كتاب الشعر
 *1* كتاب الشعر
*2* باب
*حدّثنا عَمْرٌو النّاقِدُ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ. كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً. فَقَالَ: "هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيّةَ بْنِ أَبِي الصّلْتِ شَيْءٌ؟" قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "هِيهِ" فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتاً. فَقَالَ: "هِيهِ" ثُمّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتاً. فَقَالَ: "هِيهِ" حَتّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ.
وحدّثنيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. جَمِيعاً عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشّرِيدِ. أَوْ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ الشّرِيدِ. قَالَ: أَرْدَفَنِي النّبِيّ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ. فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. ح وَحَدّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيَ. كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ الطّائِفِيّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشّرِيْدِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: اسْتَنْشَدَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ. وَزَادَ: قَالَ "إِنْ كَادَ لَيُسْلِمُ" وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيَ قَالَ: "فَلَقَدْ كَادَ يُسْلِمُ فِي شِعْرِهِ".
حدّثني أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمّدُ بْنُ الصّبّاحِ وَ عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ. جَمِيعاً عَنْ شَرِيكٍ. قَالَ ابْنُ حُجْرٍ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: "أَشْعَرُ كَلِمَةٍ تَكَلّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ:
أَلاَ كُلّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللّهَ بَاطِلٌ".
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدّثَنَا ابْنُ مَهْدِيَ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. حَدّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ:
أَلاَ كُلّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللّهَ بَاطِلُ وَكَادَ أُمَيّةُ بْنُ أَبِي الصّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ".
وحدّثني ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَهُ الشّاعِرُ:
أَلاَ كُلّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللّهَ بَاطِلُ وَكَادَ أُمَيّةُ بْنُ أَبِي الصّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: "أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَتْهُ الشّعَرَاءُ:
أَلاَ كُلّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللّهَ بَاطِلٌ"
وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيّاءَ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنّ أَصْدَقَ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ:
أَلاَ كُلّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللّهَ بَاطِلٌ"
مَا زَادَ عَلَىَ ذَلِكَ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا حَفْصٌ وَ أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وَحَدّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. كِلاَهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجّ. حَدّثَنَا وَكِيعٌ. حَدّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرّجُلِ قَيْحاً يَرِيهِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِلاّ أَنّ حَفْصاً لَمْ يَقُلْ "يَرِيهِ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً يَرِيهِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً".
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثّقَفِيّ. حَدّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ يُحنّسَ، مَوْلَىَ مُصْعَبِ بْنِ الزّبَيْرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ. قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَرْجِ، إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا الشّيْطَانَ، أَوْ أَمْسِكُوا الشّيْطَانَ، لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحاً، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً".
قوله: (عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيئاً؟ قلت نعم، قال هيه فأنشدته بيتاً فقال هيه ثم أنشدته بيتاً فقال هيه حتى أنشدته مائة بيت قال إن كاد ليسلم). وفي رواية: (فلقد كاد يسلم في شعره) أما الشريد فبشين معجمة مفتوحة ثم راء مخففة مكسورة وهو الشريد بن سويد الثقفي الصحابي رضي الله عنه. وقوله صلى الله عليه وسلم: هيه بكسر الهاء وإسكان الياء وكسر الهاء الثانية قالوا: والهاء الأولى بدل من الهمزة وأصله إيه هي كلمة للاستزادة من الحديث المعهود. قال ابن السكيت: هي للاستزادة من حديث أو عمل معهودين، قالوا: وهي مبنية على الكسر فإن وصلتها نونتها فقلت إيه حدثنا أي زدنا من هذا الحديث، فإن أردت الاستزادة من غير معهود نونت. فقلت إيه لأن التنوين للتنكير، وأما إيها بالنصب فمعناه الكف والأمر بالسكوت، ومقصود الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استحسن شعر أمية واستزاد من إنشاده لما فيه من الإقرار بالوحدانية والبعث، ففيه جواز إنشاد الشعر الذي لا فحش فيه وسماعه سواء شعر الجاهلية وغيرهم، وأن المذموم من الشعر الذي لا فحش فيه إنما هو الإكثار منه وكونه غالباً على الإنسان، فأما يسيره فلا بأس بإنشاده وسماعه وحفظه. وقوله صلى الله عليه وسلم: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيئاً" فهكذا وقع في معظم النسخ شيئاً بالنصب وفي بعضها شيء بالرفع، وعلى رواية النصب يقدر فيه محذوف أي هل معك من شيء فتنشدني شيئاً؟.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل" وفي رواية: أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وفي رواية: أصدق بيت قاله الشاعر. وفي رواية: أصدق بيت قالته الشعراء. المراد بالكلمة هنا القطعة من الكلام، والمراد بالباطل الفاني المضمحل، وفي هذا الحديث منقبة للبيد وهو صحابي وهو لبيد بن ربيعة رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً يريه خير من أن يمتلئ شعراً".
وفي رواية: (بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج إذ عرض شاعر ينشد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان لأن يمتلئ جوف رجل قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً) قال أهل اللغة: والغريب يريه بفتح الياء وكسر الراء من الورى وهو داء يفسد الجوف ومعناه قيحاً يأكل جوفه ويفسده. قال أبو عبيد: قال بعضهم المراد بهذا الشعر شعر هجى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو عبيد والعلماء كافة: هذا تفسير فاسد لأنه يقتضي أن المذموم من الهجاء أن يمتلئ منه دون قليله، وقد أجمع المسلمون على أن الكلمة الواحدة من هجاء النبي صلى الله عليه وسلم موجبة للكفر، قالوا: بل الصواب أن المراد أن يكون الشعر غالباً عليه مستولياً عليه بحيث يشغله عن القرآن وغيره من العلوم الشرعية وذكر الله تعالى وهذا مذموم من أي شعر كان. فأما إذا كان القرآن والحديث وغيرهما من العلوم الشرعية هو الغالب عليه فلا يضر حفظ اليسير من الشعر مع هذا لأن جوفه ليس ممتلئاً شعراً والله أعلم. واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على كراهة الشعر مطلقاً قليله وكثيره وإن كان لا فحش فيه وتعلق بقوله صلى الله عليه وسلم: "خذوا الشيطان". وقال العلماء كافة: هو مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه، قالوا: وهو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح وهذا هو الصواب، فقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر واستنشده وأمر به حسان في هجاء المشركين وأنشده أصحابه بحضرته في الأسفار وغيرها، وأنشده الخلفاء وأئمة الصحابة وفضلاء السلف ولم ينكره أحد منهم على إطلاقه وإنما أنكروا المذموم منه وهو الفحش ونحوه. وأما تسمية هذا الرجل الذي سمعه ينشد شيطاناً فلعله كان كافراً أو كان الشعر هو الغالب عليه أو كان شعره هذا من المذموم، وبالجملة فتسميته شيطاناً إنما هو في قضية عين تتطرق إليها الاحتمالات المذكورة وغيرها ولا عموم لها فلا يحتج بها والله أعلم. قوله: (يسير بالعرج) هو بفتح المهملة وإسكان الراء وبالجيم وهي قرية جامعة من عمل الفرع على نحو ثمانية وسبعين ميلاً من المدينة. قوله: (عن يحنس) هو بضم الياء وفتح الحاء وتشديد النون مكسورة ومفتوحة والله أعلم.
*2* باب تحريم اللعب بالنردشير
*حدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيَ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ لَعِبَ بِالنّرْدَشِيرِ، فَكَأَنّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه" قال العلماء: النردشير هو النرد فالنرد عجمي معرب وشير معناه حلو، وهذا الحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد. وقال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا يكره ولا يحرم. وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه ليس بحرام وهو مروي عن جماعة من التابعين. وقال مالك وأحمد: حرام. قال مالك: هو شر من النرد وألهى عن الخير وقاسوه على النرد وأصحابنا يمنعون القياس ويقولون هو دونه، ومعنى صبغ يده في لحم الخنزير ودمه في حال أكله منهما وهو تشبيه لتحريمه بتحريم أكلهما والله أعلم.