع إلى الجدار ثم يطلقه

[ 2232 ] قوله ثم أرسل كذا للأكثر وللكشميهني ثم أرسل الماء قوله أسق يا زبير حتى يبلغ في رواية كريمة والأصيلي أسق يا زبير ثم يبلغ الماء الجدر وسقط من رواية أبي ذر ذكر الماء زاد في التفسير من وجه آخر عن معمر ثم أرسل الماء إلى جارك واستوعى للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري وفي رواية شعيب في الصلح فاستوعى للزبير حينئذ حقه وكان قبل ذلك أشار على الزبير برأي فيه سعة له وللانصاري فقوله استوعى أي استوفى وهو من الوعي كأنه جمعه له في وعائه وقوله أحفظه بالمهملة والظاء المشالة أي أغضبه قال الخطابي هذه الزيادة يشبه أن تكون من كلام الزهري وكانت عادته أن يصل بالحديث من كلامه ما يظهر له من معنى الشرح والبيان قلت لكن الأصل في الحديث أن يكون حكمة كله واحدا حتى يرد ما يبين ذلك ولا يثبت الادراج بالاحتمال قال الخطابي وغيره وإنما حكم صلى الله عليه وسلم على الأنصاري في حال غضبه مع نهيه أن يحكم الحاكم وهو غضبان لأن النهي معلل بما يخاف على الحاكم من الخطأ والغلط والنبي صلى الله عليه وسلم مأمون لعصمته من ذلك حال السخط

قوله باب شرب الأعلى إلى الكعبين يشير إلى ما حكاه الزهري من تقدير ذلك كما سيأتي في آخر الباب قوله حدثنا محمد زاد في رواية أبي الوقت هو بن سلام

[ 2233 ] قوله فأمره بالمعروف كذا ضبطناه في جميع الروايات على أنه فعل ماض من الأمر وهي جملة معترضة من كلام الراوي وحكى الكرماني أنه بلفظ فعل الأمر من الامرار وقد تقدم ما فيه وقد قال الخطابي معناه أمره بالعادة المعروفة التي جرت بينهم في مقدار الشرب اه ويحتمل أن يكون المراد أمره بالقصد والأمر الوسط مراعاة للجوار ويدل عليه رواية شعيب المذكورة ومثلها لمعمر في التفسير وهو ظاهر في أنه أمره أولا أن يسامح ببعض حقه على سبيل الصلح وبهذا ترجم البخاري في الصلح إذا أشار الإمام بالمصلحة فلما لم يرض الأنصاري بذلك استقصى الحكم وحكم به وحكى الخطابي أن فيه دليلا على جواز فسخ الحاكم حكمة قال لأنه كان له في الأصل أن يحكم بأي الامرين شاء فقدم الأسهل إيثارا لحسن الجوار فلما جهل الخصم موضع حقه رجع عن حكمة الأول وحكم بالثاني ليكون ذلك أبلغ في زجره وتعقب بأنه لم يثبت الحكم أولا كما تقدم بيانه قال وقيل بل الحكم كان ما أمر به أولا فلما لم يقبل الخصم ذلك عاقبه بما حكم عليه به ثانيا على ما بدر منه وكان ذلك لما كانت العقوبة بالأموال اه وقد وافق بن الصباغ من الشافعية على هذا الأخير وفيه نظر وسياق طرق الحديث يأبى ذلك كما ترى لا سيما قوله واستوعى للزبير حقه في صريح الحكم وهي رواية شعيب في الصلح ومعمر في التفسير فمجموع الطرق دال على أنه أمر الزبير أولا أن يترك بعض حقه وثانيا أن يستوفي جميع حقه قوله فقال لي بن شهاب القائل هو بن جريج راوي الحديث قوله فقدرت الأنصار والناس هو من عطف العام على الخاص قوله وكان ذلك إلى الكعبين يعني أنهم لما رأوا أن الجدر يختلف بالطول والقصر قاسوا ما وقعت فيه القصة فوجدوه يبلغ الكعبين فجعلوا ذلك معيارا لاستحقاق الأول فالأول والمراد بالأول هنا من يكون مبدأ الماء من ناحيته وقال بعض المتأخرين من الشافعية المراد به من لم يتقدمه أحد في الغراس بطريق الأحياء والذي يليه من أحيا بعده وهلم جرا قال وظاهر الخبر أن الأول من يكون أقرب إلى مجرى الماء وليس هو المراد وقال بن التين الجمهور على أن الحكم أن يمسك إلى الكعبين وخصه بن كنانة بالنخل والشجر قال وأما الزروع فإلى الشراك وقال الطبري الأراضي مختلفة فيمسك لكل أرض ما يكفيها لأن الذي في قصة الزبير واقعة عين واختلف أصحاب مالك هل يرسل الأول بعد استيفائه جميع الماء أو يرسل منه ما زاد على الكعبين والأول أظهر ومحله إذا لم يبق له به حاجة والله أعلم وقد وقع في مرسل عبد الله بن أبي بكر في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مسيل مهزور ومذينب أن يمسك حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل ومهزور بفتح أوله وسكون الهاء وضم الزاي وسكون الواو بعدها راء ومذينب بذال معجمة ونون بالتصغير واديان معروفان بالمدينة وله إسناد موصول في غرائب مالك للدارقطني من حديث عائشة وصححه الحاكم وأخرجه أبو داود وابن ماجة والطبري من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناد كل منهما حسن وأخرج عبد الرزاق هذا الحديث المرسل بإسناد آخر موصول ثم روى عن معمر عن الزهري قال نظرنا في قوله أحبس الماء حتى يبلغ الجدر فكان ذلك إلى الكعبين اه وقد روى البيهقي من رواية بن المبارك عن معمر قال سمعت غير الزهري يقول نظروا في قوله حتى يرجع إلى الجدر فكان ذلك إلى الكعبين وكأن معمرا سمع ذلك من بن جريج فأرسله في رواية عبد الرزاق وقد بين بن جريج أنه سمعه من الزهري ووقع في زاوية عبد الرحمن بن إسحاق أحبس الماء إلى الجدر أو إلى الكعبين وهو شك منه والصواب ما رواه بن جريج وذكر الشاشي من الشافعية أن معنى قوله إلى الجدر أي إلى الكعبين وكأنه أشار إلى هذا التقدير وإلا فليس الجدر مرادفا للكعب قوله الجدر هو الأصل كذا هنا في رواية المستملي وحده وفي هذا الحديث غير ما تقدم أن من سبق إلى شيء من مياه الأودية والسيول التي لا تملك فهو أحق به لكن ليس له إذا استغنى أن يحبس الماء عن الذي يليه وفيه أن للحاكم أن يشير بالصلح بين الخصمين ويأمر به ويرشد إليه ولا يلزمه به الا إذا رضي وأن الحاكم يستوفي لصاحب الحق حقه إذا لم يتراضيا وأن يحكم بالحق لمن توجه له ولو لم يسأله صاحب الحق وفيه الاكتفاء من المخاصم بما يفهم عنه مقصوده من غير مبالغة في التنصيص على الدعوى ولا تحديد المدعى ولا حصره بجميع صفاته وفيه توبيخ من جفى على الحاكم ومعاقبته ويمكن أن يستدل به على أن للأمام أن يعفو عن التعزير المتعلق به لكن محل ذلك ما لم يؤد إلى هتك حرمة الشرع وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم صاحب القصة لما كان عليه من تأليف الناس كما قال في حق كثير من المنافقين لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه قال القرطبي فلو صدر مثل هذا من أحد في حق النبي صلى الله عليه وسلم أو في حق شريعته لقتل قتلة زنديق ونقل النووي نحوه عن العلماء والله أعلم

قوله باب فضل سقي الماء أي لكل من احتاج إلى ذلك

[ 2234 ] قوله عن سمي بالمهملة مصغرا زاد في المظالم مولى أبي بكر أي بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قوله عن أبي صالح زاد في المظالم السمان والإسناد منيون الا شيخ البخاري قوله بينا رجل لم أقف على اسمه قوله يمشي قال في المظالم بينما رجل بطريق وللدارقطني في الموطآت من طريق روح عن مالك يمشي بفلاة وله من طرق بن وهب عن مالك يمشي بطريق مكة قوله فاشتد عليه وقعت الفاء هنا موضع إذا كما وقعت إذا موضعها في قوله تعالى إذا هم يقنطون وسقطت هذه الفاء من رواية مسلم وكذا من الرواية الآتية في المظالم للأكثر قوله فاشتد عليه العطش كذا للأكثر وكذا هو في الموطأ ووقع في رواية المستملي العطاش قال بن التين العطاش داء يصيب الغنم تشرب فلا تروي وهو غير مناسب هنا قال وقيل يصح على تقدير أن العطش يحدث منه هذا الداء كالزكام قلت وسياق الحديث يأباه وظاهره أن الرجل سقى الكلب حتى روي ولذلك جوزي بالمغفرة قوله يلهث بفتح الهاء اللهث بفتح الهاء هو ارتفاع النفس من الاعياء وقال بن التين لهث الكلب أخرج لسانه من العطش وكذلك الطائر ولهث الرجل إذا أعيا ويقال إذا بحث بيديه ورجليه قوله يأكل الثرى أي يكدم بفمه الأرض الندية وهي أما صفة وأما حال وليس بمفعول ثان لرأي قوله بلغ هذا مثل بالفتح أي بلغ مبلغا مثل الذي بلغ بن وضبطه الدمياطي بخطه بضم مثل ولا يخفى توجيهه وزاد بن حبان من وجه آخر عن أبي صالح فرحمه قوله فملأ خفه في رواية بن حبان فنزع أحد خفيه قوله ثم أمسكه أي أحد خفيه الذي فيه الماء وإنما أحتاج إلى ذلك لأنه كان يعالج بيديه ليصعد من البئر وهو يشعر بأن الصعود منها كان عسرا قوله ثم رقي بفتح الراء وكسر القاف كصعد وزنا ومعنى وذكره بن التين بفتح القاف بوزن مضى وأنكره وقال عياض في المشارق هي لغة طي يفتحون العين فيما كان من الأفعال معتل اللام والأول أفصح وأشهر قوله فسقى الكلب زاد عبد الله بن دينار عن أبي صالح حتى أرواه أي جعله ريانا وقد مضى في الطهارة قوله فشكر الله له أي أثنى عليه أو قبل عمله أو جازاه بفعله وعلى الأخير فالفاء في قوله فغفر له تفسيرية أو من عطف الخاص على العام وقال القرطبي معنى قوله فشكر الله له أي أظهر ما جازاه به عند ملائكته ووقع في رواية عبد الله بن دينار بدل فغفر له فأدخله الجنة وكذا في رواية بن حبان قوله قالوا سمي من هؤلاء السائلين سراقة بن مالك بن جعشم رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان قوله وأن لنا هو معطوف على شيء محذوف تقديره الأمر كما ذكرت وأن لنا في البهائم أي في سقي البهائم أو الإحسان إلى البهائم أجرا قوله في كل كبد رطبة أجر أي كل كبد حية والمراد رطوبة الحياة أو لأن الرطوبة لازمة للحياة فهو كناية ومعنى الظرفية هنا أن يقدر محذوف أي الأجر ثابت في ارواء كل كبد حية والكبد يذكر ويؤنث ويحتمل أن تكون في سببية كقولك في النفس الدية قال الداودي المعنى في كل كبد حي أجر وهو عام في جميع الحيوان وقال أبو عبد الملك هذا الحديث كان في بني إسرائيل وأما الإسلام فقد أمر بقتل الكلاب وأما قوله في كل كبد فمخصوص ببعض البهائم مما لا ضرر فيه لأن المأمور بقتله كالخنزير لا يجوز أن يقوي ليزداد ضرره وكذا قال النووي أن عمومه مخصوص بالحيوان المحترم وهو ما لم يؤمر بقتله فيحصل الثواب بسقيه ويلتحق به إطعامه وغير ذلك من وجوه الإحسان إليه وقال بن التين لا يمتنع اجراؤه على عمومه يعني فيسقى ثم يقتل لأنا أمرنا بأن نحسن القتلة ونهينا عن المثلة واستدل به على طهارة سؤر الكلب وقد تقدم البحث في ذلك في كتاب الطهارة ومما قيل في الرد على من استدل به أنه فعل بعض الناس ولا يدري هل هو كان ممن يقتدى به أم لا والجواب أنا لم نحتج بمجرد الفعل المذكور بل إذا فرعنا على أن شرع من قبلنا شرع لنا فأنا لا نأخذ بكل ما ورد عنهم بل إذا ساقه إمام شرعنا مساق المدح أن علم ولم يقيده صح الاستدلال به وفي الحديث جواز السفر منفردا وبغير زاد ومحل ذلك في شرعنا ما إذا لم يخف على نفسه الهلاك وفيه الحث على الإحسان إلى الناس لأنه إذا حصلت المغفرة بسبب سقي الكلب فسقي المسلم أعظم أجرا واستدل به على جواز صدقة التطوع للمشركين وينبغي أن يكون محله ما إذا لم يوجد هناك مسلم فالمسلم أحق وكذا إذا دار الأمر بين البهيمة والآدمي المحترم واستويا في الحاجة فالآدمي أحق والله أعلم ثم ذكر المصنف في الباب حديثي أسماء بنت أبي بكر وابن عمر في قصة المرأة التي ربطت الهرة حتى ماتت فدخلت النار وسيأتي الكلام عليه في بدء الخلق وتقدم حديث أسماء بأتم من هذا في أوائل صفة الصلاة وأما حديث بن عمر فذكر الدارقطني أن معن بن عيسى تفرد بذكره في الموطأ قال ورواه في غير الموطأ بن وهب والقعنبي وابن أبي أويس ومطرف ثم ساقه من طرقهم وأخرجه الإسماعيلي من طريق معن وابن وهب وأخرجه أبو نعيم من طريق القعنبي ومناسبة حديث الهرة للترجمة من جهة أن المرأة عوقبت على كونها لم تسقها فمقتضاه أنها لو سقتها لم تعذب قال بن المنير دل الحديث على تحريم قتل من لم يؤمر بقتله عطشا ولو كان هرة وليس فيه ثواب السقي ولكن كفى بالسلامة فضلا

قوله باب من رأى أن صاحب الحوض أو القربة أحق بمائه ذكر فيه أربعة أحاديث أحدها حديث سهل بن سعد وقد تقدم الكلام عليه قبل ثمانية أبواب ومناسبته للترجمة ظاهرة إلحاقا للحوض والقربة بالقدح فكان صاحب القدح أحق بالتصرف فيه شربا وسقيا وقد خفي هذا على المهلب فقال ليس في الحديث إلا أن الأيمن أحق من غيره بالقدح وأجاب بن المنير بأن مراد البخاري أنه إذا استحق الأيمن ما في القدح بمجرد جلوسه واختص به فكيف لا يختص به صاحب اليد والمتسبب في تحصيله ثانيها حديث أبي هريرة في ذكر حوض النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليه في ذكر الحوض النبوي من كتاب الرقاق وقوله

[ 2238 ] لأذودن بمعجمة ثم مهملة أي لأطردن ومناسبته للترجمة من ذكره صلى الله عليه وسلم أن صاحب الحوض يطرد إبل غيره عن حوضه ولم ينكر ذلك فيدل على الجواز وقد خفي على المهلب أيضا فقال إن المناسبة من جهة إضافة الحوض إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان أحق به وتعقبه بن المنير بأن أحكام التكاليف لا تنزل على وقائع الآخرة وإنما استدل بقوله كما تذاد الغريبة من الإبل فما جاز لصاحب الحوض طرد إبل غيره عن حوضه إلا وهو أحق بحوضه ثالثها حديث بن عباس في قصة هاجر وزمزم أورده مختصرا جدا وسيأتي مطولا في أحاديث الأنبياء ومناسبته للترجمة من جهة قولها للذين نزلوا عليها ولا حق لكم في الماء قالوا نعم وقرر النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك قال الخطابي فيه أن من أنبط ماء في فلاة من الأرض ملكه ولا يشاركه فيه غيره إلا برضاه إلا أنه لا يمنع فضله إذا استغنى عنه وإنما شرطت هاجر عليهم أن لا يتملكوه رابعها حديث أبي هريرة وقد تقدم من وجه آخر قبل أربعة أبواب وفيه ورجل له فضل ماء بالطريق فمنعه من بن السبيل وقال في هذه الطريق ورجل منع فضل مائة فيقول الله اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ومناسبته للترجمة من جهة أن المعاقبة وقعت على منعه الفضل فدل على أنه أحق بالأصل ويؤخذ أيضا من قوله ما لم تعمل يداك فإن مفهومه أنه لو عالجه لكان أحق به من غيره وحكى بن التين عن أبي عبد الملك أنه قال هذا يخفى معناه ولعله يريد أن البئر ليست من حفره وإنما هو في منعه غاصب ظالم وهذا لا يرد فيما حازه وعمله قال ويحتمل أن يكون هو حفرها ومنعها من صاحب الشفة أي العطشان ويكون معنى ما لم تعمل يداك أي لم تنبع الماء ولا أخرجته قال وهذا أي الأخير ليس من الباب في شيء والله أعلم

[ 2240 ] قوله قال علي حدثنا سفيان غير مرة الخ يشير إلى أن سفيان كان يرسل هذا الحديث كثيرا ولكنه صحح الموصول لكون الذي وصله من الحفاظ وقد تابعه سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وعبد الرحمن بن يونس ومحمد بن أبي الوزير ومحمد بن يونس فوصلوه قاله الإسماعيلي قال وأرسله غيرهم قلت وقد وصله أيضا عمرو الناقد أخرجه مسلم عنه وصفوان بن صالح أخرجه بن حبان من طريقه ويأتي الكلام على ما وقع من الاختلاف في سياق المتن في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى

قوله باب لا حمى إلا لله ولرسوله ترجم بلفظ الحديث من غير مزيد قال الشافعي يحتمل معنى الحديث شيئين أحدهما ليس لأحد أن يحمي للمسلمين إلا ما حماه النبي صلى الله عليه وسلم والآخر معناه إلا على مثل ما حماه عليه النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الأول ليس لأحد من الولاة بعده أن يحمي وعلى الثاني يختص الحمى بمن قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الخليفة خاصة وأخذ أصحاب الشافعي من هذا أن له في المسألتين قولين والراجح عندهم الثاني والأول أقرب إلى ظاهر اللفظ لكن رجحوا الأول بما سيأتي أن عمر حمى بعد النبي صلى الله عليه وسلم والمراد بالحمى منع الرعي في أرض مخصوصة من المباحات فيجعلها الإمام مخصوصة برعي بهائم الصدقة مثلا

[ 2241 ] قوله عن يونس هو بن يزيد الأيلي ورواية الليث عنه من الأقران لأنه قد سمع من شيخه بن شهاب وفي الإسناد تابعيان وصحابيان قوله لا حمى أصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلا مخصبا استعوى كلبا على مكان عال فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره ويرعى هو مع غيره فيما سواه والحمى هو المكان المحمي وهو خلاف المباح ومعناه أن يمنع من الإحياء من ذلك الموات ليتوفر فيه الكلأ فترعاه مواش مخصوصة ويمنع غيرها والارجح عند الشافعية أن الحمى يختص بالخليفة ومنهم من ألحق به ولاة الأقاليم ومحل الجواز مطلقا أن لا يضر بكافة المسلمين واستدل به الطحاوي لمذهبه في اشتراط إذن الإمام في إحياء الموات وتعقب بالفرق بينهما فإن الحمى أخص من الإحياء والله أعلم قال الجوري من الشافعية ليس بين الحديثين معارضة فالحمى المنهي ما يحمى من الموات الكثير العشب لنفسه خاصة كفعل الجاهلية والإحياء المباح ما لا منفعة للمسلمين فيه شاملة فافترقا وإنما تعد أرض الحمى مواتا لكونها لم يتقدم فيها ملك لأحد لكنها تشبه العامر لما فيها من المنفعة العامة قوله وقال بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع كذا لجميع الرواة إلا لأبي ذر والقائل هو بن شهاب وهو موصول بالإسناد المذكور إليه وهو مرسل أو معضل وهكذا أخرجه أبو داود من طريق بن وهب عن يونس عن بن شهاب فذكر الموصول والمرسل جميعا ووقع عند أبي ذر وقال أبو عبد الله بلغنا الخ فظن بعض الشراح أنه من كلام البخاري المصنف وليس كذلك فقد أخرجه الإسماعيلي من طريق أحمد بن إبراهيم بن ملحان عن يحيى بن بكير شيخ البخاري فيه فذكر الموصول والمرسل جميعا على الصواب كما أخرجه أبو داود ووقع لأبي نعيم في مستخرجه تخبيط فإنه أخرجه من الوجه الذي أخرجه منه الإسماعيلي فاقتصر في الإسناد الموصول على المتن المرسل وهو قوله حمى النقيع وليس هذا من حديث بن عباس عن الصعب وإنما هو بلاغ للزهري كما تقدم وقد أخرجه سعيد بن منصور من رواية عبد الرحمن بن الحارث عن الزهري جامعا بين الحديثين وأخرجه البيهقي من طريق سعيد ونقل عن البخاري أنه وهم قال البيهقي لأن قوله حمى النقيع من قول الزهري يعني من بلاغه ثم روى من حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين ترعى فيه وفي إسناده العمري وهو ضعيف وكذا أخرجه أحمد من طريقه قوله النقيع بالنون المفتوحة وحكى الخطابي أن بعضهم صحفه فقال بالموحدة وهو على عشرين فرسخا من المدينة وقدره ميل في ثمانية أميال ذكر ذلك بن وهب في موطئه وأصل النقيع كل موضع يستنقع فيه الماء وفي الحديث ذكر النقيع الخضمات وهو الموضع الذي جمع فيه أسعد بن زرارة بالمدينة والمشهور أنه غير النقيع الذي فيه الحمى وحكى بن الجوزي أن بعضهم قال إنهما واحد قال والأول أصح قوله وأن عمر حمى الشرف والربذة هو معطوف على الأول وهو من بلاغ الزهري أيضا وقد ثبت وقوع الحمى من عمر كما سيأتي في أواخر الجهاد من طريق أسلم أن عمر استعمل مولى له على الحمى الحديث والشرف بفتح المعجمة والراء بعدها فاء في المشهور وذكر عياض أنه عند البخاري بفتح المهملة وكسر الراء قال وفي موطأ بن وهب بفتح المعجمة والراء قال وكذا رواه بعض رواة البخاري أو أصله وهو الصواب وأما سرف فهو موضع بقرب مكة ولا تدخله الألف واللام والربذة بفتح الراء والموحدة بعدها ذال معجمة موضع معروف بين مكة والمدينة تقدم ضبطه وقد روى بن أبي شيبة بإسناد صحيح عن نافع عن بن عمر أن عمر حمى الربذة لنعم الصدقة

قوله باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار أراد بهذه الترجمة أن الأنهار الكائنة في الطرق لا يختص بالشرب منها أحد دون أحد ثم أورد فيه حديثين أحدهما عن أبي هريرة في ذكر الخيل وسيأتي الكلام عليه مفصلا في الجهاد والمقصود منه

[ 2242 ] قوله فيه ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقى فإنه يشعر بأن من شأن البهائم طلب الماء ولم يرد ذلك صاحبها فإذا أجر على ذلك من غير قصد فيؤجر بقصده من باب الأولى فثبت المقصود من الإباحة المطلقة ثانيهما حديث زيد بن خالد في اللقطة وسيأتي فيها مشروحا والمقصود قوله فيه معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر

قوله باب بيع الحطب والكلاء بفتح الكاف واللام بعده همزة بغير مد وهو العشب رطبه ويابسه وموقع هذه الترجمة من كتاب الشرب اشتراك الماء والحطب والمرعى في جواز انتفاع الناس بالمباحات منها من غير تخصيص قال بن بطال إباحة الاحتطاب في المباحث والاختلاف من نبات الأرض متفق عليه حتى يقع ذلك في أرض مملوكة فترتفع الإباحة ووجهه أنه إذا ملك بالاحتطاب والاحتشاش فلأن يملك بالإحياء له أولى ثم أورد فيه المصنف ثلاثة أحاديث أولها وثانيها حديث الزبير بن العوام وأبي هريرة بمعناه في الترغيب في الاكتساب بالاحتطاب وقد تقدم الكلام عليهما في كتاب الزكاة ثالثها حديث علي في قصة شارفيه مع حمزة بن عبد المطلب والشاهد منه

[ 2246 ] قوله وأنا أريد أن أحمل عليهما اذخرا لأبيعه فإنه دال على ما ترجم به من جواز الاحتطاب والاحتشاش وسيأتي الكلام على شرحه مستوفى في آخر كتاب الجهاد في فرض الخمس إن شاء الله تعالى

قوله باب القطائع جمع قطيعة تقول قطعته أرضا جعلتها له قطيعة والمراد به ما يخص به الإمام بعض الرعية من الأرض الموات فيختص به ويصير أولى باحيائه ممن لم يسبق إلى احيائه واختصاص الاقطاع بالموات متفق عليه في كلام الشافعية وحكى عياض أن الاقطاع تسويغ الإمام من مال الله شيئا لمن يراه أهلا لذلك قال وأكثر ما يستعمل في الأرض وهو أن يخرج منها لمن يراه ما يحوزه إما بأن يملكه إياه فيعمره وإما بأن يجعل له غلته مدة انتهى قال السبكي والثاني هو الذي يسمى في زماننا هذا إقطاعا ولم أر أحدا من أصحابنا ذكره وتخريجه على طريق فقهي مشكل قال والذي يظهر أنه يحصل للمقطع بذلك اختصاص كاختصاص المتحجر لكنه لا يملك الرقبة بذلك انتهى وبهذا جزم المحب الطبري وادعى الأذرعي نفي الخلاف في جواز تخصيص الإمام بعض الجند بغلة أرض إذا كان مستحقا لذلك والله أعلم

[ 2247 ] قوله عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري ووقع للبيهقي من وجه آخر عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه التصريح بالتحديث لحماد من يحيى قوله أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع من البحرين يعني للأنصار وفي رواية البيهقي دعا الأنصار ليقطع لهم البحرين وللإسماعيلي ليقطع له البحرين أو طائفة منها وكأن الشك فيه من حماد فسيأتي للمصنف في الجزية من طريق زهير عن يحيى بلفظ دعا الأنصار ليكتب لهم البحرين ولهم في مناقب الأنصار من رواية سفيان عن يحيى إلى أن يقطع لهم البحرين وظاهره أنه أراد أن يجعلها لهم اقطاعا واختلف في المراد بذلك فقال الخطابي يحتمل أنه أراد الموات منها ليتملكوه بالإحياء ويحتمل أن يكون أراد العامر منها لكن في حقه من الخمس لأنه كان ترك أرضها فلم يقسمها وتعقب بأنها فتحت صلحا كما سيأتي في كتاب الجزية فيحتمل أن يكون المراد أنه أراد أن يخصهم بتناول جزيتها وبه جزم إسماعيل القاضي وابن قرقول ووجهه بن بطال بأن أرض الصلح لا تقسم فلا تملك وقال بن التين إنما يسمى اقطاعا إذا كان من أرض أو عقار وإنما يقطع من الفيء ولا يقطع من حق مسلم ولا معاهد قال وقد يكون الاقطاع تمليكا وغير تمليك وعلى الثاني يحمل إقطاعه صلى الله عليه وسلم الدور بالمدينة كأنه يشير إلى ما أخرجه الشافعي مرسلا ووصله الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أقطع الدور يعني أنزل المهاجرين في دور الأنصار برضاهم انتهى وسيأتي في أواخر الخمس حديث أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضا من أموال بني النضير يعني بعد أن أجلاهم والظاهر أنه ملكه إياها وأطلق عليها اقطاعا على سبيل المجاز والله أعلم والذي يظهر لي أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يخص الأنصار بما يحصل من البحرين أما الناجز يوم عرض ذلك عليهم فهو الجزية لأنهم كانوا صالحوا عليها وأما بعد ذلك إذا وقعت الفتوح فخراج الأرض أيضا وقد وقع منه صلى الله عليه وسلم ذلك في عدة أرض بعد فتحها وقبل فتحها منها اقطاعه تميما الداري بيت إبراهيم فلما فتحت في عهد عمر نجز ذلك لتميم واستمر في أيدي ذريته من ابنته رقية وبيدهم كتاب من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقصته مشهورة ذكرها بن سعد وأبو عبيدة في كتاب الأموال وغيرهما قوله مثل الذي تقطع لنا زاد في رواية البيهقي فلم يكن ذلك عنده يعني بسبب قلة الفتوح يومئذ كما في رواية الليث التي في الباب الذي يلي هذا وأغرب بن بطال فقال معناه أنه لم يرد فعل ذلك لأنه كان أقطع المهاجرين أرض بني النضير قوله سترون بعدي أثرة بفتح الهمزة والمثلثة على المشهور وأشار صلى الله عليه وسلم بذلك إلى ما وقع من استئثار الملوك من قريش عن الأنصار بالأموال والتفضيل في العطاء وغير ذلك فهو من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليه مستوفى في مناقب الأنصار إن شاء الله تعالى

قوله باب كتابة القطائع أي لتكون توثقة بيد المقطع دفعا للنزاع عنه

[ 2248 ] قوله وقال الليث لم أره موصولا من طريقه قال الإسماعيلي وغيره أورده عن الليث غير موصول زاد أبو نعيم وكأنه أخذه عن عبد الله بن صالح كاتب الليث عنه واعترض على المصنف بأن رواية الليث لا ذكر للكتابة فيها وأجيب بأنها مذكورة في الشق الثاني وبأنه جرى على عادته في الإشارة إلى ما يرد في بعض الطرق وقد تقدم أنه عنده في الجزية من رواية زهير وهو عند أحمد عن أبي معاوية عن يحيى بن سعيد والله أعلم وفي الحديث فضيلة ظاهرة للأنصار لتوقفهم عن الاستئثار بشيء من الدنيا دون المهاجرين وقد وصفهم الله تعالى بأنهم كانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فحصلوا في الفضل على ثلاث مراتب إيثارهم على أنفسهم ومواساتهم لغيرهم والاستئثار عليهم وسيأتي الكلام على ما يتعلق بالبحرين في كتاب الجزية إن شاء الله تعالى

قوله باب حلب الإبل على الماء أي عند الماء والحلب بفتح اللام الاسم والمصدر سواء قاله بن فارس تقول حلبتها أحلبها حلبا بفتح اللام

[ 2249 ] قوله أن تحلب بضم أوله على البناء للمجهول وهو بالحاء المهملة في جميع الروايات وأشار الداودي إلى أنه روى بالجيم وقال أراد أنها تساق إلى موضع سقيها وتعقب بأنه لو كان كذلك لقال أن تجلب إلى الماء لا على الماء وإنما المراد حلبها هناك لنفع من يحضر من المساكين ولان ذلك ينفع الإبل أيضا وهو نحو النهي عن الجداد بالليل أراد أن تجد نهارا لتحضر المساكين قوله على الماء زاد أبو نعيم في المستخرج والبرقاني في المصافحة من طريق المعافى بن سليمان عن فليح يوم ورودها وساق البرقاني بهذا الإسناد ثلاثة أحاديث أخر في نسق وقد تقدم معنى حديث الباب في الزكاة من طريق الأعرج عن أبي هريرة مطولا وفيه ومن حقها أن تحلب على الماء وتقدم شرحه هناك

قوله باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو نخل هو من اللف والنشر أي له حق المرور في الحائط أو نصيب في النخل قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم من باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع تقدم موصولا في باب من باع نخلا قد أبرت من طريق مالك عن نافع عن بن عمر ووصله بمعناه في هذا الباب قوله وللبائع الممر والسقي حتى يرفع أي ثمرته وكذلك رب العرية وهذا كله من كلام المصنف استنبطه من الأحاديث المذكورة في الباب وتوهم بعض الشراح أنه بقية الحديث المرفوع فوهم في ذلك وهما فاحشا وقال بن المنير وجه دخول هذه الترجمة في الفقه التنبيه على إمكان اجتماع الحقوق في العين الواحدة هذا له الملك وهذا له الانتفاع وهو مأخوذ من استحقاق البائع الثمرة دون الأصل فيكون له حق الاستطراق لاقتطافها في أرض مملوكة لغيره وكذلك صاحب العرية قال وعندنا خلاف فيمن يسقي العرية هل هو على الواهب أو الموهوبة له وكذلك سقي الثمرة المستثناة في البيع قيل على البائع وقيل على المشتري فلا تغتر بنقل بن بطال الإجماع في ذلك ثم أورد المصنف في ذلك خمسة أحاديث الأول حديث بن عمر من ابتاع نخلا تقدم الكلام على شرحه وعلى بيان شيء من اختلاف الرواة في باب من باع نخلا قد أبرت من كتاب البيوع

[ 2250 ] قوله ومن ابتاع عبدا وله مال الخ قال بن دقيق العيد استدل به لمالك على أن العبد يملك لاضافة الملك إليه باللام وهي ظاهرة في الملك قال غيره يؤخذ منه أن العبد إذا ملكه سيده ما لا فإنه يملكه وبه قال مالك وكذا الشافعي في القديم لكنه إذا باعه بعد ذلك رجع المال لسيده إلا أن يشترطه المبتاع وقال أبو حنيفة وكذا الشافعي في الجديد لا يملك العبد شيئا أصلا والإضافة للاختصاص والانتفاع كما يقال السرج للفرس ويؤخذ من مفهومه أن من باع عبدا ومعه مال وشرطه المبتاع أن البيع يصح لكن بشرط أن لا يكون المال ربويا فلا يجوز بيع العبد ومعه دراهم بدراهم قاله الشافعي وعن مالك لا يمنع لإطلاق الحديث وكأن العقد إنما وقع على العبد خاصة والمال الذي معه لا مدخل له في العقد واختلف فيما إذا كان المال ثيابا والأصح أن لها حكم المال وقيل تدخل عملا بالعرف وقيل يدخل ساتر العورة فقط وقال الباجي إن شرطه المشتري للعبد صح مطلقا وإن شرط بعضه أو لنفسه فروايتان وقال المازري إن زال ملك السيد عن عبده ببيع أو معاوضة فالمال للسيد إلا أن يشترطه المبتاع وعن بعض التابعين كالحسن يتبع العبد والحديث حجة على قائل هذا وإن زال بالعتق ونحوه فالمال للعبد إلا أن يشترطه السيد وإن زال بالهبة ونحوها فروايتان قال القرطبي أرجحهما إلحاقها بالبيع وكذا إن سلمة في الجناية وفي الحديث جواز الشرط الذي لا ينافي مقتضى العقد قال الكرماني قوله وله مال إضافة المال إلى العبد مجاز كاضافة الثمرة إلى النخلة قوله وعن مالك هو معطوف على قوله حدثنا الليث فهو موصول والتقدير حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك وزعم بعض الشراح إنه معلق وليس كذلك وتردد الكرماني وقد وصله أبو داود من حديث مالك عن نافع عن بن عمر في النخل مرفوعا وعن نافع عن بن عمر عن عمر في العبد موقوفا وكذا هو في الموطأ ولفظه عن بن عمر عن عمر بقصة العبد وعن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بقصة النخل ثم ساقه من طريق سلمة بن كهيل حدثني من سمع جابرا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الكرماني قوله في العبد أي في شأن العبد أو التقدير عن عمر أنه قال في العبد بأن ماله لبائعه أو زاد لفظ العبد بعد قوله إلا أن يشترط المبتاع أي والعبد كذلك قلت وأرجحها الأول وقد عبر عنه عند أبي داود بنحو ذلك كما ذكرته وأخرجه النسائي من طريق يحيى القطان عن عبيد الله العمري عن نافع عن بن عمر عن عمر بقصة العبد ومن رواية محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر مرفوعا بالقصتين وقال النسائي إنه خطأ والصواب ما رواه يحيى بن القطان وكذلك رواه الليث وأيوب عن نافع في العبد موقوفا وقوله من ابتاع عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع هكذا ثبتت قصة العبد في هذا الحديث في جميع نسخ البخاري وصنيع صاحب العمدة يقتضي أنها من أفراد مسلم فإنه أورده في باب العرايا فقال عن عبد الله بن عمر فذكر من باع نخلا ثم قال ولمسلم من ابتاع عبدا فماله الذي باعه إلا أن يشترط المبتاع وكأنه لما نظر كتاب البيوع من البخاري فلم يجده فيه توهم أنها من أفراد مسلم واعتذر الشارح بن العطار عن صاحب العمدة فقال هذه الزيادة أخرجها الشيخان من رواية سالم عن أبيه عن عمر قال فالمصنف لما نسب الحديث لابن عمر أحتاج أن ينسب الزيادة لمسلم وحده انتهى مخلصا وبالغ شيخنا بن الملقن في الرد عليه لأن الشيخين لم يذكرا في طريق سالم عمر بل هو عندهما جميعا عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير واسطة عمر لكن مسلم والبخاري ذكراه في البيوع والشرب فتعين أن سبب وهم المقدسي ما ذكرته وقال النووي في شرح مسلم لم تقع هذه الزيادة في حديث نافع عن بن عمر وذلك لا يضر فإن سالما ثقة بل هو أجل من نافع فزيادته مقبولة وقد أشار النسائي والدارقطني إلى ترجيح رواية نافع وهي إشارة مردودة انتهى قلت أما نفي تخريجها فمردود فإنها ثابتة عند البخاري هنا من رواية بن جريج عن بن أبي مليكة عن نافع لكن باختصار وأما الاختلاف بين سالم ونافع فإنما هو في رفعها ووقفها لا في إثباتها ونفيها فسالم رفع الحديثين جميعا ونافع رفع حديث النخل عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ووقف حديث العبد على بن عمر عن عمر وقد رجح مسلم ما رجحه النسائي وقال أبو داود وتبعه بن عبد البر وهذا أحد الأحاديث الأربعة التي اختلف فيها سالم ونافع قال أبو عمر اتفقا على رفع حديث النخل وأما قصة العبد فرفعها سالم ووقفها نافع على عمر ورجح البخاري رواية سالم في رفع الحديثين ونقل بن التين عن الداودي هو وهم من نافع والصحيح ما رواه سالم مرفوعا في العبد والثمرة قال بن التين لا أدري من أين أدخل الوهم على نافع مع إمكان أن يكون عمر قال ذلك يعني على جهة الفتوى مستندا إلى ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم فتصح الروايتان قلت قد نقل الترمذي في الجامع عن البخاري تصحيح الروايتين ونقل عنه في العلل ترجيح قول سالم وقد تقدم بيان ذلك كله واضحا في كتاب البيوع قوله والحرث أي الأرض المزروعة فمن باع أرضا محروثة وفيها زرع فالزرع للبائع والخلاف في هذه كالخلاف في النخل ويؤخذ منه أن من أجر أرضا وله فيها زرع أن الزرع للمؤجر لا للمستأجر إن تصورت صورة الإجارة قوله سمى له نافع هؤلاء الثلاثة قائل سمى هو بن جريج والضمير في له لابن أبي مليكة وفي الحديث ما يدل على قلة تدليس بن جريج فإنه كثير الرواية عن نافع ومع ذلك أفصح بأن بينهما في هذا الحديث واسطة ثانيها حديث زيد بن ثابت في العرايا وقد تقدم مشروحا في بابه ثالثها حديث جابر في النهي عن المخابرة والمحاقلة والمزابنة وبيع الثمر حتى يبدو صلاحه وبيعه بغير الدينار والدرهم الا العرايا فأما المخابرة فتقدم الكلام عليها في المزارعة وأما المحاقلة فتقدم الكلام عليها في حديث أنس في باب بيع المخاضرة وأما المزابنة فتقدم الكلام عليها في حديث بن عمر وابن عباس وغيرهما في باب المزابنة وأما بقيته فتقدم في باب بيع الثمر على رؤوس النخل من حديث جابر رابعها حديث أبي هريرة في بيع العرايا وقد تقدم أيضا مشروحا في بابه خامسها حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة في النهي عن المزابنة إلا أصحاب العرايا وقد تقدم حديث سهل في باب بيع الثمر على رؤوس النخل وقد تقدم شرح جميع الأحاديث وقوله هنا قال وقال بن إسحاق حدثني بشير يعني بن يسار مثله كذا لأبي ذر وأبي الوقت ووقع للاصيلي وكريمة وغيرهما قال أبو عبد الله قال بن إسحاق فعلى هذا فهو معلق ولم أره موصولا من طريقه إلى هذه الغاية والله المستعان خاتمة اشتمل كتاب الشرب على ستة وثلاثين حديثا المعلق منها خمسة والبقية موصولة والمكرر منها فيه وفيما مضى سبعة عشر حديثا والخالص تسعة عشر وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث عثمان في بئر رومة وحديث بن عباس في قصة هاجر وحديث الصعب في الحمى وحديث الزهري المرسل في حمى النقيع وحديث أنس في القطائع وفيه من الآثار اثنان عن عمر رضي الله عنه والله تعالى أعلم