الجزء الرابع

 كتاب الطلاق

ص -154-      كتاب الطلاق
1584- عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: 
"أبغض الحلال إلى الله الطلاق". رواه أبو داود 1 وابن ماجة 2 والطبراني. وقد روي مرسلاً، وهو أشبه، قاله الدارقطني. قال أبو حاتم: إنما هو محارب عن النبي  صلى الله عليه وسلم مرسلاً. 3 وقال ابن أبي داود: هذه سنة تفرد بها أهل الكوفة.
1585- وعن مالك عن نافع عن ابن عمر: "أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر رسول الله  صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له رسول الله  صلى الله عليه وسلم:
مُرْه فليراجعها، ثم ليتركْها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر. ثم إن شاء أمسك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في كتاب الطلاق (2/2178) ح (2178).
2 في كتاب الطلاق (1/650) ح (2018).
3 علل الحديث: الطلاق (1/431), ولفظ: (مرسل) بالضم لا بالفتح.

 

ص -155-      (بعد)، وإن شاء طلق قبل أن يمس. فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء". متفق عليه 1.
1586- ولمسلم عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن ابن عمر: "أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر ذلك للنبي  صلى الله عليه وسلم، فقال:
مُرْه فليراجعها، ثم ليطلقْها طاهراً أو حاملاً" 2.
1587- وقال البخاري: وقال 3 أبو معمر: ثنا عبد الرزاق ثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: "حُسبتْ عليّ بتطليقه" 4.
1588- وروى أبو داود عن أحمد بن صالح عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر - وأبو الزبير (يسمع) 5 – قال: 6 كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضاً 7 ؟ قال: "طلق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر رسول الله  صلى الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري: الطلاق (9/345) ح (5251), ومسلم: الطلاق (2/1093) ح (1)، وأحمد في المسند (2/43), واللفظ لهما.
2 مسلم: الطلاق (2/1095) ح (5).
3 في رواية أبي ذر: حدثنا أبو معمر، بدل: قال أبو معمر.
4 البخاري: الطلاق (9/351) ح (5253).
5 في المخطوطة، جاء النص هكذا: (يسأل ابن عمر وأبو الربيع)، وهو سبق قلم من الناسخ.
6 في المخطوطة: (فقال).
7 في المخطوطة: (طلق امرأته وهي حائض).

 

ص -156-      عليه وسلم 1 فقال: إن 2 عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض. قال عبد الله: فردّها عليّ ولم يرها 3 شيئاً، وقال: إذا طهرت، فليطلّقْ أو ليمسكْ. قال ابن عمر: وقرأ النبي  صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ } (في قبل عدتهن) 4"). رواته أثبات. قال أبو داود: والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير 5
1589- ورواه مسلم ولم يقل: "ولم يرها شيئاً 6" 7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في المخطوطة، زيادة: (عن ذلك) هنا.
2 في المخطوطة: (له) بدل: (ان).
3 في المخطوطة: (شيء).
4 سورة الطلاق آية: 1. قلت: وهذه قراءة ابن عمرو وابن عباس, وهي قراءة شاذة، لا تثبت قرآناً بالإجماع. ونص الآية المتواترة هي
:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } ، ويكون قوله: (في قبل عدتهن) شرحاً لمعنى الآية.
5 أبو داود: الطلاق (2/256) ح (2185).
6 في المخطوطة: (شيء).
7 مسلم: الطلاق (2/1098) ح (14). قلت: والحديث الذي رواه أبو داود شاذ مردود، لأنه مخالف لعدد كثير من الرواة الثقات, وقد ذكر ذلك أبو داود، عقب الحديث المذكور قبل قوله: "والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير"، لذا فقول المصنف: "رواته أثبات" لا يقوي الحديث، طالما أنه مخالف لرواية الثقات, ولا يغيبن عن الذهن أن قوله: "ولم يرها شيئاً" تفرد بها أبو الزبير, وخالفه فيها جمع من الثقات.

 

ص -157-      1590- عن مخرمة عن أبيه قال: سمعت محمود بن لبيد قال: "أُخبر النبي  صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً، فقام غضبان. ثم قال: أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل فقال: يا رسول الله ألا أقتله؟". رواه النسائي 1 وقال: لا أعلم أحداً روى هذا غير مخرمة، ومخرمة روى له مسلم، وضعفه ابن معين، وقال أحمد: ثقة لم يسمع من أبيه شيئاً، إنما يروي من كتاب عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق 2.
1591- وروي عن ابن عباس قال: "كان الطلاق على 3 عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر: طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر (بن الخطاب): إن الناس قد استعجلوا في أمر (قد) كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم؛ فأمضاه عليهم". رواه مسلم 4.
1592- وعن أبي هريرة  رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال:
"ثلاث جدّهن جدّ وهزلهن جدّ: النكاح والطلاق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 النسائي  الطلاق  (6/116).
2 لم أجد هذا الكلام في سنن النسائي.
3 في المخطوطة: (في)، وما أثبته هو لفظ مسلم.
4 مسلم: الطلاق (2/1099) ح (15), هذا وقد كتب في حاشية المخطوطة قبالة هذا الحديث ما يلي: (قال أحمد: كل أصحاب ابن عباس...).

 

ص -158-      والرجعة". رواه أبو داود 1 وابن ماجة 2 والترمذي، 3 وحسنه، والحاكم 4 وقال: هذا (حديث) صحيح الإسناد، 5 وهو 6 من رواية عبد الرحمن بن حبيب بن أردك، 7 وثقه ابن حبان وغيره، وقال النسائي: منكر الحديث، وقاله البخاري.
1593- وعنه عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال
: "إن الله الله عز وجل تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم" 8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في كتاب الطلاق (2/259) ح (2194).
2 في كتاب الطلاق (1/657) ح (2039).
3 في كتاب الطلاق (3/490) ح (1184), وقال: حسن غريب.
4 في المستدرك: الطلاق (2/197).
5 قلت: تعقبه الذهي, فقال: وعبد الرحمن بن حبيب بن أردك فيه لين.
6 في المخطوطة: (اورك)، وهو تصحيف من الناسخ. وفي نسخة الترمذي المطبوعة: "ادرك"، لكن كتب محققه المرحوم محمد فؤاد عبد الباقي ما يلي: "في التقريب والخلاصة: أردك"، لكنه لم يجزم بشيء, لكن جزم شيخنا المرحوم الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف في تحقيق تقريب التهذيب (1/476) بأنه "أردك"، وخطأ من قدم الدال على الراء.
7 هذا من كلام المصنف, وليس من تتمة كلام الحاكم.
8 في المخطوطة: (أو تكلم)، وهو لفظ البخاري في كتاب الأيمان والنذور، وكتاب العتق, لكن باقي الألفاظ ليست كلها كالألفاظ التي ساقها المصنف, وليس في البخاري رواية موافقة لألفاظ المصنف إلا الرواية التي في كتاب الطلاق.

 

ص -159-      متفق عليه، واللفظ للبخاري 1.
1594- وعن ابن عباس أنه قال: "إذا حرم امرأته فليس بشيء، وقال: لقد كان لكم في رسول الله  صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة". رواه البخاري 2.
1595- ولمسلم: "إذا حرم الرجل عليه امرأته، فهي 3 يمين يكفّرها" 4.
1596- وعنه عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله وضع عن أمتي: الخطأ، والنسيان، وما استُكرهوا عليه". رواه ابن ماجة 5 من رواية عطاء عنه، ورواته صادقون، وقد أعل. قال أبو حاتم: ولا يصح هذا الحديث ولا يثبت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري: الطلاق (9/388) ح (5269) بلفظه, وأخرجه في كتاب العتق (5/160)       ح (2528), وفي كتاب الأيمان والنذور (11/548) ح (6664) بمعناه. ومسلم: الإيمان (1/116) ح (201) و(202), وأحمد في المسند (3/425), وأخرجه أصحاب السنن الأربعة.
2 البخاري: الطلاق (9/374) ح (5266).
3 في المخطوطة: (امرأته عليه فهو)، وهو سهو من الكاتب.
4 مسلم: الطلاق (2/1100) ح (19).
5 ابن ماجة: الطلاق (1/659) ح (2045).

 

ص -160-      إسناده 1. ورواه الحاكم بنحوه من رواية عطاء عن عبيد بن عمير عنه وقال: على شرطهما 2.
1597- وعن عائشة: "أن ابنة 3 الجون لما أُدخلت على رسول الله  صلى الله عليه وسلم ودنا منها، قالت: أعوذ بالله منك. قال لها:
لقد عذت بعظيم. الحقي بأهلك". رواه البخاري 4.
1598- وعن عمر  رضي الله عنه: "أن النبي  صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها". رواه أبو داود 5 وابن ماجة 6 والنسائي 7.
1599- وعن جابر قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:
"لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 علل الحديث: الطلاق (1/431) ح (1296), وعلته قد بينها أبو حاتم بقوله: لم يسمع الأوزاعي هذا الحديث عن عطاء. قلت: والظاهر أن الوليد بن مسلم هو الذي أسقط الراوي الضعيف الذي بين الأوزاعي وعطاء, والوليد بن مسلم مشهور بهذا النوع من التدليس الذي يسمى: تدليس التسوية.
2 المستدرك: الطلاق (2/198), ووافقه الذهبي.
3 رسمت في المخطوطة هكذا: (ابنت).
4 البخاري: الطلاق (9/356) ح (5254).
5 في كتاب الطلاق (2/285) ح (2283).
6 في كتاب الطلاق (1/650) ح (2016).
7 في كتاب الطلاق (6/178).

 

ص -161-      رواه أبو داود 1 والطيالسي وأبو يعلى الموصلي، 2 وهذا لفظه، والحاكم وصححه، 3 وله علة. وقد روي من حديث عبد الله بن عمرو 4 والمسور بن مخرمة 5 وغيرهما 6.
1600- وعن علي  رضي الله عنه قال: "في الخلية والبرية والبتة والبائن والحرام ثلاثاً، لا تحل (لهم) حتى تنكح زوجاً غيره". رواه الدارقطني 7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في كتاب الطلاق  (2/258) ح (2190).
2 في مجمع الزوائد: الطلاق (4/334)، لكن قال: رواه الطبراني في الأوسط, ولم أجده معزواً لأبي يعلى.
3 في المستدرك: الطلاق (2/204)، ووافقه الذهبي.
4 رواه الحاكم في المستدرك (2/205), والترمذي: الطلاق (3/486) ح (1181).
5 رواه ابن ماجة: الطلاق: (1/660) ح (2048).
6 قال الترمذي: وفي الباب عن علي ومعاذ بن جبل وجابر وابن عباس وعائشة.
7 الدارقطني: الطلاق (4/32) ح (86), ولا يوجد فيه كلمة: غيره.

 

ص -162-      1601- وعن عائشة عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: "رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، 1 وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق". رواه أحمد 2 وأبو داود 3 وابن ماجة 4 والنسائي 5 والحاكم.
1602- وقال البخاري: "وقال عثمان: ليس لمجنون ولا لسكران 6 طلاق". وقال ابن عباس: "طلاق السكران والمستكره ليس بجائز". وقال علي: "كل طلاق جائز، إلا طلاق المعتوه". وقال ابن عباس: "الطلاق عن وطر، والعتق ما أريد به وجه الله" 7.
1603- عن عائشة قالت: قال النبي  صلى الله عليه وسلم:
"لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في المخطوطة، رسمت هكذا: (يستيقض).
2 في المسند (6/100).
3 في كتاب الحدود (4/139) ح (4398).
4 في كتاب الطلاق (1/658) ح (2041) واللفظ له.
5 في كتاب الطلاق (6/127) بلفظه، إلا أنه قال: "ثلاث" بدل: "ثلاثة".
6 في المخطوطة: (ولا سكران).
7 البخاري: الطلاق (9/388) باب (11).

 

ص -163-      رواه أحمد 1 وابن ماجة 2 وأبو داود، 3 ولفظه له، وقال: أظنه (في) الغضب 4.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1 في المسند (6/276) بلفظه.
 2 في كتاب الطلاق (1/659) ح (2046) بلفظه أيضاً.
 3 في كتاب الطلاق (2/258) ح (2193), ولفظه: "في غلاق" بدون ألف في بعض النسخ، وفي بعضها بإثبات الألف, انظر: تهذيب السنن: الطلاق (3/117) تعليق المرحوم أحمد محمد شاكر.
 4 وقد كتب على الحاشية هذه العبارة: (قال أبو عبيد والغتيني (هكذا قرأتها وهي غير واضحة. والله أعلم): في إكراه) قلت: وفسره أهل الغريب بالإكراه, وصنيع ابن ماجة يدل على أن المراد به الإكراه. والله أعلم.