الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر

قال الله تعالى " أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير " فاطر قال ابن عباس والمحققون معناه أو لم نعمركم ستين سنة ويؤيده الحديث الذي سنذكره إن شاء الله تعالى وقيل معناه ثماني عشرة سنة وقيل أربعين سنة قاله الحسن والكلبي ومسروق ونقل عن ابن عباس أيضا ونقلوا أن أهل المدينة كانوا إذا بلغ أحدهم أربعين سنة تفرغ للعبادة وقيل هو البلوغ وقوله تعالى " وجاءكم النذير " قال ابن عباس والجمهور هو النبي صلى الله عليه وسلم وقيل الشيب قاله عكرمة وابن عيينة والله أعلم
وأما الأحاديث فالأول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعذر الله إلى امرىء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة رواه البخارى قال العلماء معناه لم يترك له عذرا إذ أمهله هذه المدة يقال أعذر الرجل إذا بلغ الغاية في العذر
الثانى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان عمر رضي الله عنه يدخلنى مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله فقال عمر إنه من حيث علمتم فدعانى ذات يوم فأدخلنى معهم فما رأيت أنه دعانى يومئذ إلا ليريهم قال ما تقولون في قول الله تعالى " إذا جاء نصر الله والفتح" الفتح فقال بعضهم أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لى أكذلك تقول يا ابن عباس فقلت لا قال فما تقول قلت هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له قال " إذا جاء نصر الله والفتح" وذلك علامة أجلك " فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا" الفتح فقال عمر رضي الله عنه ما أعلم منها إلا ما تقول رواه البخارى
الثالث عن عائشة رضي الله عنها قالت ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه " إذا جاء نصر الله والفتح " إلا يقول فيها سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لى متفق عليه وفي رواية الصحيحين عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن معنى يتأول القرآن أي يعمل ما أمر به في القرآن في قوله تعالى " فسبح بحمد ربك واستغفره " وفي رواية لمسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل أن يموت سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك قالت عائشة قلت يا رسول الله ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها قال جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها "إذا جاء نصر الله والفتح " إلى آخر السورة وفي رواية له كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه قالت قلت يا رسول الله أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه فقال أخبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه فقد رأيتها "إذا جاء نصر الله والفتح " فتح مكة " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا "
الرابع عن أنس رضي الله عنه قال إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفى أكثر ما كان الوحي متفق عليه
الخامس عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث كل عبد على ما مات عليه رواه مسلم


رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين-للإمام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي


الدار الإسلامية للإعلام