كتاب المظالم
 قوله بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المظالم في المظالم والغصب كذا للمستملي وسقط كتاب لغيره وللنسفي كتاب الغصب باب في المظالم والمظالم جمع مظلمة مصدر ظلم يظلم واسم لما أخذ بغير حق والظلم وضع الشيء في غير موضعه الشرعي والغصب أخذ حق الغير بغير حق قوله وقول الله عز وجل ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إلى عزيز ذو انتقام كذا لأبي ذر وساق غيره الآية قوله مقنعي رءوسهم رافعي رءوسهم المقنع والمقمح واحد سقط للمستملي والكشميهني قوله رافعي رءوسهم وهو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي من طريقه وهو قول أكثر أهل اللغة والتفسير وكذا قاله أبو عبيدة في المجاز واستشهد بقول الراجز انهض نحوي رأسه وأقنعا كأنما أبصر شيئا أطمعا وحكى ثعلب أنه مشترك يقال أقنع إذا رفع رأسه وأقنع إذا طأطأه ويحتمل أن يراد الوجهان أن يرفع رأسه ينظر ثم يطأطئه ذلا وخضوعا قاله بن التين وأما قوله المقنع والمقمح واحد فذكره أبو عبيدة أيضا في المجاز في تفسير سورة يس وزاد معناه أن يجذب الذقن حتى تصير في الصدر ثم يرفع رأسه وهذا يساعد قول بن التين لكنه بغير ترتيب قوله وقال مجاهد مهطعين مديمي النظر وقال غيره مسرعين ثبت هذا هنا لغير أبي ذر ووقع له هو في ترجمة الباب الذي بعده وتفسير مجاهد وصله الفريابي أيضا وأما تفسير غيره فالمراد به أبو عبيدة أيضا فكذا قاله واستشهد عليه وهو قول قتادة والمعروف في اللغة ويحتمل أن يكون المراد كلا من الأمرين وقال ثعلب المهطع الذي ينظر في ذل وخشوع لا يقطع بصره قوله وأفئدتهم هواء يعني جوفا لا عقول لهم وهو تفسير أبي عبيدة أيضا في المجاز واستشهد بقول حسان ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء والهواء الخلاء الذي لم تشغله الأجرام أي لا قوة في قلوبهم ولا جرأة وقال بن عرفة معناه نزعت أفئدتهم من أجوافهم

قوله باب قصاص المظالم يعني يوم القيامة ذكر فيه حديث أبي سعيد الخدري وقد ترجم عليه في كتاب الرقاق باب القصاص يوم القيامة ويأتي الكلام عليه هناك وقوله

[ 2308 ] بقنطرة الذي يظهر أنها طرف الصراط مما يلي الجنة ويحتمل أن تكون من غيره بين الصراط والجنة وقوله فيتقاصون بتشديد المهملة يتفاعلون من القصاص والمراد به تتبع ما بينهم من المظالم واسقاط بعضها ببعض وقوله حتى إذا نقوا بضم النون بعدها قاف من التنقية ووقع للمستملي هنا تقصوا بفتح المثناة والقاف وتشديد المهملة أي أكملوا التقاص قوله وهذبوا أي خلصوا من الآثام بمقاصصة بعضها ببعض ويشهد لهذا الحديث قوله في حديث جابر الآتي ذكره في التوحيد لا يحل لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد قبله مظلمة والمراد بالمؤمنين هنا بعضهم وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى قوله وقال يونس بن محمد الخ وصله بن منده في كتاب الإيمان وأراد البخاري به تصريح قتادة عن أبي المتوكل بالتحديث واسم أبي المتوكل علي بن داود بضم الدال بعدها همزة

قوله باب قول الله تعالى ألا لعنة الله على الظالمين ذكر فيه حديث بن عمر يدني الله المؤمن فيضع عليه كنفه الحديث وسيأتي الكلام عليه مستوفى في التوحيد وفي كتاب الرقاق الإشارة إليه وقوله

[ 3209 ] في هذه الرواية كنفه بفتح النون والفاء عند الجميع ووقع لأبي ذر عن الكشميهني بكسر المثناة وهو تصحيف قبيح قاله عياض ووجه دخوله في أبواب الغصب الإشارة إلى أن عموم قوله هنا أغفرها لك مخصوص بحديث أبي سعيد الماضي في الباب قبله

قوله باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه بضم أوله يقال أسلم فلان فلانا إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه وهو عام في كل من أسلم لغيره لكن غلب في الالقاء إلى الهلكة

[ 2310 ] قوله المسلم أخو المسلم هذه إخوة الإسلام فإن كل اتفاق بين شيئين يطلق بينهما اسم الأخوة ويشترك في ذلك الحر والعبد والبالغ والمميز قوله لا يظلمه هو خبر بمعنى الأمر فإن ظلم المسلم للمسلم حرام وقوله ولا يسلمه أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال وزاد الطبراني من طريق أخرى عن سالم ولا يسلمه في مصيبة نزلت به ولمسلم في حديث أبي هريرة ولا يحقره وهو بالمهملة والقاف وفيه بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم قوله ومن كان في حاجة أخيه في حديث أبي هريرة عند مسلم والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه قوله ومن فرج عن مسلم كربة أي غمة والكرب هو الغم الذي يأخذ النفس وكربات بضم الراء جمع كربة ويجوز فتح راء كربات وسكونها قوله ومن ستر مسلما أي رآه على قبيح فلم يظهره أي للناس وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه ويحمل الأمر في جواز الشهادة عليه بذلك على ما إذا أنكر عليه ونصحه فلم ينته عن قبيح فعله ثم جاهر به كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء فلو توجه إلى الحاكم وأقر لم يمتنع ذلك والذي يظهر أن الستر محله في معصية قد انقضت والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها فيجب الإنكار عليه وإلا رفعه إلى الحاكم وليس من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة وفيه إشارة إلى ترك الغيبة لأن من أظهر مساويء أخيه لم يستره قوله ستره الله يوم القيامة في حديث أبي هريرة عند الترمذي ستره الله في الدنيا والآخرة وفي الحديث حض على التعاون وحسن التعاشر والألفة وفيه أن المجازاة تقع من جنس الطاعات وأن من حلف أن فلانا أخوه وأراد إخوة الإسلام لم يحنث وفيه حديث عن سويد بن حنظلة في أبي داود في قصة له مع وائل بن حجر

قوله باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما ترجم بلفظ الإعانة وأورد الحديث بلفظ النصر فأشار إلى ما ورد في بعض طرقه وذلك فيما رواه خديج بن معاوية وهو بالمهملة وآخره جيم مصغر عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا أعن أخاك ظالما أو مظلوما الحديث أخرجه بن عدي وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من الوجه الذي أخرجه منه البخاري بهذا اللفظ

[ 2311 ] قوله انصر أخاك ظالما أو مظلوما كذا أورده مختصرا عن عثمان وأخرجه الإسماعيلي من طرق عنه كذلك وسيأتي في الإكراه من طريق أخرى عن هشيم عن عبيد الله وحده وفيه من الزيادة فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره وهكذا أخرجه أحمد عن هشيم عن عبيد الله وحده وأخرجه الإسماعيلي من طرق أخرى عن هشيم عنهما نحوه

[ 2312 ] قوله في الطريق الثانية قال يا رسول الله في رواية أبي الوقت في البخاري قالوا وفي الرواية التي في الإكراه فقال الرجل ولم أقف على تسميته قوله فقال تأخذ فوق يديه كنى به عن كفه عن الظلم بالفعل إن لم يكف بالقول وعبر بالفوقية إشارة إلى الأخذ بالاستعلاء والقوة وفي رواية معاذ عن حميد عند الإسماعيلي فقال يكفه عن الظلم فذاك نصره إياه ولمسلم في حديث جابر نحو الحديث وفيه أن كان ظالما فلينهه فإنه له نصرة قال بن بطال النصر عند العرب الإعانة وتفسيره لنصر الظالم بمنعه من الظلم من تسمية الشيء بما يئول إليه وهو من وجيز البلاغة قال البيهقي معناه أن الظالم مظلوم في نفسه فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حسا ومعنى فلو رأى إنسانا يريد أن يجب نفسه لظنه أن ذلك يزيل مفسدة طلبه الزنا مثلا منعه من ذلك وكان ذلك نصرا له واتحد في هذه الصورة الظالم والمظلوم وقال بن المنير فيه إشارة إلى أن الترك كالفعل في باب الضمان وتحته فروع كثيرة تنبيه ذكر مسلم في روايته من طريق أبي الزبير عن جابر سببا لحديث الباب يستفاد منه زمن وقوعه وسيأتي ذكره في تفسير المنافقين إن شاء الله تعالى لطيفة ذكر المفضل الضبي في كتابه الفاخر أن أول من قال انصر أخاك ظالما أو مظلوما جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم وأراد بذلك ظاهره وهو ما اعتادوه من حمية الجاهلية لا على ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك يقول شاعرهم إذا أنا لم أنصر أخي وهو ظالم على القوم لم أنصر أخي حين يظلم

قوله باب نصر المظلوم هو فرض كفاية وهو عام في المظلومين وكذلك في الناصرين على أن فرض الكفاية مخاطب به الجميع وهو الراجح ويتعين أحيانا على من له القدرة عليه وحده إذا لم يترتب على إنكاره مفسدة أشد من مفسدة المنكر فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط الوجوب وبقي أصل الاستحباب بالشرط المذكور فلو تساوت المفسدتان تخير وشرط الناصر أن يكون عالما بكون الفعل ظلما ويقع النصر مع وقوع الظلم وهو حينئذ حقيقة وقد يقع قبل وقوعه كمن أنقذ إنسانا من يد إنسان طالبه بمال ظلما وهدده أن لم يبذله وقد يقع بعد وهو كثير ثم أورد المصنف فيه حديثين أحدهما حديث البراء في الأمر بسبع والنهي عن سبع فذكره مختصرا وسيأتي الكلام على شرحه مستوفى في كتاب الأدب واللباس إن شاء الله تعالى والمقصود منه هنا

[ 3213 ] قوله ونصر المظلوم ثانيهما حديث أبي موسى المؤمن للمؤمن كالبنيان وسيأتي الكلام عليه في الأدب إن شاء الله تعالى وقوله

[ 2314 ] يشد بعضه في رواية الكشميهني يشد بعضهم بصيغة الجمع

قوله باب الإنتصار من الظالم لقوله جل ذكره لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم والذين يعني وقوله والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون أما الآية الأولى فروى الطبري من طريق السدي قال في قوله إلا من ظلم أي فانتصر بمثل ما ظلم به فليس عليه ملام وعن مجاهد إلا من ظلم فانتصر فإن له أن يجهر بالسوء وعنه نزلت في رجل نزل بقوم فلم يضيفوه فرخص له أن يقول فيهم قلت ونزولها في واقعة عين لا يمنع حملها على عمومها وعن بن عباس المراد بالجهر من القول الدعاء فرخص للمظلوم أن يدعو على من ظلمه وأما الآية الثانية فروى الطبري من طريق السدي أيضا في قوله والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون قال يعني ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا وفي الباب حديث أخرجه النسائي وابن ماجة بإسناد حسن من طريق التيمي عن عروة عن عائشة قالت دخلت على زينب بنت جحش فسبتني فردعها النبي صلى الله عليه وسلم فأبت فقال لي سبيها فسببتها حتى جف ريقها في فمها فرأيت وجهه يتهلل قوله وقال إبراهيم أي النخعي كانوا أي السلف يكرهون أن يستذلوا بالذال المعجمة من الذل وهو بضم أوله وفتح المثناة وهذا الأثر وصله عبد الرحمن بن حميد وابن عيينة في تفسيرهما في تفسير الآية المذكورة

قوله باب عفو المظلوم لقوله تعالى إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا وجزاء سيئة سيئة أي وقوله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها الخ وكأنه يشير إلى ما أخرجه الطبري عن السدي في قوله أو تعفو عن سوء أي عن ظلم وروى بن أبي حاتم عن السدي في قوله وجزاء سيئة سيئة مثلها قال إذا شتمك شتمته بمثلها من غير أن تعتدي فمن عفا وأصلح فأجره على الله وعن الحسن رخص له إذا سبه أحد أن يسبه وفي الباب حديث أخرجه أحمد وأبو داود من طريق عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر ما من عبد ظلم مظلمة فعفا عنها إلا أعز الله بها نصره

قوله باب الظلم ظلمات يوم القيامة أورد فيه حديث بن عمر بهذا اللفظ من غير مزيد وقد رواه أحمد من طريق محارب بن دثار عن بن عمر وزاد في أوله يا أيها الناس اتقوا الظلم وفي رواية إياكم والظلم وأخرجه البيهقي في الشعب من هذا الوجه وزاد فيه قال محارب أظلم الناس من ظلم لغيره وأخرجه مسلم من حديث جابر في أول حديث بلفظ اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح الحديث قال بن الجوزي الظلم يشتمل على معصيتين أخذ مال الغير بغير حق ومبارزة الرب بالمخالفة والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالبا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئا

قوله باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم ذكر فيه حديث بن عباس في بعث معاذ إلى اليمن مختصرا مقتصرا منه على المراد هنا وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في أواخر الزكاة

قوله باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له هل يبين مظلمته المظلمة بكسر اللام على المشهور وحكى بن قتيبة وابن التين والجوهري فتحها وأنكره بن القوطية ورأيت بخط مغلطاي أن القزاز حكى الضم أيضا وقوله هل يبين فيه إشارة إلى الخلاف في صحة الابراء من المجهول وإطلاق الحديث يقوي قول من ذهب إلى صحته وقد ترجم بعد باب إذا حلله ولم يبين كم هو وفيه إشارة إلى الإبراء من المجمل أيضا وزعم بن بطال أن في حديث الباب حجة لاشتراط التعيين لأن

[ 2317 ] قوله مظلمة يقتضي أن تكون معلومة القدر مشارا إليها اه ولا يخفى ما فيه قال بن المنير إنما وقع في الحديث التقدير حيث يقتص المظلوم من الظالم حتى يأخذ منه بقدر حقه وهذا متفق عليه والخلاف إنما هو فيما إذا أسقط المظلوم حقه في الدنيا هل يشترط أن يعرف قدره أم لا وقد أطلق ذلك في الحديث نعم قام الإجماع على صحة التحليل من المعين المعلوم فإن كانت العين موجودة صحت هبتها دون الإبراء منها قوله من كانت له مظلمة لأخيه اللام في قوله له بمعنى على أي من كانت عليه مظلمة لأخيه وسيأتي في الرقاق من رواية مالك عن المقبري بلفظ من كانت عنده مظلمة لأخيه والترمذي من طريق زيد بن أبي أنيسة عن المقبري رحم الله عبدا كانت له عند أخيه مظلمة قوله من عرضه أو شيء أي من الأشياء وهو من عطف العام على الخاص فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات حتى اللطمة ونحوها وفي رواية الترمذي من عرض أو مال قوله قبل أن لا يكون دينار ولا درهم أي يوم القيامة وثبت ذلك في رواية علي بن الجعد عن بن أبي ذئب عند الإسماعيلي قوله أخذ من سيئات صاحبه أي صاحب المظلمة فحمل عليه أي على الظالم وفي رواية مالك فطرحت عليه وهذا الحديث قد أخرج مسلم معناه من وجه آخر وهو أوضح سياقا من هذا ولفظه المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه بل بجنايته فقوبلت الحسنات بالسيئات على ما اقتضاه عدل الله تعالى في عباده وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى قوله قال إسماعيل بن أبي أويس إنما سمي المقبري الخ ثبت هذا في رواية الكشميهني وحده وإسماعيل المذكور من شيوخ البخاري

قوله باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه أي معلوما عند من يشترطه أو مجهولا عند من يجيزه وهو فيما مضى باتفاق وأما فيما سيأتي ففيه الخلاف ثم أورد المصنف حديث عائشة في قصة التي تختلع من زوجها وسيأتي الكلام عليه في تفسير سورة النساء ومحمد شيخه هو بن مقاتل وعبد الله هو بن المبارك ومطابقته للترجمة من جهة أن الخلع عقد لازم فلا يصح الرجوع فيه ويلتحق به كل عقد لازم كذلك كذا قال الكرماني فوهم ومورد الحديث والآية إنما هو في حق من تسقط حقها من القسمة وليس من الخلع في شيء فمن ثم وقع الاشكال فقال الداودي ليست الترجمة بمطابقة للحديث ووجهه بن المنير بان الترجمة تتناول إسقاط الحق من المظلمة الفائتة والآية مضمونها إسقاط الحق المستقبل حتى لا يكون عدم الوفاء به مظلمة لسقوطه قال بن المنير لكن البخاري تلطف في الاستدلال فكأنه يقول إذا نفذ الاسقاط في الحق المتوقع فلأن ينفذ في الحق المحقق أولى قلت وسيأتي الكلام على هبة المرأة يومها في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى

قوله باب إذا أذن له أي في استيفاء حقه أو أحله في رواية الكشميهني أو أحل له ولم يبين كم هو أورد فيه حديث سهل بن سعد في استئذان الغلام في الشرب وقد تقدم في أول كتاب الشرب ويأتي الكلام عليه في الأشربة ومطابقته وقد خفيت على بن التين فأنكرها من جهة أن الغلام لو أذن في شرب الأشياخ قبله لجاز لأن ذلك هو فائدة استئذانه فلو أذن لكان قد تبرع بحقه وهو لا يعلم قدر ما يشربون ولا قدر ما كان هو يشربه وسيأتي في كتاب الهبة مزيد لذلك

قوله باب إثم من ظلم شيئا من الأرض كأنه يشير إلى توجيه تصوير غصب الأرض خلافا لمن قال لا يمكن ذلك

[ 2320 ] قوله حدثني طلحة بن عبد الله أي بن عوف وكذا هو عند أحمد عن أبي اليمان زاد الحميدي في مسنده من وجه آخر في هذا الحديث وهو بن أخي عبد الرحمن بن عوف قوله عبد الرحمن بن عمرو بن سهل هو المدني وقد ينسب إلى جده وقد نسبه المزي أنصاريا ولم أر ذلك في شيء من طرق حديثه بل في رواية بن إسحاق التي سأذكرها ما يدل على أنه قرشي وقد ذكر الواقدي فيمن قتل بالحرة عبد الملك بن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر العامري القرشي وأظنه ولد هذا وكانت الحرة بعد هذه القصة بنحو من عشر سنين وليس لعبد الرحمن هذا في صحيح البخاري سوى هذا الحديث الواحد وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق وقد أسقط بعض أصحاب الزهري في روايتهم عنه هذا الحديث عبد الرحمن بن عمرو بن سهل وجعلوه من رواية طلحة عن سعيد بن زيد نفسه وفي مسند أحمد وأبي يعلى وصحيح بن خزيمة من طريق بن إسحاق حدثني الزهري عن طلحة بن عبد الله قال أتتني أروى بنت أويس في نفر من قريش فيهم عبد الرحمن بن سهل فقالت أن سعيدا انتقص من أرضي إلى أرضه ما ليس له وقد أحببت أن تأتوه فتكلموه قال فركبنا إليه وهو بأرضه بالعقيق فذكر الحديث ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون طلحة سمع هذا الحديث من سعيد بن زيد وثبته فيه عبد الرحمن بن عمرو بن سهل فلذلك كان ربما أدخله في السند وربما حذفه والله أعلم قوله من ظلم قد تقدم من رواية بن إسحاق قصة لسعيد في هذا الحديث وسيأتي في بدء الخلق من طريق عروة عن سعيد أنه خاصمته أروى في حق زعمت أنه انتقصه لها إلى مروان ولمسلم من هذا الوجه ادعت أروى بنت أويس على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم وله من طريق محمد بن زيد عن سعيد أن أروى خاصمته في بعض داره فقال دعوها وإياها وللزبير في كتاب النسب من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه والحسن بن سفيان من طريق أبي بكر بن محمد بن حزم استعدت أروى بنت أويس مروان بن الحكم وهو وإلي المدينة على سعيد بن زيد في أرضه بالشجرة وقالت أنه أخذ حقي وأدخل ضفيرتي في أرضه فذكره وفي رواية العلاء فترك سعيد ما ادعت ولابن حبان والحاكم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن في هذه القصة وزاد فقال لنا مروان أصلحوا بينهما قوله من الأرض شيئا في رواية عروة في بدء الخلق من أخذ شبرا من الأرض ظلما وفي حديث عائشة ثاني أحاديث الباب قيد شبر وهو بكسر القاف وسكون التحتانية أي قدره وكأنه ذكر الشبر إشارة إلى استواء القليل والكثير في الوعيد قوله طوقه بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية عروة فإنه يطوقه ولأبي عوانة والجوزقي في حديث أبي هريرة جاء به مقلده قوله من سبع أرضين بفتح الراء ويجوز اسكانها وزاد مسلم من طريق عروة ومن طريق محمد بن زيد أن سعيدا قال اللهم أن كانت كاذبة فأعم بصرها واجعل قبرها في دارها وفي رواية العلاء وأبي بكر نحوه وزاد قال وجاء سيل فأبدى عن ضفيرتها فإذا حقها خارجا عن حق سعيد فجاء سعيد إلى مروان فركب معه والناس حتى نظروا إليها وذكروا كلهم أنها عميت وأنها سقطت في بئرها فماتت قال الخطابي قوله طوقه له وجهان أحدهما أن معناه أنه يكلف نقل ما ظلم منها في القيامة إلى المحشر ويكون كالطوق في عنقه لا أنه طوق حقيقة الثاني معناه أنه يعاقب بالخسف إلي سبع أرضين أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقا في عنقه انتهى وهذا يؤيده حديث بن عمر ثالث أحاديث الباب بلفظ خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين وقيل معناه كالأول لكن بعد أن ينقل جميعه يجعل كله في عنقه طوقا ويعظم قدر عنقه حتى يسع ذلك كما ورد في غلظ جلد الكافر ونحو ذلك وقد روى الطبري وابن حبان من حديث يعلى بن مرة مرفوعا أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضي بين الناس ولأبي يعلى بإسناد حسن عن الحكم بن الحارث السلمي مرفوعا من أخذ من طريق المسلمين شبرا جاء يوم القيامة يحمله من سبع أرضين ونظير ذلك ما تقدم في الزكاة في حديث أبي هريرة في حق من غل بعيرا جاء يوم القيامة يحمله ويحتمل وهو الوجه الرابع أن يكون المراد بقوله يطوقه يكلف أن يجعله له طوقا ولا يستطيع ذلك فيعذب بذلك كما جاء في حق من كذب في منامه كلف أن يعقد شعيرة ويحتمل وهو الوجه الخامس أن يكون التطويق تطويق الإثم والمراد به أن الظلم المذكور لازم له في عنقه لزوم الإثم ومنه قوله تعالى ألزمناه طائره في عنقه وبالوجه الأول جزم أبو الفتح القشيري وصححه البغوي ويحتمل أن تتنوع هذه الصفات لصاحب هذه الجناية أو تنقسم أصحاب هذه الجناية فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا بحسب قوة المفسدة وضعفها وقد روى بن أبي شيبة بإسناد حسن من حديث أبي مالك الأشعري أعظم الغلول عند الله يوم القيامة ذراع أرض يسرقه رجل فيطوقه من سبع أرضين وفي الحديث تحريم الظلم والغصب وتغليظ عقوبته وإمكان غصب الأرض وأنه من الكبائر قاله القرطبي وكأنه فرعه على أن الكبيرة ما ورد فيه وعيد شديد وأن من ملك أرضا ملك أسفلها إلى منتهى الأرض وله أن يمنع من حفر تحتها سربا أو بئرا بغير رضاه وفيه أن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها بما فيه من حجارة ثابتة وأبنية ومعادن وغير ذلك وأن له أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بمن يجاوره وفيه أن الأرضين السبع متراكمة لم يفتق بعضها من بعض لأنها لو فتقت لاكتفى في حق هذا الغاصب بتطويق التي غصبها لانفصالها عما تحتها أشار إلى ذلك الداودي وفيه أن الأرضين السبع طباق كالسموات وهو ظاهر قوله تعالى ومن الأرض مثلهن خلافا لمن قال أن المراد بقوله سبع أرضين سبعة أقاليم لأنه لو كان كذلك لم يطوق الغاصب شبرا من إقليم آخر قاله بن التين وهو والذي قبله مبني على أن العقوبة متعلقة بما كان بسببها وإلا مع قطع النظر عن ذلك لا تلازم بين ما ذكروه تنبيه أروى بفتح الهمزة وسكون الراء والقصر باسم الحيوان الوحشي المشهور وفي المثل يقولون إذا دعوا كعمى الأروى قال الزبير في روايته كان أهل المدينة إذا دعوا قالوا أعماه الله كعمى أروى يريدون هذه القصة قال ثم طال العهد فصار أهل الجهل يقولون كعمى الأروى يريدون الوحش الذي بالجبل ويظنونه أعمى شديد العمي وليس كذلك

[ 2321 ] قوله حدثنا حسين هو المعلم ومحمد بن إبراهيم هو التيمي وأبو سلمة هو بن عبد الرحمن وفي هذا الإسناد ما يشعر بقلة تدليس يحيى بن أبي كثير لأنه سمع الكثير من أبي سلمة وحدث عنه هنا بواسطة محمد بن إبراهيم قوله وبين أناس خصومة لم أقف على أسمائهم ووقع لمسلم من طريق حرب بن شداد عن يحيى بلفظ وكان بينه وبين قومه خصومة في أرض ففيه نوع تعيين للخصوم وتعيين المتخاصم فيه قوله فذكر لعائشة حذف المفعول وسيأتي في بدء الخلق من وجه آخر بلفظ فدخل على عائشة فذكر لها ذلك

[ 2322 ] قوله عن سالم هو بن عبد الله بن عمر قوله قال الفربري قال أبو جعفر هو محمد بن أبي حاتم البخاري وراق البخاري وقد ذكر عنه الفربري في هذا الكتاب فوائد كثيرة عن البخاري وغيره وثبتت هذه الفائدة في رواية أبي ذر عن مشايخه الثلاثة وسقطت لغيره قوله ليس بخراسان في كتب بن المبارك يعني أن بن المبارك صنف كتبه بخراسان وحدث بها هناك وحملها عنه أهلها وحدث في أسفاره بأحاديث من حفظه زائدة على ما في كتبه هذا منها قوله أملى عليهم بالبصرة كذا للمستملي والسرخسي بحذف المفعول وأثبته الكشميهني فقال أملاه عليهم وأعلم أنه لا يلزم من كونه ليس في كتبه التي حدث بها بخراسان أن لا يكون حدث به بخراسان فإن نعيم بن حماد المرزوي ممن حمل عنه بخراسان وقد حدث عنه بهذا الحديث وأخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريقه ويحتمل أن يكون نعيم أيضا إنما سمعه من بن المبارك بالبصرة وهو من غرائب الصحيح

قوله باب إذا أذن إنسان لآخر شيئا جاز قال بن التين نصب شيئا على نزع الخافض والتقدير في شيء كقوله تعالى واختار موسى قومه سبعين رجلا وأورد المصنف فيه حديثين أحدهما لابن عمر في النهي عن القرآن والمراد به أن لا يقرن تمرة بتمرة عند الأكل لئلا يجحف برفقته فإن اذنوا له في ذلك جاز لأنه حقهم فلهم أن يسقطوه وهذا يقوي مذهب من يصحح هبة المجهول وسيأتي الكلام على الحديث مستوفى في كتاب الأطعمة مع بيان حال

[ 2323 ] قوله إلا أن يستأذن ومن قال أنه مدرج إن شاء الله تعالى ثانيهما حديث أبي مسعود في قصة الجزار الذي عمل الطعام والرجل الذي تبعهم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتأذن له وسيأتي الكلام عليه في الأطعمة أيضا وقوله

[ 2324 ] فيه وأبصر في وجه النبي صلى الله عليه وسلم هي جملة حالية أي أنه قال لغلامه أصنع لي في حال رؤيته تلك وقوله فتبعهم رجل فقال إن هذا اتبعنا بتشديد التاء قال بن التين هو افتعل من تبع وهو بمعناه وخبط الداودي هنا لظنه أنها همزة قطع فقال معنى اتبعنا سار معنا وتبعهم أي لحقهم وأطال بن التين في تعقب كلامه

قوله باب قول الله تعالى وهو ألد الخصام الألد الشديد اللدد أي الجدال مشتق من اللديدين وهما صفحتا العنق والمعنى أنه من أي جانب أخذ في الخصومة قوي وقيل غير ذلك من معناه وأورد فيه حديث عائشة أن أبغض الرجال الألد الخصم بفتح المعجمة وكسر المهملة أي الشديد الخصومة وسيأتي مستوفى في تفسير سورة البقرة إن شاء الله تعالى

قوله باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه أورد فيه حديث أم سلمة فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض وفيه فإنما هي قطعة من النار وهو ظاهر فيما ترجم به وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى

قوله باب إذا خاصم فجر أي ذم من إذا خاصم فجر أو إثمه أورد فيه حديث عبد الله بن عمرو في صفة المنافقين وفيه وإذا خاصم فجر وقد تقدم شرحه في كتاب الإيمان

قوله باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه أي هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر وقد جنح المصنف إلى اختاره ولهذا أورد أثر بن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار قوله وقال بن سيرين يقاصه هو بالتشديد وأصله يقاصصه وقرأ أي بن سيرين وإن عاقبتم فعاقبوا الآية وهذا وصله عبد بن حميد في تفسيره من طريق خالد الحذاء عنه بلفظ أن أخذ أحد منك شيئا فخذ مثله ثم أورد فيه المصنف حديثين أحدهما حديث عائشة في قصة هند بنت عتبة وفيه إذن النبي صلى الله عليه وسلم لها بالأخذ من مال زوجها بقدر حاجتها وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب النفقات إن شاء الله تعالى قال بن بطال حديث هند دال على جواز أخذ صاحب الحق من مال من لم يوفه أو جحده قدر حقه قوله فيه رجل مسيك بكسر الميم والتشديد للأكثر قال عياض قال وفي رواية كثير من أهل الإتقان بالفتح والتخفيف وقيده بعضهم بالوجهين وقال بن الأثير المشهور في كتب اللغة الفتح والتخفيف والمشهور عند المحدثين الكسر والتشديد والله أعلم ثانيهما حديث عقبة بن عامر

[ 2329 ] قوله حدثني يزيد هو بن أبي حبيب قوله عن أبي الخير بالمعجمة والتحتانية ضد الشر واسمه مرثد بالمثلثة والإسناد كله مصريون قوله لا يقروننا بفتح أوله وسكون القاف ووقع في رواية الأصيلي وكريمة لا يقرونا بنون واحدة ومنهم من شددها وللترمذي فلا هم يضيفوننا ولا هم يؤدون ما لنا عليهم من الحق قوله فإن أبوا فخذوا منهم حق الضيف في رواية الكشميهني فخذا منه أي من مالهم وظاهر هذا الحديث أن قرى الضيف واجب وأن المنزول عليه لو أمتنع من الضيافة أخذت منه قهرا وقال به الليث مطلقا وخصه أحمد بأهل البوادي دون القرى وقال الجمهور الضيافة سنة مؤكدة وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة أحدها حمله على المضطرين ثم اختلفوا هل يلزم المضطر العوض أم لا وقد تقدم بيانه في أواخر أبواب اللقطة وأشار الترمذي إلى أنه محمول على من طلب الشراء محتاجا فامتنع صاحب الطعام فله أن يأخذه منه كرها قال وروى نحو ذلك في بعض الحديث مفسرا ثانيها أن ذلك كان في أول الإسلام وكانت المواساة واجبة فلما فتحت الفتوح نسخ ذلك ويدل على نسخه قوله في حديث أبي شريح عند مسلم في حق الضيف وجائزته يوم وليلة والجائزة تفضل لا واجبة وهذا ضعيف لاحتمال أن يراد بالتفضل تمام اليوم واليلة لا أصل الضيافة وفي حديث المقدام بن معد يكرب مرفوعا أيما رجل ضاف قوما فأصبح الضيف محروما فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعة وما له أخرجه أبو داود وهو محمول على ما إذا لم يظفر منه بشيء ثالثها أنه مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الصدقات من جهة الإمام فكان على المبعوث إليهم انزالهم في مقابلة عملهم الذي يتولونه لأنه لا قيام لهم إلا بذلك حكاه الخطابي قال وكان هذا في ذلك الزمان إذ لم يكن للمسليمن بيت مال فأما اليوم فأرزاق العمال من بيت المال قال وإلى نحو هذا ذهب أبو يوسف في الضيافة على أهل نجران خاصة قال ويدل له قوله انك بعثتنا وتعقب بأن في رواية الترمذي أنا نمر بقوم رابعها أنه خاص بأهل الذمة وقد شرط عمر حين ضرب الجزية على نصارى الشام ضيافة من نزل بهم وتعقب بأنه تخصيص يحتاج إلى دليل خاص ولا حجة لذلك فيما صنعه عمر لأنه متأخر عن زمان سؤال عقبة أشار إلى ذلك النووي خامسها تأويل المأخوذ فحكى المازري عن الشيخ أبي الحسن من المالكية أن المراد أن لكم أن تأخذوا من أعراضهم بألسنتكم وتذكروا للناس عيبهم وتعقبه المازري بأن الأخذ من العرض وذكر العيب ندب في الشرع إلى تركه لا إلى فعله وأقوى الأجوبة الأول واستدل به على مسألة الظفر وبها قال الشافعي فجزم بجواز الأخذ فيما إذا لم يكن تحصيل الحق بالقاضي كأن يكون غريمه منكرا ولا بينة له عند وجود الجنس فيجوز عنده أخذه إن ظفر به وأخذ غيره بقدره إن لم يجده ويجتهد في التقويم ولا يحيف فإن أمكن تحصيل الحق بالقاضي فالأصح عند أكثر الشافعية الجواز أيضا وعند المالكية الخلاف وجوزه الحنفية في المثلى دون المتقوم لما يخشى فيه من الحيف واتفقوا على أن محل الجواز في الأموال لا في العقوبات البدنية لكثرة لكثرة الغوائل في ذلك ومحل الجواز في الأموال أيضا ما إذا أمن الغائلة كنسبته إلى السرقة ونحو ذلك

قوله باب ما جاء في السقائف جمع سقيفة وهي المكان المظلل كالساباط أو الحانوت بجانب الدار وكأنه أشار إلى أن الجلوس في الأمكنة العامة جائز وأن اتخاذ صاحب الدار ساباطا أو مستظلا جائز إذا لم يضر المارة قوله وجلس النبي صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة هو طرف من حديث لسهل بن سعد أسنده المؤلف في الأشربة في أثناء حديث وخفي ذلك على الإسماعيلي فقال ليس في الحديث يعني حديث عمر أنه صلى الله عليه وسلم جلس في السقيفة انتهى والسبب في غفلته عن ذلك أنه حذف الحديث المعلق الذي أشرت إليه واقتصر على الحديث المرفوع عن عمر الموصول مع أن البخاري لم يترجم بجلوس النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ترجم بما جاء في السقائف ثم ذكر الحديث المصرح بجلوس النبي صلى الله عليه وسلم وأورده معلقا ثم بالحديث الذي فيه أن الصحابة جلسوا فيها وأورده موصولا فكأن الإسماعيلي ظن أن قوله وجلس من كلام البخاري لا أنه حديث معلق وسقيفة بني ساعدة كانوا يجتمعون فيها وكانت مشتركة بينهم وجلس النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيها عندهم

[ 2330 ] قوله حدثني مالك وأخبرني يونس أي بن يزيد عن بن شهاب يعني أن كلا منهما رواه لابن وهب عن بن شهاب وكان بن وهب حريصا على التفرقة بين التحديث والإخبار مراعاة للاصطلاح ويقال أنه أول من اصطلح على ذلك بمصر قوله أن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة هو مختصر من قصة بيعة أبي بكر الصديق وسيأتي في الهجرة وفي كتاب الحدود بطوله ونستوفي شرحه هناك إن شاء الله تعالى والغرض منه أن الصحابة استمروا على الجلوس في السقيفة المذكورة وقال الكرماني مطابقة الحديث للترجمة أن الجلوس في السقيفة العامة ليس ظلما

قوله باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره كذا لأبي ذر بالتنوين على إفراد الخشبة ولغيره بصيغة الجمع وهو الذي في حديث الباب قال بن عبد البر روى اللفظان في الموطأ والمعنى واحد لأن المراد بالواحد الجنس انتهى وهذا الذي يتعين للجمع بين الروايتين وإلا فالمعنى قد يختلف باعتبار أن أمر الخشبة الواحدة أخف في مسامحة الجار بخلاف الخشب الكثير وروى الطحاوي عن جماعة من المشايخ أنهم رووه بالإفراد وأنكر ذلك عبد الغني بن سعيد فقال الناس كلهم يقولونه بالجمع إلا الطحاوي وما ذكرته من اختلاف الرواة في الصحيح يرد على عبد الغني بن سعيد إلا إن أراد خاصا من الناس كالذين روى عنهم الطحاوي فله اتجاه

[ 2331 ] قوله عن بن شهاب كذا في الموطأ وقال خالد بن مخلد عن مالك عن أبي الزناد بدل الزهري وقال بشر بن عمرو عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة بدل الأعرج ووافقه هشام بن يوسف عن مالك ومعمر عن الزهري ورواه الدارقطني في الغرائب وقال المحفوظ عن مالك الأول وقال في العلل رواه هشام الدستوائي عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب بدل الأعرج وكذا قال عقيل عن الزهري وقال بن أبي حفصة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بدل الأعرج والمحفوظ عن الزهري عن الأعرج وبذلك جزم بن عبد البر أيضا ثم أشار إلى أنه يحتمل أن يكون عند الزهري عن الجميع قوله ولا يمنع بالجزم على أن لا ناهية ولأبي ذر بالرفع على أنه خبر بمعنى النهي ولأحمد لا يمنعن بزيادة نون التوكيد وهي تؤيد رواية الجزم قوله جار جاره الخ استدل به على أن الجدار إذا كان لواحد وله جار فأراد أن يضع جذعه عليه جاز سواء أذن المالك أم لا فإن امتنع أجبر وبه قال أحمد وإسحاق وغيرهما من أهل الحديث وابن حبيب من المالكية والشافعي في القديم وعنه في الجديد قولان أشهرهما اشتراط إذن المالك فإن أمتنع لم يجبر وهو قول الحنفية وحملوا الأمر في الحديث على الندب والنهي على التنزيه جمعا بينه وبين الأحاديث الدالة على تحريم مال المسلم إلا برضاه وفيه نظر كما سيأتي وجزم الترمذي وابن عبد البر عن الشافعي بالقول القديم وهو نصه في البويطي قال البيهقي لم نجد في السنن الصحيحة ما يعارض هذا الحكم إلا عمومات لا يستنكر أن نخصها وقد حمله الراوي على ظاهره وهو أعلم بالمراد بما حدث به يشير إلى قول أبي هريرة ما لي أراكم عنها معرضين قوله ثم يقول أبو هريرة في رواية بن عيينة عند أبي داود فنكسوا رءوسهم ولأحمد فلما حدثهم أبو هريرة بذلك طأطؤا رءوسهم قوله عنها أي عن هذه السنة أو عن هذه المقالة قوله لأرمينها في رواية أبي داود لألقينها أي لاشيعن هذه المقالة فيكم ولأقرعنكم بها كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه ليستيقظ من غفلته قوله بين أكتافكم قال بن عبد البر رويناه في الموطأ بالمثناة وبالنون والاكناف بالنون جمع كنف بفتحها وهو الجانب قال الخطابي معناه إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لأجعلنها أي الخشبة على رقابكم كارهين قال وأراد بذلك المبالغة وبهذا التأويل جزم إمام الحرمين تبعا لغيره وقال إن ذلك وقع من أبي هريرة حين كان يلي إمرة المدينة وقد وقع عند بن عبد البر من وجه آخر لأرمين بها بين أعينكم وإن كرهتم وهذا يرجح التأويل المتقدم واستدل المهلب من المالكية بقول أبي هريرة مالي أراكم عنها معرضين بأن العمل كان في ذلك العصر على خلاف ما ذهب إليه أبو هريرة قال لأنه لو كان على الوجوب لما جهل الصحابة تأويله ولا أعرضوا عن أبي هريرة حين حدثهم به فلولا أن الحكم قد تقرر عندهم بخلافه لما جاز عليهم جهل هذه الفريضة فدل على أنهم حملوا الأمر في ذلك على الاستحباب انتهى وما أدري من أين له أن المعرضين كانوا صحابة وأنهم كانوا عددا لا يجهل مثلهم الحكم ولم لا يجوز أن يكون الذين خاطبهم أبو هريرة بذلك كانوا غير فقهاء بل ذلك هو المتعين وإلا فلو كانوا صحابة أو فقهاء ما واجههم بذلك وقد قوي الشافعي في القديم القول بالوجوب بأن عمر قضى به ولم يخالفه أحد من أهل عصره فكان اتفاقا منهم على ذلك انتهى ودعوى الاتفاق هنا أولى من دعوى المهلب لأن أكثر أهل عصر عمر كانوا صحابة وغالب أحكامه منتشرة لطول ولايته وأبو هريرة إنما كان يلي إمرة المدينة نيابة عن مروان في بعض الأحيان وأشار الشافعي إلى ما أخرجه مالك ورواه هو عنه بسند صحيح أن الضحاك بن خليفة سأل محمد بن مسلمة أن يسوق خليجا له فيمر به في أرض محمد بن مسلمة فامتنع فكلمه عمر في ذلك فأبى فقال والله ليمرن به ولو على بطنك فحمل عمر الأمر على ظاهره وعداه إلى كل ما يحتاج الجار إلى الانتفاع به من دار جاره وأرضه وفي دعوى العمل على خلافه نظر فقد روى بن ماجة والبيهقي من طريق عكرمة بن سلمة أن أخوين من بني المغيرة أعتق أحدهما إن غرز أحد في جداره خشبا فأقبل مجمع بن جارية ورجال كثير من الأنصار فقالوا نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحديث فقال الآخر يا أخي قد علمت أنك مقضي لك علي وقد حلفت فاجعل إسطوانا دون جداري فاجعل عليه خشبك وروى بن إسحاق في مسنده والبيهقي من طريقه عن يحيى بن جعدة أحد التابعين قال أراد رجل أن يضع خشبة على جدار صاحبه بغير إذنه فمنعه فإذا من شئت من الأنصار يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهاه أن يمنعه فجبر على ذلك وقيد بعضهم الوجوب بما إذا تقدم استئذان الجار في ذلك مستندا إلى ذكر الإذن في بعض طرقه وهو في رواية بن عيينة عند أبي داود وعقيل أيضا وأحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك من سأله جاره وكذا لابن حبان من طريق الليث عن مالك وكذا لأبي عوانة من طريق زياد بن سعد عن الزهري وأخرجه البزار من طريق عكرمة عن أبي هريرة ومنهم من حمل الضمير في جداره على صاحب الجذع أي لا يمنعه أن يضع جذعه على جدار نفسه ولو تضرر به من جهة منع الضوء مثلا ولا يخفى بعده وقد تعقبه بن التين بأنه إحداث قول ثالث في معنى الخبر وقد رده أكثر أهل الأصول وفيما قال نظر لأن لهذا القائل أن يقول هذا مما يستفاد من عموم النهي لا أنه المراد فقط والله أعلم ومحل الوجوب عند من قال به أن يحتاج إليه الجار ولا يضع عليه ما يتضرر به المالك ولا يقدم على حاجة المالك ولا فرق بين أن يحتاج في وضع الجذع إلى نقب الجدار أو لا لأن رأس الجذع يسد المنفتح ويقوي الجدار

قوله باب صب الخمر في الطريق أي المشتركة إذا تعين ذلك طريقا لإزالة مفسدة تكون أقوى من المفسدة الحاصلة بصبها

[ 2332 ] قوله حدثنا محمد بن عبد الرحيم هو المعروف بصاعقة وشيخه عفان من كبار شيوخ البخاري وأكثر ما يحدث عنه في الصحيح بواسطة قوله كنت ساقي القوم سيأتي تسمية من عرف منهم في كتاب الأشربة مع الكلام عليه إن شاء الله تعالى قوله فجرت في سكك المدينة أي طرقها وفي السياق حذف تقديره حرمت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم باراقتها فأريقت فجرت وسيأتي مزيد بيان لذلك في تفسير المائدة قال المهلب إنما صبت الخمر في الطريق للاعلان برفضها وليشهر تركها وذلك أرجح في المصلحة من التأذي بصبها في الطريق

قوله باب أفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات أما الأفنية فهي جمع فناء بكسر الفاء والمد وقد تقصر وهو المكان المتسع أمام الدور والترجمة معقودة لجواز تحجيره بالبناء وعليه جرى العمل في بناء المساطب في أبواب الدور والجواز مقيد بعدم الضرر للجار والمار والصعدات بضمتين جمع صعد بضمتين أيضا وقد يفتح أوله وهو جمع صعيد كطرق وطرقات وزنا ومعنى والمراد به ما يراد من الفناء وزعم ثعلب أن المراد بالصعدات وجه الأرض ويلتحق بما ذكر ما في معناه من الجلوس في الحوانيت وفي الشبابيك المشرفة على المار حيث تكون في غير العلو قوله وقالت عائشة فابتنى أبو بكر مسجدا الحديث هو طرف من حديث طويل وصله المؤلف في الهجرة بطوله ومضى في أبواب المساجد وترجم له المسجد يكون بالطريق من غير ضرر بالناس

[ 2333 ] قوله إياكم والجلوس بالنصب على التحذير قوله الطرقات ترجم بالصعدات ولفظ المتن الطرقات إشارة إلى تساويهما في المعنى وقد ورد بلفظ الصعدات من حديث أبي هريرة عند بن حبان وهو عند أبي داود بلفظ الطرقات وزاد في المتن وإرشاد السبيل وتشميت العاطس إذا حمد ومن حديث عمر عند الطبري وزاد في المتن واغاثة الملهوف قوله قالوا ما لنا من مجالسنا بد القائل ذلك هو أبو طلحة وهو بين من روايته عند مسلم قوله فإذا أتيتم إلى المجالس كذا للأكثر بالمثناة وبالى التي للغاية وفي رواية الكشميهني فإذا أبيتم بالموحدة وقال الا بالتشديد وهكذا وقع في كتاب الاستئذان بالموحدة وإلا التي هي حرف استثناء وهو الصواب والمجالس فيها استعمال المجالس بمعنى الجلوس وقد تبين من سياق الحديث أن النهي عن ذلك للتنزيه لئلا يضعف الجالس عن أداء الحق الذي عليه وأشار بغض البصر إلى السلامة من التعرض للفتنة بمن يمر من النساء وغيرهن وبكف الأذى إلى السلامة من الاحتقار والغيبة ونحوها وبرد السلام إلى إكرام المار وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى استعمال جميع ما يشرع وترك جميع ما لا يشرع وفيه حجة لمن يقول بأن سد الذرائع بطريق الأولى لا على الحتم لأنه نهى أولا عن الجلوس حسما للمادة فلما قالوا ما لنا منها بد ذكر لهم المقاصد الأصيلة للمنع فعرف أن النهي الأول للإرشاد إلى الأصلح ويؤخذ منه أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة لندبه أولا إلى ترك الجلوس مع ما فيه من الأجر لمن عمل بحق الطريق وذلك أن الاحتياط لطلب السلامة آكد من الطمع في الزيادة وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الاستئذان مع الإشارة إلى بقية الخصال التي ورد ذكرها في غير هذا الحديث إن شاء الله تعالى

قوله باب الآبار بمدة وتخفيف الموحدة ويجوز بغير مد وتسكين الموحدة بعدها همزة وهو الأصل في هذا الجمع قوله التي على الطريق إذا لم يتأذ بها بضم أول يتأذ على البناء للمجهول أي إن حفرها جائز في طريق المسلمين لعموم النفع بها إذا لم يحصل بها تأذ لأحد منهم وذكر فيه حديث أبي هريرة في الذي وجد بئرا في الطريق فنزل فيها فشرب ثم سقى الكلب وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في كتاب الشرب وقوله

[ 2334 ] في هذه الرواية يلهث يأكل الثرى يجوز أن يكون خبرا ثانيا وأن يكون حالا وقوله في كل ذات كبد أي في إرواء كل ذات كبد

قوله باب إماطة الأذى أي إزالته قوله وقال همام الخ هو طرف من حديث وصله المصنف في الجهاد في باب من أخذ بالركاب بلفظ وتميط الأذى عن الطريق صدقة وسيأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى ووقع في حديث أبي صالح عن أبي هريرة في ذكر شعب الإيمان أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ومعنى كون الاماطة صدقة أنه تسبب إلى سلامة من يمر به من الأذى فكأنه تصدق عليه بذلك فحصل له أجر الصدقة وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإمساك عن الشر صدقة على النفس

قوله باب الغرفة بضم المعجمة وسكون الراء أي المكان المرتفع في البيت والعلية بضم أوله وتكسر وبتشديد اللام المكسورة وتشديد التحتانية المشرفة بالمعجمة والفاء وتخفيف الراء وغير المشرفة في السطوح وغيرها ويجتمع بالتقسيم مما ذكره أربعة أشياء بالنسبة إلى الإشراف وعدمه وبالنسبة إلى كونها في السطوح وفي غيرها وحكم المشرفة الجواز إذا أمن من الأشراف على عورات المنازل فإن لم يؤمن لم يجبر على سده بل يؤمر بعدم الأشراف ولمن هو أسفل منه أن يتحفظ ثم ساق المصنف في الباب ثلاثة أحاديث الأول حديث أسامة بن زيد أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم وهو بضمتين وتقدم في أواخر الحج وسيأتي الكلام عليه في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى الثاني حديث بن عباس عن عمر في قصة المرأتين اللتين تظاهرتا أورده مطولا وقدمضى في العلم مختصرا ويأتي الكلام على شرحه مستوفى في النكاح إن شاء الله تعالى وقوله

[ 2335 ] في السند عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور هو تابعي ثقة ذكر الدمياطي عن الخطيب أنه لم يرو عن غير بن عباس ولا حدث عنه إلا الزهري ولم يتعقبه وقد أخرج أبو داود وغيره من طريق محمد بن جعفر عن أبي الزبير عنه عن بن عباس حديثا فما سلم له الشق الثاني الثالث حديث أنس قال آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا الحديث وسيأتي الكلام عليه في النكاح أيضا وكأنه أورده لقوله فجلس في علية له فجاء عمر فقال أطلقت نساءك فإن في حديث عمر الذي قبله فدخل مشربة له فاعتزل فيها وفيه فجئت المشربة التي هو فيها فقلت لغلام أسود استأذن لعمر الحديث والمراد بالمشربة الغرفة العالية فأراد بإيراد حديث أنس أنها كانت عالية وإذا جاز اتخاذ الغرفة العالية جاز اتخاذ غير العالية من باب الأولى وأما المشرفة فحكمها مستفاد من حديث أسامة الذي صدر به الباب والله أعلم وأظن البخاري تأسى بعمر حيث ساق الحديث كله وكان يكفيه في جواب سؤال بن عباس أن يكتفي بقول عائشة وحفصة كما كان يكفي البخاري أن يكتفي بقوله مثلا ودخل النبي صلى الله عليه وسلم مشربة له فاعتزل فيها كما جرت به عادته والله أعلم وقوله

[ 2336 ] في حديث عمر واعجبا بالتنوين وأصله وا التي للندبة وجاء بعده عجبا للتأكيد وفي رواية الكشميهني واعجبي قال بن مالك فيه شاهد على استعمال وا في غير الندبة وهو رأي المبرد قيل إن عمر تعجب من بن عباس كيف خفي عليه هذا مع اشتهاره عنده بمعرفة التفسير أو عجب من حرصه على تحصيل التفسير بجميع طرقه حتى في تسمية من أبهم فيه وهو حجة ظاهرة في السؤال عن تسمية من أبهم أو أهمل وقوله كنت وجار لي بالرفع للأكثر ويجوز النصب وقوله فيه تنعل النعال أي تضربها وتسويها أو هو متعد إلى مفعولين فحذف أحدهما والأصل تنعل الدواب النعال وروى البغال بالموحدة والمعجمة وسيأتي في النكاح بلفظ تنعل الخيل وقوله فأفزعني أي القول وللكشميهني فافزعنني بصيغة جمع المؤنث وقوله خابت من فعلت منهن في رواية الكشميهني جاءت من فعلت منهن بعظيم وقوله على رمال بكسر الراء ويجوز ضمها يقال رمل الحصير إذا نسجه والمراد ضلوعه المتداخلة بمنزلة الخيوط في الثوب المنسوج وكأنه لم يكن فوق الحصير فراش ولا غيره أو كان بحيث لا يمنع تأثير الحصير قوله فقلت وأنا قائم أستأنس أي أقول قولا أستكشف به هل ينبسط لي أم لا ويكون أول كلامه يا رسول الله لو رأيتني ويحتمل أن يكون استفهاما محذوف الأداة أي أأستأنس يا رسول الله ويكون أول الكلام الثاني لو رأيتني ويكون جواب الاستفهام فحذوفا واكتفى فيما أراد بقرينة الحال وقوله وقوله أهبة بفتح الهمزة والهاء ويجوز ضمها وقوله أنا أصبحنا بتسع في رواية الكشميهني لتسع

قوله باب من عقل بعيره على البلاط بفتح الموحدة وهي حجارة مفروشة كانت عند باب المسجد وقوله أو باب المسجد هو بالاستنباط من ذلك وأشار به إلى ما ورد في بعض طرقه وأورد فيه طرفا من حديث جابر في قصة جمله الذي باعه النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الشروط وغرضه هنا

[ 2338 ] قوله فعقلت الجمل في ناحية البلاط فإنه يستفاد منه جواز ذلك إذا لم يحصل به ضرر

قوله باب الوقوف والبول عند سباطة قوم أورد فيه حديث حذيفة في ذلك وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الطهارة وجاز البول في السباطة وإن كانت لقوم بأعيانهم لأنها أعدت لالقاء النجاسات والمستقذرات

قوله باب من أخذ الغصن وما يؤذي الناس في الطريق فرمى به في رواية الكشميهني من أخر بتشديد المعجمة بعدها راء وأورد فيه حديث أبي هريرة في ذلك بلفظ غصن شوك وفي حديث أنس عند أحمد أن شجرة كانت على طريق الناس تؤذيهم فأتى رجل فعزلها وقد تقدم في أواخر أبواب الأذان مع الكلام عليه وقوله فغفر له وقع في حديث أنس المذكور ولقد رأيته يتقلب في ظلها في الجنة وينظر في هذه الترجمة وفي التي قبلها بثلاث أبواب وهي إماطة الأذى وكأن تلك أعم من هذه لعدم تقييدها بالطريق وأن تساويا في فضل عموم المزال وفيه أن قليل الخير يحصل به كثير الأجر قال بن المنير إنما ترجم به لئلا يتخيل أن الرمي بالغصن وغيره مما يؤذي تصرف في ملك بغير إذنه فيمتنع فأراد أن يبين أن ذلك لا يمتنع لما فيه من الندب إليه وقد روى مسلم من حديث أبي برزة قال قلت يا رسول الله دلني على عمل أنتفع به قال اعزل الأذى عن طريق المسلمين تنبيه أبو عقيل بفتح المهملة بعدها قاف اسمه بشير بفتح أوله وبالمعجمة بن عقبة وسيأتي في الشركة قريبا زهرة بن معبد وكنيته أبو عقيل أيضا وهو غير هذا

قوله باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء بكسر الميم وسكون التحتانية بعدها مثناة ومد بوزن مفعال من الإتيان والميم زائدة قال أبو عمرو الشيباني الميتاء أعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس بها وقال غيره هي الطريق الواسعة وقيل العامرة قوله وهي الرحبة تكون بين الطريقين ثم يريد أهلها البنيان الخ وهو مصير منه إلى اختصاص هذا الحكم بالصورة التي ذكرها وقد وافقه الطحاوي على ذلك فقال لم نجد لهذا الحديث معنى أولى من حمله على الطريق التي يراد ابتداؤها إذا اختلف من يبتدئها في قدرها كبلد يفتحها المسلمون وليس فيها طريق مسلوك وكموات يعطيه الإمام لمن يحييها إذا أراد أن يجعل فيها طريقا للمارة ونحو ذلك وقال غيره مراد الحديث أن أهل الطريق إذا تراضو على شيء كان لهم ذلك وأن اختلفوا جعل سبعة أذرع وكذلك الأرض التي تزرع مثلا إذا جعل أصحابها فيها طريقا كان باختيارهم وكذلك الطريق التي لا تسلك إلا في النادر يرجع في أفنيتها إلى ما يتراضى عليه الجيران

[ 2341 ] قوله عن الزبير بن خريت بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة بصري ما له في البخاري سوى هذا الحديث وحديثين في التفسير وآخر في الدعوات وقد أورد بن عدي هذا الحديث في أفراد جرير بن حازم راوية عن الزبير هذا فهو من غرائب الصحيح ولكن شاهده في مسلم من حديث عبد الله بن الحارث عن بن عباس وعند الإسماعيلي من طريق وهب بن جرير عن أبيه سمعت الزبير قوله إذا تشاجروا تفاعلوا من المشاجرة بالمعجمة والجيم أي تنازعوا وللإسماعيلي إذا اختلف الناس في الطريق ولمسلم من طريق عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة إذا اختلفتم وأخرجه أبو عوانة في صحيحه وأبو داود والترمذي وابن ماجة من طريق بشير بن كعب وهو بالتصغير والمعجمة عن أبي هريرة بلفظ إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع ومثله لابن ماجة من حديث بن عباس قوله في الطريق زاد المستملي في روايته الميتاء ولم يتابع عليه وليست بمحفوظة في حديث أبي هريرة وإنما ذكرها المؤلف في الترجمة مشيرا بها إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته وذلك فيما أخرجه عبد الرزاق عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اختلفتم في الطريق الميتاء فاجعلوها سبعة أذرع وروى عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبري من حديث عبادة بن الصامت قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الميتاء فذكره في أثناء حديث طويل ولابن عدي من حديث أنس بن الصامت قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الميتاء التي تؤتى من كل مكان فذكره وفي كل من الأسانيد الثلاثة مقال قوله بسبعة أذرع الذي يظهر أن المراد بالذراع ذراع الآدمي فيعتبر ذلك بالمعتدل وقيل المراد بالذراع ذراع البنيان المتعارف قال الطبري معناه أن يجعل قدر الطريق المشتركة سبعة أذرع ثم يبقى بعد ذلك لكل واحد من الشركاء في الأرض قدر ما ينتفع به ولا يضر غيره والحكمة في جعلها سبعة أذرع لتسلكها الأحمال والأثقال دخولا وخروجا ويسع ما لا بد لهم من طرحه عند الأبواب ويلتحق بأهل البنيان من قعد للبيع في حافة الطريق فإن كانت الطريق أزيد من سبعة أذرع لم يمنع من القعود في الزائد وأن كان أقل منع لئلا يضيق الطريق على غيره

قوله باب النهبي بغير إذن صاحبه أي صاحب الشيء المنهوب والنهبى بضم النون فعلى من النهب وهو أخذ المرء ما ليس له جهارا ونهب مال الغير غير جائز ومفهوم الترجمة أنه إذا أذن جاز ومحله في المنهوب المشاع كالطعام يقدم للقوم فلكل منهم أن يأخذ مما يليه ولا يجذب من غيره الا برضاه وبنحو ذلك فسره النخعي وغيره وكره مالك وجماعة النهب في نثار العرس لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية والنهب يقتضي خلافها وإما أن يحمل على أنه علق التمليك على ما يحصل لكل أحد ففي صحته اختلاف فلذلك كرهه وسيأتي لذلك مزيد بيان في أول كتاب الشركة إن شاء الله تعالى قوله وقال عبادة بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا ننتهب هذا طرف من حديث وصله المؤلف في وفود الأنصار وقد تقدمت الإشارة إليه في أوائل كتاب الإيمان وكان من شأن الجاهلية انتهاب ما يحصل لهم من الغارات فوقعت البيعة على الزجر عن ذلك

[ 2342 ] قوله سمعت عبد الله بن يزيد كذا للأكثر وللكشميهني وحده بن زيد وهو تصحيف قوله وهو يعني عبد الله جده أي جد عدي لأمه واسم أمه فاطمة وتكنى أم عدي وعبد الله بن يزيد هو الخطمي مضى ذكره في الاستسقاء وليس له عن النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري غير هذا الحديث وله فيه عن الصحابة غير هذا وقد اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وروى هذا الحديث يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن شعبة فقال فيه عن عدي عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري أشار إليه الإسماعيلي وأخرجه الطبراني والمحفوظ عن شعبة ليس فيه أبو أيوب وفيه اختلاف آخر على عدي بن ثابت كما سيأتي في كتاب الذبائح وفي النهي عن النهبة حديث جابر عند أبي داود بلفظ من انتهب فليس منا وحديث أنس عند الترمذي مثله وحديث عمران عند بن حبان مثله وحديث ثعلبة بن الحكم بلفظ أن النهبة لا تحل عند بن ماجة وحديث زيد بن خالد عند أحمد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة قوله عن النهبي والمثلة بضم الميم وسكون المثلثة ويجوز فتح الميم وضم المثلثة وسيأتي شرحها في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى ثم أورد المصنف حديث لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن الحديث وفيه ولا ينتهب نهبة ترفع الناس إليه فيها أبصارهم ومنه يستفاد التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى

[ 2343 ] قوله وعن سعيد يعني بن المسيب وأبي سلمة يعني بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مثله إلا النهبة يعني أن الزهري روى الحديث عن هؤلاء الثلاثة عن أبي هريرة فانفرد أبو بكر بن عبد الرحمن بزيادة ذكر النهبة فيه وظاهره أن الحديث عند عقيل عن الزهري عن الثلاثة على هذا الوجه وقد أخرجه في الحدود فقال فيه عن بن شهاب عن سعيد وأبي سلمة مثله الا النهبة ورواه مسلم من طريق الأوزاعي عن الزهري عن الثلاثة بتمامه وكأن الأوزاعي حمل رواية سعيد وأبي سلمة على رواية أبي بكر والذي فصلها أحفظ منه فهو المحفوظ وسيأتي مزيد بان لذلك في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى قوله قال الفربري وجدت بخط أبي جعفر هو بن أبي حاتم وراق البخاري قال أبو عبد الله هو المصنف تفسيره أي تفسير النفي في قوله لا يزني وهو مؤمن أن ينزع منه يريد الإيمان وهذا التفسير تلقاه البخاري من بن عباس فسيأتي في أول الحدود وقال بن عباس ينزع منه نور الإيمان وسنذكر هناك من وصله ومن وافقه على هذا التأويل ومن خالفه إن شاء الله تعالى

قوله باب كسر الصليب وقتل الخنزير أورد فيه حديث أبي هريرة وينزل بن مريم وسيأتي شرحه في أحاديث الأنبياء وقد تقدم من وجه آخر في باب من قتل الخنزير في أواخر البيوع وفي إيراده هنا إشارة إلى أن من قتل خنزيرا أو كسر صليبا لا يضمن لأنه فعل مأمورا به وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأن عيسى عليه السلام سيفعله وهو إذا نزل كان مقررا لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى ولا يخفى أن محل جواز كسر الصليب إذا كان مع المحاربين أو الذمي إذا جاوز به الحد الذي عوهد عليه فإذا لم يتجاوز وكسره مسلم كان متعديا لأنهم على تقريرهم على ذلك يؤدون الجزية وهذا هو السر في تعميم عيسى كسر كل صليب لأنه لا يقبل الجزية وليس ذلك منه نسخا لشرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بل الناسخ هو شرعنا على لسان نبينا لاخباره بذلك وتقريره

قوله باب هل تكسر الدنان التي فيها خمر أو تخرق الزقاق لم يبين الحكم لأن المعتمد فيه التفصيل فإن كانت الأوعية بحيث يراق ما فيها وإذا غسلت طهرت وانتفع بها لم يجز إتلافها وإلا جاز وكأنه أشار بكسر الدنان إلى ما أخرجه الترمذي عن أبي طلحة قال يا نبي الله اشتريت خمرا لأيتام في حجري قال أهرق الخمر وكسر الدنان وأشار بتخريق الزقاق إلى ما أخرجه أحمد عن بن عمر قال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم شفرة وخرج إلى السوق وبها زقاق خمر جلبت من الشام فشق بها ما كان من تلك الزقاق فأشار المصنف إلى أن الحديثين إن ثبتا فإنما أمر بكسر الدنان وشق الزقاق عقوبة لأصحابها وإلا فالانتفاع بها بعد تطهيرها ممكن كما دل عليه حديث سلمة أول أحاديث الباب قوله فان كسر صنما أو صليبا أو طنبورا أو ما لا ينتفع بخشبه أي هل يضمن أم لا أما الصنم والصليب فمعروفان يتخذان من خشب ومن حديد ومن نحاس وغير ذلك وأما الطنبور فهو بضم الطاء والموحدة بينهما نون ساكنة آلة من آلات الملاهي معروفة وقد تفتح طاؤه وأما ما لا ينتفع بخشبه فبينه وبين ما تقدم خصوص وعموم وقال الكرماني المعنى أو كسر شيئا لا يجوز الانتفاع بخشبه قبل الكسر كآلة الملاهي يعني فيكون من العام بعد الخاص قال ويحتمل أن يكون أو بمعنى حتى أي كسر ما ذكر إلى حد لا ينتفع بخشبه أو هو عطف على محذوف تقديره كسر كسرا لا ينتفع بخشبه ولا ينتفع به بعد الكسر قلت ولا يخفى تكلف هذا الأخير وبعد الذي قبله قوله وأتى شريح في طنبور كسر فلم يقض فيه بشيء أي لم يضمن صاحبه وقد وصله بن أبي شيبة من طريق أبي حصين بفتح أوله بلفظ أن رجلا كسر طنبورا لرجل فرفعه إلى شريح فلم يضمنه شيئا ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث أحدها حديث سلمة بن الأكوع في غسل القدور التي طبخت فيها الحمر وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى وهو يساعد ما أشرت إليه في الترجمة من التفصيل قال بن الجوزي أراد التغليظ عليهم في طبخهم ما نهى عن أكله فلما رأى إذعانهم اقتصر على غسل الأواني وفيه رد على من زعم أن دنان الخمر لا سبيل إلى تطهيرها لما بداخلها من الخمر فإن الذي داخل القدور من الماء الذي طبخت به الخمر يطهره وقد أذن صلى الله عليه وسلم في غسلها فدل على إمكان تطهيرها قوله قال أبو عبد الله هو المصنف كان بن أبي أويس يعني شيخه إسماعيل

[ 3245 ] قوله الانسية بنصب الألف والنون يعني أنها نسبت إلى الأنس بالفتح ضد الوحشة تقول أنسته أنسة وأنسا بإسكان النون وفتحها والمشهور في الروايات بكسر الهمزة وسكون النون نسبة إلى الإنس أي بني آدم لأنها تألفهم وهي ضد الوحشية تنبيه ثبت هذا التفسير لأبي ذر وحده وتعبيره عن الهمزة بالألف وعن الفتح بالنصب جائز عند المتقدمين وإن كان الاصطلاح أخيرا قد استقر على خلافه فلا يبادر إلى إنكاره ثانيها حديث بن مسعود في طعن الأصنام وسيأتي الكلام عليه في غزوة الفتح قوله يطعنها بفتح العين وبضمها قال الطبري في حديث بن مسعود جواز كسر آلات الباطل وما لا يصلح إلا في المعصية حتى تزول هيئتها وينتفع برضاضها ثالثها حديث عائشة في هتك الستر الذي فيه التماثيل وسيأتي الكلام عليه في اللباس ونذكر فيه وجه الجمع بين قولها كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكىء عليها وبين قولها في الطريق الأخرى ما بال هذه النمرقة قلت اشتريتها لتوسدها قال ان البيت الذي فيه الصورة لا تدخله الملائكة والسهوة بفتح المهملة وسكون الهاء صفة وقيل خزانة وقيل رف وقيل طاق يوضع فيه الشيء قال بن التين قولها فهتكه أي شقه كذا قال والذي يظهر أنه نزعه ثم هي بعد ذلك قطعته كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى

قوله باب من قاتل دون ماله أي حكمة قال القرطبي دون في أصلها ظرف مكان بمعنى تحت وتستعمل للسببية على المجاز ووجهه أن الذي يقاتل عن ماله غالبا إنما يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل عليه

[ 2348 ] قوله حدثنا عبد الله بن يزيد هو المقرئ وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي ووقع منسوبا هكذا عند الإسماعيلي قوله عن عكرمة في رواية الطبري عن أبي الأسود أن عكرمة أخبره وليس لعكرمة عن عبد الله بن عمرو وهو بن العاص في صحيح البخاري غير هذا الحديث الواحد قوله من قتل دون ماله فهو شهيد قال الإسماعيلي وكذا أخرجه البخاري وكأنه كتبه من حفظه أو حدث به المقرئ من حفظه فجاء به على اللفظ المشهور وإلا فقد رواه الجماعة عن المقرئ بلفظ من قتل دون ماله مظلوما فله الجنة قال ومن أتى به على غير اللفظ الذي اعتيد فهو أولى بالحفظ ولا سيما وفيهم مثل دحيم وكذلك ما زادوه من قوله مظلوما فإنه لا بد من هذا القيد وساقه من طريق دحيم وابن عمر وعبد العزيز بن سلام قلت وكذلك أخرجه النسائي عن عبيد الله بن فضالة عن المقرئ وكذلك رواه حيوة بن شريح عن أبي الأسود بهذا اللفظ أخرجه الطبري نعم للحديث طريق أخرى عن عكرمة أخرجها النسائي باللفظ المشهور وأخرجه مسلم كذلك من طريق ثابت بن عياض عن عبد الله بن عمرو وفي روايته قصة قال لما كان بين عبد الله بن عمرو وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان يشير للقتال فركب خالد بن العاص إلى عبد الله بن عمرو فوعظه فقال عبد الله بن عمرو أما علمت فذكر الحديث وأشار بقوله ما كان إلى ما بينه حيوة في روايته المشار إليها فإن أولها أن عاملا لمعاوية أجرى عينا من ماء ليسقي بها أرضا فدنا من حائط لآل عمرو بن العاص فأراد أن يخرجه ليجري العين منه إلى الأرض فأقبل عبد الله بن عمرو ومواليه بالسلاح وقالوا والله لا تخرقون حائطنا حتى لا يبقى منا أحد فذكر الحديث والعامل المذكور هو عنبسة بن أبي سفيان كما ظهر من رواية مسلم وكان عاملا لأخيه على مكة والطائف والأرض المذكورة كانت بالطائف وامتناع عبد الله بن عمرو من ذلك لما يدخل عليه من الضرر فلا حجة فيه لمن عارض به حديث أبي هريرة فيمن أراد أن يضع جذعه على جدار جاره والله أعلم وأخرجه النسائي من وجهين آخرين وأبو داود والترمذي من وجه آخر كلهم عن عبيد الله بن عمرو باللفظ المشهور وفي رواية لأبي داود والترمذي من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد ولابن ماجة من حديث بن عمر نحوه وكأن البخاري أشار إلى ذلك في الترجمة لتعبيره بلفظ قاتل وروى الترمذي وبقية أصحاب السنن من حديث سعيد بن زيد نحوه وفيه ذكر الأهل والدم والدين وفي حديث أبي هريرة عند بن ماجة من أريد ماله ظلما فقتل فهو شهيد قال النووي فيه جواز قتل من قصد أخذ المال بغير حق سواء كان المال قليل أو كثيرا وهو قول الجمهور وشذ من أوجبه وقال بعض المالكية لا يجوز إذا طلب الشيء الخفيف قال القرطبي سبب الخلاف عندنا هل الإذن في ذلك من باب تغيير المنكر فلا يفترق الحال بين القليل والكثير أو من باب دفع الضرر فيختلف الحال وحكى بن المنذر عن الشافعي قال من أريد ماله أو نفسه أو حريمه فله الاختيار أن يكلمه أو يستغيث فإن منع أو أمتنع لم يكن له قتاله وإلا فله أن يدفعه عن ذلك ولو أتى على نفسه وليس عليه عقل ولا دية ولا كفارة لكن ليس له عمد قتله قال بن المنذر والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عما ذكر إذا أريد ظلما بغير تفصيل إلا أن كل من يحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه وفرق الأوزاعي بين الحال التي للناس فيها جماعة وإمام فحمل الحديث عليها وأما في حال الاختلاف والفرقة فليستسلم ولا يقاتل أحدا ويرد عليه ما وقع في حديث أبي هريرة عند مسلم بلفظ أرأيت أن جاء رجل يريد أخذ مالي قال فلا تعطه قال أرأيت أن قاتلني قال فاقتله قال أرأيت أن قتلني قال فأنت شهيد قال أرأيت أن قتلته قال فهو في النار قال بن البطال إنما أدخل البخاري هذه الترجمة في هذه الأبواب ليبين أن للإنسان أن يدفع عن نفسه وما له ولا شيء عليه فإنه إذا كان شهيدا إذا قتل فلا قود عليه ولا دية إذا كان هو القاتل

قوله باب إذا كسر قصعة أو شيئا لغيره أي هل يضمن المثل أو القيمة

[ 2349 ] قوله ان النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه في رواية الترمذي من طريق سفيان الثوري عن حميد عن أنس أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قصعة فضربت عائشة القصعة بيدها الحديث أخرجه أحمد عن بن أبي عدي ويزيد بن هارون عن حميد به وقال أظنها عائشة قال الطيبي إنما أبهمت عائشة تفخيما لشأنها وأنه مما لا يخفى ولا يلتبس أنها هي لأن الهدايا إنما كانت تهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها قوله فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لم أقف على اسم الخادم وأما المرسلة فهي زينب بنت جحش ذكره بن حزم في المحلي من طريق الليث بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد سمعت أنس بن مالك أن زينب بنت جحش أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة ويومها جفنة من حيس الحديث واستفدنا منه معرفة الطعام المذكور ووقع قريب من ذلك لعائشة مع أم سلمة فروى النسائي من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي المتوكل عن أم سلمة أنها أتت بطعام في صفحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة الحديث وقد اختلف في هذا الحديث على ثابت فقيل عنه عن أنس ورجح أبو زرعة الرازي فيما حكاه بن أبي حاتم في العلل عنه رواية حماد بن سلمة وقال أن غيرها خطأ ففي الأوسط للطبراني من طريق عبيد الله العمري عن ثابت عن أنس إنهم كانوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة إذ أتى بصحفة خبز ولحم من بيت أم سلمة قال فوضعنا أيدينا وعائشة تصنع طعاما عجلة فلما فرغنا جاءت به ورفعت صحفة أم سلمة فكسرتها الحديث وأخرجه الدارقطني من طريق عمران بن خالد عن ثابت عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة معه بعض أصحابه ينتظرون طعاما فسبقتها قال عمران أكثر ظني أنها حفصة بصحفة فيها ثريد فوضعتها فخرجت عائشة وذلك قبل أن يحتجبن فضربت بها فانكسرت الحديث ولم يصب عمران في ظنه أنها حفصة بل هي أم سلمة كما تقدم نعم وقعت القصة لحفصة أيضا وذلك فيما رواه بن أبي شيبة وابن ماجة من طريق رجل من بني سواءة غير مسمى عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فصنعت له طعاما وصنعت له حفصة طعاما فسبقتني فقلت للجارية انطلقي فأكفئي قصعتها فأكفأتها فانكسرت وانتشر الطعام فجمعه على النطع فأكلوا ثم بعث بقصعتي إلى حفصة فقال خذوا ظرفا مكان ظرفكم وبقية رجاله ثقات وهي قصة أخرى بلا ريب لأن في هذه القصة أن الجارية هي التي كسرت الصحفة وفي الذي تقدم أن عائشة نفسها هي التي كسرتها وروى أبو داود والنسائي من طريق جسرة بفتح الجيم وسكون المهملة عن عائشة قالت ما رأيت صانعة طعاما مثل صفية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام فما ملكت نفسي أن كسرته فقلت يا رسول الله ما كفارته قال إناء كإناء وطعام كطعام إسناده حسن ولأحمد وأبي داود عنها فلما رأيت الجارية أخذتني رعدة فهذه قصة أخرى أيضا وتحرر من ذلك أن المراد بمن أبهم في حديث الباب هي زينب لمجيء الحديث من مخرجه وهو حميد عن أنس وما عدا ذلك فقصص أخرى لا يليق بمن يحقق أن يقول في مثل هذا قيل المرسلة فلانة وقيل فلانة الخ من غير تحرير قوله بقصعة بفتح القاف إناء من خشب وفي رواية بن علية في النكاح عند المصنف بصحفة وهي قصعة مبسوطة وتكون من غير الخشب قوله فضربت بيدها فكسرت القصعة زاد أحمد نصفين وفي رواية أم سلمة عند النسائي فجاءت عائشة ومعها فهر ففلقت به الصحفة وفي رواية بن علية فضربت التي في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت والفلق بالسكون الشق ودلت الرواية الأخرى على أنها انشقت ثم انفصلت قوله فضمها في رواية بن علية فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ولأحمد فأخذ الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل فيها الطعام ولأبي داود والنسائي من طريق خالد بن الحارث عن حميد نحوه وزاد كلوا فأكلوا قوله وحبس الرسول زاد بن علية حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها قوله فدفع القصعة الصحيحة زاد بن علية إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت زاد الثوري وقال إناء كإناء وطعام كطعام قال بن بطال احتج به الشافعي والكوفيون فيمن استهلك عروضا أو حيوانا فعليه مثل ما استهلك قالوا ولا يقضي بالقيمة إلا عند عدم المثل وذهب مالك إلى القيمة مطلقا وعنه في رواية كالأول وعنه ما صنعه الآدمي فالمثل وأما الحيوان فالقيمة وعنه ما كان مكيلا أو موزونا فالقيمة وإلا فالمثل وهو المشهور عندهم وما أطلقه عن الشافعي فيه نظر وإنما يحكم في الشيء بمثله إذا كان متشابه الأجزاء وأما القصعة فهي من المتقومات لاختلاف أجزائها والجواب ما حكاه البيهقي بأن القصعتين كانتا للنبي صلى الله عليه وسلم في بيتي زوجتيه فعاقب الكاسرة بجعل القصعة المكسورة في بيتها وجعل الصحيحة في بيت صاحبتها ولم يكن هناك تضمين ويحتمل على تقدير أن تكون القصعتان لهما أنه رأى ذلك سدادا بينمهما فرضيتا بذلك ويحتمل أن يكون ذلك في الزمان الذي كانت العقوبة فيه بالمال كما تقدم قريبا فعاقب الكاسرة بإعطاء قصعتها للأخرى قلت ويبعد هذا التصريح بقوله إناء كإناء وأما التوجيه الأول فيعكر عليه قوله في الرواية التي ذكرها بن أبي حاتم من كسر شيئا فهو له وعليه مثله زاد في رواية الدارقطني فصارت قضية وذلك يقتضي أن يكون حكما عاما لكل من وقع له مثل ذلك ويبقى دعوى من اعتذر عن القول به بأنها واقعة عين لا عموم فيها لكن محل ذلك ما إذا أفسد المكسور فأما إذا كان الكسر خفيفا يمكن اصلاحه فعلى الجاني أرشه والله أعلم وأما مسألة الطعام فهي محتملة لأن يكون ذلك من باب المعونة والإصلاح دون بت الحكم بوجوب المثل فيه لأنه ليس له مثل معلوم وفي طرق الحديث ما يدل على ذلك وأن الطعامين كانا مختلفين والله أعلم واحتج به الحنفية لقولهم إذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب حتى زال اسمها وعظم منافعها زال ملك المغصوب عنها وملكها الغاصب وضمنها وفي الاستدلال لذلك بهذا الحديث نظر لا يخفى قال الطيبي وإنما وصفت المرسلة بأنها أم المؤمنين ايذانا بسبب الغيرة التي صدرت من عائشة وإشارة إلى غيرة الأخرى حيث أهدت إلى بيت ضرتها وقوله غارت أمكم اعتذار منه صلى الله عليه وسلم لئلا يحمل صنيعها على ما يذم بل يجري على عادة الضرائر من الغيرة فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها وسيأتي مزيد لما يتعلق بالغيرة في كتاب النكاح حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى وفي الحديث حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وانصافه وحلمه قال بن العربي وكأنه إنما لم يؤدب الكاسرة ولو بالكلام لما وقع منها من التعدي لما فهم من أن التي أهدت أرادت بذلك أذى التي هو في بيتها والمظاهرة عليها فاقتصر على تغريمها للقصعة قال وإنما لم يغرمها الطعام لأنه كان مهدي فاتلافهم له قبول أو في حكم القبول وغفل رحمه الله عما ورد في الطرق الأخرى والله المستعان قوله وقال بن أبي مريم هو سعيد شيخ البخاري وأراد بذلك بيان التصريح بتحديث أنس لحميد وقد وقع تصريحه بالسماع منه لهذا الحديث في رواية جرير بن حازم المذكورة أو لا من عند بن حزم

قوله باب إذا هدم حائطا فليبن مثله أي خلافا لمن قال تلزمه القيمة من المالكية وغيرهم وأورد فيه المصنف حديث أبي هريرة في قصة جريج الراهب مختصرا وساقه في أحاديث الأنبياء من هذا الوجه مطولا ويأتي الكلام عليه هناك مستوفى إن شاء الله تعالى وموضع الحاجة منه هنا قوله فقالوا نبني صومعتك من ذهب قال لا الا من طين وقال قبل ذلك فكسروا صومعته وتوجيه الاحتجاج به أن شرع من قبلنا شرع لنا وهو كذلك إذا لم يأت شرعنا بخلافه كما تقدم غير مرة لكن في الاستدلال بقصة جريج فيما ترجم به نظر قال بن المنير الاستدلال بذلك غير ظاهر فيما ترجم له لأنهم عرضوا عليه ما لا يلزمهم اتفاقا وهو بناؤها من ذهب وما أجابهم جريج الا بقوله من طين وأشار بذلك إلى الصفة التي كانت عليها قال ولا خلاف أن الهادم لو التزم الإعادة ورضي صاحبه في جواز ذلك قال ويحتمل على أصل مالك أن لا يجوز لأنه فسخ لما وجب ناجزا وهو القيمة إلى ما يتأخر وهو البنيان قال بن مالك في

[ 2350 ] قوله لا الا من طين شاهد على حذف المجزوم بلا فإن التقدير لا نبنوها الا من طين خاتمة اشتمل كتاب المظالم من الأحاديث المرفوعة على ثمانية وأربعين حديثا المعلق منها ستة المكرر منها فيه وفيما مضى ثمانية وعشرون حديثا وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي سعيد إذا خلص المؤمنون وحديث أنس انصر أخاك وحديث أبي هريرة من كانت له مظلمة وحديث بن عمر من أخذ شيئا من الأرض وحديث عبد الله بن يزيد في النهي عن النهبى والمثلة وحديث أنس في القصعة المكسورة وفيه من الآثار سبعة آثار والله سبحانه وتعالى أعلم