كتاب الأيمان
 *1* كتاب الأيمان والنذور
*2* باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى
*وحدّثني أَبُو الطّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرو بْنِ سَرْحٍ: حَدّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَن يُونُسَ، ح وحَدّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللّهِ عَزّ وَجَلّ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ"،
قَالَ عُمَرُ: فَوَاللّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَىَ عَنْهَا،ذَاكِراً وَلاَ آثِراً.
وحدّثني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعيْبِ بْنِ اللّيْثِ: حَدّثَنِي أَبِي عَنْ جَدّي: حَدّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالاَ: حَدّثَنَا عبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كِلاَهُمَا عَن الزّهْرِيّ بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنّ فِي حَدِيثِ عُقَيْلٍ: مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَىَ عَنْهَا، وَلاَ تَكَلّمْتُ بِهَا، وَلَمْ يَقُلْ: ذَاكِراً وَلاَ آثِراً.
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ عَمْرٌو النّاقِدُ وَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: حَدّثَنَا سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، بِمِثْلِ رِوَايَةِ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ.
وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدّثَنَا لَيْثٌ، ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ رُمْحٍ (وَاللّفْظُ لَهُ)، أَخْبَرَنَا اللّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ فِي رَكْبٍ، وَعُمَرُ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ إنّ اللّهِ عَزّ وَجَلّ يَنْهاَكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حَدّثَنَا أَبِي. ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى: حَدّثَنَا يَحْيَىَ (وَهُوَ الْقَطّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، ح وَحَدّثَنِي بِشْرُ بْنُ هِلاَلٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدّثَنَا أَيّوبُ، ح وَحَدّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ: حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، ح وَحَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيّةَ، ح وَحَدّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: أَخْبَرَنَا الضّحّاكُ و ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حوَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ ابْنُ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرّزّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، كُلّ هَولاَءِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِمثْلِ هَذِهِ الْقِصّةِ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَ يَحْيَى بْنُ أَيّوبَ وَ قُتَيْبَةُ وَ ابْنُ حُجْرٍ (قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الاَخَرُونَ: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) (وهَوُ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلاَ يَحْلِفْ إلاّ بِاللّهِ"، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا، فَقَالَ: "لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت". وفي رواية: "لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم" قال العلماء: الحكمة في النهي عن الحلف بغير الله تعالى أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهي به غيره. وقد جاء عن ابن عباس: لأن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر. فإن قيل: الحديث مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق" فجوابه أن هذه كلمة تجري على اللسان لا تقصد بها اليمين، فإن قيل فقد أقسم الله تعالى بمخلوقاته كقوله تعالى: {والصافات، والذاريات، والطور، والنجم} فالجواب أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيهاً على شرفه. قوله: (ما حلفت بها ذاكراً ولا آثراً) معنى ذاكراً قائلاً لها من قبل نفسي، ولا آثراً بالمد أي حالفاً عن غيري، وفي هذا الحديث إباحة الحلف بالله تعالى وصفاته كلها وهذا مجمع عليه، وفيه النهي عن الحلف بغير أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته وهو عند أصحابنا مكروه ليس بحرام
*2* باب من حلف باللات والعزّى، فليقل: لا إله إلا اللّه
*حدّثني أَبُو الطّاهِرِ، حَدّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، ح وَحَدّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ، فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: بِاللاّتِ، فَلْيَقُلْ: لاَ إلَهَ إلاّ اللّهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدّقْ".
وحدّثني سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيّ، ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالاَ: حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كِلاَهُمَا عَنِ الزّهْرِيّ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَحَدِيثُ مَعْمَرٍ مِثْلُ حَدِيثِ يُوُنُسَ، غَيْرَ أَنّهُ قَالَ "فَلْيَتَصَدّقْ بِشَيْءٍ"، وَفِي حَدِيثِ الأَوْزَاعِيّ "مَنْ حَلَفَ بِاللاّتِ وَالْعُزّىَ".
قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمٌ: هَذَا الْحَرْفُ "يَعْنِي قوله: تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصدّقْ) لاَ يَرْوِيهِ أَحَدٌ، غَيْرُ الزّهْرِيّ، قَالَ) وَلِلزّهْرِيّ نَحْوٌ مِنْ تِسْعِينَ حَدِيثاً يَرْوِيهِ عَنِ النّبِيّ لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ.
حدّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَىَ عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ سُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَحْلِفُوا بِالطّوَاغِي وَلاَ بِآبَائِكُمْ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إلَه إلا الله" إنما أمر بقول لا إلَه إلا الله لأنه تعاطى تعظيم صورة الأصنام حين حلف بها، قال أصحابنا: إذا حلف باللات والعزى وغيرهما من الأصنام أو قال: إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام أو بريء من النبي صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك لم تنعقد يمينه بل عليه أن يستغفر الله تعالى ويقول: لا إلَه إلا الله ولا كفارة عليه سواء فعله أم لا، هذا مذهب الشافعي ومالك وجماهير العلماء. وقال أبو حنيفة: تجب الكفارة في كل ذلك إلا في قوله: أنا مبتدع أو بريء من النبي صلى الله عليه وسلم أو واليهودية، واحتج بأن الله تعالى أوجب على المظاهر الكفارة لأنه منكر من القول وزور، والحلف بهذه الأشياء منكر وزور، واحتج أصحابنا والجمهور بظاهر هذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمره بقول لا إلَه إلا الله ولم يذكر كفارة ولأن الأصل عدمها حتى يثبت فيها شرع، وأما قياسهم على الظهار فينتقض بما استثنوه والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن قال لصاحبه تعالى أقامرك فليتصدق" قال العلماء: أمر بالصدقة تكفيراً لخطيئته في كلامه بهذه المعصية، قال الخطابي: معناه فليتصدق بمقدار ما أمر أن يقامر به، والصواب الذي عليه المحققون وهو ظاهر الحديث أنه لا يختص بذلك المقدار بل يتصدق بما تيسر مما ينطلق عليه اسم الصدقة، ويؤيده رواية معمر التي ذكرها مسلم فليتصدق بشيء، قال القاضي: ففي هذا الحديث دلالة لمذهب الجمهور أن العزم على المعصية إذا استقر في القلب كان ذنباً يكتب عليه بخلاف الخاطر الذي لا يستقر في القلب، وقد سبقت المسألة واضحة في أول الكتاب. قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم" هذا الحديث مثل الحديث السابق في النهي عن الحلف باللات والعزى، قال أهل اللغة: والغريب الطواغي هي الأصنام واحدها طاغية، ومنه هذه طاغية دوس أي صنمهم ومعبودهم سمي باسم المصدر لطغيان الكفار بعبادته لأنه سبب طغيانهم وكفرهم وكل ما جاوز الحد في تعظيم أو غيره فقد طغى، فالطغيان المجاوز للحد، ومنه قوله تعالى: {لما طغى الماء} أي جاوز الحد، وقيل يجوز أن يكون المراد بالطواغي هنا من طغى من الكفار وجاوز القدر المعتاد في الشر وهم عظماؤهم، وروي هذا الحديث في غير مسلم: "لا تحلفوا بالطواغيت" وهو جمع طاغوت وهو الصنم، ويطلق على الشيطان أيضاً، ويكون الطاغوت واحداً وجمعاً ومذكراً ومؤنثاً، قال الله تعالى: {واجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} وقال تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} الاَية يكفروا به
*2* باب ندب من حلف يميناً، فرأى غيرها خيراً منها، أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه
*حدّثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيّ (وَاللّفْظُ لِخَلَفٍ) قَالُوا: حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِيّ قَالَ: أَتَيْتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: "وَاللّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" قَالَ: فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللّهُ، ثُمّ أُتِيَ بِإِبِلٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِثَلاَثِ ذَوْدٍ غُرّ الذّرَىَ، فَلَمّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا (أَوْ قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ): لاَ يُبَارِكُ اللّهُ لَنَا، أَتَيْنَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، ثُمّ حَمَلَنَا، فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: "مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنّ اللّهَ حَمَلَكُمْ، وَإنّي، وَاللّهِ إنْ شَاءَ اللّهِ، لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ ثُمّ أَرَىَ خَيْراً مِنْهَا، إلاّ كَفّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ".
حدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ بَرّادٍ الأَشْعَرِيّ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْعَلاَءِ الْهَمْدَانِيّ (وتَقَارَبَا فِي اللّفْظِ)، قَالاَ: حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، عَنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَىَ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ لَهُمُ الْحُمْلاَنَ، إذْ هُمْ مَعَهُ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ (وَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ)، فَقُلْتُ: يَا نَبِيّ اللّهِ إنّ أَصْحَابِي أَرْسَلُونِي إلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ، فَقَالَ: "وَاللّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ عَلَىَ شَيْءٍ" وَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ وَلاَ أَشْعُرُ، فَرَجَعْتُ حَزِيناً مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ عَلَيّ، فَرَجَعْتُ إلَىَ أَصْحَابِي فَأَخْبَرْتُهُمُ الّذِي قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ أَلْبَثْ إلاّ سُوَيْعَةً إذْ سَمِعْتُ بِلاَلاً يُنَادِي: أَيْ عَبْدَ اللّهِ بْنَ قَيْسٍ فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: أَجِبْ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوكَ، فَلَمّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ، وَهَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ، وَهَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ، (لِسِتّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنّ حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ) فَانْطَلِقْ بِهِنّ إلَىَ أَصْحَابِكَ، فَقُلْ: إنّ اللّهِ (أَوْ قَالَ: إنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم) يَحْمِلُكُمْ عَلَىَ هَؤُلاَءِ، فَارْكَبُوهُنّ".
قَالَ أَبُو مُوسَىَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَىَ أَصْحَابِي بِهِنّ، فَقُلْتُ: إِنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْمِلُكُمْ عَلَىَ هَولاَءِ، وَلَكِنْ، وَاللّهِ لاَ أَدعُكُمْ حَتّىَ ينْطَلِقَ مَعِي بَعْضُكُمْ إِلَىَ مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، حِينَ سَأَلْتُهُ لَكُمْ، وَمَنْعَهُ فِي أَوّلِ مَرّةٍ، ثُمّ إِعْطَاءَهُ إِيّايَ بَعْدَ ذَلِكَ، لاَ تَظُنّوا أَنّي حَدّثْتُكُمْ شَيْئاً لَمْ يَقُلْهُ، فَقَالَوا لِي: واللّهِ إِنّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدّقٌ، وَلَنَفْعَلَنّ مَا أَحْبَبْتَ، فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَىَ بِنَفَرٍ مِنْهُمْ، حَتّىَ أَتَوُا الّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْعَهُ إِيّاهُمْ، ثُمّ إِعْطَاءَهُمْ بَعْدُ، فَحَدّثُوهُمْ بِمَا حَدّثَهُمْ بِهِ أَبُو مُوسَىَ، سَوَاءً.
حدّثني أَبُو الرّبِيعِ الْعَتَكِيّ، حَدّثَنَا حَمّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ) عَنْ أَيّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ وعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيّ قَالَ أَيّوبُ: وَأَنَا لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ مِنّي لِحَدِيثِ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ: كُنّا عِنْدَ أَبِي مُوسَىَ، فَدَعَا بِمَائِدَتِهِ وَعَلَيْهَا لَحْمُ دَجَاجٍ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللّهِ، أَحْمَرُ، شَبِيهٌ بِالْمَوَالِي، فَقَالَ لَهُ: هَلُمّ فَتَلَكّأَ فَقَالَ: هَلُمّ فَإنّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مِنْهُ، فَقَالَ الرّجُلُ: إنّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئاً فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ أَطْعَمَهُ، فَقَالَ: هَلُمّ أُحَدّثْكَ عَنْ ذَلِكَ، إنّي أَتَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: "وَاللّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللّهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَهْبِ إبِلٍ، فَدَعَا بِنَا، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرّ الذّرَىَ، قَالَ: فَلَمّا انْطَلَقْنَا، قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَغْفَلْنَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينَهُ، لاَ يُبَارَكُ لَنَا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّا أَتَيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ، وَإِنّكَ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا، ثُمّ حَمَلْتَنَا، أَفَنَسِيتَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: "إِنّي، وَاللّهِ إِنْ شَاءَ اللّهُ، لاَ أَحْلِفُ عَلَىَ يَمِينٍ فَأَرَىَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، إِلاّ أَتَيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلّلْتُ عَنْ يَمِينِي، فَانْطَلِقُوا، فَإِنّمَا حَمَلَكُمُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ".
وحدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدّثَنَا عَبْدُ الْوَهّابِ الثّقَفِيّ، عَنْ أَيّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ وَ الْقَاسِمِ التّمِيمِيّ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيّ قَالَ: كَانَ بَيْنَ هَذَا الْحَيّ مِنْ جَرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيّينَ وُدّ وَإِخَاءٌ، فَكُنّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيّ، فَقُرّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وحدّثني عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيّةَ، عَنْ أَيّوبَ، عَنِ الْقَاسِمِ التّمِيمِيّ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيّ، ح وَحَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيّ، ح وَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ: حَدّثَنَا عَفّانُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدّثَنَا أَيّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ وَ الْقَاسِمِ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيّ قَالَ: كُنّا عِنْدَ أَبِي مُوسَىَ، وَاقْتَصّوا جَمِيعاً الْحَدِيثَ بِمَعْنَىَ حَدِيثِ حَمّادِ بْنِ زَيْد.
وحدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرّوخَ: حَدّثَنَا الصّعْقُ (يَعْنِي ابْنَ حَزْنٍ)، حَدّثَنَا مَطَرٌ الْوَرّاقِ، حَدّثَنَا زَهْدَمٌ الْجَرْمِيّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَىَ أَبِي مُوسَىَ وَهُوَ يَأْكُلُ لَحْمَ دَجَاجٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ، وَزَادَ فِيهِ قَالَ "إِنّي، واللّهِ مَا نَسِيتُهَا".
وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التّيْمِيّ، عَنْ ضُرَيْبِ ابْنِ نُقَيْرٍ الْقَيْسِيّ، عَنْ زَهْدَمٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيّ قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ "مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلكُمْ، وَاللّهِ مَا أَحْمِلُكمْ" ثُمّ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثَةِ ذَوْدٍ بُقْعِ الذّرَى، فَقُلْنَا: إِنّا أَتيْنَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ "إِنّي لاَ أَحْلِفُ عَلَىَ يَمِينٍ، أَرَىَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، إِلاّ أَتيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى التّيْمِيّ، حَدّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ: حَدّثَنَا أَبُو السّلِيلِ عَنْ زَهْدَمٍ، يُحَدّثُهُ عَنْ أَبِي مُوسَىَ قَالَ: كُنّا مُشَاةً، فَأَتَيْنَا نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ، بِنَحْوِ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
حدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيّ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَعْتَمَ رَجُلٌ عِنْدَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ثُمّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ الصّبْيَةَ قَدْ نَامُوا، فَأَتَاهُ أَهْلُهُ بِطَعَامِهِ، فَحَلَفَ لاَ يَأْكُلُ، مِنْ أَجْلِ صِبْيَتِهِ، ثُمّ بَدَا لَهُ فَأَكَلَ، فَأَتَىَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَىَ يَمِينٍ، فَرَأَىَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَلْيَأَتِهَا، وَلْيُكَفّرُ عَنْ يَمِينِهِ".
وحدّثني أَبُو الطّاهِرِ: حَدّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنِ سُهَيْلٍ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَىَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَلْيُكَفّرْ عَنْ يَمِيِنِهِ، وَلْيَفْعَلْ".
وحدّثني زُهيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطّلِبِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَىَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفّرْ عَنْ يَمِينِهِ".
وحدّثني الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيّاءَ: حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدّثَنِي سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلاَلٍ) حَدّثَنِي سُهَيْلٌ فِي هَذَا الإِسْنَادِ بِمَعْنَىَ حَدِيثِ مَالِكٍ "فَلْيُكَفّرْ يَمِينَهُ، وَلْيَفْعَلِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ".
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ رُفَيْعٍ) عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ قَالَ: جَاءَ سَائِلٌ إلَىَ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ، فَسَأَلَهُ نَفَقَةً فِي ثَمَنِ خَادِمٍ أَوْ فِي بَعْضِ ثَمَنِ خَادِمٍ، فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيكَ إلاّ دِرْعِي وَمِغْفَرِي، فَأَكْتُبُ إلَىَ أَهْلِي أَنْ يُعْطُوكَهَا، قَالَ: فَلَمْ يَرْضَ، فَغَضِبَ عَدِيّ، فَقَالَ: أَمَا وَاللّهِ لاَ أُعْطِيكَ شَيْئاً، ثُمّ إنّ الرّجُلَ رَضِيَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللّهِ لَوْلاَ أَنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ حَلَفَ عَلَىَ يَمِينٍ ثُمّ رَأَىَ أَتْقَىَ للّهِ مِنْهَا، فَلْيَأْتِ التّقْوَىَ" مَا حَنّثْتُ يَمِينِي.
وحدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ: حَدّثَنَا أَبِي: حَدّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "مَنْ حَلَفَ عَلَىَ يَمِينٍ، فَرَأَىَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيَتْرُكْ يَمِينَهُ".
حدّثني مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ طَرِيفٍ الْبَجَلِيّ (وَاللّفْظُ لاِبْنِ طَرِيفٍ) قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمٍ الطّائِيّ، عَنْ عَدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَىَ الْيَمِينِ، فَرَأَىَ خَيْراً مِنْهَا، فَلْيُكَفّرْهَا، وَلْيَأْتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ طَرِيفٍ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الشّيْبَانِيّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمٍ الطّائِيّ، عَنْ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ أَنّهُ سَمِعَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيّ بْنَ حَاتِمٍ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَقَالَ تَسْأَلُنِي مَائِةَ دِرْهَمٍ، وَأَنَا ابْنُ حَاتِمٍ؟ وَاللّهِ لاَ أُعْطِيكَ شيئاً ثُمّ قَالَ: لَوْلاَ أَنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "مَنْ حَلَفَ عَلَىَ يَمِينٍ ثُمّ رَأَىَ خَيْراً مِنْهَا، فَلْيَأتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ".
حدّثني مُحَمّدُ بْنُ حَاتِمٍ: حَدّثَنَا بَهْزٌ: حَدّثَنَا شُعْبَةُ: حَدّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ تَمِيمَ ابْنَ طَرَفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيّ بْنَ حَاتِمٍ أَنّ رَجُلاً سَأَلَهُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ: وَلَكَ أَرْبَعُمِائَةٍ فِي عَطَائِي.
حدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرّوخَ: حَدّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: حَدّثَنَا الْحَسَنُ: حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "يَا عَبْدَ الرّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنّكَ إنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلَتْ إلَيْهَا، وَإنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإذَا حَلَفْتَ عَلَىَ يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا فَكَفّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَائْتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ".
قَالَ أَبُو أحْمَدَ الجَلُوديّ: حدّثَنَا أبُو العَبّاسِ الْمَاسَرْ حَبسِيّ: حَدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرّوْخَ، بهذا الْحَدِيث.
حدّثني عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ: حَدّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ وَ مَنْصُورٍ وَ حُمَيْدٍ، ح وَحَدّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيّ، حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيّةَ وَ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَ هِشَامِ بْنِ حَسّانَ، فِي آخَرِينَ. ح وَحَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ: حَدّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، ح وَحَدّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمّيّ، حَدّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، كُلّهُمْ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْمُعَتَمِرِ عَنْ أَبِيهِ، ذِكْرُ الإمَارَةِ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين ثم أرى خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير" وفي الحديث الاَخر: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" وفي رواية: "إذا حلف أحدكم على اليمين فرأى خيراً منها فليكفرها وليأتي الذي هو خير". في هذه الأحاديث دلالة على من حلف على فعل شيء أو تركه وكان الحنث خيراً من التمادي على اليمين استحب له الحنث وتلزمه الكفارة وهذا متفق عليه، وأجمعوا على أنه لا تجب عليه الكفارة قبل الحنث، وعلى أنه يجوز تأخيرها عن الحنث، وعلى أنه لا يجوز تقديمها على اليمين، واختلفوا في جوازها بعد اليمين وقبل الحنث فجوزها مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأربعة عشر صحابياً وجماعات من التابعين وهو قول جماهير العلماء لكن قالوا يستحب كونها بعد الحنث، واستثنى الشافعي التكفير بالصوم فقال: لا يجوز قبل الحنث لأنه عبادة بدنية فلا يجوز تقديمها على وقتها كالصلاة وصوم رمضان، وأما التكفير بالمال فيجوز تقديمه كما يجوز تعجيل الزكاة، واستثنى بعض أصحابنا حنث المعصية فقال: لا يجوز تقديم كفارته لأن فيه إعانة على المعصية والجمهور على أجزائها كغير المعصية. وقال أبو حنيفة وأصحاه وأشهب المالكي: لا يجوز تقديم الكفارة على الحنث بكل حال، ودليل الجمهور ظواهر هذه الأحاديث والقياس على تعجيل الزكاة. قوله: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله) أي نطلب منه ما يحملنا من الإبل ويحمل أثقالنا. قوله: (فأمر لنا بثلاث ذود غر الذرى) وفي رواية: (بخمس ذود) وفي رواية: (بثلاثة ذود بقع الذرى). أما الذرى فبضم الذال وكسرها وفتح الراء المخففة جمع ذروة بكسر الذال وضمها وذروة كل شيء أعلاه والمراد هنا الأسنمة، وأما الغر فهي البيض وكذلك البقع المراد بها البيض وأصلها ما كان فيه بياض وسواد ومعناه أمر لنا بإبل بيض الأسنمة. وأما قوله بثلاث ذود فهو من إضافة الشيء إلى نفسه وقد يحتج به من يطلق الذود على الواحد وسبق إيضاحه في كتاب الزكاة. وأما بقوله بثلاث، وفي رواية بخمس، فلا منافاة بينهما إذ ليس في ذكر الثلاث نفي للخمس والزيادة مقبولة، ووقع في الرواية الأخيرة بثلاث ذود بإثبات الهاء وهو صحيح يعود إلى معنى الإبل وهو الأبعرة والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنا حملتم ولكن الله حملكم" ترجم البخاري لهذا الحديث. قوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} وأراد أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وهذا مذهب أهل السنة خلافاً للمعتزلة. وقال الماوردي معناه أن الله تعالى آتاني ما حملتكم عليه ولولا ذلك لم يكن عندي ما أحملكم عليه. قال القاضي: ويجوز أن يكون أوحى إليه أن يحملهم أو يكون المراد دخولهم في عموم من أمر الله تعالى بالقسم فيهم والله أعلم. قوله: (أسأله لهم الحملان) بضم الحاء أي الحمل. قوله صلى الله عليه وسلم: "خذ هذين القرينين" أي البعيرين المقرون أحدهما بصاحبه. قوله: (عن زهدم الجرمي) هو بزاي مفتوحة ثم هاء ساكنة ثم دال مهملة مفتوحة. قوله: (في لحم الدجاج رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منه) فيه إباحة لحم الدجاج وملاذ الأطعمة، ويقع اسم الدجاج على الذكور والإناث وهو بكسر الدال وفتحها. قوله: (بنهب إبل) قال أهل اللغة: النهب الغنيمة وهو بفتح النون وجمعه نهاب بكسرها ونهوب بضمها وهو مصدر بمعنى المنهوب كالخلق بمعنى المخلوق. قوله: (أغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه) هو بإسكان اللام أي جعلناه غافلاً، ومعناه كنا سبب غفلته عن يمينه ونسيانه إياها وما ذكرناه إياها أي أخذنا منه ما أخذنا وهو ذاهل عن يمينه. قوله: (حدثنا الصعق يعني ابن حزن قال: حدثنا مطر الوراق عن زهدم) هو الصعق بفتح الصاد وبكسر العين وإسكانها والكسر أشهر، قال الدارقطني: الصعق ومطر ليسا قويين ولم يسمعه مطر من زهدم وإنما رواه عن القاسم عنه فاستدركه الدارقطني على مسلم، وهذا الاستدلال فاسد لأن مسلماً لم يذكره متأصلاً وإنما ذكره متابعة للطرق الصحيحة السابقة، وقد سبق أن المتابعات يحتمل فيها الضعف لأن الاعتماد على ما قبلها، وقد سبق ذكر مسلم لهذه المسألة في أول خطبة كتابه وشرحناه هناك، وأنه يذكر بعض الأحاديث الضعيفة متابعة للصحيحة. وأما قوله أنهما ليسا قويين فقد خالفه الأكثرون فقال يحيى بن معين وأبو زرعة. هو ثقة في الصعق، وقال أبو حاتم: ما به بأس، وقال هؤلاء الثلاث في مطر الوراق هو صالح وإنما ضعفوا روايته عن عطاء خاصة. قوله: (عن ضريب بن نقير) أما ضريب فبضاد معجمة مصغر ونقير بضم النون وفتح القاف وآخره راء هذا هو المشهور المعروف عن أكثر الرواة في كتب الأسماء ورواه بعضهم بالفاء وقيل نفيل بالفاء وآخره لام. قوله: (حدثنا أبو السليل) هو بفتح السين المهملة وكسر اللام وهو ضريب بن نفير المذكور في الرواية الأولى.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله فليأت التقوى" هو بمعنى الروايات السابقة فرأى خيراً منها فليأت الذي هو خير.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الأمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها" هكذا هو في أكثر النسخ وكلت إليها، وفي بعضها أكلت إليها بالهمزة، وفي هذا الحديث فوائد منها كراهة السؤال الولاية سواء ولاية الأمارة والقضاء والحسبة وغيرها، ومنها بيان أن من سأل الولاية لا يكون معه إعانة من الله تعالى ولا تكون فيه كفاية لذلك العمل فينبغي أن لا يولى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا نولي عملنا من طلبه أو حرص عليه". قوله: (حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير إلى آخره) وقع في بعض النسخ في آخر هذا الحديث قال أبو أحمد الجلودي: حدثنا أبو العباس الماسرجسي قال حدثنا شيبان بهذا ومراده أنه علا برجل
*2* باب يمين الحالف على نية المستحلِف
*حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ وَ عَمْرٌو النّاقِدُ (قَالَ يَحْيَىَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ: عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَقَالَ عَمْرٌو: حَدّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَمِينُكَ عَلَىَ مَا يُصَدّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ"، وَقَالَ عَمْرٌو "يُصَدّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ".
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا يَزِيْدُ بْنُ هَرُونَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عَبّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْيَمِينُ عَلَىَ نِيّةِ الْمُسْتَحْلِفِ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك" وفي رواية: "اليمين على نية المستحلف" المستحلف بكسر اللام، وهذا الحديث محمول على الحلف باستحلاف القاضي، فإذا ادعى رجل على رجل حقاً فحلفه القاضي فحلف وروى فنوى غير ما نوى القاضي انعقدت يمينه على ما نواه القاضي ولا تنفعه التورية وهذا مجمع عليه ودليله هذا الحديث والإجماع، فأما إذا حلف بغير استحلاف القاضي وورى تنفعه التورية ولا يحنث سواء حلف ابتداء من غير تحليف أو حلفه غير القاضي وغير نائبه في ذلك ولا اعتبار بنية المستحلف غير القاضي، وحاصله أن اليمين على نية الحالف في كل الأحوال إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه فتكون على نية المستحلف وهو مراد الحديث، أما إذا حلف عند القاضي من غير استحلاف القاضي في دعوى فالاعتبار بنية الحالف وسواء في هذا كله اليمين بالله تعالى أو بالطلاق والعتاق، إلا أنه إذا حلفه القاضي بالطلاق أو بالعتاق تنفعه التورية ويكون الاعتبار بنية الحالف، لأن القاضي ليس له التحليف بالطلاق والعتاق وإنما يستحلف بالله تعالى، واعلم أن التورية وإن كان لا يحنث بها فلا يجوز فعلها حيث يبطل بها حق مستحق وهذا مجمع عليه، هذا تفصيل مذهب الشافعي وأصحابه. ونقل القاضي عياض عن مالك وأصحابه في ذلك اختلافاً وتفصيلاً فقال: لا خلاف بين العلماء أن الحالف من غير استحلاف ومن غير تعلق حق بيمينه له نيته ويقبل قوله. وأما إذا حلف لغيره في حق أو وثيقة متبرعاً أو بقضاء عليه فلا خلاف أنه يحكم عليه بظاهر يمينه سواء حلف متبرعاً باليمين أو باستحلاف، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فقيل اليمين على نية المحلوف له، وقيل على نية الحالف، وقيل إن كان مستحلفاً فعلى نية المحلوف له، وإن كان متبرعاً باليمين فعلى نية الحالف، وهذا قول عبد الملك وسحنون وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم، وقيل عكسه وهي رواية يحيى عن ابن القاسم، وقيل تنفعه نيته فيما لا يقضى به عليه ويفترق التبرع وغيره فيما يقضى به عليه وهذا مروي عن ابن القاسم أيضاً. وحكى عن مالك أن ما كان من ذلك على وجه المكر والخديعة فهو فيه آثم حانث، وما كان على وجه المكر والخديعة فله نيته، وما كان في حق فهو على نية المحلوف له. قال القاضي: ولا خلاف في إثم الحالف بما يقع به حق غيره وإن ورى والله أعلم
*2* باب الاستثناء
*حدّثني أَبُو الرّبِيعِ الْعَتَكِيّ وَ أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ (وَاللّفْظُ لاِءَبِي الرّبِيعِ) قَالاَ: حَدّثَنَا حَمّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ): حَدّثَنَا أَيّوبُ عَنْ مُحَمّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتّونَ امْرَأَةً، فَقَالَ: لأَطُوفَنّ عَلَيْهِنّ اللّيْلَةَ، فَتَحْمِلُ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنّ، فَتَلِدُ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنّ غُلاَماً فَارِساً، يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنّ إلاّ وَاحِدَةٌ، فَوَلَدَتْ نِصْفَ إنْسَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَ اسْتَثْنَىَ، لَوَلَدَتْ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنّ غُلاَماً، فَارِساً، يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ عَبّادٍ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: (وَاللّفْظُ لاِبْنِ أَبِي عُمَرَ). قَالاَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ نَبِيّ اللّهِ: لأَطُوفَنّ اللّيْلَةَ عَلَىَ سَبْعِينَ امْرَأَةً، كُلّهُنّ تَأْتِي بِغُلاَمٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ، أَوِ الْمَلَكُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، وَنَسِيَ، فَلَمْ تَأْتِ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِهِ، إلاّ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقّ غُلاَمٍ"، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَلَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللّهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكاً لَهُ فِي حَاجَتِهِ".
وحدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ.
وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ بْنُ هَمّامٍ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لأُطِيِفَنّ اللّيْلَةَ عَلَىَ سَبْعِينَ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلّ امْرَأَةٍ مِنْهُنّ غُلاَماً، يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ، فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَأَطَافَ بِهِنّ، فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنّ، إلاّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، نِصْفَ إنْسَانٍ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللّهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكاً لِحَاجَتِهِ".
وحدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنَا شَبَابَةُ: حَدّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لأَطُوفَنّ اللّيْلَةَ عَلَىَ تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلّهَا تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللّهُ، فَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللّهُ، فَطَافَ عَلَيْهِنّ جَمِيعاً، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنّإِلاّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، فَجَاءَتْ بِشِقّ رَجُلٍ، وَايْمُ الّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ فُرْسَاناً أَجْمَعُونَ".
وحدّثنيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزّنَادِ بِهَذَا الاْسْنَادِ، مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنّهُ قَالَ: "كُلّهَا تَحْمِلُ غُلاَماً يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللّهِ".
ذكر في الباب حديث سليمان بن داود عليه السلام وفيه فوائد: منها أنه يستحب للإنسان إذا قال سأفعل كذا أن يقول إن شاء الله تعالى لقوله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} ولهذا الحديث. ومنها أنه إذا خلف وقال متصلاً بيمينه إن شاء الله تعالى لم يحنث بفعله المحلوف عليه، وأن الاستثناء يمنع انعقاد اليمين لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركاً لحاجته، ويشترط لصحة هذا الاستثناء شرطان: أحدهما: أن يقوله متصلاً باليمين. والثاني: أن يكون نوى قبل فراغ اليمين أن يقول إن شاء الله تعالى. قال القاضي: أجمع المسلبون على أن قوله إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متصلاً، قال: ولو جاز منفصلاً كما روي عن بعض السلف لم يحنث أحد قط في يمين ولم يحتج إلى كفارة، قال: واختلفوا في إِلاتصال فقال مالك والأوزاعي والشافعي والجمهور: هو أن يكون قوله إن شاء الله متصلاً باليمين من غير سكوت بينهما ولا تضر سكتة النفس وعن طاوس والحسن وجماعة من التابعين أن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه. وقال قتادة: ما لم يقم أو يتكلم. وقال عطاء: قدر حلبة ناقة. وقال سعيد بن جبير: بعد أربعة أشهر. وعن ابن عباس: له الاستثناء أبداً متى تذكره. وتأول بعضهم هذا المنقول عن هؤلاء على أن مرادم أنه يستحب له قول إن شاء الله تبركاً، قال تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت} ولم يريدوا به حل اليمين ومنع الحنث. أما إذا استثنى في الطلاق والعتق وغير ذلك سوى اليمين بالله تعالى فقال: أنت طالق إن شاء الله تعالى، أو أنت حر إن شاء الله تعالى، أو أنت علي كظهر أمي إن شاء الله تعالى، أو لزيد في ذمتي ألف درهم إن شاء الله، أو إن شفي مريضي فللّه علي صوم شهر إن شاء الله، أو ما أشبه ذلك، فمذهب الشافعي والكوفيين وأبي ثور وغيرهم صحة الاستثناء في جميع الأشياء كما أجمعوا عليها في اليمين بالله تعالى فلا يحنث في طلاق ولا عتق، ولا ينعقد ظهاره ولا نذره ولا إقراره، ولا غير ذلك مما يتصل به قوله إن شاء الله. وقال مالك والأوزاعي: لا يصح الاستثناء في شيء من ذلك إلا اليمين بالله تعالى. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لو قال إن شاء الله لم يحنث" فيه إشارة إلى أن الاستثناء يكون بالقول ولا تكفي فيه النية، وبهذا قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد والعلماء كافة إلا ما حكي عن بعض المالكية أن قياس قول مالك صحة الاستثناء بالنية من غير لفظ. قوله صلى الله عليه وسلم: "فقال له صاحبه قل إن شاء الله" قد يحتج به من يقول بجواز انفصال الاستثناء، وأجاب الجمهور عنه بأنه يحتمل أن يكون صاحبه قال له ذلك وهو بعد في أثناء اليمين أو أن الذي أرى منه ليس بيمين فإنه ليس في الحديث تصريح بيمين والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: (لأطوفن) وفي بعض النسخ: (لأطيفن الليلة) هما لغتان فصيحتان، طاف بالشيء وأطاف به إذا دار حوله وتكرر عليه فهو طائف ومطيف وهو هنا كناية عن الجماع. قوله صلى الله عليه وسلم: "كان لسليمان ستون امرأة" وفي رواية: (سبعون) وفي رواية: (تسعون) وفي غير صحيح مسلم: تسع وتسعون، وفي رواية: مائة. هذا كله ليس بمتعارض لأنه ليس في ذكر القليل نفي الكثير، وقد سبق بيان هذا مرات وهو من مفهوم العدد ولا يعمل به عند جماهير الأصوليين، وفي هذا بيان ما خص به الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم من القوة على إطاقة هذا في ليلة واحدة، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يطوف على إحدى عشرة امرأة له في الساعة الواحدة كما ثبت في الصحيح وهذاكله من زيادة القوة والله أعلم. قوله: "فتحمل كل واحدة منهن فتلد كل واحدة منهن غلاماً فارسياً يقاتل في سبيل الله" هذا قاله على سبيل التمني للخير وقصد به الاَخرة والجهاد في سبيل الله تعالى لا لغرض الدنيا. قوله صلى الله عليه وسلم: "فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان" وفي رواية: (جاءت بشق غلام) قيل هو الجسد الذي ذكره الله تعالى أنه ألقي على كرسيه. قوله صلى الله عليه وسلم: (لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاماً فارساً يقاتل في سبيل الله تعالى) هذا محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحى إليه بذلك في حق سليمان لا أن كل من فعل هذا يحصل له هذا. قوله صلى الله عليه وسلم: "فقال له صاحبه أو الملك قل إن شاء الله فلم يقل ونسي" قيل المراد بصاحبه الملك وهو الظاهر من لفظه، وقيل القرين، وقيل صاحب له آدمي. وقوله نسي ضبطه بعض الأئمة بضم النون وتشديد السين وهو ظاهر حسن والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "وكان دركاً له في حاجته" هو بفتح الراء اسم من الإدراك أي لحاقاً قال الله تعالى: {لا تخاف دركاً}. قوله صلى الله عليه وسلم: "وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله" فيه جواز اليمين بهذا اللفظ وهو أيم الله وأيمن الله، واختلف العلماء في ذلك فقال مالك وأبو حنيفة: هو يمين، وقال أصحابنا: إن نوى به اليمين فهو يمين وإلا فلا.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لو قال إن شاء الله لجاهدوا" فيه جواز قول لو ولولا، قال القاضي عياض: هذا يستدل به على جواز قول لو ولولا، قال: وقد جاء في القرآن كثيراً، وفي كلم الصحابة والسلف، وترجم البخاري على هذا باب ما يجوز من اللو وأدخل فيه قول لوط صلى الله عليه وسلم: {لو أن لي بكم قوة} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت راجماً بغير بينة لرجمت هذه" و"لو مد لي الشهر لواصلت" و"لولا حدثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم" و"لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار" وأمثال هذا. قال: والذي ينفهم من ترجمة البخاري وما ذكره في الباب من القرآن والاَثار أنه يجوز استعمال لو ولولا فيما يكون للاستقبال مما امتنع من فعله لامتناع غيره وهو من باب الممتنع من فعله لوجود غيره وهو من باب أولا، لأنه لم يدخل في الباب سوى ما هو للاستقبال أو ما هو حق صحيح متيقن كحديث: "لولا الهجرة لكنت امرأة من الأنصار" دون الماضي والمنقضي، أو ما فيه اعتراض على الغيب والقدر السابق، وقد ثبت في الحديث الاَخر في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل" قال القاضي قال بعض العلماء هذا إذا قاله على جهة الحتم والقطع بالغيب أنه لو كان كذا لكان كذا من غير ذلك مشيئة الله تعالى والنظر إلى سابق قدره وخفي علمه علينا، فأما من قاله على التسليم ورد الأمر إلى المشيئة فلا كراهة فيه. قال القاضي: وأشار بعضهم إلى أن لولا بخلاف لو، قال القاضي: والذي عندي أنهما سواء إذا استعملتا فيما لم يحط به الإنسان علماً ولا هو داخل تحت مقدور قائلهما مما هو تحكم على الغيب واعتراض على القدر كما نبه عليه في الحديث، ومثل قول المنافقين لو أطاعونا ما قتلوا. لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. ولو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا. فرد الله تعالى عليهم باطلهم فقال: {فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} فمثل هذا هو المنهي عنه. وأما هذا الحديث الذي نحن فيه فإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيه عن يقين نفسه أن سليمان لو قال إن شاء الله لجاهدوا، إذ ليس هذا مما يدرك بالظن والاجتهاد، وإنما أخبر عن حقيقة أعلمه الله تعالى بها وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن امرأة زوجها" فلا معارضة بين هذا وبين حديث النهي عن لو، وقد قال الله تعالى: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه. وكذلك ما جاء من لولا كقوله تعالى: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم} و{لولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا} و{لولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه} لأن الله تعالى مخبر في كل ذلك عما مضى أو يأتي عن علم خبراً قطيعاً، وكل ما يكون من لو ولولا مما يخبر به الإنسان عن علة امتناعه من فعله مما يكون فعله في قدرته فلا كراهة فيه لأنه إخبار حقيقة عن امتناع شيء لسبب شيء، وحصول شيء لامتناع شيء، وتأتي لو غالباً لبيان السبب الموجب أو النافي، فلا كراهة في كل ما كان من هذا إلا أن يكون كاذباً في ذلك كقول المنافقين: {لو نعلم قتالاً لاتبعناكم} والله أعلم.
*2* باب النهي عن الإِصرار على اليمين، فيما يتأذى به أهل الحالف، مما ليس بحرام
*حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: حَدّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمّام بْنِ مُنَبّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاللّهِ لأَنْ يَلَجّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ، آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفّارَتَهُ الّتِي فَرَضَ اللّهُ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله" أما قوله صلى الله عليه وسلم: لأن فبفتح اللام وهو لام القسم، وقوله صلى الله عليه وسلم: يلج هو بفتح الياء واللام وتشديد الجيم، وآثم بهمزة ممدودة وثاء مثلثة أي أكثر إثماً، ومعنى الحديث أنه إذا حلف يميناً تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه ويكون الحنث ليس بمعصية فينبغي له أن يحنث فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه، فإن قال: لا أحنث بل أتورع عن ارتكاب الحنث وأخاف الإثم فيه فهو مخطئ بهذا القول بل استمراره في عدم الحنث وإدامة الضرر على أهله أكثر إثماً من الحنث، واللجاج في اللغة هو الإصرار على الشيء، فهذا مختصر بيان معنى الحديث، ولا بد من تنزيله على ما إذا كان الحنث ليس بمعصية كما ذكرنا، وأما قوله صلى الله عليه وسلم آثم فخرج على لفظ المفاعلة المقتضية للاشتراك في الإثم لأنه قصد مقابلة اللفظ على زعم الحالف وتوهمه، فإنه يتوهم أن عليه إثماً في الحنث مع أنه لا إثم عليه فقال صلى الله عليه وسلم الإثم عليه في اللجاج أكثر لو ثبت الإثم والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب
*2* باب نذر الكافر، وما يفعل فيه إذا أسلم
*حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدّمِيّ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللّفْظُ لِزُهَيْرٍ)، قَالُوا: حَدّثَنَا يَحْيَىَ (وَهُوَ ابنُ سَعِيدٍ الْقَطّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: "فَأَوْفِ بِنْذَرْكِ".
م 1 (...) وحدّثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجّ: حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى: حَدّثَنَا عَبْدُ الْوَهّابِ (يَعْنِي الثّقَفِيّ)، ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْعَلاَءِ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعاً، عَنْ حَفْصِ بْنِ غَيَاثٍ، ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوّادٍ، حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدّثَنَا شُعْبَةُ، كُلّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ حَفْصٌ، مِنْ بَيْنَهِمْ: عَنْ عُمَرَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، أَمّا أَبُو أُسَامَةَ وَالثّقَفِيّ فَفِي حَدِيثِهِمَا: اعْتِكَافُ لَيْلَةٍ، وَأَمّا فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ فَقَالَ: جَعَلَ عَلَيْهِ يَوْماً يَعْتَكِفُهُ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ حَفْصٍ، ذِكْرُ يَوْمٍ وَلاَ لَيْلَةٍ.
وحدّثني أَبُو الطّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنّ أَيّوبَ حَدّثَهُ أَنّ نَافِعاً حَدّثَهُ أَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مِنَ الطّائِفِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْماً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَكَيْفَ تَرَىَ؟ قَالَ: "اذْهَبْ فَاعْتَكِفْ يَوْماً".
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْطَاهُ جَارِيَةً مِنَ الْخُمُسِ، فَلَمّا أَعْتَقَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَايَا النّاسِ، سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ أَصْوَاتَهُمْ يَقُولُونَ: أَعْتَقَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أَعْتقَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَايَا النّاسِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللّهِ اذْهَبْ إلَىَ تِلْكَ الْجَارِيَةِ فَخَلّ سَبِيلَهَا.
وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمّا قَفَلَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُنَيْنٍ سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَذْرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيّةِ، اعْتِكَافِ يَوْمٍ، ثُمّ ذكرَ بِمَعْنَىَ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ.
وحدّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضّبِيّ حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدّثَنَا أَيّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ عُمْرَةُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجِعْرَانَةِ، فَقَالَ: لَمْ يَعْتَمِرْ مِنْهَا، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ، ثُمّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَمَعْمَرٍ عَنْ أَيّوبَ.
وحدّثني عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ الدّارِمِيّ: حَدّثَنَا حَجّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ: حَدّثَنَا حَمّادٌ عَنْ أَيّوبَ، ح وَحَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَىَ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ إِسْحَقَ، كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي النّذْرِ، وَفِي حَدِيثِهِمَا جَمِيعاً: اعْتِكَافُ يَوْمٍ.
فيه حديث عمر رضي الله عنه أنه نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية. وفي رواية: "نذر اعتكاف يوم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك". اختلف العلماء في صحة نذر الكافر فقال مالك وأبو حنيفة وسائر الكوفيين وجمهور أصحابنا: لا يصح. وقال المغيرة المخزومي وأبو ثور والبخاري وابن جرير وبعض أصحابنا: يصح وحجتهم ظاهر حديث عمر، وأجاب الأولون عنه أنه محمول على الاستحباب أي يستحب لك أن تفعل الاَن مثل ذلك الذي نذرته في الجاهلية. وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه في صحة الاعتكاف بغير صوم وفي صحته بالليل كما يصح بالنهار سواء كانت ليلة واحدة أو بعضها أو أكثر ودليله حديث عمر هذا. وأما الرواية التي فيها اعتكاف يوم فلا تخالف رواية اعتكاف ليلة لأنه يحتمل أنه سأله عن اعتكاف ليلة وسأله عن اعتكاف يوم فأمره بالوفاء بما نذر فحصل منه صحة اعتكاف الليل وحده، ويؤيده رواية نافع عن ابن عمر أن عمر نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أوف بنذرك فاعتكف عمر ليلة، رواه الدراقطني وقال: إسناد ثابت، هذا مذهب الشافعي، وبه قال الحسن البصري وأبو ثور وداود وابن المنذر وهو أصح الروايتين عن أحمد. قال ابن المنذر: وهو مروي عن علي وابن مسعود. وقال ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير والزهري ومالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق في رواية عنهما: لا يصح إلا بصوم وهو قول أكثر العلماء. قوله: (ذكر عند ابن عمر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فقال لم يعتمر منها) هذا محمول على نفي علمه أي أنه لم يعلم ذلك، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة، والإثبات مقدم على النفي لما فيه من زيادة العلم، وقد ذكر مسلم في كتاب الحج اعتمار النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة عام حنين من رواية أنس رضي الله عنه والله أعلم.
*2* باب صحبة المماليك، وكفارة من لطم عبده
*حدّثني أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيّ: حَدّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَدْ أَعْتَقَ مَمْلُوكاً، قَالَ: فَأَخَذَ مِنَ الأَرْضِ عُوداً أَوْ شَيْئاً، فَقَالَ: مَا فِيهِ مِنَ الأَجْرِ مَا يَسْوَى هَذَا، إِلاّ أَنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ (وَاللّفْظُ لاِبْنِ المُثَنّى)، قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فِرَاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدّثُ عَنْ زَاذَانَ أَنّ ابْنَ عُمَرَ دَعَا بِغُلاَمٍ لَهُ: فَرَأَىَ بِظَهْرِهِ أَثَراً، فَقَالَ لَهُ: أَوْجَعْتُكَ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَأَنْتَ عَتِيقٌ،
قَالَ: ثُمّ أَخَذَ شَيْئاً مِنَ الأَرْضِ فَقَالَ: مَا لِي فِيهِ مِنَ الأَجْرِ مَا يَزِنُ هَذَا، إِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ ضَرَبَ غُلاَماً لَهُ، حَداّ لَمْ يَأْتِهِ، أَوْ لَطَمَهُ، فَإِنّ كَفّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ".
وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى، حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ، كِلاَهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ بِإِسْنَادِ شُعْبَةَ وَأَبِي عَوَانَةَ، أَمّا حَدِيثُ ابْنِ مَهْدِيَ فَذَكَرَ فِيهِ "حَدّا لَمْ يَأْتِهِ"، وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ "مَنْ لَطَمَ عَبْدَهُ" وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَدّ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ح وَحَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللّفْظُ لَهُ)، حَدّثَنَا أَبِي، حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: لَطَمْتُ مَوْلًى لَنَا فَهَرَبْت، ثُمّ جِئْتُ قُبَيْلَ الظّهْرِ فَصَلّيْتُ خَلْفَ أَبِي، فَدَعَاهُ وَدَعَانِي، ثُمّ قَالَ: امْتَثِلْ مِنْهُ، فَعَفَا، ثُمّ قَالَ: كُنّا، بَنِي مُقَرّنٍ، عَلَىَ عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، لَيْسَ لَنَا إِلاّ خَادِمٌ وَاحِدَةٌ، فَلَطَمَهَا أَحَدُنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ "أَعْتِقُوهَا" قَالُوا: لَيْسَ لَهُمْ خَادِمٌ غَيْرُهَا، قَالَ: "فَلْيَسْتَخْدِمُوهَا، فَإِذا اسْتَغْنَوْا عَنْهَا، فَلْيُخَلّوا سَبِيلَهَا".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللّفْظُ لاِءَبِي بَكْرٍ)، قَالاَ: حَدّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: عَجِلَ شَيْخٌ فَلَطَمَ خَادِماً لَهُ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرّنٍ: عَجَزَ عَلَيْكَ إِلاّ حُرّ وَجْهِهَا، لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ بنِي مُقَرّنٍ، مَا لَنَا خَادِمٌ إِلاّ وَاحِدَةٌ، لَطَمَهَا أَصْغَرُنَا، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُعْتِقَهَا.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ قَالاَ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيّ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: كُنّا نَبِيعُ الْبَزّ فِي دَارِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرّنٍ، أَخِي النّعْمَانِ بْنِ مُقَرّنٍ، فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ، فَقَالَتْ لِرَجُلٍ مِنّا كَلِمَةً، فَلَطَمَهَا، فَغَضِبَ سُوَيْدٌ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ.
وحدّثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصّمَدِ: حَدّثَنِي أَبِي: حَدّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَالَ لِي مُحَمّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: شُعْبَةُ، فَقَالَ مُحَمّدٌ: حَدّثَنِي أَبُو شُعْبَةَ الْعِرَاقِيّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرّنٍ أَنّ جَارِيَةً لَهُ لَطَمَهَا إنْسَانٌ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْدٌ: أَمَا عَلِمْتَ أَنّ الصّورَةَ مُحَرّمَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي، وَإنّي لَسَابِعُ إخْوَةٍ لِي، مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا لَنَا خَادِمٌ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَعَمَدَ أَحَدُنَا فَلَطَمَهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُعْتِقَهُ.
وحدّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَالَ لِي مُحَمّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: مَا اسْمُكَ؟ فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الصّمَدِ.
حدّثنا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيّ: حَدّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ (يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ)، حَدّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التّيْمِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيّ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَماً لِي بِالسّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ خَلْفِي "اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ" فَلَمْ أَفْهَمِ الصّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمّا دَنَا مِنّي، إِذَا هُوَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: "اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ" قَالَ: فَأَلقَيْتُ السّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ: "اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ أَنّ اللّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلاَمِ" قَالَ فَقُلْتُ: لاَ أَضْرِبُ مَمْلُوكاً بَعْدَهُ أَبَداً.
وحدّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ حُمَيْدٍ (وَهُوَ الْمَعْمَرِيّ) عَنْ سُفْيَانَ. ح وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا عَفّانُ: حَدّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، كُلّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ بِإِسْنَادِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، نَحْوَ حَدِيثِهِ، غَيْرَ أَنّ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: فَسَقَطَ مِنْ يَدِي السّوْطُ، مِنْ هَيْبَتِهِ.
وحدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمّدُ بْنُ الْعَلاَءِ: حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التّيْمِيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَماً لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتاً "اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ! لَلّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ" فَالْتَفَتّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ هُوَ حُرّ لِوَجْهِ اللّهِ، فَقَالَ: "أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النّارُ، أَوْ لَمَسّتْكَ النّارُ".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ (وَاللّفْظُ لاِبْنِ الْمُثَنّى) قَالاَ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التّيْمِيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنّهُ كَانَ يَضْرِبُ غُلاَمَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللّهِ، قَالَ: فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِرَسُولِ اللّهِ، فَتَرَكَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "وَاللّهِ لَلّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ" قَالَ: فَأَعْتَقَهُ.
وحدّثنيهِ بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنْ شُعْبَةُ بِهَذَا الاْسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قوله: أَعُوذُ بِاللهِ، أَعُوذُ بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه" قال العلماء: في هذا الحديث الرفق بالمماليك وحسن صحبتهم وكف الأذى عنهم، وكذلك في الأحاديث بعده، وأجمع المسلمون على أن عتقه بهذا ليس واجباً وإنما هو مندوب رجاء كفارة ذنبه، فيه إزالة إثم ظلمه. ومما استدلوا به لعدم وجوب إعتاقه حديث سويد بن مقرن بعده أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم حين لطم أحدهما خادمهم بعتقها قالوا ليس لنا خادم غيرها قال فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها. قال القاضي عياض: وأجمع العلماء أنه لا يجب اعتاق العبد لشيء مما يفعله مولاه مثل هذا الأمر الخفيف، قال: واختلفوا فيما كثر من ذلك وشنع من ضرب مبرح منهك لغير موجب لذلك أو حرقه بنار أو قطع عضواً له أو أفسده أو نحو ذلك مما فيه مثله، فذهب مالك وأصحابه والليث إلى عتق العبد على سيده بذلك ويكون ولاؤه له ويعاقبه السلطان على فعله. وقال سائر العلماء: لا يعتق عليه. واختلف أصحاب مالك فيما لو حلق رأس الأمة أو لحية العبد، واحتج مالك بحديث ابن عمرو بن العاص في الذي جب عبده فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "من ضرب غلاماً له حداً لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه" هذه الرواية مبينة أن المراد بالأولى من ضربه بلا ذنب ولا على سبيل التعليم والأدب. قوله: (أن ابن عمر أعتق مملوكاً فأخذ من الأرض عوداً أو شيئاً فقال ما فيها من الأجر ما يسوي هذا إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه) هكذا وقع في معظم النسخ ما يسوي وفي بعضها ما يساوي بالألف وهذه هي اللغة الصحيحة المعروفة والأولى عدها أهل اللغة في لحن العوام. وأجاب بعض العلماء عن هذه اللفظة بأنها تغيير من بعض الرواة لا أن ابن عمر نطق بها، ومعنى كلام ابن عمر أنه ليس في إعتاقه أجر المعتق تبرعاً وإنما عتقه كفارة لضربه، وقيل هو استثناء منقطع، وقيل بل هو متصل ومعناه ما أعتقته إلا لأني سمعت كذا.
قوله: (لطمت مولى لنا فهربت ثم جئت قبيل الظهر فصليت خلف أبي فدعاه ودعاني ثم قال امتثل منه فعفا) قوله امتثل قيل معناه عاقبه قصاصاً، وقيل افعل به مثل ما فعل بك، وهذا محمول على تطييب نفس المولى المضروب وإلا فلا يجب القصاص في اللطمة ونحوها وإنما واجبة التعزير لكنه تبرع فأمكنه من القصاص فيها، وفيه الرفق بالموالي واستعمال التواضع. قوله: (ليس لنا إلا خادم واحدة) هكذا هو في جميع النسخ. والخادم بلا هاء يطلق على الجارية كما يطلق على الرجل، ولا يقال خادمة بالهاء إلا في لغة شاذة قليلة أوضحتها في تهذيب الأسماء واللغات. قوله: (هلال بن يساف) هو بفتح الياء وكسرها ويقال أيضاً أساف. قوله: (عجز عليك إلا حر وجهها) معناه عجزت ولم تجد أن تضرب إلا حر وجهها، وحر الوجه صفحته ومارق من بشرته، وحر كل شيء أفضله وأرفعه، قيل: ويحتمل أن يكون مراده بقوله عجز عليك أي امتنع عليك، وعجز بفتح الجيم على اللغة الفصيحة وبها جاء القرآن: {أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب} ويقال بكسرها. قوله: (فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقها) هذا محمول على أنهم كلهم رضوا بعتقها وتبرعوا به، وإلا فاللطمة إنما كانت من واحد منهم فمسحوا له بعتقها تكفيراً لذنبه. قوله: (أما علمت أن الصورة محرمة) فيه إشارة إلى ما صرح به في الحديث الاَخر (إذا ضرب أحدكم العبد فليجتنب الوجه إكراماً له لأن فيه محاسن الإنسان وأعضاءه اللطيفة) وإذا حصل فيه شين أو أثر كان أقبح.
قوله في حديث أبي مسعود: "أنه ضرب غلامه بالسوط فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام" فيه الحث على الرفق بالمملوك والوعظ والتنبيه على استعمال العفو وكظم الغيظ والحكم كما يحكم الله على عباده. قوله: (حدثنا محمد بن حميد المعمري) هو بفتح الميم وإسكان العين قيل له المعمري لأنه رحل إلى معمر بن راشد، وقيل لأنه كان يتبع أحاديث معمر. قوله: (عن أبي مسعود أنه كان يضرب غلامه فجعل يقول أعوذ بالله فجعل يضربه فقال أعوذ برسول الله فتركه) قال العلماء: لعله لم يسمع استعاذته الأولى لشدة غضبه كما لم يسمع نداء النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكون لما استعاذ برسول الله صلى الله عليه وسلم تنبيه لمكانه
*2* باب التغليظ على من قذف مملوكه بالزنى
*وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حَدّثَنَا أَبِي: حَدّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرّحْمَنِ بْنَ أَبِي نُعْمٍ، حَدّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزّنَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلاّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ".
وحدّثناه أَبُو كُرَيْبٍ: حَدّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، كِلاَهُمَا عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوانَ بِهَذَا الاْسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِهما: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، نَبِيّ التّوْبَةِ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال" فيه إشارة إلى أنه لا حد على قاذف العبد في الدنيا وهذا مجمع عليه لكن يعزر قاذفه لأن العبد ليس بمحصن، وسواء في هذا كله من هو كامل الرق وليس فيه سبب حرية والمدبر والمكاتب وأم الولد ومن بعضه حر هذا في حكم الدنيا، أما في حكم الاَخرة فيستوفي له الحد من قاذفه لاستواء الأحرار والعبيد في الاَخرة. قوله: (سمعت أبا القاسم نبي التوبة) قال القاضي: وسمي بذلك لأنه بعث صلى الله عليه وسلم بقبول التوبة بالقول وإِلاعتقاد وكانت توبة من قبلنا بقتل أنفسهم، قال: ويحتمل أن يكون المراد بالتوبة الإيمان والرجوع عن الكفر إلى الإسلام وأصل التوبة الرجوع
*2* باب إطعام المملوك مما يأكل، وإلباسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه
*حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا وَكِيعٌ: حَدّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: مَرَرْنَا بِأَبِي ذَرّ بِالرّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ وَعَلَىَ غُلاَمِهِ مِثْلُهُ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا ذَرّ! لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلّةً، فَقَالَ: إنّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إخْوَانِي كَلاَمٌ، وَكَانَتْ أُمّهُ أَعْجَمِيّةً، فَعَيّرْتُهُ بِأُمّهِ، فَشَكَانِي إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرّ! إنّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيّةٌ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَنْ سَبّ الرّجَالَ سَبّوا أَبَاهُ وَأُمّهُ، قَالَ: "يَا أَبَا ذَرَ إنّكَ امْرؤٌ فِيكَ جَاهِلِيّةٌ، هُمْ إخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمّا تَلْبَسُونَ، وَلاَ تُكَلّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ".
وحدّثناه أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدّثَنَا زُهَيْرٌ. ح وَحَدّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كُلّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الإسْنَادِ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ وأَبِي مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ "إِنّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيّةٌ" قَالَ: قُلْتُ: عَلَى حَالِ سَاعَتِي مِنَ الْكِبَرِ؟ قَالَ "نَعَمْ"، وَفِي رِوَايةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ "نَعَمْ عَلَى حَالِ سَاعَتِكَ مِنَ الْكِبَرِ"، وَفِي حَدِيثِ عِيسَىَ "فَإِنّ كَلّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيَبِعْهُ"، وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ "فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ"، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ "فَلْيَبِعْهُ" وَلاَ "فَلْيُعِنْهُ"، انْتَهَىَ عِنْدَ قَوْلِهِ "وَلاَ يُكَلّفْهُ مَا يَغْلِبُهُ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ وَ ابْنُ بَشّارٍ (وَاللّفْظُ لابْنِ المُثَنّى)، قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ، عَنِ الْمعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرَ وَعَلَيْهِ حُلّةٌ وَعَلَىَ غُلاَمِهِ مِثْلُهَا، فَسأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَذَكَرَ أَنّهُ سَابّ رَجُلاً عَلَىَ عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَيّرهُ بِأُمّهِ، قَالَ: فَأَتى الرّجُلُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إِنّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيّةٌ، إِخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدَيْهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ عَلَيْهِ".
وحدّثني أَبُو الطّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ أَنّ بُكَيْرَ بْنَ الأَشَجّ حَدّثَهُ عَنِ العَجْلاَنِ مَوْلَىَ فَاطِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ: "لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلاَ يُكَلّفُ مِنَ الْعَمَلِ إلاّ مَا يُطِيقُ".
وحدّثنا الْقَعْنَبِيّ: حَدّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا صَنَعَ لأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ ثُمّ جَاءَهُ بِهِ، وَقَدْ وَلِيَ حَرّهُ وَدُخَانَهُ، فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ، فَلْيَأْكُلْ، فَإِنْ كَانَ الطّعَامُ مَشْفُوهاً قَلِيلاً، فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ مِنْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ" قَالَ دَاوُدُ: يَعْنِي لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ.
قوله: (عن المعرور بن سويد) هو بالعين المهملة وبالراء المكررة. قوله: (لو جمعت بينهما كانت حلة) إنما قال ذلك لأن الحلة عند العرب ثوبان ولا تطلق على ثوب واحد. قوله في حديث أبي ذر: (كان بيني وبين رجل من إخواني كلام وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية) أما قوله: رجل من إخواني فمعناه رجل من المسلمين والظاهر أنه كان عبداً وإنما قال من إخواني لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إخوانكم خولكم فمن كان أخوه تحت يده. قوله صلى الله عليه وسلم: فيك جاهلية أي هذا التعيير من أخلاق الجاهلية ففيك خلق من أخلاقهم. وينبغي للمسلم أن لا يكون فيه شيء من أخلاقهم، ففيه النهي عن التعيير وتنقيص الاَباء والأمهات وأنه من أخلاق الجاهلية. قوله: (قلت يا رسول الله من سب الرجال سبوا أباه وأمه قال: يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية) معنى كلام أبي ذر الاعتذار عن سبه أم ذلك الإنسان، يعني أنه سبني، ومن سب إنساناً سب ذلك الإنسان أبا الساب وأمه فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هذا من أخلاق الجاهلية، وإنما يباح للمسبوب أن يسب الساب نفسه بقدر ما سبه ولا يتعرض لأبيه ولا لأمه. قوله صلى الله عليه وسلم: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم" الضمير في هم إخوانكم يعود إلى المماليك والأمر بإطعامهم مما يأكل السيد وإلباسهم مما يلبس محمول على الاستحباب لا على الإيجاب وهذا بإجماع المسلمين، وأما فعل أبي ذر في كسوة غلامه مثل كسوته فعمل بالمستحب، وإنما يجب على السيد نفقة المملوك وكسوته بالمعروف بحسب البلدان والأشخاص سواء كان من جنس نفقة السيد ولباسه أو دونه أو فوقه حتى لو قتر السيد على نفسه تقتيراً خارجاً عن عادة أمثاله إما زهداً وإما شحاً لا يحل له التقتير على المملوك وإلزامه وموافقته إلا برضاه، وأجمع العلماء على أنه لا يجوز أن يكلفه من العمل ما لا يطيقه، فإن كان ذلك لزمه إعانته بنفسه أو بغيره. قوله: (فإن كلفه ما يغلبه فليبعه) وفي رواية: (فليعنه عليه) وهذه الثانية هي الصواب الموافقة لباقي الروايات، وقد قيل إن هذا الرجل المسبوب هو بلال المؤذن.
قوله صلى الله عليه وسلم: "للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق" هو موافق لحديث أبي ذر وقد شرحناه، والكسوة بكسر الكاف وضمها لغتان الكسر أفصح، وبه جاء القرآن، ونبه بالطعام والكسوة على سائر المؤن التي يحتاج إليها العبد والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه فليأكل فإن كان الطعام مشفوهاً قليلاً فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين" قال داود: يعني لقمة أو لقمتين، أما الأكلة فبضم الهمزة وهي اللقمة كما فسره، وأما المشفوه فهو القليل لأن الشفاه كثرت عليه حتى صار قليلاً. قوله صلى الله عليه وسلم: (مشفوهاً قليلاً) أي قليلاً بالنسبة إلى من اجتمع عليه. وفي هذا الحديث الحث على مكارم الأخلاق والمواساة في الطعام لا سيما في حق من صنعه أو حمله لأنه ولي حره ودخانه وتعلقت به نفسه وشم رائحته وهذا كله محمول على الاستحباب
*2* باب ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة اللّه
*حدّثنا يَحْيَىَ بْنُ يَحْيَىَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَىَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنّ الْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيّدِهِ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللّهِ، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرّتَيْنِ".
وحدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ، قَالاَ: حَدّثَنَا يَحْيَىَ (وَهُوَ الْقَطّانُ)، ح وَحَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدّثَنا أَبِي، ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَ أَبُو أُسَامَةَ، كُلّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، ح وَحَدّثَنَا هَرُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيّ: حَدّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدّثَنِي أُسَامَةُ، جَمِيعاً عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
حدّثني أَبُو الطّاهِرِ و حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيّبِ يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ"، وَالّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَوْلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللّهِ، وَالْحَجّ، وَبِرّ أُمّي، لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ،
قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَحُجّ حَتّىَ مَاتَتْ أُمّهُ، لِصُحْبَتِهَا،
قَالَ أَبُو الطّاهِرِ فِي حَدِيثِهِ: "لِلْعَبْدِ الْمُصْلِحِ" وَلَمْ يَذْكُرِ المَمْلُوكَ.
وحدّثنيهِ زُهيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ الأُمَوِيّ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، ولَمَ يَذْكُرْ: بَلَغَنَا وَمَا بَعْدَهُ.
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ وَ أَبُو كُرَيْبٍ قَالاَ: حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَدّى الْعَبْدُ حَقّ اللّهِ وَحَقّ مَوَالِيهِ، كَانَ لَهُ أَجْرَانِ" قَالَ: فَحَدّثْتُهَا كَعْبَاً، فَقَال كَعْبٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ، وَلاَ عَلَىَ مُوءْمِنٍ مُزْهِدٍ.
وحدّثنيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وحدّثنا مُحَمّدُبْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: حَدّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنَبّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "نِعِمّا لِلْمَمْلُوكِ أَنْ يُتَوَفّىَ، يُحْسِنُ عِبَادَةَ اللّهِ وَصَحَابَةَ سَيّدِهِ، نِعِمّا لَهُ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين".
وفي الرواية الأخرى: (للعبد المملوك المصلح أجران) فيه فضيلة ظاهرة للمملوك المصلح وهو الناصح لسيده والقائم بعبادة ربه المتوجهة عليه، وأن له أجرين لقيامه بالحقين ولانكساره بالرق. وأما قول أبي هريرة في هذا الحديث: "لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببب أن أموت وأنا مملوك" ففيه أن المملوك لا جهاد عليه ولا حج لأنه غير مستطيع، وأراد ببر أمه القيام بمصلحتها في النفقة والمؤن والخدمة ونحو ذلك مما لا يمكن فعله من الرقيق. قوله: (وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها) المراد به حج التطوع لأنه قد كان حج حجة الإسلام في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقدم بر الأم على حج التطوع لأن برها فرض فقدم على التطوع، ومذهبنا ومذهب مالك أن للأب والأم منع الولد من حجة التطوع دون حجة الفرض.
قوله: (قال كعب ليس عليه حساب ولا على مؤمن مزهد) المزهد بضم الميم وإسكان الزاي ومعناه قليل المال، والمراد بهذا الكلام أن العبد إذا أدى حق الله تعالى وحق مواليه فليس عليه حساب لكثرة أجره وعدم معصيته، وهذا الذي قاله كعب يحتمل أنه أخذه بتوقيف ويحتمل أنه بالاجتهاد، لأن من رجحت حسناته وأوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً.
قوله صلى الله عليه وسلم: "نعماً للمملوك أن يتوفى يحسن عبادة الله وصحابة سيده" أما نعماً ففيها ثلاث لغات قرئ بهن في السبع: إحداها: كسر النون مع إسكان العين، والثانية: كسرهما، والثالثة: فتح النون مع كسر العين والميم مشددة في جميع ذلك أي نعم شيء هو ومعناه نعم ما هو فأدغمت الميم في الميم، قال القاضي: ورواه العذري نعماً بضم النون منوناً وهو صحيح أي له مسرة وقرة عين يقال نعماً له ونعمة له. قوله صلى الله عليه وسلم: "يحسن عبادة الله" هو بضم أول يحسن وعبادة منصوبة والصحابة هنا بمعنى الصحبة
*2* باب من أعتق شركا له في عبد
*حدّثنا يَحْيَىَ بْنُ يَحْيَىَ قَالَ: قُلْتُ لِ مَالِكٍ: حَدّثَكَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، فَأَعْطَىَ شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلاّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ".
حدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدّثَنَا أَبِي: حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ".
وحدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرّوخَ: حَدّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَىَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ نَصِيباً لَهُ فِي عَبْدِ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ قَدْرُ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ، قُوّمَ عَلَيْهِ قِيْمَةَ عَدْلٍ، وَإِلاّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ".
م 4 (...) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ، حَدّثَنَا عَبْدُ الْوَهّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَىَ بْنَ سَعِيدٍ، ح وَحَدّثَنِي أَبُو الرّبِيعِ وَ أَبُو كَامِلٍ، قَالاَ: حَدّثَنَا حَمّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ)، ح وَحَدّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنِي ابْنَ عُلَيّةَ) كِلاَهُمَا عَنْ أَيّوبَ. ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيّةَ ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، ح وَحَدّثَنَا هَرُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ)، كُلّ هَولاَءِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمْ "وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ" إِلاّ فِي حَدِيثِ أَيّوبَ وَيَحْيَىَ بْنِ سَعِيدٍ، فَإِنّهُمَا ذَكَرَا هَذَا الْحَرْفَ في الْحَدِيثِ، وَقَالاَ: لاَ نَدْرِي، أَهُوَ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَالَهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ؟ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلاّ فِي حَدِيثِ اللّيْثِ بْنِ سَعْدٍ.
وحدّثنا عَمْرٌو النّاقِدُ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ عَبْداً بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ، قُوّمَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، لاَ وَكْسَ وَلاَ شَطَطَ، ثُمّ عَتَقَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ مُوسِراً".
وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، عَتَقَ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ، إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ وَ مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ (وَاللّفْظُ لابْنِ الْمُثَنّىَ)، قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ، فِي الْمَمْلُوكِ بَيْنَ الرّجُلَيْنِ فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمَا قَالَ: "يَضْمَنُ".
وحدّثناه عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ: حَدّثَنَا أَبِي: حَدّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الإِسْنَادِ قَالَ "مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصاً مِنْ مَمْلُوكٍ، فَهُوَ حُرّ مِنْ مَالِهِ".
وحدّثني عَمْرٌو النّاقِدُ: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصاً لَهُ فِي عَبْدٍ، فَخَلاَصُهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ".
وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا عَلِيّ بْنُ مُسْهِرٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ بِشْرٍ ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ عَلِيّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونَسَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِ عِيسَىَ: "ثُمّ يُسْتَسْعَىَ فِي نَصِيبِ الّذِي لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ".
حدّثنا عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ عُلَيّةَ) عَنْ أَيّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنّ رَجُلاً أَعْتَقَ سِتّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَجَزّأَهُمْ أَثْلاَثاً، ثُمّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقّ أَرْبَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَوْلاً شَدِيداً.
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدّثَنَا حَمّادٌ، ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، عَنِ الثَقَفِيّ، كِلاَهُمَا عَنْ أَيّوبَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، أَمّا حَمّادٌ فَحَدِيثُهُ كَرِوَايَةِ ابْنِ عُلَيّةَ، وَأَمّا الثّقَفِيّ فَفِي حَدِيثِهِ: أَنّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَوْصَىَ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَعْتَقَ سِتّةَ مَمْلُوكِينَ.
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضّرِيرُ وَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قالا: حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسّانَ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ سِيرينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيّةَ وَحَمّادٍ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شركاً له من مملوك فعليه عتقه كله" وذكر حديث الاستسعاء، وقد سبقت هذه الأحاديث في كتاب العتق مبسوطة بطرقها، وعجب من إعادة مسلم لها ههنا على خلاف عادته من غير ضرورة إلى إعادتها وسبق هناك شرحها. قوله صلى الله عليه وسلم: "قوم عليه في ماله قيمة عدل لا وكس ولا شطط" قال العلماء: الوكس الغش والبخس، وأما الشطط فهو الجور، يقال شط الرجل وأشط واستشط ذا جار وأفرط وأبعد في مجاوزة الحد، والمراد يقوم بقيمة عدل لا بنقص ولا بزيادة. قوله صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شقيصاً من مملوك) هكذا هو في معظم النسخ شقيصاً بالياء وفي بعضها شقصاً بحذفها، وكذا سبق في كتاب العتق، وهما لغتان شقص وشقيص كنصف ونصيف أي نصيب.
قوله: (أن رجلاً أعتق ستة مملوكينن له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثاً ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولاً شديداً) وفي رواية: (أن رجلاً من الأنصار أوصى عند موته فأعتق ستة مملوكين). قوله: فجزأهم هو بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان ذكرهما ابن السكيت وغيره ومعناه قسمهم. وأما قوله: وقال له قولاً شديداً فمعناه قال في شأنه قولاً شديداً كراهية لفعله وتغليظاً عليه. وقد جاء في رواية أخرى تفسير هذا القول الشديد قال: لو علمنا ما صلينا عليه، وهذا محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم وحده كان يترك الصلاة عليه تغليظاً وزجراً لغير على مثل فعله، وأما أصل الصلاة عليه فلا بد من وجودها من بعض الصحابة، وفي هذا الحديث دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وابن جرير والجمهور في إثبات القرعة في العتق ونحوه، وأنه إذا أعتق عبيداً في مرض موته أو أوصى بعتقهم ولا يخرجون من الثلث أقرع بينهم فيعتق ثلثهم بالقرعة، وقال أبو حنيفة: القرعة باطلة لا مدخل لها في ذلك بل يعتق من كل واحد قسطه ويستسعى في الباقي لأنها خطر، وهذا مردود بهذا الحديث الصحيح وأحاديث كثيرة. وقوله في الحديث: فأعتق اثنين وأرق أربعة صريح في الرد على أبي حنيفة، وقد قال بقول أبي حنيفة الشعبي والنخعي وشريح والحسن وحكي أيضاً عن ابن المسيب. قوله في الطريق الأخير: (حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين) هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم فقال: لم يسمعه ابن سيرين من عمران فيما يقال وإنما سمعه من خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران قاله ابن المديني، قلت: وليس في هذا تصريح بأن ابن سيرين لم يسمع من عمران، ولو ثبت عدم سماعه منه لم يقدح ذلك في صحة هذا الحديث ولم يتوجه على الإمام مسلم فيه عتب لأنه إنما ذكره متابعة بعد ذكره الطرق الصحيحة الواضحة، وقد سبق لهذا نظائر والله أعلم بالصواب.
*2* باب جواز بيع المدبر
*حدّثنا أَبُو الرّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيّ: حَدّثَنَا حَمّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ) عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ أَنّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلاَماً لَهُ عَنْ دُبُرٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنّي؟" فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ.
قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ: عَبْداً قِبْطِيّا مَاتَ عَامَ أَوّلَ،
وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعَ عَمْرٌو جَابِراً يَقُولُ: دَبّرَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ غُلاَماً لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَاعَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم،
قَالَ جَابِرٌ: فَاشْتَرَاهُ ابْنُ النّحّامِ، عَبْداً قِبْطِيّاً مَاتَ عَامَ أَوّلَ، فِي إمَارَةِ ابْنِ الزّبَيْرِ.
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ ابْنُ رُمْحٍ عَنِ اللّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُدَبّرِ، نَحْوَ حَدِيثِ حَمّادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الْحِزَامِيّ) عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، ح وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ هَاشِمٍ: حَدّثَنَا يَحْيَىَ (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ) عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ الْمُعَلّمِ: حَدّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ، ح وَحَدّثَنِي أَبُو غَسّانَ الْمِسْمَعِيّ، حَدّثَنَا مُعَاذٌ، حَدّثَنِي أَبِي عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَ أَبِي الزّبَيْرِ، وَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ حَدّثَهُمْ فِي بَيْعِ المُدَبّرِ، كُلّ هَولاَءِ قَالَ: عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَىَ حَدِيثِ حَمّاد وابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ.
قوله: (أن رجلاً من الأنصار أعتق غلاماً له عن دبر لم يكن له مال غيره فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه) معنى أعتقه عن دبر أي دبره فقال له: أنت حر بعد موتي، وسمي هذا تدبيراً لأنه يحصل العتق فيه في دبر الحياة، وأما هذا الرجل الأنصاري فيقال له أبو مذكور واسم الغلام المدبر يعقوب، وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أنه يجوز بيع المدبر قبل موت سيده لهذا الحديث قياساً على الموصى بعتقه فإنه يجوز بيعه بالإجماع، وممن جوزه عائشة وطاوس وعطاء والحسن ومجاهد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود رضي الله عنهم. وقال أبو حنيفة ومالك رضي الله عنهما وجمهور العلماء والسلف من الحجازيين والشاميين والكوفيين رحمهم الله تعالى: لا يجوز بيع المدبر قالوا: وإنما باعه النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على سيده، وقد جاء في رواية للنسائي والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: اقض به دينك قالوا وإنما دفع إليه ثمنه ليقضي به دينه، وتأوله بعض المالكية على أنه لم يكن له مال غيره فرد تصرفه، قال هذا القائل: وكذلك يرد تصرف من تصدق بكل ماله وهذا ضعيف بل باطل، والصواب نفاذ تصرف من تصدق بكل ماله. وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: الأشبه عندي أنه فعل ذلك نظراً له إذ لم يترك لنفسه مالاً، والصحيح ما قدمناه أن الحديث على ظاهره وأنه يجوز بيع المدبر بكل حال ما لم يمت السيد والله أعلم. وأجمع المسلمون على صحة التدبير، ثم مذهب الشافعي ومالك والجمهور أنه يحسب عتقه من الثالث، وقال الليث وزفر رحمهما الله تعالى: هو من رأس المال، وفي هذا الحديث نظر الإمام في مصالح رعيته وأمره إياهم بما فيه الرفق بهم وبإبطالهم ما يضرهم من تصرفاتهم التي يمكن فسخها، وفيه جواز البيع فيمن يدبر وهو مجمع عليه الاَن، وقد كان فيه خلاف ضعيف لبعض السلف. قوله: (واشتراه نعيم بن عبد الله) وفي رواية: (فاشتراه ابن النحام) بالنون المفتوحة والحاء المهملة المشددة هكذا هو في جميع النسخ ابن النحام بالنون قالوا وهو غلط وصوابه فاشتراه النحام فإن المشتري هو نعيم وهو النحام، سمي بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فسمعت فيها نحمة لنعيم" والنحمة الصوت، وقيل هي السلعة، وقيل النحنحة والله أعلم.