الجزء الرابع

 كتاب الشهادات

ص -308-      كتاب الشهادات
قال الله تعالى:
{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } الآية 1.
1917- عن زيد بن خالد الجهني  رضي الله عنه: "أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال
: ألا أخبركم 2 بخير الشهداء؟ 3 الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها". رواه مسلم 4.
1918- وعن عمران بن حصين، رضي الله عنهما: 5 "أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال
: إن خيركم: قرني، ثم الذين يلونهم. قال عمران: فلا أدري أقال النبي  صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاث. 6 ثم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة آية: 282.
2 في المخطوطة: (الا خيركم)، وهو تصحيف من الناسخ.
3 في المخطوطة: (الشهود)، وما أثبته هو لفظ مسلم, ومعنى الشهداء: الشهود.
4 مسلم: الأقضية (3/1344) ح (19), قلت: والحديث أخرجه الجماعة إلا البخاري.
5 اختلف في حصين والد عمران هل أسلم أو مات على الشرك, والراجح أنه أسلم ومات على الإسلام.
6 في المخطوطة: (او ثلاث)، وهو خطأ.

 

ص -309-      (يكون) بعدهم قوم يشهدون ولا يُستشهدون، ويخونون ولا يُؤتمنون، وينذرون 1 ولا يوفون. ويظهر فيهم السِّمن" 2.
1919- وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: "كنا عند رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال
: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، أو قول الزور. وكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم متكئاً فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت!". متفق عليهما، واللفظ لمسلم 3.
1920- وعن عمر بن الخطاب  رضي الله عنه قال: "إن ناساً كانوا يؤخذون بالوحي في 4 عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم (الآن) بما ظهر لنا من أعمالكم: فمن أظهر لنا خيراً أمّنّاه وقرّبناه، وليس إلينا 5 من سريرته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في المخطوطة: (وينذون)، وسقطت الراء سهواً على الناسخ.
2 مسلم: فضائل الصحابة (4/1964) ح (214), والبخاري: الرقاق (11/244)        ح (6428), وأحمد في المسند (4/427), واللفظ للبخاري لا لمسلم، كما قال المصنف.
3 مسلم: الإيمان (1/91) ح (143), والبخاري: استتابة المرتدين (12/264) ح (6919), وأحمد في المسند (5/36).
4 في المخطوطة: (على).
5 في المخطوطة: (لنا).

 

ص -310-      شيء؛ 1 الله يحاسبه في سريرته. 2 ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدّقه، وإن قال: (إن) سريرته حسنة". رواه البخاري 3.
1921- وقال: قال لي علي بن عبد الله: ثنا 4 يحيى بن آدم ثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال: "خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء، 5 فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم. فلما قدما بتركته فقدوا جاماً 6 من فضة مخوصاً من ذهب، 7 فأحلفهما رسول الله  صلى الله عليه وسلم. ثم وجد الجام8 بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في المخطوطة: (شيئا)، وهو خطأ من الناسخ.
2 وروي: "الله محاسبه في سريرته"، وروي: "الله يحاسب سريرته".
3 البخاري: الشهادات (5/251) ح (2641).
4 (ثنا) مختصر من قول المحدثين: (حدثنا)، وهو اصطلاح شائع في الكتابة بينهم.
5 رسمت في المخطوطة هكذا: (بدء)، وهو خطأ من الناسخ.
6 في المخطوطة: (لجاما)، وهو تصحيف من الناسخ, والجام هو: الإناء.
7 أي: منقوشاً فيه صفة الخوص بخيوط الذهب.
8 في المخطوطة: (ثم وجدوا اللجام)، وهو خطأ وتصحيف من الناسخ.

 

ص -311-      وعدي. فقام رجلان من أولياء السهمي 1 فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما، 2 وأن    الجام 3 لصاحبهم. قال: وفيهم نزلت:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الآثِمِينَ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } 4") 5.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في المخطوطة: (من أوليائه)، وما أثبته هو ما في البخاري وأبي داود.
2 في المخطوطة: (من شهادتهم)، وهو خطأ من الناسخ.
3 في المخطوطة: (اللجام).
4 سورة المائدة آية: 106-107.
5 البخاري: الوصايا (5/409) ح (2780), وأبو داود: الأقضية (3/307) ح (3606).

 

ص -312-      1922- وعن عطاء بن يسار عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقبل شهادة بدوي على صاحب قرية". رواه أبو داود 1 وابن ماجة، 2 ورواته ثقات، وقال البيهقي: 3 هو مما تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار.
1923- وعن محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:
"لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر 4 على أخيه. ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت، وتجوز شهادته لغيرهم. والقانع الذي ينفق عليه أهل البيت". رواه أحمد 5 وهذا لفظه، وأبو داود. 6 ومحمد وسليمان: صدوقان، وقد تكلم فيهما بعض الأئمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أبو داود: الأقضية (3/306 ) ح (3602).
2 ابن ماجة الأحكام (2/793) ح (2367).
3 أخرج الحديث البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الشهادات (10/250), من طريقين إلى محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة، لكن ليس هناك تصريح من البيهقي بأن هذا الحديث مما تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء. فالله أعلم.
4 الغمر هو: الحقد والعداوة, وذو الغمر هنا هو: صاحب الحقد على المشهود عليه.
5 في المسند (2/204).
6 في كتاب الأقضية (3/306) ح (3600).

 

ص -313-      1924- ولأبي داود في رواية: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذي غمر على أخيه" 1.
1925- وقال البخاري في صحيحه: "وقال أنس: شهادة العبد جائزة إذا كان عدلاً" 2. قال ابن القيم: الحكم بشهادة العبد والأمة هو الصحيح من مذهب أحمد وغيره، وقد حكي إجماعاً قديماً، حكى الإمام أحمد عن أنس قال: "ما أعلم أحداً 3 ردَّ شهادة العبد". وهذا يدل على أن ردها حدث بعد عصر الصحابة، واشتهر بالمدينة في زمن مالك، فقال: ما علمت أحداً قبل شهادة العبد. وقبول شهادة العبد هو من موجب الكتاب والسنة والإجماع وقول الصحابة وصريح القياس وأصول الشرع. فإن كان المقتضى موجوداً والمانع موجوداً، فإن الرق لا يكون مانعاً... 4.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أبو داود: الأقضية (3/306) ح (3601).
2 البخاري: الشهادات (5/267) باب (13).
3 في المخطوطة: (احد)، وهو خطأ من الناسخ.
4 هنا كلمة غير واضحة.