كتاب العقيقة
 بسم الله الرحمن الرحيم كتاب العقيقة بفتح العين المهملة وهو اسم لما يذبح عن المولود واختلف في اشتقاقها فقال أبو عبيد والأصمعي أصلها الشعر الذي يخرج على رأس المولود وتبعه الزمخشري وغيره وسميت الشاة التي تذبح عنه في تلك الحالة عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح وعن أحمد أنها مأخوذة من العق وهو الشق والقطع ورجحه بن عبد البر وطائفة قال الخطابي العقيقة اسم الشاة المذبوحة عن الولد سميت بذلك لأنها تعق مذابحها إني تشق وتقطع قال وقيل هي الشعر الذي يحلق وقال بن فارس الشاة التي تذبح والشعر كل منهما يسمى عقيقة يقال عق يعق إذا حلق عن ابنه عقيقته وذبح للمساكين شاة وقال القزاز أصل العق الشق فكأنها قيل لها عقيقة بمعنى معقوقة وسمي شعر المولود عقيقة باسم ما يعق عنه وقيل بأسم المكان الذي انعق عنه فيه وكل مولود من البهائم فشعره عقيقة فإذا سقط وبر البعير ذهب عقه ويقال اعقت الحامل نبتت عقيقة ولدها في بطنها قلت ومما ورد في تسمية الشاة عقيقة ما أخرجه البزار من طريق عطاء عن بن عباس رفعه للغلام عقيقتان وللجارية عقيقة وقال لا نعلمه بهذا اللفظ الا بهذا الإسناد اه ووقع في عدة أحاديث عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة

قوله باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه كذا في رواية أبي ذر عن الكشميهني وسقط لفظه عن للجمهور وللنسفي وأن لم يعق عنه بدل لمن لم يعق عنه ورواية الفربري أولي لأن قضية رواية النسفي تعين التسمية غداة الولادة سواء حصلت العقيقة عن ذلك المولود أم لا وهذا يعارضه الأخبار الواردة في التسمية يوم السابع كما سأذكرها قريبا وقضية رواية الفربري أن من لم يرد أن يعق عنه لا يؤخر تسميته إلى السابع كما وقع في قصة إبراهيم بن أبي موسى وعبد الله بن أبي طلحة وكذلك إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن الزبير فإنه لم ينقل أنه عق عن أحد منهم ومن أريد أن يعق عنه تؤخر تسميته الى السابع كما سيأتي في الأحاديث الأخرى وهو جمع لطيف لم أره لغير البخاري قوله وتحنيكه أي غداة يولد وكأنه قيد بالغداة أتباعا للفظ الخبر والغداة تطلق ويراد بها مطلق الوقت وهو المراد هنا وإنما اتفق تأخير ذلك لضورة الواقع فلو اتفق أنها تلد نصف النهار مثلا فوقت التحنيك والتسمية بعد الغداة قطعا والتحنيك مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي ودلك حنكه به يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل ويقوى عليه وينبغي عند التحنيك أن يفتح فاه حتى ينزل جوفه واولاه التمر فإن لم يتيسر تمر فرطب وإلا فشيء حلو وعسل النحل أولي من غيره ثم ما لم تمسه نار كما في نظيره مما يفطر الصائم عليه ويستفاد من قوله وأن لم يعق عنه الإشارة إلى أن العقيقة لا تجب قال الشافعي أفرط فيها رجلان قال أحدهما هي بدعة والاخر قال واجبة وأشار بقائل الوجوب إلى الليث بن سعد ولم يعرف إمام الحرمين الوجوب الا عن داود فقال لعل الشافعي أراد غير داود إنما كان بعده وتعقب بأنه ليس للعل هنا معنى بل هو أمر محقق فإن الشافعي مات ولداود أربع سنين وقد جاء الوجوب أيضا عن أبي الزناد وهي رواية عن أحمد والذي نقل عنه انها بدعة أبو حنيفة قال بن المنذر انكر أصحاب الرأي أن تكون سنة وخالفوا في ذلك الآثار الثابتة واستدل بعضهم بما رواه مالك في الوطأ عن زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن أبيه سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال لا أحب العقوق كأنه كره الاسم وقال من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل وفي رواية سعيد بن منصور عن سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن عمه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن العقيقة وهو على المنبر بعرفة فذكره وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه أبو دود ويقوى أحد الحديثين بلآخر قال أبو عمر لا أعلمه مرفوعا إلا عن هذين قلت وقد أخرجه البزار وأبو الشيخ في العقيقة من حديث أبي سعيد ولا حجة فيه لنفي مشروعيتها بل آخر الحديث يثبتها وإنما غايته أن يؤخذ منه أن الأولى أن تسمى نسيكة أو ذبيحة وأن لا تسمى عقيقة وقد نقله بن أبي الدم عن بعض الأصحاب قال كما في تسمية العشاء عتمة وادعى محمد بن الحسن نسخها بحديث نسخ الاضحي كل ذبح أخرجه الدارقطني من حديث على وفي سنده ضعف وما نفي بن عبد البر وروده فمتعقب وعلى تقدير أن يثبت أنها كانت واجبة ثم نسخ وجوبها فيبقى الاستحباب كما جاء في صوم عاشوراء فلا حجة فيه أيضا لمن نفى مشروعيتها ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث الأول حديث أبي موسى

[ 5150 ] قوله بريد بالموحدة والراء مصغر هو بن عبد الله بن أبي بردة وهو يروي عن جده أبي بردة عن أبي موسى الأشعري نسخه وإبراهيم بن أبي موسى المذكور في هذا الحديث ذكره جماعة في الصحابة لما وقع في هذا الحديث وذلك يقتضي أن تكون له رواية وقد ذكره بن حبان في الصحابة وقال لم يسمع من الني صلى الله عليه وسلم شيئا ثم ذكره في ثقات التابعين وليس ذلك تناقضا منه بل هو بالاعتبارين قوله فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم فحنكه فيه اشعار بأنه أسرع بإحضاره إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن تحنكيه كان بعد تسميته ففيه تعجيل تسمية المولود ولا ينتظر بها الى السابع وما ما رواه أصحاب السنن الثلاثة من حديث الحسن عن سمرة في حديث العقيقة تذبح عنه يوم السابع ويسمي فقد اختلف في هذه اللفظة هل هي يسمى أو يدمى بالدال بدل السين وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي يليه ويدل على أن التسمية لا تختص بالسبع ما تقدم في النكاح من حديث أبي أسيد أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بابنه حين ولد فسماه المنذر وما أخرجه مسلم من حديث ثابت عن أنس رفعه قال ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ثم دفعه إلى أم سيف الحديث قال البيهقي تسمية المولود حين يولد أصح من الأحاديث في تسميته يوم السابع قلت قد ورد فيه غير ما ذكر ففي البزار وصحيحي بن حبان والحاكم بسند صحيح عن عائشة قالت عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع وسماهما وللترمذي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسمية المولود لسابعه وهذا من الأحاديث التي يتعين فيها أن الجد هو الصحابي لا جد عمرو الحقيقي محمد بن عبد الله بن عمرو وفي الباب عن بن عباس قال سبعة من السنة في الصبي يوم السابع يسمى ويختن ويماط عنه الأذى وتثقب إذنه ويعق عنه ويحلق رأسه ويلطخ من عقيقته ويتصدق بوزن شعر رأسه ذهبا أو فضة أخرجه الطبراني في الأوسط وفي سنده ضعف وفيه أيضا عن بن عمر رفعه إذا كان يوم السابع للمولود فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى وسموه وسنده حسن الحديث الثاني

[ 5151 ] قوله يحيى هو القطان وهشام هو بن عروة قوله أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصبي يحنكه تقدم في الطهارة من وجه آخر عن هشام بن عروة ليس فيه ذكر التحنيك وبينت هناك ما قيل في اسمه الحديث الثالث حديث أسماء في ولادة عبد الله بن الزبير وقد تقدم شرحه مستوفى في باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وبيان الاختلاف في سنده ووقع في آخره هنا من الزيادة ففرحوا به فرحا شديدا لأنه قيل لهم أن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم وهذا يدل على ما قدمته أن ولادته كانت بعد استقرارهم بالمدينة وما وقع في أول الحديث أنه ولدته بقباء ثم اتت به النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد أنها احضرته له بقباء وإنما حملته من قباء إلى المدينة وقد أخرج بن سعد في الطبقات من رواية أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن قال لما قدم المهاجرون المدينة أقاموا لا يولد لهم فقالوا سحرتنا يهود حتى كثرت في ذلك القالة فكان أول مولود بعد الهجرة عبد الله بن الزبير فكبر المسلمون تكبيرة واحدة حتى ارتجت المدينة تكبيرا وقوله

[ 5152 ] وأنا متم بكسر المثناة أي شارفت تمام الحمل وقوله تفل بمثناة ثم فاء وبرك بالتشديد أي دعا له بالبركة الحديث الرابع حديث أنس في قصة بن أبي طلحة واسمه عبد الله وهو والد إسحاق وقد تقدم شرحه في الجنائز وفي الزكاة قوله اعرستم هو استفهام محذوف الاداة والعين ساكنة اعرس الرجل إذا بني بأمرأه ويطلق أيضا على الوطء لأنه يتبع البناء غالبا ووقع في رواية الأصيلي اعرستم بفتح العين وتشديد الراء فقال عياض هو غلط لأن التعريس النزول وأثبت غيره أنها لغة يقال اعرس وعرس إذا دخل بأهله والافصح اعرس قاله بان التيمي في كتاب التحرير في شرح مسلم له

[ 5153 ] قوله قال لي أبو طلحة أحفظه في رواية الكشميهني احفظيه والأول أولي قوله حدثني محمد بن المنثى إلى أن قال وساق الحديث هذا يوهم أنه يريد الحديث الذي قبل وليس كذلك لأن لفظهما مختلف وهما حديثان عند بن عون أحدهما عنده عن أنس بن سيرين وهو المذكور هنا والثاني عنده عن محمد بن سيرين عن أنس وقد ساقه المصنف في اللباس بهذا الإسناد ولفظه أن أم سليم قالت لي يا أنس انظر هذا الغلام فلا تصيبن شيئا حتى تغدو به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فغدوت به فإذا هو في حائط له وعليه خميصة وهو يسم الظهر الذي قدم عليه في الفتح ثم وجدت في نسخة الصغاني بعد قوله وساق الحديث قال أبو عبد الله اختلفا في أنس بن سيرين ومحمد بن سيرين أي أن بن أبي عدي ويزيد بن هارون اختلفا في شيخ عبد الله بن عون وهذا يتعين إنهما عنده حديث اختلفت ألفاظه وذكر المزي أن حماد بن سعد وافق بن أبي عدي أخرجه مسلم من طريقه لكني لم أره في كتاب مسلم مسمي بل قال عن بن سيرين ويؤيد رواية بن أبي عدي أن أحمد اخرج الحديث مطولا من طريق همام عن محمد بن سيرين

قوله باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة الاماطة الازالة

[ 5154 ] قوله عن محمد هو بن سيرين قوله عن سلمان بن عامر هو الضبي وهو صحابي سكن البصرة ما له في البخاري غير هذا الحديث وقد أخرجه من عدة طرق موقوفا ومرفوعا موصولا من الطريق الأولى لكنه لم يصرح برفعه فيها ومعلقا من الطرق الأخرى صرح في طريق منها بوقفه وما عداها مرفوع قال الإسماعيلي لم يخرج البخاري في الباب حديثا صحيحا على شرطه أما حديث حماد بن زيد يعني الذي أورده موصولا فجاء به موقوفا وليس فيه ذكر اماطة الأذى الذي ترجم به وأما حديث جرير بن حازم فذكره بلا خبر وأما حديث حماد بن سلمة فليس من شرطه في الاحتجاج قلت أما حديث حماد بن زيد فهو المعتمد عليه عند البخاري لكنه أورده مختصرا فكأنه سمعه كذلك من شيخه أبي النعمان واكتفى به كعادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث إلي يورده وقد أخرجه أحمد عن يونس بن محمد عن حماد بن زيد فزاد في المتن فاهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى ولم يصرح برفعه وأخرجه أيضا عن يونس بن محمد عن حماد بن زيد عن هشام عن محمد بن سيرين فصرح برفعه وأخرجه أيضا عن عبد الوهاب عن بن عون وسعيد عن محمد بن سيرين عن سلمان مرفوعا وأخرجه الإسماعيلي من طريق سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب فقال فيه رفعه وأما حديث جرير بن حازم وقوله أنه ذكره بلا خبر يعني لم يقل في أول الإسناد أنبأنا أصبغ بل قال قال أصبغ لكن أصبغ من شيوخ البخاري قد أكثر عنه في الصحيح فعلى قول الأكثر هو موصول كما قرره بن الصلاح في علوم الحديث وعلى قول بن حزم هو منقطع وهذا كلام الإسماعيلي يشير إلى موافقته وقد زيف الناس كلام بن حزم في ذلك وأما كون حماد بن سلمة ليس على شرطه في الاحتجاج فمسلم لكن لا يضره إيراده للاستشهاد كعادته قوله وقال حجاج هو بن منهال وحماد هو بن سلمة وقد وصله الطحاوي وابن عبد البر والبيهقي من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي عن حجاج بن منهال حدثنا حماد بن سلمة به وقد أخرجه النسائي من رواية عفان والإسماعيلي من طريق حبان بن هلال وعبد الأعلى بن حماد وإبراهيم بن الحجاج كلهم عن حماد بن سلمة فزادوا مع الأربعة الذين ذكرهم البخاري وهم أيوب وقتادة وهشام وهو بن حسان وحبيب وهو بن الشهيد يونس وهو بن عبيد ويحيى بن عتيق لكن ذكر بعضهم عن حماد ما لم يذكر الآخر وساق المتن كله على لفظ حبان وصرح برفعه ولفظه في الغلام عقيقة فاهريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى قال الإسماعيلي وقد رواه الثوري موصولا مجردا ثم ساقه من طريق أبي حذيفة عن سفيان عن أيوب كذلك فاتفق هؤلاء على أنه من حديث سلمان بن عامر وخالفهم وهيب فقال عن أيوب عن محمد عن أم عطية قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مع الغلام فذكر مثله سواء أخرجه أبو نعيم في مستخرجه من رواية حوثرة بن محمد عن أبي هشام عن وهيب به ووهيب من رجال الصحيحين وأبو هشام اسمه المغيرة بن سلمة احتج به مسلم وأخرج له البخاري تعليقا ووثقه بن المديني والنسائي وغيرهما وحوثرة بحاء مهملة ومثلثة وزن جوهرة بصري يكنى أبا الأزهر احتج به بن خزيمة في صحيحه وأخرج عنه من الستة بن ماجة وذكر أبو علي الجياني أن أبا داود روى عنه في كتاب بدء الوحي خارج السنن وذكره بن حبان في الثقات فالإسناد قوي الا أنه شاذ والمحفوظ عن محمد بن سيرين عن سلمان بن عامر فلعل بعض رواته دخل عليه حديث في حديث قوله وقال غير واحد عن عاصم وهشام عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت من الذين ابهمهم عن عاصم سفيان بن عيينة أخرجه أحمد عنه بهذا الإسناد فصرح برفعه وذكر المتن المذكور وحديثين آخرين أحدهما في الفطر على التمر والثاني في الصدقة على ذي القرابة وأخرجه الترمذي من طريق عبد الرزاق والنسائي عن عبد الله بن محمد الزهري كلاهما عن بن عيينة بقصة العقيقة حسب وقال النسائي في روايته عن الرباب عن عمها سلمان به والرباب بفتح الراء وبموحدتين مخففا مالها في البخاري غير هذا الحديث وممن رواه عن هشام بن حسان عبد الرزاق وأخرجه أحمد عنه عن هشام بالأحاديث الثلاثة وأخرجه أبو داود والترمذي من طريق عبد الرزاق ومنهم عبد الله بن نمير أخرجه بن ماجة من طريقه عن هشام به وأخرجه أحمد أيضا عن يحيى القطان ومحمد بن جعفر كلاهما عن هشام لكن لم يذكر الرباب في إسناده وكذا أخرجه الدارمي عن سعيد بن عامر والحارث بن أبي أسامة عن عبد الله بن بكير السهمي كلاهما عن هشام قوله ورواه يزيد بن إبراهيم عن بن سيرين عن سلمان قوله قلت وصله الطحاوي في بيان المشكل فقال حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا حجاج بن منهال حدثنا يزيد بن إبراهيم به موقوفا قوله وقال أصبغ أخبرني بن وهب الخ وصله الطحاوي عن يونس بن عبد الأعلى عن بن وهب به قال الإسماعيلي ذكر البخاري حديث بن وهب بلا خبر وقد قال أحمد بن حنبل حديث جرير بن حازم كأنه على التوهم أو كما قال قلت لفظ الأثرم عن أحمد حدث بالوهم بمصر ولم يكن يحفظ وكذا ذكر الساجي اه وهذا مما حدث به جرير بمصر لكن قد وافقه غيره على رفعه عن أيوب نعم قوله عن محمد حدثنا سلمان بن عامر هو الذي تفرد به وبالجملة فهذه الطرق يقوي بعضها بعضا والحديث مرفوع لا يضره رواية من وقفه قوله مع الغلام عقيقة تمسك بمفهومه الحسن وقتادة فقالا يعق عن الصبي ولا يعق عن الجارية وخالفهم الجمهور فقالوا يعق عن الجارية أيضا وحجتهم الأحاديث المصرحة بذكر الجارية وسأذكرها بعد هذا فلو ولد اثنان في بطن استحب عن كل واحد عقيقة ذكره بن عبد البر عن الليث وقال لا أعلم عن أحد من العلماء خلافه قوله فأهريقوا عنه دما كذا أبهم ما يهراق في هذا الحديث وكذا في حديث سمرة الاتي بعده وفسر ذلك في عدة أحاديث منها حديث عائشة أخرجه الترمذي وصححه من رواية يوسف بن ماهك إنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن أي بن أبي بكر الصديق فسألوها عن العقيقة فأخبرتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة وأخرجه أصحاب السنن الأربعة من حديث أم كرز أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة واحدة ولا يضركم ذكرانا كن أو إناثا قال الترمذي صحيح وأخرجه أبو داود والنسائي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه اثناء حديث قال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة قال داود بن قيس راوية عن عمرو سألت زيد بن أسلم عن قوله مكافئتان فقال متشابهتان تذبحان جميعا أي لا يؤخر ذبح إحداهما عن الأخرى وحكى أبو داود عن أحمد المكافئتان المتقاربتان قال الخطابي أي في السن وقال الزمخشري معناه متعادلتان لما يجزي في الزكاة وفي الأضحية واولى من ذلك كله ما وقع في رواية سعيد بن منصور في حديث أم كرز من وجه آخر عن عبيد الله بن أبي يزيد بلفظ شاتان مثلاث ووقع عند الطبراني في حديث آخر قيل ما المكافئتان قال المثلان وما أشار إليه زيد بن أسلم من ذبح إحداهما عقب الأخرى حسن ويحتمل الحمل على المعنيين معا وروى البزار وأبو الشيخ من حديث أبي هريرة رفعه أن اليهود تعق عن الغلام كبشا ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام كبشين وعن الجارية كبشا وعند أحمد من حديث أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم العقيقة حق عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة وعن أبي سعيد نحو حديث عمرو بن شعيب أخرجه ابو الشيخ وتقدم حديث بن عباس أول الباب وهذه الأحاديث حجة للجمهور في التفرقة بين الغلام والجارية وعن مالك هما سواء فيعق عن كل واحد منهما شاة واحتج له بما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا أخرجه أبو داود ولا حجة فيه فقد أخرجه أبو الشيخ من وجه آخر عن عكرمة عن بن عباس بلفظ كبشين كبشين وأخرج أيضا من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مثله وعلى تقدير ثبوت رواية أبي داود فليس في الحديث ما يرد به الأحاديث المتواردة في التنصيص على التثنية للغلام بل غايته أن يدل على جواز الإقتصار وهو كذلك فإن العدد ليس شرطا بل مستحب وذكر الحليمي أن الحكمة في كون الأنثى على النصف من الذكر أن المقصود استبقاء النفس فأشبهت الدية وقواه بن القيم بالحديث الوارد في أن من أعتق ذكرا أعتق كل عضو منه ومن أعتق جاريتين كذلك إلى غير ذلك مما ورد ويحتمل أن يكون في ذلك الوقت ما تيسر العدد واستدل بإطلاق الشاة والشاتين على أنه لا يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية وفيه وجهان للشافعية واصحهما يشترط وهو بالقياس لا بالخبر ويذكر الشاة والكبش على أنه يتعين الغنم للعقيقة وبه ترجم أبو الشيخ الأصبهاني ونقله بن المنذر عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر وقال البندنيجي من الشافعية لا نص للشافعي في ذلك وعندي أنه لا يجزئ غيرها والجمهور على أجزاء الإبل والبقر أيضا وفيه حديث عند الطبراني وأبي الشيخ عن أنس رفعه يعق عنه من الإبل والبقر والغنم ونص أحمد على اشتراط كاملة وذكر الرافعي بحثا أنها تتأدى بالسبع كما في الأضحية والله أعلم قوله وأميطوا أي ازيلوا وزنا ومعنى قوله الأذى وقع عند أبي داود من طريق سعيد بن أبي عروبة وابن عون عن محمد بن سيرين قال أن لم يكن الأذى حلق الرأس فلا أدري ما هو وأخرج الطحاوي من طريق يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين قال لم أجد من يخبرني عن تفسير الأذى اه وقد جزم الأصمعي بأنه حلق الرأس أخرجه أبو داود بسند صحيح عن الحسن كذلك ووقع في حديث عائشة عند الحاكم وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى ولكن لا يتعين ذلك في حلق الرأس فقد وقع في حديث بن عباس عند الطبراني ويماط عنه الأذى ويحلق رأسه فعطفه عليه فالأولى حمل الأذى على ما هو أعم من حلق الرأس ويؤيد ذلك أن في بعض طرق حديث عمرو بن شعيب ويماط عنه اقذاره رواه أبو الشيخ

[ 5155 ] قوله حدثنا عبد الله بن أبي الأسود هو عبد الله بن محمد بن حميد بن الأسود بن أبي الأسود نسب لجد جده وربما ينسب لجد أبيه فقيل عبد الله بن الأسود معروف من شيوخ البخاري وشيخه قريش بن أنس بصري ثقة يكنى أبا أنس كان قد تغير سنة ثلاث ومائتين واستمر على ذلك ست سنين فمن سمع منه قبل ذلك فسماعه صحيح وليس له في البخاري سوى هذا الموضع وقد أخرجه الترمذي عن البخاري عن علي بن المديني عنه ولم أره في نسخ الجامع الا عن عبد الله بن أبي الأسود فكأن له فيه شيخين وقد توقف البرزنجي في صحة هذا الحديث من أجل اختلاط قريش وزعم أنه تفرد به وأنه وهم وكأنه تبع في ذلك ما حكاه الأثرم عن أحمد أنه ضعف حديث قريش هذا وقال ما أراه بشيء لكن وجدنا له متابعا أخرجه أبو الشيخ والبزار عن أبي هريرة كما سأذكره وأيضا فسماع علي بن المديني واقرانه من قريش كان قبل اختلاطه فلعل أحمد إنما ضعفه لأنه ظن أنه إنما حدث به بعد الاختلاط قوله حديث العقيقة لم يقع في البخاري بيان الحديث المذكور وكأنه اكتفى عن إيراده بشهرته وقد أخرجه أصحاب السنن من رواية قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويسمى قال الترمذي حسن صحيح وقد جاء مثله عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أخرجه البزار وأبو الشيخ في كتاب العقيقة من رواية إسرائيل عن عبد الله بن المختار عنه ورجاله ثقات فكأن بن سيرين لما كان الحديث عنده عن أبي هريرة وبلغه أن الحسن يحدث به احتمل عنده أن يكون يرويه عن أبي هريرة أيضا وعن غيره فسأل فأخبر الحسن أنه سمعه من سمرة فقوي الحديث برواية هذين التابعيين الجليلين عن الصحابيين ولم تقع في حديث أبي هريرة هذه الكلمة الأخيرة وهي ويسمى وقد اختلف فيها أصحاب قتادة فقال أكثرهم يسمى بالسين وقال همام عن قتادة يدمي بالدال قال أبو داود خولف همام وهو وهم منه ولا يؤخذ به قال ويسمى أصح ثم ذكره من رواية غير قتادة باللفظ ويسمى واستشكل ما قاله أبو داود بما في بقية رواية همام عنده إنهم سألوا قتادة عن الدم كيف يصنع به فقال إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفه واستقبلت به اوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق فيبعد مع هذا الضبط أن يقال أن هماما وهم عن قتادة في قوله ويدمى الا أن يقال أن أصل الحديث ويسمى وأن قتادة ذكر الدم حاكيا عما كان أهل الجاهلية يصنعونه ومن ثم قال بن عبد البر لا يحتمل همام في هذاالذي انفرد به فإن كان حفظه فهو منسوخ اه وقد رجح بن حزم رواية همام وحمل بعض المتأخرين قوله ويسمى على التسمية عند الذبح لما أخرج بن أبي شيبة من طريق هشام عن قتادة قال يسمى على العقيقة كما يسمى على الأضحية بسم الله عقيقة فلان ومن طريق سعيد عن قتادة نحوه وزاد اللهم منك ولك عقيقة فلان بسم الله والله أكبر ثم يذبح وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة يسمى يوم يعق عنه ثم يحلق وكان يقول يطلى رأسه بالدم وقد ورد ما يدل على النسخ في عدة أحاديث منها ما أخرجه بن حبان في صحيحه عن عائشة قالت كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اجعلوا مكان الدم خلوقا زاد أبو الشيخ ونهى أن يمس رأس المولود بدم وأخرج بن ماجة من رواية أيوب بن موسى عن يزيد بن عبد الله المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم وهذا مرسل فإن يزيد لا صحبة له وقد أخرجه البزار من هذا الوجه فقال عن يزيد بن عبد الله المزني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فقالوا أنه مرسل ولأبي داود والحاكم من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنا في الجاهلية فذكر نحو حديث عائشة ولم يصرح برفعه قال فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة وتحلق رأسه ونلطخه بزعفران وهذا شاهد لحديث عائشة ولهذا كره الجمهور التدمية ونقل بن حزم استحباب التدمية عن بن عمر وعطاء ولم ينقل بن المنذر استحبابها الا عن الحسن وقتادة بل عند بن أبي شيبة بسند صحيح عن الحسن أنه كره التدمية وسيأتي ما يتلعق بالتسمية وآدابها في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى واختلف في معنى قوله مرتهن بعقيقته قال الخطابي اختلف الناس في هذا وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل قال هذا في الشفاعة يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلا لم يشفع في أبويه وقيل معناه أن العقيقة لازمة لا بد منها فشبه المولود في لزومها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن وهذا يقوي قول من قال بالوجوب وقيل المعنى أنه مرهون بأذى شعره ولذلك جاء فأميطوا عنه الأذى اه والذي نقل عن أحمد قاله عطاء الخراساني اسنده عنه البيهقي وأخرج بن حزم عن بريدة الأسلمي قال أن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون علي الصلوات الخمس وهذا لو ثبت لكان قولا آخر يتمسك به من قال بوجوب العقيقة قال بن حزم ومثله عن فاطمة بنت الحسين وقوله يذبح عنه يوم السابع تمسك به من قال أن العقيق مؤقته باليوم السابع وأن من ذبح قبله لم يقع الموقع وإنها تفوت بعده وهو قول مالك وقال أيضا أن مات قبل السابع سقطت العقيقة وفي رواية بن وهب عن مالك أن من لم يعق عنه في السابع الأول عق عنه في السابع الثاني قال بن وهب ولا بأس أن يعق عنه في السابع الثالث ونقل الترمذي عن أهل العلم إنهم يستحبون أن تذبح العقيقة يوم السابع فإن لم يتهيأ فيوم الرابع عشر فإن لم يتهيأ عق عنه يوم أحد وعشرين ولم أر هذا صريحا الا عن أبي عبد الله البوشنجي ونقله صالح بن أحمد عن أبيه وورد فيه حديث أخرجه الطبراني من رواية إسماعيل بن مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه وإسماعيل ضعيف وذكر الطبراني أنه تفرد به وعند الحنابلة في اعتبار الاسابيع بعد ذلك روايتان وعند الشافعية أن ذكر الاسابيع للاختيار لا للتعيين فنقل الرافعي أنه يدخل وقتها بالولادة قال وذكر السابع في الخبر بمعنى أن لا تؤخر عنه اختيارا ثم قال والاختيار أن لا تؤخر عن البلوغ فإن أخرت عن البلوغ سقطت عمن كان يريد أن يعق عنه لكن أن أراد أن يعق عن نفسه فعل وخرج بن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال لو أعلم إني لم يعق عني لعققت عن نفسي واختاره القفال ونقل عن نص الشافعي في البويطي أنه لا يعق عن كبير وليس هذا نصا في منع أن يعق الشخص عن نفسه بل يحتمل أن يريد أن لا يعق عن غيره إذا كبر وكأنه أشار بذلك إلى أن الحديث الذي ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة لا يثبت وهو كذلك فقد أخرجه البزار من رواية عبد الله بن محرر وهو بمهملات عن قتادة عن أنس قال البزار تفرد به عبد الله وهو ضعيف اه وأخرجه أبو الشيخ من وجهين آخرين أحدهما من رواية إسماعيل بن مسلم عن قتادة وإسماعيل ضعيف أيضا وقد قال عبد الرزاق إنهم تركوا حديث عبد الله بن محرر من أجل هذا الحديث فلعل إسماعيل سرقه منه ثانيهما من رواية أبي بكر المستملي عن الهيثم بن جميل وداود بن المحبر قالا حدثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس وداود ضعيف لكن الهيثم ثقة وعبد الله من رجال البخاري فالحديث قوي الإسناد وقد أخرجه محمد بن عبد الملك بن أيمن عن إبراهيم بن إسحاق السراج عن عمرو الناقد وأخرجه الطبراني في الأوسط عن أحمد بن مسعود كلاهما عن الهيثم بن جميل وحده به فلولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحا لكن قد قال بن معين ليس بشيء وقال النسائي ليس بقوي وقال أبو داود لا أخرج حديثه وقال الساجي فيه ضعف لم يكن من أهل الحديث روى مناكير وقال العقيلي لا يتابع على أكثر حديثه قال بن حبان في الثقات ربما أخطأ ووثقه العجلي والترمذي وغيرهما فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة وقد مشى الحافظ الضياء على ظاهر الإسناد فأخرج هذا الحديث في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين ويحتمل أن يقال أن صح هذا الخبر كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم كما قالوا في تضحيته عمن لم يضح من أمته وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة من لم يعق عنه اجزأته أضحيته وعند بن أبي شيبة عن محمد بن سيرين والحسن يجزئ عن الغلام الأضحية من العقيقة وقوله يوم السابع أي من يوم الولادة وهل يحسب يوم الولادة قال بن عبيد البر نص مالك على أن أول السبعة اليوم الذي يلي يوم الولادة الا أن ولد قبل طلوع الفجر وكذا نقله البويطي عن الشافعي ونقل الرافعي وجهين ورجح الحسبان واختلف ترجيح النووي وقوله يذبح بالضم على البناء للمجهول فيه أنه لا يتعين الذابح وعند الشافعية يتعين من تلزمه نفقة المولود وعن الحنابلة يتعين الأب الا أن تعذر بموت أو امتناع قال الرافعي وكأن الحديث أنه صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين مؤول قال النووي يحتمل أن يكون أبواه حينئذ كانا مصرين أو تبرع بإذن الأب أو قوله عق أي أمر أو هو من خصائصه صلى الله عليه وسلم كما ضحى عمن لم يضح من أمته وقد عده بعضهم من خصائصه ونص مالك على أنه يعق عن اليتيم من ماله ومنعه الشافعية وقوله ويحلق رأسه أي جميعه لثبوت النهي عن القزع كما سيأتي في اللباس وحكى الماوردي كراهة حلق رأس الجارية وعن بعض الحنابلة يحلق وفي حديث علي عند الترمذي والحاكم في حديث العقيقة عن الحسن والحسين يا فاطمة احلق رأسه وتصدقي بزنة شعره قال فوزناه فكان درهما أو بعض درهم وأخرج أحمد من حديث أبي رافع لما ولدت فاطمة حسنا قالت يا رسول الله الا اعق عن ابني بدم قال لا ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة ففعلت فلما ولدت حسينا فعلت مثل ذلك قال شيخنا في شرح الترمذي يحمل على أنه صلى الله عليه وسلم كان عق عنه ثم استأذنته فاطمة أن تعق هي عنه أيضا فمنعها قلت ويحتمل أن يكون منعها لضيق ما عندهم حينئذ فارشدها إلى نوع من الصدقة أخف ثم تيسر له عن قرب ما عق به عنه وعلى هذا فقد يقال يختص ذلك بمن لم يعق عنه لكن أخرج سعيد بن منصور من مرسل أبي جعفر الباقر صحيحا أن فاطمة كانت إذا ولدت ولدا حلقت شعره وتصدقت بزنته ورقا واستدل بقوله يذبح ويحلق ويسمى بالواو على أنه لا يشترط الترتيب في ذلك وقد وقع في رواية لأبي الشيخ في حديث سمرة يذبح يوم سابعه ثم يحلق وأخرج عبد الرزاق عن بن جريج يبدأ بالذبح قبل الحلق وحكى عن عطاء عكسه ونقله الروياني عن نص الشافعي وقال البغوي في التهذيب يستحب الذبح قبل الحلق وصححه النووي في شرح المهذب والله أعلم

قوله باب الفرع بفتح الفاء والراء بعدها مهملة ذكر فيه حديث أبي هريرة لا فرع ولا عتيرة من رواية عبد الله وهو بن المبارك عن معمر حدثنا الزهري وفيه تفسير الفرع والتعيرة وظاهره الرفع ووقع في المحكم أن الفرع أول نتاج الإبل والغنم كان أهل الجاهلية يذبحوه لاصنامهم والفرع ذبح كانوا إذا بلغت الإبل ما تمناه صاحبها ذبحوه وكذلك إذا بلغت الإبل مائة يعتر منها بعيرا كل عام ولا يأكل منه هو ولا أهل بيته والفرع أيضا طعام يصنع لنتاج الإبل كالخرس للولادة وسيأتي القول في العتيرة آخر الباب الذي يليه ويؤخذ من هذا مناسبة ذكر البخاري حديث الفرع مع العقيقة

قال والفرع أول النتاج كان ينتج لهم كانوا يذبحونه لطواغيتهم والعتيرة في رجب ثم قال باب العتيرة وذكر فيه الحديث بعينه من رواية سفيان وهو بن عيينة عن الزهري ووقع في رواية الحميدي عن سفيان حدثنا الزهري وأخرجه أبو نعيم من طريقه وشذ بن أبي عمر فرواه عن سفيان عن زيد بن أسلم عن أبيه عن بن عمر أخرجه بن ماجة وقال أنه من فوائد بن أبي عمر

[ 5157 ] قوله ولا عتيرة فتح المهملة وكسر المثناة بوزن عظيمة قال القزاز سميت عتيرة بما يفعل من الذبح وهو العتر فهي فعيلة بمعنى مفعولة هكذا جاء بلفظ النفي والمراد به النهي وقد ورد بصيغة النهي في رواية للنسائي وللإسماعيلي بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقع في رواية لأحمد لا فرع ولا عتيرة في الإسلام قوله قال والفرع لم يتعين هذا القائل هنا ووقع في رواية مسلم من طريق عبد الرزاق عن معمر موصولا التفسير بالحديث ولأبي داود من رواية عبيد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال الفرع أول النتاج الحديث جعله موقوفا على سعيد بن المسيب وقال الخطابي أحسب التفسير فيه من قول الزهري قلت قد أخرج أبو قرة في السنن الحديث عن عبد المجيد بن أبي داود عن معمر وصرح في روايته أن تفسير الفرع والعتيرة من قول الزهري والله أعلم قوله أول النتاج في رواية الكشميهني نتاج بغر ألف ولام وهو بكسر النون بعدها مثناة خفيفة وآخره جيم قوله كان ينتج لهم بضم أوله وفتح ثالثة يقال نتجت الناقة بضم النون وكسر المثناة إذا ولدت ولا يستعمل هذا الفعل الا هكذا وأن كان مبنيا للفاعل قوله كانوا يذبحونه لطواغيتهم زاد أبو داود عن بعضهم ثم يأكلونه يلقى جلده على الشجر فيه إشارة إلى علة النهي واستنبط الشافعي منه الجواز إذا كان الذبح لله جمعا بينه وبين حديث الفرع حق وهو حديث أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم من رواية داود بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو كذا في رواية الحاكم سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرع قال الفرع حق وأن تتركه حتى يكون بنت مخاض أو لبن لبون فتحمل عليه في سبيل الله أو تعطيه ارملة خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره وتوله ناقتك وللحاكم من طريق عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة من قوله الفرعة حق ولا تذبحها وهي تلصق في يدك ولكن امكنها من اللبن حتى إذا كانت من خيار المال فاذبحها قال الشافعي فيما نقله البيهقي من طريق المزني عنه الفرع شيء كان أهل الجاهلية يذبحونه يطلبون به البركة في أموالهم فكان أحدهم يذبح بكر ناقته أو شاته رجاء البركة فيما يأتي بعده فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكمها فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه وأمرهم استحبابا أن يتركوه حتى يحمل عليه في سبيل الله وقوله حق أي ليس بباطل وهو كلام خرج على جواب السائل ولا مخالفة بينه وبين حديث الآخر لا فرع ولا عتيرة فإن معناه لا فرع واجب ولا عتيرة واجبه وقال غيره معنى قوله لا فرع ولا عتيرة أي ليسا في تأكد الاستحباب كالاضحية والأول أولي وقال النووي نص الشافعي في حرملة على أن الفرع والعتيرة مستحبان ويؤيده ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن المنذر عن نبيشة بنون وموحدة ومعجمة مصغر قال نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا قال اذبحوا لله في أي شهر كان قال أنا كنا نفرع في الجاهلية قال في كل سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه فإن ذلك خير وفي رواية أبي داود عن أبي قلابة السائمة مائة ففي هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يبطل الفرع والعتيرة من أصلهما وإنما أبطل صفة من كل منهما فمن الفرع كونه يذبح أول ما يولد ومن العتيرة خصوص الذبح في شهر رجب وأما الحديث الذي أخرج أصحاب السنن من طريق أبي رملة عن مخنف بن محمد بن سليم قال كنا وقوفا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة فسمعته يقول يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة هل تدرون ما العتيرة هي التي يسمونها الرجبية فقد ضعفه الخطابي لكن حسنة الترمذي وجاء من وجه آخر عن عبد الرزاق عن مخنف بن سليم ويمكن رده إلى ما حمل عليه حديث نبيشة وروى النسائي وصححه الحاكم من حديث الحارث بن عمرو أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال رجل يا رسول الله العتائر والفرائع قال من شاء عتر ومن شاء لم يعتر ومن شاء فرع ومن شاء لم يفرع وهذا صريح في عدم الوجوب لكن لا ينفي الاستحباب ولا يثبته فيؤخذ الاستحباب من حديث آخر وقد أخرج أبو داود من حديث أبي العشراء عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيرة فحسنها واخرج أبو داود والنسائي وصححه بن حبان من طريق وكيع بن عديس عن عمه أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول الله أنا كنا نذبح ذبائح في رجب فنأكل ونطعم من جاءنا فقال لا بأس به قال وكيع بن عديس فلا أدعه وجزم أبو عبيد بان العتيرة تستحب وفي هذا تعقب على من قال أن بن سيرين تفرد بذلك ونقل الطحاوي عن بن عون أنه كان يفعله ومال بن المنذر إلى هذا وقال كانت العرب تفعلهما وفعلهما بعض أهل الإسلام بالاذن ثم نهى عنهما والنهي لا يكون الا عن شيء كان يفعل وما قال أحد عنه نهى عنهما ثم إذن في فعلهما ثم نقل عن العلماء تركهما الا بن سيرين وكذا ذكر عياض أن الجمهور على النسخ وبه جزم الحازمي وما تقدم نقله عن الشافعي يرد عليهم وقد أخرج أبو داود والحاكم والبيهقي واللفظ له بسند صحيح عن عائشة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرعة في كل خمسين واحدة قوله والعتيرة في رجب في رواية الحميدي والعتيرة الشاة تذبح عن أهل بيت في رجب وقال أبو عبيد العتيرة هي الرجبية ذبيحة كانوا يذبحونها في الجاهلية في رجب يتقربون بها لاصنامهم وقال غيره العتيرة المنذر كانوا ينذرونه من بلغ ماله كذا أن يذبح من كل عشرة منها رأسا في رجب وذكر بن سيده أن العتيرة أن الرجل كان يقول في الجاهلية أن بلغ ابلي مائة عترت منها عتيرة زاد في الصحاح في رجب ونقل أبو داود تقييدها بالعشر الأول من رجب ونقل النووي الاتفاق عليه وفيه نظر خاتمة اشتمل كتاب العقيقة وما معه من الفرع والعتيرة على اثني عشر حديثا المعلق منها ثلاثة والبقية موصولة المكرر منها فيه وفيما مضى ثمانية والخالص أربعة وافقه مسلم على تخريج حديث أنس وأبي هريرة واختص بتخريج حديث سلمان وسمرة وفيه من الآثار قول سلمان في العقيقة وتفسير الفرع والعتيرة والله أعلم