كتاب صفات المنافقين وأحكامهم
 *1* كتاب صفات المنافقين وأحكامهم
*2* باب
*حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. حَدّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيةَ. حَدّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ أَنّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، أَصَابَ النّاسَ فِيهِ شِدّةٌ. فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيَ لأَصْحَابِهِ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَىَ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَتّىَ يَنْفَضّوا مِنْ حَوْلِهِ.
قال زُهَيْرٌ: وَهِيَ قِرَاءَةُ مَنْ خَفَضَ حَوْلَهُ.
وَقَالَ: لَئِن رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنّ الأَعَزّ مِنْهَا الأَذَلّ. قَالَ فَأَتَيْتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتَهُ بِذَلِكَ. فَأَرسَلَ إِلىَ عَبْدِ الله بْنِ أُبَيّ فَسَأَلَهُ فَاجْهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ. فَقَالَ: كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ فَوقَعَ فِي نَفْسِي مِمّا قَالُوهُ شِدّةٌ. حَتّى أَنْزَلَ الله تَصْدِيقي: إِذَا جَاءَكَ المِنَافِقُونَ.
قَالَ ثُمّ دَعَاهُمُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ. قَالَ فَلَوّوْا رُؤُوسَهُمْ. وَقوله: كَأَنّهُمْ خُشُبٌ مُسَنّدَةٌ. وَقَالَ: كَانُوا رِجَالاً أَجْمَلَ شَيْءٍ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضّبّيّ وَاللّفْظُ لابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدّثَنَا) سُفْيَانُ بْنُ عُيْيَنَةَ عَنْ عَمْرُو أَنّهُ سَمِعَ جَابِراً يَقُولُ: أَتَىَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَيَ. فَأَخْرَجَهُ مِنْ قَبْرِهِ فَوَضَعَهُ عَلَىَ رُكْبَتَيْهِ. وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ. وَأَلْبَسَهُ قَمَيصَهُ. فَاللّهُ أَعْلَمُ.
حدّثني أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِيّ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ: جَاءَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَىَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَيَ، بَعْدَمَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ سُفْيَانَ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أُبُو أُسَامَةَ. حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمّا تُوُفّيَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيَ، ابْنُ سَلُولَ، جَاءَ ابْنُهُ، عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ إِلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفّنُ فِيهِ أَبَاهُ. فَأَعْطَاهُ. ثُمّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلّيَ عَلَيْهِ. فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلّيَ عَلَيْهِ. فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَتُصَلّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللّهُ أَنْ تُصَلّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّمَا خَيّرَنِي اللّهُ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً. وَسَأَزِيدُهُ عَلَىَ سَبْعِينَ" قَالَ: إِنّهُ مُنَافِقٌ. فَصَلّىَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: {وَلاَ تُصَلّ عَلَىَ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ} (9 التوبة الاَية: ).
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ وَ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا يَحْيَىَ (وَهُوَ الْقَطّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَزَادَ: قَالَ فَتَرَكَ الصّلاَةَ عَلَيْهِمْ.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكّيّ. حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ. قُرَشِيّانِ وَثَقَفِيّ. أَوْ ثَقَفِيّانِ وَقُرَشِيّ. قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ. كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ اللّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ وَقَالَ الاَخَرُ: يَسْمَعُ، إِنْ جَهَرْنَا. وَلاَ يَسْمَعُ، إِنْ أَخْفَيْنَا. وَقَالَ الاَخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ، إِذَا جَهَرْنَا، فَهُوَ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا. فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمُ} (فصلت الاَية: ) الاَية.
وحدّثني أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلاّدٍ الْبَاهِلِيّ. حَدّثَنَا يَحْيَىَ (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ). حَدّثَنَا سُفْيَانُ. حَدّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ ح وَقَالَ: حَدّثَنَا يَحْيَىَ. حَدّثَنَا سُفْيَانُ. حَدّثَنِي مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بِنَحْوِهِ.
حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيّ. حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيَ (وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ) قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَىَ أُحُدٍ. فَرَجَعَ نَاسٌ مِمّنْ كَانَ مَعَهُ. فَكَانَ أَصْحَابُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: نَقْتُلُهُمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ. فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (4 النساء الاَية: ).
وحدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا يَحْيَىَ بْنُ سَعِيدٍ. ح وَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. حَدّثَنَا غُنْدَرٌ. كِلاَهُمَا عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
حدّثنا الْحَسَنْ بْنُ عَلِيَ الْحُلْوَانِيّ وَ مُحَمّدُ بْنُ سَهْلٍ التّمِيْمِيّ. قَالاَ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ. أَخْبَرَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ أَنّ رِجَالاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانُوا إِذَا خَرَجَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَىَ الْغَزْوِ تَخَلّفُوا عَنْهُ. وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَإِذَا قَدِمَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ. وَحَلَفُوا. وَأَحَبّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا. فَنَزَلَتْ: {لاَ يَحْسِبَنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسِبَنّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} (3 آل عمران الاَية: 1).
حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ (وَاللّفْظُ لِزُهَيْرٍ). قَالاَ: حَدّثَنَا حَجّاجُ بْنُ مُحَمّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَهُ أَنّ مَرْوَانَ قَالَ: اذْهَبْ. يَا رَافِعُ! (لِبَوّابِهِ) إِلَىَ ابْنِ عَبّاسٍ فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلّ امْرِئٍ مِنّا فَرِحَ بِمَا أَتَىَ، وَأَحَبّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ، مُعَذّباً، لَنُعَذّبَنّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الاَيَةِ؟ إِنّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الاَيَةُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. ثُمّ تَلاَ ابْنُ عَبّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيّنَنّهُ لِلنّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} (3 آل عمران الاَية: 1) هَذِهِ الاَيَةَ. وَتَلاَ ابْنُ عَبّاسٍ: {لاَ تَحْسِبَنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} (3 آل عمران الاَية: 1). وَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: سَأَلَهُمُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيّاهُ. وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ. فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ. وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ. وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا، مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيّاهُ، مَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجّاجِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَمّارٍ: أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الّذِي صَنَعْتُمْ فِي أَمْرِ عَلِيَ، أَرَأْياً رَأَيْتُمُوهُ أَوْ شَيْئاً عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَىَ النّاسِ كَافّةً. وَلَكِنْ حُذَيْفَةُ أَخْبَرَنِي عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقاً. فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ حَتّىَ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سُمّ الْخِيَاطِ ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفيكَهُمُ الدّبَيْلَةُ وَأَرْبَعَةٌ" لَمْ أَحْفَظْ مَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِمْ.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ وَ مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ (وَاللّفْظُ لاِبْنِ الْمُثَنّىَ) قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: قُلْنَا لِعَمّارٍ: أَرَأَيْتَ قِتَالَكُمْ، أَرَأْياً رَأَيْتُمُوهُ؟ فَإِنّ الرّأْيَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ. أَوْ عَهْداً عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَىَ النّاسِ كَافّةً. وَقَالَ: إِنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنّ فِي أُمّتِي".
قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: حَدّثَنِي حُذَيْفَةُ.
وَقَالَ غُنْدَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: "فِي أُمّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقاً لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ، وَلاَ يَجِدُونَ رِيحَهَا، حَتّىَ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سُمّ الْخِيَاطِ. ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدّبَيْلَةُ. سِرَاجٌ مِنَ النّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ. حَتّىَ يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ".
حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيّ. حَدّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ. حَدّثَنَا أَبُو الطّفَيْلِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النّاسِ. فَقَالَ: "أَنْشُدُكَ بِاللّهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ. قَالَ: كُنّا نُخْبَرُ أَنّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ. فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ. وَأَشْهَدُ بِاللّهِ أَنّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ للّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ. وَعَذَرَ ثَلاَثَةً. قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ. وَقَدْ كَانَ فِي حَرّةٍ فَمَشَىَ فَقَالَ: "إِنّ الْمَاءَ قَلِيلٌ. فَلاَ يَسْبِقُنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ" فَوَجَدَ قَوْماً قَدْ سَبَقُوهُ. فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيّ. حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا قُرّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الزّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَصْعَدُ الثّنِيّةَ، ثَنِيّةَ الْمُرَارِ، فَإِنّهُ يُحَطّ عَنْهُ مَا حُطّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ".
قَالَ: فَكَانَ أَوّلَ مَنْ صَعِدَهَا خَيْلُنَا، خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ. ثُمّ تَتَامّ النّاسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَكُلّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ، إِلاّ صَاحِبَ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ". فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا لَهُ: تَعَالَ. يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: وَاللّهِ لأَنْ أَجِدَ ضَالّتِي أَحَبّ إِلَيّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ.
قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ يَنْشُدُ ضَالّةَ لَهُ.
وحدّثناه يَحْيَىَ بْنُ حَبِيْبٍ الْحَارِثِيّ. حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حَدّثَنَا قُرّةُ. حَدّثَنَا أَبُو الزّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَسَوّرَ ثَنِيّةَ الْمُرَارِ أَوِ الْمَرَارِ" بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعَاذٍ. غَيْرَ أَنّهُ قَالَ: وَإِذَا هُوَ أَعْرَابِيّ جَاءَ يَنْشُدُ ضَالّةً لَهُ.
حدّثني مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدّثَنَا أَبُو النّضْرِ. حَدّثَنَا سُلَيْمَانُ (وَهُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ مِنّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النّجّارِ. قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ. وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَانْطَلَقَ هَارِباً حَتّىَ لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ: فَرَفَعُوهُ. قَالُوا: هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمّدٍ. فَأُعْجِبُوا بِهِ. فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ. فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ. فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَىَ وَجْهِهَا. ثُمّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ. فَوَارَوْهُ. فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَىَ وَجْهِهَا. ثُمّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ. فَوَارَوْهُ. فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَىَ وَجْهِهَا. فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذاً.
حدّثني أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمّدُ بْنُ الْعَلاَءِ. حَدّثَنَا حَفْصٌ (يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ) عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ. فَلَمّا كَانَ قُرْبَ الْمَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرّاكِبَ. فَزَعَمَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بُعِثَتْ هَذِهِ الرّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ" فَلَمّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ، مِنَ الْمُنَافِقِينَ، قَدْ مَاتَ.
حدّثني عَبّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيّ. حَدّثَنَا أَبُو مُحَمّدٍ، النّضْرُ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ مُوسَى الْيَمَامِيّ. حَدّثَنَا عِكْرِمَةُ. حَدّثَنَا إِيَاسٌ. حَدّثَنِي أَبِي قَالَ: عُدْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مَوْعُوكاً. قَالَ: فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَشَدّ حَرّا. فَقَالَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَشَدّ حَرّا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ هَذَيْنِكَ الرّجُلَيْنِ الرّاكِبَيْنِ الْمُقَفّيَيْنِ" لِرَجُلَيْنِ حِينَئِذٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.
حدّثني مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدّثَنَا أَبِي. ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. قَالاَ: حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ. ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ (وَاللّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهّابِ (يَعْنِي الثّقَفِيّ). حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ. تَعِيرُ إِلَىَ هَذِهِ مَرّةً، وَإِلَىَ هَذِهِ مَرّةً".
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ الْقَارِيّ) عَنْ مُوسَى ابْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلهِ. غَيْرَ أَنّهُ قَالَ: "تَكِرّ فِي هَذِهِ مَرّةً، وَفِي هَذِهِ مَرّةً".
قوله: (حتى ينفضوا) أي ينفردوا قال زهير: وهي قراءة من خفض حوله يعني قراءة من يقرأ من حوله بكسر ميم من وبجر حوله احترز به عن القراءة الشاذة من حوله بالفتح. قوله: (لوو رؤوسهم) قرئ في السبع بتشديد الواو وتخفيفها كأنهم خشب بضم الشين وبإسكانها الضم للأكثرين، وفي حديث زيد بن أرقم أنه ينبغي لمن سمع أمرا يتعلق بالإمام أو نحوه من كبار ولاة الأمور ويخاف ضرره على المسلمين أن يبلغه إياه ليتحرز منه، وفيه منقبة لزيد. وأما حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي المنافق وإلباسه قميصه واستغفاره له ونفثه عليه من ريقه فسبق شرحه، والمختصر منه أنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا كله إكراما لابنه وكان صالحا، وقد صرح مسلم في رواياته بأن ابنه سأل ذلك، ولأنه أيضا من مكارم خلاقه صلى الله عليه وسلم وحسن معاشرته لمن انتسب إلى صحبته، وكانت هذه الصلاة قبل نزول قوله سبحانه وتعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} كما صرح به في هذا الحديث، وقيل ألبسه القميص مكافأة بقميص كان ألبسه العباس.
قوله: (قليل فقه قلوبهم كثير شحم بطونهم) قال القاضي عياض رحمه الله: هذا فيه تنبيه على أن الفطنة قلما تكون مع السمن قوله تعالى: {فما لكم في المنافقين فئتين} قال أهل العربية: معناه أي شيء لكم في إِلاختلاف في أمرهم، وفئتين معناه فرقتين وهو منصوب عند البصريين على الحال، قال سيبويه: إذا قلت مالك قائما معناه لم قمت ونصبته على تقدير أي شيء يحصل لك في هذا الحال. وقال الفراء: هو منصوب على أنه خبر كان محذوفة، فقولك مالك قائما تقديرا لم كنت قائما.
قوله صلى الله عليه وسلم: "في أصحابي اثنا عشر منافقا فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم" أما قوله صلى الله عليه وسلم: "في أصحابي" فمعناه الذين ينسبون إلى صحبتي كما قال في الرواية الثانية في أمتي، وسم الخياط بفتح السين وضمها وكسرها الفتح أشهر وبه قرأ القراء السبعة وهو ثقب الإبرة ومعناه لا يدخلون الجنة أبدا كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة أبدا. وأما الدبيلة فبدال مهملة ثم باء موحدة وقد فسرها في الحديث بسراج من نار، ومعنى ينجم يظهر ويعلو وهو بضم الجيم، وروي تكفيهم الدبيلة بحذف الكاف الثانية، وروي تكفتهم بتاء مثناة فوق بعد الفاء من الكفت وهو الجمع والستر أي تجمعهم في قبورهم وتسترهم. قوله: "كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس فقال: أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة؟ فقال له القوم أخبره إذا سألك، قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر وأشهد بالله أن اثني عشر منه حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمن التي كانت بها بيعة الأنصار رضي الله عنهم، وإنما هذه عقبة على طريق تبوك اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول ايلله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فعصمه الله منهم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من يصعد الثنية ثنية المرار" هكذا هو في الرواية الأولى المراد بضم الميم وتخفيف الراء، وفي الثانية المرار أو المرار بضم الميم أو فتحها على الشك، وفي بعض النسخ بضمها أو كسرها والله أعلم. والمرار شجر مر، وأصل الثنية الطريق بين جبلين وهذه الثنية عند الحديبية، قال لحازمي: قال ابن إسحاق هي مهبط الحديبية. قوله: (لأن أجد ضالتي التي أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم قال وكان الرجل ينشد ضالة له) ينشد بفتح الياء وضم الشين أي يسأل عنها، قال القاضي: قيل هذا الرجل هو الجد بن قيس المنافق. قوله: (فنبذته الأرض) أي طرحته على وجهها عبرة للناظرين.
وقوله: (قصم الله عنقه) أي أهلكه.
قوله: (هاجت ريح تكاد أن تدفن الراكب) هكذا هو في جميع النسخ تدفن بالفاء والنون أي تغيبه عن الناس وتذهب به لشدتها. قوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت هذه الريح لموت منافق" أي عقوبة له وعلامة لموته وراحة البلاد والعباد به.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الراكبين المقفيين" أي الموليين أقفيتهما منصرفين. قوله: (لرجلين حينئذ من أصحابه) سماهما من أصحابه لإظهارهما الإسلام والصحبة لا أنهما ممن نالته فضيلة الصحبة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة" العائرة المترددة الحائرة لا تدري لأيهما تتبع، ومعنى تعير أي تردد وتذهب. وقوله في الرواية الثانية: "تكر في هذه مرة وفي هذه مرة" أي تعطف على هذه وعلى هذه وهو نحو تعير وهو بكسر الكاف.