كتاب اللعان
 كتاب اللعان
باب

وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَىَ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السّاعِدِيّ أَخْبَرَهُ أَنّ عُوَيْمِراً الْعَجْلاَنِيّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيَ الأنْصَارِيّ فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ، يَا عَاصِمُ لَوْ أَنّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَسَلْ لِي عَنْ ذَلِكَ، يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَرِهَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتّىَ كَبُرَ عَلَىَ عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَىَ أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ. قَدْ كَرِهَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْأَلَةَ الّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا. قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَالله! لاَ أَنْتَهِي حَتّىَ أَسْأَلَهُ عَنْهَا فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتّىَ أَتَىَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَ النّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا".
قَالَ سَهْلٌ: فَتَلاَعَنَا، وَأَنَا مَعَ النّاسِ، عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا، يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنّ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلّقَهَا ثَلاَثاً، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَتْ تلك سُنّةَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ.
وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ الأَنْصَارِيّ أَنّ عُوَيْمِراً الأَنْصَارِيّ مِنْ بَنِي الْعَجْلانِ، أَتَىَ عَاصِمَ بْنَ عَدِيَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَأَدْرَجَ فِي الْحَدِيثِ قوله: وَكَانَ فِرَاقُهُ إِيّاهَا، بَعْدُ، سُنّةً فِي الْمُتَلاَعِنَيْنِ، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ حَامِلاً، فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَىَ إِلَىَ أُمّهِ، ثُمّ جَرَتِ السّنّةُ أَنّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ الله لَهَا.
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَعَنِ السّنّةِ فِيهِمَا، عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ أَنّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِقِصّتِهِ، وَزَادَ فِيهِ: فَتَلاَعَنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنَا شَاهِدٌ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَطَلّقَهَا ثَلاَثاً قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَفَارَقَهَا عِنْدَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "ذَاكُمُ التّفْرِيقُ بَيْنَ كُلّ مُتَلاَعِنَيْنِ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حَدّثَنَا أَبِي. ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَاللّفْظُ لَهُ): حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ، أَيُفَرّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ: فَمَضَيْتُ إِلَىَ مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ بِمَكّةَ، فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ: اسْتَأْذِنْ لِي، قَالَ: إِنّهُ قَائِلٌ. فَسَمِعَ صَوْتِي، قَالَ: ابْنُ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ادْخُلْ. فَوَاللّهِ، مَا جَاءَ بِكَ، هَذِهِ السّاعَةَ، إِلاّ حَاجَةٌ، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا هُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةً، مُتَوَسّدٌ وِسَادةً حَشْوُهَا لِيفٌ. قُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرّحْمَنِ الْمُتَلاَعِنَانِ، أَيُفَرّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللّهِ نَعَمْ، إِنّ أَوّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَىَ فَاحِشَةٍ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلّمَ تَكَلّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَىَ مِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ: فَسَكَتَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ. فَلَمّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ فَقَالَ: إِنّ الّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ هَؤُلاَءِ الاَيَاتِ فِي سُورَةِ النّورِ: {وَالّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} (النور الاَيات: ) فَتَلاَهُنّ علَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكّرَهُ. وَأَخْبَرَهُ أَنّ عَذَابَ الدّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الاَخِرَةِ، قَالَ: لاَ، وَالّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقّ مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا، ثُمّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكّرَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنّ عَذَابَ الدّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الاَخِرَةِ، قَالَتْ: لاَ، وَالّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقّ إِنّهُ لَكَاذِبٌ، فَبَدَأَ بِالرّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِالله إِنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنّ لَعْنَةَ الله عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِين ثُمّ ثَنّىَ بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِالله إِنّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنّ غَضَبَ الله عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصّادِقِينَ، ثُمّ فَرّقَ بَيْنَهُمَا.
وحدّثنيهِ عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ: حَدّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ: حَدّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، زَمَنَ مُصْعَبِ بْنِ الزّبَيْرِ. فَلَمْ أَدْرِمَا أَقُولُ: فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَلاَعِنَيْنِ أَيُفَرّقُ بَيْنَهُمَا؟ ثُمّ ذَكرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.
وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللّفْظُ لِيَحْيَىَ) (قَالَ يَحْيَىَ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدّثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ "حِسَابُكُمَا عَلَىَ الله. أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ. لاَ سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا" قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَالِي؟ قَالَ: "لاَ مَالَ لَكَ. إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا. وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا" قَالَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.
وحدّثني أَبُو الرّبِيعِ الزّهْرَانِيّ: حَدّثَنَا حَمّادٌ عَنْ أَيّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: فَرّقَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلاَنِ، وَقَالَ: "الله يَعْلَمُ أَنّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ. فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟".
وحدّثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيّوبَ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ اللّعَانِ؟ فَذَكَرَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
وحدّثنا أَبُو غَسّانَ الْمِسْمَعِيّ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ (وَاللّفْظُ لِلْمِسْمَعِيّ وَ ابْنِ الْمُثَنّى) قَالُوا: حَدّثَنَا مُعَاذٌ (وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ) قَالَ: حَدّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر قَالَ: لَمْ يُفْرّقِ الْمُصْعَبُ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، قَالَ سَعِيدٌ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: فَرّقَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلاَنِ.
وحدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: قَالاَ: حَدّثَنَا مَالِكٌ. ح وَحَدّثَنَا يَحْيَى ابْنُ يَحْيَىَ (وَاللّفْظُ لَهُ) قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: حَدّثَكَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَجُلاً لاَعَنَ امْرَأَتَهُ عَلَىَ عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَفَرّقَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدّثَنَا أَبِي قَالاَ: حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لاَعَنَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَامْرَأَتِهِ، وَفَرّقَ بَيْنَهُمَا.
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالاَ: حَدّثَنَا يَحْيَىَ (وَهُوَ الْقَطّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ عُثْمَان بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللّفْظُ لِزُهَيْرٍ) (قَالَ إِسْحقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الاَخَرانِ: حَدّثَنَا جَرِيرٌ) عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: إِنّا، لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ، فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: لَوْ أَنّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَتَكَلّمَ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَىَ غَيْظٍ. وَاللّهِ لأَسْأَلَنّ عَنْهُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَىَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ. فَقَالَ: لَوْ أَنّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَتَكَلّمَ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَىَ غَيْظٍ. فَقَالَ: "اللّهُمّ! افْتَحْ" وَجَعَلَ يَدْعُو. فَنَزَلَتْ آيَةُ اللّعَانِ: {وَالّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاّ أَنْفُسُهُمْ}، هَذِهِ الاَيَاتُ، فَابْتُلِيَ بِهِ ذَلِكَ الرّجُلُ مِنْ بَيْنِ النّاسِ. فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ إِلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلاَعَنَا. فَشَهِدَ الرّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِالله إِنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ، ثُمّ لَعَنَ الْخَامِسَةَ أَنّ لَعْنَةَ الله عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، فَذَهَبَتْ لِتَلْعَنَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَهْ" فَأَبَتْ فَلَعَنَتْ. فَلَمّا أَدْبَرَا قَالَ: "لَعَلّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ جَعْداً" فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْداً.
وحدّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، جَمِيعاً عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى، حَدّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَىَ، حَدّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَنَا أُرَىَ أَنّ عِنْدَهُ مِنْهُ عِلْماً. فَقَالَ: إِنّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، وَكَانَ أَخَا الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لأُمّهِ، وَكَانَ أَوّلَ رَجُلٍ لاَعَنَ فِي الإِسْلاَم، قَالَ: فَلاَعَنَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطاً قَضِيءَ الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلاَلِ بْنِ أُمَيّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْداً حَمْشَ السّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ" قَالَ: فَأُنْبِئْتُ أَنّهَا جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْداً حَمْشَ السّاقَيْنِ.
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ وَ عِيسَى بْنُ حَمّادٍ الْمِصْرِيّانِ (وَاللّفْظُ لاِبْنِ رُمْحٍ) قَالاَ: أَخْبَرَنَا اللّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَحَمّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّهُ قَالَ: ذُكِرَ التّلاَعُنُ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيَ فِي ذَلِكَ قَوْلاً. ثُمّ انْصَرَفَ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلاً. فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلاّ لِقَوْلِي. فَذَهَبَ بِهِ إِلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِالّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرّجُلُ مُصْفَرّا، قَلِيلَ اللّحْمِ، سَبِطَ الشّعَرِ. وَكَانَ الّذِي ادّعَىَ عَلَيْهِ أَنّهُ وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ، خَدْلاً، آدَمَ، كَثِيرَ اللّحْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللّهُمّ بَيّنْ" فَوَضَعَتْ شَبِيهاً بِالرّجُلِ الّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا. فَلاَعَنَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا. فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبّاسٍ، فِي الْمَجْلِسِ: أَهِيَ الّتِي قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ رَجَمْتُ أَحَداً بِغَيْرِ بَيّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ؟" فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لاَ. تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلاَمِ السّوءَ.
وحدّثنيهِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِيّ: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدّثَنِي سُلَيْمَان (يَعْنِي ابْنَ بِلاَلٍ) عَنْ يَحْيى، حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّهُ قَالَ: ذُكِرَ الْمُتَلاَعِنَانِ عَنْدَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ اللّيْثِ، وَزَادَ فِيهِ، بَعْدَ قَوْلِهِ كَثِيرَ اللّحْمِ، قَالَ: جَعْداً قَطَطاً.
وحدّثنا عَمْرٌو النّاقِدُ و ابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللّفْظُ لِعَمْرٍو) قَالاَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ شَدّادٍ: وَذُكِرَ الْمُتَلاَعِنَانِ عِنْدَ ابْنِ عَبّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ شَدّادٍ: أَهُمَا اللّذَانِ قَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم "لَوْ كُنْتُ رَاجِماً أَحَداً بِغَيْرِ بَيّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا؟" فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلنَتْ. قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدِ: قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبّاسٍ.
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدّارَاوَرْدِيّ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَرَأَيْتَ الرّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ" قَالَ سَعْدٌ: بَلَى، وَالّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيّدُكُمْ".
وحدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ عِيسَى: حَدّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلاً، أَأُمْهِلُهُ حَتّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ "نَعَمْ".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ، حَدّثَنِي سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم! لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلاً، لَم أَمَسّهُ حَتّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "نَعَمْ" قَالَ: كلاّ، وَالّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقّ! إِنْ كُنْتُ لأُعَاجِلُهُ بِالسّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيّدُكُمْ، إِنّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللّهُ أَغْيَرُ مِنّي".
حدّثني عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيّ، وَ أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْن الْجَحْدَرِيّ (وَاللّفْظُ لأَبِي كَامِلٍ) قَالاَ: حَدّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْر، عَنْ وَرّادٍ (كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ)، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَالله لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَالله أَغْيَرُ مِنّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ الله حَرّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ الله، وَلاَ شَخْصَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ الله مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثُ الله الْمُرْسَلِينَ مُبَشّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلاَ شَخْصَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ الله، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الله الْجَنّةَ".
وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيَ عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُميْرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: غَيْرَ مُصْفِحٍ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْهُ.
وحدّثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ عَمْرٌو النّاقِدُ وَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللّفْظُ لِقُتَيْبَةَ) قَالُوا: حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنّ إِمْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَماً أَسْوَدَ، فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟" قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: "فَمَا أَلْوَانُهَا؟" قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: "هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟" قَالَ: إِنّ فِيهَا لَوُرْقاً، قَالَ: "فَأَنّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟" قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ: "وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ"،
م 1 وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا، وَقَالَ الاَخَرَانِ: أَخْبرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ): أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، ح وَحَدّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، جَمِيعاً عَنِ الزّهْرِيّ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، غَيْرَ أَنّ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! وَلَدَتِ أَمْرَأَتِي غُلاَماً أَسْوَدَ، وَهُوَ حِينَئِذٍ يُعَرّضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ، وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: وَلَمْ يُرَخّصْ لَهُ فِي الانْتِفَاءِ مِنْهُ.
وحدّثني أَبُو الطّاهِرِ وَ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى (وَاللّفْظُ لِحَرْمَلَةَ)، قَالاَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ أَعْرَابِيّا أَتَى رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاماً أَسْوَدَ، وَإِنّي أَنْكَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "مَا أَلْوَانُهَا؟" قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: "فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَأَنّى هُوَ؟" قَالَ: لَعَلّهُ، يَا رَسُولَ اللّهِ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "وَهَذَا لَعَلّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ".
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا حُجَيْنٌ: حَدّثَنَا اللّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنّهُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدّثُ، عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
قال أهل اللغة: الإحداد والحداد مشتق من الحد وهو المنع لأنها تمنع الزينة والطيب، يقال: أحدت المرأة تحد إحداداً وحدت تحد بضم الحاء وتحد بكسرها حداً، كذا قال الجمهور أنه يقال أحدت وحدت، وقال الأصمعي: لا يقال إلا أحدت رباعياً، ويقال امرأة حاد ولا يقال حادة، وأما الإحداد في الشرع فهو ترك الطيب والزينة وله تفاصيل مشهورة في كتب الفقه. قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاَخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً" فيه دليل على وجوب الإحداد على المعتدة وفاة زوجها وهو مجمع عليه في الجملة وإن اختلفوا في تفصيله، فيجب على كل معتدة عن وفاة سواء المدخول بها وغيرها والصغيرة والكبيرة والبكر والثيب والحرة والأمة والمسلمة والكافرة، هذا مذهب الشافعي والجمهور، وقال أبو حنيفة وغيره من الكوفيين وأبو ثور وبعض المالكية: لا يجب على الزوجة الكتابية بل يختص بالمسلمة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله"فخصه بالمؤمنة، ودليل الجمهور أن المؤمن هو الذي يستثمر خطاب الشارع وينتفع به وينقاد له فلهذا قيد به. وقال أبو حنيفة أيضاً: لا إحداد على الصغيرة ولا على الزوجة الأمة، وأجمعوا على أنه لا إحداد على أم الولد ولا على الأمة إذا توفي عنهما سيدهما ولا على الزوجة الرجعية، واختلفوا في المطلقة ثلاثاً فقال عطاء وربيعة ومالك والليث والشافعي وابن المنذر: لا إحداد عليها. وقال الحكم وأبو حنيفة والكوفيون وأبو ثور وأبو عبيد: عليها الإحداد وهو قول ضعيف للشافعي. وحكى القاضي قولاً عن الحسن البصري أنه لا يجب الإحداد على المطلقة ولا على المتوفي عنها وهذا شاذ غريب، ودليل من قال لا إحداد على المطلقة ثلاثاً قوله صلى الله عليه وسلم إلا على الميت فخص الإحداد بالميت بعد تحريمه في غيره. قال القاضي: واستفيد وجوب الإحداد في المتوفى عنها من اتفاق العلماء على حمل الحديث على ذلك، مع أنه ليس في لفظه ما يدل على الوجوب، ولكن اتفقوا على حمله على الوجوب مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الاَخر حديث أم سلمة وحديث أم عطية في الكحل والطيب واللباس ومنعها منه والله أعلم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: أربعة أشهر وعشراً فالمراد به وعشرة أيام بلياليها، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكي عن يحيى بن أبي كثير والأوزاعي أنها أربعة أشهر وعشر ليال، وأنها تحل في اليوم العاشر، وعندنا وعند الجمهور لا تحل حتى تدخل ليلة الحادي عشر، واعلم أن التقييد عندنا بأربعة أشهر وعشر خرج على الغالب المعتدات أنها تعتد بالأشهر، أما إذا كانت حاملاً فعدتها بالحمل ويلزمها الإحداد في جميع العدة حتى تضع سواء قصرت المدة أم طالت، فإذا وضعت فلا إحداد بعده، وقال بعض العلماء: لا يلزمها الإحداد بعد أربعة أشهر وعشر وإن لم تضع الحمل والله أعلم. قال العلماء: والحكمة في وجوب الإحداد في عدة الوفاة دون الطلاق لأنه الزينة والطيب يدعوان إلى النكاح ويوقعان فيه، فنهيت عنه ليكون الامتناع من ذلك زاجراً عن النكاح لكون الزوج ميتاً لا يمنع معتدته من النكاح ولا يراعيه ناكحها ولا يخاف منه، بخلاف المطلق الحي فإنه يستغني بوجوده عن زاجر آخر، ولهذه العلة وجبت العدة على كل متوفى عنها وإن لم تكن مدخولاً بها بخلاف الطلاق فاستظهر للميت بوجوب العدة وجعلت أربعة أشهر وعشراً، لأن الأربعة فيها ينفخ الروح في الولد إن كان والعشر احتياطاً، وفي هذه المدة يتحرك الولد في البطن، قالوا: ولم يوكل ذلك إلى أمانة النساء ويجعل بالإقراء كالطلاق لما ذكرناه من إِلاحتياط للميت، ولما كنت الصغيرة من الزوجات نادرة ألحقت بالغالب في حكم وجوب العدة والإحداد والله أعلم. قوله: (فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره) هو برفع خلوق وبرفع غيره أي دعت بصفرة وهي خلوق أو غيره، والخلوق بفتح الخاء هو طيب مخلوط. قوله: (مست بعارضيها) هما جانبا الوجه فوق الذقن إلى ما دون الأذن وإنما فعلت هذا لدفع صورة الإحداد، وفي هذا الذي فعلته أم حبيبة وزينب مع الحديث المذكور دلالة لجواز الإحداد على غير الزوج ثلاثة أيام فما دونها.
قولها: (وقد اشتكت عينها) هو برفع النون ووقع في بعض الأصول عيناها بالألف. قولها: "أفنكحلها فقال لا" هو بضم الحاء، وفي هذا الحديث وحديث أم عطية المذكور بعده في قوله صلى الله عليه وسلم لا تكتحل دليل على تحريم الاكتحال على الحادة سواء احتاجت إليه أم لا. وجاء في الحديث الاَخر في الموطأ وغيره في حديث أم سلمة: "اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار" ووجه الجمع بين الأحاديث أنها إذا لم تحتج إليه لا يحل لها، وإن احتاجت لم يجز بالنهار ويجوز بالليل مع أن الأولى تركه، فإن فعلته مسحته بالنهار، فحديث الإذن فيه لبيان أنه بالليل للحاجة غير حرام، وحديث النهي محمول على عدم الحاجة، وحديث التي اشتكت عينها فنهاها محمول على أنه نهي تنزيه، وتأوله بعضهم على أنه لم يتحقق الخوف على عينها. وقد اختلف العلماء في اكتحال المحدة فقال سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار ومالك في رواية عنه: يجوز إذا خافت على عينها بكحل لا طيب فيه، وجوزه بعضهم عند الحاجة وإن كان فيه طيب، ومذهبنا جوازه ليلاً عند الحاجة بما لا طيب فيه. قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول" معناه لا تستكثر العدة ومنع إِلاكتحال فيها فإنها مدة قليلة وقد خففت عنكن وصارت أربعة أشهر وعشرة بعد أن كانت سنة، وفي هذا تصريح بنسخ إِلاعتداد سنة المذكور في سورة البقرة في الاَية الثانية. وأما رميها بالبعرة على رأس الحول فقد فسره في الحديث قال بعض العلماء: معناه أنها رمت بالعدة وخرجت منها كانفصالها من هذه البعرة ورميها بها. وقال بعضهم: هو إشارة إلى أن الذي فعلته وصبرت عليه من إِلاعتداد سنة ولبسها شر ثيابها ولزومها بيتاً صغيراً هين بالنسبة إلى حق الزوج وما يستحقه من المراعاة كما يهون الرمي بالبعرة.
قوله: (دخلت حفشاً) هو بكسر الحاء المهملة وإسكان الفاء وبالشين المعجمة أي بيتاً صغيراً حقيراً قريب السمك. قوله: (ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به) هكذا هو في جميع النسخ فتفتض بالفاء والضاد، قال ابن قتيبة: سألت الحجازيين عن معنى إِلافتضاض فذكروا أن المعتدة كانت لا تغتسل ولا تمس ماء ولا تقلم ظفراً ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر ثم تفتض أي تكسر ما هي فيه من العدة بطائر تمسح به قبلها وتنبذه فلا يكاد يعي ما تفتض به، وقال مالك: معناه تمسح به جلدها، وقال ابن وهب: معناه تمسح بيدها عليه أو على ظهره، وقيل معناه تمسح به ثم تفتض أي تغتسل، وإِلافتضاض إِلاغتسال بالماء العذب للإنقاء وإزالة الوسخ حتى تصير بيضاء نقية كالفضة، وقال الأخفش معناه تتنظف وتتنقى من الدرن تشبيهاً لها بالفضة في نقائها وبياضها، وذكر الهروي أن الأزهري قال: رواه الشافعي تقبص بالقاف والصاد المهملة والباء الموحدة مأخوذ من القبص وهو القبض بأطراف الأصابع.
قوله: (توفي حميم لأم حبيبة) أي قريب.
قوله صلى الله عليه وسلم: "في شر أحلاسها" هو بفتح الهمزة وإسكان الحاء المهملة جمع حلس بكسر الحاى، والمراد في شر ثيابها كما قال في الرواية الأخرى وهو مأخوذ من حلس البعير وغيره من الدواب وهو كالمسح يجعل على ظهره.
قوله: (نعي أبي سفيان) هو بكسر العين مع تشديد الياء وبإسكانها مع تخفيف الياء أي خبر موته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب" العصب بعين مفتوحة ثم صاد ساكنة مهملتين وهو برود اليمن يعصب غزلها ثم يصبغ معصوباً ثم تنسج، ومعنى الحديث النهي عن جميع الثياب المصبوغة للزينة إلا ثوب العصب. قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادة لبس الثياب المعصفرة والمصبغة إلا ما صبغ بسواد، فرخص بالمصبوغ بالسواد عروة بن الزبير ومالك والشافعي وكرهه الزهري وكره عروة العصب وأجازه الزهري وأجاز مالك غليظه والأصح عند أصحابنا تحريمه مطلقاً، وهذا الحديث حجة لمن أجازه. قال ابن المنذر: رخص جميع العلماء في الثياب البيض ومنع بعض متأخري المالكية جيد البيض الذي يتزين به وكذلك جيد السواد، قال أصحابنا: ويجوز كل ما صبغ ولا تقصد منه الزينة، ويجوز لها لبس الحرير في الأصح، ويحرم حلي الذهب والفضة وكذلك اللؤلؤ وفي اللؤلؤ وجه أنه يجوز قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار) النبذة بضم النون القطعة والشيء اليسر، وأما القسط فبضم القاف ويقال فيه كست بكاف مضمومة بدل القاف وبتاء بدل الطاء وهو والأظفار نوعان معروفان من البخور وليسا من مقصود الطيب رخص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة تتبع به أثر الدم لا للتطيب والله تعالى أعلم.