كتاب الخصومات
 قوله بسم الله الرحمن الرحيم ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود كذا للأكثر ولبعضهم واليهودي بالإفراد زاد أبو ذر أوله في الخصومات وزاد في أثنائه والملازمة والإشخاص بكسر الهمزة إحصار الغريم من موضع إلى موضع يقال شخص بالفتح من بلد إلى بلد وأشخص غيره والملازمة مفاعلة من اللزوم والمراد أن يمنع الغريم غريمه من التصرف حتى يعطيه حقه ثم ذكر في هذا الباب أربعة أحاديث الأول

[ 2279 ] قوله عبد الملك بن ميسرة أخبرني هو من تقديم الراوي على الصيغة وهو جائز عندهم وابن ميسرة المذكور هلالي كوفي تابعي يقال له الزراد بزاي ثم راء ثقيلة وشيخه النزال بفتح النون وتشديد الزاي بن سبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة هلالي أيضا من كبار التابعين وذكره بعضهم في الصحابة لإدراكه وليس له في البخاري سوى هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود وآخر في الأشربة عن علي وقد أعاد حديث الباب في أحاديث الأنبياء وفي فضائل القرآن ويأتي الكلام عليه مستوفى هناك والمقصود منه هنا قوله فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه المناسب للترجمة قوله سمعت رجلا سيأتي أنه يحتمل أن يفسر بعمر رضي الله عنه قوله آية في المبهمات للخطيب أنها من سورة الأحقاف قوله قال شعبة هو بالإسناد المذكور وقوله أظنه قال فاعل القول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالإسناد المذكور الثاني

[ 2280 ] والثالث حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد في قصة اليهودي الذي لطمه المسلم حيث فقال والذي اصطفى موسى وسيأتي الكلام عليهما في أحاديث الأنبياء وقوله

[ 2281 ] في حديث أبي سعيد والذي اصطفى موسى على البشر كذا للأكثر وللكشميهني على النبيين الحديث الرابع حديث أنس في قصة اليهودي الذي رض رأس الجارية وسيأتي الكلام عليه في كتاب الديات إن شاء الله تعالى

قوله باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وأن لم يكن حجر عليه الإمام يعني وفاقا لابن القاسم وقصره أصبغ على من ظهر سفهه وقال غيره من المالكية لا يرد مطلقا إلا ما تصرف فيه بعد الحجر وهو قول الشافعية وغيرهم واحتج بن القاسم بقصة المدبر حيث رد النبي صلى الله عليه وسلم بيعه قبل الحجر عليه واحتج غيره بقصة الذي كان يخدع في البيوع حيث لم يحجر عليه ولم يفسخ ما تقدم من بيوعه وأشار البخاري بما ذكر من أحاديث الباب إلى التفصيل بين من ظهرت منه الإضاعة فيرد تصرفه فيما إذا كان في الشيء الكثير أو المستغرق وعليه تحمل قصة المدبر وبين ما إذا كان في الشيء اليسير أو جعله له شرطا يأمن به من إفساد ماله فلا يرد وعليه تحمل قصة الذي كان يخدع قوله ويذكر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على المتصدق قبل النهي ثم نهاه قال عبد الحق مراده قصة الذي دبر عبدة فباعه النبي صلى الله عليه وسلم وكذا أشار إلى ذلك بن بطال ومن بعده حتى جعله مغلطاي حجة في الرد على بن الصلاح حيث قرر أن الذي يذكره البخاري بغير صيغة الجزم لا يكون حاكما بصحته فقال مغلطاي قد ذكره بغير صيغة الجزم هنا وهو صحيح عنده وتعقبه شيخنا في النكت على بن الصلاح بأن البخاري لم يرد بهذا التعليق قصة المدبر وإنما أراد قصة الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأمرهم فتصدقوا عليه فجاء في الثانية فتصدق عليه بأحد ثوبيه فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو حديث ضعيف أخرجه الدارقطني وغيره قلت لكن ليس هو من حديث جابر وإنما هو حديث أبي سعيد الخدري وليس بضعيف بل هو إما صحيح وإما حسن أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم وقد بسطت ذلك فيما كتبته على بن الصلاح والذي ظهر لي أولا أنه أراد حديث جابر في قصة الرجل الذي جاء ببيضة من ذهب أصابها في معدن فقال يا رسول الله خذها مني صدقة فوالله مالي مال غيرها فأعرض عنه فأعاد فخذفه بها ثم قال يأتي أحدكم بماله لا يملك غيره فيتصدق به ثم يقعد بعد ذلك يتكفف الناس إنما الصدقة عن ظهر غنى وهو عند أبي داود وصححه بن خزيمة ثم ظهر لي أن البخاري إنما أراد قصة المدبر كما قال عبد الحق وإنما لم يجزم به لأن القدر الذي يحتاج إليه في هذه الترجمة ليس على شرطه وهو من طريق أبي الزبير عن جابر أنه قال أعتق رجل من بني عذرة عبدا له عن دبر فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألك مال غيره فقال لا الحديث وفيه ثم قال ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك الحديث وهذه الزيادة تفرد بها أبو الزبير عن جابر وليس هو من شرط البخاري والبخاري لا يجزم غالبا إلا بما كان على شرطه والله أعلم قوله وقال مالك الخ هكذا أخرجه بن وهب في موطئه وأخذ مالك ذلك من قصة المدبر كما ترى

قوله ومن باع على الضعيف ونحوه فدفع ثمنه إليه وأمره بالإصلاح الخ هكذا للجميع ولأبي ذر هنا باب من باع الخ والأول أليق وقد تقدم توجيه ما ذكره في هذا الموضع وأنه لا يمنع من التصرف إلا بعد ظهور الإفساد وقد مضى الكلام على حديث النهي عن إضاعة المال قبل بابين وحديث الذي يخدع في كتاب البيوع ويأتي حديث المدبر في كتاب العتق إن شاء الله تعالى

قوله باب كلام الخصوم بعضهم في بعض أي فيما لا يوجب حدا ولا تعزيرا فلا يكون ذلك من الغيبة المحرمة ذكر فيه أربعة أحاديث الأول والثاني حديث بن مسعود والأشعث في نزول قوله تعالى

[ 2285 ] أن الذين يشترون بعهد الله وقد تقدم قريبا في باب الخصومة في البئر والغرض منه قوله قلت يا رسول الله إذا يحلف ويذهب بمالي فإنه نسبه إلى الحلف الكاذب ولم يؤاخذ بذلك لأنه أخبر بما يعلمه منه في حال التظلم منه الثالث حديث كعب بن مالك أنه تقاضى بن أبي حدرد دينا وقد تقدم الكلام عليه في باب التقاضي والملازمة في المسجد وليس الغرض منه هنا

[ 2286 ] قوله فارتفعت أصواتهما فإنه غير دال على ما ترجم به لكن أشار إلى قوله في بعض طرقه فتلاحيا وقد تقدم أن ذلك كان سببا لرفع ليلة القدر فدل على أنه كان بينهما كلام يقتضي ذلك وهو الذي يثبت ما ترجم به الرابع حديث عمر في قصته مع هشام بن حكيم في قراءة سورة الفرقان وفيه مع إنكاره عليه بالقول إنكاره عليه بالفعل وذلك على سبيل الاجتهاد منه ولذلك لم يؤاخذ به وسيأتي الكلام عليه في فضائل القرآن

قوله باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة أي بأحوالهم أو بعد معرفتهم بالحكم ويكون ذلك على سبيل التأديب لهم قوله وقد أخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت وصله بن سعد في الطبقات بإسناد صحيح من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب قال لما توفي أبو بكر أقامت عائشة عليه النوح فبلغ عمر فنهاهن فأبين فقال لهشام بن الوليد أخرج إلى بيت أبي قحافة يعني أم فروة فعلاها بالدرة ضربات فتفرق النوائح حين سمعن بذلك ووصله إسحاق بن راهويه في مسنده من وجه آخر عن الزهري وفيه فجعل يخرجهن امرأة امرأة وهو يضربهن بالدرة ثم ذكر المصنف حديث أبي هريرة في إرادة تحريق البيوت على الذين لا يشهدون الصلاة وقد مضى الكلام عليه في باب وجوب صلاة الجماعة وغرضه منه أنه إذا أحرقها عليهم بادرو بالخروج منها فثبت مشروعية الاقتصار على إخراج أهل المعصية من باب الأولى ومحل إخراج الخصوم إذا وقع منهم من المراء والده ما يقتضي ذلك

قوله باب دعوى الوصي للميت أي عن الميت في الاستلحاق وغيره من الحقوق ذكر فيه حديث عائشة في قصة سعد وابن زمعة قال بن المنير ما ملخصه دعوى الوصي عن الموصى عليه لا نزاع فيه وكأن المصنف أراد بيان مستند الإجماع وسيأتي مباحث الحديث المذكور في كتاب الفرائض ومضى بأتم من هذا السياق في أوائل كتاب البيوع

قوله باب التوثق ممن يخشى معرته بفتح الميم والمهملة وتشديد الراء أي فساده وعبثه قوله وقيد بن عباس عكرمة على تعليم القرآن والسنن والفرائض وصله بن سعد في الطبقات وأبو نعيم في الحلية من طريق حماد بن زيد عن الزبير بن الخريت بكسر المعجمة والراء المشددة بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة عن عكرمة قال كان بن عباس يجعل في رجلي الكبل فذكره والكبل بفتح الكاف وسكون الموجدة بعدها لام هو القيد ثم ذكر حديث أبي هريرة في قصة ثمامة بن أثال مختصرا والشاهد منه

[ 2290 ] قوله فربطوه بسارية من سواري المسجد وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى

قوله باب الربط والحبس في الحرم كأنه أشار بذلك إلى رد ما ذكر عن طاوس فعند بن أبي شيبة من طريق قيس بن سعد عنه أنه كان يكره السجن بمكة ويقول لا ينبغي لبيت عذاب أن يكون في بيت رحمة فأراد البخاري معارضة قول طاوس بأثر عمر وابن الزبير وصفوان ونافع وهم من الصحابة وقوى ذلك بقصة ثمامة وقد ربط في مسجد المدينة وهي أيضا حرم فلم يمنع ذلك من الربط فيه قوله واشترى نافع بن عبد الحارث دارا للسجن بمكة الخ وصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي من طرق عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن فروخ به وليس لنافع بن عبد الحارث ولا لصفوان بن أمية في البخاري سوى هذا الموضع واستشكل ما وقع فيه من الترديد في هذا البيع حيث قال إن رضي عمر فالبيع بيعه وأن لم يرض فلصفوان أربعمائة ووجهه بن المنير بأن العهدة في ثمن المبيع على المشتري وأن ذكر أنه يشتري لغيره لأنه المباشر للعقد اه وكأنه وقف مع ظاهر اللفظ المعلق ولم ير سياقه تماما فظن أن الاربعمائة هي الثمن الذي اشترى به نافع وليس كذلك وإنما كان الثمن أربعة آلاف وكان نافع عاملا لعمر على مكة فلذلك اشترط الخيار لعمر بعد أن أوقع العقد له كما صرح بذلك كله من ذكرت أنهم وصلوه وأما كون نافع شرط لصفوان أربعمائة إن لم يرض عمر فيحتمل أن يكون جعلها في مقابلة انتفاعه بتلك الدار إلى أن يعود الجواب من عمر وأخرج عمر بن شبة في كتاب مكة عن محمد بن يحيى أبي غسان الكناني عن هشام بن سليمان عن بن جريج أن نافع بن عبد الحارث الخزاعي كان عاملا لعمر على مكة فابتاع دارا للسجن من صفوان فذكر نحوه لكن قال بدل الاربعمائة خمسمائة وزاد في آخره وهو الذي يقال له سجن عارم بمهملتين قوله وسجن بن الزبير بمكة وصله خليفة بن خياط في تاريخه وأبو الفرج الأصبهاني في الاغاني وغيرهما من طرق منها ما رواه الفاكهي من طريق عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد يعني بن الحنفية قال أخذني بن الزبير فحبسني في دار الندوة في سجن عارم فانفلت منه فلم أزل أتخطى الجبال حتى سقطت على أبي بمنى وفي ذلك يقول كثير عزة يخاطب بن الزبير تخبر من لاقيت أنك عابد بل العابد المظلوم في سجن عارم وذكر الفاكهي أنه قيل له سجن عارم لأن عارما كان مولى لمصعب بن عبد الرحمن بن عوف فغضب عليه فبنى له ذراعا في ذراع ثم سد عليه البناء حتى غيبه فيه فمات فسمي ذلك المكان سجن عارم قال الفاكهي وكان السجن في دبر دار الندوة وذكر عمر بن شيبة أن سبب غضب مصعب على عارم أن عارما كان منقطعا إلى عمرو بن سعيد بن العاص فلما جهز عمرو البعث بأمر يزيد بن معاوية إلى بن الزبير بمكة صحبه عمرو بن الزبير وكان يعادي أخاه عبد الله فخرج عارم في ذلك الجيش فظفر به مصعب ففعل به ما فعل ثم ذكر المصنف طرفا من حديث أبي هريرة في قصة ثمامة وقد سبق في الباب الذي قبله

قوله باب في الملازمة ذكر فيه حديث كعب بن مالك أنه كان له على عبد الله بن أبي حدرد دين وقد تقدم الكلام عليه في باب التقاضي والملازمة في المسجد وقوله

[ 2292 ] فيه حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن جعفر وقال غيره حدثني الليث فقال حدثني جعفر بن ربيعة وصله الإسماعيلي من طريق شعيب بن الليث عن أبيه ووقع في رواية الأصيلي وكريمة قبل هذه الترجمة بسملة وسقطت للباقيين

قوله باب التقاضي أي المطالبة ذكر فيه حديث خباب بن الأرت في مطالبة العاصي بن وائل وسيأتي شرحه في تفسير سورة مريم إن شاء الله تعالى خاتمة اشتمل كتاب الاستقراض وما معه من الحجر والتفليس وما اتصل به من الإشخاص والملازمة على خمسين حديثا المعلق منها ستة المكرر منها فيه وفيما مضى ثمانية وثلاثون حديثا والبقية خالصة وافقه مسلم على جميعها سوى حديث أبي هريرة من أخذ أموال الناس يريد إتلافها وحديث ما أحب أن لي أحدا ذهبا وحديث لي الواجد وحديث بن مسعود في الاختلاف في القراءة وفيه من الآثار عن الصحابة ومن بعدهم اثنا عشر أثرا والله أعلم