007-بعض الدلائل على صحة العمل بخبر الواحد ووجوبه

قد أفردنا لوجوب العمل بخبر الواحد كتابا ونحن نشير الى شيء منه في هذا الموضع إذ كان مقتضيا له فمن أقوى الأدلة على ذلك ما ظهر واشتهر عن الصحابة من العمل بخبر الواحد أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري قال أنا أبو على محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني قال ثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى ثنا بشر بن عمر قال ثنا مالك عن بن شهاب عن عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب قال جاءت الجدة الى أبى بكر رضى الله تعالى عنه تسأله ميراثها فقال لها مالك في كتاب الله شيء ولا علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فارجعى حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذ لها أبو بكر ثم جاءت الجدة الأخرى الى عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه تسأله ميراثها فقال مالك في كتاب الله شيء وما القضاء الذي بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به الا لغيرك وما انا بزائد في الفرائض ولكن هو ذلك السدس فان اجتمعتما فيه فهو لكما وأيتكما خلت به فهو لها أخبرنا على بن محمد بن عبد الله المعدل قال انا على بن محمد بن أحمد المصري قال ثنا بن أبى مريم قال ثنا الفريابي قال ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت بجالة قال لم يكن عمر أخذ من المجوس الجزية حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر أخبرنا الحسن بن أبى بكر قال انا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال ثنا إسماعيل بن إسحاق قال ثنا عبد الله يعنى بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة بن عمته زينب بنت كعب ان الفريعة بنت مالك بن سنان وهى أخت أبى سعيد الخدري اخبرتها أنها جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله ان ترجع الى أهلها في خدرة فان زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ارجع الى اهلي فان زوجي لم يتركنى في منزل يملكه ولا نفقة فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قالت فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعيت له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت قالت فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي فقال امكثى في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت فاعتددت فيه أربعة اشهر وعشرا فلما كان عثمان بن عفان أرسل الى فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به أخبرنا أبو الحسن على بن القاسم بن الحسن الشاهد قال حدثنا أبو الحسن على بن إسحاق بن محمد البخترى المادرانى قال ثنا محمد بن عبيد الله المنادى قال ثنا شبابة بن سوار قال ثنا قيس بن الربيع عن عثمان بن المغيرة عن على بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري عن على بن أبي طالب رضى الله عنه قال كنت إذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم حديثا نفعنى الله بما شاء منه وإذا حدثني غيرى عن النبي صلى الله عليه وسلم لم ارض حتى يحلف لي انه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من انسان يصيب ذنبا فيتوضأ ثم يصلى ركعتين فيستغفر الله فيهما الا غفر له أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال ثنا عثمان بن صالح السهمي قال ثنا بن لهيعة عن أبى النضر عن عبد الله بن حنين انه قال قال رجل من أهل العراق لعبد الله بن عمر إن بن عباس قال وهو علينا أمير من أعطى بدينار مائة دينار فليأخذها فقال بن عمر سمعت عمر بن الخطاب يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر الذهب بالذهب ربا الا مثلا بمثل لا زيادة فيه وما زاد فيه فهو ربا فقال بن عمر فان كنت في شك فسل أبا سعيد الخدري عن ذلك فانطلق فسأل أبا سعيد فقيل لابن عباس ما قال بن عمر وأبو سعيد فاستغفر بن عباس الله وقال هذا رأى رأيته وحدثنا على بن محمد بن عبد الله بن بشران قال انا على بن محمد بن أحمد المصري قال ثنا عبد الله بن سعيد بن كثير بن عفير عن أبي صالح عن الليث عن كثير بن فرقد عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكرى المزارع فحدث أن رافع بن خديج يأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن ذلك قال نافع فخرج اليه وأنا معه فسأله فقال رافع نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع فترك عبد الله كراءها أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي قال انا أبو بكر محمد بن جعفر المطيري قال حدثني على بن حرب الطائي نا خالد بن يزيد عن سفيان الثوري ح وأخبرنا القاضي أبو بكر الحيري قال ثنا محمد بن يعقوب الأصم قال أنا الربيع بن سليمان قال انا الشافعي قال انا سفيان بن عيينة كلاهما عن عبد الملك بن عمير قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله يحدث عن أبيه بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وعقلها لم يقل بن عيينة وعقلها وزاد وأداها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه الى من هو افقه منه ثلاث لا يغل عليها قلب مؤمن اخلاص العمل لله ومناصحة المسلمين ولزوم جماعتهم فان رحمة الله تحيط من ورائهم لفظ حديث الثوري أنا محمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال انا أحمد بن جعفر بن سلم قال أخبرنا أحمد بن موسى الجوهري ح وانا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال ثنا محمد بن حمدان الطرائفي قالا ثنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله فلما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرأ يؤديها والامرؤ واحد دل على انه لا يأمر أن يؤدى عنه الا ما تقوم به الحجة على من أدى اليه لأنه انما يؤدى عنه حلال يؤتى وحرام يجتنب وحد يقام ومال يؤخذ ويعطى ونصيحة في دين ودنيا قال الشافعي وأهل قباء أهل سابقة من الأنصار وفقه وقد كانوا على قبلة فرض الله عليهم استقبالها ولم يكن لهم ان يدعوا فرض الله تعالى في القبلة الا بما تقوم عليهم به الحجة ولم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوا ما انزل الله عز وجل عليه في تحويل القبلة فيكونوا مستقبلين بكتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بخبر عامة وانتقلوا بخبر واحد إذ كان عندهم من أهل الصدق عن فرض كان عليهم فتركوه الى ما أخبرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه أحدث عليهم من تحويل القبلة قال الشافعي رحمه الله ولم يكونوا ليفعلوه ان شاء الله تعالى بخبر واحد إلا عن علم بان الحجة تثبت بمثله إذا كان من أهل الصدق ولا ليحدثوا أيضا مثل هذا العظيم في دينهم الا عن علم بان لهم احداثه ولا يدعون ان يخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنعوا منه ولو كان ما قبلوا من خبر الواحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحويل القبلة وهو فرض مما لا يجوز لقال لهم ان شاء الله تعالى قد كنتم على قبلة ولم يكن لكم تركها الا بعد علم تقوم به عليكم حجة من سماعكم منى أو خبر عامة أو أكثر من خبر واحد عنى قال الشافعي وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر واليا على الحج في سنة تسع وحضر الحج من أهل بلدان مختلفين وشعوب متفرقة فأقام لهم مناسكهم وأخبرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لهم وما عليهم وبعث على بن أبى طالب في تلك السنة فقرأ عليهم في مجمعهم يوم النحر آيات من سورة براءة ونبذ الى قوم على سواء وجعل لقوم مددا ونهاهم عن أمور فكان أبو بكر وعلى معروفين عند أهل مكة بالفضل والدين والصدق وكان من جهلهما وأحدهما من الحاج وجد من يخبره عن صدقهما وفضلهما ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعث واحد إلا والحجة قائمة بخبره على من بعثه اليه ان شاء الله تعالى قال الشافعي وفرق النبي صلى الله عليه وسلم عمالا على نواحى عرفنا أسماءهم والمواضع التي فرقهم عليها فبعث قيس بن عاصم والزبرقان بن بدر وابن نويرة الى عشائرهم لعلمه بصدقهم عندهم وقدم عليه وفد البحرين فعرفوا من معه فبعث معهم بن سعيد بن العاص وبعث معاذ بن جبل الى اليمن وأمره ان يقاتل بمن اطاعه من عصاه ويعلمهم ما فرض الله عليهم ويأخذ منهم ما وجب عليهم لمعرفتهم بمعاذ ومكانه منهم وصدقه فيهم وكل من ولى فقد أمره بأخذ ما أوجب الله على من ولاه عليه ولم يكن لأحد عندنا في أحد ممن قدم عليه من أهل الصدق ان يقول أنت واحد وليس لك ان تأخذ منا ما لم نسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انه علينا ولا أحسبه بعثهم مشهورين في النواحى التي بعثهم إليها بالصدق الا لما وصفت من ان تقوم الحجة بمثلهم على من بعثه اليه حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال انا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال قال حدثني عبد الملك الميموني قال ثنا أحمد بن حنبل بحديث بن عباس حين سأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث قصة يقول فيها عمر وكان لي أخ يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما واشهده يوما فإذا غبت جاءني بما يكون من الوحي وما يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت له في هذا حجة بخبر يجىء به الرجل وحده قال نعم فاستحسنه قال الخطيب وعلى العمل بخبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر امصار المسلمين الى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار لذلك ولا اعتراض عليه فثبت ان من دين جميعهم وجوبه إذ لو كان فيهم من كان لا يرى العمل به لنقل إلينا الخبر عنه بمذهبه فيه والله اعلم