029-ما جاء في كون المعدل امرأة أو عبد أو صبيا

الأصل في هذا الباب سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بريرة في قصة الإفك عن حال عائشة أم المؤمنين وجوابها له أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزق البزاز قال انا أبو أحمد حمزة بن محمد بن الحارث الدهقان وعثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق وأحمد بن خلف بن شمس السابح قالوا ثنا عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولى قال ثنا إبراهيم بن بشار قال نا سفيان عن محمد بن إسحاق ووائل بن داود عن الزهرى قال حدثني أربعة عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعلقمة بن وقاص الليثي عن حديث عائشة وساق قصة الإفك بطولها وقال فيها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال هل علمت على عائشة شيئا يريبك أو رأيت شيئا تكرهينه قالت أحمى سمعى وبصرى عائشة اطيب من طيب الذهب حدثني محمد بن عبد الله المالكي انه قرأ على القاضى أبى بكر محمد بن الطيب قال ان قال قائل أفترون وجوب قبول تعديل المرأة العدل العارفة بما يجب ان يكون عليه العدل وما به يحصل الجرح قيل أجل ولا شيء يمنع من ذلك من إجماع أو غيره فلو حصل على منعه توقيف أو إجماع لمنعناه وتركنا له القياس وان كان أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم لا يقبل في التعديل النساء ولا يقبل فيه أقل من رجلين والذي يدل على ما قلناه أن أقصى حالات العدل وتعديله ان يكون بمثابة المخبر والخبر والشاهد والشهادة فإذا ثبت أن خبر المرأة العدل مقبول وانه إجماع من السلف وجب أيضا قبول تعديلها للرجال حتى يكون تعديلهن الذي هو أخبار عن حال المخبر والشاهد بمثابة خبرهن في وجوب العمل به وكذلك إذا كان للنساء مدخل في الشهادات في مواضع من الاحكام جاز لذلك قبول تزكيتهن كما قبلت شهادتهن ويجب على هذا الذي قلناه ان لا يقبل تعديلهن للشهود في الحكم الذي لا يقبل فيه شهادتهن حتى يجرى رد التزكية في ذلك مجرى رد الشهادة ويجب أيضا قبول تزكية العبد المخبر دون الشاهد لأن خبر العدل مقبول وشهادته مردودة والذي يوجبه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل ذكر وانثى حر وعبد لشاهد ومخبر حتى تكون تزكيته مطابقة للظاهر من حاله والرجوع الى قوله وانتفاء التهمة والظنة عنه الا ان يرد توقيف أو إجماع أو ما يقوم مقام ذلك على تحريم العمل بتزكية بعض العدول المرضيين فيصار الى ذلك ويترك القياس لأجله ومتى لم يثبت ذلك كان ما ذكرناه موجبا لتزكية كل عدل لكل شاهد ومخبر فان قيل ما تقولون في تزكية الصبي المراهق والغلام الضابط لما يسمعه أتقبل أم لا قيل لا لمنع الإجماع من ذلك ولأجل أن الغلام وان كانت حاله ضبط ما سمع والتعبير عنه على وجهه فإنه غير عارف بأحكام افعال المكلفين وما به منها يكون العدل عدلا والفاسق فاسقا وانما يكمل لذلك المكلف فلم يجز لذلك قبول تزكيته ولأنه لا تعبد عليه في تزكية الفاسق وتفسيق العدل فان لم يكن لذلك خائفا من مأثم وعقاب لم يؤمن منه تفسيق العدل وتعديل الفاسق وليس هذه حال المرأة والعبد فافترق الأمر فيهما